باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من أغسطس سنة 2024م،
الموافق الثامن والعشرين من المحرم سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد
الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن
سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي
محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 77 لسنة 18
قضائية دستورية
المقامة من
جورج عبد السيد جرجس
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات
4- وزير العدل
5- النائب العام
------------------
" الإجراءات "
بتاريخ الثامن من يوليو سنة 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم
كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية المادة (1/19) والنصوص
المتعلقة بالضريبة الإضافية، والمواد (3/3، 4، 5 و5 و17 و35 و36 و47/9/ أ) من
قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وسقوط
قرارات رئيس الجمهورية المترتبة عليها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 4/1/2009، وفيها قررت
المحكمة إعادة الدعوى إلى هيئة المفوضين لاستكمال التحضير؛ فأودعت الهيئة تقريرًا
تكميليًّا، ونُظرت الدعوى بجلسة 8/6/2024، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة
اليوم.
-----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن المدعي أقام أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 11644 لسنة 1995
مدني كلي، ضد كلٍ من وزير المالية ورئيس مصلحة الضرائب على المبيعات، طالبًا الحكم
بإلزامهما متضامنين برد مبلغ 150000 جنيه، قيمة ما تم دفعه بغير حق؛ وذلك على سند
من القول بأنه قام بتسجيل نشاطه لدى مصلحة الضرائب على المبيعات، وقدم إقراراته
الشهرية بصفة منتظمة، وقامت المصلحة بتعديل إقراراته بالمخالفة لأحكام القانون.
وبجلسة 9/4/1996، دفع المدعي بعدم دستورية المواد ( 1/17 و3/4، 5 و32/3 و35 و36
و42 و43/2 و45/2، 3 و47 /9/ أ ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر
بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وسقوط قرارات رئيس الجمهورية أرقام 180 و206 لسنة 1991
و65 لسنة 1995. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى
الدستورية؛ فأقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد استقر على أن المشرع لم
يجعل الدعوى الأصلية سبيلًا للطعن بعدم الدستورية، وأن مناط ولايتها في الرقابة
على دستورية القوانين واللوائح هو اتصالها بالدعوى، اتصالًا مطابقًا للأوضاع
المقررة في المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك إما
بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في
المسألة الدستورية، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة نظر دعوى موضوعية دفع فيها
الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جديته وصرحت له برفع الدعوى
بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، خلال أجل لا يجاوز الأشهر الثلاثة، وهذه
الأوضاع والإجراءات تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلًا جوهريًّا في التقاضي،
تغيَّا به المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية.
متى كان ما تقدم، وكان الطعن بعدم دستورية المادتين (5 و17) من قانون
الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 لم يتضمنهما الدفع
المبدى أمام محكمة الموضوع؛ مما ينحل معه ذلك الطعن إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت
بالمخالفة للأوضاع والإجراءات المقررة قانونًا، وتغدو الدعوى المعروضة في هذا الشق
منها غير مقبولة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة
مؤداه ألا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع
الموضوعي، ومن ثم يتحدد مفهوم هذا الشرط بأن يقيم المدعي الدليل على أن ضررًا
واقعيًا قد لحق به، وأن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، فإذا كان
الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، أو كان النص المذكور قد أُلغي بأثر رجعي
منذ تاريخ العمل به، وبالتالي زال كل ما كان له من أثر قانوني منذ صدوره، دلَّ ذلك
على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الحالة
لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في
الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
متى كان ما تقدم، وكانت الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة (3) من
قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 قد أُلغيتا
بموجب المادة (12) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة
العامة على المبيعات المار ذكره، منذ تاريخ العمل بكل منهما، وسقطت - تبعًا لذلك -
الفقرة الخامسة من المادة ذاتها، كما أُلغي ما صدر عن رئيس الجمهورية من قرارات
استنادًا إليهما منذ تاريخ العمل بكل منها، بما في ذلك قرارات رئيس الجمهورية
أرقام 180 و206 لسنة 1991 و65 لسنة 1995 السالفة الذكر، وذلك بموجب المادة (11) من
القانون رقم 2 لسنة 1997 المشار إليه، فإنه لم تعد ثمة آثار قانونية قائمة يمكن أن
تكون النصوص المطعون فيها قد رتبتها خلال فترة العمل بها، بعد أن تم إلغاؤها بأثر
رجعي؛ لتغدو مصلحة المدعي في الطعن عليها منتفية، بما يستوجب القضاء بعدم قبول
الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية
المتعلقة بالضريبة الإضافية المنصوص عليها في المادتين (1 و32) من قانون الضريبة
العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، فيما نصتا عليه من فرض
الضريبة الإضافية، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 31/7/2005، في الدعوى رقم 90 لسنة 21
قضائية دستورية، الذي قضى برفض الدعوى، وإذ نُشر الحكم بالجريدة الرسمية - العدد
34 (تابع) بتاريخ 25/8/2005، كما سبق لهذه المحكمة – كذلك – أن حسمت المسألة
الدستورية في شأن نص المادتين (35 و36) من قانون الضريبة العامة على المبيعات
السالف الذكر، بحكمها الصادر بجلسة 6/1/2001، في الدعوى رقم 65 لسنة 18 قضائية
دستورية، الذي قضى بعدم دستورية المادة (35) وسقوط المادة (36) من ذلك القانون،
وقد نُشر الحكم في الجريدة الرسمية - العدد (3) بتاريخ 18/1/2001. متى كان ذلك،
وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور والمادتين (48 و49) من قانون المحكمة
الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات
الصادرة عن هذه المحكمة حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها
المختلفة؛ باعتبارها قولًا فصلًا لا يقبل تأويلًا ولا تعقيبًا من أية جهة كانت،
وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها على هذه المحكمة من جديد
لمراجعتها؛ الأمر الذي تغدو معه الدعوى المعروضة بالنسبة إلى الطعن على نص
المادتين (1 و32) من قانون الضريبة العامة على المبيعات غير مقبولة، فيما تعتبر
الخصومة منتهية بالنسبة إلى الطعن على نص المادتين (35 و36) من القانون ذاته.
وحيث إنه عن الطعن بعدم دستورية المواد (41/1 و42/1 و43/1 و45/3،2
و47/9/أ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991،
فمردود بأن نصوص تلك المواد – عدا الأخير – قد وردت في الباب الحادي عشر من ذلك
القانون المتعلق بالجرائم والعقوبات، ويشمل مخالفات وجنح التهرب من الضريبة، وكان
نص المادة ( 47/9/أ ) قد أضاف إلى حالات التهرب من الضريبة العامة على المبيعات
المنصوص عليها بالمادة (44) من ذلك القانون حالات أخرى أورد إحداها البند المطعون
فيه، وكانت الدعوى الموضوعية التي أُقيمت بمناسبتها الدعوى الدستورية المعروضة هي
دعوى مدنية؛ ومن ثم لا يكون للفصل في دستورية هذه النصوص أي انعكاس على النزاع
الموضوعي، وهو ما تنتفي معه مصلحة المدعي في الطعن عليها؛ ومن ثم تكون الدعوى في
هذا الشق منها – أيضًا - غير مقبولة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولًا: باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة للطعن على نص المادتين (35
و36) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، قبل
استبدال أولهما بالقانون رقم 9 لسنة 2005.
ثانيًا: بعدم قبول الدعوى فيما عدا ذلك من طلبات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق