جلسة 13 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد معروف محمد - نائب رئيس مجلس الدولة، محمد عبد الغني حسن - نائب رئيس مجلس الدولة، أحمد عبد العزيز أبو العزم - وكيل مجلس الدولة، الدكتور/ منيب محمد ربيع - وكيل مجلس الدولة وبحضور السادة الأساتذة أعضاء المحكمة من الشخصيات العامة وهم: - 1 - السيد المهندس/ عبد الغني حسن السيد، 2 - السيد الأستاذ/ حسين فكري جلال فكري، 3 - السيد المهندس/ حسن محمد شبانة، 4 - السيد الأستاذ/ برنس محمد حسين صالح، 5 - السيد الدكتور/ علي علي حبيش.
---------------
(3)
الطعنان رقما 2408/ 3166 لسنة 38 القضائية
أحزاب سياسية - محكمة الأحزاب - ما يدخل في اختصاصها - قرار لجنة شئون الأحزاب بعدم الاعتداد برئيس الحزب.
المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية.
محكمة الأحزاب هي محكمة متخصصة أُنشئت للفصل في المنازعات التي حددتها مواد قانون الأحزاب السياسية المشار إليه - تختص هذه المحكمة بالطعن في قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بعدم الاعتداد برئيس الحزب - أساس ذلك: أنه لا يتصور أن تختص محكمة الأحزاب بالطعن في قرار لجنة الأحزاب السياسية بشأن الاعتراض على نشوء الحزب السياسي لعدم تميزه عن غيره ولا يكون لها اختصاص بشأن استحالة قيام الحزب بنشاطه لعدم وجود ممثل شرعي له أو لعدم اعتداد اللجنة المذكورة بمن اختاره أعضاء الحزب رئيساً له - الاعتراض على قيام الحزب لا يختلف في طبيعته وآثاره عن عدم الاعتداد بوجود ممثل للحزب - محكمة الأحزاب السياسية هي صاحبة الولاية في شئون وجود وزوال الأحزاب ويشمل ذلك التصرفات أو القرارات الإدارية التي تصدر من لجنة شئون الأحزاب السياسية في هذا الشأن - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 21/ 6/ 1992 أودع الأستاذ محمد أبو الفضل المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، تقرير طعن سكرتارية المحكمة الإدارية العليا قيد أمامها برقم 2408 لسنة 38 ق - في القرار الصادر من رئيس لجنة شئون الأحزاب بتاريخ 23/ 5/ 1992 فيما تضمنه من عدم الاعتداد به رئيساً لحزب الشعب الديمقراطي وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بإلغاء القرار المشار إليه والاعتداد بتعيينه رئيساً للحزب المذكور وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.
وبتاريخ 11/ 7/ 1992 أودع الأستاذ جاد العبد جاد المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3166 لسنة 38 ق في ذات القرار المشار إليه فيما تضمنه من عدم الاعتداد به رئيساً لحزب الشعب الديمقراطي، وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بإلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من عدم الاعتداد به رئيساً لحزب الشعب الديمقراطي، وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن الطعنان إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق وأودع الأستاذ المستشار عبد السميع بريك مفوض الدولة تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة في الطعن انتهى فيه للأسباب المشار إليها به إلى طلب الحكم بضم الطعن 3166 لسنة 38 ق إلى الطعن 2408 لسنة 38 ق. ليصدر فيهما حكم واحد. والحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى - أحزاب نوعياً بنظر الطعنين وبإحالتهما إلى محكمة القضاء الإداري لنظرهما مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حيث قررت بجلسة 4/ 4/ 1993 إصدار الحكم فيه بجلسة 16/ 5/ 1993 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم 6/ 6/ 1993 لاستكمال المداولة وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن يتلخص في أنه بجلسة 15/ 3/ 1992 أصدرت المحكمة الإدارية العليا دائرة الأحزاب، حكمها في الطعن رقم 3293 لسنة 36 ق بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب الصادر بتاريخ 9/ 7/ 1990 فيما تضمنه من الاعتراض على إنشاء "حزب الشعب الديمقراطي" مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 9/ 4/ 1992، اجتمع مؤسسو الحزب بمقره المؤقت الكائن في 34 أ شارع الروضة حيث بلغ عدد الحاضرين تسعة وأربعين مؤسساً من إجمالي عدد المؤسسين البالغ 90 عضواً بعد وفاة اثنين من الأعضاء المؤسسين خلال فترة التأسيس الأمر الذي يعد معه استكمال الاجتماع للنصاب القانوني المقرر لعقده بتوافر النصف زائد واحداً.
وقد تم في هذا الاجتماع - والذي كان مخصصاً لانتخاب وتعيين تشكيلات الحزب انتخابه رئيساً للحزب ومن ثم تقدم بهذا الإجراء إلى لجنة شئون الأحزاب لقيده وإعلانه تمكيناً له باستكمال هذه الإجراءات، من ممارسة نشاطه كرئيس للحزب.
وأضاف المدعي أنه فوجئ بإخطاره من قبل "لجنة شئون الأحزاب" بعدم الاعتداد به رئيساً للحزب ولما استفسر عن ذلك وضح له أن "السيد أنور محمد عفيفي" قد تقدم هو الآخر بإجراءات اجتماع المؤسسين وانتخابه رئيساً ثانياً للحزب وهو الأمر الذي ترتب عليه عدم الاعتداد بأي منهما حتى يستقر رأي المؤسسين إلى واحد منهما.
ونعى الطاعن على هذا القرار مخالفة القانون إذ أن الاختصاص المنوط بلجنة شئون الأحزاب قد تحدد على سبيل الحصر بالمادتين 8، 17 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية ولا يدخل ضمن هذا الاختصاص الموافقة أو رفض الاعتداد بترشيح الأعضاء وانتخابهم لرئيس الحزب وحيث يقتصر دور اللجنة على إثبات هذا الإخطار والإعلان عنه استكمالاً للإجراءات وتحقيقاً لما تطلبه القانون في هذا الشأن. فضلاً عن أن صدور القرار بعد الاعتداد به أو بالسيد/ أنور محمد عفيفي - المنتخب أيضاً رئيساً للحزب لا يتفق وصحيح القانون والواقع إذ أن المذكور كان معيناً وكيلاً للمؤسسين وإذ انتهت الغاية من توكيله بإتمام إنشاء الحزب فلم يعد له صفة قانونية في التقدم لشغل منصب رئيس الحزب وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته.
وأورد الطاعن الثاني "الطاعن في الطعن رقم 3166 لسنة 38 ق أنه تقدم بطلب إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب طلب فيه الاعتداد بتأسيس حزب الشعب الديمقراطي والتي قررت الاعتراض على تأسيس الحزب فبادر بالطعن على هذا القرار بالطعن رقم 3293 لسنة 36 ق حيث قررت المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب - بجلسة 15/ 3/ 1992 إلغاء هذا القرار، حيث قام بدعوة طالبي التأسيس على صفحات جريدة الجمهورية يومي 3، 7 إبريل سنة 1992، للاجتماع بالمقر المؤقت للحزب الكائن بالعقار 22 شارع الوايلي بالشرابية وذلك بعد إخطار لجنة الأحزاب تطبيقاً لحكم المادة (130) من اللائحة الداخلية للحزب لانتخاب رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للحزب حيث حضر خمسون عضواً من إجمالي عدد المؤسسين الباقين وهو 90 عضواً بعد وفاة اثنين من أعضائه خلال إجراءات التأسيس حيث كان العدد 92 عضواً وبتوافر هذه الأغلبية انتخب من قبلهم رئيساً للحزب حيث قام بإخطار السيد رئيس لجنة شئون الأحزاب لاتخاذ إجراءات القيد والإعلان وفقاً لأحكام القانون إلا أنه فوجئ بإخطاره بعدم الاعتداد بتعيينه هو أو السيد/ محمود الصاوي حتى يتوافر لمؤسسي الحزب الاتفاق على تعيين أحدهما أو أي رئيس للحزب.
ونعى الطاعن على القرار مخالفة القانون لبطلان الاجتماع الذي دعى إليه السيد/ محمود الصاوي لمخالفته لأحكام المواد 128، 129، 130 من اللائحة الداخلية للحزب كما أن علاقته بالحزب تربطها التوكيلات التي أصدرها المؤسسون إليه أما الآخر فلا علاقة بينه وبين المؤسسين فضلاً عن أن التوكيل الصادر إليه من الأعضاء المؤسسين يخوله حق اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأسيس الحزب وتعديل مواد اللائحة وفقاً لما جاء بالمادة 123 منها وإضافة أية مواد جديدة إذا اقتضت الظروف ذلك وتنتهي بانتخاب رئيس الحزب، وأنه ما دام الحزب قد تأسس تأسيساً صحيحاً كما أنه انتخب انتخاباً صحيحاً، كما تم انتخاب أعضاء المجلس الأعلى وقامت الجمعية العمومية بالتصديق على برنامج الحزب وكذلك اللائحة الداخلية للحزب ومن ثم فقد توافرت له شروط إقامة الطعن الماثل ومن ثم الحكم له بطلباته لمخالفة قرار لجنة شئون الأحزاب لصحيح تطبيق أحكام القانون.
وقد ردت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن المطعون ضده بمذكرة طلبت فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا - دائرة الأحزاب - بنظر الطعنين، واختصاص محكمة القضاء الإداري بنظرهما باعتبارهما طعنين على قرار إداري توافرت له شرائطه القانونية وفقاً لنص المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام الأحزاب السياسية والمادة (10) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن المحكمة تلتزم بالتصدي لبحث الدفع بعدم الاختصاص قبل النظر في شكل الدعوى أو الغوص في موضوعها باعتبار هذا الدفع من الدفوع المتعلقة بالنظام العام الذي يجوز للمحكمة التصدي له ولو لم يدفع به أي من الخصوم، كما يجوز إثارته في أي حالة تكون عليها الدعوى إعمالاً لنص المادة (32) من الدستور وأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة.
ومن حيث إن مقطع الفصل في النزاع هو مدى توافر أركان القرار الإداري وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فيما تصدره لجنة شئون الأحزاب فيما لم يرد على سبيل الحصر بالاختصاص المنوط بها وفقاً لأحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام الأحزاب السياسية وتختص بنظره محاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة وفق الاختصاص المنوط بها وفق أحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة، أم أن القرار وقيد تعيين رئيس الحزب يدخل في نطاق اختصاص اللجنة المشار إليها بالاعتداد بإنشاء الحزب أو رفضه مما يدخل في اختصاص هذه المحكمة بتشكيلها المشار إليه في المادة (8) من قانون الأحزاب المشار إليه.
ومن حيث إن المادة (5) من القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه تنص على أن "يجب أن يشمل النظام الداخلي للحزب القواعد التي تنظم كل شئونه السياسية والتنظيمية والمالية والإدارية مما يتفق وأحكام هذا القانون ويجب أن يتضمن هذا النظام بصفة خاصة خامساً - طريقة وإجراءات تكوين تشكيلات الحزب واختيار قياداته وأجهزته القيادية.
كما تنص المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام الأحزاب والمعدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 والقانون رقم 114 لسنة 1983 تنص على أن تشكيل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي............
وتختص اللجنة بالنظر في المسائل المنصوص عليها في هذا القانون، وبفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقاً لأحكامه ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال ثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنا بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها مجلس الدولة على أن يضم تشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة يصدر باختيارهم قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية من الكشوف الخاصة بالشخصيات العامة المنظمة وفقاً لحكم المادة (28) من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب.
كما تنص المادة (9) من ذات القانون على أن يتمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية ويمارس نشاطه السياسي اعتباراً من اليوم التالي لنشر قرار لجنة شئون الأحزاب بالموافقة على تأسيسه بالجريدة الرسمية وتنص المادة 10 على أن رئيس الحزب هو الذي يمثله في كل ما يتعلق بشئونه أمام القضاء أو أمام أية جهة أخرى أو في مواجهة الغير.
وتنص المادة (16) والمعدلة بالقانون رقم (144) لسنة 1980 على أن يخطر رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بكتاب موصى عليه بعلم الوصول بأي قرار يصدره الحزب بتغيير رئيسه أو بحل الحزب أو اندماجه أو بأي تعديل في نظامه الداخلي وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ صدور القرار.
كما تنص المادة (17) من ذات القانون المعدلة بالقانون رقم 36 لسنة 1989 على أنه يجوز لرئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بعد موافقتها أن يطلب من المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة (8) الحكم بصفة مستعجلة حل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال وذلك إذا ثبت...... ويجوز للجنة شئون الأحزاب السياسية لمقتضيات - المصلحة القومية وقف إصدار صحف الحزب أو نشاطه أو أي قرار أو تصرف مخالف اتخذه الحزب.
وتسري بالنسبة للطعن في قرار الإيقاف الإجراءات والمواعيد والأحكام المنصوص عليها في الفقرتين الحادية عشرة والثانية عشرة من المادة (8) من هذا القانون.
ومن حيث إن دائرة المحكمة الإدارية العليا المشكلة وفقاً للمادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية على ماجرى به قضاء هذه المحكمة جهة قضاء متخصصة أُنشئت كمحكمة أصلية ومخصصة للفصل في المنازعات التي حددتها مواد القانون رقم (40) لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية وذلك وفقاً للضوابط والإجراءات التي نصت عليها المواد (8)، (17) منه وتختص هذه الدائرة دون غيرها بالفصل في الطعون المتعلقة بالإجراءات والقرارات التي تتخذ وفقاً للمادة (38)، (17) المشار إليهما.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن محكمة الأحزاب السياسية قد أنشأها المشرع من دائرة المحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة مضافاً إلى تشكيلها في قانون مجلس الدولة عدد من الشخصيات العامة، وقد نظم المشرع إجراءات ومواعيد خاصة للطعن على قرارات لجنة شئون الأحزاب فيما يتعلق بالمواعيد فضلاً عن التشكيل الخاص لمحكمة الأحزاب، ومن ثم تخرج المنازعات التي لم يرد بشأنها نص في المادتين السابقتين ولا تدخل في نطاق أحكامها باعتبارهما من المنازعات الخاصة بالأحزاب السياسية من اختصاص محكمة الأحزاب السياسية ويكون ولاية الفصل فيها لمحاكم مجلس الدولة المنشأة وفقاً لأحكام المادة (172) من الدستور بمقتضى أحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة مثل سائر المنازعات في مجال الاختصاص القضائي الأصيل لمجلس الدولة باعتبار أن المادة (8) من قانون الأحزاب السياسية أوردت تنظيماً خاصاً لمحكمة الأحزاب السياسية يجعلها المحكمة الأساسية المختصة وحدها بمنازعات تلك الأحزاب ما لم تكن المنازعة خارجة عن ولايتها وتدخل وبالتالي في نطاق اختصاص المحكمة الأصلية ذات الاختصاص المتميز بشئون الأحزاب السياسية يؤكد ذلك أنه لا يتصور أن تتولى هذه المحكمة بحكم تشكيلها المتميز الفصل في الطعن بالإلغاء في قرار لجنة الأحزاب السياسية بشأن الاعتراض على نشوء الحزب السياسي لعدم تميزه عن غيره أو لأي سبب آخر ولا يكون لها اختصاص بشأن استحالة قيام الحزب السياسي ذاته بنشاطه لعدم وجود ممثل شرعي له، أو لعدم اعتداد اللجنة المذكورة بالمثل الذي يكون قد تم اختياره من أعضاء الحزب كرئيس له، فالاعتراض على قيام الحزب السياسي لا يختلف في طبيعته ولا في آثاره جوهرياً عن عدم الاعتداد بوجود ممثل لحزب سياسي وبصفة خاصة لو كان نشوئه مبناه حكم صادر من محكمة الأحزاب السياسية بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض عليه، كما أنه لا يسوغ في المنطق السليم أن يكون النزاع الخاص بالطعن على اعتراض اللجنة المذكورة، على الوجود القانوني، لحزب معين من اختصاص هذه المحكمة لتشكيلها المتميز الذي يراعي فيه المشرع الطبيعة القانونية والسياسية والدستورية للنزاع على نشوء حزب سياسي، ويكون الاختصاص فيما يتعلق بالامتناع السلبي للجنة شئون الأحزاب السياسية عن تسجيل اسم الممثل القانوني للحزب لمحكمة أخرى بزعم أنها صاحبة الاختصاص العام إذ أن هذه المحكمة - محكمة الأحزاب السياسية - هي المحكمة صاحبة الولاية الأصلية والوحيدة التي لها الاختصاص العام في شئون وجود وزوال الأحزاب السياسية ويدخل في وجود وزوال أي حزب حسب صريح نصوص قانون الأحزاب السياسية كل ما يعد كذلك ضمناً أو ما يؤدي بحسب المآل إليه من تصرفات أو قرارات إدارية من لجنة شئون الأحزاب السياسية.
ومن حيث إنه يضاف إلى ما سلف بيانه أنه لايتصور عقلاً ومنطقاً أن تكون المنازعة في تسجيل أو إشهار اسم رئيس الحزب الذي تم اختياره وفقاً لقانون الأحزاب السياسية وبإرادة أعضاء الحزب حسب لوائحه منازعة إدارية بحتة لا شأن لها بالحزب ذاته الذي هو بنص القانون منظمة أو جمعية سياسية تسعى إلى الحكم لتنفيذ برامج اجتماعية واقتصادية وسياسية لتحقيق التقدم بالبلاد في الوقت ذاته الذي لا سبيل إلى أي شخص معنوي والحزب السياسي شخص قانوني ومعنوي إلى مباشرة أي نشاط بغير إنسان طبيعي يمثله قانوناً - والممثل القانوني للحزب السياسي هو رئيسه الذي يتحدث باسمه ويمثله أمام لجنة الأحزاب وبالنسبة للأحزاب الأخرى وفي مواجهة الدولة وأمام القضاء ومن ثم فإنه لا يكون صحيحاً أن التصرف أو القرار من لجنة شئون الأحزاب بشأن رئاسة حزب سياسي ما مجرد قرار إداري عادي لا ينضوي ضمن القرارات الإدارية المتعلقة بالأحزاب السياسية والتي لها طبيعة سياسية ودستورية وقانونية متميزة بررت أصلاً نشوء محكمة الأحزاب السياسية بتشكيلها المتميز الوارد في قانون الأحزاب السياسية والتي رؤى في تشكيلها أيضاً أن تحسم أنزعة وجود وزوال الأحزاب السياسية على درجة واحدة لسرعة حسم النزاع وبيان الحق والحقيقة بشأن ما يتفق مع السرعة الواجبة في حسم المنازعات المتعلقة بالحريات والحقوق العامة.
من حيث إنه من المسلمات أن قاضي الموضوع هو قاضي الدفع، وأن قاضي الأصل هو قاضي الفرع، كما أن للمحكمة التي تنظر النزاع الهيمنة ثم تكييف طلبات الخصوم في الدعوى دون أن تخرج على صحيح إرادتهم الحقيقية أو تضيف أو تحذف منها وذلك بصرف النظر عن تصويرهم لطلباتهم أو توجيههم لهذه الطلبات وادعاءاتهم بشأنها فالعبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني، كما جرى قضاء هذه المحكمة في هذا الشأن في التكييف بصفة خاصة إذا كان التصديق أو الاعتماد أو اتخاذ إجراءات قيد وإشهار الإجراء يعد إجراءً مكملاً للشكل الذي تطلبه القانون لتعيين رئيس الحزب - كما في الطعن الماثل، ينطوي على إهدار لضوابط نص عليها القانون أو إهدار إجراء ضمني أوجبه المشرع لصالح المواطنين تحقيقاً لحقهم إذا ما ترتب على هذا الإجراء مركز قانوني يؤثر سلباً أو إيجاباً على الحقوق والمراكز القانونية المقررة لصاحب المصلحة دون أن يتضمن القرار أو الإجراء الحل المباشر الذي ينصرف الأثر حتماً إليه.
ومن حيث إن مقتضى التفسير السليم لنص المادة (72) من الدستور والمواد الخاصة بقانون الأحزاب السياسية وأحكام القانون رقم 146 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة أصبحت له شخصيته الاعتبارية بقوة القانون ومع ذلك فإنه بالضرورة أن الحزب السياسي متى ووفق عليه يمثله في كل ما يتصل بشئونه رئيسه، ويتعين لذلك لمباشرة الحزب لوجوده ونشاطه الوجود الشرعي والقانوني لهذا الرئيس ولما كان كل حزب يلتزم بما يدرجه في نظامه من إجراءات وقواعد في إطار أحكام الدستور وقانون الأحزاب السياسية وتكوين تشكيلاته واختيار قياداته وأجهزته القيادية، كما أن المشرع قد ضمن القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه نصاً يحتم ضرورة إخطار رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية برئيس الحزب وبأي قرار يصدره الحزب بتغيير رئيسه أو بحل الحزب.... والحكمة المتوخاة من النص هي تمكين لجنة شئون الأحزاب من مباشرة الاختصاصات المنوط بها في شأن الأحزاب السياسية رغم أنه ليس لإرادتها قانوناً أي دور فيمن ينتخب رئيساً للحزب وإنما يتعين أن يتم إخطار اللجنة من قبل الحزب بالبيان والتجديد الذي يتعلق برئيس الحزب أو تغييره لاستيفاء الشكل القانوني الذي يتطلبه النص في تسجيل تعيين رئيس الحزب أو تغييره وتحديد من له الصفة القانونية لتمثيله أمام اللجنة أو القضاء أو الجمهور وفقاً لإرادة الحزب ذاته وهو إجراء الهدف منه إعلام رئيس اللجنة المختصة بشئون الأحزاب بالممثل القانوني للحزب واستكمال الإجراءات بالإعلان عن هذا التعيين أو التغيير وهي جميعها أعمال وإجراءات يتوافر فيها الشكل القانوني للتصرف أو للقرار الإداري المتعلق بشئون الأحزاب السياسية مما يدخل في الفصل فيما يثور بشأنه من خلاف إلى قضاء المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" بتشكيلها المشار إليه سلفاً كمحكمة أحزاب وذلك باعتبار أن هذا القرار إنما يتصل اتصالاً وثيقاً لوجود الحزب قانوناً من الناحية الواقعية وبإمكانية ممارسة الحزب لنشاطه السياسي حيث إنه يعتبر رئيس الحزب الذي هو وفقاً للمادة التاسعة من قانون الأحزاب هو الممثل القانوني للحزب لايمكن له أن يباشر نشاطه السياسي قانوناً بل أن زعزعة الشرعية لرئيس الحزب تعني في حقيقة الأمر زعزعة وجوده القانوني والشرعي على الساحة السياسية حيث لا يتصور لأي وجود قانوني للحزب كشخص معنوي دون الوجود القانوني والشرعي المعبر عن إرادته وممثله أمام الغير وهو الرئيس الشرعي للحزب، ومن ثم فإن وجود أي نزاع عن وجود رئيس الحزب قانوناً يمثل بالحتم والضرورة نزاعاً بحسب المآل أو في الحال بحسب الآثار المترتبة على ذلك في وجود الحزب ذاته وكيانه وهو ما يعد نزاعاً في قيام الحزب أو نزاعاً حول حله أو زواله أو إلغائه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن المنازعة على رئاسة الحزب تعتبر والحال هذه منازعة في أمر جوهري وأساسي يتعلق بإمكانية ممارسة الحزب لنشاطه أو مباشرته للعمل بين الجماهير وينبني على عدم اعتداد لجنة شئون الأحزاب السياسية بوجود رئيس الحزب أو يعتد بها بالفصل في رئاسة الحزب على هدي أو بالنسبة لمدى الاعتداد بممثله القانوني قرار أو تصرف أو إجراء يرتبط ارتباطاً وثيقاً في الحال أو الاستقبال لنشوء الحزب ومباشرة لنشاطه أو زواله يدخل حتماً في اختصاص المحكمة المختصة أصلاً وأساساً بمنازعات الأحزاب السياسية خاصة وأن إخطار لجنة شئون الأحزاب بتعيين رئيس الحزب والتزامها بإجراء التسجيل والشهر أو الإعلان عن هذا الاختيار أو التعيين لرئيس الحزب يعتبر إجراءاً أساسياً وواجباً لاستكمال إجراءات نشوء الحزب السياسي وممارسة نشاطه السياسي ولا شك أن إمكان ممارسة النشاط السياسي للحزب قانوناً هي جزء من الوجود القانوني الحقيقي والفعلي للحزب على الساحة السياسية في البلاد... وعدم توفره يجعل الحزب في حقيقة الأمر موقوف النشاط مهدر الوجود بالفعل لعجزه عن التعبير عن ذاته في مواجهة الغير وتحويله إلى شخص معنوي بلا ممثل طبيعي أي فرد قانوني دون نشاط حقيقي وكائناً هامداً مسجلاً في السجلات دون حياة حقيقية بين الأحزاب السياسية الأخرى أو أثر سياسي حقيقي وفعلي بين المواطنين.
وبناءً على ما تقدم يضحى الاختصاص بالنزاع الماثل طبقاً لأحكام الدستور وقانون الأحزاب وقانون مجلس الدولة معقوداً للدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة (محكمة الأحزاب السياسية) دون غيرها من المحاكم.
ومن حيث إن الأوراق أجدبت عن المستندات والأوراق الممكنة للمحكمة من إنزال حكمها فيمن يعد رئيساً للحزب المشار إليه وهو أمر يجب استكماله من خلال جلسات المرافعة وسماع أطراف المنازعة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باختصاص محكمة الأحزاب وحدها بنظر الطعنين المعروضين وقررت إعادة الطعنين إلى المرافعة لنظرهما بجلسة اليوم وأبقت الفصل في المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق