بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حسن سيد عبد
العزيز السيد نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار
/ حلمي محمد إبراهيم عامر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار /
أحمد محمد أحمد الإبيارى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار /
عاطف محمود أحمد خليل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / شريف
حلمي عبد المعطى محمد أبو الخير نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد فؤاد محمد إبراهيم مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / مجدي محمد عامر أمين السر
أصدرت الحكم الآتي :
--------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، و المداولة قانوناً .
من حيث إن الطاعن يطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء
قرار رئيس هيئة قضايا الدولة بتوجيه تنبيه إليه في ملف التحقيق رقم
250/17/137/2015 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الطعن الماثل قد أقيم بمراعاة المواعيد القانونية المقررة
وفقاً لأحكام قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ومستوفيًا
أوضاعه الشكلية والإجرائية المتطلبة قانونًا فإنه يكون مقبولًا شكلًا.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة المطعون ضدها أجرت تحقيقًا مع
الطاعن بمعرفة إدارة التفتيش الفني برقم 250/17/137/2015 بتاريخ 29/4/2015 خلصت
منه إلى أن الطاعن إبان عمله بالمكتب الفني لم يقم باتخاذ إجراءات إعلان وتنفيذ
الحكم الصادر في الدعوى التحكيمية رقم 512 لسنة 2006 لصالح محافظة دمياط في حينه
بتعويض قدره خمسين مليون جنيه، كما نسب إليه فقده ملف الدعوى التحكيمية المشار
إليه بالكامل، فأصدر رئيس هيئة قضايا الدولة بتاريخ 27/2/2018 القرار المطعون فيه
بتوجيه تنبيه إلى الطاعن لما ثبت في حقه إبان عمله بالمكتب الفني ولتلافى الوقوع
في مثلها مستقبلاً.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الطاعن بسقوط المخالفتين المنسوبتين
إليه محل القرار المطعون فيه بالتقادم الثلاثي لمرور أكثر من ثلاثة سنوات على
تاريخ وقوعها فإنه ولئن خلت التشريعات المنظمة للهيئات القضائية من نص ينظم سقوط
الدعوى التأديبية إلا أنه لا وجه للقول بأن السقوط يتطلب نصًا صريحًا يقرره فهذا
مردود عليه أولًا بأن قوانين نظام العاملين المدنيين بالدولة تسرى على الهيئات
القضائية فيما لم تنظمه التشريعات الخاصة بها من أمور وظيفية طالما لا تتعارض مع
طبيعتها باعتبارها تمثل الشريعة العامة في هذا الشأن وأنه وفقًا لنص المادة (91)
من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين الملغى - الذي يسرى على
وقائع الطعن الماثل - أن الدعوى التأديبية تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ
ارتكاب المخالفة على أن تنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام
أو المحاكمة على أن تسري من جديد ابتداء من أخر إجراء وأنه إذ كون الفعل جريمة
جنائية فلا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية ، على انه بالنسبة
للمخالفات المستمرة فان مدة التقادم المسقط لإقامة الدعوى التأديبية عنها لا تبدأ
إلا من تاريخ انتهاء حالة الاستمرار وإنها تعد كذلك إذا كانت إرادة الجاني أو
المتهم أو المخالف تتدخل في الفعل المكون لها تدخلاً مستمراً أو متجدداً أي أنه
يتدخل في الفعل المكون للجريمة التأديبية بثمة فعل إرادى إيجاباً أو سلباً بعدم
اتخاذ إجراء ألزمه القانون باتخاذه في حالة قانونية معينة .
وثانيا :- لأنه ولئن كانت الجريمة التأديبية تختلف اختلافاً كلياً في
طبيعتها وتكوينها عن الجريمة الجنائية لاختلاف قوائم كل من الجريمتين ومغايرة
الغاية من الجزاء في كل منهما فالأول مقرر لحماية الوظيفة والثاني هو قصاص من
المجرم لصالح المجتمع ولحمايته ومن المعلوم إن الفعل الواحد قد يشكل الجريمتين
معاً فإذ كان المشرع الجنائي قرر سقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة في المادة (15) من
قانون الإجراءات الجنائية وهى الأكثر خطورة والأشد جسامة فإنه لا يقبل القول بعدم
سقوط الدعوى التأديبية بسبب عدم النص على هذا السقوط في قوانين الهيئات القضائية
فالقول بسقوط الجريمة الجنائية دون الجريمة التأديبية مما يأباه المنطق القانوني
السليم .
ومن حيث إنه من المعلوم أن المشرع قصد من ترتيب حكم سقوط الدعوى
التأديبية بعد مدة معينة إلا يظل سيف العقاب مسلطاً على المتهم - أو المخالف –
الأصل فيه البراءة مدة طويلة دون حسم فهو يمثل ضمانه أساسية للعاملين تحول دون
اتخاذ الجهة الإدارية من ارتكاب العامل لمخالفة تأديبية وسيلة إلى تهديده إلى أجل
غير مسمى عن طريق تسليط الاتهام عليه في أى وقت تشاء وكذلك حث الجهة الإدارية على
إقامة الدعوى التأديبية خلال أجل معين حتى لا يترتب على تجاوزه ضياع معالم
المخالفة وإخفاء أدلتها وإفلات مرتكبها من العقاب ، ومن ثم فإن صالح العامل وصالح
المرفق على السواء يقتضيان إقامة الدعوى خلال هذا الأجل وهو ثلاث سنوات من تاريخ
ارتكاب المخالفة وإلا سقط الحق في إقامتها بالتقادم وهذا السقوط من النظام العام
وبالتالي يجوز للمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها ويجوز لذوى الشأن أن يدفع به
أمام المحكمة الإدارية العليا لأول مرة والتي يكون لها أن تقضي به من تلقاء نفسها
ولو لم يدفع به الطاعن.
ومن حيث إنه وفقاً لأحكام القانون رقم 75 لسنة 1963 بإصدار قانون هيئة
قضايا الدولة فإنه يجوز لوزير العدل ورئيس هيئة قضايا الدولة ورؤساء الفروع
والأقسام حق توجيه تنبيه إلى أعضاء هيئة قضايا الدولة وهذا التنبيه وإن انحسر عنه
وصف الجزاء التأديبي التي حصرته المادة (26) من القانون المذكور في الإنذار اللوم
العزل إلا أنه يشترط لتوجيه أن تكون الوقائع المنسوبة إلى العضو تتضمن إخلالاً
بواجبات وظيفته أو خروجاً على مقتضياتها وأن يسبقه تحقيق تسمع فيه أقوال العضو
ويحقق فيه دفاعه بشأن، ما ينسب إليه من مخالفات وهذا التنبيه يعد دليلاً على ثبوت
الخطأ الذي إرتكبه العضو ويودع في ملف خدمته وينتج أثره عند تقرير مدى صلاحيته
وأهليته للترقية ، ولما كان التنبيه يوجه إلى العضو عند ثبوت ارتكابه مخالفة
لواجبات وظيفته أو الخروج على مقتضياتها أي أن ما اقترفه يعد جريمة تأديبية فإن من
مقتضى ذلك أن تسري عليها أحكام وإجراءات ممارسة السلطة التأديبية عن طريق مجلس
التأديب فلا يستساغ القول بسقوط الدعوى التأديبية بمضي المدة أمام مجلس التأديب
دون أن يسقط حق السلطات الرئاسية المشار إليها في توجيه التنبيه عن الجريمة التي
سقطت بمضي المدة بحسبان أن الإدارة حال ارتكاب العضو مخالفة لواجبات وظيفته أو
الخروج على مقتضياتها إما أن توجه إليه تنبيها بعد سماع أقواله وتحقيق دفاعه في
تحقيق يجري بمعرفتها يثبت المخالفة في حقه وإما أن تقيم الدعوى التأديبية عليه
أمام مجلس التأديب المختص وفقاً للإجراءات المقررة في هذا الشأن فيحسم أمره بحكم
يصدره المجلس في هذه الدعوى.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم وتأسيساً عليه فإنه لما كان الثابت
من ملف التحقيق رقم 250/7/137/2015 أن الجهة المطعون ضدها نسبت للطاعن إبان عمله
بالمكتب الفني بالهيئة عدم اتخاذ إجراءات إعلان وتنفيذ الحكم الصادر في الدعوى
التحكيمية رقم .... لسنة 2006 لصالح محافظة دمياط في حينه بتعويض قدره خمسين مليون
جنيه المقام من محافظة دمياط ضد الشركة ..... بصفته رئيس مجلس الإدارة ومسئوليته عن فقد ملف
الدعوى التحكيمية المشار إليه بالكامل. وهاتين المخالفتين ولئن كانتا من المخالفات
المستمرة إلا أن الثابت بالأوراق أن الطاعن تم نقله من المكتب الفني للهيئة وأخلى
طرفه منه بتاريخ 8/9/2009 ومن ثم فإن حالة الاستمرار تنتهى وتزول اعتبارًا من
تاريخ إخلاء طرفه من المكتب الفني فى 8/9/2009 وإلحاقه بالعمل بإدارة الكسب غير
المشروع بوزارة العدل كل الوقت ويتعين احتساب مدة التقادم الثلاثي بالنسبة لهاتين
المخالفتين اعتبارا من هذا التاريخ لزوال حالة الاستمرار المصاحبة لهما. وإذ لم
يبدأ التحقيق مع الطاعن إلا بتاريخ 29/4/2015 أى بعد ما يزيد على خمس سنوات ونصف
من تاريخ نقله من المكتب الفني الذى وقعت هاتين المخالفتين منه أثناء العمل به
فإنها تسقط بالتقادم مما لا يجوز إقامة الدعوى التأديبية ضده وتوقيع أحد الجزاءات
التأديبية عليه ويمتنع معه توقيع ما هو أخف وطأه من الجزاء التأديبي وهو التنبيه
ويغدو القرار المطعون فيه بتوجيه تنبيه إليه عن هاتين المخالفتين اللتين سقطتا بمضي
المدة دون اتخاذ أى إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة قد صدر
بالمخالفة للقانون مما يكون معه جديرًا بالإلغاء ويغدو الدفع المبدى من الطاعن فى
هذا الشأن قائمًا على سند سليم من القانون جديرًا بالقبول.
ومن حيث إن هذا الطعن معفى من الرسوم وفقًا للقانون.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون
فيه فيما تضمنه من توجيه تنبيه للطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار.
صدر هذا الحكم وتلى بجلسته المنعقدة علنًا فى يوم السبت 21 من جمادي
الآخر1441هجرية ، الموافق 15/2/2020 ميلادية وذلك بالهيئة المبينة بصدره .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق