جلسة 18 من ديسمبر سنة 1954
برياسة السيد الأستاذ عبد
العزيز محمد رئيس المحكمة وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وإبراهيم خليل وكيلي
المحكمة ومحمد نجيب أحمد ومصطفى فاضل وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي ومصطفى حسن
وحسن داود ومحمود إبراهيم إسماعيل ومحمود عياد ومصطفى كامل ومحمد أمين زكي ومحمد
فؤاد جابر. المستشارين.
--------------
(4)
الطلب رقم 7 سنة 24
القضائية "تنازع الاختصاص"
تنازع الاختصاص. مجالس
ملية.
جهة تحرير عقد الزواج. لا
يمنح الجهة التي حررته اختصاصا قضائيا. العبرة في اختصاص المجالس الملية بمسائل
الأحوال الشخصية. هي باتحاد طرفي الدعوى في الملة. في حالة الاختلاف. يكون
الاختصاص للمحاكم الشرعية.
---------------
جرى قضاء هذه المحكمة بأن
جهة تحرير عقد الزواج لا يمنح الجهة التي حررته اختصاصا قضائيا بل العبرة في ذلك هي
باتحاد طرفي الخصومة الذي أقام المشرع عليه وحده اختصاص المجالس الملية. وإذن فمتى
كان الواقع هو أن الزوج تابع لطائفة المذهب الإنجيلي بينما تتبع زوجته طائفة
الأرمن الأرثوذكس وكان رضاء الزوج بإجراء عقد الزواج أمام كنيسة الأرمن الأرثوذكس
التي تنتمى إليها زوجته وقبوله اتباع طقوس هذه الكنيسة ونظمها لا يفيد بذاته تغيير
المذهب أو الملة وكان الزوج قد قدم ما يفيد أنه ولد بروتستنتيا ومن أبوين إنجيليين
وعمد في كنيسة الإنجيليين وليس في الأوراق ما يفيد أنه اعتنق مذهبا مخالفا، فان
الحكم الصادر من المجلس الملي لطائفة الأرمن الأرثوذكس بطلاق الزوجة يكون قد صدر
من جهة لا ولاية لها ويتعين وقف تنفيذه ويكون الحكم الصادر من المحكمة الشرعية
بدخول الزوجة في طاعة زوجها قد صدر منها في حدود ولايتها ويتعين رفض طلب وقف
تنفيذه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع مرافعة محامى الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع -
حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليه تزوج من السيدة المدعية في 6 من
يوليه سنة 1952 في كنيسة الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة ووقع الاثنان قبل الإكليل في 12
من يناير سنة 1952 على وثيقة صادرة عن بطريركية الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة جاء
فيها أنهما من أبناء كنيسة الأرمن الأرثوذكس وأنهما عزما بمحض إرادتهما على الزواج
من بعضهما حسب طقوس وقوانين الكنيسة الأرمنية وقد أبلغ كاهن الزواج سيادة مطران
كنيسة الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة بهذه الرغبة وتنفيذها حسب طقوس وقوانين الكنيسة
الأرمنية فأذن سيادته بالزواج وتم العقد في التاريخ المشار إليه - وفى 21 من أغسطس
سنة 1952 تقدمت المدعية بطلب إلى المجلس الملي لطائفة الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة
ذكرت فيه أنه بسبب غلظة زوجها واعتدائه عليها بالضرب بعد الزواج بأيام ثلاثة حتى
صار منزل الزوجية جحيما لا يطاق وغدت الحياة الزوجية ضربا من المحال مما دعاها إلى
طلب الطلاق وقد حاول المجلس التابع للبطريركية إصلاح ذات بينهما ولما لم يوفق بعث
بملف الدعوى إلى دائرة الأحوال الشخصية بالبطريركية الأرمنية الأرثوذكسية - وقد
دفع الزوج بعدم اختصاص المجلس الملي بنظر دعوى الطلاق لاختلاف مذهبه لأنه تبع
الكنيسة البروتستانتية الإنجيلية ولكن المجلس قضى برفض الدفع وباختصاصه بنظر
الدعوى تأسيسا على أن الزواج عقد بكنيسة الأرمن الأرثوذكس وبأن الزوجين قبلا
الزواج حسب طقوس هذه الكنيسة وقوانينها ثم سار المجلس في نظر دعوى الطلاق وأمر
بتحقيق أسبابه وسمع شهادة شهود الزوجة بجلسة 15/ 12/ 1952 ثم واجه المجلس الزوج
بهذه الشهادة فأنكرها وطالب الزوجة بالعودة لمنزل الزوجية وقد قضى المجلس بتاريخ
15/ 12/ 1952 بالطلاق - فرفع الزوج دعوى أمام محكمة شبرا الشرعية بطلب دخول زوجته
"المدعية" في طاعته لاختلاف مذهبه لأنه بروتستانتي إنجيلي وقد قضت محكمة
شبرا الشرعية غيابيا للمدعى عليه طلب من دخول زوجته "المدعية" في طاعته
فعارضت الزوجة في هذا الحكم فقضى في المعارضة وهى برقم 1607 سنة 1952 بإلغاء حكم
الطاعة المعارض فيه. فاستأنف الزوج هذا الحكم في 14/ 3/ 1954 أمام محكمة مصر
الشرعية وهذه قضت في هذا الاستئناف بتاريخ 7/ 6/ 1954 بإلغاء الحكم المستأنف
الصادر في المعارضة وبتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه رقم 1226 سنة 1954 استنادا
إلى أن اختصاص المجلس الملي لطائفة الأرمن الأرثوذكس لا زال تحكيميا ومعقودا برضاء
الخصوم وأنه قد ثبت لدى المحكمة اختلاف مذهب الزوجين وثبت عدم رضاء الزوج المستأنف
بالتقاضي أمام المجلس الملي المشار إليه.
ومن حيث إن المدعية تقدمت
لهذه المحكمة بطلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الشرعية بدخولها في طاعة
المدعى عليه لصدوره من جهة لا ولاية لها ذلك لأن المجلس الملي لطائفة الأرمن
الأرثوذكس هو وحده صاحب الولاية للفصل في موضوع الطلاق إذ يكفى لولايته أن يكون
المدعى عليه عقد زواجه في كنيسة الطائفة المذكورة وطبقا لأحكامها وارتضى شريعتها
للحكم فيما ينشأ بين الزوجين من نزاع وتلزمه أحكامه ولو لم يكن أصلا من أبناء هذه
الكنيسة - وقدمت المدعية تأييدا لطلبها وثيقة زواجها من المدعى عليه المؤرخة 6/ 7/
1952 الصادرة من بطريركية الأرمن الأرثوذكس وتحمل توقيع المدعى عليه في 12 من
يناير سنة 1952 على بيان فيها مؤداه تبعيته دينيا لكنيسة الأرمن الأرثوذكس وأنه
قبل الزواج حسب طقوس وقوانين هذه الكنيسة كما قدمت حكم الطلاق الصادر لها من دائرة
الأحوال الشخصية الابتدائية ببطريركية الأرمن الأرثوذكس بتاريخ 15/ 12/ 1952
وشهادة من البطريركية المذكورة تفيد عدم حصول استئناف الحكم المشار إليه كما قدمت
حكم الطاعة الصادر ضدها من محكمة القاهرة الشرعية في القضية الاستئنافية رقم 1226
سنة 1954 وخطابا صادرا من ذات البطريركية الأرمنية إلى محامى المدعية بتاريخ 12/
10/ 1954 يتضمن الرد بأن المدعى عليه مقيد بسجل البطريركية تحت رقم 954 وكذلك إخوته
وأن زواجه مقيد بسجل الزواج تحت رقم 4083 وذكر بالخطاب أن العمل جرى على أن يكون
القيد قاصرا على من يسدد الرسم السنوي وقدمت كذلك صورة شمسية لشهادة زواج برقم
4270 جزء 8 تاريخها 30 أكتوبر سنة 1952 تفيد زواجها بالمدعى عليه في 6 من يوليه
سنة 1952 وأن هذا الزواج مقيد بسجل الخطبة والزواج المحفوظ بدار البطريركية تحت
رقم 4083 ص 572 وأخيرا قدمت خطابا آخر صادرا من البطريركية الأرمنية الأرثوذكسية
بشأن الاستفهام عن الإجراءات المتبعة بالنسبة لشخص لا يكون من طائفة الأرمن
الأرثوذكس ويريد أن يصبح منها.
ومن حيث إن المدعى عليه
قرر بأنه ولد بروتستنتيا ومن أبوين بروتستنتيين إنجيليين وعمد بكنيسة هذه الطائفة
هو وأخوته وإن هذه الكنيسة تؤكد أنه من أتباعها وأنه مقيد بدفاترها وأصر المدعى
عليه على أنه لم يغير ملته مطلقا لا قبل الزواج ولا بعده وأنه لا يعلم بما كتب
باللغة الأرمنية في وثيقة الزواج لأنه يجهل اللغة الأرمنية وأن تحرير هذه العبارة
بوثيقة الزواج لا تنهض دليلا على أنه غير ملته والتحق بالأرثوذكسية ولو صح ذلك وهو
غير صحيح - لوجد مقيدا بدفاتر الكنيسة الأرثوذكسية ولظهر دفعه للاشتراك لها لأن
القيد بسجلاتها رهين بدفع الاشتراك كما جاء بخطاب هذه الكنيسة المذكورة المقدم من
المدعية بملف الدعوى ولسارعت هي للاستدلال به على هذا التغيير الذي تدعيه ولسجله
المجلس الملي في حكم الطلاق الذي أصدره - وقدم المدعى عليه تأييدا لدفاعه شهادة
بميلاده ثابت بها أنه أرمني الجنسية وبروتستانتي الديانة وشهادة من مجلس الكنيسة الإنجيلية
تاريخها 4/ 10/ 1952 بأن المدعى عليه عمد في الكنيسة المذكورة بتاريخ 30/ 10/ 1923
وأنه مولود من أبوين إنجيليين من أعضاء هذه الكنيسة وثالثة من مجلس الكنيسة الإنجيلية
تفيد أن المدعى عليه قد انضم إلى عضوية هذه الكنيسة بتاريخ 30 من يوليه سنة 1944
وما زال كذلك إلى الآن - كما قدم شهادة بزواجه من المدعية في 6/ 7/ 1952 صادرة من
البطريركية الأرمنية الأرثوذكسية ومشطوب فيها على عبارة, "من أبناء
طائفتنا" وهى تخالف ذات الصورة الشمسية المقدمة من المدعية والصادرة من ذات
البطريركية الأرمنية كما قدم المدعى عليه شهادة من الكنيسة الإنجيلية تاريخها 1/
10/ 1954 تتضمن أن المدعى عليه مولود من أبوين إنجيليين وهو من أبناء الكنيسة
العاملين وأن اسمه مقيد بسجلاتها للآن واستدل المدعى عليه على قيده في سجلات هذه
الكنيسة هو وأفراد عائلته بمجموعة من الإيصالات الصادرة من مجلس الشمامسة بكنيسة
الأزبكية الإنجيلية بمصر وأنه وإخوته يدفعون الاشتراكات لها حتى يناير سنة 1954
وقدم أوراقا تفيد انتماء إخوته لمذهب البروتستانت وأنهم عمدوا بكنيستها كذلك
وشهادة دراسة ثانوية لأحد إخوته تؤيد هذا الانتماء.
وحيث إنه يبين مما تقدم
أن هناك حكمين متعارضين أحدهما صادر من المجلس الملي للأرمن الأرثوذكس قضى بتطليق
المدعية من المدعى عليه وحكم آخر نهائي صادر من المحكمة الشرعية يقضى بدخول
المدعية في طاعة زوجها المدعى عليه فيتعين البحث في أي الحكمين صدر من جهة مختصة وبالتالي
يتعين الفصل في النزاع القائم بين طرفي الخصومة في هل الزوجان مختلفان ملة فتكون
المحكمة الشرعية هي المختصة ولا ولاية للمجلس الملي أم متحدان فيكون المجلس الملي
هو المختص دون المحكمة الشرعية.
ومن حيث إن كل ما تقوله
المدعية في هذا الصدد - إثباتا لانتماء زوجها المدعى عليه لطائفتها وهي طائفة
الأرمن الأرثوذكس - هو رضاؤه إجراء العقد بكنيسة الأرمن الأرثوذكس وقبوله اتباع
طقوسها وقوانينها مما يجعل المجلس الملي لهذه الطائفة مختصا بنظر ما ينشأ بين
الزوجين من نزاع حتى ولو كان الزوجان مختلفين مذهبا وطائفة.
ومن حيث إن قضاء هذه
المحكمة قد جرى بأن جهة تحرير عقد الزواج لا يمنح الجهة التي حررته اختصاصا قضائيا
بل العبرة في ذلك باتحاد مذهب طرفي الخصومة الذي أقام عليه وحده المشرع اختصاص
المجالس الملية.
ومن حيث إن رضاء الزوج
بإجراء العقد أمام كنيسة الأرمن الأرثوذكس التي تنتمى إليها المدعية وقبوله اتباع
طقوس هذه الكنيسة ونظمها لا يفيد بذاته تغيير المذهب أو الملة لأنه خبر لا إنشاء
ولأنه قد يحمل على أن المراد منه هو تسهيل تحرير العقد دون مساس بالملة أو المذهب
الذي ينتمى إليه هذا الزوج أصلا.
ومن حيث إن المدعى عليه
قدم ما يفيد أنه ولد بروتستنتيا ومن أبوين إنجيليين وعمد كذلك في كنيسة الإنجيلين
في سنة 1923 وليس في الأوراق ما يفيد أنه اعتنق مذهبا مخالفا للمذهب الإنجيلي البروتستنتي
بل أوراق الدعوى تؤيد أنه لم يعلن اعتناقه مذهبا آخر فوجب إذن استصحابا للحال
اعتبار المدعى عليه أنه بروتستنتي ما دام لم يقم دليل معقول على العكس.
ومن حيث إنه متى تقرر ذلك
كانت المدعية والمدعى عليه مختلفي الملة مما لا يدع اختصاصا للمجلس الملي للأرمن
الأرثوذكس ويكون الحكم الصادر منه بالطلاق قد صدر من جهة لا ولاية لها في إصداره،
ويكون الحكم الصادر من المحكمة الشرعية بدخول المدعية في طاعة زوجها قد صدر منها
وهى تملك الاختصاص ومن ثم يكون طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الشرعية في القضية
رقم 1226 سنة 1954 في غير محله ويتعين رفضه.
ومن حيث إن المدعى عليه
طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من المجلس الملي لطائفة الأرمن الأرثوذكس فيتعين
للأسباب السابق بيانها إجابة هذا الطلب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق