جلسة 19 من ديسمبر سنة 1967
برياسة السيد المستشار/
مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد
عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.
----------------
(274)
الطعن رقم 2066 لسنة 37
القضائية
(أ، ب) قانون.
"تفسيره. تطبيقه". تموين. تسعيرة. نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ
في تطبيق القانون".
(أ) لا محل للاجتهاد إزاء
صراحة نص القانون الواجب تطبيقه.
(ب) اعتبار الحكم المطعون
فيه تعليق اللافتة ووجود "كتالوج" بالأسعار عديلاً لما اشترطه المشرع من
أوضاع خاصة للإعلان عن الأسعار أو هما يقومان مقامه. خطأ في تطبيق القانون.
-------------
1 - القاعدة العامة أنه
متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن
إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث
على ذلك، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه.
2 - نصت المادة 19 من
قرار وزير التجارة والصناعة رقم 180 لسنة 1950 المعدلة بقرار وزير التموين رقم 138
لسنة 1952 على أن "كل تاجر يبيع أية سلعة أو مادة يجب عليه أن يعلق سعر كل
سلعة بالأوضاع الآتية: (1) يكون الإعلان بكتابة سعر السلعة أو المادة مع إيضاح
صنفها ونوعها وذلك بشكل واضح غير قابل للشك وباللغة العربية ويجوز أن يكون البيان
مصحوباً بترجمة له بإحدى اللغات الأجنبية. (2) يكتب بيان السعر والصنف والنوع على
السلعة ذاتها أو على أغلفتها أو على بطاقة توضع على المواد أو البضائع. (3) يجوز
أن يكتفي ببطاقة واحدة للسلع المماثلة في صنفها ونوعها ووزنها حتى ولو تعددت
الأمكنة التي تعرض فيها هذه السلع داخل المحل. (4) المواد والبضائع التي تباع عادة
بالوزن أو الكيل أو المقياس يكون الإعلان عنها ببيان وحدة الوزن أو الكيل أو
المقاس. ومن ثم فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار تعليق اللافتة ووجود
"كتالوج" بالأسعار عديلاً لما اشترطه المشرع من أوضاع خاصة للإعلان عن
الأسعار أو هما يقومان مقامه - لا يوفر له سلامة التطبيق الصحيح لأحكام القانون
مما يعيبه ويستوجب نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضدهم بأنهم في يوم 13 يونيه سنة 1966 بدائرة قسم أول طنطا: (الأول) بصفته القائم
بعملية البيع (والثاني) (والثالث) بصفتهما صاحبي المحل ومديريه المسئولين (أولاً)
امتنعوا عن بيع سلعة معينة الربح "بوجيهات" (ثانياً) لم يعلنوا عن أسعار
السلعة السابقة طبقاً للأوضاع المقررة وطلبت عقابهم بالمواد 1 و9/ 1 - 2 و13/ 1
و14 و15 و16 و17 و20 من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 المعدل بالقانون رقم 28
لسنة 1957 والجدول المرفق والمواد 19 و20/ 1 و25 و30 من القرار 180 لسنة 1950
المعدل بالقرار 138 لسنة 1952 ومحكمة جنح طنطا المستعجلة قضت حضورياً بتاريخ 9 من
أبريل سنة 1967 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 304/ 1 من قانون الإجراءات
الجنائية بتغريم كل من المتهمين مائة جنيه ومصادرة المضبوطات وإشهار الحكم على
واجهة المحل لمدة شهر بالنسبة إلى التهمة الأولى المسندة لكل متهم وبراءتهم جميعاً
من التهمة الثانية المسندة إلى كل منهم بلا مصاريف جنائية فاستأنف المحكوم عليهم
هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة
استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 12 يوليه سنة 1967 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون
الإجراءات الجنائية بقبول الاستئنافات شكلاً وفي الموضوع برفض استئناف النيابة
العامة وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به من براءة المتهمين عن التهمة
الثانية وبإلغائه بالنسبة للعقوبة المقضي بها عن التهمة الأولى وبراءة المتهمين
مما أسند إليهم بلا مصروفات جنائية. فطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق
النقض..... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى ما تنعاه
النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ برأ المطعون ضدهم من جريمتي الامتناع
عن بيع سلعة معينة الربح وعدم الإعلان عن سعرها قد شابه فساد في الاستدلال وأخطأ
في تأويل القانون. فأما الفساد - وهو ما تراه الطاعنة فيما قام عليه قضاء الحكم في
الجريمة الأولى - فمرجعه أن الحكم عول على ما قال به المطعون ضده الأول من أنه
اعتقد أن مفتش التموين قصد شراء شمعة احتراق خاصة بالسيارات والحال أن الشموع
الموجودة بالمحل من النوع المستعمل في الجرارات، مع أن الثابت أن المفتش طلب شمعة
معينة بمقاسها ونفي المطعون ضده الأول وجودها ثم ضبطت بالمحل من بعد ذلك كمية
كبيرة منها وكشف التقرير الفني عن صلاحية الصنف للسيارات والجرارات معاً، هذا إلى
أن العرف قد جرى على أن طلب البضاعة يكون على نحو ما فعله مفتش التموين وأنه يتعين
على البائع في هذه الحالة أن يعرض ما لديه على طلب الشراء وأما الخطأ في تأويل
القانون فهو ماثل فيما قال به الحكم في خصوص الجريمة الثانية من أن مجرد وضع لافتة
بالمحل تشير إلى حق المشتري في الرجوع إلى الكتالوج الخاص بالأسعار يقوم مقام
الإعلان عن الأسعار قانوناً فخرج بهذا النظر على صراحة ما أوجبه المشرع من ضرورة
الإعلان عن الأسعار بأوضاع وشرائط معينة وغدا الحكم بذلك معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يختص بالنعي على
قضاء الحكم المطعون فيه في الجريمة الأولى فإن الثابت من مراجعته أنه أقام قضاءه
بتبرئة المطعون ضدهم. وأولهم هو القائم على البيع والآخران هما صاحبا المحل
المسئولان عن إدارته. بقوله: "إن هذه الجريمة كغيرها من الجرائم العمدية يجب
أن تتميز بقصد جنائي هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي - وهو الامتناع
عن البيع - إلى هذا الامتناع فعلاً دون أن يكون هناك أدنى شك أو ريب في أنه لم
يمتنع لغرض أو قصد آخر. وفي خصوص هذه الدعوى فإن المتهم الأول - المطعون ضده الأول
- وقد تقدم له السيد مفتش التموين طالباً أن يبيعه بوجيه 14 مللي قد دار في خلده
لأسباب مبررة أنه يطلب بوجيه أو شمعة احتراق لسيارة، ذلك أنه فضلاً عن مظهر السيد
المفتش فإن من يطلب مثل هذا الصنف لجرار فهو يحدد النوع بذكر بوجيه جرار ويؤكد هذا
الدفاع ما ورد بأقوال السيد المهندس فاروق محمود محمد قنديل محرر التقرير في
تحقيقات النيابة من أنه يلزم أن يبين طالب السلعة ما إذا كانت قطعة الغيار
المطلوبة ستركب في جرار أو في سيارة وبعد ذلك يلتزم البائع أن يقدم له النوع الذي
لديه، ومؤدى هذا أنه كان يتعين عليه أن يحدد ماركة السيارة أو الجرار وهو قد كان
أميناً في محضره وفي مراحل التحقيق إذ قرر أنه لم يطلب من المتهم الأول سوى بوجيه
14 مللي ولا يسوغ القول بأنه كان يتعين على المتهم المذكور أن يقدم له النوع
الموجود عنده وهو في تقديره المؤيد بالتقرير الفني مما يستعمل في الجرارات أو
السيارات لأن في ذلك مضيعة للوقت سيما وأن السلع الموجودة بالمحل حسبما ورد في
المعاينة لا حصر لها، أما وقد ثبت أن السيد المفتش لم يحدد نوع البوجيه وما إذا
كان لجرار أو لسيارة فإنه في حالة تلقي الإجابة بعدم وجود السلعة لا يكون المتهم
بالضرورة مقارفاً لجريمة الامتناع عن البيع، ذلك لأنه يحتمل أن يكون قد قصد إلى أن
بوجيه السيارة غير موجود عنده إذ أن الموجود لجرار وفي هذه الحالة لا يمكن القول
إطلاقاً بتوافر القصد الجنائي لديه وبالتالي تتقوض أركان الجريمة" ولما كان
ما أورده الحكم فيما تقدم صحيحاً في القانون وهو مما يكفي ويسوغ به الاستدلال على
تبرئة المطعون ضدهم من جريمة الامتناع عن البيع المسندة إليهم فإن النعي عليه
بفساد الاستدلال لا يكون له محل ولا يعدو أن يكون جدلاً حول حق محكمة الموضوع في
تقديرها لعناصر الدعوى وأدلتها مما لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إنه فيما يختص بما
تثيره الطاعنة على قضاء الحكم المطعون فيه بتبرئة المطعون ضدهم من الجريمة الثانية
وهي عدم الإعلان عن الأسعار فإن الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي
لأسبابه وأكملها - قد قام قضاؤه على سند من أن المشرع لم يقصد من النصوص الخاصة
بالإعلان عن أسعار السلع والأوضاع الشكلية التي اشترطها غير إحاطة الناس بأثمان
السلع المعروضة وأنه إذ ما كان الثابت أن المحل قد علق لافتة تشير إلى إمكان
عملائه الرجوع إلى (الكتالوج) الخاص بالأسعار فقد وفر لهم بذلك العلم بأسعار
البضاعة الموجودة ويصبح في هذه اللافتة والكتالوج غناء عما استلزمه القانون من شكل
خاص بتحرير السعر والنوع والصنف سواء على ذات السلعة أو في جدول إجمالي، وخاصة أن
المعاينة قد أثبتت أن بالمحل ما يزيد على المليون صنف مما يجعل تنفيذ حكم القانون
مستحيلاً. لما كان ذلك، وكنت القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا
لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها
عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك وأنه لا محل للاجتهاد إزاء
صراحة نص القانون الواجب تطبيقه، وكانت المادة 19 من قرار وزير التجارة والصناعة
رقم 180 لسنة 1950 المعدلة بقرار وزير التموين رقم 138 لسنة 1952 قد نصت على أن
"كل تاجر يبيع أية سلعة أو مادة يجب عليه أن يعلق سعر كل سلعة بالأوضاع
الآتية: 1 - يكون الإعلان بكتابة سعر السلعة أو المادة مع إيضاح صنفها ونوعها وذلك
بشكل واضح غير قابل للشك وباللغة العربية ويجوز أن يكون البيان مصحوباً بترجمة له
بإحدى اللغات الأجنبية. - 2 - يكتب بيان السعر والصنف والنوع على السلعة ذاتها أو
على أغلفتها أو على بطاقة توضع على المواد أو البضائع. - 3 - يجوز أن يكتفي ببطاقة
واحدة للسلع المماثلة في صنفها ونوعها ووزنها حتى ولو تعددت الأمكنة التي تعرض
فيها هذه السلع داخل المحل. - 4 - المواد والبضائع التي تباع عادة بالوزن أو الكيل
أو المقياس يكون الإعلان عنها ببيان وحدة الوزن أو الكيل أو المقاس" لما كان
ذلك، فإن ما خلص إليه الحكم من اعتبار تعليق اللافتة ووجود (كتالوج) بالأسعار
عديلاً لما اشترطه المشرع من أوضاع خاصة للإعلان عن الأسعار إذ هما يقومان مقامه
لا يوفر له سلامة التطبيق الصحيح لأحكام القانون مما يعيبه ويستوجب نقضه - بالنسبة
للتهمة الثانية - وتصحيحه بتغريم كل من المطعون ضدهم 5 جنيهات وشهر ملخص الحكم على
واجهة المحل لمدة شهر عملاً بنص المواد 13 و15 و16 من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة
1950 والمادة 19 من قرار وزير التجارة والصناعة رقم 180 لسنة 1950 المعدلة بقرار
وزير التموين رقم 138 لسنة 1952.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق