جلسة 25 من ديسمبر سنة 1967
برياسة السيد المستشار/
مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد
عبد الوهاب خليل، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.
---------------
(275)
الطعن رقم 1891 لسنة 37
القضائية
(أ، ب) إهانة. جريمة.
"أركانها". قصد جنائي. باعث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(أ) جريمة الإهانة.
أركانها: اشتمال الأفعال والعبارات المستعملة على قذف أو سب أو إسناد أمر معين.
غير لازم. كفاية حملها معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة.
(ب) القصد الجنائي في
جريمة الإهانة. توافره بمجرد تعمد توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى
الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها.
(ج) حكم. "تسبيبه.
تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها،
وإطراح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها. ما دام استخلاصها سائغاً.
--------------
1 - لا يشترط لتوفر جريمة
الإهانة المنصوص عليها في المادة 133 من قانون العقوبات أن تكون الأفعال والعبارات
المستعملة مشتملة على قذف أو سب أو إسناد أمر معين، بل يكفي أن تحمل معنى الإساءة
أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة.
2 - يكفي لتوافر القصد
الجنائي في جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة 133 من قانون العقوبات - تعمد
توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو
بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها، فمتى ثبت للمحكمة صدور الألفاظ المهينة
فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإساءة أو
الإهانة.
3 - لمحكمة الموضوع أن
تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل
والمنطق.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن وآخر بأنهما في يوم 27/ 11/ 1963 بدائرة مركز إمبابة محافظة الجيزة: المتهم
الأول: استعمل القوة والعنف والتهديد مع موظفين عموميين هم محمد كمال عبده ضابط
شرطة المناش والشرطيان علي العناني علي ومحمد علي العناني ليحملهم بغير حق على
الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم هو التحقيق في الشكوى الخاصة بفرز حصة
الشيخ عبد العزيز عمر إسماعيل وذلك بأن دخل إلى مقر التحقيق الذي يجريه المجني
عليه الأول محاولاً منعه من إتمام عمله واعتدى عليه بالقول بأن وجه إليه العبارات
المبينة بالتحقيق وهدده باستغلال نفوذه الشخصي بصلته بآخرين وامتنع عن مغادرة محل
التحقيق عند صدور الأمر له بذلك وأمسك بالضابط المحقق وقاومه وباقي المجني عليهم
وقد نشأ عن استعمال القوة مع المجني عليهم إصابة الشرطي علي العناني بالإصابات
الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد تمكن بذلك من بلوغ مقصده. والمتهم الثاني:
استعمل القوة والعنف مع الشرطي على العناني ليحمله بغير حق عن الامتناع عن أداء
عمل من أعمال وظيفته هو القبض على المتهم الأول بأن اعتدى عليه بالضرب فأحدث بظهره
الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي ولم يبلغ بذلك مقصده. وطلبت من مستشار الإحالة
إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للوصف والقيد الواردين بقرار
الاتهام، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً في 22/ 2/ 1967 عملاً
بالمواد 133/ 1 و136 و137/ 1 و55/ 1 و56/ 1 و32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى
المتهم الأول (الطاعن) بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وأمرت بوقف تنفيذ
العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم وذلك على اعتبار أنه 1 - أهان بالقول
النقيب محمد كمال عبده أثناء تأديته لوظيفته. 2 - قاومه بالعنف هو وآخرين من رجال
الشرطة أثناء تأديتهم لوظيفتهم وببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه. فطعن المحكوم
عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الإهانة والتعدي على رجال الشرطة
ومقاومتهم يكون قد أخطأ في القانون وتناقض في التسبيب وشابه قصور في البيان، ذلك
أنه لم يستظهر قصد الإهانة ولا يغني عن ذلك ذكر الحكم العبارات التي صدرت من
الطاعن لأنها لا تفيد بذاتها هذا القصد سيما وأنها كانت احتجاجاً على ما توهمه
الطاعن من عدم سلامة ما اتخذه الضابط من إجراءات، كما لم يورد الحكم أدلة التعدي
على رجال القوة ومقاومتهم ولا يكفي في ذلك سرده لأقوال الشهود في معرض تحصيله
للواقعة كما صورتها سلطة الاتهام لأنه لم يأخذ بهذا التصوير، هذا إلى أن أركان
جريمة المقاومة غير متوافرة لاعتداء رجال القوة على الطاعن وإخراجه من غرفة
التحقيق وقد تخلف به إصابات لم يتناولها الحكم، وما نسبه إليه من لي إصبع العسكري
ينفيه ما جاء ببلاغ الحادث وأقوال الشهود بمحضر الشرطة.
وحيث إنه يبين من الحكم
المطعون فيه أنه بعد أن سرد واقعة الدعوى طبقاً لتصوير سلطة الاتهام لها، وأورد
مؤدى الأدلة التي استندت إليها وهي أقوال الشهود والتقرير الطبي، خلص إلى إقرار
هذه الصورة فيما يتعلق بصدور ألفاظ الإهانة من الطاعن بقوله للضابط: "إيه
البوظة دي إيه الفوضى دي" وصدور الأفعال المادية منه ومن تماسكه به،
وبالشرطيين المرافقين له، وكان ذلك أثناء تأدية وظيفتهم، وهي إجراء الضابط التحقيق
لفصل حصة من شياخة قريب الطاعن وتعيين شيخ آخر عليها ثم انتهى الحكم إلى أن ما بدر
من الطاعن ينطبق عليه المواد 133/ 1 و136 و137 من قانون العقوبات ودانه بها مع
تطبيق المادة 32 منه بعد أن استبعد الوصف الذي أسبغته سلطة الاتهام على الواقعة
باعتبارها جناية منطبقة على المادة 137 (أ) مكرر من قانون العقوبات لما تبين له من
انتفاء القصد الجنائي الخاص فيها وهو حمل الموظف بغير حق على أداء عمل من أعمال
وظيفته أو الامتناع عنه. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لتوفر جريمة الإهانة المنصوص
عليها في المادة 133 من قانون العقوبات أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة
مشتملة على قذف أو سب أو إسناد أمر معين، بل يكفي أن تحمل معنى الإساءة أو المساس
بالشعور أو الغض من الكرامة، وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي فيها تعمد توجيه
ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها
بغض النظر عن الباعث على توجيهها، فمتى ثبت للمحكمة صدور الألفاظ المهينة فلا حاجة
لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإساءة أو الإهانة لما
كان ذلك، وكانت العبارات التي أثبت الحكم صدورها من الطاعن للضابط أثناء تأدية
عمله تفيد بذاتها قصد الإهانة فإن هذه الجريمة تكون قد توافرت أركانها وقامت في
حقه بصرف النظر عن باعثه على صدور تلك العبارات منه ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في
هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البادي من الحكم أنه أحال في شأن
أدلة الدعوى في صورتها التي ارتسمت في وجدانه إلى ما أورده بشأنها في صدد تحصيله
لها كما صورتها سلطة الاتهام، ولم يختلف في صورتيها إلا في خصوص التكييف القانوني
لها وإسباغ الوصف الصحيح عليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذه الصدد لا يكون له محل،
إذ لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على
بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما
يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة
مقبولة في العقل والمنطق. لما كان ما تقدم، وكان ما أثبته الحكم في حق الطاعن من
أنه أمسك بالضابط والشرطيين وتعدى عليهم تتحقق به جريمة مقاومة الموظف العام
بالقوة فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس ولا يجديه ما يثيره
من خطأ الحكم في الإسناد بفرض صحته من نسبة لي أصبع أحد الشرطيين له خلاف الواقع
أو مقاومة رجال القوة له بعد أن قارف جريمة التعدي في حقهم. لما كان ما تقدم، فإن
الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق