الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 4 يوليو 2022

القضية 76 لسنة 18 ق جلسة 14 / 12 / 2003 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 10 ص 87

جلسة 14 ديسمبر سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي ومحمد علي سيف الدين وعبد الوهاب عبد الرازق ود. حنفي علي جبالي ومحمد عبد العزيز الشناوي وسعيد مرعي عمرو.

وحضور السيد المستشار/ رجب عبد الحكيم سليم - رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (10)
القضية رقم 76 لسنة 18 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "بيانات الصحيفة".
ضرورة اشتمال الصحيفة أو قرار الإحالة على سبب الدعوى الدستورية والنصوص المدعى مخالفتها للدستور بحسبانها أحد البيانات الجوهرية اللازم توافرها فيها.
(2) دعوى دستورية "المصلحة فيها - النص الطعين يفتح باباً للتصالح - عدم قبول".
قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية النص الطعين - بفرض صحة المطاعن الموجهة إليه - لن يكون ذا أثر على النزاع الموضوعي، فلن يحقق للمدعي نفعاً، يمكن أن يتبدل به مركزه القانوني في الدعوى الجنائية، بل سوف يوصد أمامه باب التصالح في تلك الدعوى، ولا يتبقى في حالة إدانته سوى إنزال العقاب به، ومن ثم فإن مصلحته في مخاصمة هذا النص تغدو منتفية.

--------------
1 - وحيث إن مؤدى نص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - ووفقاً للمقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أوجب لقبول الدعوى الدستورية، أن تشتمل صحيفتها على النص التشريعي الطعين، والنص الدستوري المدعى بمخالفته، والمطاعن الموجهة إلى النص المطعون فيه، والتي تمثل سبب الدعوى الدستورية، على أن تكون هذه المطاعن جلية في معناها واضحة الدلالة على المقصود منها، لا يحيطها التجهيل أو يكتنفها الغموض، باعتبار أنها تفصح عن جدية الدعوى ويتحدد بها موضوعها. لما كان ذلك، وكان المدعي لم يضمّن صحيفة دعواه طعناً على نصوص المواد 178، 179، 181 من قانون الضرائب على الدخل آنف البيان، والتي دفع بعدم دستوريتها أمام محكمة الموضوع، فإن الفصل في شأن دستورية المواد المذكورة، لا يعد مطروحاً على هذه المحكمة، وبذلك يتحدد نطاق الدعوى الماثلة - على ضوء ما تقدم - بنص المادة 191 من القانون سالف الذكر عدا فقرتها الأولى، التي أبدى المدعي دفعاً بعدم دستوريتها أمام محكمة الموضوع، وأورد أسباباً لطعنه عليها بصحيفة دعواه الدستورية.
2 - وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة، وهو كذلك يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويحدد نطاقها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ينالهم الضرر جراء سريان النص المطعون فيه عليهم. ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون عليه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تحديده ومواجهته بالترضية القضائية لتسويتهن، عائداً في مصدره إلى النص المطعون فيه. فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها، لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت الدعوى الجنائية المتهم فيها المدعي تدور حول ما نسب إليه من ارتكابه جريمة التهرب من أداء الضرائب على أنشطته التجارية خلال فترة زمنية محددة، وعدم تقديمه إقرارات بمقدار أرباحه وما لديه من ثروة، المعاقب عليها بعقوبة السجن والغرامة مع الحرمان من تقلُد الوظائف والمناصب العامة، وفقدان الثقة والاعتبار، باعتبارها جريمة مخلة بالشرف والأمانة، وإذ كان النص الطعين يتناول إجراءات الصلح في هذه الجريمة، سواء قبل إقامة الدعوى العمومية، أو بعد إقامتها وقبل صدور حكم نهائي فيها، ومن ثم فإن قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية النص - بفرض صحة المطاعن الموجهة إليه - لن يكون ذا أثر على النزاع الموضوعي، فلن يحقق للمدعي نفعاً، يمكن أن يتبدل به مركزه القانوني في الدعوى الجنائية، بل سوف يوصد أمامه باب التصالح في تلك الدعوى، ولا يتبقى في حالة إدانته سوى إنزال العقاب به، ومن ثم فإن مصلحته في مخاصمة هذا النص تغدو منتفية، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.


الإجراءات

بتاريخ الرابع من شهر يوليو سنة 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية المواد 178، 179، 181، 191 - فيما عدا الفقرة الأولى - منها من القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم: أصلياً: بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة قدمت المدعي إلى محكمة جنايات الإسكندرية متهمة إياه بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية بأنه: 1 - تهرب من أداء تلك الضريبة المقررة قانوناً والمستحقة عن نشاطه في تجارة الأدوات الكهربائية خلال الأعوام من 1987 حتى 1992 باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى نشاطه عن علم مصلحة الضرائب. 2 - لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً مبيناً به مقدار أرباحه الحقيقية عن كل عام من الأعوام من 1987 حتى 1992 خلال الميعاد المقرر قانوناً. 3 - لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً مبيناً به مقدار إيراده العام الخاضع للضريبة خلال الميعاد المقرر قانوناً. 4 - لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً مبيناً به مقدار إيراده العام الخاضع للضريبة خلال الميعاد المقرر قانوناً. 5 - لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً بما لديه من ثروة خلال الميعاد المقرر قانوناً. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية نصوص المواد 178، 179، 181، 191 - عدا الفقرة الأولى - من القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمواد 178، 179، 181 من قانون الضرائب على الدخل سالف البيان، استناداً إلى أن صحيفة الدعوى لم تتضمن أوجه الطعن بعدم دستورية هذه المواد، كما أبدت ذات الدفع بالنسبة للمادة 191 من القانون المار ذكره، تأسيساً على أن إلغاء هذا النص لن يوفر للمدعي فائدة عملية يمكن أن يتحول بها مركزه القانوني في الدعوى الجنائية المقامة ضده، بل إن هذا الإلغاء - إن تحقق - سوف يوصد باب التصالح في تلك الدعوى، ولن يكون محيصاً عن معاقبة المدعي بالسجن في حالة ثبوت إدانته.
وحيث إن مؤدى نص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - ووفقاً للمقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أوجب لقبول الدعوى الدستورية، أن تشتمل صحيفتها على النص التشريعي الطعين، والنص الدستوري المدعى بمخالفته، والمطاعن الموجهة إلى النص المطعون فيه، والتي تمثل سبب الدعوى الدستورية، على أن تكون هذه المطاعن جلية في معناها واضحة الدلالة على المقصود منها، لا يحيطها التجهيل أو يكتنفها الغموض، باعتبار أنها تفصح عن جدية الدعوى ويتحدد بها موضوعها. لما كان ذلك، وكان المدعي لم يضمّن صحيفة دعواه طعناً على نصوص المواد 178، 179، 181 من قانون الضرائب على الدخل آنف البيان، والتي دفع بعدم دستوريتها أمام محكمة الموضوع، فإن الفصل في شأن دستورية المواد المذكورة، لا يعد مطروحاً على هذه المحكمة، وبذلك يتحدد نطاق الدعوى الماثلة - على ضوء ما تقدم - بنص المادة 191 من القانون سالف الذكر عدا فقرتها الأولى، التي أبدى المدعي دفعاً بعدم دستوريتها أمام محكمة الموضوع، وأورد أسباباً لطعنه عليها بصحيفة دعواه الدستورية.
وحيث إن النص في المادة 191 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 - فيما عدا الفقرة الأولى منها - جرى على أنه: - "ويكون لوزير المالية أو من ينيبه حتى تاريخ رفع الدعوى العمومية الصلح مع الممول مقابل دفع مبلغ يعادل 100% مما لم يؤد من الضريبة.
فإذا كانت الدعوى العمومية قد رفعت ولم يصدر فيها حكم نهائي يكون الصلح مع الممول مقابل دفع مبلغ يعادل 150% مما لم يؤد من الضريبة. ولا يدخل في حساب النسب المنصوص عليها في هذه المادة والمادة 189 من هذا القانون قيمة الضريبة العامة على الدخل التي تستحق على الوعاء النوعي موضوع المخالفة أو بسببه.
وفى جميع الأحوال تنقضي الدعوى العمومية بالصلح".
وحيث إن المدعي ينعى على هذا النص مخالفته للمواد 8، 12، 38، 40، 64، 166 من الدستور، قولاً منه بأن الدعوى العمومية لا يجوز أن تنقضي صلحاً في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، يُحرم المحكوم عليه فيها من تولي الوظائف والمناصب العامة وتفقده الثقة والاعتبار، كما يخل النص الطعين بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، فيكفل للممول القادر مادياً فرصة الإفلات من عقوبة السجن، وبما لا يتوافر للممول الأقل قدرة، وتنتفي بذلك سيادة القانون، ويتحقق الإخلال باستقلال القضاء بإباحة الصلح في الجنايات.
وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة، وهو كذلك يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويحدد نطاقها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ينالهم الضرر جراء سريان النص المطعون فيه عليهم. ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون عليه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تحديده ومواجهته بالترضية القضائية لتسويتهن عائداً في مصدره إلى النص المطعون فيه. فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها، لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت الدعوى الجنائية المتهم فيها المدعي تدور حول ما نسب إليه من ارتكابه جريمة التهرب من أداء الضرائب على أنشطته التجارية خلال فترة زمنية محددة، وعدم تقديمه إقرارات بمقدار أرباحه وما لديه من ثروة، المعاقب عليه بعقوبة السجن والغرامة مع الحرمان من تقلُد الوظائف والمناصب العامة، وفقدان الثقة والاعتبار، باعتبارها جريمة مخلة بالشرف والأمانة، وإذ كان النص الطعين يتناول إجراءات الصلح في هذه الجريمة، سواء قبل إقامة الدعوى العمومية، أو بعد إقامتها وقبل صدور حكم نهائي فيها، ومن ثم فإن قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية النص - بفرض صحة المطاعن الموجهة إليه - لن يكون ذا أثر على النزاع الموضوعي، فلن يحقق للمدعي نفعاً، يمكن أن يتبدل به مركزه القانوني في الدعوى الجنائية، بل سوف يوصد أمامه باب التصالح في تلك الدعوى، ولا يتبقى في حالة إدانته سوى إنزال العقاب به، ومن ثم فإن مصلحته في مخاصمة هذا النص تغدو منتفية، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق