جلسة 19 من مارس سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ سيد عبد الرحيم الشيمي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ محمد عبد المحسن منصور، شهاوي إسماعيل عبد ربه، مصطفى حمدان ومحمد
سراج الدين السكري نواب رئيس المحكمة.
------------
(59)
الطعن 7936 لسنة 86 ق
(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. عدم كفاية أن يكون الخصم طرفا في الخصومة
التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. شرطه. تعلق أسباب الطعن به وصدور حكم له أو
عليه. عدم منازعة المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما في الطلبات وانتفاء
القضاء لهما أو عليهما بشيء وعدم تعلق أسباب الطعن بهما. أثره. غير مقبول بالنسبة
لهما.
(2 ، 3) حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم
الجنائي".
(2) حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة
المدنية. مناطها. فصله فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين
الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. المادتان
456 أ.ج، 102 إثبات. ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل. عدم صلاحيته موضوعا لحكم يحوز
قوة الأمر المقضي.
(3) صدور حكم ببراءة الطاعن في الجنحة المقدم
فيها بتهمة استئناف أعمال بناء مقبرة بدون ترخيص وصدور حكم من القضاء الإداري
بإلغاء قرار الإزالة لانعدام ولاية مصدره. مفاده. إقامة المقبرة محل المخالفة لم
تكن محل قضاء الأحكام السابقة ولم يسبق بحثها ولا تحوز الحجية التي تقيد القاضي في
نظر الدعوى.
(4) ملكية "حق الملكية بوجه عام".
الملكية. ماهيتها. وظيفة اجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها.
استحقاق الحماية القانونية لها. شرطه. وجوب العمل بها في الحدود المرسومة لمباشرة
تلك الوظيفة. المواد 802، 806، 823 مدني والأعمال التحضيرية.
(5) جبانات.
إقامة مدفن خاص في غير الجبانات العامة بغير ترخيص. ماهيته. فعل معاقب
عليه قانونا. مؤداه. وجوب إزالته. المواد 1، 2، 3، 11 ق 5 لسنة 1966 بشأن الجبانات.
قضاء الحكم المطعون فيه بإزالة المقبرة محل التداعي لإقامتها بدون ترخيص من الجهات
الإدارية المختصة. صحيح.
---------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن
يكون طرفا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه طالما لم يحكم له أو عليه
بشيء ولم تتعلق به أسباب الطعن. لما كان ذلك، وكان المطعون ضدهما الثاني والثالث
بصفتيهما لم ينازعا في الطلبات ولم يقض لهما أو عليهما بشيء ولم تتعلق بهما أسباب
الطعن ومن ثم يضحى الطعن بالنسبة لهما غير مقبول.
2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد نص
المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 102 من قانون الإثبات- أن الحكم
الجنائي يكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل
فصلا لازما في وقوع الفعل المكون الأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية
وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، وأن ما لم تنظر فيه المحكمة
بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعا لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
3 - إذ كان الثابت من الأوراق أن النيابة
قدمت الطاعن في الجنحة رقم ... لسنة 2013 جنح أشمون بتهمة استئناف أعمال بناء وقضى
فيها بالبراءة على سند من أن الفترة البينية بين صدور قرار الإيقاف وتحرير محضر
المخالفة أقل من خمسة عشر يوما، كما أن الثابت من الشهادة المقدمة عن الجنحة رقم
... لسنة 2013 أشمون أن النيابة قدمت فيها الطاعن بتهمة الامتناع عن تنفيذ قرار
الإزالة وقضى ببراءته على سند من خلو الأوراق مما يفيد إخطاره بقرار الإزالة، أما
الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 15ق قضاء إداري فالثابت أنه ألغى قرار
الإزالة رقم ... لسنة 2013 لانعدام ولاية مصدره- لإصداره قبل صدور قرار تعيينه-
مفاد ما تقدم أن واقعة إقامة مقبرة دون ترخيص والتي أوردها الخبير في تقريره
واتهمت النيابة الطاعن بمقارفتها في المخالفة رقم ... لسنة 2013 أشمون وتساند
إليها الحكم المطعون فيه في قضائه لم تكن محلا لقضاء الأحكام السالفة ولم تتطرق
لبحثها، ومن ثم فإنها لا تحوز الحجية التي تقيد القاضي في الدعوى المطروحة ولا
تخلع عليها ثوب المشروعية ويضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد
المواد 802، 806، 823 من القانون المدني، يدل وعلى ما أفصح عنه المشرع في الأعمال
التحضيرية للقانون المدني على أن الملكية ليست حقا مطلقا لا حد له، بل هي وظيفة
اجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها، ويحميه القانون ما دام يعمل في الحدود
المرسومة لمباشرة هذه الوظيفة، أما إذا خرج على هذه الحدود فلا يعتبره القانون
مستحقا لحمايته.
5 - إذ كان القانون 5 لسنة 1966 في شأن
الجبانات بعد أن عرض في مادته الأولى إلى تعريف الجبانات العامة وحكم أراضيها، ونص
في المادة الثانية منه على أن تتولى المجالس المحلية- في حدود اختصاصها- إنشاء
الجبانات وصيانتها وإلغاءها وتحديد رسم الانتفاع بها أجاز في المادة الثالثة منه
بقرار من رئيس الجمهورية- الترخيص بإقامة مدافن خاصة في غير الجبانات العامة وذلك
بناء على طلب وزير الإدارة المحلية بعد موافقة مجلس المحافظة المختص، ثم فرض في
المادة 11 منه العقاب على كل مخالفة لأحكامه، مما مقتضاه أن إقامة مدفن خاص في غير
الجبانات العامة بغير ترخيص هو فعل معاقب عليه تطبيقا للمادتين 3، 11 من هذا
القانون وهو ما ينزع عنه ثوب المشروعية ويصمه بالضرر الذي يجب أن يزال. لما كان
ذلك، وكان الحكم المطعون فيه خلص إلى هذا النظر فانتهى إلى عدم مشروعية إقامة
المقبرة محل التداعي بعد أن ثبت لديه إقامتها دون ترخيص من الجهات الإدارية
المختصة ورتب على ذلك قضاءه بإزالتها، فإنه يكون طبق القانون على وجهه الصحيح،
ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-
تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث
بصفتيهما الدعوى رقم ... لسنة 2014 مدني شبين الكوم الابتدائية بطلب الحكم بإزالة
المقبرة محل التداعي، والتي أقيمت في مواجهة منزله دون ترخيص، والمحكمة بعد أن ندبت
خبيرا وأودع تقريره حكمت برفض الدعوى بحكم استأنفه المطعون ضده الأول لدى محكمة
استئناف طنطا- مأمورية شبين الكوم- بالاستئناف رقم ... لسنة 48ق، والتي قضت بتاريخ
6/4/2016 بإلغاء الحكم المستأنف وبالطلبات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض
وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني
والثالث بصفتيهما وأبدت الرأي في الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن
على هذه المحكمة- في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة
للمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما أنهما لم يقض لهما أو عليهما بشيء،
وبالتالي يكون اختصامهما في الطعن غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه
لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفا في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون
فيه طالما لم يحكم له أو عليه بشيء ولم تتعلق به أسباب الطعن. لما كان ذلك، وكان
المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما لم ينازعا في الطلبات ولم يقض لهما أو
عليهما بشيء ولم تتعلق بهما أسباب الطعن ومن ثم يضحى الطعن بالنسبة لهما غير مقبول.
وحيث إن الطعن- فيما عدا ما تقدم- استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن أسباب الطعن مجتمعة تدور حول سببين، السبب الأول وينعى به
الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ أقام قضاءه
بإزالة المقبرة محل التداعي من إقامتها دون ترخيص رغم تقديمه شهادتين صادرتين عن
نيابة شبين الكوم ببراءة الطاعن في الجنحتين رقمي ... ،... لسنة 2013 جنح أشمون
فيما نسب إليه من إقامة مباني دون ترخيص وكذا شهادة من محكمة القضاء الإداري تفيد
إلغاء قرار الإزالة رقم ... لسنة 2013 بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة
15ق قضاء إداري، وهو ما يعيبه بمخالفة حجية هذه الأحكام ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن مفاد نص المادة 456 من قانون
الإجراءات الجنائية، والمادة 102 من قانون الإثبات- وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة- أن الحكم الجنائي يكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية
كلما كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين
المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، وأن ما لم
تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعا لحكم يحوز قوة الأمر المقضي. لما
كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن النيابة قدمت الطاعن في الجنحة رقم ... لسنة
2013 جنح أشمون بتهمة استئناف أعمال بناء وقضى فيها بالبراءة على سند من أن الفترة
البينية بين صدور قرار الإيقاف وتحرير محضر المخالفة أقل من خمسة عشر يوما، كما أن
الثابت من الشهادة المقدمة عن الجنحة رقم ... لسنة 2013 أشمون أن النيابة قدمت
فيها الطاعن بتهمة الامتناع عن تنفيذ قرار الإزالة وقضى ببراءته على سند من خلو
الأوراق مما يفيد إخطاره بقرار الإزالة، أما الحكم الصادر في الدعوى رقم ... لسنة
15ق قضاء إداري فالثابت أنه ألغى قرار الإزالة رقم ... لسنة 2013 لانعدام ولاية
مصدره- لإصداره قبل صدور قرار تعيينه- مفاد ما تقدم أن واقعة إقامة مقبرة دون
ترخيص والتي أوردها الخبير في تقريره واتهمت النيابة الطاعن بمقارفتها في المخالفة
رقم ... لسنة 2013 أشمون وتساند إليها الحكم المطعون فيه في قضائه لم تكن محلا
لقضاء الأحكام السالفة ولم تتطرق لبحثها، ومن ثم فإنها لا تحوز الحجية التي تقيد
القاضي في الدعوى المطروحة ولا تخلع عليها ثوب المشروعية ويضحى النعي بهذا السبب
على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالقصور
والخطأ في تطبيق القانون، إذ أقام قضاءه بإزالة المقبرة على سند من تحقق الضرر
لمجرد إقامتها دون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة رغم أن الثابت من الرسم
الكروكي لخبير الدعوى أنها تبعد عن منزل المطعون ضده الأول تسعة أمتار ونصف ويفصل
بينهما شارع بعرض ستة أمتار وأنها ملاصقة لمقابر القرية، وأنه التزم في إقامتها
أحكام القانون 5 لسنة 1966 بشأن الجبانات ولائحته التنفيذية، مما يعيبه ويستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر- في قضاء هذه المحكمة -
أن مفاد المواد 802، 806، 823 من القانون المدني، يدل وعلى ما أفصح عنه المشرع في
الأعمال التحضيرية للقانون المدني على أن الملكية ليست حقا مطلقا لا حد له، بل هي
وظيفة اجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها، ويحميه القانون ما دام يعمل في الحدود
المرسومة لمباشرة هذه الوظيفة، أما إذا خرج على هذه الحدود فلا يعتبره القانون
مستحقا لحمايته، وإذ كان ذلك وكان القانون 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات بعد أن عرض
في مادته الأولى إلى تعريف الجبانات العامة وحكم أراضيها، ونص في المادة الثانية
منه على أن تتولى المجالس المحلية- في حدود اختصاصها- إنشاء الجبانات وصيانتها
وإلغاءها وتحديد رسم الانتفاع بها أجاز في المادة الثالثة منه بقرار من رئيس
الجمهورية- الترخيص بإقامة مدافن خاصة في غير الجبانات العامة وذلك بناء على طلب
وزير الإدارة المحلية بعد موافقة مجلس المحافظة المختص، ثم فرض في المادة 11 منه
العقاب على كل مخالفة لأحكامه، مما مقتضاه أن إقامة مدفن خاص في غير الجبانات
العامة بغير ترخيص هو فعل معاقب عليه تطبيقا للمادتين 3، 11 من هذا القانون وهو ما
ينزع عنه ثوب المشروعية ويصمه بالضرر الذي يجب أن يزال. لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه خلص إلى هذا النظر فانتهى إلى عدم مشروعية إقامة المقبرة محل التداعي
بعد أن ثبت لديه إقامتها دون ترخيص من الجهات الإدارية المختصة ورتب على ذلك قضاءه
بإزالتها، فإنه يكون طبق القانون على وجهه الصحيح، ويضحى النعي عليه بهذا السبب
على غير أساس.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق