جلسة 23 من فبراير سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ د. سعيد فهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ ممدوح القزاز، عز الدين عبد الخالق، مراد أبو موسى وأشرف أبو العز
نواب رئيس المحكمة.
--------------
(38)
الطعن رقم 4719 لسنة 72 القضائية
(1) حكم" الطعن في الحكم: مدى تعلقه
بالنظام العام".
جواز الطعن في الحكم. تعلقه بالنظام العام. للخصوم وللنيابة ولمحكمة
النقض التمسك به، شرطه. استكمال عناصر الفصل فيه من المستندات المقدمة بملف الطعن
تقديما صحيحا. عدم توافرها. مؤداه. اعتبار الدفع عاريا عن الدليل.
(2) دعوى "تقدير قيمة الدعوى".
تقدير قيمة الطلبات في الدعوى محل الطعن بقيمة العقار المتعاقد عليه.
اعتبار الضريبة المربوطة على العقار أساس في تحديد تلك القيمة. للمحكمة تقدير
قيمته عند عدم وجود ضريبة مربوطة عليه. خلو الطعن بالنقض من عناصر تقدير قيمة
الدعوى وصولا لما إذا كانت تجاوز النصاب الانتهائي للمحكمة، مؤداه. عدم قبول النعي
بعدم جواز الطعن بالاستئناف. المادتان 37/1 ، 2، 47 مرافعات.
(3) عقد" زوال العقد: فسخ العقد: الفسخ
الاتفاقي".
الأصل عدم انفراد أحد العاقدين بتعديل العقد دون رضاء المتعاقد الآخر.
جواز الاتفاق على التعديل صراحة أو ضمنا.
(4) إثبات" خبرة: دور الخبير".
الخبير. اقتصار مهمته على تحقيق الواقع وإبداء الرأي في المسائل
الفنية دون المسائل القانونية.
(5) حكم" حجية الأحكام: أحكام ليس لها
حجية".
بيع والدة الطاعن والمطعون ضده كامل حصتها في عقار النزاع للأخير ثم
معاودتها بيع جزء منها فقط للمطعون ضده وباقيها للطاعن وشراء الأخير الجزء السابق
بيعه للمطعون ضده في ذات العقد. مقتضاه. انصراف إرادتهم إلى تعديل عقد البيع الأول
وتقابلهم عنه ضمنيا. سبق القضاء بإلحاق محضر الصلح المحرر بشأن ذلك العقد بمحضر
الجلسة. لا يحول دون إلغاءه أو تعديله أو التقايل منه بإرادة عاقديه. علة ذلك.
مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك. خطأ.
------------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن جواز الطعن في الحكم من عدمه
يتعلق بالنظام العام، وأن من الجائز للخصوم أو للنيابة التمسك به، وفي أي وقت، ولو
لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أن لهذه المحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها، إلا أن
ذلك مشروط بأن تكون عناصر الفصل فيه مستكملة من واقع الدعوى والمستندات المقدمة
بملف الطعن تقديما صحيحا، فإذا لم تتوافر العناصر الواقعية التي تمكن محكمة النقض
من الفصل فيه، فإنه يعد عاريا عن الدليل.
2 - إذ كانت الطلبات في الدعوى محل هذا الطعن
يرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار موضوع التداعي، وفقا لنص الفقرتين الأولى
والثانية من المادة 37 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وكانت الضريبة
الأصلية المربوطة على العقار هي الأساس في تحديد هذه القيمة، إذا كان العقار
مربوطا عليه ضريبة، فإذا لم يكن مربوطا عليه ضريبة قدرت المحكمة قيمته، ولما كانت
الأوراق قد خلت من هذه العناصر، والتي يتم على أساسها تحديد قيمة الدعوى وصولا لما
إذا كانت تدخل في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية الوارد بنص المادة 47
من ذات القانون من عدمه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير
مقبول.
3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه وإن
كان الأصل في العقود أن تكون ملزمة، بمعنى عدم إمكان انفراد أحد العاقدين بتعديل
العقد دون رضاء الطرف الآخر، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من الاتفاق بينهما على تعديل
العقد، وكما يتم ذلك بإيجاب وقبول صريحين يصح أن يكون ضمنيا.
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مهمة
الخبير المندوب في الدعوى تقتصر على تحقيق الواقع فيها وإبداء رأيه في المسائل
الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه دون المسائل القانونية التي
يتعين على الحكم أن يقول كلمته فيها.
5 - إذ كان الواقع الثابت في الدعوى أن زوجة
المورث الأصلي لطرفي النزاع ووالدة كل من الطاعن والمطعون ضده السيدة/ ... كانت قد
باعت للأخير بموجب العقد المؤرخ 6/1/1989 حصتها الميراثية في عقار النزاع التي آلت
إليها من المورث الأصلي، فضلا عن الحصة التي اشترتها من ابنتيه/ ... و ...
بالعقدين المؤرخين 24/7/1965، 27/3/1971، في ذات العقار، ثم عادت وأبرمت مع
المطعون ضده عقد البيع المؤرخ 1/1/1990، وبموجبه باعته حصتها الميراثية فقط، ومن
ثم فإن إرادتيهما بذلك التصرف تكون قد انصرفت إلى تعديل العقد الأول تعديلا جزئيا
بتقابلهما ضمنيا من بيع وشراء حصة البائعة التي آلت إليها بالشراء بموجب العقدين
سالفي الذكر، ولا أدل على ذلك من أن ذات البائعة له عادت - من بعد - وباعت للطاعن
تلك الحصة الأخيرة بالعقد المؤرخ 13/7/1990، وفي ذات العقد باعه المطعون ضده الحصة
المشتراة منها بالعقد المؤرخ 1/1/1990 والتي آلت إليها بالميراث، بما لا معدي - في
هذه الحالة - من القول بأن إرادة ثلاثتهم قد استقرت بإبرام العقد الأخير على نحو
ما تقدم، ومن ثم أصبحت تلك الحصص الثلاث داخلة في نصيب الطاعن، ولا يغير من ذلك أن
العقد الأول المؤرخ 1/1/1990 كان قد قضى في الدعوى ... لسنة 1990 مدني محكمة شبين
الكوم الابتدائية المرفوعة بصحته ونفاذه بإلحاق محضر الصلح المبرم في شأنه بمحضر
الجلسة وبإثبات محتواه فيه، بينما قضي بصحة التوقيع على العقد الأخير المؤرخ
3/7/1990، بالحكم الصادر في الدعوى ... لسنة 1991 مدني محكمة شبين الكوم الابتدائية،
ذلك أن الصلح الذي يصدق عليه القاضي لا يعدو أن يكون عقدا ليس له حجية الشيء
المحكوم فيه عند إثباته، فإذا تبين- من بعد- أن طرفي هذا الاتفاق قد تلاقت
إرادتهما صراحة أو ضمنا على إلغاء عقد البيع الذي صدر في شأنه أو التقايل منه أو
تعديله، فلا يحاج به أيهما قبل الآخر، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد
خالف هذا النظر، فإنه يكون معيبا.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن – وآخرين - الدعوى .... لسنة 1994 مدني
محكمة بندر شبين الكوم الجزئية بطلب الحكم بفرز وتجنيب نصيبه في العقار المبين
بالصحيفة والمخلف عن مورث الطرفين، على سند من أنه يمتلك فيه حصة شائعة بالشراء
والميراث، ولرغبته في إنهاء حالة الشيوع فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا وبعد
أن أودع تقريريه الأصلي والتكميلي، أمرت بإدخال باقي الملاك المشتاعين في عقار
التداعي، وإذ ثار نزاع حول الملكية، حكمت المحكمة بوقف دعوى القسمة لحين الفصل
فيه، وأمرت بإحالتها إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية، وقيدت بجدولها برقم ...
لسنة 1994. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره، عادت وندبت لجنة خبراء
ثلاثية، وبعد أن أودعت الأخيرة تقريرها، حكمت بتاريخ 28/6/1999 برفض الدعوى.
استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا "مأمورية شبين
الكوم" بالاستئناف ... سنة 32ق. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره قضت
بتاريخ 29/5/2002 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضده في ملكية حصة قدرها
83.13 ط من 24 ط مشاعا في عقار التداعي، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض،
وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة
في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها كلفت الطاعن بإدخال باقي المحكوم عليهم خصوما
في الطعن، ولدى تنفيذ ذلك القرار، التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالوجه الأول من
السببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في
تطبيقه، إذ قضى بقبول الاستئناف شكلا دون أن يستوثق من أن الحكم المستأنف الصادر
في الدعوى في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية من عدمه، وهي من الدعاوى
التي يرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار، وتقدر باعتبار خمسمائة مثل من قيمة
الضريبة الأصلية المربوطة عليه لكون العقار مبنيا, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان جواز الطعن في الحكم من
عدمه يتعلق بالنظام العام، وأن من الجائز للخصوم أو للنيابة التمسك به، وفي أي
وقت، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، كما أن لهذه المحكمة أن تثيره من تلقاء
نفسها، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون عناصر الفصل فيه مستكملة من واقع الدعوى
والمستندات المقدمة بملف الطعن تقديما صحيحا، فإذا لم تتوافر العناصر الواقعية
التي تمكن محكمة النقض من الفصل فيه، فإنه يعد عاريا عن الدليل. لما كان ذلك،
وكانت الطلبات في الدعوى محل هذا الطعن يرجع في تقدير قيمتها إلى قيمة العقار موضوع
التداعي، وفقا لنص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 37 من قانون المرافعات
المدنية والتجارية، وكانت الضريبة الأصلية المربوطة على العقار هي الأساس في تحديد
هذه القيمة، إذا كان العقار مربوطا عليه ضريبة، فإذا لم يكن مربوطا عليه ضريبة
قدرت المحكمة قيمته، ولما كانت الأوراق قد خلت من هذه العناصر، والتي يتم على
أساسها تحديد قيمة الدعوى وصولا لما إذا كانت تدخل في حدود النصاب الانتهائي
للمحكمة الابتدائية الوارد بنص المادة 47 من ذات القانون من عدمه، فإن النعي على
الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السببين الأول والثاني وبالسبب
الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد
في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول، إن الحكم اتخذ من تقرير الخبير المقدم أمام
محكمة الاستئناف عمادا لقضائه، وانتهى إلى نتيجة مؤداها أن للمطعون ضده حصة قدرها
18.38 ط من 24 ط مشاعا في عقار النزاع، على سند من أنه لم يبعه كامل الحصة التي
آلت إليه بالشراء من والدته السيدة/ ..... بالعقد المؤرخ 6/1/1989، وأنه ما
زال مالكا بموجبه لجزء منها، في حين أن ذلك العقد استبدل بعقد جديد مؤرخ 1/1/1990
تضمن شرائه مجددا منها حصتها الميراثية دون الحصة التي آلت إليها بالشراء من كل
من/ ........ بالعقدين المؤرخين 24/7/1965، 27/3/1971 والتي كانت ضمن البيعة
بالعقد الأول المستبدل، وإذ قضي بصحة ونفاذ العقد الجديد بالحكم الصادر في الدعوى
.... لسنة 1990 مدني محكمة شبين الكوم الابتدائية، باعه المطعون ضده الحصة محل هذا
العقد، بالعقد المؤرخ 13/7/1990، وبموجب ذات العقد باعته البائعة للمطعون ضده
الحصة الأخرى التي آلت إليها بالشراء بالعقدين المشار إليهما سلفا، وقضى بصحة
توقيع البائعين على ذلك العقد الأخير بالحكم الصادر في الدعوى .... لسنة 1991 مدني
محكمة شبين الكوم الابتدائية، وإذ اعتد الحكم بالعقد الملغى دون العقد الجديد
بقالة إن الحكم بصحة التوقيع خلافا للحكم بصحة ونفاذ العقد لا تبحث فيه المحكمة
حقيقة وجود العقد وصحته، وإنما تقتصر مهمتها على التثبت من صحة توقيع البائع عليه،
وهو ما لا يواجه دفاعه ولا يصلح ردا عليه، فإنه يكون معيبا مستوجبا نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر- وعلى ما جرى به قضاء
هذه المحكمة – أنه وإن كان الأصل في العقود أن تكون ملزمة، بمعنى عدم إمكان انفراد
أحد العاقدين بتعديل العقد دون رضاء الطرف الآخر، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من
الاتفاق بينهما على تعديل العقد، وكما يتم ذلك بإيجاب وقبول صريحين يصح أن يكون
ضمنيا، كما أن من المقرر أيضا أن مهمة الخبير المندوب في الدعوى تقتصر على تحقيق
الواقع فيها وإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها
بنفسه دون المسائل القانونية التي يتعين على الحكم أن يقول كلمته فيها. لما كان
ذلك، وكان الواقع الثابت في الدعوى أن زوجة المورث الأصلي لطرفي النزاع ووالدة كل
من الطاعن والمطعون ضده السيدة/ .... كانت قد باعت للأخير بموجب العقد المؤرخ
6/1/1989 حصتها الميراثية في عقار النزاع التي آلت إليها من المورث الأصلي، فضلا
عن الحصة التي اشترتها من ابنتيه/ .....، ..... بالعقدين المؤرخين 24/7/1965،
27/3/1971، في ذات العقار، ثم عادت وأبرمت مع المطعون ضده عقد البيع المؤرخ
1/1/1990، وبموجبه باعته حصتها الميراثية فقط, ومن ثم فإن إرادتيهما بذلك التصرف
تكون قد انصرفت إلى تعديل العقد الأول تعديلا جزئيا بتقابلهما ضمنيا من بيع وشراء
حصة البائعة التي آلت إليها بالشراء بموجب العقدين سالفي الذكر، ولا أدل على ذلك
من أن ذات البائعة له عادت – من بعد – وباعت للطاعن تلك الحصة الأخيرة بالعقد
المؤرخ 13/7/1990، وفي ذات العقد باعه المطعون ضده الحصة المشتراة منها بالعقد
المؤرخ 1/1/1990 والتي آلت إليها بالميراث، بما لا معدي – في هذه الحالة – من
القول بأن إرادة ثلاثتهم قد استقرت بإبرام العقد الأخير على نحو ما تقدم، ومن ثم
أصبحت تلك الحصص الثلاث داخلة في نصيب الطاعن، ولا يغير من ذلك أن العقد الأول
المؤرخ 1/1/1990 كان قد قضى في الدعوى ... لسنة 1990 مدني محكمة شبين الكوم
الابتدائية المرفوعة بصحته ونفاذه بإلحاق محضر الصلح المبرم في شأنه بمحضر الجلسة
وبإثبات محتواه فيه، بينما قضي بصحة التوقيع على العقد الأخير المؤرخ 3/7/1990،
بالحكم الصادر في الدعوى ... لسنة 1991 مدني محكمة شبين الكوم الابتدائية، ذلك أن
الصلح الذي يصدق عليه القاضي لا يعدو أن يكون عقدا ليس له حجية الشيء المحكوم فيه
عند إثباته، فإذا تبين – من بعد - أن طرفي هذا الاتفاق قد تلاقت إرادتهما صراحة أو
ضمنا على إلغاء عقد البيع الذي صدر في شأنه أو التقايل منه أو تعديله، فلا يحاج به
أيهما قبل الآخر، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر،
فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق