باسم الشعب
محكمـة النقـض
الدائرة الجنائية
الأحد ( أ )
--------ـ
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ خالـد مقلد نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشاريـن/ محمد قنديل و مصطفى الدخميسي وأشرف كمال المخزنجي نواب رئيس
المحكمة ومحمد غنيم
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد عوض الله .
وأمين السر السيد / أحمد جوده .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة
القاهرة .
في يوم الأحد 11 من رجب سنة 1440 ه الموافق 17 من مارس سنة 2019 م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 17930 لسنة 87 قضائية .
المرفوع مـن :
....... محكوم عليه
ضد
النيابة العامة
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر في قضيـة الجناية رقم 1421 لسنة
2015 قسم المينا (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 2397 لسنة 2015) . بوصف أنهما في
يوم 11 من يناير سنة 2014 بدائرة قسم المينا - محافظة الإسكندرية .
جلبا جواهر مخدرة عقار الترامادول المخدر بدون ترخيص كتابي من الجهة
الإدارية المختصة وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قررت بجلسة 9 من مارس سنة 2017 بإحالة الأوراق إلى
فضيلة مفتى الجمهورية لاستطلاع الرأي الشرعي فيما نسب للمتهم .
وبجلسة 4 من مايو سنة 2017 قضت المحكمة بإجماع الآراء عملاً بالمواد 1
، 2 ، 3 ، 33/1 بند (أ) ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم
152 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) بمعاقبته بالإعدام وبتغريمه مبلغ مائة ألف
جنيه وبمصادرة الجوهر المخدر .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 9 من مايو سنة 2017 ،
وأودعت مذكرتين بأسباب الطعن الأولى في 28 من يونيه سنة 2017 موقعاً عليها من
الأستاذ/ ..... المحامي ، والثانية في 3 من يوليه سنة 2017 موقعاً عليها من
الأستاذ/ ..... المحامي .
وعرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها
مؤرخة 31/5/2017 .
وبجلسة 4 من نوفمبر سنة 2018 قضت محكمة النقض بقبول الطعن المقدم من
المحكوم عليه شكلاً وعرض النيابة العامة للقضية وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون
فيه وتحديد جلسة 6 من يناير سنة 2019 لنظر موضوع الدعوى مع استمرار حبس الطاعن
وعلى النيابة إحضاره من محبسه بتلك الجلسة . وبالجلسة المحددة وما تلاها من جلسات نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت
المرافعة على النحو المبين بمحضر الجلسة .
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي
المقـرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
حيث أن هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر
الموضوع عملاً بالمادة ٣٩ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ بشأن حالات وإجراءات الطعن
أمام محكمة النقض - المعدل - بعد سماع أمر الإحالة وطلبات النيابة العامة وأقوال
المتهم والمرافعة والاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً .
وحيث إن النيابة العامة أسندت إلى المتهم - وأخر سبق الحكم عليه -
أنهما جلبا جوهراً مخدراً " عقار الترامادول " المخدر بدون ترخيص كتابي
من الجهة الإدارية المختصة وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، وطلبت عقابه
طبقاً لمواد الاتهام وقد ركنت النيابة العامة في إثبات الاتهام قبله إلى ما ورد
بقائمة أدلة الإثبات من أقوال كل من ١- المقدم / عماد فاروق محمد ، ٢- أحمد فاروق
ندا ، ومحمد مصطفى أمين بدوى ، وما ورد بتقرير المعامل الكيماوية ، وما ثبت من
تقرير لجنة الفحص المشكلة بمعرفة النيابة العامة . فقد شهد المقدم / عماد فاروق
محمد أنه نفاذاً لإذن النيابة العامة بضبط الحاويتين رقمي
fciu8191650 ، Bmou4772236 والكشف
عنهما وجرد مشمولهما تبين أنهما يحويان على أقراص مخدرة وأسفرت التحريات أن
المتهمين اشتركا فيما بينهما على استيراد الرسالتين من الخارج وزورا في أوراق
تخصهما وتعامل المتهم الثاني في إنهاء تلك الإجراءات الجمركية التي تخصها وأعزى
قصدهما من ارتكاب تلك الواقعة هو جلب كمية من المخدرات بقصد الإتجار فيها وتحقيق
الربح السريع . وشهد أحمد فاروق ندا - مدير الشئون القانونية بشركة الخليج العربي
للأعمال البحرية - أن المتهم هو الذى قدم كافة الأوراق للإفراج عن تلك الرسالتين
وإنهاء الإجراءات الجمركية وشهد محمد مصطفى أمين بدوى - مدير مصلحة الجمارك -
بمضمون ما شهد به سابقه . وثبت من تقرير المعامل الكيماوية أن العينات المأخوذة من
المضبوطات تحوى جوهر الترامادول المخدر. وأورى تقرير اللجنة المشكلة بمعرفة
النيابة العامة لمجرد محتويات الرسالتين المضبوطتين أن عدد الأقراص الموجودة
بداخلهما واحد وثلاثون مليون وسبعمائة واثنى عشر ألف قرص لجوهر الترامادول المخدر .
وحيث إن ممثل النيابة العامة الحاضر بالجلسة طلب معاقبة المتهم طبقاً
لمواد الاتهام .
وحيث إن المتهم أنكر بالجلسة ما أسند إليه من اتهام وأبدى المحامي
الحاضر معه دفاع يخلص في انتفاء التهمة المسندة إلى المتهم لعدم علمه بمحتويات
الرسالتين وأن دوره قاصر على إنهاء الإجراءات الجمركية بصفته مفوضاً عن الشركة
مالكة الرسالتين " شركة كايرو ملجا " وعدم جدية التحريات ، وعدم مصداقية
وصحة أقوال شهود الإثبات ، وقدم تدليلاً على صحة دفاعه ست حوافظ مستندات طويت
الأولى على صورة ضوئية للحكم الصادر في الدعوى ٧٣٢ لسنة ٢٠١٦ جنايات المنيا
والمقيدة برقم ١٢٦٥ كلي غرب اسكندرية والقاضي ببراءة المتهم من جناية تزوير محرر
واستعماله وتقليد خاتم ، وطويت الثانية على صور ضوئية لخطابات صادرة من شركة
الخليج العربي تفيد إخطار شركة كايرو ملجا بتاريخ ٢٥/١٢/٢٠١٣ بورود عدد حاويتين
بموجب سندات شحن وتم تسليم هذه المستندات إلى من يدعى عمرو ماهر الموظف المختص
بشركة كايرو ملجا ، وأن أصول سندات الشحن للرسالتين للسفير تريدنج ويمثله من يدعى
جمال على عنوان ٨٢ شارع البحر الأعظم محافظة الجيزة ، وطويت الثالثة على صور
تفويضات صادرة من شركة كايرو ملجا إلى المتهم ، وطويت الرابعة على صور ضوئية لعقد
عمل المتهم مع تلك الشركة ، وخطابها بإنهاء خدمته ، وطويت الخامسة على صورة بمحضر
إداري متضمن بلاغ المتهم قبل مدير شركة كايرو ملجا ، وطويت السادسة على صورة بيان
جمركي ، وقد طالعت المحكمة جميع المستندات المقدمة في الدعوى وألمت بما جاء فيها
ومدلولها ، وخلص الدفاع من مرافعته إلى طلب الحكم ببراءة المتهم مما أسند إليه .
وحيث إنه من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تُبنى على الأدلة التي
يقتنع بها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته ، صادرة في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما
يجريه من تحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا
يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو
بعدم صحتها حكماً لسواه وكان من المقرر أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين
عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة ، إلا أنها لا تصلح
بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام ، وهى من
بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق
والكذب إلى أن يُعرف مصدرها ويتحدد ، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر
ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات ، وكان من
المقرر أن القصد الجنائي في جريمة جلب وحيازة مواد مخدرة باعتبارها ركناً من أركان
الجريمة يجب أن يكون ثبوته فعلياً لا افتراضياً فهو لا يتوافر بمجرد تحقق الحيازة
المادية بل يجب أن يقوم الدليل على علم الجاني بأن ما يحوزه هو من الجواهر المخدرة
المحظور جلبها واحرازها قانوناً وإلا كان ذلك إنشاء لقرينه قانونية مبناها افتراض العلم
بالجوهر المخدر من واقع حيازته ، وهو ما لم يمكن إقراره قانوناً ، وكان من المقرر
- كذلك - أن الأحكام الجنائية - يجب أن تبنى بالجزم واليقين على الواقع الذى يثبته
الدليل المعتبر ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المحددة . لما
كان ذلك ، فإن المحكمة لا تسترسل بثقتها إلى ما ركنت إليه النيابة العامة في سبيل
التدليل على صحة الاتهام وصحة إسناده إلى المتهم لقصوره عن بلوغ حد الكفاية لإدراك
القصد الجنائي وذلك لخلو أوراق الدعوى من الدليل اليقيني على علم المتهم بأمر ما
تحويه الرسالتين من أقراص مخدرة ذلك أن الثابت للمحكمة من واقع المستندات المقدمة
في الدعوى وما جرى بها من تحقيقات أن شاهد الإثبات الأول المقدم / عماد فاروق محمد
- معاون مباحث قسم مكافحة جرائم الأموال العامة - أثبت بأقواله ومحاضر الاستدلالات
التي حررها أن تحرياته توصلت إلى قيام شركة " كايرو ملجا " إلى استيراد
رسالتين يحملان خيوط تريكو ويحويان عقاقير مخدرة من المملكة المتحدة إلى ميناء
الدخيلة البحري فأستصدر إذناً من النيابة العامة بندبه مع لجنة من مكافحة التهريب
الجمركي لجرد مشمول الرسالتين وقد ثبت لهم أن الرسالتين يحويان خيوط حريرية وكراتين
لأقراص الترامادول ، ومن ثم تكون رواية هذا الشاهد من أن تحرياته أسفرت على أن
المتهمين اشتركا فيما بينهما على استيراد الرسالتين من الخارج وزورا في أوراق
تخصهما قد أسس بنيان شهادته على شفا جرف هار من الريب والظنون والافتراضات بعد أن
قُضى ببراءة المتهم من تهم التزوير والاستعمال وتقليد خاتم في التفويض الصادر له
من الشركة المذكورة لإنهاء الإجراءات الجمركية الخاصة بالرسالتين ، ويزيدها وهناً
على وهن تجهيل مصدر تحرياته مما لا تستطيع معه المحكمة الوقوف على صحة تلك
التحريات ، كما أن ما جاء بأقوال باقي شهود الاثبات الذين ركنت اليهم النيابة
العامة في ثبوت الاتهام قبل المتهم فلم يأتوا بجديد عن ما هو ثابت بأوراق الدعوى
ومستنداتها أن المتهم يعمل بشركة كايرو ملجا كمستخلص بموجب عقد عمل حرر بتاريخ
١٢/١٠/٢٠١٣ ونهايته ١١/١/٢٠١٤ أي لمدة ثلاثة أشهر فقط وأنه بموجب تفويض صادر له من
هذه الشركة عليه أن يتوجه إلى الشركة الملاحية الخليج العربي لتسليمها بوالص الشحن
الخاصة بالرسالتين واستلام الأوراق اللازمة للإفراج عن هاتين الرسالتين - إذن
التسليم - واتخاذ باقي الإجراءات اللازمة لذلك ، وإذ خلت أقوال الشهود مما يثبت أن
المتهم هو من قام باستيراد الرسالتين ومحتوياتهما ولم يكن له دور حيال ذلك وأن
دوره فقط أقتصر على إنهاء الاجراءات الجمركية دون أن يعلم ما تحويه الرسالتين من
أقراص مخدرة ، فإن المحكمة لا تجد فيما ركنت إليه النيابة من تدليل على صحة
الاتهام قبل المتهم ما يكفى لاقتناعها أن المتهم كان على علم بوجود الأقراص
المخدرة داخل الرسالتين ، وهو ما تنتفى معه أركان جريمة جلب المخدر في حقه ويتعين
لذلك القضاء ببراءته منها عملاً بالمادة ٣٠٤/١ من قانون الإجراءات الجنائية ، مع
مصادرة الأقراص المخدرة المضبوطة عملاً بالمادتين ٤٢/١ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ -
المعدل - ، ٣٠ من قانون العقوبات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: ببراءة المتهم مما أسند إليه و مصادرة الأقراص المخدرة
المضبوطة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق