جلسة 19 من يناير سنة 2014
(الدائرة السابعة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية
السادة الأساتذة المستشارين/ محمد محمد مجاهد راشد، ومحمد علي محمود هاشم، وحسن
محمود سعداوي محمد، ود. مجدي صالح يوسف الجارحي. نواب
رئيس مجلس الدولة
-------------------
(118)
الطعن رقم 37800 لسنة 56 القضائية (عليا)
)أ) دعوى:
تضمن قانون مجلس الدولة بعض القواعد الإجرائية الخاصة، فتكون هي فقط
واجبة الإعمال؛ باعتبار أنها تشكل في مجموعها، وإلى أن يصدر قانون الإجراءات
الخاصة بالقسم القضائي، تنظيما خاصا واجب الإعمال؛ لاتفاقه مع طبيعة المنازعة
الإدارية.
(ب) دعوى:
بطلان الإجراءات- يتعين للقضاء ببطلان إجراء معين، وبصفة خاصة في
المنازعات الإدارية، وعلى الأخص دعاوى الإلغاء التي تقوم على مبدأ المشروعية
وسيادة القانون، أن يثبت بيقين تحقق سبب البطلان، وأن يكون منصوصا على تقريره
صراحة في القانون، أو ألا تتحقق الغاية من الإجراء الباطل حتى الفصل في الدعوى، إذا
لم يكن المشرع قد نص صراحة وبصفة جازمة على البطلان.
)ج) دعوى:
صحيفة الدعوى- وجوب توقيعها من محام مقبول- حددت المادة (25) من قانون
مجلس الدولة إجراءات رفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري، واشترطت أن تكون عريضة
الدعوى موقعة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمامها، دون أن ترتب صراحة
البطلان على عدم مراعاة ذلك, بينما نصت المادة (44) منه على بطلان تقرير الطعن
الذي يودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا إذا لم يوقع من محام مقبول أمام هذه
المحكمة- إغفال القانون النص على الحكم بالبطلان في حالة عدم توقيع عريضة الدعوى
المقامة أمام محكمة القضاء الإداري من محام مقبول أمامها، ليس لأنه لا تبطل
العريضة بإغفال هذا الإجراء، بل لعدم جسامته، على نحو ما قدره المشرع في تقرير
الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا- يجوز تصحيح هذا الإجراء الباطل- الإلزام
الوارد بوجوب توقيع الصحيفة من محام لا يجب أن يفهم بعيدا عن حكمته- تطبيق: إذا
كان أصل صحيفة الدعوى غير موقع من محام، لكن صحيفة الدعوى معدة على أوراق محامٍ
مقبول، ومذيلة باسمه في نهايتها، وكان موكلا فيها توكيلا رسميا قبل تاريخ رفع
الدعوى، وحضر عنه زميل له، ووقع على العريضة بعد أن أقر الأول بأنها قد أعدت
بمعرفته وتحت مسئوليته؛ فإنه لا يجوز القضاء ببطلان صحيفة الدعوى رغم هذا كله؛
لتحقق الغاية من الإجراء.
- المادتان رقما (20) و(23) من قانون المرافعات المدنية والتجارية،
الصادر بالقانون رقم (13) لسنة 1968.
- المواد أرقام (3 إصدار) و(25) و(44) من قانون مجلس الدولة، الصادر
بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972.
- المادتان رقما (37) و(58) من قانون المحاماة، الصادر بالقانون رقم 17
لسنة 1983.
---------------
الوقائع
بتاريخ 3/7/2010 أودع الحاضر عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا تقريرا بالطعن الماثل، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة
11 تسويات) في الدعوى رقم 33285 لسنة 57ق بجلسة 7/6/2010 ببطلان صحيفة الدعوى؛
لعدم توقيعها من محام، وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن -وللأسباب الواردة به- الحكم بإلغاء
الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بإلغاء القرار الإداري رقم 1033 لسنة 2003، مع
ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها تسكين الطاعن علي الفئة (ب) الفنية أخصائي جراحه
عامة، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتم إعلان المطعون ضده بتقرير الطعن علي النحو المقرر قانونا.
واعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه
الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وتدوول الطعن بجلسات المرافعة أمام دائرة الفحص، وذلك على النحو
المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 20/3/2013 قررت الدائرة السابعة (فحص) بالمحكمة
الإدارية العليا إحالة الطعن إلى الدائرة السابعة (موضوع) بالمحكمة الإدارية
العليا، وتدوول الطعن بجلسات المرافعة أمام تلك الدائرة على النحو المبين
بالمحاضر، حيث تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه عند النطق به.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن
كان قد أقام دعواه رقم 33285 لسنة 57ق بتاريخ 29/9/2003 أمام محكمة القضاء
الإداري، وطلب في ختام صحيفتها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار الإداري
رقم 1033 لسنة 2003، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإجراء تسكين المدعي على الفئة
(ب) الفنية أخصائي جراحة عامة، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، استنادا إلى أنه
يعمل بمستشفى العاشر من رمضان للتأمين الصحي بوظيفة (أخصائي جراحة عامة) بالدرجة
الثانية التخصصية، وكان قد رقي إلى (أخصائي جراحة فئة د) في 5/10/1995، وبتاريخ
25/5/2003 صدر قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي المطعون فيه رقم 1033 لسنة
2003 متضمنا تسكين المدعي في وظيفة (أخصائي جراحة عامة بالمستوى الفني على الفئة
ج)، رغم أحقيته في التسكين على الفئة (ب)؛ لذا تظلم من القرار في 31/5/2003، ثم
لجأ إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بالطلب رقم 145 لسنة 2003 فأوصت بالحفظ،
مما دعاه إلى إقامة دعواه الماثلة بالطلبات المبينة سالفا.
- وبجلسة 7/6/2010 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه، وشيدت
المحكمة قضاءها على أساس أنه بمطالعة عريضة الدعوى يتبين أنها غير موقعة من محام،
ورغم أن هيئة مفوضي الدولة قد انتهت إلى بطلان صحيفة الدعوى لعدم توقيعها من محام
منذ عام 2005، إلا أنه لم يتم تصحيح شكل الدعوى بتوقيع العريضة من محام مقبول، ومن
ثم يتعين القضاء ببطلان صحيفة الدعوى لعدم توقيعها من محام.
- وحيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف صحيح أحكام القانون؛
لأن الصحيفة كانت موقعة أصلا من الأستاذ/......... المحامي بالاستئناف على هامش
صدر الصحيفة، ولم يشترط القانون مكانا للتوقيع، كما أنه كان قد تم تصحيح شكل
الدعوى بتوقيع الأستاذ/........... لها نيابة عن زميله: ........، وهو ما تحققت به
الغاية من الإجراء، وتم حجز الدعوى للحكم، وأعيدت الدعوى للمرافعة لتقديم التقارير
الفنية للرؤساء المباشرين، وهو ما يفيد تجاوز المحكمة لمسألة التوقيع.
- وحيث إن قانون مجلس الدولة، الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972،
ينص في المادة الثالثة على أن "تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون،
وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، وذلك إلى أن يصدر قانون
بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي".
وتنص المادة (25) منه على أن: "يقدم الطلب إلى قلم كتاب المحكمة
المختصة بعريضة موقعة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام تلك المحكمة...".
وتنص المادة (44) منه على أنه: "ميعاد رفع الطعن إلى المحكمة
الإدارية العليا ستون يوما من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه. ويقدم الطعن من ذوي
الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة موقع من محام من المقبولين أمامها، ويجب أن
يشتمل التقرير علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم...، فإذا لم يحصل
الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه...".
وتنص المادة (37) من قانون المحاماة، الصادر بالقانون رقم 17 لسنة
1983، معدلا بموجب القانون رقم 227 لسنة 1984 على أن: "للمحامي المقيد بجدول
محاكم الاستئناف حق الحضور والمرافعة أمام جميع محاكم الاستئناف ومحاكم القضاء
الإداري، ولا يجوز قبول صحف الدعاوى أمام هذه المحاكم وما يعادلها إلا إذا كان موقعا
عليها منه، وإلا حكم ببطلان الصحيفة...".
وتنص المادة رقم (58) منه على أنه: "... كما لا يجوز تقديم صحف
الاستئناف أو تقديم صحف الدعاوى أمام محكمة القضاء الإداري إلا إذا كانت موقعة من
أحد المقررين أمامها... ويقع باطلا كل إجراء يتم بالمخالفة لأحكام هذه المادة".
وتنص المادة (20) من قانون المرافعات على أن: "يكون الإجراء
باطلا إذا نص القانون صراحة على بطلانه، أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من
الإجراء. ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء".
وتنص المادة (23) منه على أنه: "يجوز تصحيح الإجراء الباطل ولو
بعد التمسك بالبطلان، على أن يتم ذلك في الميعاد المقرر قانونا لاتخاذ الإجراء،
فإذا لم يكن للإجراء ميعاد مقرر في القانون حددت المحكمة ميعادا مناسبا لتصحيحه.
ولا يعتد بالإجراء إلا من تاريخ تصحيحه".
وحيث إنه على وفق ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإن قانون مجلس الدولة
تضمن بعض القواعد الإجرائية الخاصة التي تضمنتها نصوص خاصة، تكون هي فقط واجبة
الإعمال؛ باعتبار أنها تشكل في مجموعها –وإلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة
بالقسم القضائي– تنظيما خاصا واجب الإعمال لاتفاقه مع طبيعة المنازعة الإدارية، وقد
حددت المادة (25) منه المذكورة سالفا إجراءات رفع الدعوى أمام محكمة القضاء
الإداري، واشترطت أن تكون عريضة الدعوى التي تودع قلم كتاب المحكمة موقعة من محام
مقيد بجدول المحامين المقبولين أمامها، دون أن ترتب البطلان صراحة على عدم مراعاة
ذلك, بينما نصت المادة (44) من القانون على بطلان تقرير الطعن إذا لم يوقع من محام
مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، ومن ثم فإذا لم يحصل إيداع صحيفة الدعوى على
هذا الوجه، فإن المشرع لم ينص صراحة على الحكم ببطلانه، فقد أغفل القانون النص على
الحكم بالبطلان في هذه الحالة، ليس لأنه لا تبطل العريضة بإغفال هذا الإجراء، بل
لعدم جسامته، على نحو ما قدره المشرع من تقرير الطعن أمام المحكمة الإدارية
العليا؛ لما هو ظاهر من ضرورة توفر درجة من الخبرة والكفاية في تقرير الطعن أمامها.
وحيث إنه بتطبيق المبادئ العامة للبطلان المقررة في قانون مجلس الدولة
وقانون المرافعات المدنية والتجارية، فإنه يتعين للقضاء ببطلان إجراء معين -وبصفة
خاصة في المنازعات الإدارية التي تختص بها محاكم مجلس الدولة، وعلى الأخص دعاوى
الإلغاء التي تقوم على مبدأ المشروعية وسيادة القانون التي تمثل أساسا حاكما
للنظام العام في الدولة بجميع سلطاتها وأجهزتها -يتعين- أن يثبت بيقين تحقق سبب
البطلان، وأن يكون منصوصا على تقريره صراحة في القانون، أو ألا تتحقق الغاية من
الإجراء الباطل حتى الفصل في الدعوى، إذا لم يكن المشرع قد نص صراحة وبصفة جازمة
على البطلان.
وحيث إن الثابت أن المشرع لم ينص على البطلان صراحة في حالة عدم توقيع
العرائض المتعلقة بالدعاوى التي تختص بها محاكم مجلس الدولة، فيما عدا المحكمة
الإدارية العليا، وكانت الغاية التي تغياها المشرع من توقيع محام على صحف الدعاوى
وصحف الطعون هي ضمان تحرير هذه الأوراق بمعرفة متخصصين في القانون، حتى تراعى في
تحريرها أحكام القانون, فتقل بقدر الإمكان المنازعات التي تنشأ فيما لو قام
بتحريرها من لا خبرة لهم بممارسة هذه الأمور ذات الطبيعة القانونية، مما يعود
بالضرر على ذوي الشأن؛ لذا فإن الإلزام الوارد بوجوب توقيع الصحيفة من محام لا يجب
أن يفهم بعيدا عن حكمته، ولذلك فإنه إذا قضى الحكم ببطلان الدعوى تأسيسا على خلوها
من توقيع المحامي عليها، دون النظر إلى أنها أعدت بمعرفة المحامي المطبوع اسمه
عليها، وصدرت عنه، مما تتحقق به الغاية من الإجراء على وفق المادة (20) من قانون
المرافعات، والذي يجوز تصحيحه على وفق المادة (23) منه، فإنه يكون مخالفا للقانون.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن أصل صحيفة الدعوى غير موقع من محام، لكن
صحيفة الدعوى معدة على أوراق الأستاذ/ ........ المحامي بالاستئناف العالي، ومذيلة
باسمه في نهاية الصحيفة، وكان موكلا فيها توكيلا رسميا في 25/9/2003 (قبل تاريخ
رفع الدعوى)، كما أنه حضر عن هذا المحامي زميل له ووقع على العريضة بعد أن أقر
الأول بأنها أعدت بمعرفته وتحت مسئوليته، وبإقرار موثق بالشهر العقاري، وإذ قضى
الحكم المطعون فيه ببطلان صحيفة الدعوى رغم هذا كله، فإنه يكون قد صدر مخالفا
لصحيح حكم القانون؛ لتشبثه بإجراء تحققت الغاية منه، وأفصحت الإجراءات عن تجاوزه،
مما يتعين معه الحكم بإلغائه، وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها
مجددا بهيئة مغايرة، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون
فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجددا، بهيئة مغايرة،
وأبقت الفصل في المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق