جلسة 5 من ديسمبر سنة 1973
المؤلفة من السيد نائب
رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل رئيساً والسادة المستشارين/ جودة أحمد غيث
وإبراهيم السعيد ذكرى وإسماعيل فرحات عثمان وجلال عبد الرحيم عثمان - أعضاء.
---------------
(214)
الطعن رقم 26 لسنة 39
القضائية "أحوال شخصية"
(1، 2، 3،4 ) أحوال
شخصية. "النسب". إثبات. "الإقرار". نقص. "مسائل
الواقع". صورية.
(1) النسب يثبت بالإقرار. إنكار الورثة نسب الصغيرة
بعد ثبوته باعتراف المورث. لا أثر له.
(2)نسب اللقيط يثبت بمجرد الدعوة، وهى الإقرار بالنسب. التبني. ماهيته.
لا يترتب على التبني أي حق من الحقوق الثابتة بين الأبناء والآباء.
(3)الادعاء بكذب الإقرار بالنسب استناداً إلى أن المقر عقيم وأن الزوجة
بلغت سن اليأس. وجوب التمسك بذلك أمام محكمة الموضوع.
(4)الإقرار ببنوة مجهول النسب، إن صدقاً أو كذباً. أثره. ثبوت جميع
أحكام البنوة لهذا الولد شرعاً. لا محل للتحدي بصورية الحكم بثبوت النسب بناءً على
الإقرار به.
---------------
1 - النسب يثبت بالإقرار،
وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي، لأن النفي يكون إنكارا بعد الإقرار فلا يسمع،
وإذا أنكر الورثة نسب الصغير بعد الإقرار، فلا يلتفت إليهم، لأن النسب قد ثبت
باعتراف المقر وفيه تحميل لنسب على نفسه، وهو أدرى من غيره بالنسبة لما أقر به،
فيرجح قوله على قول غيره.
2 - متى كان الحكم
المطعون فيه قد رد على ما ادعاه الطاعن من أن الطفل الذي أقر المورث ببنوته هو
اللقيط الذي تسلمه من المستشفى، فإنه مع التسليم بهذا الادعاء، فإن المورث أقر بأن
هذا الطفل هو ابنه ولم يقل أنه يتبناه، وهو قول من الحكم لا مخالفة فيه للقانون
لأن نسب اللقيط يثبت بمجرد الدعوة وهى الإقرار بنسبه، أما التبني وهو استلحاق شخص
معروف النسب إلى أب أو استلحاق مجهول النسب مع التصريح بأنه يتخذه ولداً وليس بولد
حقيقي فلا يثبت أبوة ولا بنوة ولا يترتب عليه أي حق من الحقوق الثابتة بين الأبناء
والآباء.
3 - متى كان الطاعن لم
يقدم ما يدل على أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بكذب الإقرار استنادا إلى
أن المقر عقيم، وأن المطعون عليها الأولى (زوجته) بلغت سن اليأس، وكانت الأسباب
التي استند إليها الحكم المطعون فيه ثبوت النسب فيها الرد الكافي والضمني على ما
تمسك به الطاعن من قرائن وأدله على نفيه، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ
في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون في غير محله.
4 - من المقرر شرعاً أن
من أقر لمجهول النسب أنه ولده فهو معترف ببنوة هذا الولد بنوة حقيقة، وأنه خلق من
مائه، سواء أكان صادقاً في الواقع أم كاذباً فيثبت لهذا الولد شرعاً جميع أحكام
البنوة، غير أنه إذا كان كاذباً في الواقع، كان عليه إثم ذلك الادعاء. لما كان ذلك
فلا محل للتحدي بصورية حكم النسب - الصادر في دعوى سابقة بناءً على الإقرار به -
ويكون النعي على الحكم المطعون فيه، على غير أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى
رقم 88 سنة 1965 أمام محكمة المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية "نفس"
طالباً الحكم له على المطعون عليهم بثبوت وفاة....... في 14/ 9/ 1963 وأن الذي يرثه
بالعضوية أخوه الشقيق....... بنصيب قدره 18 قيراطاً من 24 قيراطاً تنقسم إليها
التركة، ثم وفاة........ في 4/ 12/ 1964 وأن من بين ورثته...... - الطاعن - بنصيب
أصلاً وآيلاً قدره 12 قيراطاً من 24 قيراطاً تنقسم إليها التركة وأمر المطعون
عليهم بتسليمه نصيبه وقيمته 1200 جنيه ومنع تعرض المطعون عليها الأولى في ذلك،
وقال بياناً لدعواه أن عمه المرحوم....... توفى بتاريخ 14/ 9/ 1963 وانحصر ميراثه الشرعي
في زوجتيه المطعون عليهما الأوليين بحق الربع مناصفةً بينهما وفى أخيه
الشقيق....... ويستحق الباقي تعصيباً، ثم توفى الأخير في 4/ 12/ 1964 وانحصر
ميراثه في زوجته - المطعون عليها الثالثة - بحق الربع فرضاً وفى ولدى أخيه الشقيق
المرحوم...... وهما الطاعن والمطعون عليه الأخير تعصيباً، وقد ترك المتوفيان ما
يورث عنهما شرعاً عقارات وأطياناً زراعية وضعت المطعون عليهن الثلاث الأوليات اليد
عليها وامتنعن عن تسليمه نصيبه فيها بغير حق زعماً من المطعون عليها الأولى بأن
لها ولداً يدعى محمد رزقت به من زوجها المرحوم.... مع أنه لقيط وكان مقيداً
باسم....... وتسلمه الزوج من مستشفى أبو الريش بمصر القديمة في 25/ 12/ 1961،
وأقامت عليه المطعون عليها الأولى الدعوى رقم 18 سنة 1962 "أحوال شخصية"
المنصورة الابتدائية بثبوت نسب هذا الصغير منه وأقر الزوج بهذه البنوة وصدر الحكم
بذلك في 12/ 2/ 1962، وإذ كانت الإجراءات التي اتخذت صورية ولا تؤثر على حقوق
الورثة الشرعيين فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته، وبتاريخ 25/ 2/ 1968 حكمت
المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 5 سنة 1968
"أحوال شخصية نفس" المنصورة طالباً إلغاءه والحكم له على المطعون عليهم بنفي
نسب الولد اللقيط "......." إلى ملتقطه المرحوم....... وأن الطاعن يستحق
في تركة المرحوم....... أصلاً وآيلاً 9 قراريط من 24 قيراطا تنقسم إليها التركة
ومنع تعرض المطعون عليها الأولى له في ذلك، وبتاريخ 24/ 5/ 1969 حكمت المحكمة برفض
الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت
النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت
النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
أسباب ثلاثة ينعى الطاعن بالسببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ
في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم قضى برفض دعواه
استناداً إلى إقرار المرحوم........ ببنوة الصغير من المطعون عليها الأولى، في حين
أنه يشترط لصحة الإقرار بالنسب أن يولد مثل الولد لمثل المقر، وأن إقرار
المرحوم........ ظاهر الكذب لأنه عقيم لم ينجب أولاداً طوال حياته رغم أنه تزوج
أكثر من واحدة، يؤيد ذلك أنه تسلم من مستشفى أبو الريش طفلاً لرعايته لأنه لم يرزق
بأولاد، هذا إلى أن الظاهر يكذب المطعون عليها الأولى لأنها عجوز عقيم وبلغت سن
اليأس ولوجود أم للصغير هي ...... ثابت أسمها بشهادة ميلاد الطفل الذي تسلمته
المطعون عليها الأولى مع زوجها من المستشفى، علاوة على التناقض في أقوالها إذ
أنكرت في مبدأ الأمر أنها طلبت مع زوجها تبنى صغير ثم عادت وأقرت بهذه الواقعة،
وقد تمسك الطاعن بكل ذلك في دفاعه أمام محكمة الموضوع، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه
بالإقرار المشار إليه ولم يرد على دفاع الطاعن سالف الذكر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق
القانون وشابه قصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن الحكم المطعون فيه استند في ثبوت نسب الصغير لأبيه المرحوم...... إلى ما
أورده من أن "..... الثابت من الأوراق أن المطلوب نفى نسبة مجهول النسب غير
مميز ممن يولد مثله لمثل المقر المرحوم........ الذي أقر إقرارا قضائيا بأنه ابنه
حيث قرر في القضية رقم 18 سنة 1962 أحوال شخصية كلى المنصورة أن محمد القاصر ابنه
فيكون بذلك قد ثبت نسبه إليه ثبوتاً لا رجعة فيه ولا يجوز قبول أي دليل لنفيه، أما
وقد ثبت هذا النسب فضلاً عن ذلك بالحكم الصادر في القضية سالفة الذكر فلا محل
لإهدار هذا النسب أو التعرض له بأي وجه من أوجه الطعن. ومن حيث إن كلاً من السبب الثاني
والثالث والرابع من أسباب الاستئناف قد تضمن من الأدلة والقرائن ما من شأنه نفى
نسب ......... إلى أبيه الذي أقر بهذا النسب فهو مردود بما سبق ذكره من عدم جواز
قبول دليل أو قرينة أو بينة على نفى هذا النسب، ولما كان الحكم قد أثبت توافر صحة
الإقرار بالنسب على النحو سالف البيان، وكان النسب يثبت بالإقرار وهو بعد الإقرار
به لا يحتمل النفي لأن النفي يكون إنكاراً بعد الإقرار فلا يسمع، وإذا أنكر الورثة
نسب الصغير بعد الإقرار فلا يلتفت إليهم لأن النسب قد ثبت باعتراف المقر وفيه
تحميل النسب على نفسه وهو أدرى من غيره بالنسبة لما أقر به فيرجح قوله على قول
غيره، ولما كان الحكم المطعون فيه قد رد على ما ادعاه الطاعن من أن الطفل الذي أقر
المورث ببنوته هو اللقيط الذي تسلمه من المستشفى - بأنه مع التسليم بهذا الادعاء
فإن المورث أقر بأن هذا الطفل هو ابنه ولم يقل أنه يتبناه - وهو قول من الحكم لا
مخالفة فيه للقانون لأن نسب اللقيط يثبت بمجرد الدعوة وهى الإقرار بنسبه، أما التبني
وهو استلحاق - شخصي معروف النسب إلى أب أو استلحاق مجهول النسب مع التصريح بأنه
يتخذه ولداً وليس بولد حقيقي فلا يثبت أبوة ولا بنوة ولا يترتب عليه أي حق من
الحقوق الثابتة بين الأبناء والآباء، وكان التناقض الذي يدعيه الطاعن إنما ينسبه
لأقوال المطعون عليها الأولى ولا شأن له بإقرار الأب الذي استند إليه الحكم في ثبوت
نسب الصغير، وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع
بكذب الإقرار استناداً إلى أن المقر عقيم وأن المطعون عليها الأولى بلغت سن اليأس،
وكانت الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه في ثبوت النسب فيها الرد الكافي
والضمني على ما تمسك به الطاعن من قرائن وأدله على نفيه، وبحسب قاضى الموضوع أن
يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يذكر دليلها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى
لحمله وما عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مناحي أقوالهم ومختلف حججهم وطلباتهم
ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه في مرافعاتهم ما دام قيام الحقيقة
التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه التعليل الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج
والطلبات، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم المنهج الشرعي الصحيح
ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب في غير محله.
وحيث إن حاصل السبب الثاني
أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 18 سنة
1962 أحوال شخصية المنصورة الابتدائية بثبوت نسب الصغير من المرحوم....... والذي
استند إليه الحكم المطعون فيه في قضاء صدر صورياً، إذ قصدت المطعون عليها الأولى
من رفع تلك الدعوى التحايل على الواقع وعلى القانون فلا يترتب على الحكم الصادر
فيها أي أثر قانوني.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أنه لما كان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه في الرد
على السببين الأول والثالث أنه استند في قضائه إلى الإقرار الصادر من
المرحوم........ ببنوة الصغير.... بمجلس القضاء في الدعوى رقم 18 لسنة 1962
المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية والتي قضي فيها بثبوت نسب هذا الصغير إلى
والده، وكان من المقرر شرعاً أن من أقر لمجهول النسب أنه ولده فهو معترف ببنوة هذا
الولد بنوة حقيقة وأنه خلق من مائه سواء أكان صادقاً في الواقع أم كاذباً، فيثبت
لهذا الولد شرعاً جميع أحكام البنوة، غير أنه إذا كان كاذبا في الواقع كان عليه
إثم ذلك الادعاء، وهو ما أوضحه الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال
إليه في أسبابه بقوله "ولا يغير ذلك ما قرره المدعى - الطاعن - من أن الدعوى
رقم 18 سنة 1962 كلى المنصورة "للأحوال الشخصية" هي دعوى صورية لأنه ليس
هناك محل للدفع بالصورية في هذا المجال ذلك أن الأحكام الشرعية في خصوص الإقرار
بالنسب إنما قررت شرعاً لصالح مجهول النسب أو اللقيط ومصلحة أي منهما محققة في ثبوت
نسبه فيقبل الإقرار به بغير حاجة إلى بينة عليه ولا يقبل نفيه أو الاعتراض عليه
إلا أن يكون المقر له ثابت النسب من قبل غير المقر لما سبق من أن النسب إذ أثبت لا
يقبل الإبطال أو التغيير وهو ما لم يدعه المدعى في دعواه" لما كان ذلك فلا
محل للتحدي بصورية حكم النسب، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على
غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق