جلسة 2 من ديسمبر سنة 1987
برياسة السيد المستشار/
محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان
ومحمد رفيق البسطويسي نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان.
-----------------
(192)
الطعن رقم 7475 لسنة 56
القضائية
(1) دعوى "نظرها".
قضاة "صلاحيتهم لنظر الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الأحوال التي يمتنع فيها
على القاضي نظر الدعوى؟ المادة 247 إجراءات.
(2)حكم "بياناته". استئناف "نظرة والحكم فيه". دعوى
مدنية. بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قوة الشيء المقضي به.
قصر قاعدة إجماع الآراء
في مجال الدعوى الجنائية على حالات تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة. عند
الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة والعقوبة.
الأحكام الشكلية لا يوجب
القانون النص على صدورها بالإجماع.
عدم جواز التعرض للأحكام
التي فصلت في موضوع الدعوى من عيوب لحيازتها قوة الشيء المحكوم فيه.
(3)استئناف "نطاق الاستئناف". معارضه. محكمة النقض
"سلطتها في نظر الطعن". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
استئناف الحكم الصادر في
المعارضة بعدم قبولها أو بعدم جوازها لرفعها عن حكم غير قابل لها يقتصر في موضوعه
على هذا الحكم باعتباره حكماً شكلياً دون أن ينصرف أثر الاستئناف إلى الحكم
الابتدائي الفاصل في الموضوع لاختلاف طبيعة الحكمين. مثال.
(4)استئناف "نظره والفصل فيه". نقض "ما لا يجوز الطعن
فيه من أحكام".
عدم جواز الطعن بالنقض في
الحكم الذي أغفل الفصل في الاستئناف. وجوب الرجوع إلى ذات المحكمة الاستنئافية.
المادة 193 مرافعات.
-------------
1 - المادة 247 من قانون
الإجراءات الجنائية حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي نظراً لدعوى لما بينها
وبين ولاية القضاء من تعارض ومن بين هذه الأحوال أن يكون القاضي قد قام في الدعوى
بعمل مأمور الضبط القضائي أو بوظيفة النيابة العامة أو بعمل من أعمال التحقيق أو
الإحالة، ولما كان امتناع القاضي عن نظر الدعوى في الحالات الواردة في المادة 247
المذكورة إنما يشمل نظرها من حيث شكلها أو موضوعها أو كليهما لورود النص في شأن
نظر الدعوى بصيغة العموم، وكان ما أورده الطاعن بأسباب الطعن - بغرض صحته - أن
رئيس الدائرة الاستئنافية كان مأموراً لتفليسة الطاعن التي ما زالت في مرحلة تحقيق
الديون والتي ضمنها المدعي بالحقوق المدنية قيمة الحجرين الكريمين ضمن دينه
المطلوب اعتماده، لا يعني في حد ذاته أن رئيس الدائرة لدى مباشرته اختصاصه كمأمور
للتفليسة قد أبدى رأياً في التبديد أو اتخذ أي قرار يكشف عن اعتقاده بصحتها ما دام
الطاعن لا يدعي أن هذه الواقعة قد عرضت عليه كأساس لانشغال ذمته بقيمة الحجرين
المشار إليهما، وكانت الإجراءات التي باشرها بالصفة المذكورة لا تعد من أعمال جمع
الاستدلالات أو التحقيق في موضوع جريمة التبديد وقد جاء النعي بشأنها عارياً عن
دليله، فإنه لم يكن هناك ما يمنعه من نظر الدعوى الجنائية والفصل فيها لما هو مقرر
من أن التحقيق في مفهوم حكم المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية - كسبب
لامتناع القاضي عن الحكم - هو ما يجريه القاضي أو يصدره في نطاق الدعوى الجنائية
سواء بصفته سلطة تحقيق أو حكم، ولا كذلك التحقيق الذي يقوم به قاضي المحكمة
التجارية في دعوى إفلاس في نطاق اختصاصه القانوني.
2 - وجوب إجماع قضاة
المحكمة طبقاً لنص المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية يقتصر - في مجال الدعوى
الجنائية - على حالات تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة عند الخلاف في تقدير
الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة، أما الأحكام الشكلية فلا يوجب القانون النص على
صدورها بالإجماع، وذلك هو شأن الحكم المطعون فيه والحكم الغيابي الاستئنافي الصادر
بتأييد الحكم في المعارضة الابتدائية القاضي بعدم قبولها لرفعها عن حكم غير قابل
لها، وهي الأحكام التي لا يستطيل إليها ما يكون قد شاب الأحكام السابقة عليها
الفاصلة في الموضوع من بطلان لعدم صدورها بإجماع آراء القضاة في الحالات التي
تستوجب ذلك، إذ لا يصح الخوض في الأحكام الأخيرة التي فصلت وحدها في موضوع الدعوى
وحازت قوة الشيء المحكوم فيه.
3 - من المقرر أن استئناف
الحكم الصادر في المعارضة بعدم جوازها أو بعدم قبولها لرفعها عن حكم غير قابل لها
يقتصر في موضوعه على هذا الحكم باعتباره حكماً شكلياً قائماً بذاته دون أن ينصرف
أثر الاستئناف إلى الحكم الابتدائي الفاصل في الموضوع لاختلاف طبيعة الحكمين -
كالشأن في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الصادر بعدم قبول
المعارضة الابتدائية لم يتعرض للحكم الصادر بالإدانة، وكان الطعن بالنقض قد انصب
على الحكم المطعون فيه الذي لم يفصل إلا في تأييد الحكم الصادر بعدم قبول
المعارضة، فإن الحكم الابتدائي القاضي في موضوع الدعوى بالإدانة يكون قد حاز قوة
الأمر المقضي بالنسبة للاستئناف الذي تحدد نطاقه بالحكم الصادر من محكمة أول درجة
بعدم قبول المعارضة، مما لا يجوز معه للمحكمة الاستئنافية أن تعرض لباقي ما أثاره
الطاعن متعلقاً بموضوع الدعوى من أوجه دفاع ودفوع لا تتصل بها تلك المحكمة ولا
تلتزم بالرد عليها إزاء ما انتهت إليه من تأييد الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول
المعارضة الابتدائية.
4 - إغفال المحكمة
الاستئنافية الفصل في الاستئناف فإن الطريق السوي أمام صاحب الشأن إنما هو الرجوع
إلى ذات المحكمة الاستئنافية بطلب الفصل فيما أغفلته وذلك إعمالاً لنص المادة 193
من قانون المرافعات التي يرجع إليها لخلو قانون الإجراءات الجنائية من إيراد قاعدة
تنظيم حالة إغفال المحكمة الجنائية الفصل في بعض الطلبات المطروحة عليها.
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق
المدنية ودعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح... ضد الطاعن بوصفه أنه:
اختلس المنقولات (حجرين من الماس) على النحو الوارد بعريضة الدعوى وطلب عقابه
بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد
وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت
غيابياً أولاً: باعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً لدعواه المدنية. ثانياً:
ببراءة المتهم مما نسب إليه.
استأنف كل من النيابة
العامة والمدعي بالحقوق المدنية. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة
استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم
المستأنف وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل فيها مجدداً.
ومحكمة أول درجة - مجدداً
قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بحبسه شهراً مع الشغل
وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ.
عارض المحكوم عليه. وقضى
في معارضته. بعدم قبول المعارضة لرفعها عن حكم حضوري اعتباري لم تتوفر له شروط
قبول المعارضة فيه.
استأنف. ومحكمة جنوب
القاهرة (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه
وتأييد الحكم المستأنف.
عارض, وقضى في معارضته
بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ.....
و...... المحاميان نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه البطلان والقصور في التسبيب، وذلك بأن رئيس
الدائرة الاستئنافية التي أصدرته والحكم الغيابي الاستئنافي كان فاقداً صلاحية
الفصل في الدعوى إذ سبق له مباشرة إجراءات تحقيق ديون الطاعن ومنها قيمة الحجرين
الكريمين المقول بتبديدهما وذلك بصفته مأموراً لتفليسة الطاعن في الدعوى رقم 43
لسنة 1973 تجاري كلي جنوب القاهرة، وقد ألغى الحكم الاستئنافي الصادر بجلسة 13 من
ديسمبر سنة 1978 حكم محكمة أول درجة بتاريخ 19 من مارس سنة 1973 القاضي ببراءة
الطاعن دون أن ينعى فيه على صدوره بإجماع آراء القضاة وهو ما يبطله بطلاناً يستطيل
إلى الحكم الابتدائي الصادر بعد إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة وإلى الحكم المطعون
فيه كليهما.
ومن حيث إن المادة 247 من
قانون الإجراءات الجنائية حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي نظراً الدعوى
لما بينها وبين ولاية القضاء من تعارض ومن بين هذه الأحوال أن يكون القاضي قد قام
في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي أو بوظيفة النيابة العامة أو بعمل من أعمال
التحقيق أو الإحالة، وهو نص مقتبس مما ورد في المادة 46 من قانون المرافعات
(المقابلة للمادة 313 مرافعات قديم) ومتعلق بالنظام العام. وقد جاء في المذكرة
الإيضاحية المصاحبة لقانون الإجراءات الجنائية تعليقاً على ذلك النص أن أساس وجوب
امتناع القاضي عن نظر الدعوى هو قيامه بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات
شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى ليستطيع أن يزن
حجج الخصوم وزناًَ مجرداً. لما كان ذلك، وكان امتناع القاضي عن نظر الدعوى في
الحالات الواردة في المادة 247 المذكورة إنما يشمل نظرها من حيث شكلها أو موضوعها
أو كليهما لورود النص في شأن نظر الدعوى بصيغة العموم، وكان ما أورده الطاعن
بأسباب الطعن - بغرض صحته - أن رئيس الدائرة الاستئنافية كان مأموراً لتفليسة
الطاعن التي ما زالت في مرحلة تحقيق الديون والتي ضمنها المدعي بالحقوق المدنية
قيمة الحجرين الكريمين ضمن دينه المطلوب اعتماده، لا يعني في حد ذاته أن رئيس
الدائرة لدى مباشرته اختصاصه كمأمور للتفليسة قد أبدى رأياً في واقعة التبديد أو
اتخذ أي قرار يكشف عن اعتقاده بصحتها ما دام الطاعن لا يدعي أن هذه الواقعة قد
عرضت عليه كأساس لانشغال ذمته بقيمة الحجرين المشار إليهما، وكانت الإجراءات التي
باشرها بالصفة المذكورة لا تعد من أعمال جمع الاستدلالات أو التحقيق في موضوع
جريمة التبديد وقد جاء النعي بشأنها عارياً عن دليله، فإنه لم يكن هناك ما يمنعه
من نظر الدعوى الجنائية والفصل فيها لما هو مقرر من أن التحقيق في مفهوم حكم
المادة 347 من قانون الإجراءات الجنائية - كسب لامتناع القاضي عن الحكم - هو ما
يجريه القاضي أو يصدره في نطاق الدعوى الجنائية سواء بصفته سلطة تحقيق أو حكم، ولا
كذلك التحقيق الذي يقوم به قاضي المحكمة التجارية في دعوى إفلاس في نطاق اختصاصه
القانوني - كما هو الحال في الدعوى. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم في هذا
الخصوص - بفرض صحة ما يثيره الطاعن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان وجوب إجماع
قضاة المحكمة طبقاً لنص المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية يقتصر في مجال
الدعوى الجنائية - على حالات تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة عند الخلاف في
تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة، أما الأحكام الشكلية فلا يوجب القانون النص
على صدورها بالإجماع، وذلك هو شأن الحكم المطعون فيه والحكم الغيابي الاستئنافي
الصادر بتأييد الحكم في المعارضة الابتدائية القاضي بعدم قبولها لرفعها عن حكم غير
قابل لها، وهي الأحكام التي لا يستطيل إليها ما يكون قد شاب الأحكام السابقة عليها
الفاصلة في الموضوع من بطلان لعدم صدورها بإجماع آراء القضاة في الحالات التي
تستوجب ذلك، إذ لا يصح الخوض في الأحكام الأخيرة التي فصلت وحدها في موضوع الدعوى
وحازت قوة الشيء المحكوم فيه، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير
محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن استئناف الحكم الصادر في المعارضة بعدم
جوازها أو بعدم قبولها لرفضها عن حكم غير قابل لها يقتصر في موضوعه على هذا الحكم
باعتباره حكماً شكلياً قائماً بذاته دون أن ينصرف أثر الاستئناف إلى الحكم
الابتدائي الفاصل في الموضوع لاختلاف طبيعة الحكمين - كالشأن في الدعوى، وكان
الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الصادر بعدم قبول المعارضة الابتدائية لم
يتعرض للحكم الصادر بالإدانة، وكان الطعن بالنقض قد انصب على الحكم المطعون فيه
الذي لم يفصل إلا في تأييد الحكم الصادر وبعدم قبول المعارضة، فإن الحكم الابتدائي
القاضي في موضوع الدعوى بالإدانة يكون قد حاز قوة الأمر المقضي بالنسبة للاستئناف
الذي تحدد نطاقه بالحكم الصادر من محكمة أول درجة بعدم قبول المعارضة، مما لا يجوز
معه للمحكمة الاستئنافية أن تعرض لباقي ما أثاره الطاعن متعلقاً بموضوع الدعوى من
أوجه دفاع ودفوع لا تتصل بها تلك المحكمة ولا تلتزم بالرد عليها إزاء ما انتهت
إليه من تأييد الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول المعارضة الابتدائية, ومن ثم فإن
ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه من أوجه نعي في هذا الشأن تكون غير مقبولة. ولا
يغير من ذلك - وعلى ما يبين من المفردات - أن يكون الطاعن قد قرر بتاريخ 2 من
يونيو باستئناف الحكم الصادر من محكمة أول درجة في التاريخ ذاته حضورياً اعتبارياً
بالإدانة هو الذي قرر بالطعن فيه بالمعارضة أيضاً - ما دام أن المحكمة الاستئنافية
فيه أغفلت الفصل في الاستئناف، لأن الطريق السوي أمام صاحب الشأن إنما هو الرجوع
إلى ذات المحكمة الاستئنافية بطلب الفصل فيما أغفلته بذلك إعمالاً لنص المادة 193
من قانون المرافعات التي رجع إليها لخلو قانون الإجراءات الجنائية من إيراد قاعدة
تنظم حالة إغفال المحكمة الجنائية الفصل في بعض الطلبات المطروحة عليها. لما كان
ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق