الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 1 أبريل 2021

الطعن 823 لسنة 76 ق جلسة 23 / 3 / 2014 مكتب فني 65 ق 71 ص 427

جلسة 23 من مارس سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ عبد الله عمر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سمير فايزي عبد الحميد، أحمد فتحي المزين، محمد حسن عبد اللطيف وحاتم أحمد سنوسي نواب رئيس المحكمة.
----------------
(71)
الطعن 823 لسنة 76 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لإجراءات الدعوى: سلطة محكمة الموضوع في تقدير جدية الدفوع المبداة من الخصوم: لفت نظر الخصوم إلى مقتضيات الدفاع وتقديم أدلته".
محكمة الموضوع. عدم التزامها تكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضياته. حسبها أن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله. تقاعس الطاعن عن تنفيذ الحكم الصادر باستجوابه ثم النعي على الحكم بعدم تنفيذ ما ورد بذلك الحكم. غير مقبول.

(2 ، 3) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء لتكرار التأخير في الوفاء بالأجرة: مبررات تكرار التأخير في الوفاء بالأجرة".
(2) تكرار امتناع المستأجر أو تأخره عن الوفاء بالأجرة الموجب لإخلائه. المقصود به. ثبوت مرده على عدم الوفاء بها في مواعيدها المرة تلو الأخرى. قيام المستأجر بالوفاء بالأجرة قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى. لا يغني عن وجوب الحكم بالإخلاء ما لم يقدم مبررات لهذا التأخير تقدرها المحكمة. م 18/ ب من ق 136 لسنة 1981.

(3) قضاء الحكم المطعون بتأييد حكم أول درجة بإخلاء الطاعن لتكرار تأخره في الوفاء بالأجرة استنادا لسبق توقيه الإخلاء بالوفاء بالأجرة في دعوى سابقة وعدم تقديم مبررات لتكرار تأخره في الدعوى الراهنة. استخلاص سائغ. النعي عليه غير مقبول.

(4 ، 5) التزام "مصادر الالتزام: الإثراء بلا سبب: دفع غير المستحق". عقد "أركان العقد وشروط انعقاده: عيوب الإرادة: الإكراه".
(4) الإثراء بلا سبب. من تطبيقاته. رد غير المستحق. شروطه.

(5) رد ما دفع بغير وجه حق. لا محل له إذا كان الموفي يعلم أنه غير ملزم بالوفاء. الإكراه المبطل للوفاء والمسوغ للرد، ماهيته. الضغط الذي تتأثر به إرادة الشخص وتفقده الحرية والاختيار، لا عبرة بمشروعية الوسيلة المستخدمة في الإكراه. علة ذلك.

(6 - 10) التزام "مصادر الالتزام: الإثراء بلا سبب: دفع غير المستحق". إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: الاستثناءات الواردة على أسباب الإخلاء: حظر تقاضي مقدم للإيجار". تقادم "التقادم المسقط: وقف التقادم".
(6) حظر تقاضي مبالغ إضافية بسيدي تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه. سريانه على المؤجر سواء كان مالكا أو مستأجرا يبتغي التأجير لغيره. مخالفة هذا الحظر. جريمة معاقب عليها بالحبس والغرامة. م 26، 77ق 49 لسنة 1977.

(7) الجرائم التي وقعت في ظل العمل بالقانونين 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981. استمرار خضوعها لأحكامها رغم صدور ق 4 لسنة 1996. علة ذلك.

(8) سقوط الحق في استرداد ما دفع بغير وجه حق. مدته. انقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدافع بحقه في الاسترداد أو بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم الوفاء بالالتزام أيهما أقصر. م 187 مدني.

(9) الجهل بالحق في استرداد ما دفع بغير حق. لا يمنع من سريان التقادم ولا يترتب عليه وقفه.

(10) طلب الطاعن رد المطعون ضده لمبالغ تقاضاها خارج نطاق عقد الإيجار. من دعاوي رد غير المستحق. مؤداه. خضوعها للتقادم الثلاثي. م 187 مدني. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بسقوط حق الطاعن بالتقادم الثلاثي لإقامة دعواه بعد المدة المشار إليها. قضاء صحيح. النعي عليه غير مقبول.

(11) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب الوارد على غير محل".
أسباب الطعن بالنقض. وجوب أن ينصب النعي على عيب قام عليه الحكم. وروده على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه. غير مقبول.
----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع، وحسبها أن تقيم قضاءها وفقا للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر الجلسات أمام محكمة الاستئناف أنها أصدرت حكمها بتاريخ 23/ 2/ 2000 باستجواب الطاعن عما إذا كان قد تقدم بطلب للجنة تحديد الأجرة المختصة لتحديد أجرة عين التداعي منعدمه، وحددت لذلك جلسة 23/ 5/ 2005 لتنفيذه ثم تأجلت الدعوى عدة مرات لتقديم مذكرات بشأن هذا الاستجواب، وإذ تقاعس الطاعن فلم يقدم خلالها أي مستندات في هذا الخصوص لحين حجز الدعوى للحكم النهائي، وكانت المحكمة غير ملزمة بلفت نظر الخصوم لتقديم الدليل على أوجه ومقتضيات دفاعهم، ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب غير مقبول.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المقصود بتكرار التأخير في الوفاء بالأجرة فيما يعنيه نص المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981، أن يكون المستأجر قد مرد على عدم الوفاء بالأجرة في مواقيتها المرة تلو الأخرى ثم القيام بأدائها قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى التي يضطر المؤجر إلى رفعها نتيجة هذا المسلك بما ينبئ عنه ذلك من إعنات للمؤجر ومشاغبة له باضطراره إلى اللجوء للقضاء أكثر من مرة لإخلاء المستأجر وإساءة الأخير لاستعمال رخصة توقي الحكم بالإخلاء التي منحها له القانون، ولذا فقد عمد المشرع إلى الحد من استعمال المستأجر لهذه الرخصة، فحرمه من الالتجاء إليها أكثر من مرة ما لم يقدم مبررات للتأخير عن الوفاء تقدرها المحكمة.

3 - إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالإخلاء لتكرار تأخر الطاعن في سداد الأجرة استنادا إلى أنه قد سبق تأخره في سداد الأجرة فأقام المطعون ضده قبله الدعوى رقم ... لسنة 97 طنطا وقضى فيها بالفسخ وتوقي الطاعن الإخلاء بسداده الأجرة المطالب بها في الاستئناف رقم ... لسنة 48ق طنطا، وأنه لم يقدم في الدعوى الحالية مبررات تقبلها المحكمة لتكرار تأخره في سداد الأجرة، وكان هذا من الحكم استخلاصا سائغا وكافيا لحمل قضائه، ومن ثم يضحى النعي غير مقبول، ولا يغير من ذلك ما أثاره الطاعن من أن هناك نزاع جدي في مقدار الأجرة المطالب بها حسبما هو ثابت بالحكم الناقض رقم ... لسنة 72ق المشار إليه، إذ إن الحكم المطعون فيه قد انتهى سديدا إلى أن الأجرة الاتفاقية الواردة بعقد الإيجار سند الدعوى هي الأجرة القانونية المستحقة لعين النزاع على سند من ثبوت إنشاء العقار في ظل سريان القانون 136 لسنة 1981 وعدم تظلم الطاعن إلى لجنة تقدير الأجرة المختصة باعتبارها جهة طعن في هذا الخصوص، فتضحى حالة المثل غير منتجة في النزاع المطروح.

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الإثراء بلا سبب والذي من تطبيقاته رد غير المستحق يتحقق بتوفر شروط ثلاثة: أولها إثراء المدين أو اغتناؤه، ولا يكون ذلك إلا بدخول قيمة ما يثري به في ذمته المالية، والثاني: أن يقابل هذا الإثراء افتقار الدائن بسبب انتقال عين أو قيمة أداها، والثالث: أن يكون للإثراء الحادث أو الافتقار المترتب عليه سبب قانوني يبررهما.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد النص في المادة 181 من القانون المدني يدل على أنه لا محل للرد إذا كان الدفع عن بصيرة وترو، أي عن علم الدافع بأنه غير ملزم بما دفعه إلا أن يكون قد أكره على الوفاء، وأن الإكراه الذي عناه المشرع بهذا النص المبطل للوفاء الذي حصل بناء عليه والذي يسمح بالرد هو الضغط الذي تتأثر به إرادة الشخص ويدفعه إلى الوفاء تحت تأثير الرهبة التي تقع في نفسه لا عن حرية واختيار، ولا عبرة بالوسيلة المستخدمة في الإكراه متى كان هذا الوفاء بغير حق باعتبار أن الأعمال المشروعة قانونا لا يمكن أن يترتب عليها إبطال ما ينتج عنها.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادتين 26، 77 من القانون 49 لسنة 1977 - في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - يدل على أن المشرع حظر على المؤجر أن يتقاضى أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد، سواء كان المؤجر مالكا للعقار أو مستأجرا يبتغي تأجيره لغيره، فتقوم في جانبه حينئذ صفة المؤجر بمناسبة تحرير عقد الإيجار وهما مناط هذا الحظر، واعتبر المشرع مخالفة هذا الحظر جريمة معاقب عليها بالحبس والغرامة، وأوجب الحكم على المخالف أن يرد إلى صاحب الشأن المبالغ الزائدة التي تقاضاها منه.

7 - المقرر - بقضاء الهيئة العامة للمواد الجنائية لمحكمة النقض - أن الجرائم التي وقعت طبقا لنصوص القانونين رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 ومن بينها النصوص التي أثمت تقاضي مقدم إيجار يزيد عن المقرر قانونا تظل قائمة خاضعة لأحكامها حتى بعد صدور القانون رقم 4 لسنة 1966 والعمل بأحكامه ولا يمتد إليها أحكام هذا القانون بأثر رجعي لتخلف مناط إعمال هذا الأثر.

8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الحق في استرداد ما دفع بغير حق يسقط بالتقادم بانقضاء أقصر المدتين، إما بانقضاء ثلاث سنوات تسري من اليوم الذي يعلم فيه الدافع بحقه في الاسترداد، أو بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم قيام الالتزام أي من يوم الوفاء.

9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الجهل بالحق في استرداد ما دفع بغير حق لا يمنع من سريان التقادم، ولا يعد من الموانع التي يترتب عليها وقف التقادم بعد سريانه طبقا للمادة 382 من القانون المدني.

10 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن استأجر عين النزاع بالعقد المؤرخ 2/ 3/ 1986 وأقام الدعوى رقم ... لسنة 2001 مساكن كلي طنطا بصحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 8/ 2/ 2001، وكان من بين طلباته فيها إلزام المطعون ضده برد مقدم الإيجار البالغ مقداره عشرة آلاف جنيه على سند من أن الأخير تقاضاه خارج نطاق عقد الإيجار ورفض خصمه وهو ما يشكل جريمة عملا بنص المادتين 26، 77 من القانون 49 لسنة 77 والمادتين 6، 25 من القانون رقم 136 لسنة 1981، وقد خلت الأوراق مما يدل على إقامة الدعوى الجنائية على المطعون ضده بهذا الخصوص، وكان الطاعن عالما بأن أدائه لهذا المبلغ المقال به إلى المطعون ضده بغير وجه حق من القانون وبمناسبة تحرير عقد الإيجار سند الدعوى منذ وقت الوفاء به، فإن دعوى الطاعن بشأنه تكون من دعاوي طلب رد غير المستحق التي يسري عليها التقادم الثلاثي المنصوص عليه بالمادة 187 من القانون المدني من يوم الوفاء بالمبلغ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى القضاء بسقوط الحق في هذا الطلب بالتقادم سالف الذكر بعد تمسك المطعون ضده بذلك الدفع، فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح ويضحى النعي على غير أساس.

11 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الطعن بالنقض يعني مخاصمة الحكم المطعون فيه، بما يتعين أن ينصب النعي على عيب قام عليه هذا الحكم، فإذا خلا ذلك العيب الموجه إليه كان النعي واردا على غير محل، ومن ثم فهو غير مقبول، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهي صحيحا في طلب الطاعن استرداد ما تقاضاه المطعون ضده من مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار إلى انقضاء حقه في تلك المطالبة بالتقادم الثلاثي المشار إليه على النحو سالف البيان، ووقف الحكم عند هذا الحد دون أن يعرض الموضوع هذا الطلب - وما كان أن يعرض له -، فإن النعي بهذا السبب - أيا كان وجه الرأي فيه - يكون واردا على غير محل من قضاء الحكم، ومن ثم فهو غير مقبول.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 2001 مساكن طنطا الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 2/ 3/ 1986 وإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقال بيانا لذلك إنه بموجب ذلك العقد يستأجر منه الطاعن تلك الشقة لقاء أجرة مقدارها ستون جنيها شهريا إلا أنه تأخر في سداد الأجرة عن المدة من مايو 1999 وحتى يناير 2001 وقد سبق له التأخير في الوفاء بها والثابت بالدعوى رقم ... لسنة 1997 مساكن طنطا الابتدائية والتي قضى فيها بالرفض لتوقيه الإخلاء بالسداد فأقام الدعوى، كما أقام الطاعن على المطعون ضده الدعوى رقم ... لسنة 2001 مساكن طنطا الابتدائية بطلب الحكم بتخفيض القيمة الإيجارية للشقة محل النزاع إلى 32 جنيها شهريا ورد مبلغ 13936 جنيها، على سند من أن الأجرة السنوية لهذه العين 384 جنيها وفقا لما هو ثابت بسجلات الضرائب العقارية، وأن المطعون ضده تقاضى منه مبلغ عشرة آلاف جنيه خارج نطاق عقد الإيجار،ضمت المحكمة الدعويين للارتباط وحكمت في الأولى بالفسخ والتسليم وفي الثانية برفضها. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم ... لسنة 51 ق، وبتاريخ 26/ 3/ 2002 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 72ق، وبتاريخ 23/ 3/ 2003 حكمت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة استئناف طنطا، وبعد أن عجل الطاعن الاستئناف، قضت المحكمة بتاريخ 20/ 12/ 2005 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا، وإذ عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن المحكمة قد أحالت الدعوى إلى الاستجواب لاستجواب الطاعن بشأن عما إذا كان قد تقدم بطلب اللجنة تحديد الأجرة المختصة لتحديد أجرة عين التداعي وفقا للأسس القانونية من عدمه، إلا أن المحكمة حجزت الدعوى للحكم وأصدرت الحكم المطعون فيه دون تنفيذ حكم الاستجواب سالف الذكر، مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع، وحسبها أن تقيم قضاءها وفقا للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر الجلسات أمام محكمة الاستئناف أنها أصدرت حكمها بتاريخ 23/ 2/ 2000 باستجواب الطاعن عما إذا كان قد تقدم بطلب للجنة تحديد الأجرة المختصة لتحديد أجرة عين التداعي من عدمه وحددت لذلك جلسة 23/ 5/ 2005 لتنفيذه ثم تأجلت الدعوى عدة مرات لتقديم مذكرات بشأن هذا الاستجواب، وإذ تقاعس الطاعن فلم يقدم خلالها أي مستندات في هذا الخصوص لحين حجز الدعوى للحكم النهائي وكانت المحكمة غير ملزمة بلفت نظر الخصوم لتقديم الدليل على أوجه ومقتضيات دفاعهم، ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب غير مقبول.

وحيث ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الثاني القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على سند من أن الدعوى رقم ... لسنة 1997 مساكن طنطا الابتدائية تعد سابقة على التكرار في حين أنه لا يوجد تماثل بينها وبين الدعوى الحالية رقم ... لسنة 2001 مساكن طنطا الابتدائية لوجود نزاع جدي في مقدار الأجرة وهو ما قضت به محكمة النقض في الطعن رقم ... لسنة 72ق بنقض الحكم الصادر في الدعوى الماثلة وإعادتها لمحكمة الاستئناف، ومن ثم لا تتوفر شروط التكرار في الدعوى الراهنة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا مما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المقصود بتكرار التأخير في الوفاء بالأجرة فيما يعنيه نص المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن يكون المستأجر قد مرد على عدم الوفاء بالأجرة في مواقيتها المرة تلو الأخرى ثم القيام بأدائها قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى التي يضطر المؤجر إلى رفعها نتيجة هذا المسلك بما ينبئ عنه ذلك من إعنات للمؤجر ومشاغبة له باضطراره إلى اللجوء للقضاء أكثر من مرة لإخلاء المستأجر وإساءة الأخير لاستعمال رخصة توقي الحكم بالإخلاء التي منحها له القانون، ولذا فقد عمد المشرع إلى الحد من استعمال المستأجر لهذه الرخصة فحرمه من الالتجاء إليها أكثر من مرة ما لم يقدم مبررات للتأخير عن الوفاء تقدرها المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالإخلاء لتكرار تأخر الطاعن في سداد الأجرة استنادا إلى أنه قد سبق تأخره في سداد الأجرة فأقام المطعون ضده قبله الدعوى رقم ... لسنة 97 طنطا وقضى فيها بالفسخ وتوقي الطاعن الإخلاء بسداده الأجرة المطالب بها في الاستئناف رقم ... لسنة 48ق طنطا، وأنه لم يقدم في الدعوى الحالية مبررات تقبلها المحكمة لتكرار تأخره في سداد الأجرة، وكان هذا من الحكم استخلاصا سائغا وكافيا لحمل قضائه، ومن ثم يضحى النعي غير مقبول، ولا يغير من ذلك ما أثاره الطاعن من أن هناك نزاع جدي في مقدار الأجرة المطالب بها حسبما هو ثابت بالحكم الناقض رقم ... لسنة 72ق المشار إليه، إذ إن الحكم المطعون فيه قد انتهى سديدا إلى أن الأجرة الاتفاقية الواردة بعقد الإيجار سند الدعوى هي الأجرة القانونية المستحقة لعين النزاع على سند من ثبوت إنشاء العقار في ظل سريان القانون 136 لسنة 1981 وعدم تظلم الطاعن إلى لجنة تقدير الأجرة المختصة باعتبارها جهة طعن في هذا الخصوص، فتضحى حالة المثل غير منتجة في النزاع المطروح.

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السببين الأول والثاني والوجه الأول من السبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه اضطر إلى دفع عشرة آلاف جنيه للمطعون ضده كمقدم إيجار ورفض الأخير إثبات ذلك كتابة لتقاضيه ذلك المبلغ خارج نطاق العقد بالمخالفة لأحكام القانون 136 لسنة 1981، ثم تتصل من التزامه الشفوي بخصم نصف القيمة الإيجارية الشهرية من المقدم المدفوع، وأن الدعوى بطلب رده تخضع لقانون إيجار الأماكن الاستثنائي ولا تسقط إلا بالتقادم المنصوص عليه بالمادة 374 مدني، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بسقوط الحق بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه بالمادة 187 من القانون المدني، فإنه يكون معيبا مما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الإثراء بلا سبب والذي من تطبيقاته رد غير المستحق يتحقق بتوفر شروط ثلاثة: أولها: إثراء المدين أو اغتناؤه، ولا يكون ذلك إلا بدخول قيمة ما يثري به في ذمته المالية، والثاني: أن يقابل هذا الإثراء افتقار الدائن بسبب انتقال عين أو قيمة أداها، والثالث: أن يكون للإثراء الحادث أو الافتقار المترتب عليه سبب قانوني يبررهما، ومن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 181 من القانون المدني على أنه "1- كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقا له وجب عليه رده. 2- على أنه لا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم أنه غير ملزم بما دفعه، إلا أن يكون ناقص الأهلية، أو يكون قد أكره على هذا الوفاء." يدل على أنه لا محل للرد إذا كان الدفع عن بصيرة وترو، أي عن علم الدافع بأنه غير ملزم بما دفعه إلا أن يكون قد أكره على الوفاء، وأن الإكراه الذي عناه المشرع بهذا النص المبطل للوفاء الذي حصل بناء عليه والذي يسمح بالرد هو الضغط الذي تتأثر به إرادة الشخص ويدفعه إلى الوفاء تحت تأثير الرهبة التي تقع في نفسه لا عن حرية واختيار، ولا عبرة بالوسيلة المستخدمة في الإكراه متى كان هذا الوفاء بغير حق باعتبار أن الأعمال المشروعة قانونا لا يمكن أن يترتب عليها إبطال ما ينتج عنها، ومن المقرر - أيضا - أن النص في المادة 26 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه "لا يجوز للمؤجر مالكا كان أو مستأجرا بالذات أو بالوساطة اقتضاء أي مقابل أو أتعاب بسبب تحرير العقد أو أي مبلغ إضافي خارج نطاق عقد الإيجار زيادة على التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد ..." وفي المادة 77 منه على "أن يعاقب كل من يخالف حكم المادة 26 من هذا القانون ... بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة تعادل مثلي المبلغ الذي تقاضاه بالمخالفة لأحكام هذه المادة ... وفي جميع الأحوال يجب الحكم على المخالف بأن يرد إلى صاحب الشأن ما تقاضاه على خلاف أحكام هذه المادة المشار إليها. "يدل على أن المشرع حظر على المؤجر أن يتقاضى أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد، سواء كان المؤجر مالكة للعقار أو مستأجرا يبتغي تأجيره لغيره فتقوم في جانبه حينئذ صفة المؤجر بمناسبة تحرير عقد الإيجار وهما مناط هذا الحظر، واعتبر المشرع مخالفة هذا الحظر جريمة معاقب عليها بالحبس والغرامة وأوجب الحكم على المخالف أن يرد إلى صاحب الشأن المبالغ الزائدة التي تقاضاها منه، وإذ صدر القانون رقم 136 لسنة 1981 وعمل به اعتبارا من 31/ 7/ 1981 ونص في مادته السادسة على أنه "يجوز لمالك المبنى اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون أن يتقاضى من المستأجر مقدم إيجار لا يجاوز أجرة سنتين وذلك بالشروط الآتية: 1- أن تكون الأعمال الأساسية للبناء قد تمت ولم يتبق إلا مرحلة التشطيب. 2- أن يتم الاتفاق كتابة على مقدار مقدم الإيجار، وكيفية خصمه من الأجرة المستحقة في مدة لا تتجاوز ضعف المدة المدفوع عنها المقدم ...." ونصت المادة 34 من ذات القانون على أنه "فيما عدا العقوبة المقررة لجريمة خلو الرجل، تلغى جميع العقوبات المقيدة للحرية المنصوص عليها في القوانين المنظمة لتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ... ومع ذلك يعفى من جميع العقوبات المقررة لجريمة خلو الرجل كل من بادر إلى رد ما تقاضاه بالمخالفة لأحكام القانون إلى صاحب الشأن ... "ونصت المادة 25 منه على أنه "يقع باطلا بطلانا مطلقا كل شرط. أو تعاقد يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون ..." ومن المقرر - بقضاء الهيئة العامة للمواد الجنائية لهذه المحكمة - أن الجرائم التي وقعت طبقا لنصوص القانونين رقمي 49 لسنة 1977، 136 لسنة 1981 ومن بينها النصوص التي أثمت تقاضي مقدم إيجار يزيد عن المقرر قانونا تظل قائمة خاضعة لأحكامها حتى بعد صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 والعمل بأحكامه ولا يمتد إليها أحكام هذا القانون بأثر رجعي لتخلف مناط إعمال هذا الأثر، كما أن الحق في استرداد ما دفع بغير حق يسقط بالتقادم بانقضاء أقصر المدتين، إما بانقضاء ثلاث سنوات تسري من اليوم الذي يعلم فيه الدافع بحقه في الاسترداد، أو بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم قيام الالتزام أي من يوم الوفاء، وأن الجهل بالحق في استرداد ما دفع بغير حق لا يمنع من سريان التقادم ولا يعد من الموانع التي يترتب عليها وقف التقادم بعد سريانه طبقا للمادة 382 من القانون المدني. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن استأجر عين النزاع بالعقد المؤرخ 2/ 3/ 1986 وأقام الدعوى رقم ... لسنة 2001 مساكن كلي طنطا بصحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 8/ 2/ 2001، وكان من بين طلباته فيها إلزام المطعون ضده برد مقدم الإيجار البالغ مقداره عشرة آلاف جنيه على سند من أن الأخير تقاضاه خارج نطاق عقد الإيجار ورفض خصمه من الأجرة وهو ما يشكل جريمة عملا بنص المادتين 26، 77 من القانون 49 لسنة 1977 والمادتين 6، 25 من القانون رقم 136 لسنة 1981، وقد خلت الأوراق مما يدل على إقامة الدعوى الجنائية على المطعون ضده بهذا الخصوص، وكان الطاعن عالما بأن أداءه لهذا المبلغ المقال به إلى المطعون ضده بغير وجه حق من القانون وبمناسبة تحرير عقد الإيجار سند الدعوى منذ وقت الوفاء به، فإن دعوى الطاعن بشأنه تكون من دعاوي طلب رد غير المستحق التي يسري عليها التقادم الثلاثي المنصوص عليه بالمادة 187 من القانون المدني من يوم الوفاء بالمبلغ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى القضاء بسقوط الحق في هذا الطلب بالتقادم سالف الذكر بعد تمسك المطعون ضده بذلك الدفع، فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح ويضحي النعي على غير أساس.

وحيث ينعى الطاعن بالوجه الثاني من السبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بطلب ندب خبير أو إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات قيام المانع الأدبي في عدم حصوله على دليل كتابي بشأن قبض المطعون ضده لمبلغ عشرة آلاف جنيه كمقدم إيجار خارج نطاق عقد الإيجار، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري الذي حجبه عن إجراء المقاصة بين ما في ذمة المطعون ضده من مبالغ وبين الأجرة المطالب بها رغم ما احتج به من مستندات معززة لما يدعي دفعه من مبالغ مستحقة في ذمة المطعون ضده، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بالنقض يعني مخاصمة الحكم المطعون فيه بما يتعين أن ينصب النعي على عيب قام عليه هذا الحكم، فإذا خلا ذلك العيب الموجه إليه، كان النعي واردا على غير محل ومن ثم فهو غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحا في طلب الطاعن استرداد ما تقاضاه المطعون ضده من مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار إلى انقضاء حقه في تلك المطالبة بالتقادم الثلاثي المشار إليه على النحو سالف البيان ووقف الحكم عند هذا الحد دون أن يعرض لموضوع هذا الطلب - وما كان أن يعرض له - فإن النعي بهذا السبب - أيا كان وجه الرأي فيه - يكون واردا على غير محل من قضاء الحكم، ومن ثم فهو غير مقبول.

ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق