جلسة 17 من أكتوبر سنة
1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس
المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ يعيش رشدى، ومحمد وهبة، أحمد موسى، وأحمد طاهر
خليل.
-----------------
(172)
الطعن رقم 511 لسنة 46 القضائية
(1)دفوع
"الدفع ببطلان التحريات. الدفع ببطلان التفتيش". مأمورو الضبط القضائي
"اختصاصهم المكاني". "تفتيش" التفتيش بغير إذن "محكمة
الموضوع" "سلطتها في تقدير الدليل". اختصاص. اختصاص مأموري الضبط
القضائي.
الدفع ببطلان التحريات لعدم جديتها ولتجاوز من أجراها حدود اختصاصه المكاني
وببطلان التفتيش لعدم تحقيق دواعيه. موضوعي. لا تقبل إثارته لأول مرة أمام النقض.
(2)عقوبة "الإعفاء من العقاب". مواد مخدرة. موانع العقاب حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حدود الإعفاء من العقاب وفقا للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 ومناطه ؟
مثال: قول المتهم أنه تسلم المخدر من آخر وإشهاده على ذلك شاهدا لم يؤيده. عدم
تحقق موجب الإعفاء.
(3)إثبات
"شهادة" "محكمة الموضوع" "سلطتها في تقدير الدليل في تقدير
الدليل". نقض أسباب الطعن. "ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي. المنازعة في أقوال الشاهد. جدل موضوعي. لا تجوز
إثارته أمام النقض.
(4)مواد مخدرة. قصد
جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي.
تقدير علم المتهم بأن ما يحرزه مخدره. موضوعي. ما دام سائغا. مثال.
(5)مواد مخدرة.
جلب. جريمة "أركانها" قصد جنائي.
معنى جلب المخدر في حكم القانون 182 لسنة 1960 ؟
متى لا يلتزم الحكم بالتحدث عن القصد من الجلب استقلالا ؟
----------------
1 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة - وهو ما لا تمارى فيه
الطاعنة - أنها لم تثر أمام محكمة الموضوع شيئا مما تدعيه من بطلان التحريات لعدم
جديتها ولتجاوز من أجراها حدود اختصاصه المكاني ومن بطلان التفتيش للالتجاء إليه
دون تحقيق دواعيه، فإنه لا يقبل منها طرح ذلك لأول مرة على محكمة النقض لأنه في حقيقته
دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها
في الدعوى.
2 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون 182 لسنة
1960 لم ترتب الإعفاء من العقوبة بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا بالنسبة
للمتهم الذى يوصل إبلاغه فعلا إلى ضبط باقي الجناة، وكان الحكم قد عرض لما أثارته
الطاعنة في شأن إعفائها من العقاب عملا بالفقرة الثانية من المادة 48 سالفة الذكر
ورد عليه بأن زعمها تسلمها الأنابيب المضبوطة من آخر عينته لم يتحقق صدقه، وبالتالي
لم يوصل إلى اتهامه وضبطه، إذ أنها أشهدت راكبة كانت معها في الباخرة على واقعة
التسلم هذه فلم تؤيدها، فإنه لا يكون ثمة محل لتعيب الحكم في هذا الصدد.
3 - لما كان وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة
الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن أقوال
الضابط التي عول عليها الحكم ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا
يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
4 - لما كان تقصى العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة
الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنة بانتفاء هذا العلم لديها ورد عليه بقوله
"أما عن قول المتهمة الطاعنة - والدفاع عنها بأنها لم تكن تعلم أن ما تحمله
مخدرا وأنها كانت ضحية لشخص أخبرها أنها أدوية يرغب في تهريبها من الرسوم
الجمركية، فإن ذلك ينفيه قيامها بإخفاء إحدى "الامبولات" الثلاث في فرجها
مبالغة في إخفائه عمن يقوم بتفتيشها الأمر المستفاد منه أنها تعلم أن ما تحمله
مخدرا وليس دواء إذ أن شعورها بخطورة ما تحمله جعلها تبالغ في إخفائها الأمر الذى
تستظهر منه المحكمة بجلاء أنها كانت تعلم أن ما تحمله مخدرا وقد اعترفت أنها وضعت
"الامبولات" في الأماكن التي ضبطت بها، وإذ كان هذا الذى ساقته محكمة
الموضوع من ظروف الدعوى وملابستها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعنة بحقيقة الجواهر
المضبوطة كافيا في الرد على دفاعها في هذا الخصوص وسائغا في الدلالة على توافر ذلك
العلم في حقها - توافر فعليا - فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها
أمام محكمة النقض.
5 - أن جلب المخدر - في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 سالف البيان
- يمتد إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة من خارج جمهورية مصرية العربية
وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي، على خلاف الأحكام المنظمة لذلك في
القانون وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره - ومن ثم فلا محل للنعي عليه بعدم استظهار
قصد الإتجار، إذ الجلب بطبيعته - وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - لا يقبل
تفاوت القصود فلا يلزم الحكم أن يتحدث عن القصد إلا إذا كان الجوهر المخدر لا يفيض
عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من
نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له بذلك.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها بدائرة قسم
الميناء محافظة الإسكندرية جلبت إلى جمهورية مصر العربية جوهرين مخدرين (أفيونا
وحشيشا) دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت من
مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها بالمواد 1 و2 و3 و33/ 1 و42
من القانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين 1 و12 من الجدول المرفق، فقرر ذلك. ومحكمة
جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات
بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمها ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المادة
المخدرة المضبوطة. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان
الطاعنة بجريمة جلب جواهر مخدرة، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب
وفساد في الاستدلال. ذلك بأنه لم يلتفت إلى بطلان تحريات رئيس وحدة مكافحة
المخدرات بميناء الإسكندرية لعدم جديتها ولتجاوزه حدود اختصاصه المكاني بإجرائها
منذ سفر الطاعنة من ميناء القاهرة الجوي، ولا إلى بطلان التفتيش للالتجاء إليه دون
قيام دواعي الشك أو مظنة التهريب. كما أنه لم يحط بدفاع الطاعنة الذى تمسكت فيه
باستحقاقها الإعفاء من العقوبة - لإبلاغها السلطات العامة بعد ضبط الجواهر المخدرة
عن الجاني الذى سلمها إليها وثبت قدومه معها على الباخرة ذاتها وإن تقاسعت هذه
السلطات في ضبطه - ورد عليه بما لا يصلح ردا هذا إلى تعويله على أقوال الضابط
المذكور مع أنها غير معقولة في خصوص بدء تحرياته منذ سفر الطاعنة، وإلى قصوره في الرد
على دفاعها بانتفاء علمها بحقيقة الجواهر المضبوطة وأنها كانت تخفيها على أنها
أدوية مرغوب تهريبها من الرسوم الجمركية وتدليله غير السائغ على توافر هذا العلم
في حقها، فضلا عن خطئه في معنى الجلب خطأ حجية عن استظهار قصد الإتجار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن تحريات رئيس وحدة
مكافحة المخدرات بميناء الإسكندرية دلت على أن الطاعنة قادمة إلى الميناء من بيروت
جالبة معها جواهر مخدرة تخفيها بملابسها وفى أماكن حساسة من جسمها وكانت قد سافرت
خصيصا لهذا الغرض فأرسل أخبارية بهذا المعنى إلى حركة الركاب لتفتيشها ذاتيا، وإذ
اصطحبتها كشافة الجمرك إلى مكان التفتيش وسألتها عما معها فقد أبرزت من رداء صدرها
أنبوبتين فلما أفهمتها بأنها ستبعث بها إلى المستشفى أخرجت من قبلها أنبوبة أخرى
وثبت من فحص الأنابيب الثلاث أن بداخلها 90.5 جراما من الأفيون و38.7 جراما من
الحشيش. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال كل من الكشافة
ورئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء، ومن تقرير المعمل الكيماوى بمصلحة الطب
الشرعى واعتراف الطاعنة في التحقيق بواقعة إحرازها الأنابيب. لما كان ذلك، وكان
الثابت من محضر جلسة المحاكمة - وهو ما لا تمارى فيه الطاعنة - إنها لم تثر أمام
محكمة الموضوع شيئا مما تدعيه من بطلان التحريات لعدم جديتها ولتجاوز من أجراها
حدود اختصاصه المكاني ومن بطلان التفتيش للالتجاء إليه دون تحقق دواعيه، فإنه لا
يقبل منها طرح ذلك لأول مرة على محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه
المنازعة في سلامه الأدلة التي كونت منها محكمة الموضوع عقيدتها في الدعوى، هذا
فضلا عن أن القول بتجاوز رئيس وحدة مكافحة المخدرات بميناء الإسكندرية حدود اختصاصه
المكاني في إجراء التحريات - بفرض بدئها منذ سفر الطاعنة من ميناء القاهرة الجوي -
مردود بأن المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم
استعمالها والإتجار فيها قد جعلت لمديري إدارة مكافحة المخدرات وأقسامها وفروعها
ومعاونيها المذكورين بها صفة مأموري الضبطية في جميع أنحاء الجمهورية فيما يختص
بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. لما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من
المادة 48 منه لم ترتب الإعفاء من العقوبة بعد علم السلطات العامة بالجريمة إلا
بالنسبة للمتهم الذى يوصل إبلاغه فعلا إلى ضبط باقي الجناة، وكان الحكم قد عرض لما
إثارته الطاعنة في شأن إعفائها من العقاب عملا بالفقرة الثانية من المادة 48 سالفة
الذكر ورد عليه بأن تسلمها الأنابيب المضبوطة من آخر عينة لم يتحقق صدقه، وبالتالي
لم يوصل إلى اتهامه وضبطه، إذ إنها أشهدت راكبة كانت معها في الباخرة على واقعة
التسلم هذه فلم تؤيدها، فإنه لا يكون ثمة محل لتعيب الحكم في هذا الصدد. لما كان
ذلك وكان وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة
عليها من محكمة النقض، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن أقوال الضابط التي عول عليه
الحكم ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام هذه
المحكمة. لما كان ذلك، وكان تقصى العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة
الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنة بانتفاء هذا العلم لديها ورد عليه بقوله
"أما عن قول المتهمة (الطاعنة) والدفاع عنها بأنها لم تكن تعلم أن ما تحمله
مخدرا وأنها كانت ضحية لشخص أخبرها أنها أدوية يرغب في تهريبها من الرسوم
الجمركية، ذلك ينفيه قيامها بإخفاء إحدى الامبولات الثلاث في فرجها مبالغة في إخفائه
عمن يقوم بتفتيشها، الأمر المستفاد منه أنها تعلم أن ما تحمله مخدرا وليس دواء إذ
أن شعورها بخطورة ما تحمله جعلها تبالغ في إخفائه الأمر الذى تستظهر منه المحكمة
بجلاء أنها كانت تعلم أن ما تحمله مخدرا وقد اعترفت أنها وضعت الامبولات في الأماكن
التي ضبطت بها "، وإذ كان هذا الذى ساقته محكمة الموضوع عن ظروف الدعوى
وملابستها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعنة بحقيقة الجواهر المضبوطة كافيا في الرد
على دفاعها في هذا الخصوص وسائغا في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقها (توافر
فعليها) فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
لجريمة الجلب التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة أن تؤدى إلى ما
رتب عليها، وكان الجلب - في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 سالف البيان - يمتد إلى
كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة من خارج جمهورية مصرية العربية وإدخالها
إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي، على خلاف الأحكام المنظمة لذلك في القانون
- وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره - ومن ثم فلا محل للنعي عليه بعدم استظهار قصد الإتجار،
إذ الجلب بطبيعته - وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - لا يقبل تفاوت القصود،
فلا يلزم الحكم أن يتحدث عن القصد إلا إذا كان الجوهر المخدر لا يفيض عن حاجه
الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل
المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له بذلك - وهو ما
لم يتحقق في الدعوى المماثلة - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير
أساس متعينا رفضه موضوعا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق