جلسة 10 من يناير سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وبهيج حسن القصبجي نائبي رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب.
------------------
(5)
الطعن رقم 2515 لسنة 64 القضائية
(1) استيلاء على مال للدولة بغير حق. جريمة "أركانها". موظفون عموميون.
جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة المنصوص عليها في المادة 113 عقوبات. مناط تحققها؟
(2) استيلاء على مال للدولة بغير حق. شروع.
الشروع في حكم المادة 45 عقوبات. ماهيته؟
(3) استيلاء على مال للدولة بغير حق. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمة الاستيلاء على مال للدولة بغير حق. غير لازم. علة ذلك؟
(4) استيلاء على مال للدولة بغير حق. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
عبارة المال أو الأوراق أو غيرها الواردة بالمادة 113 عقوبات يدخل في مدلولها ما يمكن تقويمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق المحكمة في الالتفات عن الدفاع القانوني ظاهر البطلان.
(6) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بتتبع دفاع الطاعن الموضوعي.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(7) تفتيش "التفتيش بإذن". بطلان. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطعن بالبطلان في الدليل المستمد من التفتيش لعدم مراعاة الأوضاع القانونية. لا يجوز إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: بصفتهم موظفين عموميين "الأول سائق والثاني والثالث حارسان والرابع عامل كبس بالشركة........ التابعة لوزارة التموين إحدى وحدات القطاع العام" استولوا بغير حق على كمية الشاي المبين قدرها بالأوراق والمملوكة للشركة سالفة الذكر والبالغ قيمتها أحد عشر ألف وثمانمائة وعشرون جنيهاً على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 27، 45، 46/ 3، 113/ 1، 118، 119/ ب، 119 مكرراً/ جـ من قانون العقوبات مع إعمال حكم المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبعزله من وظيفته لمدة سنتين وبتغريمهم متضامنين مبلغ أحد عشر ألفاً وثمانمائة وعشرين جنيهاً وذلك باعتبار أن الجريمة وقفت عند حد الشروع.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة الشروع في الاستيلاء على مال لإحدى شركات القطاع العام شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأن لم يدلل تدليلاً كافياً على مساهمتهم في الجريمة، والتفت عن دفاع الطاعن الثاني بعدم توافر القصد الجنائي لديه وبأن المضبوطات عديمة القيمة، وعن دفاع الطاعن الرابع بأنه كان معيناً للحراسة خارج أسوار الشركة وتواجد مصادفة بمكان الواقعة، واستند في إطراحه الدفاع ببطلان التفتيش لانتفاء حالة التلبس إلى أن ضابط الواقعة شاهد المضبوطات داخل السيارة وإلى انتفاء صفة الطاعنين في إبداء هذا الدفع على الرغم من أن الثابت بأقوال ضابط الواقعة أنه لم يكشف وجود المضبوطات إلا بعد أن أمر قائد السيارة بفتح أبوابها، وتوافر مصلحة للطاعنين الأول والثالث في الدفع، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله: "إنه في ساعة مبكرة من صباح يوم 12/ 4/ 1991 تمكن الملازم أول....... ضابط شرطة النجدة من ضبط المتهمين...... و....... و........ و......... وهم من العاملين بالشركة....... إحدى وحدات القطاع العام التابعة لوزارة التموين أثناء محاولتهم الاستيلاء على كمية من الشاي السائب والمعبأ المملوك للشركة سالفة الذكر والبالغ قيمته أحد عشر ألف وثمانمائة وعشرون جنيهاً داخل سيارة أتوبيس مملوكة للشركة والتي يتولى قيادتها المتهم الأول - وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه هو ضبطهم والجريمة متلبس بها" وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جناية الاستيلاء بغير حق على مال المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات تتحقق متى استولى الموظف العام أو من في حكمه بغير حق على مال للدولة أو غيرها من الجهات المنصوص عليها بالمادة 119 من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بقصد ضياع المال على ربه، وكان الشروع في حكم المادة 45 من قانون العقوبات هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها، فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعاً في ارتكاب جريمة أن يأتي فعلاً سابقاً على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدياً إليه حالاً، فإن ما أتاه الطاعنون - الذين لا يجحدون صفتهم كموظفين عموميين على نحو ما أثبته الحكم - تتوافر به الأركان القانونية لجناية الشروع في الاستيلاء التي دانهم بها. لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة ما دامت الواقعة الجنائية التي أثبتها تفيد بذاتها توافر نية الاختلاس لدى الطاعنين، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت عبارة المال أو الأوراق أو غيرها الواردة بالمادة 113 من قانون العقوبات قد صيغت بألفاظ عامة يدخل في مدلولها ما يمكن تقييمه بالمال وما تكون له قيمة أدبية أو اعتبارية، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت - أخذاً بأقوال الشاهد الثالث "مدير إدارة الإنتاج بالشركة المجني عليها" التي لا يجادل الطاعن الثاني في أن لها معينها الصحيح بالأوراق - أن المضبوطات عبارة عن طن ومائة وخمسين كيلو جراماً من الشاي غير المعبأ واثنين وثلاثين كيلو جراماً من الشاي الفاخر المعبأ قيمتها أحد عشر ألفاً وثمانمائة وعشرون جنيهاً بما يؤكد أن لها قيمة مالية، فإن دفاع الطاعن المذكور في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب لا على الحكم إن التفت عنه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على مساهمة الطاعنين جميعاً في ارتكاب الجريمة التي دانهم بها، فإن ما يثيره الطاعن الرابع بشأن تواجده مصادفة بجوار السيارة المضبوطة لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بتعقبه والرد عليه ويتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يجوز الطعن بالبطلان في الدليل المستمد من التفتيش بسبب عدم مراعاة الأوضاع القانونية المقررة إلا ممن شرعت هذه الأوضاع لحمايتهم، ومن ثم فلا صفة لأي من الطاعنين الأول والثالث في الدفع ببطلان تفتيش السيارة التي جرى تفتيشها ما دام الثابت أنه غير مملوكة لأي منهما ولم يكن أيهما حائزاً لها، فإن ما يثيرانه في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق