جلسة 10 من يناير سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل ومصطفى محمد صادق نائبي رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب.
------------------
(6)
الطعن رقم 3943 لسنة 65 القضائية
(1) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
قبول عرض النيابة العامة في قضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر لذلك.
(2) إثبات "اعتراف". إكراه دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
الاعتراف الذي يعول عليه. شرطه؟
التعويل على الاعتراف يوجب بحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله.
مثال لتسبيب معيب للرد على دفع ببطلان الاعتراف للإكراه.
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". إكراه.
سكوت الطاعن عن الإفضاء بواقعة الإكراه في أية مرحلة من مراحل التحقيق لا ينفي حتماً وقوعه.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
استعمال المتهم حقه في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء. لا يصح البتة وصفة بأنه جاء متأخراً.
(5) إثبات "بوجه عام". نقض "أثر الطعن".
الأدلة في المواد الجنائية متساندة. مؤدى ذلك؟
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. يوجبان امتداد نقض الحكم للطاعن الآخر.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن سرد واقعات الدعوى ومضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه ومن بينها اعتراف الطاعن الأول بتحقيقات النيابة العامة حصل دفع الطاعن الأول ببطلان اعترافه في قوله: "وقرر المتهم الأول أنه تعرض للضرب بقسم الشرطة وأن الاعتراف كان نتيجة إكراه" ثم رد على هذا الدفع بقوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان اعتراف المتهم الأول وأنه كان نتيجة إكراه وعدم صدق اعترافه وأن ماديات الدعوى تخالف اعترافه وتصويره للحادث فمردود عليه بأن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه أو صدر منه على إثر إجراء باطل بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى صحة اعتراف المتهم الأول في تحقيقات النيابة العامة وأنه كان عن طواعية واختيار وجاء مطابقاً للحقيقة ومنزها من شبهة الإكراه ومن ثم تعول المحكمة عليه في قضائها وتشيح المحكمة عن هذا الدفاع جملة وتفصيلاً ولا تعول المحكمة على إنكار المتهم الأول بجلسة المحاكمة وادعائه أنه تعرض للضرب بقسم الشرطة وأن الاعتراف كان نتيجة إكراه لاطمئنانها إلى أدلة الثبوت السابقة وإلى أن المتهم الأول اعترف أمام النيابة العامة دون أن يذكر هذا المتهم أمامها أن ثمة إكراها قد وقع عليه وأن هناك إكراه معنوي تمثل في بقاء المتهم الأول من 5/ 7 حتى 14/ 7/ 1992 في قبضة المباحث ومما يجعل المحكمة تشيح عن ما ادعاه المتهم الأول ودفاعه كمحاولة يائسة للنكول عن اعترافه الذي تأيد بأدلة الثبوت السابقة ما يلي: 1 - أن المتهم الأول قرر بمحضر معاينة النيابة بتاريخ 20/ 7/ 1992 بارتكابه والمتهم الثاني للحادث بعد مضي أربعة أيام من اعترافه بالتحقيقات بالنيابة العامة لدى استجوابه بتاريخ 16/ 7/ 1992 ولم يذكر أمامها أن ثمة إكراهاً قد وقع عليه أو أنه كان تحت قبضة المباحث طوال تلك الفترة. 2 - أن المتهم الأول حضر جلسة تجديد الحبس بتاريخ 25/ 7/ 1993 ولم يذكر الدفاع الحاضر معه بالجلسة أن ثمة إكراه وقع على المتهم أو أنه كان محتجزاً دون وجه حق ولم يدفع ببطلان الاعتراف وكذلك بجلسات 1/ 8/ 1993، 29/ 8/ 1992، 12/ 10/ 1992، 19/ 10/ 1992، 25/ 10/ 1992، ولو كان المتهم الأول قد تعرض لثمة إكراه مادي أو معنوي وقع عليه لبادر الدفاع إلى الكشف عن هذه الإصابات وطلب تحقيق واقعة القبض بدون وجه حق وإبداء هذا الدفاع وإثباته بمحاضر الجلسات وهو ما لم يحدث. 3 - لم يثب من الأوراق أن الدفاع تقدم بطلب إلى النيابة العامة لإثبات أن هناك ثمة إكراه مادي أو معنوي تعرض له المتهم الأول يبطل الاعتراف الوارد على لسانه بمحضر التحريات وبتحقيقات النيابة العامة ومن ثم فإن المحكمة تقضي برفض الدفع ببطلان الاعتراف وتعتبر المحكمة ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص قول مرسل ولم يقدم دليل على صحته مما يتعين الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكان من المقرر - عملاً بمفهوم المادة 42 من الدستور والفقرة الأخيرة من المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية - أن الاعتراف الذي يعول عليه يتحتم أن يكون اختيارياً، وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر تحت وطأة الإكراه أو التهديد به كائناً ما كان قدره، وكان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويض على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله وأن تنفي قيام هذا الإكراه في استدلال سائغ، وإذ كان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لاستناده إلى الدليل المستمد من اعتراف الطاعن الأول بتحقيق النيابة العامة ليس من شأنه أن يؤدي إلى إهدار ما دفع به الطاعن من بطلان هذا الاعتراف لصدوره وليد إكراه لما يمثله من مصادرة لدفاع الطاعن الأول قبل أن ينحسم أمره لأنه لا يصح في منطق العقل والبداهة أن يرد الحكم على الدفع ببطلان الاعتراف الحاصل أمام جهة من جهات التحقيق لأنه كان وليداً لإكراه باطمئنانه إلى هذا الاعتراف لحصوله أمام تلك الجهة ولعدم ذكر من نسب إليه الاعتراف أمامها أنه كان مكرها عليه، ما دام أنه ينازع في صحة ذلك الاعتراف أمام تلك الجهة.
3 - من المقرر أن سكوت الطاعن عن الإفضاء بواقعة الإكراه في أية مرحلة من مراحل التحقيق - كما ذهب الحكم - ليس من شأنه أن ينفي حتماً وقوع الإكراه في أية صورة من صوره مادية كانت أم أدبية.
4 - من المقرر أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح البتة أو يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلي بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب.
5 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول وللطاعن الثاني لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً قتلا.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على قتله وترصده الأول في المكان الذي أيقن سلفاً تردده عليه واستدرجه إلى السيارة التي يتولى قيادتها وشل مقاومته بعد أن دس له مادة مخدرة "أقراص الأتيفان" بمشروب احتساه ونقله إلى حيث كان ينتظره الثاني ودلفا به لطريق خال وألقيا به في الترعة المجاورة لذلك الطريق وقذفا رأسه بالأحجار قاصدين من ذلك إزهاق روحه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته وقد تقدمت تلك الجناية جناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المبلغ النقدي المبين قدراً بالتحقيقات والمملوك للمجني عليه سالف الذكر وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن دس له الأول المادة المخدرة سالفة البيان بشراب احتساه فشلا بذلك مقاومته وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من سرقته على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى..... مدنياً قبل الطاعنين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت إحالة الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية بشأن الطاعن الأول وحددت جلسة...... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232، 234/ 2، 314/ 1، 315 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بالنسبة للطاعن الثاني أولاً: بإجماع الآراء بمعاقبة الطاعن الأول بالإعدام. ثانياً: بمعاقبة الطاعن الثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض....... كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة وإن عرضت القضية على محكمة النقض طبقاً لما هو مقرر بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم بعد ميعاد الستين يوماً المنصوص عليها في المادة 34 من القانون سالف الإشارة طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول، إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة طبقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجناية سرقة بالإكراه، قد شابه الفساد في الاستدلال، ذلك بأن استند في قضائه إلى اعترافه بتحقيقات النيابة العامة رغم بطلانه لصدوره وليد إكراه وقع عليه وأطرح دفعه في هذا الشأن بما لا يصلح لإطراحه وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد واقعات الدعوى ومضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه ومن بينها اعتراف الطاعن الأول بتحقيقات النيابة العامة حصل دفع الطاعن الأول ببطلان اعترافه في قوله: "وقرر المتهم الأول أنه تعرض للضرب بقسم الشرطة وأن الاعتراف كان نتيجة إكراه" ثم رد على هذا الدفع بقوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان اعتراف المتهم الأول وأنه كان نتيجة إكراه وعدم صدق اعترافه وأن ماديات الدعوى تخالف اعترافه وتصويره للحادث فمردود عليه بأن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، كما أن لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه أو صدر منه على إثر إجراء باطل بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى صحة اعتراف المتهم الأول في تحقيقات النيابة العامة وأنه كان عن طواعية واختيار وجاء مطابقاً للحقيقة والواقع ومنزها من شبهة الإكراه ومن ثم تعول المحكمة عليه في قضائها وتشيح المحكمة عن هذا الدفاع جملة وتفصيلاً ولا تعول المحكمة على إنكار المتهم الأول بجلسة المحاكمة وادعائه أنه تعرض للضرب بقسم الشرطة وأن الاعتراف كان نتيجة إكراه لاطمئنانها إلى أدلة الثبوت السابقة وإلى أن المتهم الأول اعترف أمام النيابة العامة دون أن يذكر هذا المتهم أمامها أن ثمة إكراها قد وقع عليه وأن هناك إكراه معنوي تمثل في بقاء المتهم الأول من 5/ 7 حتى 14/ 7/ 1992 في قبضة المباحث ومما يجعل المحكمة تشيح عن ما ادعاه المتهم الأول ودفاعه كمحاولة يائسة للنكول عن اعترافه الذي تأيد بأدلة الثبوت السابقة ما يلي: 1 - أن المتهم الأول قرر بمحضر معاينة النيابة بتاريخ 20/ 7/ 1992 بارتكابه والمتهم الثاني للحادث بعد مضي أربعة أيام من اعترافه بالتحقيقات بالنيابة العامة لدى استجوابه بتاريخ 16/ 7/ 1992 ولم يذكر أمامها أن ثمة إكراهاً قد وقع عليه أو أنه كان تحت قبضة المباحث طوال تلك الفترة. 2 - أن المتهم الأول حضر جلسة تجديد الحبس بتاريخ 25/ 7/ 1992 ولم يذكر الدفاع الحاضر معه بالجلسة أن ثمة إكراه وقع على المتهم أو أنه كان محتجزاً دون وجه حق ولم يدفع ببطلان الاعتراف وكذلك بجلسات 1/ 8/ 1992، 29/ 8/ 1992، 12/ 10/ 1992، 19/ 10/ 1992، 25/ 10/ 1992، ولو كان المتهم الأول قد تعرض لثمة إكراه مادي أو معنوي وقع عليه لبادر الدفاع إلى الكشف عن هذه الإصابات وطلب تحقيق واقعة القبض بدون وجه حق وإبداء هذا الدفاع وإثباته بمحاضر الجلسات وهو ما لم يحدث. 3 - لم يثبت من الأوراق أن الدفاع تقدم بطلب إلى النيابة العامة لإثبات أن هناك ثمة إكراه مادي أو معنوي تعرض له المتهم الأول يبطل الاعتراف الوارد على لسانه بمحضر التحريات وبتحقيقات النيابة العامة ومن ثم فإن المحكمة تقضي برفض الدفع ببطلان الاعتراف وتعتبر المحكمة ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص قول مرسل ولم يقدم دليل على صحته مما يتعين الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكان من المقرر - عملاً بمفهوم المادة 42 من الدستور والفقرة الأخيرة من المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية - أن الاعتراف الذي يعول عليه يتحتم أن يكون اختيارياً، وهو لا يعتبر كذلك - ولو كان صادقاً - إذا صدر تحت وطأة الإكراه أو التهديد به كائناً ما كان قدره، وكان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإكراه المقول بحصوله وأن تنفي قيام هذا الإكراه في استدلال سائغ، وإذ كان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه تبريراً لاستناده إلى الدليل المستمد من اعتراف الطاعن الأول بتحقيق النيابة العامة ليس من شأنه أن يؤدي إلى إهدار ما دفع به الطاعن من بطلان هذا الاعتراف لصدوره وليد إكراه لما يمثله من مصادرة لدفاع الطاعن الأول قبل أن ينحسم أمره لأنه لا يصح في منطق العقل والبداهة أن يرد الحكم على الدفع ببطلان الاعتراف الحاصل أمام جهة من جهات التحقيق لأنه كان وليد الإكراه باطمئنانه إلى هذا الاعتراف لحصوله أمام تلك الجهة ولعدم ذكر من نسب إليه الاعتراف أمامها أنه كان مكرهاً عليه، ما دام أنه ينازع في صحة ذلك الاعتراف أمام تلك الجهة، كما أن سكوت الطاعن عن الإفضاء بواقعة الإكراه في أية مرحلة من مراحل التحقيق - كما ذهب الحكم - ليس من شأنه أن ينفي حتماً وقوع الإكراه في أية صورة من صوره مادية كانت أم أدبية، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح البتة أن يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلي بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع وألزم المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإدانة - ضمن ما استند إليه من أدلة - إلى اعتراف الطاعن الأول فإنه يكون فضلاً عن فساده في الاستدلال معيباً بالقصور في التسبيب بما يبطله ولا يعصمه من هذا البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول وللطاعن الثاني لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه طعن الأول أو أوجه طعن الثاني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق