بسم الله الرحمن الرحيم
باســم الشعــــب
محكمــــة النقــــــض
الدائرة المدنية
ـــــــ
برئاسة السيـد المستشـار/ محمد ممتاز
متولى نائب رئيس
المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين/ حسيــن
نعمـان ، محمد رشاد أمين
وسمير عبد المنعم أبو العيلة نواب رئيس المحكمة
وحاتم عبد الوهاب حموده
والسيد رئيس النيابة / سامح سمير أحمد .
والسيد أمين السر / مجدى حسن على .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر
المحكمة ـ بدار القضاء العالى ـ مدينة القاهرة .
فى يوم السبت 11 شوال سنة 1429 هـ الموافق 11 من
أكتوبر سنة 2008
م .
أصدرت
الحكم الآتى
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 2463 لسنة 66 ق " مدنى
" .
المرفوع
مــن
:
......... المقيم ....
محافظة القاهرة . حضر عنه الأستاذ/ ..... المحامى .
ضـــــد
1ـ وزير المالية بصفته . حضر عنه
المستشار / ....... .
2ـ وكيل الوزارة رئيس مصلحة الجمارك بصفته .
ويعلنان سيادتهما بهيئة قضايا الدولة ـ بمجمع التحرير ـ قسم قصر النيل ـ
محافظة القاهرة.
لم يحضر أحد عن المطعون ضده الثانى .
الوقائع
فى يوم 7/3/1996 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 11/1/1996 فى الاستئناف رقم 16762 لسنة 112ق وذلك
بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول
الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفى اليوم نفسه أودع
الطاعن مذكرة شارحة وحافظة بمستنداته .
وفى 21/3/1996 أعلن
المطعون ضدهما بصحيفة الطعن .
وفى 28/3/1996 أودع
المطعون ضده الأول " بصفته " مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستندات طلب فيها رفض
الطعن .
ثم أودعت النيابة
العامة مذكرة طلبت فيها أولاً: عدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة بالنسبة
للمطعون ضده الثانى بصفته . ثانياً: وفيما عدا ما تقدم قبول الطعن شكلاً وفى
الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه جزئياً لما ورد بالوجه الثانى من السبب الأول .
وبجلسة 14/6/2008 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة
فرأت أنه جدير بالنظر وحددت لنظره جلسة 11/10/2008 وبها سمعت الدعوى أمام هذه
الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامى الطاعن والمطعون ضده الأول " بصفته " والنيابة
العامة كل على ما جاء بمذكرته والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
المحكمــــة
بعد
الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / ........... ، والمرافعة
، وبعد
المداولة .
حيث إن الوقائع
ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن الطاعن أقام على
المطعون ضدهما بصفتيهما الدعوى رقم ... لسنة 1994 مدنى كلى جنوب القاهرة ، للحكم بإلزامهما
بأن يؤديا له مبلغ مليونى جنيه تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية وما فاته
من كسب ولحقه من خسارة . وقال بياناً لذلك إنه بناء على طلب مصلحة الجمارك التابعة
للمطعون ضدهما بصفتيهما أقيمت ضده الجنحة رقم ...... لسنة 1982 مالية بتهمتي تهريب
بضائع إلى داخل البلاد بقصد الاتجار ، واستيراد بضائع على غير الأوضاع والشروط
المقررة لذلك ، وبعد إدانته ومصادرة المضبوطات قُضى ببراءتـه ، وإذ لحقت به أضرار
مادية وأدبية من جراء هذا الاتهام نتيجة خطأ المصلحة فى اتهامه بغير سند من
القانون وتوافرت فى جانبها أركان
المسئولية التقصيرية ، ويقدر التعويض الجابر لتلك الأضرار بالمبلغ المُطالب به ،
ومن ثم فقد أقام الدعوى ، وبتاريخ 27/6/1995 حكمت المحكمة برفضها . استأنف الطاعن
هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ..... لسنة 112ق ، وبتاريخ 11/1/1996
قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعن المصاريف وعشرين جنيهاً أتعاباً
للمحاماة . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم
قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته لرفعه على غير ذى صفة ، وأبدت الرأي بنقض
الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من إلزام الطاعن بمقابل أتعاب
المحاماة . عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت
النيابة رأيها .
وحيث إن الدفع
المُبدى من النيابة ـ بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثانى بصفته ـ سديد ،
ذلك أن الوزير هو الذى يُمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات
التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون ، إلا إذا منح القانون الشخصية
الاعتبارية لجهة ادارية مُعينة منها وأسند صفة النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون
له عندئذ هذه الصفة فى الحدود التى يعينها القانون . لما كان ذلك ، وكان الشارع لم
يمنح الشخصية الاعتبارية لمصلحة الجمارك ، وكان رئيسها تابعاً لوزير المالية ، فإن
الأخير يكون هو دون غيره الذى يُمثل هذه المصلحة فيما ترفعه أو يُرفع عليها من
دعاوى وطعون ، ومن ثم فإن الطعن يكون غير مقبول بالنسبة للمطعون ضده الثانى بصفته
ـ رئيس مصلحة الجمارك ـ لرفعه على غير ذى صفة .
وحيث إن الطعن
ـ فيما عدا ما تقدم ـ قد استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطعن
أُقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول وبالسببين الثاني
والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ، والقصور فى التسبيب
، والفساد في الاستدلال ، ومخالفة الثابت فى الأوراق ، وفى بيان ذلك يقول إن ما
قام به تابعو المطعون ضده بصفته من ضبط البضائع وتحرير محضر ضده ، كان ينطوي على تسرع
ورعونة وخطأ من جانبهم يستوجب التعويض ، وأنه تمسك في مذكرة دفاعــه المقدمة إلى
محكمة الاستئناف بتوافر أركان مسئوليته من خطأ وضرر وعلاقة سببية ، وإذ خالف الحكم
هذا النظر وأغفل مذكرته رغم ما حوته من دفاع جوهري ، وأقام قضاءه برفض الدعوى
استناداً إلى ما ورد فى الحكم الجنائي الصادر بإدانته من عبارات نُسبت إليه خلافاً
لما قرره بمحضر الضبط ، ورغم إلغاء هذا الحكم والقضاء لصالحه بالبراءة ، فإن الحكم
المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن
هذا النعى فى غير محله ، ذلك أنه من المقرر ـ فى قضاء هذه المحكمة ـ أن استخلاص
وقوع الفعل المُكون للخطأ الموجب للمسئولية ، واستخلاص علاقة السببية بين الخطأ
والضرر هو مما يدخل فى السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص
سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه ، وأن لقاضى الموضوع السلطة التامة فى تحصيل
فهم الواقع فى الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض
الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه ، وهو غير مُلزم بالرد على كل ما يُقدمه
الخصوم من مستندات ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يُدلون بها ، ولا بأن
يتتبعهم فى مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ، ويُرد استقلالاً على كل منها مادام أن
قيام الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمنى المُسقط لتلك الأقوال
والحُجج والطلبات .
لما كان
ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائى فيما قضى به
من رفض الدعوى على ما استخلصه من سائر أوراقها ومستنداتها ـ فى حدود سلطته
التقديرية ـ من أن إبلاغ مصلحة الجمارك بالمخالفات محل الاتهام وتحريك الدعوى
الجنائية عنها قِبل الطاعن لا ينطوي على إساءة استعمال حق الإبلاغ عن الجرائم ،
ولم يكن الإبلاغ عن سوء قصد أو مُتسماً بالرعونة والتهور ، وأنه قامت لدى المصلحة
شبهات تُبرر اتهام الطاعن وتؤدى إلى اعتقادها بصحة ما نُسب إليه ، وخلص الحكم من
ذلك إلى انتفاء الخطأ التقصيري فى حق تابعى المطعون ضده ، وإذ كان القضاء ببراءة
الطاعن من الجريمة لعدم توافر القصد الجنائي لا يدل بذاته على كذب البلاغ المُقدم
عنها ، وكان ما خلص إليه الحكم سائغاً وله معينه من الأوراق ويكفى لحمل قضائه وفيه
الرد الضمني المُسقط لكل حجة مخالفة ، فإن ما يثيره الطاعن بهذا النعى لا يعدو أن
يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع مـن سلطة تقديرية بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة
لما انتهى إليه الحكم فى هذا الخصوص ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ،
ومن ثم يضحى النعى على غير أساس .
وحيث إن
الطاعن ينعى بالوجه الثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق
القانون ، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم ألزمه بأتعاب المحاماة رغم أن الحاضر عن
المطعون ضده كاسب الدعوى هو عضو بهيئة قضايا الدولة وليس من المحامين المقيدين
بجدول المحامين ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه .
وحيث إن
هذا النعي سديد ، ذلك أنه من المقرر ـ فى قضاء هذه المحكمة ـ أنه إذا كانت أتعاب
المحاماة تدخل ضمن مصاريف الدعوى التى يُحكم بها على من خسرها ، إلا أن مناط
القضاء بها لِمن كسب الدعوى أن يكون قد أحضر محامياً للمرافعة فيها . وكان عضو
هيئة قضايا الدولة موظفاً عاماً وليس محامياً مُقيداً بجدول المحامين . وما ورد
بقانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدل إنما كان لتنظيم مهنة مُعينة هي مهنة
المحاماة ولتحديد حقوق ممارسيها وواجباتهم مما يخرج منه ما لا يخضع لأحكامه من
أعمال قانونية تُنظمها قوانين أخرى تخضع هذه الأعمال لها ، مما مؤداه أن نص المادة
187 من القانون سالف البيان يخرج من نطاقه ما تباشره هيئة قضايا الدولة من دعاوى
أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ، حيث يُنظم أعمال أعضائها القانون رقم
75 لسنة 1963 المُعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 . لما كان ذلك ، وكان الثابت من
الأوراق أن المطعون ضده بصفته حضر عنه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها أحد أعضاء هيئة
قضايا الدولة الذى يُعد موظفاً عمومياً وليس من المحامين المُقيدين بجدول المحامين
، ومن ثم فلا يجوز إلزام الطاعن ـ خاسر الدعوى ـ بمقابل أتعاب المحاماة ، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزمه بها ـ رغم ما انتهى إليه الحكم الابتدائي من
أنه لا محل لإلزامه بها ـ فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يُوجب نقضه
جزئياً فى هذا الخصوص .
وحيث إن
الموضوع صالح للفصل فيه ، ولما تقدم ، فإنه يتعين القضاء فى الاستئناف بإلغائه
فيما قضى به من إلزام المستأنف بمقابل أتعاب المحاماة .
لذلـــــك
نقضت
المحكمة الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من إلزام الطاعن بمقابل أتعاب
المحاماة ، وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات ومبلغ مائتى جنيه أتعاباً للمحاماة
، وحكمت فى الاستئناف رقم .... لسنة 112ق القاهرة بإلغائه فيما قضى به من إلزام
المستأنف بمقابل أتعاب المحاماة وألزمته مصروفات درجتى التقاضى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق