جلسة 2 من إبريل سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وأحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نواب رئيس المحكمة. والسعيد برغوت.
--------------
(66)
الطعن رقم 7702 لسنة 66 القضائية
(1) مسئولية إدارية. مسئولية جنائية. قوة الشيء المحكوم فيه. دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة المحاكمة التأديبية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا تنافر بين المسئوليتين الإدارية والجنائية.
مجازاة المتهم إدارياً. لا يحول دون محاكمته جنائياً. أساس ذلك؟
مثال.
(2) اختلاس أموار أميرية. إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المراد بالأمناء على الودائع؟
إطراح الحكم للشهادة الصادرة من إدارة الشركة والتي تساند إليها الطاعن على أنه يعمل بائعاً وليس أميناً للمخزن. لا ينال من سلامته.
حق المحكمة في الالتفات عن دليل نفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
(3) دفوع "الدفع بشيوع التهمة" "الدفع بعدم ارتكاب الجريمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بشيوع التهمة وبعدم ارتكابها. موضوعي. الرد عليها غير لازم. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة من المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: إطراحها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها. غير جائز أمام النقض.
مثال.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
دفاع الطاعن بسبق إجراء جرد للمخزن عن ذات المدة التي أسند إليه الاختلاس خلالها. موضوعي لا يستأهل رداً من الحكم ما دام الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه.
تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته. عنها. مفاده: إطراحها.
2 - لما كان الحكم قد عرض لما تمسك به الطاعن من أنه بائع بالشركة وليس من الأمناء على الودائع وأطرحه استناداً إلى أقوال الشهود وإقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وعدم اطمئنان المحكمة إلى الخطاب الذي قدمه الطاعن، لما كان ذلك، وكان يراد بالأمناء على الودائع كل شخص من ذوى الصفة العمومية أؤتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال - ولا يشترط أن تكون وظيفته حفظ الأمانات والودائع وإنما يكفي أن يكون ذلك من مقتضيات أعمال وظيفته أو كان مكلفاً بذلك من رؤسائه مما تخولهم وظائفهم التكليف به، ولا يشترط أن يكون الندب لذلك بأمر كتابي رسمي بل يكفي عند توزيع الأعمال في الجهة التي يعمل بها أن يقوم بعملية حفظ الأمانات والودائع وفي قيامه بذلك العمل وتسلمه الدفاتر الخاصة به ما يكسبه هذه الصفة، وكان الحكم قد أفصح عن اقتناعه بأقوال شهود الإثبات أن الطاعن يشغل وظيفة أمين مخزن بالشركة وبما أقر به الطاعن بالتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم إطراحه الشهادة الصادرة من إدارة الشركة والتي تساند إليها الطاعن للتدليل على أنه يعمل بائعاً وليس أميناً للمخزن، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق صادرة من الجهة التي يعمل بها، ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
3 - لما كان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وبعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - في الأصل - رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن بانتفاء سيطرته الكاملة على مخزن الشركة وأطرحه في قوله "أما عن قول الدفاع بانتفاء سيطرة المتهم على مخزن الشركة فهو قول مرسل يعصف به ما ذكره شهود الواقعة خصوصاً وأن المتهم لم يذكر ذلك لدى سؤاله بتحقيقات النيابة العامة مما يتعين معه إطراح هذا الدفاع" ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - إن ما يثيره الطاعن في شأن سبق إجراء جرد للمخزن عن ذات المدة التي أسند إليه الاختلاس خلالها، هو من أوجه الدفاع الموضوعي التي لا تستأهل من الحكم رداً، ما دام الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعن، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن في التفاته عنها ما يفيد أنه أطرحها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفاً عاماً أمين عهدة فرع شركة ...... اختلس البضائع المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والبالغ قيمتها خمسة وتسعين ألفاً وثلاثمائة وثمانية وخمسين جنيهاً وستمائة وأربعين مليماً والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته حالة كونه من الأمناء على الودائع على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالمنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2/ أ، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبعزله من وظيفته وبتغريمه مبلغ 87487.430 جنيهاً وبرد مبلغ مساو له.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس بوصفه من الأمناء على الودائع قد شابه قصور في التسبيب، وخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه تمسك بانقضاء الدعوى الجنائية لسابقة محاكمته عن ذات الواقعة تأديبياً كما أقام دفاعه على أنه ليس من الأمناء على الودائع وإنما يشغل بالشركة وظيفة بائع حسبما دلت على ذلك المستندات الصادرة من المسئولين بالشركة، وأنه ليست له السيطرة الكاملة على المخزن إذ يشاركه آخرون في الاحتفاظ بالمفاتيح واستلام وبيع البضائع الواردة للمخزن حسبما أكد بعض الشهود، إلا أن الحكم أطرح الدفع والدفاع بما لا يسيغ إطراحه، والتفت عن دفاعه بأنه سبق إجراء جرد دوري ومفاجئ على أعماله خلال نفس الفترة التي حكم عليه بالاختلاس خلالها ولم يثبت وجود عجز أو اختلاس قبله، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها أورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير مكتب خبراء وزارة العدل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم عرض لما دفع به الطاعن من عدم جواز نظر الدعوى لسابقة محاكمته عنها تأديبياً وأطرحه في قوله "أنه يشترط لصحة الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه في المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى أولاً أن يكون هناك حكم جنائي نهائي سبق صدوره في محاكمة جنائية معينة وأن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية التي يراد التمسك فيها بهذا الدفع اتحاد في الموضوع والسبب وأشخاص المتهمين ثانياً أن يكون الحكم صادراً في موضوع الدعوى سواء قضى بالإدانة وتوقيع العقوبة أو البراءة ورفض توقيعها وكان الثابت أن الحكم الصادر في الدعوى التأديبية رقم........ هو حكم صادر من محكمة تأديبية وليست محكمة جنائية كما أن موضوع الدعوى التأديبية مخالف لموضوع الدعوى الماثلة........ وبذلك فلا تتوافر شروط الدفع بعدم الجواز مما يتعين معه رفض هذا الدفع". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا تنافر بين المسئولية الإدارية والمسئولية الجنائية فكل يجرى في فلكه وله جهة اختصاصه غير مقيد بالأخرى وأن مجازاة الموظف بصفة إدارية أو توقيع عقوبة عليه من مجلس التأديب عن فعل وقع منه لا يحول أيهما دون إمكان محاكمته أمام المحاكم الجنائية بمقتضى القانون العام عن كل جريمة قد تتكون من هذا الفعل، وذلك لاختلاف الدعويين التأديبية والجنائية في الموضوع والسبب وفي الخصوم مما لا يمكن معه أن يحوز القضاء في إحداهما قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للأخرى وكان ما رد به الحكم على الدفع - على ما سلف بيانه - يتفق وصحيح القانون فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق الفانون يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما تمسك به الطاعن من أنه بائع بالشركة وليس من الأمناء على الودائع وأطرحه استناداً إلى أقوال الشهود وإقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وعدم اطمئنان المحكمة إلى الخطاب الذي قدمه الطاعن. لما كان ذلك، وكان يراد بالأمناء على الودائع كل شخص من ذوى الصفة العمومية أؤتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال - ولا يشترط أن تكون وظيفته حفظ الأمانات والودائع وإنما يكفي أن يكون ذلك من مقتضيات أعمال وظيفته أو كان مكلفاً بذلك من رؤسائه مما تخولهم وظائفهم التكليف به، ولا يشترط أن يكون الندب لذلك بأمر كتابي رسمي بل يكفي عند توزيع الأعمال في الجهة التي يعمل بها أن يقوم بعملية حفظ الأمانات والودائع وفي قيامه بذلك العمل وتسلمه الدفاتر الخاصة بها ما يكسبه هذه الصفة، وكان الحكم قد أفصح عن اقتناعه بأقوال شهود الإثبات أن الطاعن يشغل وظيفة أمين مخزن بالشركة وبما أقر به الطاعن بالتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم إطراحه الشهادة الصادرة من إدارة الشركة والتي تساند إليها الطاعن للتدليل على أنه يعمل بائعاً وليس أميناً للمخزن، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق صادرة من الجهة التي يعمل بها، ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وبعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل - في الأصل - رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومع ذلك فقد عرض الحكم لدفاع الطاعن بانتفاء سيطرته الكاملة على مخزن الشركة وأطرحه في قوله "أما عن قول الدفاع بانتقاء سيطرة المتهم علي مخزن الشركة فهو قول مرسل يعصف به ما ذكره شهود الواقعة خصوصاً وأن المتهم لم يذكر ذلك لدى سؤاله بتحقيقات النيابة العامة مما يتعين معه إطراح هذا الدفاع" ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في شأن سبق إجراء جرد للمخزن عن ذات المدة التي أسند إليه الاختلاس خلالها، هو من أوجه الدفاع الموضوعي التي لا تستأهل من الحكم رداً، ما دام الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعن، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن في التفاته عنها ما يفيد أنه أطرحها. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق