الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 يناير 2015

الطعن 13544 لسنة 70 ق جلسة 5 / 12 / 2000 مكتب فني 51 ق 158 ص793

جلسة 5 من ديسمبر سنة 2000

برئاسة السيد المستشار/ محمد شعبان باشا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى عبد المجيد وطه سيد قاسم وسلامة أحمد عبد المجيد نواب رئيس المحكمة ومحمد سامي إبراهيم.

--------------------

(158)
الطعن رقم 13544 لسنة 70 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. توقيعها".
توقيع إحدى مذكرات أسباب الطعن بتوقيع غير مقروء. أثره: إطراحها.
(2) تعدي على موظف عام. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً "أ" عقوبات. مناط تحققه؟
مثال.
(3) تعدي على موظف عام. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية استعمال القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف المجني عليه لتوافر الجريمة المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً عقوبات. حدوث إصابات بالمجني عليه. غير لازم. مؤدى ذلك؟
مثال لتسبيب سائغ في جريمة تعدي على موظف عام أثناء تأدية وظيفته.
(4) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "شهود".
إحالة الحكم في بيان أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(5) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(6) إثبات "بوجه عام". استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بعدم جدية التحريات لعدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته. غير مقبول.
(7) استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم من تحريات الشرطة ما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 إجراءات. كفايته بياناً لمؤدى الأدلة التي استند إليها الحكم الصادر بالإدانة.
(8) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(10) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض الشاهد في روايته في بعض تفاصيلها مع أقوال غيره بفرض حصوله. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة بما لا تناقض فيه.
(11) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصلح سبباً للطعن.
(12) دفوع "الدفع بتعذر الرؤية" "الدفع بشيوع التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتعذر الرؤية أو بشيوع التهمة أو بتلفيقها أو بعدم الوجود على مسرح الحادث. موضوعي. لا يستوجب رداً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(13) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. حقه في الأخذ بأي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
(14) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
(15) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. موضوعي.
لمحكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد وتحريات الشرطة. فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(16) ارتباط. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد" "عقوبة الجرائم المرتبطة". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم في خصوص جريمة التعدي على موظف عام أثناء وبسبب تأدية وظيفته. غير مجد. ما دامت المحكمة عاقبت الطاعنين بجريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم بوصفها الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 عقوبات.
(17) حكم "وضعه والتوقيع عليه. إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على شكل التوقيع على الحكم وأنه مجرد خطوط لا مدلول لها. لا يعيبه. ما دام أنه موقع عليه فعلاً من رئيس الهيئة التي أصدرته.

------------------
1 - حيث إن مذكرة الأسباب المودعة بتاريخ 12/ 2/ 2000 قد ذيلت بتوقيع غير مقروء، فإنها تكون موقعة من غير ذي صفة، مما يتعين معه الالتفات عنها.
2 - لما كان الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً "أ" من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه، وأن الشارع قد أطلق حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة على قضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به، ويستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير فترة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعنين ما يكفي لتوافر الركن المادي للجناية المذكورة, قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن نية الطاعنين مما وقع منهم من أفعال مادية تمثلت في إلقاء قطع الحجارة والزجاجات الفارغة صوب الضابط والقوة المرافقة له قد انصرفت إلى منع الضابط - شاهد الإثبات الأول - والقوة المرافقة له من أداء أعمال وظيفتهم لعدم تمكينهم من ضبطهم تنفيذاً للأمر الصادر لهم من النيابة العامة بضبطهم وإحضارهم في القضايا أرقام ....., .....، ..... لسنة..... جنح المناخ وقد تمكنوا بما استعملوه في حق هذا الضابط وقوته المرافقة من وسائل العنف والتعدي من بلوغ مقصدهم، فإن جناية استعمال القوة والعنف تكون متوافرة الأركان ويضحى منعى الطاعنين بصدد ذلك غير سديد.
3 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين طبقاً للفقرة الأولى من المادة 137 "أ" من قانون العقوبات وهي لا تستلزم لانطباقها إحداث إصابة بالموظف المعتدى عليه، بل يكفي استعمال القوة أو العنف أو التهديد، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي لم تورد في حكمها محدث هذه الإصابة والفعل الذي أتاه والنتيجة التي أدى إليها وعلاقة السببية بينهما، ولا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم في هذا الصدد، ما دام أن الحكم قد أثبت واقعة إلقاء قطع الحجارة والزجاجات الفارغة على الضابط المجني عليه والقوة المرافقة له وهي ضرب من ضروب القوة أو العنف المؤثم في صورة الدعوى يستوي في ذلك أن يحدث أيهما إصابات أم لا.
4 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، فإنه لا ضير على الحكم إذا أحال في بيان مؤدى شهادة الشهود الثاني والثالث والرابع إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
5 - من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية.
6 - من المقرر أنه لا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات.
7 - لما كان ما أورده الحكم من أقوال المقدم........ - الشاهد الخامس - بشأن تحرياته السرية يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون على غير أساس.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق.
9 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
10 - لما كان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما نقله الحكم من أقوال ضابط الواقعة، فإن تناقض روايته في بعض تفاصيلها أو مع أقوال غيره من الشهود - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ولما كان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط الواقعة واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي حدث بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الواقعة، فلا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكانية حدوثها على الصورة التي قررها ضابط الواقعة، فإن ما يثيره الطاعنون من ذلك لا يكون مقبولاً.
11 - لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين قد طلب إلى المحكمة إجراء معاينة لمكان الحادث، فلا يحل لهم من بعد أن يثيروا شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً في الطعن.
12 - لما كان الدفع بتعذر الرؤية أو بشيوع التهمة أو بأنها ملفقة على المتهمين أو بعدم الوجود على مسرح الحادث، من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءاً على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو ببراءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
14 - لما كان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها، فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات التي قدمها الطاعنون للتدليل على كذب التحريات وتلفيق الاتهام، وكذا المستندات التي قدمها الطاعن الثاني للتدليل على عدم وجوده على مسرح الحادث، يكون غير سديد.
15 - لما كان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، وإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط المجني عليه - شاهد الإثبات الأول - ومرافقيه من رجال الشرطة - شهود الإثبات من الثاني إلى الرابع - وما تضمنته تحريات المقدم....... وأخذت بتصويرهم للواقعة بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليه الآخر دون باقي المتهمين، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، كما أن لها أن تجزئ تحريات الشرطة فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، فإن ما يثيره الطاعنون في صدد تعارض صور الواقعة وما أخذ به الحكم وما أطرح من أقوال شهود الإثبات الأربعة الأول وتحريات الشاهد الخامس، واعتماده على الدليل المستمد منها في حق الطاعنين والمحكوم عليه الآخر دون باقي المتهمين، لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
16 - لما كان ما يثيره الطاعنون من نعيهم على الحكم في خصوص جريمة التعدي على موظف عام أثناء وبسبب تأديته وظيفته، لا جدوى منه ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبتهم بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم التي أثبتها الحكم في حقهم.
17 - لما كان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن رئيس الهيئة التي أصدرته قد وقع عليه خلافاً لما يدعيه الطاعن، وكان النعي في حقيقته وارداً على مجرد شكل التوقيع في حد ذاته وكونه مجرد خطوط لا مدلول لها، فإنه لا يعيب الحكم ما دام أنه موقع عليه فعلاً من رئيس الهيئة التي أصدرته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين قضي ببراءتهم بأنهم أولاً: استعملوا القوة والعنف مع موظفين عموميين هم "ضباط وأفراد وحدة مباحث قسم شرطة..... ببور سعيد" لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم وهو ضبط المتهمين بأن ألقوا عليهم الحجارة والزجاجات الفارغة وقد بلغوا بذلك مقصدهم وهو عدم ضبط المتهمين على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: تعدوا على موظف عام هو النقيب ...... بالقوة والعنف فأحدثوا به عمداً إصابته المبينة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك باستخدام أداة (زجاجات فارغة) أثناء تأديته وظيفته وبسببها على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهم إلى محكمة جنايات بور سعيد لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 136، 137، 137 مكرراً/ أ من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة الأسلحة البيضاء المضبوطة.
فطعن الأساتذة/ ......., .......، ...... نيابة عن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن مذكرة الأسباب المودعة بتاريخ 12/ 2/ 2000 قد ذيلت بتوقيع غير مقروء، فإنها تكون موقعة من غير ذي صفة، مما يتعين معه الالتفات عنها.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم والتعدي على موظف عام أثناء وبسبب تأديته وظيفته - قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال، وران عليه البطلان. ذلك بأنه لم يستظهر أركان جريمة استعمال القوة التي دان الطاعنين بها. وعول الحكم على التقرير الطبي الشرعي كدليل إثبات ولم يورد مضمونه من بيان الفعل الذي ارتكبه الجاني والنتيجة التي أدى إليها وعلاقة السببية بينهما. كما أحال الحكم في بيان أقوال الشهود الثاني والثالث والرابع إلى ما شهد به الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهم، فضلاً عن عدم إيراد الحكم لمضمون تحريات الشاهد الخامس التي استند إليها في الإدانة على الرغم من ثبوت كذبها من المستندات التي قدمت للمحكمة، وعدم إفصاح مجرى هذه التحريات عن مصدرها، واعتنق الحكم تصويراً للواقعة كما رواها ضابط الواقعة رغم التناقض بين أقواله وبين أقوال باقي الشهود وعدم معقولية هذا التصوير إذ لا يستساغ قوله بأن الزجاجات الفارغة وقطع الأحجار كان يلقيها الطاعنون والنسوة من نوافذ وأسطح المنازل في حين خلت الأوراق من حدوث إصابات بأفراد القوة المرافقة للضابط أو تلفيات بسيارة الشرطة خاصة وأنه لم تجر معاينة لمكان الحادث، بالإضافة إلى تعذر الرؤية لحصول الواقعة في الثلث الأخير من الليل مما يرشح لشيوع الاتهام وتلفيقه وهو ما تؤكده المستندات المقدمة للمحكمة وما تبين من محاضر الجنح الثلاثة - التي صدرت فيها أوامر ضبط الطاعنين - من أنه قضي في اثنين منها بالبراءة وأمرت النيابة بحفظ الثالثة. وأغفل الحكم دفاع الطاعن الثاني القائم على عدم تواجده بمسرح الحادث وقت حصوله والذي دلل عليه بمستندات تثبت أن محل إقامته ومقر عمله بدائرة قسم العرب البعيد عن مسرح الحادث. واعتمد الحكم في قضائه بإدانة الطاعنين على أقوال الشهود وتحريات الشرطة في الوقت الذي أفصح عن عدم اطمئنانه إلى هذه الأدلة في قضائه ببراءة المتهمين الآخرين في الدعوى، كما أورد الحكم - في معرض بيانه للواقعة أن الطاعن الأول هو الذي أحدث إصابة الضابط المجني عليه ثم عاد وأسند هذه التهمة على الطاعنين جميعاً. وأخيراً فقد جاء الحكم مذيلاً بخطوط لا مدلول لها بما يجعله خالياً من توقيع مصدره. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الركن الأدبي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً "أ" من قانون العقوبات لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام تتمثل في انتوائه الحصول من الموظف المعتدى عليه على نتيجة معينة هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه أو أن يستجب لرغبة المعتدي فيمتنع عن أداء عمل كلف بأدائه، وأن الشارع قد أطلق حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة عامة على قضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به، ويستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه أو في غير فترة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعنين ما يكفي لتوافر الركن المادي للجناية المذكورة, قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الواقعة أن نية الطاعنين مما وقع منهم من أفعال مادية تمثلت في إلقاء قطع الحجارة والزجاجات الفارغة صوب الضابط والقوة المرافقة له قد انصرفت إلى منع الضابط - شاهد الإثبات الأول - والقوة المرافقة له من أداء أعمال وظيفتهم لعدم تمكينهم من ضبطهم تنفيذاً للأمر الصادر لهم من النيابة العامة بضبطهم وإحضارهم في القضايا أرقام...... جنح...... وقد تمكنوا بما استعملوه في حق هذا الضابط وقوته المرافقة من وسائل العنف والتعدي من بلوغ مقصدهم، فإن جناية استعمال القوة والعنف تكون متوافرة الأركان ويضحى منعى الطاعنين بصدد ذلك غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين طبقاً للفقرة الأولى من المادة 137 "أ" من قانون العقوبات وهي لا تستلزم لانطباقها إحداث إصابة بالموظف المعتدى عليه، بل يكفي استعمال القوة أو العنف أو التهديد، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي لم تورد في حكمها محدث هذه الإصابة والفعل الذي أتاه والنتيجة التي أدى إليها وعلاقة السببية بينهما، ولا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم في هذا الصدد، ما دام أن الحكم قد أثبت واقعة إلقاء قطع الحجارة والزجاجات الفارغة على الضابط المجني عليه والقوة المرافقة له وهي ضرب من ضروب القوة أو العنف المؤثم في صورة الدعوى يستوي في ذلك أن يحدث أيهما إصابات أم لا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، فإنه لا ضير على الحكم إذا أحال في بيان مؤدى شهادة الشهود الثاني والثالث والرابع إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، كما أنه لا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات، وكان ما أورده الحكم من أقوال المقدم....... - الشاهد الخامس - بشأن تحرياته السرية يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولا ينازع الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما نقله الحكم من أقوال ضابط الواقعة، فإن تناقض روايته في بعض تفاصيلها أو مع أقوال غيره من الشهود - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، ولما كان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط الواقعة واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي حدث بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الواقعة، فلا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكانية حدوثها على الصورة التي قررها ضابط الواقعة، فإن ما يثيره الطاعنون من ذلك لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين قد طلب إلى المحكمة إجراء معاينة لمكان الحادث، فلا يحل لهم من بعد أن يثيروا شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً في الطعن. لما كان ذلك، وكان الدفع بتعذر الرؤية أو بشيوع التهمة أو بأنها ملفقة على المتهمين أو بعدم الوجود على مسرح الحادث، من الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءاً على الأدلة المطروحة بإدانة المتهم أو ببراءته، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، كما أن من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها، فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات التي قدمها الطاعنون للتدليل على كذب التحريات وتلفيق الاتهام، وكذا المستندات التي قدمها الطاعن الثاني للتدليل على عدم وجوده على مسرح الحادث، يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط المجني عليه - شاهد الإثبات الأول - ومرافقيه من رجال الشرطة - شهود الإثبات من الثاني إلى الرابع - وما تضمنته تحريات المقدم وأخذت بتصويرهم للواقعة بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليه الآخر دون باقي المتهمين، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، كما أن لها أن تجزئ تحريات الشرطة فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، فإن ما يثيره الطاعنون في صدد تعارض صور الواقعة وما أخذ به الحكم وما أطرح من أقوال شهود الإثبات الأربعة الأول وتحريات الشاهد الخامس، واعتماده على الدليل المستمد منها في حق الطاعنين والمحكوم عليه الآخر دون باقي المتهمين، لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون من نعيهم على الحكم في خصوص جريمة التعدي على موظف عام أثناء وبسبب تأديته وظيفته، لا جدوى منه ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبتهم بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم التي أثبتها الحكم في حقهم. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن رئيس الهيئة التي أصدرته قد وقع عليه خلافاً لما يدعيه الطاعن، وكان النعي في حقيقته وارداً على مجرد شكل التوقيع في حد ذاته وكونه مجرد خطوط لا مدلول لها، فإنه لا يعيب الحكم ما دام أنه موقع عليه فعلاً من رئيس الهيئة التي أصدرته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق