جلسة 30 من إبريل سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الشناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل الشوربجي وأنس عمارة نائبي رئيس المحكمة وحسين الصعيدي وعاصم عبد الجبار.
-----------------
(118)
الطعن رقم 425 لسنة 60 القضائية
(1) دعوى جنائية "قيود تحريكها". محاماة. نيابة عامة.
تحريك الدعوى الجنائية لما يرتكبه المحامي من جرائم أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه. شرطه: صدور أمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العامين الأول: أساس وأثر ذلك؟
(2) دعوى جنائية "تحريكها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة استئنافية "سلطتها". نظام عام. دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". محكمة النقض "سلطتها" "الحكم في الطعن". دعوى مدنية.
إقامة الدعوى الجنائية ممن لا يملك رفعها قانوناً. أثره: انعدام اتصال المحكمة بها. وجوب اقتصار حكم المحكمة الاستئنافية على القضاء بعدم قبول الدعوى. علة ذلك؟
الدفع بعدم قبول الدعوى للسبب المذكور لأول مرة أمام محكمة النقض. جائز. أساس ذلك؟
حق محكمة النقض في نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها بغير طلب. ما دامت عناصره ثابتة في الحكم دون حاجة إلى تحقيق موضوعي. المادة 35/ 2 من القانون 57 لسنة 1959.
إجازة الحكم المطعون فيه رفع الدعوى بطريق الادعاء المباشر على خلاف المادة 50/ من قانون المحاماة. أثره؟
الوقائع
أقامت المدعية - بالحقوق المدنية دعواها بالطريق المباشر أمام محكمة جنح قسم الدرب الأحمر ضد الطاعن بوصف أنه أ - قذف في حقها بأن نسب إليها ارتكابها جناية تزوير في محررات رسمية. ب - سبها بأن وجه إليها الألفاظ المبينة بالأوراق. جـ - اعتدى عليها بما سلف باعتبارها محامية أثناء وبسبب تأدية وظيفتها أمام هيئة المحكمة على النحو المبين بصحيفة الدعوى وطلبت عقابه بالمواد 171، 302، 303، 306 من قانون العقوبات والمادة 54 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 وإلزامه بأن يدفع لها مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضدها الثانية - المدعية بالحقوق المدنية - أقامت الدعوى بالطريق المباشر ضد الطاعن عن جرائم السب والقذف وإهانة محامية أثناء قيامها بأعمال مهنتها وبسببها، وطلبت معاقبته بالمواد 171 و302 و303 و306 من قانون العقوبات والمادة 54 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، مع إلزامه بأن يؤدي إليها مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ومحكمة أول درجة قضت بتغريم الطاعن مائة جنيه وإلزامه بأن يؤدي إلى المدعية بالحقوق المدنية مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت وخمسة جنيهات مقابلاً لأتعاب المحاماة. استأنف، ومحكمة ثاني درجة قضت بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً. لما كان ذلك، وكان يبين بجلاء من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أن الجرائم التي أسندتها المطعون ضدها الثانية إلى الطاعن - وهو محام - قد وقعت منه أثناء وجوده بالجلسة أمام إحدى الدوائر المدنية لأداء واجبه وبسببه لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 49 من قانون المحاماة تنص على أنه "واستثناء من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات الجنائية إذا وقع من المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعي محاسبته نقابياً أو جنائياً، يأمر رئيس المحكمة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك"، كما تنص الفقرة الأولى من المادة 50 من القانون ذاته على أنه "في الحالات المبينة بالمادة السابقة لا يجوز القبض على المحامي أو حبسه احتياطياً، ولا ترفع الدعوى الجنائية فيها إلا بأمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العامين الأول". ومؤدى النصين مجتمعين أن المدعي بالحقوق المدنية لا يملك الحق في تحريك الدعوى الجنائية بطريق الادعاء المباشر بالنسبة لما يرتكبه المحامي من جرائم أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه، وأن المشرع قصر حق تحريك الدعوى في هذه الحالة على النيابة العامة وحدها بشرط صدور أمر من النائب العام أو من ينوب عنه من المحامين العامين الأول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على المتهم ممن لا يملك رفعها قانوناً، فإن اتصال المحكمة بهذه الدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها، فإن هي فعلت فإن حكمها وما بني عليه من الإجراءات يكون معدوم الأثر، ولا تملك المحكمة الاستئنافية إذا رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوعها وتفصل فيه، بل يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء بعدم قبول الدعوى اعتباراً بأن باب المحاكمة موصد دونها إلى أن يتوافر لها الشروط التي فرضها المشرع لقبولها، وهو أمر من النظام العام لتعلقه بولاية المحكمة واتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة، فيجب على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها، ويجوز الدفع به في أي حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض ولها أن تقضي هي فيه من تلقاء نفسها بغير طلب ونقض الحكم لمصلحة المتهم طبقاً للحق المقرر لها بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، ما دامت عناصره ثابتة في الحكم المطعون فيه بغير حاجة إلى تحقيق موضوعي - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وأجاز رفع الدعوى بطريق الادعاء المباشر على خلاف ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 50 من قانون المحاماة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وتصحيحه بالقضاء بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المار ذكره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق