جلسة 17 من ديسمبر سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / مجدي الجندي نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أنور محمد جبري ، أحمد جمال الدين عبد اللطيف ،
صفوت عبد المجيد نواب رئيس المحكمة وسيد حامد .
-------------
(115)
الطعن 6450 لسنة 70 ق
(1) استدلالات . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . تفتيش " إذن التفتيش
. إصداره " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي .
مثال .
(2) عقوبة " الإعفاء منها " .
أسباب الإباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقوبة " . مواد مخدرة .
الإعفاء من العقاب المقرر بالمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 .
قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33 ، 34 ، 35 منه . انتهاء المحكمة إلي أن إحراز
المخدر كان بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي . مقتضاه : عدم قبول دعوى الإعفاء .
(3) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب
" " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تزيد الحكم . لا يعيبه . متى كان لا أثر له في نتيجته .
(4) إثبات " معاينة " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
" سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه . ماهيته ؟
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها . غير مقبول .
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلي نفي الفعل أو
إثبات استحالة حصوله والمقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة
. دفاع موضوعي . عدم التزام المحكمة بإجابته .
(5)
قانون " القانون الأصلح " . محكمة النقض " سلطتها " .
صدور القانون رقم 95 لسنة 2003 بتعديل أحكام
قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية بعد الحكم المطعون فيه . أصلح للمتهم . علة وأساس
ذلك ؟
لمحكمة النقض تصحيح الحكم في هذه الحالة .
أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن
الصادر من النيابة العامة بالقبض والتفتيش ، ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن
الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات وعدم مراقبة
مجريها للمتهم فمردود بأن الثابت من محضر التحريات التي بني عليها إذن النيابة
العامة بالضبط والتفتيش قد توصل إلى اسم المتهم وسنه وصناعته ومحل إقامته والسيارة
النقل التي يقودها ورقمها ، فضلاً عما أثبته بمحضر التحريات أن الضابطين أن تحرياتهما
قد تأيدت بالمراقبة الشخصية ، فإن المحكمة ترى أن هذه التحريات تسوغ إصدار هذا الإذن
، وتقر سلطة الاتهام في الاطمئنان إلى جدية هذه التحريات وكفايتها لإصداره ويضحى
هذا الدفع غير سديد " ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها
لإصدار إذن التفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق
تحت إشراف محكمة الموضوع ، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي
بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن
فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكانت المحكمة قد
سوغت – على السياق المتقدم – الأمر بالتفتيش وردت على الدفع ببطلانه لانعدام
التحريات رداً كافياً وسائغاً ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً .
2- لما كان الحكم
المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بتمتعه بالإعفاء المقرر قانوناً بعد إرشاده عن اسم
شخص آخر ادعى أن المخدر يخصه واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن طلب المتهم إعفاءه
من العقاب فإنه لما كان مفاد نص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 أن القانون
لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يسهم بإبلاغه
إسهاماً إيجابياً ومنتجاً وجدياً في معاونة السلطات للتوصل إلى مهربي المخدرات
والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33 ، 34 ، 35 من القانون المار
ذكره ، باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدي خدمة
للعدالة ، فإذا لم يتحقق صدق التبليغ بأن كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحبه الإعفاء
لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء
، وهي تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة . لما كان ذلك ،
وكان الثابت من أقوال الضابطين شاهدي الإثبات بجلسة المحاكمة والتي تطمئن إليها
المحكمة أن المتهم ضبط بمفرده محرزاً لكيس الهيروين في مكان الضبط المشار إليه في بيان
واقعة الدعوى ، فإن دفاع المتهم وشاهد نفيه بأنه ضبط في منزل من يدعى ....... وأن
المخدر المضبوط خاص بالأخير لا تطمئن إليه المحكمة خاصة وأن ضابطي الواقعة نفيا علمهما
بمن يدعى .... الذي ورد على لسان المتهم وشاهد النفي أو أنه يباشر نشاطه في
تجارة المخدرات ، فإن هذا الدفاع لا يعدو أن يكون منازعة في صورة الدعوى وتشكيكاً في
أقوال شاهدي الإثبات التي وثقت فيها المحكمة ولا ترى المحكمة أن هذا القول يتسم
بالجدية ، وبالتالي لم يؤد إلى بلوغ النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء ومن ثم تطرح
المحكمة هذا الدفاع " . لما كان ذلك ، وكان الأصل وفقاً للمادة 48 من القانون
رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل
أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33 ، 34 ، 35 من ذلك القانون ، وكان
تصدي المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها
الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه في الدعوى
المطروحة قد خلص إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال
الشخصي وأعمل في حقه حكم المادة 38/1 من القانون سالف الذكر – وهو ما لم يخطئ الحكم
في تقديره - فإن دعوى الإعفاء تكون غير مقبولة ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن غير
سديد .
3 - من المقرر أنه لا
ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً في الرد على الدفع ما دام أنه لا أثر
له في النتيجة التي انتهى إليها .
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب
الطاعن إجراء معاينة لمكان الضبط ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن طلب
الدفاع عن المتهم الانتقال لمعاينة مكان الضبط فإنه لم يطلبه بالجلسة الأخيرة مما
يعد متنازلاً عنه لأنه طلب غير جازم لم يتناوله الدفاع في طلباته الختامية مما
مفاده نزوله عنه " ، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، لما هو مقرر من أن الطلب الذي
تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة
ويصر عليه مقدمه ، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، ولا
كذلك الحال في الدعوى الماثلة طلب الطاعن إجراء معاينة مكان الضبط أو طلب التحري
عن الآخر الذي ادعى أن الجوهر المخدر يخصه ، ذلك أن البين من محضر جلسة المحاكمة
الأخير التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الدفاع الحاضر مع الطاعن قرر أن ليس
لديه طلبات في الدعوى واختتم المحامي مرافعته بطلب البراءة ، ومن ثم فليس للطاعن
من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء معاينة لمكان الضبط أو إجراء التحري ولو
كان قد طلب ذلك في جلسات سابقة . هذا فضلاً عن أن ما قصد إليه الدفاع من طلب إجراء
المعاينة هو التشكيك في أقوال شاهدي الإثبات ، وكان من المقرر أن طلب المعاينة الذي
لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها
الشهود ، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها
المحكمة طبقاً للتصوير الذي أخذت به يعتبر دفاعاً موضوعياً لا يستلزم رداً صريحاً
من المحكمة ، بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة ، ومن ثم فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
5 - لما كان الحكم
المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وتغريمه
مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط ، وكان قد صدر – من بعد – القانون رقم 95
لسنة 2003 بتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ونص في مادته الثانية
على أنه " تلغى عقوبة الأشغال الشاقة أينما وردت في قانون العقوبات أو في أي نص عقابي آخر ، ويستعاض عنها
بعقوبة السجن المؤبد إذا كانت مؤبدة ، وبعقوبة السجن المشدد إذا كانت مؤقتة ....
" وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه
يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه عملاً بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في
شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض باستبدال عقوبة السجن المشدد بعقوبة
الأشغال الشاقة المقضي بها ولذات المدة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه : أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح
بها قانوناً . وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بمعاقبة ...... بالأشغال
الشاقة خمسة عشر عاماً وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة الجوهر المخدر المضبوط .
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه
إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر " هيروين " مجرداً من القصود الخاصة
المسماة في القانون جميعاً ، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك
أنه رد بما لا يصلح رداً على دفعه ببطلان إذن النيابة العامة الصادر بالقبض
والتفتيش لانعدام التحريات وأنها لاحقة على الضبط ، وتمسك بحقه في التمتع بالإعفاء
من العقاب طبقاً لنص المادة 48 /2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل إلا أن المحكمة
رفضت وردت عليه بما لا يسوغ ، كما أن دفاع الطاعن قد قام على استحالة حصول الواقعة
على النحو الذي صوره شهود الإثبات وطلب إجراء معاينة لمكان الضبط لبيان ذلك ، غير
أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب وردت عليه رداً غير سائغ والتفتت المحكمة عن طلبه إجراء
التحريات عن آخر هو صاحب الجوهر المخدر ، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه
قد بين واقعة الدعوى في قوله : " أنها تتحصل في أن التحريات السرية التي
أجراها العقيد ...... بالاشتراك مع الرائد ...... ، دلت على أن المتهم ...... يحوز
ويحرز مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، فاستصدر إذناً من النيابة
العامة بضبطه وتفتيش شخصه ومسكنه والسيارة رقم ..... نقل ...... التي يقودها ونفاذاً
لذلك الإذن انتقل الضابطان المذكوران صحبة العميد ...... وقوة من الشرطة السريين إلى
حيث علما من أحد المصادر السرية أن المتهم يحوز كمية من مخدر الهيروين في السيارة
المذكورة وعلى موعد لتسليمها في أول طريق ..... – .... – ...... ، حيث كمنا بأول
الطريق المذكور بينما انتشرت أفراد القوة والعميد ...... بالقرب من هذا المكان ، وبعد
مرور حوالي ثلث ساعة من مكمنهما شاهدا السيارة رقم ..... نقل ...... قيادة المتهم
قادمة من ناحية ...... ، واستقر بها واقفاً على يمين الطريق ، فأسرع الضابط الأول
بضبطه بينما أسرع ثانيهما بانتزاع مفتاح تشغيل السيارة ، وقام أولهما بتفتيشه فعثر
داخل الجورب وأسفل كالصونه لقدمه اليسرى من الداخل على لفافتين ، كل لفافة عبارة
عن كيس من النايلون الشفاف بداخله كيس آخر مماثل بداخله حصو كبير الحجم بيج اللون
يشبه مخدر الهيروين ، وثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي ...... .
أن المادة المضبوطة بالكيسين جميعها للهيروين المخدر ووزنت 1ر203 جراماً . وأورد
الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو أدلة استمدها من شهادة العقيد .....
والرائد ..... ومن تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي ، وهي أدلة سائغة
من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه
قد عرض للدفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة بالقبض والتفتيش ، ورد عليه في
قوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لعدم
جدية التحريات وعدم مراقبة مجريها للمتهم فمردود بأن الثابت من محضر التحريات التي
بني عليها إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش قد توصل إلى اسم المتهم وسنه وصناعته
ومحل إقامته والسيارة النقل التي يقودها
ورقمها ، فضلاً عما أثبته بمحضر التحريات أن الضابطين أن تحرياتهما قد تأيدت بالمراقبة الشخصية ، فإن المحكمة ترى أن هذه
التحريات تسوغ إصدار هذا الإذن وتقر سلطة
الاتهام في الاطمئنان إلى جدية هذه التحريات وكفايتها لإصداره ويضحى هذا الدفع غير
سديد " ، وكان من المقرر أن تقدير جدية
التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى
سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وإنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية
الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على
تصرفها في هذا الشأن ، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون
، وكانت المحكمة قد سوغت – على السياق المتقدم – الأمر بالتفتيش وردت على الدفع
ببطلانه لانعدام التحريات رداً كافياً وسائغاً ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا
يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بتمتعه بالإعفاء
المقرر قانوناً بعد إرشاده عن اسم شخص آخر ادعى أن المخدر يخصه واطرحه بقوله :
" وحيث إنه عن طلب المتهم إعفاءه من العقاب فإنه لما كان مفاد نص المادة 48
من القانون رقم 182 لسنة 1960 أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات
بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذي يسهم بإبلاغه إسهاماً إيجابياً ومنتجاً وجدياً في
معاونة السلطات للتوصل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص
عليها في المواد 33 ، 34 ، 35 من القانون المار ذكره ، باعتبار أن هذا الإعفاء نوع
من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدي خدمة للعدالة ، فإذا لم يتحقق صدق التبليغ بأن
كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة
التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء وهي تمكين السلطات من وضع يدها
على مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة . لما كان ذلك ، وكان الثابت من أقوال الضابطين شاهدي
الإثبات بجلسة المحاكمة والتي تطمئن إليها المحكمة أن المتهم ضبط بمفرده محرزاً
لكيس الهيروين في مكان الضبط المشار إليه في بيان واقعة الدعوى فإن دفاع المتهم
وشاهد نفيه بأنه ضبط في منزل من يدعى ..... وأن المخدر المضبوط خاص بالأخير لا
تطمئن إليه المحكمة خاصة وأن ضابطي الواقعة نفيا علمهما بمن يدعى .... الذي ورد
على لسان المتهم وشاهد النفي ، أو أنه يباشر نشاطه في تجارة المخدرات ، فإن هذا
الدفاع لا يعدو أن يكون منازعة في صورة الدعوى وتشكيكاً في أقوال شاهدي الإثبات التي
وثقت فيها المحكمة ، ولا ترى المحكمة أن هذا
القول يتسم بالجدية وبالتالي لم يؤد إلى بلوغ النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء ومن
ثم تطرح المحكمة هذا الدفاع " . لما كان ذلك ، وكان الأصل وفقاً للمادة 48 من
القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها
المعدل أن الإعفاء قاصر على العقوبات الواردة بالمواد 33 ، 34 ، 35 من ذلك القانون
، وكان تصدي المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون
بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه في
الدعوى المطروحة قد خلص إلى أن إحراز الطاعن للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي
أو الاستعمال الشخصي وأعمل في حقه حكم المادة 38/ 1 من القانون سالف الذكر – و هو ما
لم يخطئ الحكم في تقديره - فإن دعوى الإعفاء تكون غير مقبولة ، ويضحى منعى الطاعن في
هذا الشأن غير سديد . ولا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً في الرد على
الدفع ما دام أنه لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها . لما كان ذلك ، وكان
الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن إجراء معاينة لمكان الضبط ورد عليه في قوله :
" وحيث إنه عن طلب الدفاع عن المتهم الانتقال لمعاينة مكان الضبط فإنه لم
يطلبه بالجلسة الأخيرة مما يعد متنازلاً عنه لأنه طلب غير جازم لم يتناوله الدفاع في
طلباته الختامية مما مفاده نزوله عنه " ، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، لما هو
مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي
يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في
طلباته الختامية ، ولا كذلك الحال في الدعوى الماثلة طلب الطاعن إجراء معاينة مكان
الضبط أو طلب التحري عن الآخر الذي ادعى أن الجوهر المخدر يخصه ، ذلك أن البين من
محضر جلسة المحاكمة الأخير التي صدر فيها الحكم المطعون
فيه ، أن الدفاع الحاضر مع الطاعن قرر أن ليس لديه طلبات في الدعوى واختتم المحامي
مرافعته بطلب البراءة ، ومن ثم فليس للطاعن من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء
معاينة لمكان الضبط أو إجراء التحري ولو كان قد طلب ذلك في جلسات سابقة . هذا
فضلاً عن أن ما قصد إليه الدفاع من طلب إجراء المعاينة هو التشكيك في أقوال شاهدي
الإثبات ، وكان من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون
للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود ، بل كان المقصود به
إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة طبقاً للتصوير الذي أخذت
به يعتبر دفاعاً موضوعياً لا يستلزم رداً صريحاً من المحكمة بل يكفي أن يكون الرد
عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة ، ومن ثم فإن
ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته
يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه
قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وتغريمه مائة ألف
جنيه ومصادرة المخدر المضبوط ، وكان قد صدر – من بعد – القانون رقم 95 لسنة 2003
بتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية ونص في مادته الثانية على أنه
" تلغى عقوبة الأشغال الشاقة أينما وردت في قانون العقوبات أو في أي نص عقابي
آخر ، ويستعاض عنها بعقوبة السجن المؤبد إذا كانت مؤبدة ، وبعقوبة السجن المشدد
إذا كانت مؤقتة ... " وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم في حكم
المادة الخامسة من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه عملاً
بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض باستبدال عقوبة السجن المشدد بعقوبة الأشغال الشاقة المقضي بها ولذات
المدة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق