الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 يناير 2024

الدعوى رقم 95 لسنة 43 ق دستورية عليا "دستورية"جلسة 6 / 1 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يناير سنة 2024م،

الموافق الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 95 لسنة 43 قضائية "دستورية".

المقامة من

محمود حمادة محمد سيد

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس الوزراء

3- رئيس مجلس النواب

4- وزير العدل

5- الأمين العام لمحكمة شبرا الخيمة الابتدائية

6- رئيس وحدة المطالبة بمحكمة شبرا الخيمة الابتدائية

7- رئيس محضري تنفيذ المطالبة بمحكمة شبرا الخيمة

----------------

الإجراءات

 بتاريخ الثامن والعشرين من نوفمبر سنة 2021، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (243) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، فيما تضمنته من نظر المحكمة التي أصدرت الحكم، التماس إعادة النظر في الحالة السادسة من الحالات المنصوص عليها في المادة (241) من القانون ذاته.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق في أن المدعي أقام أمام محكمة شبرا الخيمة الجزئية الدعوى رقم 7 لسنة 2021 مدني مستعجل حكومة، ضد المدعى عليهم من الرابع حتى الأخير، بطلب الحكم في الموضوع وبصفة مستعجلة: بإلغاء أمري تقدير الرسوم الصادرين في المطالبة رقم 618 لسنة 2020/2021، عن الدعوى رقم 1095 لسنة 2020 مدني كلي جنوب بنها؛ وذلك على سند من أنه بتاريخ 2 /12 /2020، أُعلن بأمري تقدير الرسوم النسبية ورسوم صندوق الخدمات السالفي البيان، في حين أن الحكم الصادر في تلك الدعوى لم يقض عليه بشيء، بما مؤداه براءة ذمته من هذه المطالبة. وبجلسة 28 /7 /2021، حكمت المحكمة بالطلبات. طعن المدعى عليهم في الدعوى الموضوعية، في ذلك الحكم أمام محكمة جنوب بنها الابتدائية بالاستئناف رقم 119 لسنة 2021 مدني مستعجل، وأثناء نظره دفع المدعى عليهم بعدم اختصاص القضاء المستعجل نوعيًّا بنظر الدعوى، وبجلسة 26 /9/ 2021، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بإحالة الدعوى بحالتها إلى قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة شبرا الخيمة الجزئية. طعن المدعي على الحكم السالف الذكر بطريق التماس إعادة النظر أمام هيئة المحكمة التي أصدرته، طالبًا الحكم بإلغاء الحكم الملتمس فيه، والقضاء مجددًا برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، تأسيسًا على وقوع تناقض في منطوق الحكم، على نحو يستعصي معه تنفيذه، وفقًا لنص البند رقم (6) من المادة (241) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وأثناء نظر الالتماس، قدم المدعي مذكرة ضمنها تناقض منطوق الحكم الملتمس فيه بعضه لبعض، طالبًا فيها أصليًّا: إحالة الدعوى إلى دائرة أخرى لنظرها، إعمالًا لنص المادة (146) من القانون المار ذكره، واحتياطيًّا: دفع بعدم دستورية نص المادة (243) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، فيما تضمنه من نظر المحكمة التي أصدرت الحكم التماس إعادة النظر، في الحالة الواردة في البند (6) من الحالات المنصوص عليها في المادة (241) من القانون ذاته، لمخالفته نص المادة (186) من الدستور، وتعارضه مع نص المادة (146) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية؛ فأقام الدعوى المعروضة. مضت المحكمة في نظر الالتماس، وبجلسة 26/12/2021، قضت بعدم قبول الالتماس، وبتغريم المدعي مبلغ مائتي جنيه.

وحيث إن المادة (241) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 تنص على أن " للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية في الأحوال الآتية:

1- ...............

6- إذا كان منطوق الحكم مناقضًا بعضه لبعض.

8- ..............................".

وتنص المادة (243) من القانون ذاته على أن " يرفع الالتماس أمام المحكمة التي أصدرت الحكم بصحيفة تودع قلم كتابها وفقًا للأوضاع المقررة لرفع الدعوى.

.........................

ويجوز أن تكون المحكمة التي تنظر الالتماس مؤلفة من نفس القضاة الذين أصدروا الحكم".

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المعروضة على محكمة الموضوع، وأنه يكفي لتوافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية أن يكون الحكم فيها مؤثرًا في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة في الدعوى الموضوعية، دون أن يمتد ذلك لبحث شروط قبول تلك الدعوى، أو مدى أحقية المدعي في الدعوى الدستورية في طلباته أمام محكمة الموضوع، التي تختص وحدها بالفصل فيها. متى كان ذلك، وكان النزاع المعروض على محكمة الموضوع يدور حول طعن المدعي أمام محكمة جنوب بنها الابتدائية، بالتماس إعادة النظر على الحكم الصادر منها بجلسة 26/9/2021، في الاستئناف رقم 119 لسنة 2021 مدني مستعجل، وذلك استنادًا إلى وقوع تناقض في منطوق ذلك الحكم، وهي الحالة المنصوص عليها في البند رقم (6) من المادة (241) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المار ذكره، وإذ شُكلت الدائرة التي نظرت الالتماس من نفس القضاة الذين أصدروا الحكم الاستئنافي – عدا واحدًا منهم - وفق ما أجازته الفقرة الأخيرة من المادة (243) من القانون ذاته، ومن ثم فإن الفصل في دستورية هذه الفقرة وحدها، دون الفقرة الأولى من النص ذاته، إنما يرتب انعكاسًا أكيدًا على الطلبات المطروحة أمام محكمة الموضوع، في شأن تشكيل هيئة المحكمة التي تنظر التماس إعادة النظر في الحالة المشار إليها، مما تتوافر معه للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن بعدم دستوريتها، ويتحدد نطاق الدعوى الدستورية المعروضة، في نص الفقرة الأخيرة من المادة (243) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، في مجال سريانه على نص البند (6) من المادة (241) من القانون ذاته.

وحيث إن المدعي ينعى على النص المطعون فيه في النطاق المحدد سلفًا مخالفته مبدأ المساواة أمام القانون، وإخلاله بحق التقاضي، والحق في المحاكمة المنصفة أمام محكمة يتسم قضاتها بالحيدة، ولم يسبق لهم نظر الدعوى وتكوين رأي فيها، لا سيما أن الحالة المعروضة بالبند المشار إليه ترجع إلى خطأ القاضي الشخصي، الأمر الذي يخالف المواد (97 و184 و186) من دستور 2014، فضلًا عن تعارضه مع نص المادتين (146 و147) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، لعدم صلاحية الهيئة التي أصدرت الحكم الملتمس فيه لنظر الالتماس؛ لسبق نظرها الاستئناف والحكم فيه.

وحيث إنه عما نعى به المدعي من تعارض النص المطعون فيه مع نص المادتين (146 و147) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار إليه، فيما تضمنه أولهما في بنده الخامس من أن يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى، ممنوعًا من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم، إذا كان قد سبق له نظرها قاضيًا، وما تضمنه ثانيهما من أن يقع باطلًا عمل القاضي وقضاؤه في هذه الحالة ولو تم باتفاق الخصوم، فإن هذا النعي مردود بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط اختصاصها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح أن يكون مبنى الطعن هو مخالفة التشريع لنص دستوري، ولا شأن لها بالتعارض بين نصين تشريعيين جمعهما قانون واحد أو تفرقا بين قانونين مختلفين، ما لم يكن هذا التعارض منطويًا بذاته على مخالفة دستورية. متى كان ذلك، وكان هذا النعي أيًّا كان وجه الرأي في قيام هذا التعارض من عدمه لا يعدو أن يكون نعيًا بمخالفة نص تشريعي لنصين تشريعيين جمعهما قانون واحد، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة، ولا يشكل بذلك خروجًا على أحكام الدستور، ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عنه.

وحيث إن المقرر قانونًا أن التماس إعادة النظر هو طريق غير عادى للطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، يُرفع أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، إذا تحقق سبب أو أكثر من الأسباب التي حددتها المادة (241) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على سبيل الحصر، وهو لا يستهدف إصلاح الحكم موضوع الالتماس ولا يُقصد به تجريحه، وإنما يرمي إلى محو الحكم ذاته، ليعود مركز الملتمس في الخصومة إلى ما كان عليه قبل صدوره، ومواجهة النزاع من جديد للحصول على حكم آخر، بعد أن يتم التخلص من حجية الأمر المقضي. وبهذه المثابة وسَّد المشرع الاختصاص بنظر الالتماس إلى المحكمة ذاتها التي أصدرت الحكم المطعون فيه، باعتبار أن الطعن بهذا الطريق قد شُرع لتصويب ما شاب هذه الأحكام من تقديرات جانبها الصواب، مردها إلى الغش الذي أُدخِل على المحكمة في صور عدة، أبانت غالب حالاتها المادة (241) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، لترتبط تلك التقديرات بقضاء المحكمة ارتباط السبب بالمسبب مما أدى إلى التأثير في تقدير المحكمة، بحيث ما كان لهذا القضاء أن يصدر على النحو الذي صدر به، لو لم يقع في حومة ذلك الغش، ومع ذلك، وبالمخالفة لهذا الأصل، فإن المشرع في المادة (241) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المار ذكرها، جعل من بين أسباب الالتماس عيوبًا لا تتعلق بتقدير الوقائع، وإنما بخطأ في الحكم لم يطرأ بعد صدوره، بل علق به منذ نشأته، عائدًا إلى مسلك المحكمة ذاتها، ومن بين تلك الأسباب الحالة الواردة بالبند رقم (6) من تلك المادة، بشأن تناقض منطوق الحكم بعضه لبعض، والفرض في قيام الطعن بالالتماس لهذا الوجه أن التناقض لا يمكن رفعه بطريق التفسير طبقًا لما تنص عليه المادة (192) من القانون ذاته، ويعتبر الحكم الذي اعتراه هذا العيب باطلًا، كون تناقض المنطوق يساوي خلوه منه، إذ لا يمكن للحكم في الحالتين أن يحقق وظيفته، الأمر الذي تفارق معه تلك الحالة الأساس الذي قام عليه طريق التماس إعادة النظر، المتمثل في أن العيب الذي لحق بالحكم ليس لكونه لم يأت مطابقًا لإرادة القانون، وإنما لكون الوقائع التي ابتُنِيَ عليها مخالفة للحقيقة؛ مما أثر في تقدير المحكمة، وهو ما دعا التشريعات المقارنة، ومن بينها قانونا المرافعات الإيطالي والفرنسي، إلى استبعاد أسباب البطلان من حالات التماس إعادة النظر.

وحيث إن المسألة الدستورية المعروضة – دون الخوض في باقي حالات التماس إعادة النظر المنصوص عليها في المادة (241) من قانون المرافعات المدنية والتجارية – إنما تتحصل في جواز نظر الالتماس من هيئة محكمة مؤلفة من نفس القضاة – أو بعض منهم – الذين أصدروا الحكم الملتمس فيه، المنعي عليه بتناقض منطوقه بعضه لبعض، على نحو يوجب القضاء بإلغائه، فيما لو صح النعي عليه بالسبب المتقدم بيانه، بما لذلك من أثر على مبدأ تجرد القاضي وحيدته، واطمئنان المتقاضي إلى تحقق الأمرين معًا أثناء نظر الالتماس.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن استقلال السلطة القضائية المنصوص عليه في المادة (184) من الدستور، وإن كان لازمًا لضمان موضوعية الخضوع للقانون، ولحصول من يلوذون بها على الترضية القضائية التي يطلبونها عند وقوع عدوان على حقوقهم وحرياتهم. إلا أن حيدة تلك السلطة – التي حرص الدستور القائم على النص عليها في المادة (186) منه - تُعد عنصرًا فاعلًا في صون رسالتها لا يقل شأنًا عن استقلالها، بما يؤكد تكاملهما، ذلك أن استقلال السلطة القضائية يعني أن تعمل بعيدًا عن أشكال التأثير الخارجي التي توهن عزائم رجالها، فيميلون معها عن الحق إغواءً أو إرغامًا، ترغيبًا أو ترهيبًا، فإذا كان انصرافهم عن إنفاذ الحق تحاملًا من جانبهم على أحد الخصوم وانحيازًا لغيره، كان ذلك منافيًا لضمانة التجرد عند الفصل في الخصومة القضائية، ولحقيقة أن العمل القضائي لا يجوز أن يثير ظلالًا قاتمة حول حيدته، فلايطمئن إليه متقاضون داخلهم الريب فيه، بعد أن صار نائيًا عن القيم الرفيعة للوظيفة القضائية. يؤيد ذلك:

أولًا: إن إعلان المبادئ الأساسية في شأن استقلال القضاة التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بقراريها الصادرين في 29/11/1985، و13/12/1985، يؤكدان أن القضاة يفصلون في إطار من الحيدة فيما يعرض عليهم من منازعات على ضوء وقائعها ووفقًا للقانون، غير مدفوعين بتحريض، أو معرضين لتدخل بلا حق، أو مُحملين بقيود، أو ضغوط، أو تهديد مباشرًا كان أو غير مباشر أيَّا كان مصدرها أو سببها. وذلك بمراعاة أن القواعد التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة على هذا النحو، وإن لم تكن لها قوة إلزامية تكفل التقيد بها، إلا أن النزول عليها ما زال التزامًا أدبيًّا وسياسيًّا، وهي فوق هذا، تعبر عن اتجاه عام فيما بين الدول التي ارتضتها، يتمثل في توافقها على تطبيقها.

ثانيًا: إن استقلال السلطة القضائية واستقلال القضاة، وإن كفلتهما المادتان (184، 186) من الدستور، توقيًا لأي تأثير محتمل قد يميل بالقاضي عن ميزان الحق، إلا أن الدستور نص كذلك على أنه لا سلطان على القضاة في قضائهم لغير القانون. وهذا المبدأ الأخير لا يحمي فقط استقلال القاضي، بل يحول كذلك دون أن يكون العمل القضائي وليد نزعة شخصية غير متجردة، وهو أمر يقع - غالبًا- إذا فصل القاضي في نزاع سبق أن أبدى فيه رأيًا؛ ومن ثم تكون حيدة القاضي شرطًا لازمًا دستوريًّا لضمان ألّا يخضع في عمله لغير سلطان القانون.

ثالثًا: إن انصباب ضمانتي استقلال السلطة القضائية وحيدتها معًا على إدارة العدالة ضمانًا لفعاليتها، مؤداه بالضرورة تلازمهما، فلا ينفصلان. ومن غير المتصور أن يكون الدستور نائيًا بالسلطة القضائية عن أن تقوض بنيانها عوامل خارجية تؤثر في رسالتها، وأن يكون إيصالها الحقوق لذويها مهددًا بالتواء ينال من حيدة وتجرد رجالها، وإذا جاز القول وهو صحيح بأن الفصل في الخصومة القضائية حقًّا وعدلًا لا يستقيم إذا داخلتها عوامل تؤثر في موضوعية القرار الصادر عنها، أيًّا كانت طبيعتها وبغض النظر عن مصدرها أو دوافعها أو أشكالها، فقد صار أمرًا مقضيًّا أن تتعادل ضمانتا استقلال السلطة القضائية وحيدتها في مجال اتصالهما بالفصل في الحقوق انتصافًا، ترجيحًا لحقيقتها القانونية، لتكون لهما معًا القيمة الدستورية ذاتها، فلا تعلو إحداها على أخراها أو تجُبها، بل يتضاممان تكاملًا، ويتكافآن قدرًا.

رابعًا: إن ضمانة المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور بنص المادة (96)، تعني

- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون لكل خصومة قضائية قاضيها، ولو كانت الحقوق المثارة فيها من طبيعة مدنية، وأن تقوم على الفصل فيها علانية وإنصافًا محكمة مستقلة ومحايدة ينشئها القانون، يتمكن الخصم في إطارها من إيضاح دعواه، وعرض أدلتها، والرد على ما يعارضها من أقوال غرمائه أو حججهم على ضوء فرص يتكافأون فيها جميعًا، ليكون تشكيلها، وقواعد تنظيمها، وطبيعة النظم المعمول بها أمامها، وكيفية تطبيقها عملًا مُحددًا للعدالة مفهومًا تقدميًّا يلتئم مع المقاييس المعاصرة للدول المتحضرة.

خامسًا: إن حق التقاضي المنصوص عليه في المادة (97) من الدستور، مؤداه: أن لكل خصومة في نهاية مطافها حلًّا منصفًا يمثل الترضية القضائية التي يقتضيها رد العدوان على الحقوق المدعى بها، وتفترض هذه الترضية أن يكون مضمونها موافقًا لأحكام الدستور، وهي لا تكون كذلك إذا كان تقريرها عائدًا إلى جهة أو هيئة تفتقر إلى استقلالها أو حيدتها أو هما معًا. ذلك أن هاتين الضمانتين وقد فرضهما الدستور على ما تقدم تعتبران قيدًا على السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق. ومن ثم يلحق البطلان كل تنظيم تشريعي للخصومة القضائية على خلافهما.

وحيث إن الدستور قد اعتمد نص المادة (4) منه مبدأ العدل، باعتباره - إلى جانب مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص - أساسًا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية، يستلهمه المشرع وهو بصدد مباشرة سلطته في التشريع. وإذا كان الدستور – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – قد خلا من تحديد معنى العدالة، فإن المقصود بها ينبغي أن يتمثل فيما يكون حقًّا وواجبًا، سواء في علائق الأفراد فيما بينهم، أو في نطاق صلاتهم بمجتمعهم، بما مؤداه أن العدالة – في غايتها – لا تنفصل علاقاتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفًا إلا إذا كان كافلًا لأهدافها، فإذا ما زاغ المشرع ببصره عنها، وأهدر القيم الأصيلة التي تحتضنها، كان مُنهيًا للتوافق في مجال تنفيذه، ومسقطًا كل قيمة لوجوده، ومستوجبًا تغييره أو إلغاءه.

وحيث إن القيود التي فرضها الدستور على سلطة المشرع التقديرية في تنظيم الحقوق ومن بينها صون ضمانة الحيدة تعتبر حدًّا لتلك السلطة ترسم تخومها، وتبين ضوابطها، فلا يجوز الخروج عليها، لتظل الدائرة التي لا يتنفس الحق أو الضمانة محل الحماية إلا من خلالها، بعيدة عن عدوان السلطة التشريعية، فلا تنال منها سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان من المقرر أن مبدأ خضوع الدولة للقانون محددًا على ضوء مفهوم ديمقراطي مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق والضمانات التي يعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية، مفترضًا أوليًّا لقيام الدولة القانونية، ومن ثم فلا يجوز أن يكون العمل القضائي موطئًا لشبهة تداخل تجرده، وتثير ظلالًا قاتمة حول حيدته، فلا يطمئن إليه متقاضون استرابوا فيه، بعد أن صار نائيًا عن القيم الرفيعة للوظيفة القضائية، وكان لا يتصور والنفس بطبيعتها لا تميل إلى تخطئة تصرفاتها أن تنظر هيئة المحكمة بذات تشكيلها، أو بعض من أعضائها، التماس إعادة النظر في الحكم الصادر عنها، مبلورةً به قضاءً انتهت إليه، وأبانته في منطوق حكمها المنعي عليه بتناقض بعضه لبعض، وهو على ما تقدم، إن صادف صحة واقتضى قبولًا، يُعد إقرارًا بخطأ الحكم، مفضيًا إلى إبطاله لسبب لازمه عند صدوره، وما يتأدى إليه ذلك من وجوب إلغاء الهيئة ذاتها لحكمها، بمراعاة ما قد تختلج به صدور فئة من قضاة الالتماس – قليلة كانت أم كثيرة – من وصم قضائها بالبطلان، ومن ثم لم يجز، انتصافًا لضمانة الحيدة وتوكيدًا لها، وضنًّا بأحكام القضاء من أن تعلق بها استرابة المتقاضين، أن تكون هيئة محكمة التماس إعادة النظر – أو أي من أعضائها – ممن شاركوا في إصدار الحكم الملتمس فيه، وكان النص المطعون فيه، في النطاق المحدد سلفًا، قد جرى على غير هذا المنحى، فإنه يكون مخالفًا لأحكام المواد (4 و94/2 و96 و97 و184 و186) من الدستور، مما لزامه القضاء بعدم دستوريته.

وحيث إن محكمة الموضوع بعد تقديرها لجدية الدفع المثار من المدعي، وتصريحها له باتخاذ إجراءات رفع الدعوى الدستورية، وإقامته لها على ما تقدم بيانه، عادت لنقض قرارها هذا، ثم مضت في نظر الالتماس وقضت فيه بجلسة 26/12/2021، بعدم قبول الالتماس، وهو ما يعتبر عدوانًا من جانبها على الولاية التي أثبتها الدستور للمحكمة الدستورية العليا. ذلك أن الأصل المقرر قانونًا وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن اتصال الخصومة الدستورية بها من خلال رفعها إليها وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، يعنى دخولها في حوزتها لتهيمن عليها وحدها، فلا يجوز بعد انعقادها، أن تتخذ محكمة الموضوع إجراءً، أو تصدر حكمًا يحول دون الفصل في المسائل الدستورية التي تثيرها. إذ إن الدفع بعدم الدستورية الذى طُرح أمام محكمة الموضوع، كان محركًا للخصومة الدستورية، وعليها بعد تقديرها لجديته، وتعلُّق المسائل الدستورية التي أثارها بالمحكمة الدستورية العليا، أن تتربص قضاءها فيها باعتباره فاصلًا في موضوعها، كاشفًا عن النصوص القانونية التي ينبغي تطبيقها في النزاع الموضوعي، بما مؤداه: أنه فيما عدا الأحوال التي تنتفى فيها المصلحة في الخصومة الدستورية بقضاء من المحكمة الدستورية العليا، أو التي ينزل فيها خصم عن الحق في دعواه الموضوعية من خلال تركها وفقًا للقواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات، أو التي يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لها تقدير جديته، أو التي يكون عدول محكمة الموضوع فيها عن تقديرها لجدية دفع بعدم الدستورية، مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن النصوص ذاتها التي قام عليها هذا الدفع سواء بتقرير هذه المحكمة لصحتها أو بطلانها، فإن على محكمة الموضوع أن تلتزم قضاءها بتقدير جدية الدفع فلا تنحيه، وإلا كان ذلك نكولًا من جانبها عن التقيد بنص المادة (192) من الدستور التي تخول المحكمة الدستورية العليا دون غيرها، الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتسليطًا لقضاء أدنى على قضاء أعلى، بما يناقض الأسس الجوهرية التي يقوم التقاضي عليها، وتعطيلًا للضمانة المنصوص عليها في المادة (97) من الدستور، وما يتصل بها من حق اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسائل الدستورية التي اختصها الدستور بها، بوصفها قاضيها الطبيعي، ولأن القواعد التي ينتظمها الدستور، هي التي يتعين ترجيحها فى النزاع الموضوعي، إذا عارضتها قاعدة قانونية أدنى نزولًا على مبدأ خضوع الدولة للقانون، على ما تقضى به المادة (94) من الدستور. متى كان ذلك، وكان إنفاذ نصوص الدستور السابق بيانها، يقتضى ألا تعاق المحكمة الدستورية العليا بقرار من محكمة الموضوع، عن مباشرة ولايتها التي لا يجوز لها أن تتخلى عنها، وإلا كان ذلك منها تحريفًا لاختصاصها، وإهدارًا لموقعها من البنيان القانوني للنظام القضائي في مصر، وتنصلاً من مسئولياتها التي أولاها الدستور أمانتها، وكان الحكم الصادر من محكمة الموضوع في النزاع المعروض عليها، وإن ترتب عليه انحسار ولايتها بشأنه، إلا أن تعلق الخصومة الدستورية بالمحكمة الدستورية العليا قبل صدور الحكم المشار إليه ووفقًا لقانونها، والتزامها دستوريًّا بأن تقول كلمتها فيها، يقتضيها إسباغ الولاية من جديد على محكمة الموضوع لتفصل في النزاع الذى كان مطروحًا عليها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى المعروضة، ودون التقيد بالحكم الصادر عنها في النزاع الموضوعي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (243) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، في مجال سريانه على البند رقم (6) من المادة (241) من القانون ذاته، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 28555 لسنة 86 ق جلسة 11 / 12 / 2018 مكتب فني 69 ق 121 ص 1098

جلسة 11 من ديسمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / عصمت عبد المعوض عدلي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي تركي، علاء الدين كمال، أيمن العشري وعماد محمد عبد الجيد نواب رئيس المحكمة .
--------------
( 121 )
الطعن رقم 28555 لسنة 86 القضائية
محكمة اقتصادية . توظيف أموال . نصب . اختصاص " الاختصاص النوعي " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
قضاء المحكمة الاقتصادية بتبرئة الطاعن من تهم توجيه الدعوة للجمهور وتلقي أموال لتوظيفها بالمخالفة للقانون والامتناع عن ردها وإدانته باعتبار أن الواقعة جنحة نصب . خطأ في تطبيق القانون . يوجب النقض والقضاء بعدم اختصاصها بنظر الدعوى . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان البيّن من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه وجه الدعوة للجمهور عن طريق إعلان مطبوع لجمع الأموال لتوظيفها حالة كونه من غير الشركات المساهمة المقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة للرقابة المالية ، وتلقي تلك الأموال ، والامتناع عن ردها ، ومحكمة جنايات .... " الاقتصادية " قضت حضورياً بتاريخ .... ببراءة الطاعن مما أسند إليه من إتهام في الجناية محل أمر الإحالة ، وبمعاقبته بالحبس ثلاث سنين مع الشغل والنفاذ عما أسند إليه ، وألزمته بتعويض مدني مؤقت باعتبار أن الواقعة جنحة نصب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة " محكمة النقض " أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلى أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 120 لسنة 2008 بإصدار قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية قد نص في مادته الرابعة علي أن تختص الدوائر الابتدائية أو الاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها نوعياً ومكانياً بنظر الدعاوى الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في سبعة عشر قانوناً حددها حصراً ليس من بينها جنحة النصب المؤثمة بالمادة 336 من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكانت محكمة جنايات .... الاقتصادية قد قضت في الدعوى بالحكم المطعون فيه بعد قضاؤها ببراءة الطاعن من جرائم توجيه الدعوة للجمهور ، وتلقي أموال منهم لتوظيفها واستثمارها على خلاف أحكام القانون ، والامتناع عن ردها لأصحابها على اعتبار أن الواقعة لا تشكل سوى جنحة النصب المعاقب عليها بالمادة 336 من قانون العقوبات ، دون أن يكون لها ولاية الفصل فيها فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون إذ كان عليها أن تقصر حكمها على القضاء بعدم اختصاصها بنظر جنحة النصب دون أن تقضي فيها ، وهو ما يوجب نقض الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة الاقتصادية بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن في قضية الجناية بأنـه : ـــ
1 - وجه الدعوة للجمهور عن طريق إعلان مطبوع لجمع الأموال لتوظيفها واستثمارها في مجال تجارة السيارات والمقاولات عن طريق شركة تحمل اسم .... وذلك بعد العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة 1988 حال كونه من غير الشركات المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام والمقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة للرقابة المالية على النحو المبين بالتحقيقات .
2 - تلقى أموالاً من الجمهور بلغت جملتها مليون ومائتي وتسعين ألف جنيهاً مصرياً لتوظيفها واستثمارها وذلك بعد العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة 1988 حال كونه من غير الشركات المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام والمقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة للرقابة المالية على النحو المبين بالتحقيقات .
3 - امتنع عن رد مبلغ مليون ومائتي وتسعين ألف جنيهاً مصرياً جملة المبالغ المالية موضوع الاتهام الأول والمستحقة للمجني عليهم المبينة أسمائهم بالتحقيقات والتي تلقاها منهم بعد العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة 1988 على النحو المبين بالتحقيقات .
وادعى المجني عليهم قبل المتهم بمبلغ عشرة الاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعـاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 336 من قانون العقوبات . أولاً: ببراءة المتهم مما أسند إليه من إتهام في الجناية محل أمر الإحالة . ثانياً: بمعاقبة المتهم بالحبس ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ عما أسند إليه وألزمته بأن يؤدى للمدعين بالحق المدني مبلغ 10,001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمته بمصاريف الدعويين المدنية والجنائية ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة . وذلك باعتبار أن الواقعة جنحة نصب .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة النصب قد أخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أن ما أجرته المحكمة من تعديل في وصف التهمة المحال بها من النيابة العامة - من توجيه الدعوة للجمهور لتلقي أموالاً لتوظيفها واستثمارها والامتناع عن ردها - وانتهاؤها إلى أن الواقعة لا تشكل سوى جنحة نصب كان يوجب عليها الحكم بعدم الاختصاص باعتبار أن الواقعة جنحة من اختصاص محكمة الجنح العادية دون أن تفصل فيها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه وجه الدعوة للجمهور عن طريق إعلان مطبوع لجمع الأموال لتوظيفها حالة كونه من غير الشركات المساهمة المقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة للرقابة المالية ، وتلقي تلك الأموال ، والامتناع عن ردها ، ومحكمة جنايات .... " الاقتصادية " قضت حضورياً بتاريخ .... ببراءة الطاعن مما أسند إليه من إتهام في الجناية محل أمر الإحالة ، وبمعاقبته بالحبس ثلاث سنين مع الشغل والنفاذ عما أسند إليه ، وألزمته بتعويض مدني مؤقت باعتبار أن الواقعة جنحة نصب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة " محكمة النقض " أن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام بالنظر إلى أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 120 لسنة 2008 بإصدار قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية قد نص في مادته الرابعة علي أن تختص الدوائر الابتدائية أو الاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها نوعياً ومكانياً بنظر الدعاوى الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في سبعة عشر قانوناً حددها حصراً ليس من بينها جنحة النصب المؤثمة بالمادة 336 من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكانت محكمة جنايات .... الاقتصادية قد قضت في الدعوى بالحكم المطعون فيه بعد قضاؤها ببراءة الطاعن من جرائم توجيه الدعوة للجمهور ، وتلقي أموال منهم لتوظيفها واستثمارها على خلاف أحكام القانون ، والامتناع عن ردها لأصحابها على اعتبار أن الواقعة لا تشكل سوى جنحة النصب المعاقب عليها بالمادة 336 من قانون العقوبات ، دون أن يكون لها ولاية الفصل فيها فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون إذ كان عليها أن تقصر حكمها على القضاء بعدم اختصاصها بنظر جنحة النصب دون أن تقضي فيها ، وهو ما يوجب نقض الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة الاقتصادية بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 32459 لسنة 86 ق جلسة 13 / 12 / 2018 مكتب فني 69 ق 122 ص 1102

جلسة 13 من ديسمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / عبد التواب أبو طالب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت أحمد عبد المجيد، سامح حامد ونبيل مسلم نواب رئيس المحكمة وأحمد الطويل .
--------------
( 122 )
الطعن رقم 32459 لسنة 86 القضائية
اختصاص " الاختصاص النوعي " . توظيف أموال . نظام عام . محكمة اقتصادية . قانون " تفسيره " " تطبيقه " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
القواعد المتعلقة باختصاص المحاكم الجنائية من النظام العام . الدفع بمخالفتها لأول مرة أمام محكمة النقض . جائز . لها أن تقضي فيه من تلقاء نفسها دون طلب . شرط ذلك ؟
ولاية المحاكم العادية للحكم في الجرائم . ولاية عامة أصيلة . لا يحد من سلطتها في هذا الشأن إلا على سبيل الاستثناء في حدوده الضيقة . التوسع فيه أو القياس عليه . غير جائز .
تخلي المحاكم العادية عن اختصاصها . غير جائز . إلا إذا كان الوصف الجنائي خارجاً عن ولايتها بموجب نص صريح خاص .
جريمتا تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها الواردتان بقانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها . من اختصاص المحاكم الاقتصادية دون غيرها . إدانة محكمة الجنايات المتهم عنهما دون القضاء بعدم الاختصاص النوعي . خطأ في تطبيق القانون . أساس وأثر ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كانت الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه (1) تلقى أموالاً من الجمهور بلغ مقدارها ..... جنيه مصري لتوظيفها واستثمارها في مجال تجارة كروت وخطوط الهاتف الجوال دون أن يكون مرخصاً له بذلك النشاط بالمخالفة لأحكام القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها ، (2) امتنع عن رد الأموال المبينة موضوع التهمة السابقة والمستحقة للمودعين والتي تلقاها منهم بعد العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة 1988 على النحو المبين بالتحقيقات وإحالته إلى محكمة جنايات القاهرة التي قضت حضورياً في .... بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثمائة وأربعة وأربعون ألف وخمسمائة جنيه مصري ورد الأموال المستحقة إلى المجني عليهم " أصحابها " وألزمته المصاريف الجنائية . ولما كان ذلك، وكان من المقرر أن القواعد المتعلقة باختصاص المحاكم الجنائية في المواد الجنائية تعد جميعاً من النظام العام بالنظر إلى أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة ، ويجوز الدفع بمخالفتها لأول مرة أمام محكمة النقض أو تقضي هي فيه من تلقاء نفسها بدون طلب متى كان ذلك لمصلحة المحكوم عليه وكانت عناصر المخالفة ثابتة في الحكم، وكان من المقرر أيضاً أن ولاية المحاكمة العادية للحكم في الجرائم التي تقع هي ولاية عامة أصيلة وكل ما يحد من سلطتها في هذا الشأن جاء على سبيل الاستثناء ، والاستثناء يجب أن يبقى في حدوده الضيقة ولا يصح التوسع فيه أو القياس عليه ، فمتى رفعت للمحاكم العادية قضية بوصف جنائي يدخل في اختصاصها العام وجب عليها النظر فيه وعدم التخلي عن ولايتها، وعلى ذلك فلا يجوز للمحاكمة العادية أن تحكم بعدم اختصاصها إذا كان الوصف الجنائي الذي رفع إليها يخرج عن ولايتها بموجب نص صريح خاص . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية إذ نص في مادته الرابعة على أن " تختص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها نوعياً ومكانياً بنظر الدعاوي الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في القوانين الآتية : ...11- قانون الشركات العامة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها..." ، فقد دل بصريح العبارة على اختصاص المحاكم الاقتصادية المنشأة طبقاً لأحكامه بنظر الجرائم الواردة بقانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها اختصاصاً استثنائياً وانفرادياً لا تشاركها فيه أي محكمة أخرى . لما كان ذلك، وكانت الجريمتان المسندتان إلى الطاعن تختص بهما المحاكم الاقتصادية دون غيرها وفقاً لنص المادة الرابعة آنفة الذكر، مما كان يتعين على محكمة الجنايات العادية المرفوعة إليها الدعوى أن تقضي بعدم اختصاصها نوعياً بنظرها ، أما وهي لم تفعل وتصدت للحكم فيها دون أن تكون لها ولاية الفصل فيها ، فإنها تكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ولما كانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أن المحكمة التي أصدرتها لا ولاية لها بالفصل في الدعوى ، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة .... الاقتصادية المختصة بالفصل فيها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أولاً: تلقي أموالاً من الجمهور بلغت مقدارها .... جنيهًا مصرياً لتوظيفها واستثمارها في مجال تجارة كروت وخطوط الهاتف الجوال دون أن يكون مرخصاً له بذلك النشاط بالمخالفة لأحكام القانون رقم 146 لسنة ۱۹۸۸ بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها.
ثانياً: امتنع عن رد الأموال المبينة موضوع التهمة السابقة والمستحقة للمودعين والتي تلقاها منهم بعد العمل بأحكام القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقى الأموال لاستثمارها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 21/1 ، 26 من القانون رقم 146 لسنة ۱۹۸۸ وبعد إعمال نص المادة ۳۲ من قانون العقوبات . بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثمائة وأربعة وأربعون ألف وخمسمائة جنيهاً مصرياً ورد الأموال المستحقة إلى المجني عليهم " أصحابها " .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه جاء قاصراً في تحصيل الواقعة وأدلتها ، ولم يستظهر ركني الجريمة المادي والمعنوي ، ولم يدلل على توافر ركن إعلانية ، ولم يعن ببيان كيفية توجيه الدعوة للجمهور للاكتتاب سيما وأن تلقي الأموال مقصور على أشخاص معينين بذواتهم لا ينطبق عليهم ذلك الوصف ، واطرح الحكم برد قاصر دفعه بانتفاء أركان جريمتي تلقي الأموال من الجمهور والامتناع عن ردها وعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحتين رقمي .... ، .... جنح .... وبطلان إيصالي الأمانة المقدمين من شاهد الإثبات الثالث للتزوير في صلبهما بعد تقديمهما للدعوى وبعدم جـــواز إثبات عقد الائتمان بالبينة ، كما عول الحكم على إيصالات الأمانة المقدمة من المجني عليهم على الرغم من خلو الأوراق من عقد توظيف الأموال بين الطاعن والمجني عليهم مما لا يعبر بذاته عن اتجاه نيتهم إلى توظيف الأموال وإنما حررت كضمان لمعاملات مالية بين الطرفين ، واستندت النيابة العامة بأمر الإحالة إلى دليل لا يصل لحد الكفاية إذ أن مجموع الأموال المثبتة بصور إيصالات الأمانة المقدمة بحوافظ المستندات مخالف لما جاء بأمر الإحالة ، وأخيراً التفت المحكمة إيراداً ورداً على الدفوع الجوهرية المبداة أمامها وحوافظ المستندات المقدمة منه والمؤيدة لها ، بما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
من حيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنه (1) تلقى أموالاً من الجمهور بلغ مقدارها .... جنيه مصري لتوظيفها واستثمارها في مجال تجارة كروت وخطوط الهاتف الجوال دون أن يكون مرخصاً له بذلك النشاط بالمخالفة لأحكام القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها ، (2) امتنع عن رد الأموال المبينة موضوع التهمة السابقة والمستحقة للمودعين والتي تلقاها منهم بعد العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة 1988 على النحو المبين بالتحقيقات وإحالته إلى محكمة جنايات القاهرة التي قضت حضورياً في .... بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثمائة وأربعة وأربعون ألف وخمسمائة جنيه مصري ورد الاموال المستحقة إلى المجني عليهم " أصحابها " وألزمته المصاريف الجنائية . ولما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القواعد المتعلقة باختصاص المحاكم الجنائية في المواد الجنائية تعد جميعاً من النظام العام بالنظر إلى أن الشارع في تقديره لها قد أقام ذلك على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة ، ويجوز الدفع بمخالفتها لأول مرة أمام محكمة النقض أو تقضي هي فيه من تلقاء نفسها بدون طلب متى كان ذلك لمصلحة المحكوم عليه وكانت عناصر المخالفة ثابتة في الحكم ، وكان من المقرر أيضاً أن ولاية المحاكمة العادية للحكم في الجرائم التي تقع هي ولاية عامة أصيلة وكل ما يحد من سلطتها في هذا الشأن جاء على سبيل الاستثناء ، والاستثناء يجب أن يبقى في حدوده الضيقة ولا يصح التوسع فيه أو القياس عليه ، فمتى رفعت للمحاكم العادية قضية بوصف جنائي يدخل في اختصاصها العام وجب عليها النظر فيه وعدم التخلي عن ولايتها ، وعلى ذلك فلا يجوز للمحاكمة العادية أن تحكم بعدم اختصاصها إذا كان الوصف الجنائي الذي رفع إليها يخرج عن ولايتها بموجب نص صريح خاص . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية إذ نص في مادته الرابعة على أن " تختص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها نوعياً ومكانياً بنظر الدعاوي الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في القوانين الآتية : ...11- قانون الشركات العامة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها..."، فقد دل بصريح العبارة على اختصاص المحاكم الاقتصادية المنشأة طبقاً لأحكامه بنظر الجرائم الواردة بقانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها اختصاصاً استثنائياً وانفرادياً لا تشاركها فيه أي محكمة أخرى . لما كان ذلك ، وكانت الجريمتان المسندتان إلى الطاعن تختص بهما المحاكم الاقتصادية دون غيرها وفقاً لنص المادة الرابعة آنفة الذكر، مما كان يتعين على محكمة الجنايات العادية المرفوعة إليها الدعوى أن تقضي بعدم اختصاصها نوعياً بنظرها، أما وهي لم تفعل وتصدت للحكم فيها دون أن تكون لها ولاية الفصل فيها ، فإنها تكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ولما كانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أن المحكمة التي أصدرتها لا ولاية لها بالفصل في الدعوى ، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة .... الاقتصادية المختصة بالفصل فيها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 29878 لسنة 86 ق جلسة 17 / 12 / 2018 مكتب فني 69 ق 123 ص 1107

جلسة 17 من ديسمبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / عاطف خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / النجار توفيق، أحمد حافظ، عبد الحميد دياب ومصطفى فتحي نواب رئيس المحكمة .
--------------
( 123 )
الطعن رقم 29878 لسنة 86 القضائية
قانون " تطبيقه " . قتل عمد . اقتران . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . عقوبة " تقديرها " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
عقوبة المادة 234 /2 عقوبات . يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وقيام المصاحبة الزمنية بينهما .
إطلاق عيار واحد بقصد القتل أصاب شخصين . فعل واحد كون جريمتين . أثره : وجوب تطبيق المادة 32 عقوبات .
انتهاء الحكم إلى توافر الاقتران في حق المتهم لوقوع الجريمتين في مكان وزمان واحد ونزوله بالعقوبة إلى السجن المؤبد . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه والإعادة . علة ذلك ؟
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لتوافر ظرف الاقتران في قوله " .... وإذ كان ذلك وكان الثابت من ماديات الدعوى أن المتهم أطلق عياراً نارياً صوب المجني عليه الأول .... بقصد قتله فأصابه بالإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وقد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركته بالعلاج اللازم ومن ثم تكون جناية الشروع في القتل قد توافرت في حقه وما وقع منه أثناء ذلك في إصابة المجني عليه الثاني .... والذى تصادف وجوده بمكان الحادث فإن ذلك يوفر جريمة القتل لتوافر نية قتل المجني عليه الأول وتوافر فيحقه معه ظرف الاقتران لوقوع تلك الجرائم في مكان واحد وزمن قصير وبفعل مادى واحد الأمر الذى يتحقق معه توافر ظرف الاقتران بين الجنايتين الواردتين بالفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يشترط لتطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات أن تكون الجناية المقترنة مستقلة عن جناية القتل ومتميزة عنها فضلاً عن المصاحبة الزمنية وإذن فهي لا تنطبق على من يطلق عياراً واحداً بقصد القتل فيصيب به شخصين إذ إن ما وقع من الجاني هو فعل واحد كون جريمتين ويجب في هذه الصورة تطبيق الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات ويكتفي بتوقيع العقوبة الأشد . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد انتهت إلى أن الاقتران قد توافر في حق المتهم من قتل المجني عليه الأول .... وشروعه في قتل المجني عليه الثاني .... لوقوع الجريمتين في مكان وزمن واحد من أن المتهم أطلق عياراً نارياً أخطأ المجني عليه الثاني وقتل الأول وهو فعل مادي واحد تعددت نتائجه وهذا الخطـأ الذى تردى فيه الحكم أسلسه إلى خطأ حين استخدم المادة 17 من قانون العقوبات فنزل بالعقوبة إلى السجن المؤبد باعتبار أن جناية القتل المقترن بجناية أخرى عقوبتها الإعدام في حين أن جنايتي القتل والشروع فيه اللتين دان الطاعن بهما لا اقتران بينهما وعقوبة القتل العمد وفق نص المادة 234/1 السجن المؤبد أو المشدد بما كان لو فطن الحكم إلى ذلك لما أوقع العقوبة علي النحو الذى طبقه . فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه . . لما كان ذلك ، وكان تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع ، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة وذلك بغير حاجة إلى النظر فيما يثيره الطاعن في أسباب طعنه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما : قتلا المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم علي قتله وأعد المتهم الأول لهذا الغرض سلاحاً نارياً (فرد خرطوش) والمتهم الثاني سلاحاً أبيضاً (عصا شوم) وتربصا له في المكان الذي أيقنا سلفاً حضوره إليه وما أن ظفرا به قام المتهم الثاني بتهديده بالسلاح الأبيض وأطلق المتهم الأول صوبه عياراً نارياً من السلاح الناري سالف الذكر قاصدين من ذلك قتله فأحدثا ما به من الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى وهي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر ـــــ شرعا في قتل المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتله وأعد المتهم الأول لهذا الغرض سلاحاً ( فرد خرطوش ) والمتهم الثاني سلاحاً أبيضاً ( عصا شوم ) وتربصا له في المكان الذي أيقنا سلفاً حضوره إليه وما أن ظفرا به قام المتهم الثاني بتهديده بالسلاح الأبيض وأطلق المتهم الأول صوبه عياراً نارياً من السلاح الناري سالف الذكر قاصدين من ذلك قتله فأحدثا ما به من الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مداركة المجنى عليه العلاج .
المتهم الأول: - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن ( فرد خرطوش ) . - أحرز ذخائر ( طلقة واحدة ) استعملها في السلاح الناري سالف الذكر حال كونه غير مرخص له في حيازتها أو إحرازها.
المتهم الثاني : أحرز بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية سلاح أبيض ( عصا شوم ) .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46/1، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/1، 6، 26/1، 5، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 95 لسنة 2003 والجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول ، وذلك بعد استبعاد ظرفي سبق الإصرار والترصد وإعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات . أولاً: بمعاقبة الطاعن بالسجن المؤبد ومصادرة السلاح الناري المضبوط وألزمته بالمصروفات الجنائية . ثانياً: ببراءة .... مما نسب إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد المقترن بجناية الشروع في القتل وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب ذلك أنه جاء قاصراً في التدليل على توافر ظرف الاقتران في حقه مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض لتوافر ظرف الاقتران في قوله " .... وإذ كان ذلك وكان الثابت من ماديات الدعوى أن المتهم أطلق عياراً نارياً صوب المجني عليه الأول .... بقصد قتله فأصابه بالإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وقد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مداركته بالعلاج اللازم ومن ثم تكون جناية الشروع في القتل قد توافرت في حقه وما وقع منه أثناء ذلك في إصابة المجني عليه الثاني .... والذى تصادف وجوده بمكان الحادث فإن ذلك يوفر جريمة القتل لتوافر نية قتل المجني عليه الأول وتوافر معه ظرف الاقتران لوقوع تلك الجرائم في مكان واحد وزمن قصير وبفعل مادي واحد الأمر الذى يتحقق معه توافر ظرف الاقتران بين الجنايتين الواردتين بالفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يشترط لتطبيق الفقرة الثانية من المادة 234 عقوبات أن تكون الجناية المقترنة مستقلة عن جناية القتل ومتميزة عنها فضلاً عن المصاحبة الزمنية وإذن فهي لا تنطبق علي من يطلق عياراً واحداً بقصد القتل فيصيب به شخصين إذ أن ما وقع من الجاني هو فعل واحد كون جريمتين ويجب في هذه الصورة تطبيق الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات ويكتفي بتوقيع العقوبة الأشد . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد انتهت إلى أن الاقتران قد توافر في حق المتهم من قتل المجني عليه الأول .... وشروعه في قتل المجني عليه الثاني .... لوقوع الجريمتين في مكان وزمن واحد من أن المتهم أطلق عياراً نارياً أخطأ المجني عليه الثاني وقتل الأول وهو فعل مادي واحد تعددت نتائجه وهذا الخطـأ الذى تردى فيه الحكم أسلسه إلى خطأ حين استخدم المادة 17 من قانون العقوبات فنزل بالعقوبة إلى السجن المؤبد باعتبار أن جناية القتل المقترن بجناية أخرى عقوبتها الإعدام في حين أن جنايتي القتل والشروع فيه اللتين دان الطاعن بهما لا اقتران بينهما وعقوبة القتل العمد وفق نص المادة 234/1 السجن المؤبد أو المشدد بما كان لو فطن الحكم إلى ذلك لما أوقع العقوبة علي النحو الذى طبقه . فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكان تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع ، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة وذلك بغير حاجة إلى النظر فيما يثيره الطاعن في أسباب طعنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1466 لسنة 30 ق جلسة 26 / 12/ 1960 مكتب فني 11 ج 3 ق 185 ص 947

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدي، وحسن خالد المستشارين.

----------------

(185)
الطعن رقم 1466 سنة 30 القضائية

(أ) إجراءات المحاكمة.
فقد محضر المعاينة في قضية مرفوعة أمام المحكمة: سؤال المحكمة وكيل النيابة مجري المعاينة يتحقق به استكمال النقص الناشئ عن فقد محضرها. الم 558 أ. ج.
(ب) دفاع.
طلب المعاينة: متى يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته؟ إذا كان لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة على ما رواه شهودها.
(ج) تحقيق. إثبات.
ما لا يبطل المعاينة: إجراؤها في غيبة المتهم. ما يملكه المتهم هو التمسك لدى محكمة الموضوع بما شاب المعاينة التي تمت في غيبته من نقص أو عيب. سلطة المحكمة في تقدير هذه المعاينة.
(د) إتلاف عمدي. نقض.
أسباب الطعن الموضوعية: ما تعلق بسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. مثال المنازعة في قيمة الضرر المالي المترتب على فعل التخريب المعاقب عليه بالمادة 361/ 2 ع.

---------------
1 - إذا كان الثابت أن المحكمة تولت بنفسها سؤال وكيل النيابة الذي قام بإجراء المعاينة نظراً إلى فقد محضرها، فإن المحكمة بذلك تكون قد استكملت النقص الذي نشأ عن فقد المحضر المذكور على الوجه الذي ارتأته أخذاً بما يجري به نص المادة 558 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - (1) من المقرر أن طلب المعاينة متى كان لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود - بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي أطمأنت إليه المحكمة، فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً ولا تلتزم المحكمة بإجابته - فإذا كانت محكمة الموضوع قد أطمأنت إلى أقوال محقق الواقعة وخلصت منها - لأسباب سائغة - إلى إمكان مشاهدة شاهد الرؤية للمتهمين وقت مقارفتهما الاعتداء على المجني عليه، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها، ولا محل للنعي عليها لعدم توليها إعادة المعاينة بمعرفتها.
3 - (2) المعاينة ليست إلا إجراء من إجراءات التحقيق يجوز للنيابة أن تقوم به في غيبة المتهم إذا هي رأت لذلك موجباً، ولا يبطلها غياب المتهم وقت إجرائها، وكل ما يكون له هو أن يتمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون في المعاينة من نقص أو عيب حتى تقدرها المحكمة وهي على بينة من أمرها - كما هو الشأن في سائر الأوراق.
4 - إذا كان الثابت أن المتهم أو المدافع عنه لم ينازع أيهما في قيمة الضرر المالي المترتب على فعل التخريب والذي طلبت النيابة العامة تطبيق المادة 361 من قانون العقوبات في فقرتها الثانية - بالنسبة إليه ودارت المرافعة على هذا الأساس، فإنه لا يقبل منه أن يثير هذه المنازعة لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلق الأمر بسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى والفصل فيها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهما: المتهمان الأولان - قتلا المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار على ذلك بأن بيتا النية على قتله وأعد الأول فأساً والثاني شرشرة وقصدا إلى حيث كان يعمل بحقله وانهالا عليه ضرباً قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. والمتهم الثاني خرب ماكينة الري المبينة بالمحضر والمملوكة لآخر بأن طرق عليها بفأس فكسر أجزائها وكان ذلك بقصد الإساءة، وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 230 و231 و361/ 1 - 2 من قانون العقوبات فقررت بذلك. وقد ادعى شقيق القتيل، عن نفسه وبصفته وصياً للخصومة على ابنة شقيقه القاصرة بحق مدني قبل المتهمين وطلب القضاء لهما قبلهما متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد بصفة تعويض مؤقت. وأمام محكمة الجنايات وجهت النيابة تهمة الشهادة الزور إلى المتهم الثالث وطلبت عقابه بالمادة 294 من قانون العقوبات. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهمتين المسندتين إليه وإلزام المتهمين الأول والثاني متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني عن نفسه وبصفته وصياً على قاصرة القتيل بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية وأتعاب المحاماة وبمعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور. فطعن المحكوم عليهما الأولان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

.... حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه انطوى على بطلان في الإجراءات أثر فيه كما أخل بحقهما في الدفاع ذلك أنه استدل بصفة أصيلة على ثبوت تهمة القتل العمد التي دين بها الطاعن الأول، وتهمة إحداث الجرح التي دين بها الطاعن الثاني على شهادة محمد سيد أحمد غرابيل من أنه شاهدهما يعتديان على المجني عليه مع أنه يوجد حائل مادي عبارة عن بناء ضخم مركب عليه ساقية يحول دون رؤيته الاعتداء من الموضع الذي قرر أنه كان موجوداً به ونظراً إلى فقد محضر المعاينة من أوراق الدعوى وعدم تغير الأوضاع المادية لمكان الحادث فقد طلب الدفاع من الطاعنين من المحكمة الانتقال إلى مكان الحادث لإجراء المعاينة تحقيقاً لهذا الدفاع وإعمالاً لنص المادة 558 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بتولي محكمة الموضوع دون غيرها التحقيق في حالة فقد أوراقه بعد رفع القضية أمامها. ولكن المحكمة التفتت عن إجابة هذا الطلب واعتمدت في ذلك على مناقشتها لوكيل النيابة الذي أجرى المعاينتين المفقودتين على رغم أن أقواله كانت تستند إلى الذاكرة، وإلى مسودات رسوم بالقلم الرصاص، وأنه ذهب إلى القول بأن مكان القتل في المعاينة الأولى التي عاصرت الحادث كان على مسافة ووضع يخالف ما أرشده عنه الشهود في المعاينة الثانية في غيبة الطاعنين مما كان يقتضي من المحكمة الاستجابة إلى هذا الطلب، ويضيف الطاعن الثاني أن الحكم شابه قصور في بيان الواقعة التي دين من أجلها، ذلك أنه ساءله طبقاً للمادتين 242/ 1 و361/ 1، 2 من قانون العقوبات وأوقع عليه أقصى العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 361 - وهي تجاوز الحد الأقصى المقرر بالمادة 242/ 1 - ومناط العقاب بالمادة المذكورة هو أن يكون الإتلاف بقصد الإساءة وأن يجاوز الضرر المالي عشرة جنيهات. وقد خلص الحكم إلى ذلك دون أن يبين وجه الإتلاف ومداه وأساس الاستدلال به على قيمة الضرر مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعنين بوصف أنهما قتلا المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وأعد الأول فأساً والثاني شرشرة وقصدا إلى حيث كان يعمل بحقله وانهالا عليه ضرباً قاصدين قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وأن الطاعن الثاني خرب ماكينة الري المملوكة لآخر بأن طرق عليها بفأس فكسر بعض أجزائها وكان ذلك بقصد الإساءة وذلك طبقاً للمواد 230 و231 و361/ 1، 2 من قانون العقوبات، وادعى محمد طه الديب شقيق المجني عليه القتيل بحق مدني عن نفسه وبصفته وصياً للخصومة على ابنة القتيل القاصر قبل الطاعنين متضامنين بمبلغ قرش على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات المنصورة دانت الطاعن الأول بقتل المجني عليه عمداً عملاً بالمادة 234 من قانون العقوبات مستبعدة ظرف سبق الإصرار ودانت الطاعن الثاني بالمادتين 242/ 1 و361/ 1 - 2 من قانون العقوبات وأوقعت عليه عقوبة واحدة هي الحبس مع الشغل لمدة سنتين وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية عن نفسه وبصفته مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. وقد بين الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعنان بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن التقرير الطبي الشرعي ومن استعراف الكلب البوليسي ومن شهادة وكيل النيابة الذي أجرى التحقيق وقام بالمعاينة التي فقد جزء منها - وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة تولت بنفسها سؤال وكيل النيابة الذي قام بإجراء المعاينة نظراً إلى فقد محضرها وهي بهذا قد استكملت النقص الذي نشأ عن فقد المحضر المذكور على الوجه الذي ارتأته أخذاً بما يجري به نص المادة 558 من قانون الإجراءات الجنائية الذي ينص بأنه "إذا فقدت أوراق التحقيق كلها أو بعضها قبل صدور قرار فيه يعاد التحقيق فيما فقدت أوراقه. وإذا كانت القضية مرفوعة أمام المحكمة تتولى هي إجراء ما تراه من التحقيق" وعرض الحكم إلى ما أثاره الدفاع في خصوص إجراء المعاينة فقال "وحيث إن طلب الدفاع معاينة مكان الحادث من جديد لا جدوى منه بعد أن ناقشت المحكمة والدفاع السيد المحقق الذي أجرى المعاينة والتحقيق فأبان موقف المتهمين (الطاعنين) من المجني عليه ومطاردتهم له وموقف الشهود من واقع الرسم الذي سبق أن أجراه وقت الحادث وبين بوضوح أن الحادث وقع نهاراً وليس هناك حوائل مادية تعوق الرؤية. كما أن الأرض كانت مكشوفة من الزراعة. أما المصلى المزعومة فليس لها من أثر فلم يكن وقت المعاينة أي مبنى وأن المحقق يذكر أن الأرض كانت فضاء وأن الشاهد محمد سيد أحمد غرابيل كان يصلي على حافة القناة في أرض فضاء. أما الزعم بوجود مبنى ساقية ارتفاع سورها ثلاثة أمتار فقد أجاب السيد المحقق عن ذلك بأنه استبان وقت المعاينة من مكان وقوف الشاهد الذي أرشد عنه في حينه أنه يستطيع رؤية المجني عليه واعتداء المتهمين بسهولة ودون أي حائل وحتى مع قيام هذه الساقية. وحيث إنه لما تقدم تطمئن المحكمة إلى هذه الأقوال ولا ترى بعد مضي ستة أشهر على الحادث أي جدوى من إجراء معاينة أخرى في هذا الخصوص. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم من ذلك يتضمن الرد الكافي على ما طلبه المدافع عن الطاعنين تبريراً لرفضه، ذلك بأنه متى كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال محقق الواقعة وخلصت منها للأسباب السائغة التي ذكرتها إلى إمكان مشاهدة شاهد الرؤية الطاعنين وقت مقارفتهما الاعتداء على المجني عليه فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا محل للنعي عليها لعدم توليها إعادة المعاينة بمعرفتها، لأنه من المقرر أنه متى كان هذا الطلب لا يتجه إلى نفي الفعل المكوّن للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي أطمأنت إليه المحكمة كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً ولا تلتزم المحكمة بإجابته ولا يغير من ذلك ألا يكون الطاعنان قد حضرا المعاينة الثانية التي أجريت بإرشاد الشهود أو أن يكون المحقق قد قرر أن مكان القتل في المعاينة التي عاصرت الحادث يختلف عن المكان الذي أرشده عنه الشهود في المعاينة الثانية، ذلك أن المعاينة التي تجريها النيابة عن محل الحادث لا يلحقها البطلان بسبب غياب المتهم وقت إجرائها إذ المعاينة ليست إلا إجراء من إجراءات التحقيق يجوز للنيابة أن تقوم به في غيبة المتهم إذا هي رأت لذلك موجباً. وكل ما يكون للمتهم هو أن يتمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون في المعاينة من نقص أو عيب حتى تقدرها المحكمة وهي على بينة من أمرها. كما هو الشأن في سائر الأدلة فإذا كان الدفاع لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بشيء في هذا الصدد واطمأنت إلى ما قرره المحقق من أن شاهد الرؤية كان يستطيع الرؤية من المكان الذي كان به وقت الحادث فلا تثريب على المحكمة إذا هي أخذت برواية المحقق في هذا الشأن واستندت إليها في حكمها، لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم من قصور في بيان واقعة الإتلاف التي دين بها مردوداً بأن الحكم قد بين هذه الواقعة في قوله "وحيث إنه ثبت من أقوال محمد سيد أحمد غرابيل بأن المتهم الثاني (الطاعن الثاني) وقد رأى الشاهد يهم بالذهاب نحوهما لمنعهما من الاعتداء على القتيل اتجه نحوه فهرب الشاهد وعندئذ تناول المتهم المذكور فأساً وخرب بها أتومبيل المياه المملوك لمحمد سيد أحمد غرابيل بأن طرق عليه بفأس فكسر بعض أجزائه وكان ذلك بقصد الإساءة، وقد ثبت هذا الإتلاف بشهادة محمد سيد أحمد غرابيل وفياضة صادق علي، وجزء المعاينة المرفق بالأوراق والثابت منه وجود إتلاف بالماكينة المذكورة" "وحيث إن تهمة الإتلاف قد بلغت من الجسامة حداً تقدره المحكمة في سبيل إصلاحها ما يتجاوز العشرة جنيهات الأمر المنطبق على المادة 361/ 1 و2 من قانون العقوبات" لما كان ذلك، وكانت المادة 361 من قانون العقوبات لا تستلزم قصداً جنائياً خاصاً وأن عبارة قصد الإساءة لم تأت بجديد يمكن أن يضاف إلى القصد الجنائي العام في جرائم الإتلاف العمدية المبينة في القانون لأن تطلب نية الإضرار حيث لا يتصور تخلف الضرر هو تحصيل لحاصل وذكر لمفهوم وكان ما أورده الحكم في ذلك تتوافر به جريمة الإتلاف العمد كما هي معرفة به بنص المادة 361 من ذلك القانون، ولما كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن المذكور أو المدافع عنه لم ينازع أيهما في قيمة الضرر المالي المترتب على فعل التخريب والذي طلبت النيابة العامة تطبيق الفقرة الثانية من المادة 361 من قانون العقوبات بالنسبة إليه ودارت المرافعة على هذا الأساس فلا يقبل منه أن يثير هذه المنازعة أمام محكمة النقض لتعلق الأمر بسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى والفصل فيه في حدود سلطتها التقديرية بلا معقب عليها في ذلك. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.


(1) مبدأ الطعن 1514 لسنة 26 ق - (جلسة 11/ 2/ 1957) والطعن 442 لسنة 27 ق - جلسة 11/ 6/ 1957 - مج الأحكام سنة 8 - القاعدة 42 ص 140، 177 ص 646 على التوالي، المبدأ ذاته في الطعن 1589/ 30 ق - (جلسة 16/ 1/ 1961) وراجع أيضاً القاعدة 173 صفحة 887 من هذا العدد.
(2) مبدأ الطعن 336 لسنة 22 ق - (جلسة 9/ 6/ 1952) - مج الأحكام - السنة الثالثة - قاعدة رقم 393 ص 1052، والطعن 1723 لسنة 27 ق - (جلسة 20/ 1/ 1958) - مج الأحكام - السنة التاسعة - قاعدة رقم 17 ص 68، والطعن 615 لسنة 29 ق - (جلسة 7/ 12/ 1959) - مج الأحكام - السنة العاشرة - قاعدة رقم 200 ص 977.

الطعن 1087 لسنة 26 جلسة 3 /12 /1956 مكتب فني 7 ج 3 ق 339 ص 1226

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1956

برياسة السيد حسن داود - المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وأحمد زكي كامل - المستشارين. 

 -----------------

(339)
القضية رقم 1087 سنة 26 القضائية

(أ) إجراءات. شفوية المرافعة. 

تأسيس المحكمة قضاءها على أقوال شهود لم تسمعهم وكان سماعهم ممكناً ودون إجراء أي تحقيق في الدعوى. اكتفاء الدفاع بتلاوة أقوال الشهود الغائبين. بطلان الحكم.
(ب) إجراءات. شفوية المرافعة. شهادة. 

تخلف الشاهد عن الحضور. عدم إفادته بمجرده أن سماعه متعذر.

----------------
1 - متى كانت المحكمة قد أسست قضاءها على أقوال شهود لم تسمعهم وكان سماعهم ممكناً ودون أن تجري أي تحقيق في الدعوى مكتفية بما هو مدون بمحضر الجلسة من أن الدفاع اكتفى بأقوال هؤلاء الشهود الغائبين في التحقيقات وأمرت بتلاوتها - فإن حكمها يكون باطلاً.
2 - تخلف الشاهد عن الحضور لا يعتبر بمجرده أن سماعه أصبح متعذراً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جواهر مخدرة "أفيوناً وحشيشاً" في غير الأحوال المرخص بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 سنة 1952 والجدول (أ) الملحق به فقررت بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول (أ) المرفق به بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات وغرامة خمسمائة جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وأعفته من المصاريف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أن إجراءات المحاكمة وقعت باطلة لأن شهود الإثبات الذين استند الحكم إلى شهادتهم لم يسمعوا أمام المحكمة التي قضت بإدانته دون إجراء أي تحقيق.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن شهود الإثبات لم يحضروا بجلسة 3/ 12/ 1955 وهي الجلسة الوحيدة التي نظرت فيها الدعوى وأن المتهم عندما سئل أمام المحكمة عن التهمة المسندة إليه أنكرها وقد حكمت بإدانة الطاعن دون سماع أقوال شهود الإثبات مكتفية بما هو مدون بمحضر الجلسة من أن الدفاع اكتفى بأقوال هؤلاء الشهود الغائبين في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوة هذه الأقوال فتليت، ولما كانت تلاوة الشهادة التي أبديت في التحقيق الابتدائي هي من الإجازات التي رخص بها الشارع في حالة تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب وكان تخلف الشاهد عن الحضور لا يفيد بمجرده أن سماعه أصبح متعذراً، وكان الأصل في الأحكام أن تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة في مواجهة المتهم وتسمع فيها الشهود ما دام سماعهم ممكناً، وكانت المحكمة قد أسست قضاءها بإدانة الطاعن على أقوال شهود لم تسمعهم ودون أن تجري أي تحقيق في الدعوى. لما كان كل ما تقدم فإن حكمها يكون باطلاً متعيناً نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 257 لسنة 22 ق جلسة 8 / 4 / 1952 مكتب فني 3 ج 3 ق 305 ص 814

جلسة 8 أبريل سنة 1952

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة ومحمد أحمد غنيم بك وباسيلي موسى بك ومصطفى حسن بك المستشارين.

---------------

(305)
القضية رقم 257 سنة 22 القضائية

إتلاف. 

إتلاف نبات أو زرع غير محصود. وقوع هذه الجريمة ليلاً من ثلاثة أشخاص على الأقل. جناية في حكم المادة 368 من قانون العقوبات.

-------------
إن المادة 368 من قانون العقوبات تعتبر جريمة إتلاف النبات أو الزرع غير المحصود جناية إذ وقعت ليلاً من ثلاثة أشخاص على الأقل. فإذا كانت واقعة الدعوى أن الطاعن مع آخرين عديدين قد اتلفوا ليلاً زراعة قطن المجني عليه بأن اقتلعوا شجيراته باليد وبآلة حادة فأدنته المحكمة بهذه الجناية تطبيقاً لهذا النص فإنها لا تكون قد أخطأت.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - عبد النبي السيد فراج (الطاعن) 2 - طلخان مصري إبراهيم 3 - أحمد شريف عوض بأنهم في ليلة 24 من مايو سنة 1947 الموافق 4 من رجب سنة 1369 بناحية كفر بهنس مركز قويسنا. أولاً. الأول والثاني. مع آخرين مجهولين أتلفوا زراعة فدانين من القطن غير محصودة لعلي أحمد عوض بأن اقتلعوا بعض شجيراتها باليد وقطعوا البعض الآخر بآلة حادة. وثانياً: - الثالث. شرع عمداً في قتل عبد النبي السيد فراج المتهم الأول بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 367/ 1، 368، 45، 46، 234/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. وقد ادعى علي أحمد عوض بحق مدني قدره 150 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين الأول والثاني. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت بتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1951 عملاً بالمادتين 367/ 1، 368 من قانون العقوبات للأول والمادة 304/ 1 من الإجراءات الجنائية للثاني والثالث بمعاقبة عبد النبي السيد فراج بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنين وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وخمسين جنيهاً وبراءة كل من طلخان مصري إبراهيم وأحمد الشريف عوض. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه جاء قاصراً ذلك أنه لم يبين عدد الجناة الذين أسند إلى الطاعن القيام معهم بإتلاف زراعة القطن مع أن أركان الجناية لا تتحقق إلا إذا زاد الجانون على ثلاثة أشخاص كما أنه لم يقم الأدلة المنتجة على ثبوت الواقعة وقد استند في إدانة الطاعن إلى وجود جروح نارية بساقيه مع أن هذا لا يؤدي بذاته إلى إدانته لأن الجروح قد تكون ناشئة عن إصابته من عيار ناري في ظروف أخرى. ويضيف الطاعن أنه طلب إلى المحكمة حضور الطبيب الشرعي لمناقشته في موقف مطلق العيار الناري منه وهل يمكن لمن يصاب بهذا العيار أن يجري بعد إصابته، ولكن المحكمة لم تحقق هذين الأمرين فأخلت بحقه في الدفاع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين الواقعة التي دان بها الطاعن فقال: "إنه مع آخرين عديدين قد أتلفوا ليلاً زراعة القطن بأن اقتلعوا شجيراته باليد وبآلة حادة" ثم أورد أدلة سائغة على ثبوت هذه الواقعة لما كان ذلك وكانت المادة 368 من قانون العقوبات تعتبر جريمة إتلاف النبات أو الزرع غير المحصود جناية إذ وقعت ليلاً من ثلاثة أشخاص على الأقل فإن المحكمة حين دانته بالجناية بالتطبيق لهذا النص لا يكون قد أخطأت في شيء، أما ما يثيره الطاعن بشأن دلالة الجروح النارية التي وجدت به وأنها لا تؤدي إلى إدانته لاحتمال أن تكن ناشئة عن إصابته في ظروف أخرى فلا يخرج عن المجادلة في تقدير الأدلة في الدعوى ومبلغ اقتناع المحكمة بها مما يستقل به قاضي الموضوع ولا تقبل إثارته أمام محكمة النقض - كما أنه لا أساس لما يقوله عن الإخلال بحقه في الدفاع إذ أن المحكمة قد استدعت الطبيب الشرعي وناقشته كما ناقشه المدافع عنه بما رأى سؤاله عنه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 2174 لسنة 18 ق جلسة 17 / 1 / 1949 مج عمر الجنائية ج 7 ق 790 ص 754

جلسة 17 من يناير سنة 1949

برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد حسني بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك المستشارين.

---------------

(790)
القضية رقم 2174 سنة 18 القضائية

إتلاف أوراق. عقد. 

وقوع الإتلاف على جزء منه. لا يمنع من اعتبار جريمة الإتلاف تامة. جمع أجزاء العقد ولصقها بعضها إلى بعض. لا يؤثر.

-------------
إن وقوع الإتلاف على جزء من العقد لا يمنع من اعتبار جريمة الإتلاف تامة ما دام ما وقع من شأنه أن يجعل العقد غير صالح للغرض الذي من أجله أعد. ولا يؤثر في ذلك أن يكون صاحب العقد قد جمع أجزاءه ولصقها بعضها ببعض.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم الطعون فيه حين دان الطاعن بإتلاف عقد البيع جاء مشوباً بما يبطله فلم تستظهر المحكمة توافر ركن العمد في الإتلاف مع قصد الإضرار بالغير, وأنها وقد أثبتت أن المجني عليها تقدمت للمحقق بالعقد كاملاً غير منقوص بعد أن قامت بلصق الجزء الذي انفصل عنه يكون قد انعدم الإتلاف. ويضيف الطاعن أنه طلب إلى المحكمة استدعاء شاهد الإثبات الوحيد في الدعوى لمواجهته به فلم تجب الطلب وهذا يستوجب البطلان.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما يتوافر معه جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن من أجلها وذكر الأدلة عليها، ومتى كان الأمر كذلك وكان من شأن ما أورده أن يؤدي إلى ما رتب عليه فلا محل لما يثيره في هذا الصدد، كما أنه لا محل لما يتمسك به عن التطبيق القانوني إذ تم الإتلاف فعلاً. ولا يمنع من اعتباره جريمة تامة وقوعه على جزء من العقد ما دام من شأن ما وقع جعل العقد غير صالح للغرض الذي أعد له. ولا يؤثر في ذلك ما أجراه صاحب العقد فيه بعد ذلك من جمع أجزائه.

الطعن 947 لسنة 14 ق جلسة 16 / 10 / 1944 مج عمر الجنائية ج 6 ق 373 ص 513

جلسة 16 أكتوبر سنة 1944

برياسة حضرة صاحب العزة منصور إسماعيل بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وأحمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك المستشارين.

---------------

(373)
القضية رقم 947 سنة 14 القضائية

(أ) تجمهر. 

حصوله عرضاً ومن غير اتفاق سابق. يكفي للعقاب.
(ب) إتلاف. 

التمييز بين الجريمتين المنصوص عليهما في المادة 361 وفي المادة 389. يقوم على أساسين: القصد الجنائي ومقدار الإتلاف أو التخريب. يشترط في الجريمتين أن يقع فعل كل منهما عمداً. ويشترط فوق ذلك في الجريمة الواردة في المادة 361 أن ترتكب بقصد الإساءة. يكفي في المادة 389 أن يكون الإتلاف حادثاً فردياً بسيطاً ويشترط في المادة 361 أن يكون عدد الأشياء المتلفة أو المخرّبة كبيراً.
(المادتان 316 و342 ع = 361 و389)
(جـ) حكم 

اشتمال وصف التهمة الوارد بصدر الحكم على بيان واف للواقعة. الحكم يعتبر مشتملاً على بيان الواقعة. صيغة الاتهام جزء من الحكم. تكفي الإحالة إليها في بيان الواقعة.

----------------
1 - إن التجمع قد يكون بريئاً مسموحاً به في بدء تكوينه ثم ينقلب إلى تجمهر معاقب عليه. ويكفي حصول التجمهر عرضاً ومن غير اتفاق سابق لاستحقاق المتجمهرين للعقاب.
2 - إن الفعل المادي المكوّن للجريمة المنصوص عليها في المادة 389 ع يدخل ضمن الأفعال التي تعاقب عليها المادة 361، والتمييز بين الجريمتين يقوم على أساسين: هما القصد الجنائي، ومقدار الإتلاف أو التخريب الذي أحدثه الجاني. فالمخالفة المنصوص عليها في المادة 389 يشترط فيها أن يقع فعلها عمداً، فهي إذن والجريمة المنصوص عليها في المادة 361 سواء من هذه الناحية. غير أنه يشترط في المادة 361 فوق ذلك أن ترتكب الجريمة بقصد الإساءة، وهذا هو أحد الفروق التي تميز بين الجريمتين؛ ثم إنه يكفي لتطبيق المادة 389 أن يكون الإتلاف حادثاً فردياً بسيطاً في حين أن المادة 361 تكون واجبة التطبيق متى كان عدد الأشياء المتلفة أو المخرّبة كبيراً. وهذا هو المستفاد من المذكرة الإيضاحية التي وضعت عند تعديل المادة 316 ع القديمة.
3 - متى كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد ذكر أن التهمة ثابتة على المتهمين، وكان وصف التهمة - كما هو وارد بصدر الحكم - مشتملاً على بيان واف للتلف الذي أصاب السيارة، فإن الحكم يعتبر مشتملاً على بيان الواقعة. إذ أن صيغة الاتهام هي جزء من الحكم تكفي الإحالة إليها في بيان الواقعة.

الطعن 526 لسنة 13 ق جلسة 8 / 3 / 1943 مج عمر الجنائية ج 6 ق 130 ص 191

جلسة 8 مارس سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة سيد مصطفى بك وكيل المحكمة، وبحضور حضرات: منصور بك إسماعيل وجندي عبد الملك بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

--------------

(130)
القضية رقم 526 سنة 13 القضائية

إتلاف الأشجار. 

متى تعتبر هذه الجريمة متحققة؟ قطع شجرة واختلاسها. واقعة تتوافر فيها جميع العناصر القانونية لجريمة الإتلاف وتتوافر فيها عناصر جريمة السرقة. العقوبة الموقعة على المتهم تدخل في نطاق العقوبات المقرّرة لكل من الجريمتين. الطعن على الحكم لاعتباره الواقعة سرقة لا إتلافاً. لا وجه له.
(المادتان 274 و321 ع = 317 و367)

---------------
إذا كانت الواقعة التي أثبتتها المحكمة تتوافر فيها جميع العناصر القانونية لجريمة الإتلاف المعاقب عليها بالمادة 367 ع التي لا يشترط فيها أكثر من أن ينتوي الجاني اقتلاع النبات أو القطع منه، كما تتوافر فيها جميع العناصر القانونية لجريمة السرقة التي أدين المتهم فيها، إذ أنه قطع الشجرة ثم اختلسها لنفسه، وكانت العقوبة التي وقعت على المتهم داخلة في نطاق العقوبة المقرّرة لكل من الجريمتين المذكورتين، فلا يكون له وجه للطعن على الحكم من ناحية اعتباره الواقعة سرقة لا إتلافاً.

الطعن 1654 لسنة 3 ق جلسة 22 / 5 / 1933 مج عمر الجنائية ج 3 ق 131 ص 186

جلسة 22 مايو سنة 1933

برياسة سعادة عبد العزيز فهمي باشا وحضور حضرات زكي برزي بك ومحمد فهمي حسين بك وأحمد أمين بك وحامد فهمي بك.

---------------

(131)
القضية رقم 1654 سنة 3 القضائية

(أ) حكم. 

خطؤه في بيان الباعث. كفاية أدلة الإدانة الواردة به. لا نقض.
(ب) جريمة الإتلاف. متى تكون جناية؟
(المادة 322 ع)

---------------
1 - إذا أخطأت المحكمة في ذكر العلاقة بين متهمين فلا أهمية لذلك مع قيام أدلة الإدانة المبينة في حكمها، لأن ذكر تلك العلاقة في الحكم ليس إلا بياناً للباعث على ارتكاب الجريمة. ومهما يكن من الخطأ في بيان هذا الباعث فإن ذلك لا ينقص من قيمة أدلة وقوع الجريمة فعلاً من المتهمين.
2 - إن المادة 322 تعتبر جريمة الإتلاف جناية إذا وقعت من شخص واحد يحمل سلاحاً. فإذا ثبت أن السلاح لم يكن مع الفاعل الأصلي، بل كان مع الشريك المرافق له وقت ارتكاب الجريمة، وجب من باب أولى اعتبار الحادثة جناية لتحقق غرض الشارع من وجود سلاح في متناول الفاعل الأصلي وقت ارتكاب الجريمة. (1)


(1) واقعة الدعوى، كما هو ثابت بالحكم المطعون فيه، أن أحد الطاعنين كان يقلع الزراعة بنفسه بينما كان زميله الطاعن الثاني واقفاً على الحدّ (حدّ الغيط) يحرّضه ويشجعه على تتميم جريمته ويراقب الطريق. ولذلك فإن محكمة الموضوع اعتبرت هذا الزميل - الحارس المراقب المشجع - فاعلاً أصلياً أيضاً. ولكن محكمة النقض رأت أنه وإن لم يكن فاعلاً أصلياً إلا أن حمله للسلاح، للمراقبة وحراسة الفاعل الأصلي وتشجيعه على تتميم الجريمة، يساوي كون الفاعل الأصلي هو الحامل للسلاح، بل يزيد على هذا المعني في تحقق غرض الشارع من تشديد العقاب.