الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 يوليو 2023

الطعن 775 لسنة 45 ق جلسة 10 / 6 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 126 ص 707

جلسة 10 من يونيو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين عاصم المراغي، يوسف أبو زيد، مصطفي صالح سليم، درويش عبد المجيد.

--------------------

(126)
الطعن رقم 775 لسنة 45 القضائية

(1) مسئولية "مسئولية تقصيرية".
علاقة التبعية - وجوب أن يكون للمتبوع سلطة فعلية - طالت مدتها أو قصرت - في إصدار الأوامر التابع بأداء عمل معين لحساب المتبوع.
(2) عمل "عقد العمل". مقاولة. عقد.
عقد العمل. تمييزه عن عقد المقاولة وغيره من العقود بتوافر عنصر التبعية.

-----------------
1 - علاقة التبعية لا تقوم وفقاً لحكم المادة 174 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا بتوافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع سلطة فعلية - طالت مدتها أو قصرت - في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذه هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها.
2 - تكييف عقد العمل وتمييزه عن عقد المقاولة أو غيره من العقود هو بتوافر عقد التبعية التي تتمثل في خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته وهو ما نصت عليه المادة 674 من التقنين المدني بقولها إن "عقد العمل هو الذي سيتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة العاقد الآخر وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر"، وما نصت عليه كذلك المادة 42 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 بأنه "العقد الذي يتعهد بمقتضاه عامل أن يشتغل تحت إدارة صاحب عمل وإشرافه مقابل أجر".


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على أبنائها القصر أقامت الدعوى رقم 1603 لسنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة على الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث طالبة الحكم بإلزامهم متضامنين أن يؤدوا لها مبلغ خمسة آلاف جنيه، وقالت بياناً لدعواها إنه في يوم 8/ 7/ 1967 كان المطعون ضده الثالث يباشر أعمال طلاء واجهة أحد المباني وأثناء ما كان يقف بأعلى البناء سقطت منه قطعة من الخشب أحدثت بمورثها المرحوم...... إصابات أودت بحياته وأجرى عن الحادث تحقيق في القضية رقم 5228 لسنة 1968 جنح الأزبكية التي صدر فيها حكم جنائي بات قضى بإدانته، وأنه إذ كان مرتكب الحادث تابعاً للمطعون ضده الثاني والشركة الطاعنة ووقع الحادث منه أثناء تأديته عمله فإنهما يكونان مسئولين معه بالتضامن طبقاً لنص المادة 174 من القانون المدني عن تعويض ما حاق بها وبأبنائها القصر المشمولين بوصايتها من أضرار مادية وأدبية بسبب موت مورثهم ولذا فقد أقامت الدعوى ليحكم لها بما طلبت وبتاريخ 15 من مايو سنة 1973 حكمت محكمة أول درجة بإلزام الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما الثاني والثالث متضامنين أن يؤدوا للمطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها مبلغ ألفين من الجنيهات. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة - استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 4476 لسنة 90 القضائية، وبتاريخ 30 من إبريل سنة 1975 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت لنظره جلسة التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأنها قد أسندت إلى المقاول المطعون ضده الثاني عملية طلاء المبنى بمقتضى عقد المقاولة المقدم منها لتلك المحكمة، لم يرد بهذا العقد ثمت ما يشير إلى حقها في التداخل في أعماله بل تضمن نصوصاً تفيد استقلال المقاول في أداء عمله ومسئوليته عنه وعن عماله وما يصيب الغير من إضرار مما ينفي قيام علاقة التبعية وإذ كان الحكم المطعون فيه قضى على خلاف ذلك وقصرت أسبابه عن بيان مدى توافر علاقة التبعية التي تقوم على الولاية في الرقابة والتوجيه واكتفى في التدليل على أن المطعون ضده الثاني عامل تابع لها وليس مقاولاً من مجرد ما ورد بالعقد من إثبات أنها قدمت إليه أخشاباً ليستخدمها في العمل مع أن ذلك لا يفيد تحقق عنصر التبعية ومن ثم يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والقصور مما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن علاقة التبعية لا تقوم وفقاً لحكم المادة 174 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا بتوافر الولاية في الرقابة والتوصية بأن يكون للمتبوع سلطة فعلية - طالت مدتها أو قصرت في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذه هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها، وإذ كانت الشركة الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بانتفاء علاقة التبعية بينها وبين أي من المطعون ضدهما الثاني والثالث على سند من أنها أبرمت مع المطعون ضده الثاني عقد مقاولة للقيام بأعمال طلاء المبني وهو وحده المسئول طبقاً لنصوص العقد عن علمه يعهد إليهم بتنفيذ هذه الأعمال وعن الأضرار التي قد تصيب الغير وما كان لها الحق في التدخل في عمله والإشراف على سيره، وإذ كان البين من الحكم الابتدائي إنه لم يعرض في قضائه لبحث مدى توافر علاقة التبعية من واقع الدعوى بل اجتزأ في أسبابه بعبارة مجملة مقتضية قوله "إن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه الثالث قد ارتكب الحادث أثناء وبسبب تأدية عمله لدى المدعى عليه الثاني الذي يعمل لدى المدعى عليه الأول بصفته"، ولم يفصح الحكم عن ماهية الأوراق التي استقى منها أن المطعون ضده الثاني يعمل لدى الشركة الطاعنة، وكان الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد أورد بأسبابه ما نصه "وحيث إن المحكمة ترى أن حكم محكمة أول درجة في محله للأسباب التي بني عليه والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتتخذها أسباباً لها وتضيف إليها أن المقاول من الباطن التابع له العامل المتسبب في الحادث في الوقت نفسه تابعاً للشركة المستأنفة فيما يقوم لحسابها ببعض أعمال لأن لها عليه سلطة الرقابة والتوجيه فهي مسئولة عن وعما يسببه وهو وعماله من أضرار للغير ولا عبرة لما تنعيه الشركة المستأنفة من أنها اشترطت عليه أن يكون مسئولاً عما يسببه عماله من أضرار للغير لأن هذا الشرط لا يتعدى أثره غير عاقديه لأنه يخول للشركة المستأنفة الرجوع على المقاول من الباطن ولكن لا يحول دون مسئوليتها والتزامها قبل الغير وذلك كله فضلاً عن أن هذا العقد الذي قدمته متضمناً أن الأخشاب وفيها العرق الذي وقع وكان سبب الحادث كان مملوكا للشركة...... مما يقطع أن المقاول من الباطن لم يكن أكثر من عامل تابع للشركة باتفاق مقطوعية ولو أعطى لعملية آتية تسميته.... "ولما كان لمحكمة النقض أن تراقب محكمة الموضوع في تكييف العقد اعتباراً بأن إنزال حكم القانون على العقد هو مسألة قانون تخضع لرقابتها وكان تكييف عقد العمل وتمييزه عن المقاولة أو غيره من العقود وهو بتوافر عنصر التبعية التي تتمثل في خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته وهو ما نصت عليه المادة 674 من التقنين المدني بقولها إن "عقد العمل هو الذي يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل في خدمة العاقد الآخر وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر "وما نصت عليه كذلك المادة 42 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 بأنه العقد الذي يتعهد بمقتضاه عامل أن يشتغل تحت إدارة صاحب عمل وإشرافه مقابل أجر"، وكان الذي يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن قوله بأن للشركة الطاعنة سلطة الرقابة والتوجيه على عمل المطعون ضده الثاني جاء مرسلاً مجهلاً في بيان المصدر الذي استمد منه دليل قيام هذه السلطة، وهو إذا ردف بعدئذ قوله بأن المطعون ضده الثاني عامل تابع للشركة الطاعنة وليس مقاولاً وفقاً للوصف الوارد بالعقد لم يستظهر قيام علاقة العمل الذي يلزم لثبوتها بيان مدى خضوع المطعون ضده الثاني في تنفيذ عمله لإشراف الشركة الطاعنة ورقابتها بل أرجع تحقق هذه العلاقة على ما تضمنه العقد من إثبات أن الشركة الطاعنة قدمت له أخشاباً لاستخدامها في العمل مع أن هذا الأمر بمجرده لا ينفي عن العقد أنه مقاولة إذ من الجائز في عقد المقاولة أن يقدم رب العمل للمقاول أدوات لاستخدامها في عمله بل وله أن يقدم المادة ذاتها التي يستخدمها في العمل محل المقاولة تطبيقاً لنص المادة 649 من القانون المدني، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في الفساد في الاستدلال مما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 110 لسنة 25 ق جلسة 25 / 6 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 79 ص 519

جلسة 25 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد رفعت، ومحسن العباسي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

-----------------

(79)
الطعن رقم 110 لسنة 25 القضائية

(أ) دعوى "استعمال الدعوى" "الطلبات العارضة". مقاصة "المقاصة القضائية".
م 152، 155 مرافعات. الطلبات العارضة التي يجوز للمدعى عليه إبداؤها. مثال.
(ب) نقض "أسباب الطعن" "ما يعتبر أسباباً جديدة".
دفع المستأجر بعدم مسئوليته عما لم يزرعه من أطيان زيادة عن المساحة الواردة في عقده. يعتبر سبباً جديداً.

--------------
1 - للمدعى عليه وفقاً لنص المادة 152 من قانون المرافعات أن يقدم من الطلبات العارضة طلب المقاصة القضائية وأي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها - وعلى المحكمة طبقاً لنص المادة 155 من ذات القانون أن تحكم في موضوع الطلبات العارضة مع الدعوى الأصلية كلما أمكن ذلك وإلا استبقت الطلب العارض للحكم فيه بعد تحقيقه، فإذا كانت دعوى الطاعن الفرعية - على ما أورده الحكم المطعون فيه بشأنها - تنطوي على طلب بالمقاصة القضائية بين ما يستحقه الطاعن وباقي المستأجرين في هذه الدعوى الفرعية قبل المطعون عليها الأولى قيمة ما حصلته زيادة عن الإيجار المستحق لها وبين ما تستحقه هذه الأخيرة قبلهم من الإيجار في الدعوى الأصلية - وكان هذا الطلب منهم يعتبر دفاعاً في الدعوى الأصلية يرمي إلى تفادي الحكم عليهم بطلبات المطعون عليها الأولى - فإن هذا وذاك يجعل الدعوى الفرعية مقبولة يتحتم على المحكمة قبولها والحكم فيها طبقاً لنص المادة 155 من قانون المرافعات.
2 - إذا كان الطاعن لم يتمسك في الاستئناف إلا بأنه لم يزرع مقداراً معيناً من الأطيان المؤجرة إليه لعدم صلاحيته للزراعة وعدم إمكان ريه وأنه تركه بوراً - ولم يتمسك بعدم مسئوليته عما لم يزرعه زيادة عن المساحة الواردة في عقد إيجاره - فإنه لا يجوز له إثارة هذا الوجه لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن وزارة المالية (المطعون عليها الأولى) رفعت الدعوى رقم 264 لسنة 1948 مدني كلي الجيزة على الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث وأحمد محمد سليمان البحيري بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 2180 جنيهاً و691 مليماً والفوائد من تاريخ الاستحقاق للسداد وذلك قيمة متأخر الإيجار المستحق لها عن الأطيان المؤجرة إليهم والبالغ مقدارها 78 فداناً و9 قراريط و22 سهماً وما حصر عليهم زيادة عن هذه المساحة في السنوات 1945 و1946 و1947 الزراعية وفي أثناء نظر الدعوى. وبجلسة 30/ 11/ 1950 رفع الطاعن دعوى فرعية على المطعون عليها الأولى يطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 4299 جنيهاً و300 مليم قيمة ما حصلته هذه الأخيرة زيادة على الإيجار المستحق لها مؤسساً دعواه هذه على أن الحراس الذين عينوا على الحاصلات التي حجزت عليها المطعون عليها الأولى قد بددوها وأن هذه الأخيرة مسئولة عن أعمال هؤلاء الحراس وعن ثمن تلك الحاصلات حسب المقدر لها في محاضر الحجز لا محاضر البيع كما أن الأطيان المؤجرة لم يزرع منها في سنة 1947 مساحة مقدارها 23 فداناً و3 قراريط و8 أسهم تركت بوراً لعدم صلاحيتها للزراعة وعدم إمكان ريها رفع بشأنها دعوى إثبات حالة. وبتاريخ 22 مارس سنة 1951 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء الزراعيين بوزارة العدل للاطلاع على عقد الإيجار ودفاتر المساحة وتقرير الخبير في دعوى إثبات الحالة وتحديد المساحة التي يتعين محاسبة المستأجرين على إيجارها وتحديد المبالغ المدفوعة منهم والمتحصلة من بيع الحاصلات المحجوز عليها ومناقشتهم في ذلك واتخاذ ما يلزم لإظهار الحق في الدعويين، وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1952 في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن وزملائه بأن يدفعوا للمطعون عليها الأولى مبلغ 2131 جنيهاً و764 مليماً والمصاريف المناسبة ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في الدعوى الفرعية برفضها وإلزام الطاعن بمصاريفها، فرفع المحكوم عليهم استئنافاً عن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة قيد برقم 99 سنة 70 ق طالبين إلغاءه ورفض دعوى المطعون عليها الأولى قبلهم والحكم للطاعن بمبلغ 4299 جنيهاً و300 مليم مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة في الدعويين الأصلية والفرعية عن الدرجتين. وبتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1953 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصاريف وبمبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة، فطعن الطاعن، في هذا الحكم بتاريخ 15 من مارس سنة 1955 بطريق النقض، وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وبجلسة 21 من إبريل سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها فقررت الدائرة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 4 من يونيه سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على سببين أولهما خاص بقضاء الحكم في الدعوى الفرعية ويتحصل في النعي على الحكم ببطلانه لمخالفته للقانون ولخلوه من السبب الصحيح الذي يمكن أن يقام عليه ولتخاذله وتناقض منطوقه مع الأسباب التي اعتمد عليها - وفي ذلك يقول الطاعن إنه قد رفع بتاريخ 30/ 11/ 1950 وطبقاً للمادتين 150 و152 من قانون المرافعات دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام المطعون عليها الأولى بأن تدفع له ولباقي المدعين فيها (المطعون عليهما الثاني والثالث) مبلغ 4299 جنيهاً و300 مليم وهو مقدار ما حصلته منهم زائداً عن استحقاقها فندبت محكمة أول درجة خبيراً لأداء المأمورية الموضحة في حكمها إظهاراً للحقيقة في الدعويين وقد انتهت محكمة أول درجة بعد اطلاعها على هذا التقرير إلى رفض الدعوى الفرعية لما رأته من ثبوت مسئولية الطاعن عن إيجار الأطيان المحصورة عليه كلها وعدم مسئولية المطعون عليها الأولى عن أي عجز في قيمة المحصولات المحجوز عليها - فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقضت المحكمة الاستئنافية بتأييده لا استناداً إلى أسبابه ولكن استناداً إلى أسباب أخرى جديدة مؤداها أن الدعوى الأصلية مطالبة بالأجرة المتأخرة اعتمدت محكمة أول درجة فيها بحق تقرير الخبير الذي حاسب الطاعن هو وباقي المستأجرين عما سددوه فعلاً من الأجرة وما وصل المؤجرة فعلاً من أثمان الحاصلات المحجوز عليها - أما الدعوى الفرعية فمبناها مساءلة المطعون عليها الأولى والحراس المعينين على المحجوزات عن قيمة ما ضاع من المستأجرين من المحصولات المختلفة، وهذا أمر آخر - الطاعن وزملاؤهم وشأنهم في التداعي عنه بدعوى على حدة. ولا يجوز الجمع بين الدعوى الأصلية الخاصة بالمطالبة بمتأخر الإيجار وبين تحقيق هذا التبديد لاختلاف كل من الدعويين عن الأخرى. وهذه الأسباب التي أقامت المحكمة الاستئنافية قضاءها عليها بعدم جواز الجمع بين الدعويين الأصلية والفرعية ورغم ما هو قائم بينهما من ارتباط - لا يمكن أن تنتج عقلاً رفض الدعوى الفرعية، ومن شأن هذه الأسباب أن تبقى "تلك الدعوى الفرعية" قائمة لم يفصل فيها - وتكون المحكمة بذلك قد تخلت عن الحكم فيها رغم رفعها إليها والحكم فيها ابتدائياً مما كان يوجب على المحكمة مناقشة أسسها التي تعتبر في نفس الوقت دفع للدعوى الأصلية واجب تحقيقها والفصل فيها كما تقضي بذلك المادة 155 مرافعات، هذا إلى أن القضاء بتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض الدعوى الفرعية يتناقض مع ما ورد في الأسباب من ترك موضوع تلك الدعوى للتداعي عنه بين الطرفين بدعوى على حدة. ومحصل ما ينعى به الطاعن في السبب الثاني قصور الحكم في الدعوى الأصلية عن بحث أوجه الدفع الجوهرية التي قدمها رداً على الدعوى الأصلية - وفي ذلك يقول الطاعن إن عقد الإيجار انعقد على تأجير 78 فداناً و9 قراريط و22 سهماً وأن الواقع هو أنه امتنع عليه فعلاً في مدة الإيجار الانتفاع بأكثر من 66 فداناً من هذه الأطيان بسبب الغرق والشرق وإذ كان الحكم المطعون فيه - مسايرة للحكم الابتدائي - قد اعتمد تقرير الخبير الذي أثبت أنه حصر على المستأجرين 83 فداناً و11 قيراطاً و17 سهماً في سنة 1945، 78 فداناً و6 قراريط و21 سهماً في سنة 1946 و84 فداناً و6 قراريط و7 أسهم في سنة 1947 واعتبر الحكم تبعاً لذلك أن الطاعن مسئول عن إيجار هذه المقادير كلها في تلك السنوات دون أن يناقش أمر مسئولية المستأجر عن زيادة مقادير الأطيان المطالب بإيجارها عن المقدار الوارد بعقد الإيجار - تلك الزيادة التي قرر الطاعن عدم الانتفاع بها إذ العبرة فيما زاد عن المقدار الوارد بعقد الإيجار هو بما يزرعه المستأجر فعلاً لا بما هو صالح للزراعة - فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور الذي يبطله. ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد تخلى عن بحث ما تمسك به الطاعن من أن مبلغ التأمين البالغ 1150 جنيهاً المدفوع في 10/ 10/ 1944 والمبلغ المماثل له المدفوع منه بعلم خبر في 29/ 9/ 1947 يتعين خصمهما من الإيجار اكتفاء منه "أي الحكم" بما قرره الخبير من أنه يعتقد أن هذا المبلغ مكرر. ووجه القصور في بحث هذا الشق من النزاع يبدو في أن الخبير بعد أن أورد دعوى المطعون عليها الأولى وردها على دفاع المستأجرين خرج من ذلك إلى أنه لو أخذ بنظرية المطعون عليها الأولى يكون مقدار ما تستحقه من الإيجار هو مبلغ 2131 جنيهاً و664 مليماً ولو أخذ بنظرية المستأجرين في الدعوى الفرعية لكان في ذمة المطعون عليها الأولى مبلغ 3227 جنيهاً و870 مليماً على فرض، ومبلغ 3377 جنيهاً و785 مليماً على فرض آخر، ثم ترك الأمر للمحكمة لتقرر ما تراه في شأن الدعويين مما كان يجب معه على المحكمة أن تفحص عناصر كل دعوى إذا أرادت الأخذ بها لا أن تعتبر الأمر مناضلة بين دعويين فتقول إن محكمة أول درجة قد أصابت في اعتمادها تقرير الخبير، لأن الخبير ترك أمر البت في كل من الدعويين للمحكمة ومن ثم فإن إرجاع سبب الحكم إلى تقرير الخبير إرجاع يعتبر قصوراً يبقى وجه الدفع في ذاته غير مفصول فيه من المحكمة.
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الأول في محله - ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه - أن الطاعن رفع بتاريخ 30/ 11/ 1950 دعوى فرعية ضد المطعون عليها الأولى بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 4299 جنيهاً و300 مليم قيمة ما حصلته منه ومن باقي المستأجرين زيادة عن الإيجار المستحق لها استناداً إلى حصول تبديد وتلاعب في المحصولات المحجوز عليها أنتج عجزاً في مقاديرها وأثمانها وإذا خصم هذا العجز من الإيجار المطلوب منهم في سنة 1946، 1947 على أساس مسئولية المطعون عليها الأولى عنه يصبحون هم غير مدينين بشيء من الإيجار موضوع الدعوى بل دائنين وأثبت الحكم أن الطاعن طلب من المحكمة إجراء هذا الخصم لهذا السبب ورفض الدعوى قبلهم كما أثبت أن الخبير - في تقريره - ترك أمر الفصل في هذه النقطة للمحكمة ثم عقب الحكم رداً على تلك الدعوى الفرعية بقوله: "إن الدعوى الحالية "الأصلية" مطالبة بالأجرة المتأخرة من الإيجارة المعقودة بين المستأنفين "الطاعن وزملائه" عما سددوه فعلاً من هذه الأجرة وما وصل للمؤجرة من أثمان المحصولات المحجوز عليها التي بيعت وفاء للإيجار المطالب به، وأما التزام المؤجرة والحراس المعينين على هذه المحجوزات بثمن ما ضاع على المستأنفين من المحصولات المختلسة وفرق أثمانها المدعى به ومسئوليتهم عنه هم أو غيرهم فالمستأنفون هم وشأنهم في التداعي عنه بدعوى على حدة إذ لا يجوز الجمع بين الدعوى الحالية الخاصة بالمطالبة بمتأخر الإيجار وبين تحقيق هذا التبديد والتلاعب في المحجوزات الإدارية وتنفيذ البيوع التي تمت عنها ومعرفة مدى مسئولية المؤجرة أو غيرها عن ذلك كله وخصم ما يظهر نتيجة هذه المسئولية من الأجرة المستحقة بمقتضى عقد الإيجار لاختلاف كل من الدعويين عن الأخرى" - وانتهى الحكم من ذلك إلى تأييد الحكم المستأنف القاضي برفض تلك الدعوى الفرعية. ولما كان للمدعى عليه وفقاً لنص المادة 152 من قانون المرافعات أن يقدم من الطلبات العارضة طلب المقاصة القضائية وأي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها، وكانت المادة 155 من ذات القانون قد أوجبت على المحكمة أن تحكم في موضوع الطلبات العارضة مع الدعوى الأصلية كلما أمكن ذلك وإلا استبقت الطلب العارض للحكم فيه بعد تحقيقه، وكانت دعوى الطاعن الفرعية - على ما أورده الحكم المطعون فيه بشأنها مما سبق بيانه - ينطوي على طلب بالمقاصة القضائية بين ما يستحقه الطاعن وباقي المستأجرين في هذه الدعوى الفرعية قبل المطعون عليها الأولى وبين ما تستحقه هذه الأخيرة قبلهم من الإيجار في الدعوى الأصلية، فضلاً عن أن هذا الطلب منهم يعتبر دفاعاً في الدعوى الأصلية يرمي إلى تفادي الحكم عليهم بطلبات المطعون عليها الأولى - وهذا وذاك يجعل الدعوى الفرعية مقبولة يتحتم على المحكمة قبولها والفصل فيها طبقاً لنص المادة 155 من قانون المرافعات - لما كان ذلك - فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من عدم جواز الجمع بين الدعويين الأصلية والفرعية واعتبار أن موضوع الطلبات في الدعوى الفرعية لا محل لبحثه إلا في دعوى أخرى يرفعها الطاعن وزملاؤه يكون مخالفاً لنص المادتين 152، 155 من قانون المرافعات بما يتعين معه نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إنه في خصوص ما ورد في الشق الثاني من السبب الثاني من أسباب النعي وهو الخاص بطلب الطاعن خصم مبلغ 1150 جنيهاً المدفوع في 29/ 9/ 1947 من الإيجار علاوة على مبلغ التأمين المماثل له المدفوع في 10/ 10/ 1944 فقد أورد الحكم المطعون فيه رداً على هذا الطلب ما يأتي: "وما دام أن أمر تبديد المحصولات المحجوز عليها والتلاعب في بيعها قد تقرر تركه للتقاضي بشأنه بدعوى على حدة فلا أهمية لما يقوله المستأنفون من أن المستأنف عليها قد أدرجت خطأ في حساب المسدد من أثمان بيع المحصولات المحجوز عليها مبلغ 1150 جنيهاً مصرياً في حين أن حقيقة المبلغ هو تأمين دفعه المستأنفون هو مبلغ آخر مساو له أحدهما بصفة تأمين عن الإجارة موضوع القضية والآخر تأمين عن عطاء إجارة تقدموا لها في سنة 1947 وأن المستأنف عليها قد أدرجت كلا المبلغين في كشف حساب المسدد من الإجارة موضوع هذه الدعوى وأن الخبير أخطأ فيما توهم من أن هذا المبلغ مكرر في كشف الحساب المذكور في حين أنه غير مكرر في الحقيقة" ولما كان يتضح مما سبق بيانه نقلاً عن الحكم المطعون فيه أن الطاعن طلب خصم مبلغ 1150 جنيهاً مدفوع كتأمين في 10/ 10/ 1944 من الإيجار وخصم مبلغ مماثل له من الإيجار أيضاً مدفوع كتأمين ثان في 29/ 9/ 1947 - أي أنه طلب خصم هذين المبلغين من الإيجار المطلوب في الدعوى الأصلية وكان الحكم فيما انتهى إليه من عدم أهمية البت في دفاع الطاعن سالف الذكر لم يواجه هذا الدفاع برفضه من حيث طلبه خصم كلا المبلغين من الإيجار. لما كان ذلك فإن الحكم المذكور يشوبه قصور يبطله ويستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن النعي في خصوص الشق الأول من السبب الثاني من أسباب النعي مردود - ذلك أن الحكم الابتدائي قد أورد في أسبابه التي أخذ بها الحكم المطعون فيه بالنسبة للدعوى الأصلية أورد الحكم الابتدائي في صدره أن الخبير أثبت في تقريره أنه قد حصرت على المستأجرين في سنة 1947 مساحة مقدارها 84 ف 6 ط 7 س ثم أورد الحكم بعد ذلك في صدد الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص "وحيث إن المحكمة ترى فوق ذلك أن المدعى عليهما الأول والثاني "الطاعن والمطعون عليه الثاني" مسئولان عن سداد الإيجار عن الأرض المحصورة عليهما كاملاً والمؤجرة لهما وأنه لا عبرة بما يدعيانه من أنهما لم يزرعا جزءاً من هذه الأرض من سنة أو أكثر من سنى الإيجار" ويبين من الحكم المطعون فيه ومن صحيفة الاستئناف والمذكرة المقدمة في هذا الاستئناف والتي أودع الطاعن صورة رسمية من كل منها ملف الطعن - أن الطاعن لم يتمسك في الاستئناف إلا بأنه لم يزرع مقدار 23 ف 3 ط 18 س من الأطيان المؤجرة لعدم صلاحية هذا المقدار للزراعة وعدم إمكان ريه وتركه بوراً في سنة 1947 ولم يتمسك بعدم مسئوليته عما لم يزرعه من هذه الأطيان زيادة عن المساحة الواردة في عقد الإيجار البالغ مقدارها 78 ف 9 ط 22 س فقط - ومن ثم يكون نعيه بذلك الآن جديداً لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة - أما ما تمسك به الطاعن من عدم مسئوليته عما لم يزرعه من الأطيان المؤجرة فقد عرض له الحكم واعتمد في شأنه تقرير الخبير المعين في دعوى إثبات الحالة التي رفعها الطاعن ضد المطعون عليها الأولى عن هذه المساحة والذي انتهى فيه إلى أن تلك الأطيان صالحة للزراعة وأن تركها بوراً كان بسبب ناشئ عن إهمال المستأجر زرعها وخدمتها في الوقت المناسب ورفض الحكم لذلك طلب الطاعن خصم مقابل الأجرة عن هذه المساحة. ورد الحكم في هذا الصدد سائغ ويستند إلى أدلة مستقاة من الأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها مما ينفي عنه القصور الذي يعيبه به الطاعن ويتعين لذلك رفض هذا الشق من سبب النعي.

الطعن 858 لسنة 5 ق جلسة 25 / 3 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 104 ص 803

جلسة 25 من مارس سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

-------------------

(104)

القضية رقم 858 لسنة 5 القضائية

كادر - نقل - قرار إداري 

- النقل من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري - خلو ملف خدمة الموظف من قرار صريح به - لا يفيد حتماً عدم النقل - جواز استخلاص النقل من أدلة واقعية قرار النقل الصادر بعد ذلك يعتبر كاشفاً لحالة قانونية واقعة فعلاً.

-------------------
أن خلو ملف خدمة الموظف من قرار صريح بنقله من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري لا يعني حتماً أنه لم ينقل إلى الكادر الإداري بل قد يستفاد هذا النقل إذا قامت أدلة واقعية تفيد هذا النقل - وأن صدور قرار بعد ذلك بهذا النقل إنما يكون بمثابة قرار كاشف لحالة قانونية واقعة فعلاً.


إجراءات الطعن

في 27 من مايو سنة 1959 أودع السيد/ عباس أحمد غريب سكرتارية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 858 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 19 من مارس سنة 1959 في الدعوى رقم 3753 لسنة 9 القضائية المقامة منه ضد وزارة المالية وديوان الموظفين والقاضي "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات" وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بالطلبات الختامية في الدعوى الأصلية وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة المالية في 30 من يونيه سنة 1959 وإلى ديوان الموظفين في 9 من يوليه سنة 1959 وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا وقد تدوول في الجلسات أمام هذه المحكمة وسمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ثم قررت إرجاء إصدار الحكم إلى جلسة 25 من فبراير سنة 1959 ولعدم إتمام المداولة مدت أجل إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي بعريضة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 26 من يوليه سنة 1955 أقام الدعوى رقم 3753 لسنة 9 القضائية ضد كل من وزارة المالية وديوان الموظفين طلب فيها الحكم بتعديل أقدميته في الدرجة الخامسة الصادر بها قرار ديوان الموظفين في 21 من إبريل سنة 1954 واعتبار هذه الأقدمية راجعة إلى يوم 10 من أكتوبر سنة 1953 وهو تاريخ أقدمية السيد/ أحمد فؤاد عبد العزيز في هذه الدرجة لأحقية المدعي في هذه الدرجة قبل الموظف المذكور. وقال شرحاً لدعواه أنه في 27 من مارس سنة 1954 صدر قرار من ديوان الموظفين بترقية السيد/ أحمد فؤاد عبد العزيز وكيل قلم المستخدمين بمصلحة الدمغ والموازين والمنتدب رئيساً لقلم مستخدمي وكالة الوزارة لشئون السودان، إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 20 من أكتوبر سنة 1953، في حين أن المدعي أحق منه بهذه الترقية لأنه عند صدور هذا القرار كان يشغل وظيفة رئيس المستخدمين فضلاً عن أقدميته في الدرجة والخدمة والمؤهل، فهو يشغل الدرجة السادسة منذ سنة 1950 حتى تاريخ تتبعه للديوان بالكادر الفني العالي والإداري وعدلت أقدميته في هذه الدرجة بأن أرجعت إلى أول سبتمبر سنة 1948 بينما ترجع أقدمية أحمد فؤاد عبد العزيز إلى أول أغسطس سنة 1950 وقد كان حتى تاريخ ندبه لوكالة الوزارة لشئون السودان يعمل وكيلاً لمستخدمي هذه المصلحة في حين أن المدعي كان يشغل وظيفة رئيس المستخدمين بها بمعنى أن المطعون في ترقيته كان مرؤوساً للمدعي لحين ندبه للعمل في وكالة الوزارة لشئون السودان وقد صدر فيما بعد قرار من ديوان الموظفين في 21 من إبريل سنة 1954 بترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 31 من مارس سنة 1954، ثم عدل المدعي طلباته الختامية بجعلها: أولاً - تعديل أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة بإرجاعها إلى 30 من أكتوبر سنة 1953، ثانياً - تعديل أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة الصادر بها القرار رقم 3 في 6 من يناير سنة 1958 وجعلها من 17 من فبراير سنة 1957 تاريخ ترقية أحمد فؤاد عبد العزيز إلى هذه الدرجة، ثالثاً - تسوية حالة المدعي وفقاً لهذين التعديلين وإلزام المدعى عليهما بجميع الفروق المالية وغيرها وإلزامهما أيضاً بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد رد ديوان الموظفين على الدعوى بأن المدعي عين بالدرجة التاسعة بمصلحة الدمغ والموازين في 7 من يونيه سنة 1939 ثم نقل إلى الدرجة الثامنة في أول مايو سنة 1940 ورقي إلى الدرجة السابعة الكتابية من أول مايو سنة 1945 وحصل على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية في سنة 1948 ورقي إلى الدرجة السادسة الكتابية في 16 من ديسمبر سنة 1949 وعدلت أقدميته في هذه الدرجة بإرجاعها إلى 2 من أغسطس سنة 1948 ثم نقل إلى ديوان الموظفين اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 طبقاً للقانون رقم 210 لسنة 1951 وصدر القرار رقم 69 لسنة 1953 بنقله بدرجته الكتابية وماهيته وقتئذ وقد تلقى الديوان في 18 من يونيه سنة 1954 من وزارة التجارة التي كان يتبعها المدعي قبل نقله إلى الديوان ما يفيد أن المدعي قبل نقله كان بالكادر الإداري العالي ثم عادت الوزارة وأبلغت الديوان في 31 من يوليه سنة 1954 بأنه لم يصدر أي قرار بنقل المدعي من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري العالي وأضاف الديوان أنه كان قد صدر قرار من الديوان في 31 من مارس سنة 1954 بنقل المدعي إلى الكادر الإداري ودفع الديوان بعدم جواز نظر الدعوى لرفعها بعد الميعاد، وانتهى في رده إلى أن مقطع النزاع في الدعوى هو ما إذا كان المدعي مقيداً قبل نقله للديوان بالكادر الإداري العالي أو بالكادر الكتابي، وأنه قد ثبت للديوان من ملف خدمة المدعي أنه كان يشغل وظيفة كتابية بمصلحة الدمغ والموازين ولم يدرج عند نقله في الكادر العالي بل ظل مقيداً بالكادر الكتابي إلى أن نقل إلى الكادر العالي في 31 من مارس سنة 1954 أما زميله المطعون في ترقيته فتبين أنه كان قد صدر قرار من وزير التجارة والصناعة في 11 من مارس سنة 1952 بتعيينه في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي ومن ثم فلا وجه للمقارنة التي يجريها المدعي بين حالته وحالة زميله المذكور - وبجلسة 19 من مارس سنة 1959 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أنه بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1952 صدر قرار وزير التجارة رقم 333 بنقل المدعي بصفته رئيس قلم المستخدمين في مصلحة الدمغ والموازين في الدرجة السادسة الكتابية وكذلك السيد أحمد فؤاد عبد العزيز بصفته وكيل قلم المستخدمين بذات المصلحة وفي الدرجة السادسة الكتابية أيضاً إلى ديوان الموظفين اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 مع نقل درجتيهما إلى الديوان، وبتاريخ أول فبراير سنة 1953 صدر قرار ديوان الموظفين رقم 21 بالموافقة على نقل مراقبي ومديري ورؤساء ووكلاء المستخدمين بالوزارات والمصالح ومن بينهم المدعي وزميله المطعون في ترقيته إلى الديوان اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 وقد ذكرت درجتاهما في هذا القرار بأنها سادسة كتابية ثم صدر القرار رقم 78 في 21 من أبريل سنة 1954 بنقل المدعي إلى الكادر الإداري اعتباراً من 31 من مارس سنة 1954 ورقي في نفس التاريخ إلى الدرجة الخامسة الإدارية واستطردت المحكمة فقالت أنه يتبين من ميزانية ديوان الموظفين عن سنة 1953/ 1954 أن وظائف رؤساء المستخدمين ووكلائهم في الوزارات والمصالح المختلفة من الدرجة السادسة الكتابية قد نقلت إلى الدرجات السادسة بالكادر الفني والإداري بديوان الموظفين، إلا أن ذلك لا يستتبع حتماً نقل من كان يشغل الوظائف المذكورة في الكادر الأدنى إلى الوظائف الجديدة في الكادر الأعلى، وإنما يخضع ذلك إلى حكم المادة 47 فقرة رابعة من القانون رقم 210 لسنة 1951 وأن الثابت من الأوراق أن المدعي لم ينقل إلى الكادر الإداري إلا اعتباراً من 31 من مارس سنة 1954 أي بعد صدور القرار المطعون فيه بترقية زميله أحمد فؤاد عبد العزيز في 20 من أكتوبر سنة 1953؛ ومن ثم فلا حق له في الطعن في هذا القرار وتكون دعواه قائمة على غير أساس سليم من القانون. وأنه لا اعتداد بما ذهب إليه المدعي من أنه كان يشغل وظيفة في الكادر الفني العالي والإداري حتى أول يوليه سنة 1952 كما يتبين ذلك من سجلات الميزانية والأقدمية وأن الدرجتين السادسة الكتابيتين الوحيدتين بميزانية المصلحة كانتا مشغولتين منذ سنة 1950 بموظفين آخرين يعملان تحت رئاسته حتى تاريخ نقله إلى الديوان، لا اعتداد بهذا القول؛ لأن وصف الدرجة التي كان يشغلها في السجلات والأقدمية بأنها درجة إدارية ليس دليلاً كافياً على أنه تابع للكادر الإداري، وإنما العبرة بالقرار الذي يصدر بذلك ويحدد مركزه القانوني - وقد طعن المدعي في هذا الحكم طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته الختامية مستنداً في طعنه إلى ميزانية مصلحة الدمغ والموازين عن سنة 1951/ 1952 وإلى الكتب المرسلة من المصلحة المذكورة بأن المدعي كان يشغل بها وظيفة في الكادر الإداري وإلى كشف أقدمية الموظفين بتلك المصلحة وإلى قرار لجنة التصالح بديوان الموظفين.
ومن حيث إن مقطع النزاع هو ما إذا كان المدعي بمصلحة الدمغ والموازين قبل نقله إلى ديوان الموظفين اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 يشغل وظيفة كتابية أو إدارية.
ومن حيث إن خلو ملف خدمة الموظف من قرار صريح بنقله من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري لا يعني حتماً أنه لم ينقل إلى الكادر الإداري بل قد يستفاد هذا النقل إذا قامت أدلة واقعية تفيد هذا النقل - وأن صدور قرار بعد ذلك بهذا النقل إنما يكون بمثابة قرار كاشف لحالة قانونية واقعة فعلاً.
ومن حيث إن المدعي قبل نقله إلى ديوان الموظفين في أول يوليه سنة 1951 كان يعمل رئيساً لقلم المستخدمين بمصلحة الدمغ والموازين بوزارة التجارة والصناعة وقتئذ، وبالاطلاع على ميزانية هذه المصلحة عن السنة المالية 1951/ 1952 (صفحة 187 من الميزانية العامة) يبين أن الدرجات السادسة تحت عنوان "الوظائف الفنية العالية والإدارية" عددها 27 درجة لموظفي ولمفتشي الموازين وأن الدرجات السادسة تحت عنوان "الوظائف الكتابية" عددها اثنتان فقط، ويبين من الكشف المرسل من المصلحة المذكورة إلى ديوان الموظفين مع الكتاب رقم 7868 المؤرخ 14 من أكتوبر سنة 1957 - ببيان توزيع درجات الكادر الفني العالي والإداري على موظفي المصلحة حسب ميزانية سنة 1951/ 1952 والمعتمد في 21 من أكتوبر سنة 1951 - أن الدرجات السادسة الفنية العالية والإدارية عددها 27 درجة ويتضمن هذا الكشف أسماء شاغلي هذه الدرجة ومن بينهم المدعي وترتيبه في الكشف العشرون.
ومن حيث إن الثابت من كتاب وزارة التجارة والصناعة رقم 600 - 10/ 193 المؤرخ في 30 من مارس سنة 1954 إلى ديوان الموظفين أن المدعي كان رئيساً لقلم المستخدمين بمصلحة الدمغ والموازين ويشغل وظيفة من الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي والإداري حتى أول يوليه سنة 1952 تاريخ تتبعه لديوان الموظفين كما يبين ذلك من سجلات الميزانية والأقدمية بالوزارة.
ومن حيث إنه جاء بكتاب المصلحة المذكورة رقم 2160 بتاريخ 4 من سبتمبر سنة 1954 إلى المحكمة الإدارية لوزارة المالية أن المدعي كان شاغلاً منذ سنة 1950 حتى تاريخ تتبعه لديوان الموظفين الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي والإداري شأنه في ذلك شأن وكيله السابق أحمد فؤاد عبد العزيز (المطعون في ترقيته) الذي منح إياها في أول مارس سنة 1952 وعدلت أقدميتهما فيها بموجب القرار الوزاري رقم 282 الصادر من وزارة التجارة والصناعة في 18 من أكتوبر سنة 1952 بجعلها الأول (المدعي) من أول سبتمبر سنة 1948 والثاني من أول أغسطس سنة 1950 كما جاء في ذلك الكتاب أن الدرجتين السادسة الكتابيتين الوحيدتين بميزانية المصلحة مشغولتان منذ سنة 1950 بموظفين كانا يعملان تحت رئاسة المدعي حتى تاريخ نقله إلى ديوان الموظفين.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم مما لا يدع مجالاً لأي شك أن المدعي قبل نقله إلى ديوان الموظفين اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 كان يشغل بمصلحة الدمغ والموازين درجة سادسة بالكادر الفني العالي والإداري. ويؤيد ذلك أن هذا الموضوع عرض على لجنة التصالح بديوان الموظفين بمناسبة رفع المدعي الدعوى الحالية وكان طلب المدعي عندئذ مقصوراً على تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة فبحثت اللجنة الموضوع وقدمت مذكرة برأيها في شهر فبراير سنة 1957 ارتأت فيها أنه وإن كان المدعي محقاً في طلب طلباته من الناحية الموضوعية إلا أنه رفع دعواه بعد الميعاد القانون وقد جاء في مذكرة اللجنة أن المستفاد من كتب وزارة التجارة والصناعة ومصلحة الدمغ والموازين أن السيد عباس الغريب (المدعي) كان شاغلاً إحدى الدرجات السادسة الإدارية، منذ سنة 1950 وأنه إذا كان لا يوجد بملف خدمته أي قرار بنقله إلى الكادر الفني العالي والإداري فإنه أيضاً لا يوجد بملفات خدمة جميع موظفي هذا الكادر أي قرارات بنقلهم إليه - وقد جاء في هذه المذكرة أيضاً "أن المعول عليه في هذا الشأن هو الحالة التي كان عليها الموظف قبل نقله إلى ميزانية الديوان فمن كانت درجته من الفئة العالية يظل كذلك ومن كانت درجته من الفئة المتوسطة يظل في هذه الفئة وعلى هذا الأساس صحح وضع السيد أحمد فؤاد عبد العزيز (المطعون في ترقيته) وكيل المستخدمين دون المدعي لأن ملف خدمته يحتوي على قرار وزاري بتعيينه في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي والإداري ولم يجز العمل بالديوان على فحص ملفات خدمة موظفيه الذين نقلوا إليه للتأكد مما إذا كان قد صدرت قرارات بنقلهم إلى الكادر الإداري من عدمه وإنما كانت العبرة بالدرجة الواردة في الميزانية وهذه الدرجة هي الواجب درجها بميزانية الديوان" (صفحات من 185 إلى 192 بملف المدعي رقم 1 - 4/ 101).
ومن حيث إنه تبعاً لما تقدم إذا كان الثابت من الأوراق أن المدعي أقدم من زميله السيد/ أحمد فؤاد عبد العزيز وأحق بالترقية منه ولم ينازع ديوان الموظفين في ذلك وقد رقى المدعي فعلاً إلى الدرجة الخامسة الإدارية ثم إلى الدرجة الرابعة الإدارية فالمسألة لا تعدو أن تكون تعديلاً لأقدميته في هاتين الدرجتين يجعلها من التاريخ الذي رقي فيه زميله المذكور إلى كل من هاتين الدرجتين وهو 20 من أكتوبر سنة 1953 في الدرجة الخامسة، 17 من فبراير سنة 1957 بالنسبة للدرجة الرابعة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فيتعين الحكم بإلغائه وتعديل أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة إلى 20 من أكتوبر سنة 1953 وفي الدرجة الرابعة إلى 17 من فبراير سنة 1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الخامسة الإدارية راجعة إلى 20 من أكتوبر سنة 1953 وفي الدرجة الرابعة الإدارية راجعة إلى 17 من فبراير سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 107 لسنة 25 ق جلسة 25 / 6 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 78 ص 514

جلسة 25 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، المستشارين.

----------------

(78)
الطعن رقم 107 لسنة 25 القضائية

نزع الملكية للمنفعة العامة. إجارة "انتهاء الإجارة".
م 7 من ق الصادر في 24/ 12/ 1906 في شأن حق المستأجر في المطالبة بالتعويض عن نزع ملكية المكان المؤجر له. الأوامر العسكرية والتشريعات الاستثنائية الصادرة بشأن الأماكن المبنية المؤجرة للسكنى ولغيرها من الأغراض قيدت نصوص القانون المدني الخاصة بانتهاء الإيجار. أضحت عقود الإيجار ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى مدة غير محدودة. رفض دعوى المستأجر بالمطالبة بالتعويض عن نزع ملكية المكان المؤجر له لانتهاء مدته. خطأ في القانون.

--------------------
قيدت الأوامر العسكرية والتشريعات الاستثنائية الصادرة في شأن الأماكن المبنية المؤجرة للسكنى ولغيرها من الأغراض نصوص القانون المدني الخاصة بانتهاء مدة الإيجار وما ترتبه من انقضاء حقوق المستأجر في البقاء بالعين المؤجرة وجعلت عقود الإيجار ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى مدة غير محددة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض دعوى التعويض التي أقامها الطاعن بوصفه مستأجراً للمكان المنزوع ملكيته - على أن عقد إيجاره قد انتهت مدته - فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى شكله القانوني.
وحيث إن وقائع النزاع - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الأشغال استصدرت في 2 من يناير سنة 1944 مرسوماً بنزع ملكية العقار رقم 114 شارع المدبولي بقسم الأزبكية المملوك المطعون عليه الثاني - ويستأجر فيه الطاعن جزءاً أعده مصنعاً - وقد قدر مجلس التثمين بمصلحة تنظيم القاهرة مبلغ 8205 جنيهاً تعويضاً عن نزع الملكية، ولما عارض المالك في هذا التقدير ندب رئيس محكمة القاهرة المختلطة خبيراً قدر التعويض المستحق للمالك عن نزع الملكية بمبلغ 22600 جنيه كما قدر التعويض المستحق للمستأجر الطاعن بمبلغ 2100 جنيه من ذلك 500 جنيه تكاليف إنشاء مصنع جديد في مكان آخر، 300 جنيه خلو رجل، 1000 جنيه تعويض للموظفين والعمال، 300 جنيه مقابل الحرمان من ربح محتمل، ولما قدم هذا التقرير اعترض عليه المالك وطلب ندب خبراء آخرين لإعادة التقدير كما عارضت وزارة الأشغال في هذا التقدير وحضر الطاعن هو ومستأجر آخر لجزء من هذا العقار بالجلسة طالبين قبولهما خصماً ثالثاً في دعوى المعارضة والحكم لهما بالتعويض عن الخسائر التي لحقتهما بسبب نزع الملكية لأن كلاً منهما مستأجر لجزء من العقار يباشر فيه عمله الصناعي. وقد أصدرت محكمة القاهرة المختلطة حكمها في 10 من يونيه سنة 1947 بضم المعارضتين للفصل فيهما بحكم واحد وقبل الفصل في الموضوع بندب ثلاثة خبراء آخرين لتقدير قيمة البناء والأرض والتعويض المستحق للمستأجرين، وقدم الخبراء تقريرهم أبدوا فيه رأيهم بتقدير التعويض للطاعن بمبلغ 2100 جنيه وطلب الطاعن الحكم له بتعويض مقداره 3488 جنيهاً وفوائده القانونية مستنداً إلى المادة السابعة من القانون رقم 27 لسنة 1906 وإلى أنه عجز عن الحصول على محل آخر بالأجر الذي كان يدفعه للمصنع الذي أخرج منه وإلى أنه بسبب نزع الملكية قد توقف عن العمل وفقد عملاءه واضطر إلى دفع المكافآت لعماله الذين استغنى عنهم بسبب نقل المصنع وإلى أنه قد آل إليه عقد الإيجار المبرم بين المالك وبين لويس كابري وشكري صيدناوي والثابت التاريخ في 13 سبتمبر سنة 1941 أي قبل تاريخ المرسوم الصادر بنزع الملكية. ولما ألغيت المحاكم المختلطة أحيل النزاع إلى محكمة القاهرة الابتدائية الوطنية فأصدرت فيه حكمها في 19 نوفمبر سنة 1951 بقبول تدخل الطاعن والمستأجر الآخر في الدعوى وبقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلزام وزارة الأشغال بأن تدفع مبلغ 21748 جنيهاً للمنزوع ملكيته ومبلغ 2100 جنيه للطاعن ومبلغ 900 جنيه للمستأجر الآخر. استأنفت وزارة الأشغال هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة تعديله إلى مبلغ 8205 جنيهاً بالنسبة للتعويض المستحق للمالك وإلغاءه بالنسبة للتعويض المقضي به للمستأجرين وقيد هذا الاستئناف برقم 254 سنة 69 ق، وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 24 ديسمبر سنة 1953 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به للطاعن وغيره من المستأجرين ورفض الدعوى في هذا الخصوص وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك، فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون. وطلبت النيابة نقض الحكم المطعون فيه وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن على الدائرة المدنية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها الوارد بمذكرتها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، لأنه أسس رفضه طلب الطاعن للتعويض على أن عقد إيجاره الثابت التاريخ في سنة 1941 قد انتهى في أغسطس سنة 1943 فانعدم من هذا التاريخ، وبذلك يكون وضع يده بعد ذلك لا بصفته مستأجراً بل يستند إلى الأوامر العسكرية وقوانين الإيجار الاستثنائية، ولذلك لا يكون له حق في طلب التعويض طبقاً للمادة السابعة من قانون نزع الملكية، في حين أن الثابت من الأوراق أن إشغال المكان المؤجر بدأ في أول سبتمبر سنة 1941 أي بعد صدور الأمر العسكري رقم 151 في أول يوليو سنة 1941 الذي قرر امتداد عقود الإيجار وأن وجود الطاعن في المكان المنزوع ملكيته لم يكن بطريق وضع اليد بل عن طريق عقد الإيجار الذي امتدت مدته بعد أغسطس سنة 1943، ومتى كان العقد قائماً وممتداً في أغسطس سنة 1943 ويتجدد سنة بسنة بقوة العقد ولم يخطر المالك برغبته في إنهاء العقد قبل نهاية مدته بشهرين فإن مؤدى ذلك أن مرسوم نزع الملكية عندما صدر في يناير سنة 1944 كان عقد إيجار الطاعن - وهو ثابت التاريخ قبل مرسوم نزع الملكية قائماً وممتداً وليس صحيحاً ما قرره الحكم المطعون فيه من انتهاء مدته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه برفض التعويض المقضى به ابتدائياً للطاعن ولمستأجر آخر على الأسباب الآتية: - "ومن حيث إن المادة الخامسة من القانون رقم 27 الصادر في 24 ديسمبر سنة 1906 بشأن نزع ملكية العقارات للمنافع العامة لدى المحاكم المختلطة نصت على أن نشر الأمر العالي في الجريدتين الرسميتين تترتب عليه في صالح نازع الملكية نفس النتائج التي تترتب على تسجيل عقد انتقال الملكية - وهذا يفيد نقل العقارات المنزوع ملكيتها إلى ملك الدولة وإضافته إلى المنافع العامة من يوم نشر مرسوم نزع الملكية، أما قول المستأنف عليهما المذكورين بأنهما شغلا العين المؤجرة في ظل القوانين الخاصة بتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين - يريدان بذلك الإشارة إلى الأوامر العسكرية رقم 151، 164، 199، 31 سنة 42 - 43، والمرسوم بقانون رقم 140 سنة 46 والقانون رقم 121 سنة 47 - فمردود بأن هذه الأوامر والقوانين لم تمس ما للدولة من حق نزع ما تراه من العقارات في سبيل المنفعة العامة وفقاً لقانون نزع الملكية. ومن حيث إن المادة السابعة من قانون نزع الملكية الصادر في 24 ديسمبر سنة 1906 نصت على أنه في حالة وجود مستأجرين أو أصحاب حق منفعة يجوز لهم المطالبة بالتعويض إذا كانت عقودهم ثابتة التاريخ. والمفهوم من هذا النص أن هذا التعويض المشار إليه يقصد به التعويض عن حقهم في الانتفاع عن المدة الباقية لهم في تلك العقود.
ومن حيث إن الثابت أن عقد إيجار الطاعن كان قد انتهى في 31 أغسطس سنة 1943 واستمر يتجدد ضمنياً سنوياً حتى صدر الأمر العسكري رقم 315 في 16 أغسطس سنة 42 فأصبح استمرار المستأجرين في وضع يدهما لمدة غير محددة تنفيذاً للأمر العسكري المذكور والقوانين المعدلة له والمشار إليها آنفاً. ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك فلا حق للمستأنف عليه (الطاعن) في المطالبة بتعويض ما. ويتعين إلغاء الحكم المستأنف بالنسبة له ورفض الدعوى قبل وزارة الأشغال".
وحيث إن هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه وأسس عليه قضاءه غير صحيح في القانون. ذلك أن الأوامر العسكرية والتشريعات الاستثنائية الصادرة في شأن الأماكن المبنية المؤجرة للسكنى ولغيرها من الأغراض قد قيدت نصوص القانون المدني الخاصة بانتهاء مدة الإيجار وما ترتبه من انقضاء حقوق المستأجر في البقاء بالعين المؤجرة وجعلت عقود الإيجار ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى مدة غير محدودة وأصبح لمستأجري المساكن والمحلات المعدة لأغراض تجارية أو صناعية الحق في البقاء والاستمرار بقوة القانون في الأعيان المؤجرة إليهم بناء على عقود الإيجار، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن التعويض لا يستحق للطاعن لأن عقد إيجاره قد انتهت مدته يكون مخالفاً للقانون ويتعين نقضه.

الطعن 575 لسنة 49 ق جلسة 9 / 6 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 125 ص 701

جلسة 9 من يونيو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد إبراهيم الدسوقي، فهمي عوض مسعد؛ جهدان حسين عبد الله ومحمود شوقي أحمد.

------------------

(125)
الطعن رقم 575 لسنة 49 القضائية

(1 - 4) إيجار "إيجار الأماكن" - "تحديد الأجرة" - "أجرة الفنادق".
(1) الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يدخلها المؤجر في العين المؤجرة. وجواز تقويمها وإضافة مقابل الانتفاع بها إلى أجرة الأساس. وجوب إعمال اتفاق الطرفين ما لم يقصد منه التحايل على القانون.
(2) الترخيص للمستأجر بالتأجير من الباطن مفروشاً. ميزة جديدة. جواز تقويمها وإضافتها إلى الأجرة. م 28 ق52 لسنة 1969 وم 45 ق 49 لسنة 1977.
(3) الأجرة المحددة وفقاً للقانون 52 لسنة 1969. القصد منها الانتفاع العادي بالعين المؤجرة. تخويل المستأجر حق التأجير من الباطن مفروشاً. ميزة يحق للمؤجر تقاضي مقابل عنها.
(4) الترخيص للمستأجر باستعمال المكان المؤجر فندقاً ينطوي على التصريح له بالتأجير بالفرش. حق المؤجر في اقتضاء زيادة الأجرة . الأجرة الإضافية تستحق في كل صور التأجير المفروشة. المادتين 28 ق 52 لسنة 1969 و45 ق 49 لسنة 1977.

-----------------
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يكون المؤجر قد أدخلها في العين المؤجرة تقوم ويضاف مقابل انتفاع المستأجر بها إلى الأجرة التي تحدد على الأسس التي قررتها تلك القوانين فإذا اتفق الطرفان على ذلك وجب إعمال اتفاقهما ما لم يثبت أن القصد منه هو التحايل على أحكام القانون. فيكون للقاضي عندئذ سلطة التقرير.
2 - يعتبر في حكم التحسينات التي يدخلها المؤجر في العين المؤجرة كل ميزة جديدة يوليها للمستأجر كما لو كان محروماً من حق التأجير من الباطن مفروشاً فرخص له المؤجر بذلك فإن هذه الميزة تقوم وتزاد على الأجرة القانونية.
3 - إذا كانت المادة (10) من القانون 52 لسنة 1969 قد نصت على تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكامه بنسب معينة من قيمة الأرض والمباني وذلك في حالة الانتفاع العادي بحيث إذا خول المؤجر المستأجر علاوة على هذا الانتفاع ميزة إضافية بأن رخص له في تأجير المكان من الباطن مفروشاً فإن هذه الميزة تعتبر في حكم التحسينات فيجوز للمؤجر أن يتقاضى مقابلاً عنها وهو ما نصت عليه المادة 28 من القانون 52 لسنة 1969 من أنه: "في جميع الأحوال التي يجوز فيها للمستأجر تأجير مسكنه مفروشاً يستحق المالك أجرة إضافية تعادل 70% من الأجرة القانونية عن مدة التأجير مفروشاً" فدلت بذلك على أن تحديد الأجرة وفقاً للنسب المعينة التي حددتها المادة 10 من القانون رقم 52 لسنة 1969 لا يعدو أن يكون وسيلة لتحديد أجرة عادلة في حالة الانتفاع العادي وأن ليس ثمة ما يمنع من زيادتها في مقابل تأجير المكان من الباطن مفروشاً.
4 - إذ كان الترخيص للمستأجر باستعمال المكان المؤجر فندقاً ينطوي على التصريح له بالتأجير بالفرش الذي يحق معه للمؤجر زيادة الأجرة بنسبة 70% من الأجرة القانونية فإن هذه الزيادة تسري على واقعة الدعوى حتى 9/ 9/ 1977 تاريخ العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977 الذي رفع هذه الزيادة إلى نسب حددها في المادة 45 بأن نص على أنه "في جميع الأحوال التي يجوز فيها للمستأجر تأجير المكان أو جزء من المكان المؤجر مفروشاً يستحق المالك أجرة إضافية عن مدة التأجير مفروشاً بواقع نسبة من الأجرة القانونية تحتسب على الوجه الآتي: "أ - ب، - ج" مائة وخمسون في المائة (150%) عن الأماكن المنشأة منذ 5 نوفمبر سنة 1961 حتى تاريخ العمل بهذا القانون" وذلك استصحاباً لما أوردته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون من أن الأحكام التي تتضمنها قوانين الإيجارات تأخذ في حسبانها الاستعمال الأغلب الأعم للأماكن وهو السكنى ولا يستساغ أن تسري هذه الأحكام وما يتعلق بتحديد الأجرة على الأماكن التي تستعمل في غير هذا الغرض وبالذات في الأغراض التجارية والمهنية التي تدر عائداً مجزياً فيصبح من العدالة زيادة هذه الأجرة تعويضاً للملاك عما يحيط بالاستعمال لغير السكنى من اعتبارات وظروف تعجل باستهلاك المبنى. وقد قطع تقرير لجنة الإسكان بمجلس الشعب في الإفصاح عن نطاق تطبيق المادة 45 من القانون 49 لسنة 1977 فأكد أن "الأجرة الإضافية قيمة تستحق في كل صور المفروش ومنها الفنادق واللوكاندات والبنسيونات والشقق المفروشة وغير ذلك من صور التأجير المفروش" فكشف بذلك عن غرض الشارع من أن الأجرة الإضافية تستحق في كل صور التأجير المفروش - سواء اتفق عليه لدى بدء التعاقد أو لاحقاً له وذلك عن مدة التأجير مفروشاً. لما كان ذلك وكانت عين للنزاع التي أجرها الطاعنان للمطعون ضدهما قد أجرت لاستعمالها ملحقاً لفندق سان جيوفاني فإنه يسرى عليها حكم المادتين 28 من القانون 52 لسنة 1969، 45 من القانون 49 لسنة 1977 وإذ جرى الحكم المطعون فيه على غير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 440 لسنة 1978 الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون ضدهما وطلبا الحكم بإلزامهما بدفع مبلغ 403.395 بمقولة إنه بمقتضى ثلاثة عقود إيجار مؤرخة 1/ 8/ 1976 استأجر المطعون ضدهما الطاعنين ثلاثة شقق بالعقار المبين بصحيفة الدعوى بقصد استعمالها ملحقاً لفندق سان جيوفاني بأجرة شهرية قدره 20.500 لكل شقة يضاف إليه الضريبة العقارية والزيادة القانونية بواقع 70% أعمالاً للقانون رقم 52 لسنة 69 مقابل التأجير مفروشاً فتكون الأجرة الشهرية بواقع 39 ج و311 م إذ صدر القانون رقم 49 لسنة 1977 وعمل به اعتباراً من 9/ 9/ 1977 ونصت المادة 45 منه على احتساب الزيادة القانونية بواقع 15% بالنسبة للأماكن المنشأة اعتباراً من 5/ 11/ 61 حتى تاريخ العمل به وكان العقار الذي به وحدات النزاع قد أنشئ بعد هذا التاريخ فتكون الزيادة القانونية الواجب أداؤها بواقع 23 ج و584 م لكل وحدة بحيث تصبح الأجرة الشهرية الشاملة لكل منها بواقع 51 ج و250 م والمبلغ المطالب به هو عن شهري ديسمبر سنة 1977 ويناير سنة 1978 فضلاً عن الفروق المستحقة من 9/ 9/ 77 حتى تاريخ 30/ 11/ 1977 ولقد أقام المطعون ضدهما الدعوى رقم 939 لسنة 78 الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعنين وطلبا الحكم بتحديد القيمة الإيجارية لكل شقة من شقق النزاع بمبلغ 246 جنيهاً سنوياً وإلزام الطاعنين برد مبلغ 751 ج و569 م قيمة ما تم تحصليه من أجرة زائدة عن الأجرة القانونية. قررت المحكمة ضم الدعويين وبتاريخ 18/ 5/ 78 حكمت في الدعوى رقم 440 لسنة 1978 بإلزام المطعون ضدهما بدفع المبلغ المطالب به وقدره 403 ج و395 م وفي الدعوى رقم 939 لسنة 78 برفضها استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 573 لسنة 34 ق الإسكندرية. وبتاريخ 17/ 1/ 79 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين رقم 440 لسنة 78 وفي الدعوى رقم 939 لسنة 78 بتحديد أجرة كل شقة بواقع مبلغ 23 ج و124 م وبإلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون ضدهما مبلغ 848 ج و997 م. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ويقولان في بيان ذلك إن الحكم قضى بعدم أحقية الطاعنين للزيادة القانونية بواقع 70% المقررة بالمادة 28 من القانون 52 لسنة 69 ثم 150% للزيادة المقررة بمقتضى المادة 45 من القانون رقم 49 لسنة 1977 استناداً إلى أن اتفاق المتعاقدين على وجه الانتفاع بالعين المؤجرة في غرض معين كملحق الفندق ليس من قبيل الميزة الإضافية التي يستحق المؤجر مقابلاً عنها زيادة على الأجرة القانونية في حين أن القواعد المقررة لتحديد الأجرة بمقتضى التشريعات الاستثنائية إنما استهدفت تحديد الأجرة بالنسبة إلى الانتفاع العادي أما إذا كان المستأجر قد خول ميزة إضافية بأن رخص له في التأجير مفروشاً سواء أكان للاتفاق على ذلك ملحوظاً وقت التعاقد أم لاحقاً له فإن هذه الميزة تعتبر في حكم التحسينات ويحق للمؤجر أن يتقاضى عنها الزيادة المقررة قانوناً بمقتضى هاتين المادتين لعموم النص وإطلاقه وكانت عقود الإيجار قد خولت المستأجر. استعمال العين المؤجرة فندقاً فإن المستأجر يستحق الزيادة المقررة للتأجير مفروشاً وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن قضاء النقض قد جرى على أن الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يكون المؤجر قد أدخلها في العين المؤجرة تقوم ويضاف مقابل انتفاع المستأجر بها إلى الأجرة التي تحدد على الأسس التي قررتها تلك القوانين فإذا اتفق الطرفان على ذلك وجب إعمال اتفاقهما ما لم يثبت أن القصد منه هو التحايل على أحكام القانون فيكون للقاضي عندئذ سلطة التقدير ويعتبر في حكم التحسينات التي يدخلها المؤجر في العين المؤجرة كل ميزة جديدة يوليها المستأجر كما لو كان محروماً من حق التأجير من الباطن مفروشاً فرخص له المؤجر بذلك فإن هذه الميزة تقوم وتزاد على الأجرة القانونية. ولما كانت المادة 10 من القانون 52 لسنة 1969 قد نصت على تحديد أجرة الأماكن الخاضعة لأحكامه بنسب معينة من قيمة الأرض والمباني وذلك في حالة الانتفاع العادي بحيث إذا خول المؤجر المستأجر علاوة على هذا الانتفاع ميزة إضافية بأن رخص له في تأجير المكان من الباطن مفروشاً فإن هذه الميزة تعتبر في حكم التحسينات فيجوز للمؤجر أن يتقاضى مقابلاً عنها وهو ما نصت عليه المادة 28 من القانون 52 لسنة 1969 من أنه "في جميع الأحوال التي يجوز فيها للمستأجر تأجير مسكنه مفروشاً يستحق المالك أجرة إضافية تعادل 70% من الأجرة القانونية عن مدة التأجير مفروشاً فدلت بذلك على أن تحديد الأجرة وفقاً للنسب المعينة التي حددتها المادة 10 من القانون رقم 52 لسنة 1969 لا يعدو أن يكون وسيلة لتحديد أجرة عادلة في حالة الانتفاع العادي وأن ليس ثمة ما يمنع من زيادتها في مقابل تأجير المكان من الباطن مفروشاً ولما كان الترخيص للمستأجر باستعمال المكان المؤجر فندقاً ينطوي على التصريح له بالتأجير بالفرش الذي يحق معه للمؤجر زيادة الأجرة بنسبة 70% من الأجرة القانونية فإن هذه الزيادة تسري على واقعة الدعوى حتى 9/ 9/ 1977 تاريخ العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1977 الذي رفع هذه الزيادة إلى نسب حددها في المادة 45 بأن نص على أنه في "جميع الأحوال التي يجوز فيها للمستأجر تأجير المكان أو جزء من المكان المؤجر مفروشاً يستحق المالك أجرة إضافية عن مدة التأجير مفروشاً بواقع نسبة من الأجرة القانونية تحتسب على الوجه الآتي أ.. ب.. جـ مائة وخمسون في المائة 150% عن الأماكن المنشأة منذ 5 نوفمبر سنة 1961 حتى تاريخ العمل بهذا القانون" وذلك استصحاباً لما أوردته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون من أن الأحكام التي تتضمنها قوانين الإيجارات تأخذ في حسبانها الاستعمال الأغلب الأعم للأماكن ولا يستساغ أن تسرى هذه الأحكام وما يتعلق بتحديد الأجرة على الأماكن التي تستعمل في غير هذا الغرض وبالذات في الأغراض التجارية والمهنية التي تدر عائداً مجزياً فيصبح من العدالة زيادة هذه الأجرة تعويضاً للملاك عما يحيط بالاستعمال لغير السكن من اعتبارات وظروف تعجل باستهلاك المبني وقد قطع تقرير لجنة الإسكان بمجلس الشعب في الإفصاح عن نطاق تطبيق المادة 45 من القانون 49 لسنة 1977 فأكد "أن الأجرة الإضافية تستحق في كل صور المفروش ومنها الفنادق واللوكاندات والبنسيونات والشقق المفروشة وغير ذلك من صور التأجير المفروش" فكشف بذلك عن غرض الشارع من أن الأجرة الإضافية تستحق في كل صور التأجير المفروش وسواء اتفق عليه لدى بدء التعاقد أو لاحقاً له وذلك عن مدة التأجير مفروشاً لما كان ذلك وكانت عين النزاع التي أجرها الطاعنان للمطعون ضدهما قد أجرت لاستعمالها ملحقاً لفندق سان جيوفاني فإنه يسرى عليها حكم المادتين 78 من القانون 52 لسنة 1969، 45 من القانون 49 لسنة 1977 وإذ جرى الحكم المطعون فيه على غير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.

الطعن 448 لسنة 6 ق جلسة 25 / 3 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 103 ص 795

جلسة 25 من مارس سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل وأبو الوفا زهدي المستشارين.

---------------

(103)

القضية رقم 448 لسنة 6 القضائية

مدة خدمة سابقة - شرط ضمها 

- اشتراط قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 5/ 1947 اتحاد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته - عدم توافر هذا الشرط إذا كان العمل السابق قارئ عدادات أو مراقب تابلوه والعمل الجديد مدرس رياضة أو علوم - أساس ذلك.

------------------
أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بحساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية يستلزم توافر الشروط الآتية: (1) ألا تقل مدة الخدمة السابقة عن ثلاث سنوات. (2) أن يتحد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته. (3) ألا تقل المؤهلات الدراسية خلال مدة الخدمة السابقة عنها خلال مدة الخدمة الحالية. (4) ألا تقل الدرجة السابقة عن الدرجة الجديدة. (5) ألا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك. (6) ألا تزيد مدة ترك العمل بين مدتي الخدمة السابقة والحالية على خمس سنوات، فإذا انتفى شرط من هذه الشروط كان التعيين تعييناً جديداً يخضع فيه الموظف لما يخضع له كل مرشح جديد وامتنع ضم مدد الخدمة السابقة. وأن وظيفة قارئ عدادات لا تتفق في طبيعتها مع وظيفة مدرس رياضة أو علوم - وبالمثل وظيفة مراقب تابلوه - ذلك أن مثل هذا العمل لا يتطلب من ناحية الاستعداد والتأهيل ما تحتاج إليه وظيفة مدرس الرياضة أو العلوم فبينما يلاحظ في طبيعة العمل بالمصنع أنه آلي محض لا يفتقر العامل في أدائه إلى استعداد عقلي أو تربوي أو إلمام علمي منهاجي؛ إذ بوظيفة التدريس تقتضي بطبيعتها فيمن يضطلع بها قسطاً من السيطرة على الناشئة وقدرة على سبر أغوارهم وترويض عقولهم، وهم أنماط من الخلق والاستعداد، وتفهم شكاتهم ونقط ضعفهم وملكاتهم لإحسان توجيههم وتبصيرهم في يسر بالأصول العلمية. فمستوى المدرس لا شك في أنه أرفع في طبيعته، كما أن دائرة اختصاصه أشمل وأهم فالعملان وإن تشاركا في بعض النواحي العملية، إلا أنهما متباينان في المستوى وفي نطاق اختصاص كل منهما.
وعلى مقتضى التحديد المتقدم يكون شرط تجانس العمل السابق مع وظيفة المدعي الحالية كمدرس علوم بوزارة التربية والتعليم متخلفاً الأمر الذي يحول دون الاعتداد بخدمته كمراقب تابلوه بصالة الكهرباء بقسم الورش بشركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار لاختلاف الطبيعة الفنية في كل من عمله السابق وعدم تحاذيهما من حيث الاستعداد أو التأهيل أو الاختصاص وعدم تأثير العمل الأول في إكسابه خبرة يفيد منها في ممارسته عمله الجديد في تربية النشئ وتثقيفه تلك الخبرة التي هي علة ضم مدد الخدمة السابقة ومناطه، ذلك أن تماثل طبيعة العمل في كلتا الوظيفتين بناء على الأصل القائم على اكتساب الخبرة هو شرط أساسي لضم المدة، لا بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 فحسب، بل وفقاً لأحكام ومفهوم قرارات ضم مدد الخدمة السابقة التي صدرت بعد ذلك كافة.


إجراءات الطعن

في 4 من يناير سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة عن السيد وزير التربية والتعليم التنفيذي بالإقليم المصري سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 448 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1959 في الدعوى رقم 263 لسنة 6 القضائية المقامة من سعد عبد الله إبراهيم ضد وزارة التربية والتعليم، القاضي "باستحقاق المدعي حساب نصف مدة خدمته السابقة التي قضاها في شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار والواقعة من 3 من نوفمبر سنة 1944 إلى 23 من نوفمبر سنة 1951 إلى مدة خدمته الحالية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 وما يترتب على ذلك من آثار والفروق المالية من تاريخ استحقاقها، مع إلزام الحكومة المصروفات" وطلب السيد الطعن - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". وقد عقبت هيئة مفوضي الدولة على هذا الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه لما أبدته به من أسباب إلى أنها ترى "قبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبرفضها موضوعاً". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 14 من يناير سنة 1960، وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم المذكور مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 5 من مارس سنة 1961، وفي 25 من فبراير سنة 1961 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 25 من مارس سنة 1961. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 263 لسنة 6 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 11 من يونيه سنة 1959 ذكر فيها أنه عين في 26 من نوفمبر سنة 1951 في وظيفة مدرس علوم بمدرسة كفر الدوار الابتدائية القديمة، وفي سنة 1957 نقل إلى وظيفة أمين معمل، وله مدة خدمة سابقة بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار من 3 من نوفمبر سنة 1944 إلى 23 من نوفمبر سنة 1951 يحق له ضمها إلى مدة خدمته الحالية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية لتوافر جميع الشروط في حالته، إلا أن الجهة الإدارية ترفض هذا الضم بحجة أن عمله كمدرس علوم لا يتفق تماماً وعمله في الشركة المذكورة. وهذه الحجة مردودة بأنه كان يعمل مراقباً للكهرباء بالشركة، وأن هذا العمل بتماثل مع عمله كمدرس علوم لقيام العملين على أسس واحدة وتجارب مشتركة، يؤكد هذا أنه نقل في سنة 1957 إلى وظيفة أمين معمل وعملها ظاهر الانطباق على عمله كمراقب كهرباء. وقد استقر القضاء الإداري على أن الشرط الخاص باتفاق العمل السابق مع العمل الحالي في طبيعته لا يعني اتحادهما وإلا لورد النص على وجوب أن تكون الوظيفة السابقة هي بعينها الوظيفة الحالية، وإنما يكفي أن يتحد العملان في طبيعتهما الفنية وما يلزم لهما من مؤهلات دون أن يستلزم ذلك أن يكون الاختصاص واحداً في العملين أو أن يكونا متطابقين تطابقاً تاماً بحيث يتحاذيا من جميع الوجوه. وهذا هو ما جرى به قضاء محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا. ومن ثم فإنه يطلب "الحكم بأحقيته في ضم مدة خدمته السابقة بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار من 3 من نوفمبر سنة 1944 إلى 23 من نوفمبر سنة 1951 إلى مدة خدمته الحالية طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف". وقد ردت الجهة الإدارية على هذه الدعوى بأن المدعي عين في وظيفة مدرس بمدرسة كفر الدوار الابتدائية بالإذن رقم 199 المؤرخ 16 من يناير سنة 1952 اعتباراً من 26 من نوفمبر سنة 1951 بماهية قدرها 8 جنيهات و500 مليم شهرياً بمؤهل هو دبلوم المدارس الصناعية عام 1944 ودبلوم الدراسات التكميلية المسائية للمعلمين عام 1951. وقد كان لهذا الدبلوم الأخير الاعتبار الأول في التعيين إذ أن هذا المؤهل تربوي ولم يكن هو حاصلاً عليه خلال فترة عمله بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار في وظيفة مراقب تابلوه من 3 من نوفمبر سنة 1944 حتى 23 من نوفمبر سنة 1951 - فكأن مدة خدمته السابقة التي يريد ضمها كانت في ظل مؤهل أقل من مؤهل التعيين في وظيفة مدرس، مما يؤدي إلى عدم انطباق قرار 11 من مايو سنة 1947 على حالته. ومن ناحية أخرى فإن عمل مراقب تابلوه لا يماثل ولا يتحد في طبيعته الفنية مع عمل مدرس، ذلك أن مهمة مراقب تابلوه وهي قراءة العدادات لا تفيد من قريب أو بعيد ولا تؤثر إطلاقاً على خبرة المدرس التي هي مناط الحكمة في ضم مدد الخدمة السابقة؛ ذلك أن وظيفة المدرس تقوم أساساً على تربية النشئ، ولا يمكن أن يتحاذى عمل المدرس مع عمل مراقب العدادات. ولما كان ضم مدد الخدمة السابقة إجراء استثنائياً لا يجوز التوسع فيه، وكان المدعي نفسه قد رأى عدم تحاذي العمل السابق مع اللاحق بدليل أنه لم يذكر مدة خدمته السابقة بالاستمارة رقم 103 الخاصة ببيان حصر مدد الخدمة السابقة، لذلك تكون دعواه جديرة بالرفض وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه لما أبداه به من أسباب إلى أنه يرى "الحكم بأحقية المدعي في ضم نصف مدة خدمته السابقة التي قضاها في وظيفة مراقب تابلوه بشركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1944 إلى 23 من نوفمبر سنة 1951 إلى مدة خدمته الحالية، وما يترتب على ذلك من آثار منها صرف الفروق كاملة، مع إلزام الجهة الإدارية المصاريف". وبجلسة 5 من نوفمبر سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية "باستحقاق المدعي حساب نصف مدة خدمته السابقة التي قضاها في شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار والواقعة من 3 من نوفمبر سنة 1944 إلى 23 من نوفمبر سنة 1951 إلى مدة خدمته الحالية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 - وما يترتب على ذلك من آثار والفروق المالية من تاريخ استحقاقها، مع إلزام الحكومة المصروفات" وأقامت قضاءها على أن المقصود بالشرط الخاص باتحاد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته هو أن يتماثل العملان، لا أن يكون الاختصاص واحداً في كلا العملين، أو أن يكون كل منهما مطابقاً للآخر تمام المطابقة، بحيث يتحاذى العملان من جميع الوجوه، وإنما يكفي أن يكون العمل السابق بحسب الاستعداد فيه والتأهيل له متماثلاً في الطبيعة مع العمل الجديد، ومتى كان الثابت أن المدعي كان حاصلاً على دبلوم المدارس الصناعية الثانوية في سنة 1944 قبل تعيينه في شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار، وأن عمله في الشركة كان عملاً فنياً يتماثل في طبيعته مع عمل مدرس الرياضة والعلوم في المدارس الابتدائية والإعدادية من حيث الاستعداد والمؤهلات الدراسية الواجبة، فإنه يتعين اعتبار عمل المذكور السابق متحداً في طبيعته مع عمله الحالي. ولا حجة في الاعتداد بدبلوم الدراسات التكميلية المسائية للمعلمين. إذ أن وزارة التربية والتعليم لم تكن حتى سنة 1951 التي حصل عليها على هذا المؤهل قد سنت قاعدة توجب أن يكون المدرسون من الحاصلين على مؤهلات تربوية، ولم تستحدث هذه القاعدة إلا بعد سنة 1955، وعلى ذلك لم يكن المؤهل المشار إليه هو محل الاعتبار الأول في تعيين المدعي في الخدمة، بل كان مؤهلاً إضافياً، وإنما المؤهل الأساسي هو دبلوم المدارس الصناعية الثانوية سنة 1944، وهو خلال مدة خدمته السابقة لا يقل عنه خلال مدة خدمته الحالية. ولما كانت المدة التي مضت بين تركه العمل في الشركة وبين التحاقه بعمله الحالي في وزارة التربية والتعليم لم تجاوز ثلاثة أيام، فإنه يكون قد توافرت في حقه جميع الشروط التي أوردها قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 لحساب مدد الخدمة السابقة. فضلاً عن أنه قد استوفى أيضاً شرط طلب الضم في المواعيد المقررة طبقاً لأحكام هذا القرار إذ أثبت ذلك في طلبه المؤرخ 26 من نوفمبر سنة 1951 وهو ذات اليوم الذي عين فيه في خدمة الوزارة. ومن ثم فإنه يكون على حق في طلباته التي يتعين إجابته إليها، مع استحقاقه للفروق المالية الناتجة عن هذه التسوية، إذ الثابت أنه لم يدركها التقادم الخمسي المسقط بسبب ما قدمه من طلبات وشكاوى قاطعة لسريان هذا التقادم. وقد طعنت وزارة التربية والتعليم التنفيذية في هذا الحكم بعريضة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 4 من يناير سنة 1960 طلبت فيها "إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". واستندت في أسباب طعنها إلى أن وظيفة التدريس كما استظهرتها أحكام المحكمة الإدارية العليا تقضي بطبيعتها فيمن يضطلع بها قسطاً من السيطرة على الناشئة وقدرة على سبر أغوارهم وهم أنماط من الخلف والاستعداد وتفهم شكاتهم لإحسان توجيههم وتبصيرهم بالأصول العلمية، فمستوى المدرس لا شك أرفع في طبيعته ودائرة اختصاصه أشمل وأعم. ولما كان المدعي خلال مدة خدمته السابقة يعمل في وظيفة مراقب تابلوه بقسم الكهرباء بشركة مصر للغزل والنسيج بقسم الورش وهو عمل آلي لا يحتاج إلى مجهود ذهني كبير فإنه يكون متخلفاً في حقه شرط الاتحاد في طبيعة العمل بين عمله السابق وعمله الجديد وهو التدريس، هذا إلى أن المدعي لم يتقدم بطلب ضم مدة خدمته السابقة في الاستمارة رقم 103 ع. ح الخاصة بذلك على الرغم من إرفاقها ضمن مسوغات تعيينه؛ وإذ أغفل ملء هذا النموذج فإنه يسقط حقه في طلب ضم مدة خدمته السابقة استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 ولا يغني عن هذا الإجراء أن يكون قد تقدم بطلب مستقل لضم هذه المدة في اليوم الأول من تعيينه بالوزارة. وإذ جرى الحكم المطعون فيه بغير ما سبق فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به حالة من حالات الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا. وقد عقبت هيئة مفوضي الدولة على هذا الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى "قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبرفضها موضوعاً "وأسست رأيها على القضاء السابق لهذه المحكمة وعلى أن طبيعة عمل المدعي كمراقب تابلوه بشركة مصر للغزل والنسيج من سنة 1944 إلى سنة 1951 لا تتفق وطبيعة عمله كمدرس بوزارة التربية والتعليم، ومن ثم يكون أحد الشروط الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 لضم مدة خدمته السابقة مفتقداً ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى ضم نصف هذه المدة قد خالف أحكام القانون.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المدعي من واقع الأوراق أنه حصل على دبلوم المدارس الصناعية في صناعة خرط المعادن في أكتوبر سنة 1944، واشتغل بمصانع شركة مصر للغزل والنسيج الرفيع من القطن المصري بكفر الدوار في وظيفة مراقب تابلوه بصالة الكهرباء بقسم الورش من يوم 3 من نوفمبر سنة 1944 حتى يوم 23 من نوفمبر سنة 1951 حيث ترك هذا العمل بالاستقالة ثم حصل على دبلوم الدراسات التكميلية المسائية للمعلمين في سنة 1951، وعين في وظيفة مدرس علوم بمدرسة كفر الدوار الابتدائية بوزارة التربية والتعليم بمقتضى الإذن رقم 199 الصادر في 16 من يناير سنة 1952 اعتباراً من 26 من نوفمبر سنة 1951 براتب شهري قدره 8 جنيهات و500 مليم ثم تنقل بين مدارس الوزارة المختلفة حتى أسندت إليه وظيفة أمين معمل في سنة 1958. وسويت حالته بالتطبيق لأحكام قانون المعادلات الدراسية.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 بحساب مدة الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية يستلزم توافر الشروط الآتية:
(1) ألا تقل مدة الخدمة السابقة عن ثلاث سنوات (2) أن يتحد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته (3) ألا تقل المؤهلات الدراسية خلال مدة الخدمة السابقة عنها خلال مدة الخدمة الحالية (4) ألا تقل الدرجة السابقة عن الدرجة الجديدة (5) ألا يكون سبب انتهاء الخدمة السابقة قراراً تأديبياً أو حكماً مانعاً من التوظف أو سوء السلوك (6) ألا تزيد مدة ترك العمل بين مدتي الخدمة السابقة والحالية على خمس سنوات. فإذا انتفى شرط من هذه الشروط كان التعيين تعييناً جديداً يخضع فيه الموظف لما يخضع له كل مرشح جديد وامتنع ضم مدد الخدمة السابقة. وأن وظيفة قارئ عدادات لا تتفق في طبيعتها مع وظيفة مدرس رياضة أو علوم - وبالمثل وظيفة مراقب تابلوه - ذلك أن مثل هذا العمل لا يتطلب من ناحية الاستعداد والتأهيل ما تحتاج إليه وظيفة مدرس الرياضة أو العلوم، فبينما يلاحظ في طبيعة العمل بالمصنع أنه آلي محض لا يفتقر العامل في أدائه إلى استعداد عقلي أو تربوي أو إلمام علمي منهاجي. إذا بوظيفة التدريس تقتضي بطبيعتها فيمن يضطلع بها قسطاً من السيطرة على الناشئة وقدرة على سبر أغوارهم وترويض عقولهم، وهم أنماط من الخلق والاستعداد، وتفهم شكاتهم ونقط ضعفهم وملكاتهم لإحسان توجيههم وتبصيرهم في يسر بالأصول العلمية. فمستوى المدرس لا شك في أنه أرفع في طبيعته، كما أن دائرة اختصاصه أشمل وأعم. فالعملان وإن تشاركا في بعض النواحي العملية، إلا أنهما متباينان في المستوى وفي نطاق اختصاص كل منهما.
ومن حيث إنه على مقتضى التحديد المتقدم يكون شرط تجانس العمل السابق مع وظيفة المدعي الحالية كمدرس علوم بوزارة التربية والتعليم متخلفاً الأمر الذي يحول دون الاعتداد بخدمته كمراقب تابلوه بصالة الكهرباء بقسم الورش بشركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار لاختلاف الطبيعة الفنية في كل من عمله السابق وعدم تحاذيهما من حيث الاستعداد أو التأهيل أو الاختصاص وعدم تأثير العمل الأول في إكسابه خبرة يقيد منها في ممارسته عمله الجديد في تربية النشئ وتثقيفه تلك الخبرة التي هي علة ضم مدد الخدمة السابقة ومناطه، ذلك أن تماثل طبيعة العمل في كلتا الوظيفتين بناء على الأصل القائم على اكتساب الخبرة هو شرط أساسي لضم المدة، لا بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 فحسب، بل وفقاً لأحكام ومفهوم قرارات ضم مدد الخدمة السابقة التي صدرت بعد ذلك كافة. ومتى تخلف هذا الشرط كفى بذاته عن بحث تخلف أو عدم تخلف غيره من الشروط الأخرى كشرط ميعاد تقديم طلب الضم أو الشرط الخاص بالمؤهل الدراسي.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون المدعي على غير حق في دعواه، ويكون حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه إذ قضى بضم نصف مدة خدمته السابقة التي قضاها في شركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار إلى مدة خدمته الحالية بوزارة التربية والتعليم قد جانب الصواب ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى، مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 62 لسنة 25 ق جلسة 25 / 6 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 77 ص 505

جلسة 25 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحسن العباسي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع المستشارين.

--------------------

(77)
الطعن رقم 62 لسنة 25 القضائية

(أ) نقض "حالات الطعن" "الطعن ببطلان الحكم".
النعي على الحكم المؤسس على عدم مراعاة الإجراءات التي أوجبها قانون المرافعات من إعادة الإعلان والإعذار لمن لم يحضر لا يجوز التحدي به طالما لم يجر التمسك به أمام محكمة الموضوع. بطلان لا يتصل بالنظام العام.
(ب) مسئولية "المسئولية التقصيرية" "الخطأ التقصيري".
المنافسة التجارية غير المشروعة تعد خطأ تقصيرياً يوجب المسئولية. تجاوز حدود المنافسة المشروعة. مثال. إغراء عمال محل مزاحم على ترك محلهم إلى محل آخر. النشر عن ذلك بالصحف وتوجيه الأنظار إليهم مع إقحام الاسم التجاري للمحل الأول في الإعلانات.
(ج) تعويض.
تقدير التعويض مسألة واقعية. يستقل بها قاضي الموضوع.

----------------
1 - لا يجوز التحدي أمام محكمة النقض بالبطلان إذا كان مؤسساً على عدم مراعاة الإجراءات التي أوجبها قانون المرافعات من إعادة إعلان من لم يحضر من الخصوم في الدعوى وإعذاره - طالما أنه لم يجر التمسك بهذا السبب أمام محكمة الموضوع لأن البطلان المدعى به مما لا يتصل بالنظام العام - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة.
2 - تعد المنافسة التجارية غير المشروعة فعلاً تقصيرياً يستوجب مسئولية فاعله عن تعويض الضرر المترتب عليه عملاً بالمادة 163 من القانون المدني - ويعد تجاوزاً لحدود المنافسة المشروعة ارتكاب أعمال مخالفة للقانون أو العادات أو استخدام وسائل منافية لمبادئ الشرف والأمانة في المعاملات إذا قصد به إحداث لبس بين منشأتين تجاريتين أو إيجاد اضطراب بإحداهما متى كان من شأنه اجتذاب عملاء إحدى المنشأتين للأخرى أو صرف عملاء المنشأة عنها - فإذا كانت الوقائع الثابتة من الأوراق والتي حصلها الحكم المطعون فيه - هي خروج تسعة عمال من محل المطعون عليه خلال شهر واحد ثم إلحاقهم بمحل الطاعنين المنافس له كل منهم فور خروجه ثم إعلان الطاعنين بالصحف أكثر من مرة عن التحاق أربعة منهم بمحلهم موجهين الأنظار إلى أسمائهم وسبق اشتغالهم بمحل المطعون عليه، وكانت هذه الوقائع تتم عن إغراء الطاعنين لعمال محل المطعون عليه على الخروج منه وإلحاقهم بمحلهم كما تنم عن اعتداء على الاسم التجاري لمحل المطعون عليه بإقحامه في الإعلانات المتعلقة بمحلهم وتضمينها ما يفيد سبق اشتغال عمالهم لدى المطعون عليه رغم انقطاع الصلة بينهم وبينه بخروجهم من محله، وكانت هذه الأفعال مجتمعة تعتبر تجاوزاً لحدود المنافسة المشروعة لما يترتب عليها من اضطراب في أعمال محل المطعون عليه بسبب انفضاض بعض عميلاته عنه إلى محل الطاعنين، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى مساءلة الطاعنين على أساس من الفعل الضار غير المشروع وقضى بتعويضه يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً وبني قضاءه على أسباب سائغة كافية لحمله.
3 - تقدير التعويض من المسائل الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه أقام على الطاعنين وآخرين الدعوى رقم 260 سنة 1952 تجاري كلي القاهرة قال في بيانها أنه افتتح منذ عشرين عاماً بشارع قصر النيل رقم 24 صالوناً للحلاقة وتزيين السيدات عرف باسم صالون "سقراط" وكان يقوم بإدارته بنفسه واستخدم فيه عمالاً أخصائيين في هذه المهنة حتى صار بفضل اجتهاده المحل الأول في القاهرة، وكان يعمل بمحله الطاعن الأول وتسعة آخرون فألفتهم عميلاته واعتدن عليهم بحيث لو تركه عامل منهم فإن بعض العميلات يتبعنه في أي محل آخر يعمل به، وفي ديسمبر من عام 1950 أبدى الطاعن الأول رغبته في ترك العمل ليفتح محلاً لحسابه فرحب المطعون عليه بذلك واشترك الطاعن المذكور مع الطاعنين الثاني والثالث في محل أسموه "ريمور" برقم 10 بشارع قصر النيل بالقرب من محل المطعون عليه. ويستطرد المطعون عليه قائلاً إنه فوجئ في 29 و30 من نوفمبر سنة 1951 - بعد عام تقريباً من خروج الطاعن الأول - بترك ثلاثة من عماله الخدمة لديه، وفي اليوم التالي - أي - في اليوم الأول من ديسمبر سنة 1951 أعلن الطاعنون بجريدة الجورنال ديجيبت بصفتهم أصحاب "صالون ريمور" عن التحاق هؤلاء العمال بمحلهم وذكر في الإعلان أنهم كانوا يعملون سابقاً بمحل المطعون عليه "سقراط"، ثم خرج عامل رابع وأعلن عن التحاقه بمحل الطاعنين بنفس الجريدة بعدد 2/ 12/ 1951، وتوالت بعد ذلك الإعلانات بهذا المعنى في صحف أخرى. وفي أواخر شهر ديسمبر سنة 1951 خرج خمسة آخرون من عمال محله والتحقوا بمحل الطاعنين وكان هؤلاء الأخيرون قد تعمدوا التريث في ترك العمل لديه حتى يقوموا بمهمة الاتصال بالعميلات لإغرائهن على التعامل مع "صالون ريمور" وأردف المطعون عليه بقوله إن الطاعنين قاموا بإغراء عماله على ترك العمل لديه وأعلنوا عن التحاقهم بمحلهم لينالوا شهرة على حساب الشهرة الذائعة لمحله وقد لحقه من ذلك ضرر جسيم تحكمه قواعد المادة 163 من القانون المدني لما فيه من منافسة غير مشروعة، وقدر المطعون عليه تعويض هذا الضرر بمبلغ ألفي جنيه، وهو ما طلب أن يحكم له به على جميع من اختصمهم متضامنين. فقضت المحكمة الابتدائية في 4 من إبريل سنة 1953 برفض الدعوى، فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف بجدولها تحت رقم 748 سنة 70 ق وطلب إلغاء الحكم المستأنف والحكم له بطلباته أمام محكمة أول درجة. ثم عاد وأقام استئنافاً آخر قيد برقم 61 سنة 71 ق بنفس طلباته في الاستئناف الأول. وقرر الحاضر عنه بجلسة 22 من نوفمبر سنة 1954 أنه رفع هذا الاستئناف الثاني إذ لم يستكمل الأول أوضاعه الشكلية لعدم إعلان جميع المستأنف عليهم، وأمرت المحكمة في نفس الجلسة بضم الاستئنافين. وفي 4 من يناير سنة 1955 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليهم - الثلاثة الأول - أي الطاعنين - بأن يدفعوا للمطعون عليه على وجه التضامن فيما بينهم مبلغ 1000 جنيه ألف جنيه مصري على سبيل التعويض. وبتاريخ 15 من فبراير سنة 1955 قرر الطاعنون الطعن بطريق النقض في هذا الحكم، وبعد استيفاء إجراءاته أبدت النيابة رأيها برفض الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية لنظره بجلسة 11 من يونيه سنة 1959 وفي هذه الجلسة صممت النيابة على طلباتها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب أربعة - يتحصل أولها في النعي ببطلان الحكم المطعون فيه - ذلك أن الطاعن الأول لم يقدم دفاعاً بعد إعلانه بالاستئناف رقم 61 سنة 71 ق ولم يحضر بالجلسة التي حددت لنظره. وكان يتعين إعادة إعلانه طبقاً لنص المادة 407 مكرر والمادتين 416 و96 من قانون المرافعات إلا أن هذا الإجراء لم يتم على الوجه الصحيح إذ لم يوجه الإعلان إلى المعلن إليهم شخصياً - وإنما وجه إلى الأستاذ جورج داريان المحامي بوصف مكتبه وكيلاً ومحلاً مختاراً لهم - ولم تسلم منه صور بعدد الأشخاص الواجب إعادة إعلانهم، وبفرض جواز الإعلان إلى الوكيل بدلاً من الخصم شخصياً فقد كان ينبغي توجيهه إلى وكلائهم الثلاثة الواردة أسماؤهم في إعلان الحكم المستأنف لا إلى أحدهم، ويرتب الطاعنون على ذلك اعتبار الحكم مشوباً بالبطلان بالنسبة لهم جميعاً لتعلق هذا البطلان بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن إعادة الإعلان إذا لم يتم على الوجه الصحيح بالنسبة للطاعن الأول - على فرض صحة هذا الادعاء وأياً كان سببه لا يترتب عليه بطلان الحكم المطعون فيه بالنسبة له وإنما يؤدي إلى مجرد اعتبار الحكم غيابياً في حقه، تجوز له المعارضة فيه أمام محكمة الموضوع تأسيساً على ما يدعيه من أنه قد وصف خطأ بكونه حضورياً بالنسبة له لعدم إعادة إعلانه على الوجه الصحيح، ولكنه لا يستطيع هو أو غيره من الطاعنين التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة ببطلان الإجراءات في هذا الصدد - وذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على عدم جواز التحدي أمامها بالبطلان إذا كان مؤسساً على عدم مراعاة الإجراءات التي أوجبها قانون المرافعات من إعادة إعلان من لم يحضر من الخصوم في الدعوى وإعذاره - طالما أنه لم يجر التمسك بهذا السبب أمام محكمة الموضوع لأن البطلان المدعى به مما لا يتصل بالنظام العام.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث الخطأ في تطبيق القانون وقصور الأسباب وفساد الاستخلاص يقولون في بيان ذلك إن الحكم المطعون فيه قد بني على أن هناك إغراء من جانب الطاعنين اجتذبوا به عمالاً من محل المطعون عليه للعمل بمحلهم - وهذا الإغراء لا وجود له - وليس في الوقائع التي أوردها الحكم ما يؤدي إلى هذا الاستخلاص - فلم يثبت قيام الطاعنين بعمل إيجابي يستفاد منه اتصالهم بالعمال قبل تركهم العمل لدى المطعون عليه وبفرض وجود هذا الإغراء فإنه لا يكون بذاته عنصر الغش أو الافتراء على الحقيقة الذي هو أساس المساءلة في دعوى المنافسة غير المشروعة - ذلك أن حرية العمل وحرية النشاط الاقتصادي ضروريتان لكل تقدم، مما يوجب إفساح الاختيار لدى العامل ورب العمل، ولا غضاضة في الإعلان عن التحاق عامل أو عدة عمال بأحد المحلات طالما أن اللبس بينه وبين غيره منتف.
وحيث إن النعي بما ورد في هذين السببين مردود - ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أوضح بادئ ذي بدء قيام المنافسة بين محل المطعون عليه ومحل الطاعنين نتيجة للظروف التي افتتح فيها هذا المحل الأخير، ولتماثل النشاط في المحلين وقرب كل منهما للآخر فقال "إن المستأنف عليه الأول تيودور كافاليس - الطاعن الأول - كان يشتغل بمحل المستأنف - المطعون عليه - الذي يديره كصالون "للحلاقة" وتزيين السيدات والمعروف باسم صالون "سقراط" وذلك بموجب عقد مؤرخ في 12 من ديسمبر سنة 1942 وفي 14 من أكتوبر سنة 1950 استقال من العمل وقبض مرتبه والعمولة المستحقة له حتى أخر نوفمبر سنة 1950 استقال من العمل وقبض مرتبه والعمولة المستحقة له حتى أخر نوفمبر سنة 1950 بعد أن تنازل المستأنف - المطعون عليه - عن الشرط الجزائي المنصوص عليه في العقد وأقر بأنه لا حق له في الرجوع بأي شيء على الإطلاق على المستأنف عليه المذكور - الطاعن الأول - الذي افتتح عقب هذه الاستقالة بالاشتراك مع المستأنف عليه الثاني والثالث - الطاعنين الثاني والثالث - صالوناً آخر - لتزيين السيدات أطلق عليه اسم "ريمور" يقع بشارع قصر النيل على مقربة من صالون المستأنف" - ثم استطرد الحكم المطعون فيه إلى بيان عنصر الخطأ الذي أسس عليه مسئولية الطاعنين من المنافسة غير المشروعة - فاستند إلى سلسلة من الأعمال المتلاحقة استخلص منها قصد الطاعنين في اجتذاب عميلات محل المطعون عليه إلى محلهم وذلك إذ قال "وفي نهاية شهر نوفمبر من العام التالي، وعلى وجه التحديد في 29، 30 من نوفمبر سنة 1951 طلب أربعة من عمال محل المستأنف ترك العمل لديه وهم المستأنف عليهم الرابع والخامس والسادس والسابع وانسحبوا فعلاً بعد أن تقاضوا استحقاقاتهم حتى تاريخ انسحابهم فيما عدا المستأنف عليه السابع الذي قام بدفع مبلغ 50 جنيهاً لمخدومه بصفة تعويض عن فسخه للعقد الذي يربطه بهذا الأخير والمؤرخ 28 من يونيه سنة 1941. وعقب خروج هؤلاء العمال مباشرة من خدمة المستأنف أعلن المستأنف عليهم الثلاثة الأول - بصفتهم أصحاب محل "ريمور" - في صحيفة الجورنال ديجيبت بعددها الصادر في 1/ 12/ 1951 بأنهم يفخرون بتقديم ثلاثة منهم هم المدعون جان وفونيس ومدام كينا (أي المستأنف عليهم السابع والرابع والخامسة) الذين يعملون بصالونهم ابتداء من اليوم وذكروا في الإعلان أنهم كانوا يعملون سابقاً بمحل "سقراط" كما أعادوا في اليوم التالي 2/ 12/ 1951 نفس الإعلان مع إضافة اسم المستأنف عليه السادس على اعتبار أنه كان يعمل أيضاً فيما مضى بمحل "سقراط" وأن جميع سيدات القاهرة يعرفن الآن صالون "ريمور" وهو محل الحلاقة الممتاز، ثم توالت الإعلانات بعد ذلك، ففي 6 و9/ 12/ 1951 نشرت نفس الصحيفة إعلاناً يتضمن أن صالون "ريمور" فخور بثقة عملائه بمناسبة ضم عمال جدد إليه، ثم في 8/ 12/ 1951 نشرت الصحيفة المذكورة إعلاناً يتضمن اسم المستأنف عليه السابع الذي كان يعمل بمحل المستأنف ويفيد بأنه تحت تصرف عملائه حالياً بمحل "ريمور"، ثم نشر مثل هذا الإعلان في 13/ 12/ 1951 بالنسبة للمستأنف عليه السادس، كما وأنه نشر بجريدة المصري بالعدد الصادر في 27/ 12/ 1951 إعلان مماثل للإعلانات الأولى بالنسبة للمستأنف عليهم من الرابع إلى السابع متضمناً أيضاً أنهم كانوا يعملون فيما مضى بمحل المستأنف. أما المستأنف عليهم الخمسة الآخرين من الثامن إلى الثاني عشر فقد ظلوا يعملون بمحل المستأنف حتى أواخر شهر ديسمبر سنة 1951 ثم انسحبوا والتحقوا هم أيضاً بالعمل لدى المستأنف عليهم الثلاثة الأولى بصالون "ريمور" - واستخلص الحكم المطعون فيه مما تقدم أن انسحاب هؤلاء العمال التسعة من العمل لدى المطعون عليه إنما كان بإغراء من جانب الطاعنين - واستند الحكم إلى ذلك وإلى ما قام به الطاعنون من النشر بالصحف موجهين الأنظار إلى التحاق بعض العمال السابقين بمحل سقراط بمحلهم - في قوله بأن "الطاعنين بحكم اشتغالهم بنفس المهنة التي يزاولها المطعون عليه يعتبرون من المنافسين له فيها وبأنهم قد قطعوا في تلك المنافسة شوطاً بعيداً خرجوا بها عن حدودها المشروعة" - وانتهى الحكم المطعون فيه إلى مساءلة الطاعنين على أساس من الفعل الضار غير المشروع. ولما كانت المنافسة التجارية غير المشروعة تعد فعلاً تقصيرياً يستوجب مسئولية فاعله عن تعويض الضرر المترتب عليه عملاً بالمادة 163 من القانون المدني، وكان ارتكاب أعمال مخالفة للقانون أو العادات أو استخدام وسائل منافية لمبادئ الشرف والأمانة في المعاملات مما يعد تجاوزاً لحدود المنافسة المشروعة إذ قصد به إحداث لبس بين منشأتين تجاريتين أو إيجاد اضطراب بإحداها وكان من شأنه اجتذاب عملاء المنشأتين للأخرى أو صرف عملاء المنشأة عنها، لما كان ذلك، وكانت الوقائع الثابتة من الأوراق التي حصلها الحكم المطعون فيه - من خروج تسعة عمال من محل المطعون عليه خلال شهر واحد ثم إلحاقهم بمحل الطاعنين المنافس له كل منهم فور خروجه - ثم إعلان الطاعنين بالصحف أكثر من مرة عن التحاق أربعة منهم بمحلهم، موجهين الأنظار إلى أسمائهم وسبق اشتغالهم بمحل المطعون عليه - لما كانت هذه الوقائع تنم عن إغراء الطاعنين لعمال محل المطعون عليه على الخروج منه وإلحاقهم بمحلهم كما تنم عن اعتداء على الاسم التجاري لمحل المطعون عليه بإقحامه في الإعلانات المتعلقة بمحلهم وتضمينها ما يفيد سبق اشتغال عمالهم لدى المطعون عليه رغم انقطاع الصلة بينهم وبينه وبخروجهم من محله، وكانت هذه الأفعال مجتمعة تعتبر تجاوزاً لحدود المنافسة المشروعة لما يترتب عليها من اضطراب في أعمال محل المطعون عليه بسبب انفضاض بعض عميلاته عنه إلى محل الطاعنين، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً وبنى قضاءه على أسباب كافية لحمله.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع قصور التسبيب وفساد الاستدلال إذ لم يتحر تحقق الضرر الذي قضى بتعويضه فبنى قضاءه على مجرد ضرر احتمالي وكان يتعين عليه بحث نشاط منشأة المطعون عليه قبل خروج العمال منها وبعد خروجهم وذلك للتحقق من حصول الضرر ومقداره. وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من أن "من بين من أغروا من العمال على ترك خدمة المطعون عليه من توافرت فيه الكفاية الفنية وخبرة سنوات طويلة قضاها في خدمته وأدت إلى رواج حركة محله وذيوع شهرته في المحيط التجاري. ومما لا شك فيه أن حرمان المستأنف - المطعون عليه - من تلك العناصر الطيبة من شأنه أن يحد من حركته التجارية ويقلل من شهرته أمداً طويلاً إلى أن يتسنى له استعادة مركزه الأول - هذا إلى جانب ما هو مألوف في محيط صناعة التزيين من اعتياد العملاء على التردد على محل بعينه لركونهم إلى خبرة عامل فيه وليس أدل على أن سقراط قد فقد نتيجة لهذا الإغراء غير المشروع عناصر هامة من قيام المستأنف عليهم الثلاثة الأول - الطاعنين - بنشر ما نشروه في الصحف موجهين الأنظار إلى التحاق العمال السابقين لسقراط بخدمتهم وما أسبغوه في تلك النشرات على هؤلاء العمال من صفات مرغبة لجذب الزبائن إلى محلهم" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استخلص من الاعتبارات التي أشار إليها تحقق حصول الضرر الفعلي وهو استخلاص سائغ، وعلى ذلك يكون غير صحيح ما نعى به الطاعنون من أن الحكم أقام قضاءه على مجرد الضرر الاحتمالي - أما ما ينعاه الطاعن في شأن تقدير التعويض فلا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما يجوز أمام هذه المحكمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.

الطعن 215 لسنة 6 ق جلسة 11 / 3 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 102 ص 792

جلسة 11 من مارس سنة 1961

برياسة السيد/ سيد إبراهيم الديواني وكيل المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وعبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

----------------

(102)

القضية رقم 215 لسنة 6 القضائية

طعن - تنازل عن الدعوى 

- الطعن في الحكم الصادر بوقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه - التنازل عن دعوى الإلغاء وحكم محكمة الموضوع بترك الخصومة - ينسحب أثره إلى طلب وقف التنفيذ - إلغاء الحكم الصادر في هذا الطلب.

---------------
إذا كان الطعن المنظور الآن أمام هذه المحكمة يقوم على طلب الحكومة القضاء بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في 3 من نوفمبر سنة 1959.. بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وكان الثابت أن المدعي قد تنازل عن دعواه وقضت محكمة القضاء الإداري بجلسة 28 من يونيه سنة 1960 بقبول ترك المدعي للخصومة - فإن هذا التنازل من جانب المدعي عن دعواه ينسحب أيضاً في الواقع إلى طلب وقف التنفيذ ومن ثم فيتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر في 3 من نوفمبر سنة 1959 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.


إجراءات الطعن

في 17 من ديسمبر سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير الداخلية المركزي والسيد وزير الداخلية التنفيذي عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 215 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 3 من نوفمبر سنة 1959 في الدعوى رقم 1188 لسنة 13 القضائية المقامة من المهندس سمير تادرس جرجس ضد الطاعنين والقاضي "بوقف تنفيذ القرار المطعون" وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، والقضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار الصادر في 4 من إبريل سنة 1959 برفض تحديد الترخيص للمطعون ضده (المدعي) في العمل بشركة موبل أويل وذلك مع إلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن هذا الطعن إلى المدعي في 11 من يناير سنة 1960 وعرض على دائرة فحص الطعون بجلسة 29 من يناير سنة 1961 وفيها أرجأت إصدار الحكم لجلسة 5 من فبراير سنة 1961 وفي هذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 25 من فبراير سنة 1961 وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أنه بعريضة مودعة في 4 من أغسطس سنة 1959 أقام المدعي الدعوى رقم 1188 لسنة 13 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد السيد وزير الداخلية المركزي والسيد وزير الداخلية التنفيذي طلب فيها الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مؤقتاً حتى يفصل في موضوع الدعوى بإلغائه ثم الحكم بعد تحضير الدعوى بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أنه اشتغل مهندساً بشركة موبيل أويل وظل مجتهداً في عمله حتى وصل إلى درجة مدير إنتاج ولما كانت هذه الشركة أمريكية فقد لزم طبقاً لحكم القانون رقم 173 لسنة 1958 أن يحصل على تصريح باستمراره في العمل بالشركة يلزم تجديده كل ثلاث سنوات وقد فوجئ عند حلول موعد تجديد التصريح المعطى له بأن ورد إليه في 4 من أبريل سنة 1959 إخطار من مصلحة الأمن العام رداً على طلبه برفض التجديد دون إبداء الأسباب فتظلم من هذا القرار دون جدوى، وانتهى المدعي بأن طلب وقف تنفيذ هذا القرار مؤقتاً حتى يفصل في الموضوع وأبدت الحكومة دفاعها في الدعوى. وبجلسة 3 من نوفمبر سنة 1959 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فطعنت الحكومة في هذا الحكم طالبة القضاء بوقف تنفيذه ثم بإلغائه وقبل الفصل في هذا الطعن نظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى الموضوعية بجلسة 28 من يونيه سنة 1960 حيث قرر الحاضر عن المدعي بتنازل المدعي عن الدعوى بعد إذ وافقت الحكومة على تعيينه بنفس وظيفته بالشركة ولم يعترض الحاضر عن الحكومة على ذلك فقضت المحكمة في ذات الجلسة بقبول ترك المدعي للخصومة وألزمته بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن المنظور الآن أمام هذه المحكمة يقوم على طلب الحكومة القضاء بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في 3 من نوفمبر سنة 1959.. بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه وقد تنازل المدعي عن دعواه وقضت محكمة القضاء الإداري بجلسة 28 من يونيه سنة 1960 بقبول ترك المدعي للخصومة - كما سلف البيان - فإن هذا التنازل من جانب المدعي عن دعواه ينسحب أيضاً في الواقع إلى طلب وقف التنفيذ؛ ومن ثم فيتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر في 3 من نوفمبر سنة 1959 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 1433 لسنة 48 ق جلسة 8 / 6 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 123 ص 693

جلسة 8 يونيه سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد طه سنجر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله، عبد المنعم أحمد بركة، مرزوق فكري عبد الله وجرجس اسحق عبد السيد.

---------------

(123)
الطعن رقم 1433 لسنة 48 قضائية

وكالة "الوكالة المستترة: آثار الوكالة". عقد. شهر عقاري. بيع.

 الوكالة المستترة. نطاقها. تسجيل البيع الصادر للوكيل المسخر. أثره. نقل الملكية من الغير للموكل المستتر مباشرة في العلاقة بين الوكيل والموكل.

------------------
لما كانت العلاقة بين الوكيل المسخر والموكل ينظمها عقد الوكالة الذي أبرماه فيلتزم الوكيل المسخر بتنفيذ الوكالة في حدودها المرسومة، مما مؤداه أن تسجيل البيع الصادر للوكيل المسخر ينقل الملكية مباشرة من الغير إلى الموكل المستتر في العلاقة بين الوكيل والموكل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة الأولى أقامت الدعوى رقم 1092 سنة 1972 مدني كلي دمنهور ضد المطعون عليها بطلب تثبيت ملكيتها للأرض الزراعية المبينة بالصحيفة على سند من القول أنها تضع اليد عليها وضع يد هادئ ظاهر مستمر بنية الملك منذ مدة تزيد على عشرين عاماً ومن ثم مفترض لها كسب ملكيتها بالتقادم الطويل المكسب وإذ نازعتها المطعون عليها في ذلك فقد لجأت إلى الدعوى للحكم لها بطلباتها. دفعت المطعون عليها الدعوى بتملكها العين النزاع من مصلحة الأملاك بمقتضى عقد البيع المسجل رقم 1109 في 15/ 4/ 1964 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره وتدخل الطاعن الثاني خصماً منضماً للطاعنة الأولى في طلباتها، قضت المحكمة بقبول هذا التدخل وبرفض الدعوى استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 164 سنة 31 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور) على أسباب من بينها أن المطعون عليها قد أقرت كتابة بأنها مجرد اسم مستعار في العقد المسجل برقم 1109 سالف الذكر لشقيقها المتدخل الذي اكتسب الملكية بموجبه ثم نقلها إلى الطاعنة الأولى بموجب أحكام توفيق أوضاع ملكية الأسرة طبقاً للقانون 50 سنة 1969، وفي 19/ 2/ 1977 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن العقد المسجل الصادر للمطعون عليها من مصلحة الأملاك هو في حقيقته بيع لصالح الطاعن الثاني وأن المطعون عليها لم تكن إلا اسماً مستعاراً فيه، وإذ لم ينفذ حكم التحقيق بعد أن دفعت المطعون عليها بعدم جواز الإثبات إلا بالكتابة عادت المحكمة وحكمت في 16/ 11/ 1977 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن القرينة القضائية أمر يستنبطه القاضي من أمور أخرى ثابتة لديه وأن هذا الاستخلاص يجب أن يكون سائغاً وأن تكون الوقائع المستنبط منها ثابتة بشكل قاطع حتى يكون الاستنباط الذي بني عليها سليماً، وإذ تمسك الطاعنان في مذكرتهما المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 19/ 2/ 1977 أنهما يستندان في ملكيتهما فضلاً عن وضع اليد المدة الطويلة إلى انصراف العقد المسجل الذي ركنت إليه المطعون عليها في إثبات نقل ملكيتها إليهما لأنها لم تكن إلا اسماً مستعاراً للطاعن الثاني في الشراء وأنه قد نقل الحق إلى الطاعنة الأولى عملاً بالقانون 50 سنة 1969 ودللا على ذلك بالإقرار المؤرخ 15/ 1/ 1973 الذي أقرت فيه المطعون عليها بأنها لم تدفع ثمناً لهذه الأطيان وأنها من حق الطاعن الثاني، وقد أقرت بصدور هذا الإقرار منها وإن كانت قد دفعته بأنه كان من بين مسائل أخرى تضمنه عقد صلح عدل عنه وهو حجة عليها وإن عدل عن الصلح وقد تأييد هذا الإقرار بما قدماه من إيصالات سداد الثمن إلى مصلحة الأملاك منذ سنة 1951 وأقرت المطعون عليها في محاضر أعمال الخبير بذلك وهو ما يمكن اعتباره على أقل التقديرات مبدأ ثبوت بالكتابة وعلى استعداد لتكملته بالبينة فضلاً عن أن صلة الإخوة بين المطعون عليها والطاعن الثاني تعتبر مانعاً أدبياً يبيح له إثبات تسخيره لاسمها بكافة طرق الإثبات، وإذ كان الطاعن الثاني لم يقل أنه استهدف من تسخير اسم أخته في الشراء الهروب من قوانين الإصلاح الزراعي (وإلا كان دفاعه موصوماً بمخالفة قواعد النظام العام) ولكنه قرر صراحة أنه اشترى الصفقة باسم أخته المطعون عليها حتى لا يصطدم بتعليمات مصلحة الأملاك التي كانت تحرم على كبار الملاك الشراء منها في ذلك الوقت، إلا أن الحكم المطعون فيه قد نفى استخدام الطاعن الثاني لاسم أخته في الشراء لنفسه على القول بأن قانون الإصلاح الزراعي لم يكن قد صدر سنة 1951 ومن ثم فلم يكن هناك ما يدعو الطاعن الثاني إلى استخدام اسم أخته في الشراء، وكانت الواقعة التي استنتج منها الحكم هذه القرينة واقعة غير ثابتة، دون أن يرد على دفاعهما والدليل عليه مكتفياً بالقول بأن إقرار الطاعنة الأولى بالملكية للطاعن الثاني يتعارض مع تملكها ذات الأطيان بالتقادم، في حين أن الدعوى قائمة على أن الطاعنة الأولى تستمد ملكيتها من الطاعن الثاني بعد أن خلفته إعمالاً لتوفيق الأوضاع الذي ورد به القانون رقم 50 سنة 1969 - الخاص بالإصلاح الزراعي، مما يعيب هذا الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال ترتب عليه الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت العلاقة بين الوكيل المسخر والموكل ينظمها عقد الوكالة الذي أبرماه فيلتزم الوكيل المسخر بتنفيذ الوكالة في حدودها المرسومة، مما مؤداه أن تسجيل البيع الصادر للوكيل المسخر بنقل الملكية مباشرة من الغير إلى الموكل المستتر في العلاقة بين الوكيل والموكل، وكان الاستناد إلى وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يمنع من الاستناد إلى سبب آخر لاكتسابها، لما كان ذلك وكان يجوز في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه وفقاً لحكم المادة 235 من قانون المرافعات، وكان الثابت من صحيفة الاستئناف المقدمة صورتها الرسمية من الطاعنين ومن الصورة الرسمية لمذكرة الطاعنين المقدمة لجلسة 19/ 2/ 1977 وأن الطاعنين أسسا طلب الحكم بتثبيت ملكية الطاعنة الأولى لأطيان التداعي على تمليكها إياها بالتقادم المكسب وبموجب العقد المسجل الصادر للمطعون عليه من مصلحة الأملاك لانصراف أثره إلى الطاعن الثاني كمشتر وأن المطعون عليها مسخرة عنه فيه، ثم انتقالها فيه إلى الطاعنة الأولى بموجب إقرار تغيير أوضاعه ملكية الأسرة وفقاً لنص المادة الرابعة من القانون رقم 50 سنة 1969 وأن الطاعن الثاني لجأ إلى الشراء بطريق التسخير تفادياً لتعليمات المصلحة البائعة بعدم البيع لكبار الملاك، وركنا في إثبات ذلك إلى الإقرار المنسوب إلى المطعون عليها المؤرخ 5/ 1/ 1973 وإلى سداد الأقساط ثمن الصفقة دون المطعون عليها إلى المصلحة البائعة، وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات حقيقة التعاقد الصادر للمطعون عليها باعتبار الدلالتين سالفتى البيان مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بالبينة، إضافة إلى وجود مانع أدبي بين الطاعن والمطعون عليها يجيز اللجوء للبينة في إثبات ما كان يجب إثباته بالكتابة، فإن الحكم المطعون فيه إذ اجتزأ في الرد على هذا الدفاع وطلب إثبات عقد الوكالة المستتر بالقول بعدم توفر موجب الإحالة إلى التحقيق لأن الطاعن الثاني لم يبد مبرر للتخفي وراء اسم المطعون عليها في الشراء لأنه في ذلك التاريخ لم يكن قد صدر قانون الإصلاح الزراعي وكان بإمكانه الشراء باسمه أو في القليل باسم زوجته وأنه لا توجد في أوراق الدعوى ما يعززها وأن ما يثيره الطاعنان من أن المطعون عليها قد أقرت صراحة بملكية الطاعن الثاني للأطيان فإنه مع افتراض صحة ذلك فإن فيه ما يتعارض مع ادعاء الطاعنة الأولى تملكها بالتقادم، على الرغم من أن الطاعن الثاني لم يدع اللجوء إلى عقد التسخير للإفلات من قانون الإصلاح الزراعي ويبرر اللجوء إليه بتعليمات مصلحة الأملاك آنذاك، وقدم من الأدلة والقرائن عليه ما قد يتغير بتحققه وجه الرأي في الدعوى ولا يوجد ثمة تعارض بين ادعاء الطاعنة الأولى اكتساب الملكية بالتقادم وبين اكتسابها لها نتيجة لتغيير أوضاع ملكية الأسرة بينها وبين الطاعن الثاني وفقاً للقانون بعد أن اكتسب هو الملكية بموجب عقد البيع المسجل الذي سخرت فيه المطعون عليها يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.