الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 يوليو 2023

الطعن 5 لسنة 2022 تمييز دبي مدني جلسة 17 / 2 / 2022

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 17-02-2022 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 501 لسنة 2021 ، 5 لسنة2022 طعن مدني
طاعن:
محمد علي حبيب سجواني
مطعون ضده:
تيكوم للإستثمارات منطقة حرة  ذ.م.م.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2021/1413 استئناف مدني
بتاريخ 11-11-2021
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقريري التلخيص في الطعنين الذي أعدهما السيد القاضي المقرر/ أحمد محمد عامر وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع _على ما يبيـن من الحكـم المطعون فيه وسائـر الأوراق_ تتحصل في أن الطاعنة في الطعن بالتمييز رقم 501 لسنة 2021 مدني أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 76 لسنة 2021 مدني كلي أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بانفساخ عقد الإدارة والتأجير المؤرخ 7/12/2016 المحرر بينهما عن المبنى المقام على قطعة الأرض رقم (A-004-024) في المنطقة رقم (أ) بالمنطقة الحرة تيكوم اعتباراً من تاريخ 4/4/2021 ، وذلك تأسيساً على أن المطعون ضده يمتلك المبني المقام علي الأرض سالفة الذكر وقام بموجب عقد الإدارة والتأجير المشار إليه بتوكيلها لإدارة المبنى بالكامل لمدة خمسون عاماً تبدأ من تاريخ السريان الحاصل في 11 إبريل 2005 وقد انحصرت تصرفاتها في تأجير المبنى على أن تستحق الطاعنة (15%) من القيمة الإيجاريه مقابل هذا العمل ، ولرغبتها في إقالة نفسها من عقد الوكالة فقد وجهت إخطار للمطعون ضده بتاريخ 4/10/2020 عن إرادتها في إقالة نفسها من عقد الوكالة على أن يُعتبر العقد مفسوخاً بانتهاء فترة الستة أشهر التالية على تلقيه ذلك الإخطار إلا إنه وعلى الرغم من تلقى المطعون ضده الإخطار إلا أنه رفض التسليم بمضمونه وتمسك بسريان العقد ، ومن ثم فقد أقامت الدعوى ، وجه المطعون ضده طلباً عارضاً بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد سند الدعوي وإلزام الطاعنة بالاستمرار في تنفيذه وفقاً لشروطه المقروءة مع عقد المساطحه المبرم بين الطرفين ، وبأن تؤدي له قيمة المبالغ المستحقة له عن إعادة تأهيل المبنى بما يعادل مبلغ مقداره ( 35.000000 ) درهم مع الفائدة القانونية بواقع (9%) من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام ، واحتياطياً في حال قررت المحكمة إنهاء العقد سند الدعوي بأن تحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدي له تعويضاً عن الضرر الذي نجم عن ذلك بمبلغ مقداره ( 100.000000 ) درهم عن الأضرار الناجمة عن إنهاء العقد والمذكورة اعلاه ومبلغ ( 50.000000 ) درهم عن الإنهاء المبتسر للعقد مع الفائدة القانونية بواقع (9%) من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام وذلك تأسيساً علي أن العقد -موضوع الدعوى- هو جزء لا يتجزأ من اتفاقية مساطحة مبرمة بين طرفي الدعوى ويقرأ ويعمل بهما معاً، وقد نصت اتفاقية المساطحة وفقاً للبند (4/11/1) منها على أنه لا يجوز للمطعون ضده -المساطح- تأجير أو التنازل عن منفعة العقار أو جزء منه لأى طرف ثالث إلا بموافقة الطاعنة (المطور الرئيسي) وفق اتفاقية الإدارة والتأجير -موضوع الدعوى- وكانت اتفاقية المساطحة ما زالت سارية ويجري العمل بها بين الطرفين وتفرض على الطرفين بأن تكون الطاعنة هى مدير و/أو مزودة الخدمة بالنسبة للعقار ، وأن إتفاقية الإدارة والتأجير جزء لا يتجزأ منها ، فيكون طلب الطاعنة إنهاء اتفاقية الإدارة والتأجير ينطوي على تعسف وابتسار في الإنهاء يستوجب معه إلزامها بتعويضها عن ما لحق به من أضرار والتى من المحتمل أن تقع عليه ، فالطاعنة قد أبرمت في 8/ 04 /2007 عقد إيجار للمبنى موضوع الدعوى مع شركة (سيسكو سيستمز إنترناشيونال بي في)، وبالتالي تلتزم الطاعنة بأن تضمن للمطعون ضده قيمة إعادة تأهيل المبنى وإرجاعه الى حالته السابقة التي كان عليها في تاريخ بدء الإيجارة ومن ثم تلتزم بأن تدفع له مبلغ 35 مليون درهم عن تلك ال قيمة إذ أنه في حال إنهاء اتفاقية الإدارة والتأجير فإنه يستحيل على المطعون ضده تحصيل هذه المبالغ ، و ذلك استناداً الى ما سبق الاتفاق عليه بين الطرفين بخصوص الطوابق (الرابع و الخامس و السادس و السابع) و التي كانت مستاجره لنفس المستاجر الحالي و تم اخلائها و تقدير قيمة إعادة تاهليها بمبلغ (11,730000) درهم بموجب اتفاقية التسويه المؤرخه 22/1/2019 ، وفي حالة ما تم إنهاء العقد من قبل المحكمة فيستحق المطعون ضده مقابل أضرار وخسائر يقدرها بمبلغ مائة مليون درهم ، ومبلغ خمسين مليون درهم تعويضاً عن الإنهاء المبستر للعقد ، ومن ثم وجه طلبه العارض ، وبتاريخ 11/07/2021 حكمت المحكمة برفض الدعوى الاصلية . وفي الطلب العارض بصحة ونفاذ عقد اتفاقية ادارة عقار وتأجيره المؤرخ 7/12/2016 ورفضت ماعدا ذلك من طلبات . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1400 لسنة 2021 مدني ، كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 1413 لسنة 2021 مدني ، وبتاريخ 11 / 11 /2021 قضت المحكمة في الاستئنافين بتأييد الحكم المستأنف ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز رقم 501 لسنة 2021 مدني بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 19 / 12 /2021 طلبت فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه -في الميعاد- طلب فيها رفض الطعن ، كما طعن المطعون ضده في ذات الحكم بالتمييز رقم 5 لسنة 2022 مدني بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 03 / 01 / 2022 طالب فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعها -في الميعاد- طلب فيها رفض الطعن ، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما ، وبها ضمت الطعن الثاني للطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.
? حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولاً: الطعن رقم 501 لسنة 2021 مدني
حيث إن الطعن أقيم علي ثلاثة أسباب تنعي بها الطاعنة علي الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه و القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ، إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف برفض دعواها تأسيساً علي أنها والمطعون ضدها قصدا إبرام عقد إدارة عقار وتأجيره ولم يقصدا عقداً اخر- كعقد وكالة- لتضمن العقد -موضوع الدعوى- شروطا تمنع المطعون ضده (المالك) من مزاولة ذلك النشاط وأن هذا الحق ممنوح للطاعنة (مزود الخدمة)في حين أن ما تضمنه ذلك الاتفاق لا يؤدي إلى انهدام أركان عقد الوكالة أو استبعاد تفسيره بأنه "عقد وكالة" أو أن الموكل لم يكن يتمتع بحقه في القيام بالتصرفات التي منحها لوكيله قبل إبرام عقد الوكالة ، فقد تعاقد المطعون ضده معها بموجب عقد مساطحة ساري اعتبارا من 11/4/2005 ، علي منحه حق المساطحة على قطعة الأرض موضوع الدعوى ؛ فأقام المبنى عليها فيكون بذلك قد مُنح حق الانتفاع بالعقار وتأجيره واستغلاله طيلة فترة عقد المساطحة ؛ وبموجب ذلك الحق المخول له وبموجب العقد المحرر بينهما بتاريخ 7/12/2016 فقد وكَّلها المطعون ضده لتأجير العقار المذكور لصالحه مقابل 15% من القيمة الإيجارية تُستحق لها عن ما تقوم به من أعمال، فيكون العقد المؤرخ 7/12/2016 -موضوع الدعوي- في حقيقته هو عقد وكالة توافرت فيه كافة شروط أحكام الوكالة من موكل له حق التصرف والتأجير ووكيل قام مقام الموكل للقيام بذلك العمل نيابة عنه وبمقابل مادي معلوم وفق ما هو ثابت بمقدمة عقد إيجار المستأجرة (شركة سيسكو) أن الطاعنة تتعاقد بالنيابة عن المالك (المطعون ضده) ، فالقانون لا يمنع الموكل من أن يمنح وكيله حق التصرف عنه طيلة فترة معينة أو أن يُشترط في العقد أن الموكل سيمتنع عن القيام بذات التصرفات التي منحها لوكيله طيلة فترة سريان عقد الوكالة ، وذلك حتى لا يحدث ثمة تضارب مصالح بين الموكل ووكيله ، كما أن القانون قد منح الحق للوكيل من أن يقيل نفسه من الوكالة بإرادته المنفردة بشرط إعلان الموكل بذلك قبل الإلغاء ودون اشتراط وجود أسباب جدية للفسخ ، ولذا فقد وجهت الطاعنة للمطعون ضده إخطاراً بتاريخ 4/10/2020 بإعلانها عن إرادتها في إقالة نفسها من عقد الوكالة بانتهاء فترة الستة أشهر التالية على تلقيه ذلك الإخطار ، وبانتهاء المهلة المشار إليها فإنها ستكون في حل من عقد الإدارة والتأجير -موضوع الدعوي- المؤرخ 7/12/2016 ويحق لها التخلي عن أعمال الوكالة والإدارة المنصوص عليها بالعقد ، إلا أن المطعون ضده رفض التسليم بمضمون الاخطار وتمسك بسريان العقد في حين أنه لا يملك الحق في إجبارها في الاستمرار بعقد وكالة لمخالفة ذلك للحق المقرر لها قانوناً ، وهو ما تمسكت به في دفاعها أمام المحكمة إلا أن الحكم المطعون فيه خالف ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود وذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة في تكييف العقد وتفسيره والتعرف على ما قصده المتعاقدان منه ، وأن العبرة في ذلك بحقيقة الواقع وليس بما يسبغه الخصوم عليه من أوصاف غير صحيحة ، وهو ما تستخلصه المحكمة من الواقع المطروح عليها في الدعوى مستعينة بظروفها وملابساتها وهي تخضع في ذلك عند تكييفها للعقد وتطبيق حكم القانون عليه لرقابة محكمة التمييز ، لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة ترجمة اتفاقية إدارة عقار وتأجيره -موضوع الدعوى- المؤرخة 7/12/2016 المقدمة من الشركة الطاعنة أنه قد نُص بالفقرة الثانية من بالبند الثاني منها علي أن (يتعهد المالك -المطعون ضده- ويلتزم تجاه مزود الخدمات -الطاعنة- بأن يكون تعيين مزود الخدمات لتنفيذ خدمات التأجير من الباطن حصرياً طوال مدة الاتفاقية وأن المالك لن يعين أو يتعاقد مع أي طرف أخر أو يسمح بأي صورة أخرى لأي طرف آخر بالقيام بخدمات التأجير من الباطن أو أي خدمات أخرى مماثلة لخدمات التأجير من الباطن أو لها نفس الأثر خلال مدة الاتفاقية) ونُص بالفقرة الثالثة من ذات البند أن (يتعهد المالك ويلتزم تجاه مزود الخدمات بأن لا يقوم المالك بنفسه بخدمات التأجير من الباطن أو أي خدمات أخرى مماثلة لخدمات التأجير من الباطن أو لها نفس الأثر خلال مدة الاتفاقية) ، ومن ثم فإن هذه الاتفاقية وبحسب ما تضمنته بنودها والنية المشتركة لطرفيها أن تتولي الشركة الطاعنة حصرياً إدارة العقار -موضوع الدعوي والاتفاقية- وتأجيره للغير وليس للمطعون ضده الحق في ذلك طوال مدة الاتفاقية -خمسين سنة- ، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوي الطاعنة على ما أورده بمدوناته من أن (( الثابت للمحكمة من مطالعتها للعقد محل النزاع أن الطرفين اسبغا عليه اتفاقية ادارة عقار وتأجيره وأن الثابت ببند "الحيثيات" منه أن المدعى عليه -المالك- (المطعون ضده) يرغب بأن يقوم مزود الخدمات -المدعية- (الطاعنة) بإدارة الوحدات العقارية في العقار وتأجيرها ، ويوافق الأخير على القيام بذلك مع مراعاة الشروط والأحكام المنصوص عليها في هذه الاتفاقية ، كما ان الثابت من بند التعريفات أنه تم تعريف "مستحقات مزود الخدمات" بأنها نسبة خمسة عشر بالمائة من مبلغ الإيجار المستحق والمدفوع بموجب أي عقد إيجار من الباطن ، فضلا عن ان البين من البند (4-1-1) من العقد ان المدعية -مزود الخدمات بتنسيق- تقوم بجميع مسائل تأجير العقار وإشغاله ، وهو ما تستخلص منه المحكمة وبما لا يدع مجالاً للشك ومن جماع ما سبق أن التكييف القانونى لذلك العقد ووفقاً لحقيقة الواقع والنية المشتركة للطرفين أنهما قصدا إبرام عقد اتفاقية إدارة عقار وتأجيره بعناصره التي عناها القانون ولم يقصدا عقداً آخر -كعقد وكالة- وهو ما اكدته كافة بنود التعاقد من أن ارادة الطرفين قد اتجهت الى تحرير العقد سالف البيان متضمناً التزامات وحقوق متبادلة لكلا من المتعاقدين فضلاً عن خلوه من أية ما يقطع بأنه عقد وكالة لتضمنه شروطاً تمنع المدعي عليه أصلياً (المالك) من مزاولة ذلك النشاط وأن الحق ممنوح للمدعية أصلياً (مزود الخدمة) ، وهو ما مؤداه ان العقد محل الداعوى هو عقد إدارة وليس عقد وكالة وذلك لوضوح تسميته والعبارة الواردة بشأن تصنيفه ، وإرادة الطرفين والغاية التى تغياها من إبرامه وهو ما تنتهى اليه المحكمة بشأن تكييفه القانونى وتتناول الدعوى على هذا الأساس ، وعن طلب المدعية الحكم بانفساخ عقد الإدارة والتأجير سند الدعوي المؤرخ 7/12/2016 المحرر بين الطرفين عن المبنى المقام على قطعة الأرض رقم (A-004-024) في المنطقة رقم (أ) بالمنطقة الحرة تيكوم وذلك إعتباراً من تاريخ 4/4/2021 على سند من ان العقد سالف البيان قد انحصرت تصرفات المدعية فيه فى محاولة تأجير المبنى محل التداعي على أن تستحق نسبة 15% من القيمة الإيجارية مقابل العمل وأن احكام القانون المنظمة لعقد الوكالة قد منحت الحق للوكيل في إنهاء عقد الوكالة بالإرادة المنفردة بشرط إعلان الموكل بذلك خلال مدة معقولة سابقة على الإلغاء ولرغبتها فى ذلك وجهت إخطار للمدعي عليه بتاريخ 4/10/2020 بإعلانها عن إرادتها في إقالة نفسها من عقد الوكالة سند التداعي على أن يُعتبر ذلك العقد مفسوخاً بانتهاء فترة الستة أشهر التالية على تلقيه ذلك الإخطار وانها ستكون في حل من عقد الإدارة والتأجير محل التداعي المؤرخ 7/12/2016 ، فإنه لما كانت المحكمة قد انتهت آنفاً الى أن العقد محل التداعى هو عقد إدارة وتأجير ..... وكان عقد الإدارة محل التداعي سالف البيان قد جاء خلواً من أى نص أو بند يجيز فسخه بالإرادة المنفردة لأى من طرفيه وذلك طوال مدة التعاقد التى إتفق الطرفان على جعلها (50) سنة من تاريخ التوقيع عليه ، ولم ترتكن المدعية أصلياً لأى من نصوص العقد لإنهائه ، سواء بالإنذار الموجه منها إلى المدعي عليه أصلياً أو بلائحة الدعوى الماثلة لاسيما وأن الاوراق قد خلت مما يفيد اخلال المدعى عليه بأى من التزاماته التعاقدية الأمر الذى يضحى معه طلبها والحال كذلك على غير سند صحيح من الواقع والقانون وترفضه المحكمة )) ، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافياً لحمل قضائه ومما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع في تكييف وتفسير العقد بما تراه أوفى بمقصود عاقديه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف لا يعدو أن يكون مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها ، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثاني اً: الطعن رقم 5 لسنة 2022 مدني
حيث إن الطعن أقيم علي سببين ينعي بهما الطاعن علي الحكم المطعون فيه م خالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق ، إذ قضي بتأييد الحكم المستأنف برفض طلبه بإلزام المطعون ضدها بقيمة المبالغ المستحقة له عن إعادة تأهيل المبنى موضوع الدعوي تأسيساً علي أن طلبه هذا جاء خالياً من دليل عليه ولم يُقدم سنداً يؤيده بالأوراق ، في حين أنه كان علي الحكم وقد انتهى إلى ذلك الرأي وإلى رفض طلب المطعون ضدها بفسخ العقد وطالما أن عقد التأجير من الباطن مع شركة سيسكو ما زال قائماً والمطعون ضدها هى المسئولة عنه ولم يحل موعد مطالبتها المطعون ضدها بهذا الطلب ، أن يقضي في طلبه ذلك بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان و/أو رفض الدعوى بحالتها ، وذلك حتى لا يكتسب الحكم الصادر برفض الدعوى بحالتها الحجية التى تحول دون رفع الطاعن الدعوى مرة أخرى عند توافر الدليل والسند المؤيد لطلباته ، فالثابت من ملف الدعوى أن إيجارة المبنى -موضوع الدعوى- ما زالت مستمرة ولم يخلى المستأجر المبنى حتى يتسنى القول بوجوب تطبيق الشرط التعاقدى الملزم للمطعون ضدها بإعادة تأهيل المبنى ، كما أن الحكم قد ا لتفت عن طلبه بندب خبرة فنية ، ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة وفق ما تقضي به المادة الأولى من قانون الإثبات أن على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه ، وهو ما مؤداه أن الدائن هو الذي يقع عليه عبء إثبات انشغال ذمة مدينه بالدين باعتبار أنه هو الذي يقع عليه عبء إثبات خلاف الظاهر أصلاً إذ الأصل براءة الذمة وانشغالها أمر عارض ، وأن المدعي هو المكلف بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه فيها ، ومن المقرر كذلك أن ندب خبير في الدعوي ليس حقاً للخصوم في كل حالة وإنما هو أمر جوازي للمحكمة متروك لمطلق تقديرها فلها رفض ما يطلبه الخصوم في شأنها إذا ما وجدت في أوراق الدعوي ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها مما يغني عن ندب الخبير ،
لما كان ذلك وكان الطاعن قد طلب إلزام المطعون ضدها بأن تؤدي له مبلغ ( 35.000000 ) درهم قيمة المبالغ المستحقة له عن إعادة تأهيل المبنى -موضوع الدعوى- تأسيساً علي إبرام المطعون ضدها في 8/ 04 /2007 عقد إيجار للمبنى مع شركة (سيسكو سيستمز إنترناشيونال بي في)، وبالتالي تلتزم بأن تضمن له قيمة إعادة تأهيل المبنى وإرجاعه الى حالته السابقة التي كان عليها في تاريخ بدء الإيجارة بقيمة 35 مليون درهم إذ أنه في حال إنهاء اتفاقية الإدارة والتأجير فإنه يستحيل على المطعون ضده تحصيل هذه المبالغ ،
وإذ كان إعادة التأهيل سالف الذكر لم يتحقق سببه بعد وبالتالي فلا يحكم بالمبلغ المطالب به عنه إلا إذا تحقق سببه وكان الطاعن لم يقدم ثمة دليل علي ذلك التحقق وإذ انتهي الحكم إلي رفض هذا الطلب على ما خلص إليه من عدم تقديم الطاعن دليلاً أو سنداً لطلبه الذي جاء خالياً من ثمة دليل عليه وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله معينه الصحيح في الأوراق ويتفق وصحيح القانون وكافياً لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لكل حجج الطاعن وأوجه دفاعه الواردة بوجه النعي المطروح ويستوى مع القضاء بعدم قبل الطلب وبرفض الدعوى بحالتها ، ومن ثم يكون النعي عليه بما سلف علي غير أساس.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعنين رقمي 501 لسنة2021 مدني ، 5 لسنة 2022 مدني وبالزام كل طاعن بمصروفات طعنه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين في الطعنين.

الطعن 4 لسنة 2022 تمييز دبي مدني جلسة 10 / 3 / 2022

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 10-03-2022 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 4 لسنة2022 طعن مدني
طاعن:
علم زيب خان ناندير خيل
الشـركة الهـندسية للإنشـاء والتعـمير ش ذ.م.م
مطعون ضده:
راجـا سيخار ريدي جـالا  جالا اسوارا ريدي
محمود السيد بدوي محمد
سـاي سـافا كومار باكافولو ساتيا ناريانا
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2021/1480 استئناف مدني
بتاريخ 30-11-2021
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقررـ سعد زويل ــ والمداولة:
        حيث إن الوقائـع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين والمطعون ضدهما الثاني والثالث الدعوى رقم  1440 لسنة 2021 مدنى جزئي أمام محاكم دبى الابتدائية بطلب الحكم بالتضامُن بأن يؤَّدُوا له مبلغ 5.000.000 درهم ( خمسة ملايين درهم ) تعويضَاً عن الأضرَار المادية والجُسمانية والأدبِيَة والفائِدة القانُونية بواقع (9 %) سنوياً اعتباراً من تاريخ صَيرورة الحكم نِهَائِيَاً وحَـتى تمـام السَداد ،  تأسيساً على أنه بـتاريخ 23/1/2018 وحال عمله بمـــهنة (مساعد ميكانيكي آليات ثقيلة) لدى الطاعنة الثانية بموقع عمل قـيد الإنشاء بمنطقة الجـــداف  تعرض  لحادث إصابة عـمل  بسبب سقوط  جُزء من السطح  عليه لم يقم أحد العمال بإزالته ، ونتج عنه إصابته  بالإصابات المبينة  بتقريري الطب الشرعي وهيئة الصحة بدبي المرفقين بالأوراق  ،  وقيدت الواقعة بالبلاغ رقم 2010/2019 مركز شُرطة بر دبى ،  وقد أدين الطاعنون عن ذلك بحكم بات في القضية رقم 11220 لسنة 2020 جزاء دبي واستئنافها رقم 580 لسنة  2021  جزاء ، ومن ثم فقد أقام الدعوى ، وبتاريخ 8 ــ 8 ــ 2021 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين والمطعون ضدهما الثاني والثالث بالتضامن بأن يؤدوا للمطعون ضده الأول  مبلغ  800000 درهم " ثمانمائة ألف درهم " تعويضاً عما أصابه من أضرار بدنية ومادية وأدبية والفائدة القانونية بواقع 5 % سنوياً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً وحتى تمام السداد ، استأنف  الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 1480 لسنة 2021 مدني  ، كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 1505 لسنة 2021 مدني ، بتاريخ 30 / 11 / 2021 قضت المحكمة في الاستئناف  المرفوع من الطاعنين برفضه موضوعاً وفي الاستئناف المرفوع من المطعون ضده الأول  بتعديل الحكم المستأنف في شأن مقدار التعويض بزيادته إلى مبلغ 1.000.000 درهم ( مليون درهم ) وبتأييده فيما عدا ذلك، طعن الطاعنان في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 18 /11 /2021 طلبا  فيها نقضه ، قدم محامى المطعون ضده الأول مذكرة بدفاعه ــ في الميعاد ــ طلب فيها رفض الطعن .
      وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
     وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بمساهمة المطعون ضده الأول في وقوع الحادث وإحداث اصابته وذلك بجلوسه بالقرب من القالب الخشبي ، لأنه لولا جلوسه ما حدثت  إصابته ، وأنهما طلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات المساهمة ، وأن الطاعنة الثانية سددت  للمطعون ضده الأول  مبلغ36/ 84,657 درهماً ، وكان يتعين  على محكمة الموضوع خصم هذا المبلغ من المبلغ المقضي به    ومراعاة  مساهمة المضرور في وقوع الحادث وإحداث ما به من إصابات ،  ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
         وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة 290 من قانون المعاملات المدنية تنص على أنه "يجوز للقاضي أن ينقص مقدار الضمان أو لا يحكم بضمان ما إذا كان المتضرر قد اشترك بفعله في إحداث الضرر أو زاد فيه" مما مفاده أن القاضي المدني يستطيع أن يؤكد دائماً أن الضرر نشأ من فعل المتهم وحده دون غيره ، كما أن له أن يقرر أن المجني عليه أو الغير قد أسهم في إحداث الضرر فلا يجوز للمحكمة المدنية عند بحث دعوى التعويض أن تنفي عن المتهم الخطأ لكي لا يكون حكمها مخالف للحكم الجنائي غير أنه يجوز لها أن تقرر أن المجني عليه أو الغير ساهم في وقوع الخطأ وتراعي ذلك في تقدير التعويض فلها أن تنقصه قبل المتهم بقدر مساهمة المجني عليه أو الغير في ارتكاب الخطأ الذي أحدث الضرر، ومن المقرر أنه لا يجوز الجمع بين التعويض  طبقاً للقواعد العامة في المسؤولية وبين ما يلتزم رب العمل بأدائه إلى العامل المصاب من معونة مالية تعادل أجره كاملاً طوال مدة العلاج وهى المعونة التي يلتزم بها وفق ما تقضى به المادة 145 من قانون تنظيم علاقات العمل  ، ومن المقرر أنه يجب أن تتضمن الأحكام ما يطمئن المطلع عليها أن المحكمة قد أحاطت بوقائع الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة وأنها تناولت ما أبداه الخصوم من دفوع وما ساقوه من دفاع جوهري ? ثم بيان الأسباب التي تبرر ما اتجهت إليه من رأي والمصدر الذي استقت منه قضاءها ، وأن تكون قد استنفدت كل الوسائل التي في سلطتها للتوصل إلى حقيقة الواقع في الدعوى ? وإلا تغفل طلبات الخصوم لتحقيق أوجه دفاعهم ، وأن مخالفة ذلك يعد قصوراً مبطلاً ، لما كان ذلك وكان الطاعنان قد تمسكا في دفاعهما بمساهمة المضرور في الحادث الذى نتج عنه ما حاقت به من أضرار وطلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات هذا الدفاع  ، كما تمسكت الطاعنة الثانية بأنها سددت للمطعون ضده الأول مبلغ36/ 84,657 درهماً كان يتعين  على محكمة الموضوع خصمه من مبلغ  التعويض المقضي به ،إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاع الطاعنين بشأن المبلغ المشار إليه وأكتفى في نفي مساهمة المطعون ضده الأول في وقوع الحادث بثبوت حجية الحكم الجزائي الصادر بالإدانة ، مع أن البحث في مدى مساهمة المضرور في وقوع الحادث لا يتقيد فيه القاضي المدني بحجية الحكم الجزائي ولا ينطوي على إهدار لهذه الحجية ، ولما كان ما تمسك به الطاعنان هو دفاع جوهري إن صح لجاز أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى،  ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه  يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد وبإلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل اتعاب المحاماة.   

الطعن 3 لسنة 2022 تمييز دبي مدني جلسة 3 / 3 / 2022

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 03-03-2022 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 3 لسنة2022 طعن مدني
طاعن:
الفارس لتأجير المعدات  ( ش.ذ.م.م )
مطعون ضده:
شركه عمان للتامين (ش.م.ع)
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2021/1482 استئناف مدني
بتاريخ 18-11-2021
أصـدرت الحكـم التـالي
         بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر ? سعد زويل ــ والمرافعة وبعد المداولة.
            حيث إن الوقائـع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت  على  الطاعنة الدعوى رقم 1496 لسنة 2021 مدنى جزئي أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 570.456.36 درهماً مع الفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام، تأسيساً على أنها  اتفقت مع  الطاعنة على إصدار وثائق التأمين لصالح الأخيرة ،  وقد نفذت التزامها إلا أن  الطاعنة  أخلت  بالتزامها ولم تقم بسداد أقساط التأمين، ما  حدا بها لقيد النزاع رقم 21/2021 تعيين خبرة مدني ندب فيه خبير أودع تقريره انتهى فيه إلي مسؤولية  الطاعنة عن مبلغ المطالبة،  ومن ثم فقد أقامت الدعوى ، وبتاريخ  28/7/2021 حكمت المحكمة حضورياًّ بإلزام  الطاعنة  بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 570.456.36 درهماً ، والفائدة القانونية بواقع 5 % سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتي تمام السداد ، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1482/2021 مدني ، وبتاريخ 18 ــ 11 ــ 2021 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف ،طعنت الطاعنة  في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ   29ـــ  12ــ 2021  طلبت  فيها نقضه، وقدم محامى الشركة المطعون ضدها مذكرة بدفاعها في الميعاد طلب فيها رفض الطعن.
         وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
       وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ قضى برفض الدفع المبدي منها أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوي لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، رغم أن الشركة المطعون ضدها لم تعرض دعواها على لجنة فض المنازعات التأمينية قبل اللجوء إلى المحكمة للمطالبة بالأقساط التأمينية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
          وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 110 من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2007 في شأن هيئة التأمين وتنظيم اعماله المستبدلة بالقانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2018 على أن " 2- تشكل في الهيئة لجنة أو أكثر تختص بتسوية المنازعات الناشئة عن عقود وأعمال وخدمات التأمين..... 3- لا تقبل الدعاوي المترتبة علي المنازعات الناشئة عن عقود وأعمال وخدمات التأمين إذا لم تعرض تلك المنازعات علي اللجان المشكلة وفقاً لأحكام البند 2من هذه المادة " والنص في المادة 4 من قرار رئيس مجلس إدارة هيئة التأمين رقم 33 لسنة 2019 بشأن نظام لجان تسوية وحل المنازعات التأمينية علي أنه " تختص اللجان بتسوية وحل المنازعات التأمينية لكافة أنواع وفروع التأمين الناشئة عن شكاوي المؤمن لهم أو المستفيدين أو المتضررين أصحاب الصفة أو المصلحة في المنازعة التأمينية ضد الشركة فقط ومهما كانت قيمتها سواء كانت مقدرة القيمة أو غير مقدرة القيمة " يدل علي أن هذا القانون من التشريعات الاستثنائية لوروده علي خلاف أحكام القواعد العامة في الاختصاص فلا يجوز التوسع في تفسيره ويتعين قصره علي ما ورد به نصا من جعل اختصاص لجان تسوية المنازعات التأمينية مقصوراً علي المنازعات التأمينية التي تكون مع شركة التأمين فقط يطالبها فيها المؤمن لهم والمستفيدين والمتضررين بما لهم من حقوق قبلها فيخرج من اختصاص هذه اللجان تلك الانزعة التي لا  تكون موجهة إلى شركة التأمين ، وهو ما أكدته المادة الخامسة من القرار رقم 33 لسنة 2019 فقد عددت المسائل التي تخرج عن اختصاص اللجان ومنها دعاوي حلول شركة التأمين ورجوعها علي المتسبب في الضرر المؤمن منه بما دفعته من تعويض للمضرور وكذلك رجوعها علي شركة التأمين التي تضمن مسئولية المتسبب في الضرر ودعاوي أصحاب المهن المرتبطة بالتأمين ضد شركات التأمين ومطالبات شركات التأمين و تسوية الأرصدة المالية فيما بينها ، وبناء علي ذلك فإنه إذا كانت الدعوى موجهة من شركة التأمين ضد المؤمن لهم بطلب  تسوية الأرصدة المالية فيما بينها ، فإن المنازعة تكون برمتها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى برفض الدفع المبين بسبب الطعن ، فإن النعي عليه بما سلف يكون على غير أساس .
       وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه،  ذلك أن  حكم محكمة أول درجة صدر من دائرة غير مختصة قيمياً بنظر الدعوي لتجاوز قيمة المطالبة نطاق الاختصاص القيمي للدائرة المختصة بنظر دعاوي اليوم الواحد ، ذلك أن قيمة المطالبة هي36/ 570,456 درهماً  إماراتي ، وبالتالي تخرج الدعوى الماثلة عن الاختصاص القيمي للدائرة الناظرة لدعاوي جلسة اليوم الواحد لمخالفتها نص المادة 22 من قرار مجلس الوزراء رقم 33 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قرار مجلس الوزراء رقم 57 لسنة 2018 بشأن اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يقض بإلغاء حكم محكمة أول درجة وإحالة الدعوي للدائرة المختصة قيمياً بنظرها ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
       وحيث إن هذا النعي في غير محله  ، ذلك أن النص في المادة 48 من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية المعدلة على أن " متي تمت المرافعة في الدعوي قضت المحكمة فيها أو حددت موعداً لإصدار الحكم ......" مفاده أن للقاضي بصفة عامة ودون التقيد بدعاوي معينة أو بأية نصاب قيمي  الخيار بين أن يصدر حكمه في ذات يوم الجلسة التي حصلت فيها المرافعة أو أن يؤجل الحكم في الدعوي إلي جلسة لاحقة يحددها ، كما أن المقرر أن الاسناد إلي بعض دوائر المحكمة الجزئية الفصل في جلسة واحدة في الدعاوي المنصوص عليها في المادة 22 من ذات  اللائحة وبعد تحضيرها من مكتب إدارة الدعوي ، لا يمنع هذه الدوائر من نظر دعاوي أخري مما تدخل في الاختصاص العادي للدوائر الجزئية بحسب قيمة الدعوي وفقاً للمادة 23 من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية المشار إليها ، ويكون للقاضي أن يستخدم الرخصة المخولة له في المادة 48 سالفة البيان  فيحكم في الدعوي فوراً في ذات الجلسة بعد انتهاء المرافعة ، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن قيمة الدعوي وقت صدور الحكم الابتدائي كانت تدخل في نصاب الاختصاص القيمي العادي للدوائر الجزئية ، وكانت محكمة  أول درجة قد أصدرت حكماً في الدعوى وليس قراراً  ، فلا عليها إن أصدرت حكمها في ذات يوم الجلسة التي حصلت فيها المرافعة  ، ولا علي الحكم المطعون فيه إن التفت عن دفع الطاعنة  بعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى  لكونه لا يستند إلى أساس قانوني صحيح ، ويضحى النعي عليه بما سلف على غير أساس .
       وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الأول والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أن المطعون ضدها تطالب بأقساط تأمينية "منازعة تأمينية" عن الأعوام 2018 و 2019 و 2020  بمبلغ  570,456.36 درهماً ، رغم أنها قدمت بجلستي 2و 9/9/2021 عده مستندات  قدمت لأول مرة أمام محكمة الاستئناف تؤكد سدادها لتلك الأقساط ،  لم تنكرها  المطعون ضدها ولم تطعن عليها بأية مطعن ينال من صحتها ، إلا أن الحكم المطعون ضده  التفت عنها ، وأن طبيعة العلاقة بينها وبين المطعون ضدها كانت تتم من خلال وسيط تأمين وهو واحة الخليج ولا يوجد تعاملات مباشرة بينهما ، وأن سدادها  للأقساط التأمينية محل النزاع   لوسيط التأمين هو إبراء لذمتها من أي مطالبات في الدعوي الماثلة لكون وسيط التأمين هو مفوض عن شركة التأمين ، وأن الشركة  وسيط التأمين أصدرت اشعار دائن لصالحها  عن عام 2018 بمبلغ 1,880,000 درهم ، وأن هذا الاشعار لا يصدر من شركات الوساطة التأمينية إلا إذا كانت  بصفتها المؤمن لها  قد قامت بالفعل بسداد كافة الأقساط التأمينية بل وترصد لها مبالغ بذمة شركة التأمين وأنها طلبت ندب خبير تأميني غير السابق ندبه لبحث هذه المستندات الجديدة ، وبالنسبة لمطالبات الأقساط التأمينية عن عام 2019 ، فإن الثابت من صور الشيكات وايصالات إستلام المبالغ أنها قامت بالفعل بسداد كافة الأقساط عن عام 2019 ، وذلك بتحريرها شيكات لوسيط التأمين "شركة واحة الخليج للتأمين والتي بدورها تقوم بسداد هذه الأقساط إلى شركة التأمين "المطعون ضدها" مصدره وثائق التأمين ، وبالنسبة لمطالبات الأقساط التأمينية عن عام 2020 ، فإنها قامت بإنهاء التعاقد مع المطعون ضدها ، بإخطارها لوسيط التأمين برغبتها في انهاء التعاقد وإلغاء وثائق التأمين مع المطعون ضدها وذلك حسبما هو ثابت من البريد الالكتروني المرسل  لها  بتاريخ 18 مايو 2020 لوسيط التأمين ، وأنها قدمت كشف حساب وسيط التأمين صادر من السجلات الحسابية المنتظمة لها والمبين به أنها تداين  الأخيرة  ، وأن المستندات المقدمة أمام محكمة الاستئناف  لم تكن تحت يد بصر محكمة أول درجة ولم تطلع عليها الخبرة السابق ندبها في النزاع رقم 21 لسنة 2020 تعيين خبرة مدني ، وأنها طلبت ندب خبير تأميني لبحث المستندات المقدمة لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ، إلا أن الحكم المطعون فيه أسس قضائه على أنها لم تقدم أي جديد في الاستئناف ، وأن الحكم الاستئنافي يعتبر مسبباً تسبيباً كافياً ، وتبنى مضمون تقرير الخبير المشار إليه والنتيجة التي توصل إليها، رغم تمسكها أمام محكمة الاستئناف بشكل خاص بما يفيد عدم صحة النتيجة التي آل إليها هذا التقرير ، و أبرزت ما يؤكد براءة ذمتها من المبالغ المزعوم ترتبها بحقها لصالح الشركة المطعون ضدها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
         وحيث إن هذا النعي في غير محله ، ذلك أنه وفقاً لنص المادة 246 من قانون المعاملات المدنية -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة -أنه يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ومن المقرر أيضاً  أن استخلاص مدى مديونية كل طرف من طرفي الدعوى للآخر من سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة التمييز طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله ، وأن من  المقرر كذلك  أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها تقديما صحيحاً والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها كما أن لها السلطة التامة في تقدير عمل أهل الخبرة متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما يكفي لتكوين عقيدتها ويتفق مع ما ارتأته أنه وجه الحق في الدعوى طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق ومؤدية إلى النتيجة التي توصل إليها الخبير وهي غير ملزمة من بعد بأن ترد بأسباب خاصة على ما أبداه الخصم من مطاعن واعتراضات على تقرير الخبرة لأن في أخذها بهذا التقرير محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من صحة التقرير مما لا يستحق الرد بأكثر مما تضمنه التقرير كما لا تلتزم  بإجابة طلب الخصم بندب خبير أخر طالما وجدت في أوراق الدعوى ما يغنيها عن ذلك وما يكفي لتكوين عقيدتها بشأن المسألة المطلوب فيها إعادة  المأمورية للخبير لبحثها ، لما كان ذلك وكــان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به على ما أورده في مدوناته من أن (( الثابت بالأوراق أن المدعية ( المطعون ضدها )  تعاقدت مع المدعى عليها ( الطاعنة )  وذلك للتأمين على الخطوط المالية وتأمين هندسي وتأمين ضد الحوادث وكانت المدعية قد نفذت التزاماتها باستصدار وثائق التأمين، وكان البين تقرير النزاع رقم 21/2021 المرفق بملف الدعوى، والذي انتهى أن المدعى عليها مسؤولة أمام المدعية بمبلغ36/ 570.456 درهماً ، الأمر الذي ترى معه المحكمة بتحقق مسؤولية المدعى عليها بالمبلغ المطالب به ، ......ولا ترى المحكمة بإحالة الدعوى لخبير آخر طالما أنها اطمأنت للتقرير المودع بالنزاع وترفض طلب المدعى عليها وتلتفت عنه...))،  وإذ كان هذا الذي خلصت إليه المحكمة المطعون في حكمها سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافياً لحمل قضائه ومما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدله الدعوى والمستندات المقدمة فيها،  لا يغير من ذلك ما تثيره الطاعنة من أنها قدمت مستندات أمام محكمة الاستئناف تفيد سدادها المبالغ المطالب بها وما يفيد إنهاء العلاقة مع المطعون ضدها ، ذلك أن الثابت من تلك المستندات أنها  مرددة بينها وبين شركة واحة الخليج لواسطة التأمين وليس الشركة المطعون ضدها ،  ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف لا يعدو أن يكون مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن وبإلزام الطاعنة بالمصروفات وبمبلغ ألفى درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.

الاثنين، 24 يوليو 2023

الطعن 2 لسنة 2022 تمييز دبي مدني جلسة 10 / 3 / 2022

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 10-03-2022 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 2 لسنة2022 طعن مدني
طاعن:
ان سي بيه ليمتد
مطعون ضده:
شركة لاكشري لخدمات الاشراف الاداري لجمعيات الملاك ذ.م.م
شركة داماك ستار العقارية ذ . م . م
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2021/1354 استئناف مدني
بتاريخ 29-11-2021
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر / أحمد محمد عامر وبعد المداولة .
وحيث إن الوقائـع _ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت علي المطعون ضدهما الدعوي رقم 1367 لسنة 2021 مدني جزئي أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي لها مبلغ 308690 درهم والمطعون ضدها الثانية مبلغ 4710000 درهم والفائدة القانونية بواقع 9% ، ذلك تأسيساً على أنها سبق أن اشترت من المطعون ضدها الثانية -مطور عقاري- الوحدة العقارية رقم EBB/4/404) ) مع عدد 100 موقف سيارات ملحقة بها بمشروع برج المكاتب اكزكيوتيف ولم تستلمها أو شهادات ملكيتها من دائرة الأراضي والأملاك حتى تاريخه ، وقد ثبت في الدعوى رقم 351 لسنة 2015 عقاري وجود نقص في المساحات لم تعدلها المطعون ضدها الثانية لدى دائرة الأراضي والأملاك حتى تاريخ 2018 لتتمكن من استصدار سندات ملكية صحيحة ، وبالتالي لا تستحق المطعون ضدها الاولى ما حصلت عليه منها في التنفيذ رقم 3258 لسنة 2018 من مبلغ 308690 درهم -المطالب به- عن رسوم خدمات ويكون لها الحق في استرداده ، كما انه قد ترتب على عدم تسليم المطعون ضدها الثانية الوحدات لها من تاريخ الانجاز في 2014 وحتى اليوم فقدانها كسب مؤكد ف قد تعاقدت في تاريخ 1/1/2015 مع شركة "ستاندر هولدينج ليمتد" لتأجير الوحدة سالفة الذكر مع مواقف السيارات لمدة ستة سنوات بعقد ايجار رسمي بإجمالي مبلغ 4.710000 درهم ، وقد اضطرت لإلغاء ذلك العقد بسبب عدم تسلُمها الوحدة أعلاه والمواقف التابعة لها أو سندات الملكية ولما كان فوات الكسب هو ضرر لحق بها وأن ما حصلت عليه المطعون ضدها الأولى دون وجه حق هو مبلغ 308690 درهم المطالب به ، واستناداً على أحكام القانون والمادة (282) معاملات مدنية ، فإن إجمالي قيمة الضرر ي عادل مبلغ  308690 درهم مضافاً إليه مبلغ 4.710000 درهم بما يساوي إجمالي مبلغ 5.018690 درهم ، ومن ثم أقامت دعواها ، وبتاريخ  04/07/2021 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى عن طلب رسوم الخدمات بالنسبة للمطعون ضدها الأولي ، وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 351 لسنة 2015 عقاري كلي لطلب التعويض للمطعون ضدها الثانية ، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1354 لسنة 2021 مدني ، طالبة -وفق طلباتها الختامية- إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدهما بالتضامن والتضامم فيما بينهما بسداد مبلغ 4.710000   درهم تعويضاً عن الأضرار المادية المتمثلة في تفويت فرصة استثمار الوحدات العائدة للطاعنة اعتبارا من يونيو 2015 وحتى تاريخ الحكم بالدعوى الماثلة والفائدة القانونية عن المبلغ بواقع 12% من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد ، تأسيساً علي اضطرارها الى توقيع اتفاقية انهاء مبكر لعقد استثمار المواقف بقيمة 4,710,000 درهم ورد المبالغ المسددة من المستأجر بسبب تعسف المطعون ضدهما ب عدم تسليمها الوحدات محل النزاع للإصرار على تحصيل رسوم الخدمات بالمخالفة للوائح دائرة التنظيم العقاري ، وبتاريخ 29/11/2021 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى لدى هذه المحكمة بتاريخ 2022/1/3 طلب فيها نقضه ، وقدم محامي المطعون ضدهما مذكرة بدفاعهما -في الميعاد- دفعا فيها ب عدم جواز الطعن في مواجهة المطعون ضدها الأولى لكونه واقع على حكم صادر ضمن النصاب الانتهائي لمحكمة الاستئناف بالنسبة للمطعون ضدها الأولى ، وب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم علي خمسة أسباب تنعي بها الطاعنة علي الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ أيد قضاء محكمة أول درجة في قضائها بعدم اختصاص المحكمة ولائياً و بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها ، في حين أن موضوع الدعوى هو المطالبة بالتعويض عن الضرر الناشئ عن عدم تسليمها الوحدات المشتراه وإصرار المطعون ضدهما على أن ت سدد رسوم الخدمات حتي يتم التسليم ، فتلك الرسوم لا تستحق إلا بعد تسلمها الوحدات ، والمطعون ضدها الأولى قد احتسبتها اعتباراً من تاريخ الإنجاز رغم نشوب النزاع رقم 351 لسنة 2015 عقاري كلي بين الطرفين بشأن النقص في المساحات قضي فيه لصالحها بحكم بات بإنقاص قيمة العقد بمقدار النقص بالإضافة الى التعويض عن الأضرار المتمثلة في عدم تسليم الوحدات حتى يونيو 2015 ، فإذا ما تنازلت المطعون ضدها الاولى عن حقها في الاختصاص الولائي بفتح ملف التنفيذ رقم 3257 لسنة 2018 مدني عن رسوم الخدمات بمبلغ 603734 درهماً ، ومن ثم فلا يحق لها الزعم أن المحكمة غير مختصة ، فموضوع الدعوى الراهنة تضمن طلب التعويض عن الضرر المرتبط مباشرة بعقد بيع الوحدات المتمثل في عدم التسليم فتكون هذه المحكمة هي صاحبة الاختصاص في مسألة ذلك التعويض ، وكان يسع الحكم أن يرفض الطلبات المتعلقة برسوم الخدمات ويمضي فيما يخص طلب التعويض عن فوات الكسب بسبب تعسف المطعون ضدهما ، إلا أنه أيد حكم أول درجة في قضائه بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 351 لسنة 2015 عقاري كلى دبى ، في حين أن طلبها في الدعوى سالفة الذكر كان للتعويض عن الضرر  الذي لحق بها عن عدم تسليمها الوحدات عن الفترة من 16/3/2014 وحتى يونيو 2015 ، وطلبها في الدعوى الراهنة الحكم بالتعويض لما بعد يونيو 2015 وحتي تاريخ الحكم فيها عن ما لحق بها من ضرر عن فوات الكسب بعدم انتفاعها بالوحدات بسبب فرض المطعون ضدهما رسوم خدمة والتعسف في عرض التسليم بشرط سداد تلك الرسوم ، وهو يدخل ضمن نطاق الدعوى الماثلة لعدم سبق طلبه أو عرضه على القضاء أو الفصل فيه وقد ثبت خطأ المطعون ضدها الثانية (مطور المشروع) لوجود نقص في مساحة الوحدة المبيعة المتفق عليها عن المساحة الفعلية على ارض الواقع بموجب الحكم البات الصادر في الدعوى رقم 351 لسنة 2015 عقاري كلي وامتناعها بال مخالفة للوائح دائرة التنظيم العقار عن تسليمها الوحدات الا بعد دفع رسوم خدمات الوحدات عن الفترة من 2013 وحتى 2018 وبالتالي فهي لم تتمكن من الانتفاع بها ، والمطعون ضدها الأولى اخطأت في اختلاقها الخلاف بمطالبتها بدون وجه حق لرسوم الخدمات التي احتسبتها على الوحدة المملوكة للطاعنة حال أنها لم تتسلمها حتى تاريخه ، وما زالت حتى 18/2/2021 باسم المطعون ضدها الثانيه ، بما يثبت معه خطأ المطعون ضدهما ويكون الضرر المادي الذي لحق بها والذي تطالبهما به هو عن فوات الكسب من الانتفاع بالوحدات منذ تاريخ يونيو 2015 وحتى تاريخ الحكم بالدعوى الماثلة لسبق الحكم للطاعنة في الدعوى 351 لسنة 2015 عقاري كلي بالتعويض المستحق لها عن الفترة السابقة علي هذا التاريخ -من تاريخ الإنجاز 16/3/2014 وحتى يونيو2015- ، كما أنها قد جحدت وأنكرت الإنذارات أو رسائل بالبريد الالكتروني المقدمة من المطعون ضدهما رفق مذكرتهما المقدمة بجلسة 8/8/2021 لعدم تتضمنها ما يثبت استلامها لها ، فإذا ما خالف الحكم ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

وحيث إن النعي بالنسبة للشق خاص المطعون ضدها الأولي والدفع المبدى من المطعون ضدهما بالنسبة لها ، فإ ن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قبول الطعن علي الحكم المطعون فيه بطريق النقض هو من المسائل المتعلقة بالنظام العام وتلتزم المحكمة بالفصل فيه ولو من تلقاء نفسها ومن المقرر أن مفاد نصوص المواد 173 من قانون الإجراءات المدنية المستبدلة بموجب القانون الاتحادي رقم ( 18 ) لسنة 2018 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات المدنية و23/3 و24 من اللائحة التنظيمية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (57) لسنة 2018 والمعدلة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم ( 33 ) لسنة 2020 أن العبرة في تقدير قيمة الدعوي هي بالقيمة النقدية المطالب بها وفقا للطلبات الختامية بها مضافاً اليها الملحقات مقدرة القيمة والتضمينات والريع والمصروفات والفوائد وعلي هذا الأساس يتم تحديد النصاب الانتهائى لمحكمة الاستئناف بحيث لا يقبل الطعن بالتمييز علي الاحكام الصادرة منها متي كانت قيمة الدعوي وقت رفعها لا تجاوز خمسمائة الف درهم وهو النصاب المقدر للطعن أمام محكمة التمييز ، لما كان ذلك وكانت الدعوي المرفوعة من الطاعنة بطلب الزام المطعون ضدها الأولي بأن تؤدى لها مبلغ 308690 درهم والفائدة القانونية بواقع 9% فإن قيمتها بهذه المثابة مضافاً إليه الفوائد المطالب بها لا تتجاوز مبلغ خمسمائة ألف درهم ومن ثم فهي أقل من النصاب المقرر قانوناً لقبول الطعن بطريق التمييز على الحكم المطعون فيه بما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن لقلة النصاب بالنسبة للمطعون ضدها الأولي.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن النعى ? فيما يخص المطعون ضدها الثانية- غير سديد ذلك أن النـص في الماده 49 من قانـون الإثبات في المعامـلات المدنيه والتجاريه المعدلة بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 27 لسنة 2020 على أن ((الأحكام والقرارات القضائية المنهية للخصومة وأوامر الأداء التي حازت حجية الأمر المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الخصومه ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينه ولكن لا تكون لتلك الأحكام أوالقرارات القضائية المنهية للخصومة أو أوامر الأداء هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً. 2ـ وتقضى المحكمه بهذه الحجيه من تلقاء نفسها)) يدل -وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة- على أن للقضاء النهائي قوة الأمر المقضى  ولا يقبل أي دليل ينقض هذه القرينة بإعادة طرح النزاع الذي فصلت فيه المحكمة مرة اخرى على القضاء ، وذلك متى أتحد الخصوم والمحل والسبب في الدعويين ، ويكون المحل متوافراً في الدعويين متى كان الأساس فيهما واحداً ولو تغيرت الطلبات ، لأن العبرة في هذا الخصوص هى بطبيعة الدعوى وليس بنوع الطلبات التى قدمها الخصوم ، والمقصود بالسبب هو الواقعة التي يستمد منها المدعى الحق في الطلب سواء كانت واقعة مادية أو تصرفا قانونياً وهو لا يتغير بتغيير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصم فلا عبرة بتعدد أدلة الإثبات على السبب الواحد أو اختلاف دليل الإثبات من دعوى إلى أخرى ، لأن العبرة في حجية الأمر المقضى هو باتحاد السبب وليس باتحاد الدليل ، ومتى حاز الحكم هذه القوة فإنه يمتنع على ذات الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى مناقشة ذات المسألة ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو اثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها ، وأن حجية الأمر المقضى ترد على منطوق الحكم وعلى أسبابه المرتبطه به أرتباطاً وثيقاً, ، وأن وتقدير قيام وحدة الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين أو نفيها هو من سلطة محكمة الموضوع بغير معقب متى أقامت قضاءها في ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقام قضاءه بعدم جواز نظر دعوى الطاعنة قبل المطعون ضدها الثانية لسبق الفصل في طلبها قبلها بال تعويض عن الاضرار التي لحقتها عن عدم تسليمها الوحدة العقارية والمواقف -موضوع الدعوي- وما ترتب عليه من فقدها التعاقد البالغ قيمته مبلغ 4710000 درهم مع احدي الشركات المستأجرة لها وذلك تأسيسا على ما أورده بأسبابه من أن (( البين للمحكمة أن المدعية -الطاعنة- قد اقامت الدعوى رقم 351 لسنة 2015 عقاري كلي بطلب الزام المدعى عليها في الدعوى الماثلة -المطعون ضدها الثانية- بأن تؤدي لها مبلغ 5756506 درهماً على سند من انها تعاقدت معها على شراء 12 وحدة سكنية وعدد مائة موقف سيارات وتبين أن صافي المساحة اقل من المساحة الفعلية مما الحق بها اضراراً يستوجب التعويض وقضت المحكمة بإلزام المدعى عليها -المطعون ضدها الثانية- بأن تؤدي للمدعية مبلغ 376285.30 درهماً عن الضرر من تاريخ 16/3/2014 حتى يونيو 2015 وكان الثابت من أسباب الحكم أن ذلك التعويض عن عدم الانتفاع بالوحدة على النحو المبين بتقرير الخبرة المودع ملف تلك الدعوى ، وقد تأيد ذلك الحكم استئنافيا بالاستئناف الرقيم 317 لسنة 2016 استئناف عقاري ومن ثم بات له الحجية ويمتنع على هذه المحكمة اعادة بحث تلك الطلبات مرة اخري بالدعوى الماثلة )) وإذ كان هذا الذي خلصت إليه محكمة الموضوع سائغا وله أصل ثابت بالأوراق وبما لا مخالفة فيه للقانون ، وكان لا يسعف الطاعنة تحديها بأن طلبها في الدعوى رقم 351 لسنة 2015 عقاري كلي كان للتعويض عن الضرر وفوات الكسب الذي لحق بها عن عدم تسليمها الوحدات عن الفترة من 16/3/2014 وحتى يونيو 2015 ، وأن طلبها في الدعوى الراهنة هو الحكم بالتعويض عن ذات الضرر لفترة ما بعد يونيو 2015 وحتي اليوم وتسليمها الوحدات ذلك أن البين من أوراق الدعوي رقم 351 لسنة 2015 عقاري كلي أنه بعد قضاء المحكمة الابتدائية للطاعنة فيها بالتعويض عن ما لحق بها من ضرر عن عدم الانتفاع بالوحدات -موضوع الدعوى- من تاريخ 16/3/2014 حتى يونيو 2015 استأنفت الطاعنة ذلك الحكم بموجب الاستئناف رقم 333 لسنة 2016 عقاري طالبة (فسخ الحكم المستأنف فيما قضى به من تحديد التعويض السنوي حتى يونيو???? وتعديله ليكون مستحقاً وحتى تاريخ تسليم المستأنف ضدها -المطعون ضدها الثانية- للوحدات موضوع الدعوى) كما استأنفته المطعون ضدها الثانية بالاستئناف رقم 317 لسنة 2016 عقاري ، فتناولت محكمة الاستئناف طلب الطاعنة سالف الذكر وانتهت فيه إلى أن مبلغ التعويض المقضي به لها ابتدائياً هو تعويض كافي لجبر ضرر حرمانها من الانتفاع بالوحدات رغم سدادها كامل الثمن ، بما مفاده أنه قدر في حدود سلطته الموضوعية في فهم الواقع في الدعوى مبلغ التعويض المقضي به وفقاً لطلباتها أمام محكمة الاستئناف -حتى تاريخ التسليم- وقد صار هذا الحكم باتاً بقبولها إياه وعدم الطعن عليه بالتمييز ، فيكون هذا الحكم قد حاز الحجية المانعة من العودة إلي ا لمنازعة في هذه المسألة مرة أخرى ، وبالتالي فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف يكون على غير أساس.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمــة : بعدم جواز الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى ، وبرفضه بالنسبة للمطعون ضدها الثانية وبإلزام الطاعنة المصروفات ومبلغ ألفى درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.

الطعن 1 لسنة 2022 تمييز دبي مدني جلسة 17 / 3 / 2022

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 17-03-2022 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1 لسنة2022 طعن مدني
طاعن:
رضوان درويش حيدور
القـمر المنير لمقاولات البـناء ش .ذ.م.م
مطعون ضده:
جليل حكيم خـان
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2021/1242 استئناف مدني
بتاريخ 04-11-2021
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر _أحمد محمد عامر_ وبعد المداولة. حيث إن الوقائـع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم 609 لسنة 2021 مدني جزئي أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا له بالتضامن أو التضامم مبلغ مليون درهم والفائدة القانونية بواقع 9% سنوياً اعتباراً من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا وحتى تمام السداد ، وذلك تأسيساً على أنه بتاريخ 30/10/2019 بينما كان يعمل لدى الطاعنة الثانية بسطح مُلحق فيلا تحت الإنشـاء تعرض لحادث إصابة عمل بأن سَـقط الديكُور إلى الأسفَل وسقط هو معه من ارتفاع (4.40) متر فحدثت إصاباته ، وقُضي بإدانة الطاعن الأول من تابعي الطاعنة الثانية -مشرف موقع العمل- في القضية رقم 4119 لسنة 2020 جنح جزاء دبي بحكم بات لثبوت خطئه وإهماله بعدم القيام بما تفرضه عليهم أصول المهنة من اتخاذ احتياطات الأمن والسلامة للعاملين بالموقع ، وإذ لحق به اضرار مادية وأدبية وجسمانية موصوفة بالتقرير الطبي من عاهة مستديمة به قدرت بنحو 45% ، يقدرها بالمبلغ المطالب به ، ومن ثم فقد أقام الدعوى ، وبتاريخ 03/06/2021 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين بالتضامم والتضامن فيما بينهما بأن يؤديا للمطعون ضده مبلغ 200000 درهم تعويضاً شاملاً عن الأضرار المادية والأدبية ، والفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائياً وحتى تمام السداد ، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1139 لسنة 2021 مدني ، كما استأنفه المطعون ضدهما بالاستئناف رقم1242 لسنة 2021 مدني ، وبتاريخ 04/11/2021 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بشأن ما قضى به من مبلغ التعويض للمطعون ضده بجعله ستمائة ألف درهم كتعويض إجمالي عن الأضرار المادية والأدبية ، وبتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بخصوص الفائدة القانونية بجعلها 5% على المبلغ المقضي به من تاريخ صدور هذا الحكم وحتى تمام السداد ، طعن الطاعنان في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى لدى هذه المحكمة بتاريخ 2022/1/3 طلبا فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه -في الميعاد- طلب فيها رفض الطعن . 
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. 
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بمساهمة المطعون ضده الأول في وقوع الحادث وإحداث اصابته وذلك أنه لولا إزالته الدعامات الخشبية من تلقاء نفسه قبل أن تكون الخرسانة والديكور جاهزين لإزالتها ما أدى لسقوطها وسقوطه معها وما حدثت إصابته ، ولذلك فقد طلبا إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات مساهمة المضرور في وقوع الحادث وإحداث ما به من إصابات إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ، ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة 290 من قانون المعاملات المدنية تنص على أنه "يجوز للقاضي أن ينقص مقدار الضمان أو لا يحكم بضمان ما إذا كان المتضرر قد اشترك بفعله في إحداث الضرر أو زاد فيه" مما مفاده أن القاضي المدني يستطيع أن يؤكد دائماً أن الضرر نشأ من فعل المتهم وحده دون غيره ، كما أن له أن يقرر أن المجني عليه أو الغير قد أسهم في إحداث الضرر فلا يجوز للمحكمة المدنية عند بحث دعوى التعويض أن تنفي عن المتهم الخطأ لكي لا يكون حكمها مخالف للحكم الجنائي غير أنه يجوز لها أن تقرر أن المجني عليه أو الغير ساهم في وقوع الخطأ وتراعي ذلك في تقدير التعويض فلها أن تنقصه قبل المتهم بقدر مساهمة المجني عليه أو الغير في ارتكاب الخطأ الذي أحدث الضرر ، ومن المقرر أنه يجب أن تتضمن الأحكام ما يطمئن المطلع عليها أن المحكمة قد أحاطت بوقائع الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة وأنها تناولت ما أبداه الخصوم من دفوع وما ساقوه من دفاع جوهري ، ثم بيان الأسباب التي تبرر ما اتجهت إليه من رأي والمصدر الذي استقت منه قضاءها ، وأن تكون قد استنفدت كل الوسائل التي في سلطتها للتوصل إلى حقيقة الواقع في الدعوى ، وألا تغفل طلبات الخصوم لتحقيق أوجه دفاعهم ، وأن مخالفة ذلك يعد قصوراً مبطلاً ، لما كان ذلك وكان الطاعنان قد تمسكا في دفاعهما بمساهمة المضرور في الحادث الذى نتج عنه ما حاقت به من أضرار وطلبا إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات هذا الدفاع ، إلا أن الحكم المطعون فيه أكتفى في نفي مساهمة المطعون ضده في وقوع الحادث بثبوت حجية الحكم الجزائي الصادر بالإدانة قبل الطاعن الأول ، مع أن البحث في مدى مساهمة المضرور في وقوع الحادث لا يتقيد فيه القاضي المدني بحجية الحكم الجزائي ولا ينطوي على إهدار لهذه الحجية ، ولما كان ما تمسك به الطاعنان هو دفاع جوهري إن صح لجاز أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد وبإلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل اتعاب المحاماة.

الطعن 4 لسنة 6 ق جلسة 11 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 94 ص 716

جلسة 18 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

----------------

(94)

القضية رقم 924 لسنة 4 القضائية

(أ) موظف - ترقية - ندب 

- ندب أحد الموظفين للقيام بأعباء وظيفة درجتها أعلى من درجته لمدة سنة - تركه في الترقية إلى درجة هذه الوظيفة بالرغم من استيفائه شروط المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وترقية من لم يصلح أصلاً لشغلها - يجعل موقف الإدارة مشوباً بإساءة استعمال السلطة - أساس ذلك.
(ب) موظف - ترقية - ندب 

- لا يلزم في الندب المعني في المادة 22 من قانون الموظفين أن يكون بين إدارات مستقلة إذ ليس ما يمنع أن يكون داخل الإدارة الواحدة - شروط تطبيق هذه المادة.

------------------
1 - لا محل للقول بأن جهة الإدارة في حل من ترقية الموظف الذي تثبت صلاحيته لأعمال الوظيفة التي ندب إليها متى توافرت فيه الشرائط القانونية التي استلزمتها المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951، إذ مؤدى هذا القول يضع الجهة الإدارية في موقف شاذ لأنها تكون قد أساءت استعمال سلطتها فرقت من لم يصلح أصلاً لشغل هذه الوظيفة بعد أن ثبتت صلاحية موظف آخر لها. وليس بصحيح أن الإدارة في هذا المجال، بالخيار بين إعمال قاعدة أصلية، وقاعدة استثنائية وإنما الصحيح أنها أمام قاعدتين أصليتين فلها أن ترقى مباشرة من عليه الدور في الترقية كما أن لها أن تندب غيره حتى إذا ما ثبتت صلاحية الموظف المنتدب للوظيفة الأعلى عينته عليها، فإذا ما اختارت طريق الندب لم تعد في حل من ترقية من ثبتت صلاحيته للوظيفة التي ندب إليها متى توافرت فيه شروط المادة 22.
2 - إن القانون رقم 210 لسنة 1951 لم يشترط في الندب أن يكون ندباً محلياً بل جاء نص المادة 22 منه عاماً مطلقاً والمطلق يجرى على إطلاقه ما لم يوجد نص يقيده. والندب قد يجرى بين إدارات مستقل بعضها عن البعض الآخر وهذه هي الصورة المألوفة للندب ولكن ليس ما يمنع من أن يكون الندب داخل الإدارة الواحدة. فالمقصود من المادة 22 هو الحصول على العناصر الصالحة للقيام بأعمال الوظيفة المنتدب إليها واختيار صلاحية تلك العناصر وانتقاؤها من مختلف الإدارات والأقسام دون التقيد بالقواعد الجارية. ولقد جاءت المادة 22 في الباب الخاص بالتعيينات وليست في باب الترقيات والحكمة في ذلك أن الموظف الذي يصلح لوظيفة أعلى بعد ندبه لها مدة سنة على الأقل لا يمكن أن يخضع لقواعد الترقيات العادية بل هو يعين في الوظيفة الأعلى وكفاءته وصلاحيته التي تثبت خلال السنة التي قام فيها بأعباء الوظيفة الأعلى، ولذلك لم يشترط القانون أكثر من شرطين لجواز التعيين في وظيفة أعلى بالتطبيق لنص المادة 22: (1) أن يقوم الموظف بعمل الوظيفة الأعلى لمدة سنة على الأقل حتى تتبين صلاحيته للقيام بأعبائها. (2) وألا يتضمن تعيينه في الوظيفة الأعلى طفرة في التسلسل الوظيفي أو إهداراً لشرط المدة المقرر قضاؤها في الدرجة الأدنى ومن ثم اشترط القانون أن يكون الموظف صالحاً للترقية.


إجراءات الطعن

في 4 من سبتمبر سنة 1958 أودع السيد مفوض الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد تحت رقم 924 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - الهيئة الثالثة أ - بجلسة 10 من يوليه سنة 1958 في الدعوى رقم 967 لسنة 11 القضائية المقامة من محمد جميل محمد علي ضد وزارة المواصلات والسكة الحديد والذي يقضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، وفي الموضوع برفضها وألزمت المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء للمدعي بطلباته، مع إلزام الحكومة بالمصروفات" وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 26 من أكتوبر سنة 1958 وإلى المطعون لصالحه في 29 منه. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 30 من يناير سنة 1960 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 12 من مارس سنة 1960، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 967 لسنة 11 القضائية ضد وزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 10 من يونيه سنة 1957 طلب فيها الحكم: أولاً - بإلغاء القرار رقم 167 الصادر في 9 من أغسطس سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية وثانياً - بإلغاء القرار رقم 174 الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1956 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى وما يترتب على ذلك من آثار مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أنه التحق، بعد أن حصل على دبلوم التجارة، بمصلحة السكك الحديدية سنة 1927 وظل يتقلب في مختلف الوظائف بالإدارة العامة إلى أن رقي إلى الدرجة الثالثة الإدارية في 19 من سبتمبر سنة 1950 والمخصصة لوظيفة مساعد المدير العام للإيرادات والمصروفات. وفي 15 من مارس سنة 1953 أصدر المدير العام الأسبق قراراً إدارياً بندب المدعي للعمل وكيلاً لمراقب عام المشتريات والميزانية بالإدارة العامة والمخصص لها بالميزانية الدرجة الثانية الإدارية، وظل قائماً بأعبائها على أكمل وجه مدة تقرب من السنتين وكانت تقاريره السرية لا تقل عن (100%) لكفايته. وقد تخلل فترة الندب صدور قرارات إدارية عهدت إليه القيام بأعمال المراقب العام للمشتريات والميزانية المرتبة في الدرجة الأولى، وذلك أثناء فترات الإجازات السنوية التي رخص بها للمراقب كالقرار الإداري الصادر في 12 من أغسطس سنة 1953. وقد أصدر المدير العام الجديد في 17 من أغسطس سنة 1954 قراراً إدارياً رقم 156 بإنهاء انتداب المدعي من وظيفة وكيل مراقب المشتريات والميزانية وإعادته إلى وظيفة مساعد المدير العام للإيرادات والمصروفات بعد أن قضى بالوظيفة التي انتدب للعمل فيها مدة تقرب من السنتين. ونظراً لأن هذا القرار الأخير جاء مخالفاً لنص المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وترتب عليه حرمانه من الحق الذي تعلق له في الترقية إلى الدرجة الثانية المخصصة للوظيفة التي ندب لها، فقد رفع في 26 من سبتمبر سنة 1954 إلى المدير العام السابق تظلماً مشفوعاً بتوجيه مدير عام الإيرادات والمصروفات. ولما كانت الدرجة الثانية الإدارية التي قام بأعباء وظيفتها، ظل أمر شغلها معلقاً ونظراً لأن المدعي لم يخطر بنتيجة البت في تظلمه كما أن الإدارة العامة للإيرادات والمصروفات لم يرد إليها مكاتبات عما تم في هذا الشأن، فقد ظل الموقف معلقاً على هذا الوضع إلى أن أوفد المدعي، في بعثة عملية، إلى انجلترا لدراسة تطبيق النظام الآلي على جميع النواحي الحسابية والإحصائية للإيرادات والمصروفات، ولم يصل إلى علم المدعي بعد عودته من أوروبا شغل درجة الوظيفة بالترقية إلى أن علم بأن أحد الموظفين قد رقي إليها وهو ممن تنعدم المقارنة بينه وبين المدعي سواء من حيث قيامه بعمل وظيفة الدرجة فترة تقرب من السنتين أو لأسبقيته في الأقدمية في الدرجة أو نوع العمل الذي اضطلع به وأهميته وفضلاً عن أن المرقى كان أحد موظفي الأقلام التي كانت تتبع المدعي وقت قيامه بالعمل وكيلاً لمراقب عام المشتريات والميزانية. وقد تقدم المدعي، بمجرد علمه بذلك، بتظلم في 25 من فبراير سنة 1957 قال فيه ( أ ) أنه شغل وظائف رئيسية متعددة في السلك الإداري بالإدارة العامة من بينها مساعد مراقب عام المستخدمين والعمال، في الدرجة الرابعة الإدارية سنة 1947 ثم رقي إلى الدرجة الثالثة الإدارية سنة 1950 بوظيفة مساعد عام الإيرادات والمصروفات. ثم ندب للعمل وكيلاً لمراقب عام المشتريات والميزانية سنة 1953 (ب) وقد تعددت توصيات المدير العام للإيرادات والمصروفات التي أرسلت إلى المدير العام للمصلحة خلال فترة الانتداب التي بدأت في مارس سنة 1953 لترقية المدعي إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية التي قام فعلاً بأعمالها (ج) وعلى أثر صدور القرار بإنهاء الانتداب من وظيفة وكيل المراقب العام للمشتريات والميزانية أصدر المدير العام قراراً إدارياً آخر بأن يعهد إلى المدعي بأعمال مدير إدارة المحاسبة والإحصاء الميكانيكية المنشأة، وذلك بالإضافة إلى أعماله للنهوض بالمشروع الخاص بإدخال النظام الآلي الجديد، وتطبيقه على جميع النواحي الحسابية والإحصائية بالمصلحة. ثم تقرر إيفاد المدعي إلى بعثة عملية إلى انجلترا لدراسة تطبيق النظم الميكانيكية وظل المدعي خارج البلاد إلى نهاية شهر أكتوبر 1955 (د) ورغم أن المصلحة قد حاولت إدخال هذا النظام الآلي الجديد سنة 1946 وفشلت جميع الجهود التي بذلت في ذلك، قام المدعي بالنهوض بهذا المشروع وتنفيذه على سائر الأعمال الحسابية والإحصائية في جميع النواحي التي تمثل إيرادات ومصروفات المصلحة وكذا أعمال المخازن، وذلك في مدة وجيزة تبدأ من نوفمبر سنة 1955 تاريخ مباشرة المدعي لهذا العمل وهو ما لم يكن من المستطاع الوصول إليه في سنوات متعددة، ثم قال المدعي في تظلمه أن حالة المطعون عليه محمد فرج الذي رقي إلى الدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب المشتريات والميزانية تنحصر فيما يلي ( أ ) كان محمد فرج الحاصل على الشهادة الابتدائية يشغل وظيفة الدرجة الرابعة الكتابية بميزانية مراقبة الحسابات بوظيفة رئيس قسم وصدر القرار الإداري رقم 28/ 103/ 1 مؤرخاً 29 من يونيه سنة 1952 بنقله بحالته إلى الدرجة الرابعة بميزانية الإدارة العامة (ب) صدر القرار رقم 771 في 21 من أغسطس سنة 1952 أي بعد نقله بعدة أيام، وقضى بترقيته إلى الدرجة الثالثة الإدارية بميزانية الإدارة العامة، وذلك بالأقدمية المطلقة (ج) أن محمد فرج لم يقم بعمل وظيفة وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية قبل ترقيته إليها فترة تؤهله لاستحقاقه الدرجة الثانية المخصصة لها، بل ظل يعمل بالإدارة العامة بوظيفة رئيس قسم لجزء من أعمال الميزانية (الباب الثاني والثالث) رغم صدور قرار بندبه للعمل بوظيفته المذكورة كما أنه لم يمض على صدوره خمسة أشهر حتى تقدمت في خلالها المصلحة إلى مجلس إدارتها بطلب ترقيته إليها. وقد قرر المجلس بجلسته المنعقدة في 19 من أبريل سنة 1955 على المذكرة رقم 22 تأجيل النظر في توصية المصلحة التي عادت بعرض أمر ترقيته فقرر المجلس بجلسته المنعقدة في 25 من يونيه سنة 1955 على المذكرة رقم 30 تأجيل النظر في هذه الترقية للمرة الثانية. ثم عادت المصلحة وتقدمت إلى مجلس إدارتها بالمذكرة رقم 37 بجلسة 7 من أغسطس سنة 1955 للمرة الثالثة، وعمدت إلى عدم وضع الأمر واضحاً وأغفلت ذكر حالة المدعي رغم تعلق حقه قانوناً طبقاً للمادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بالترقية إلى الدرجة الثانية المخصصة للوظيفة التي قام فعلاً بأعبائها مدة السنتين فضلاً عن أقدمية علي محمد فرج في تاريخ شغل الدرجة الثالثة الإدارية. ولما كانت المذكرة سالفة الذكر جاءت خلواً من البيانات التي كان يتحتم درجها لوضع الأمر جلياً أمام المجلس فقد صدر القرار الإداري رقم 167 في 9 من أغسطس سنة 1955 بترقية محمد فجر وإهدار حق المدعي الذي تعلق بها طبقاً للمادة 22 من قانون التوظف، وقد اختتم المدعي تظلمه بما يأتي (1) لما كانت ترقية محمد فرج إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية، فقد تمت في أغسطس سنة 1955 وقت تغيب المدعي بالبعثة العملية التي أوفد لها في أبريل سنة 1955، كما ظلت الظلامة السابق رفعها إلى مدير عام المصلحة قبل شغل هذه الدرجة، معلقة دون أن يخطر أو تبلغ مراقبة الإيرادات والمصروفات بما تم في هذا الشأن. ولما كان المدعي لم يخطر بترقية محمد فرج التي تمت إلى الوظيفة التي تعلق حق المدعي بالترقية إلى درجتها لقيامه بأعمالها فعلاً مدة تقرب من السنتين، وبمجرد علمه بشغل تلك الدرجة على الوجه المتقدم قام المدعي بتقديم ظلامته في 25 من فبراير سنة 1957 للطعن في القرار الصادر بها لإلغائه مع حفظ حقه في الترقية إلى هذه الوظيفة والدرجة وما يترتب على ذلك من آثار لتصحيح الأوضاع التي صدرت مخالفة لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 (2) أن محمد فرج لم يمض سوى أشهر قلائل على تاريخ القرار الذي صدر بندبه للعمل بهذه الوظيفة، وذلك أثناء تغيب المدعي بالبعثة العملية المصلحية في انجلترا، ثم رقي إلى الدرجة الثانية دون استيفاء المدة التي نصت عليها أحكام المادة 22 بخلاف ما تم في حالة المدعي الذي ظل قائماً بأعبائها مدة تقرب من السنتين، الأمر الذي لم يكن يكسب المطعون في ترقيته أي حق في الترقية إلى درجة هذه الوظيفة، ولما كانت الوظيفة التي قام المدعي بأعبائها متميزة بطبيعتها طبقاً للتخصيص الصادر بميزانية الدولة، وحيث إن المدة التي قضاها المدعي في القيام بأعبائها من 15 من مارس سنة 1953 حتى 28 من سبتمبر سنة 1954 تحتم التلازم بمنح المدعي الدرجة المقررة لها طبقاً لنص المادة 22 وذلك فضلاً عن امتيازه بالكفاية والأقدمية المطلقة. فلهذه الاعتبارات اختتم المدعي ظلامته بالطعن في القرار رقم 167 الصادر في 9 من أغسطس سنة 1955 بترقية محمد فرج إلى الدرجة الثانية مع حفظ حق المدعي بالترقية إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية وذلك من تاريخ صدور القرار بترقية محمد فرج إلى تلك الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار. هذا وقد أحيل التظلم إلى السيد مفوض الدولة لوزارة المواصلات والهيئة العامة للسكك الحديدية وقد انتهى السيد المفوض بعد الفراغ من بحث تظلم المدعي إلى أنه يقوم على أساس سليم من القانون ومن ثم أشار السيد المفوض على الهيئة العامة للسكك الحديدية بإجابة المدعي إلى طلبه وهو استحقاقه للترقية إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب المشتريات والميزانية التي ندب للعمل بها أكثر من سنة، وذلك بالتطبيق لحكم المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة اعتباراً من 7 من أغسطس سنة 1955 تاريخ ترقية محمد فرج بالقرار رقم 167 لسنة 1955 - كتاب السيد المفوض رقم 1422 في 2 من أبريل سنة 1955 إلى السيد مدير عام السكك الحديدية - وكان المفروض بعد أن كلف السيد المدير العام السيد مراقب المستخدمين بالإدارة العامة للهيئة بأن يعرض الموضوع عن طريق التنفيذ، كان المفروض أن يقوم مراقب المستخدمين بإعداد المذكرة اللازمة لتسوية حالة المدعي طبقاً لما أشار إليه مفوض الدولة وذلك بترقيته إلى الدرجة الثانية الشاغرة والمخصصة لوظيفة وكيل مراقب عام الميزانية والمشتريات والتي قام المدعي بأعبائها مدة السنتين تقريباً. ولكن الذي حدث هو غير ذلك وخلافاً لما اتبع في الحالات المماثلة فقد اقتصر السيد مراقب المستخدمين على التعليق بأن مصلحة السكك الحديدية غير ملزمة بتنفيذ رأي السيد مفوض الدولة. ونظراً للانحراف والتوجيه الخاطئ الذي أشارت إليه إدارة المستخدمين بالمصلحة فقد تقدم المدعي في 4 من مايو سنة 1957 بظلامة أخرى عززها المدير العام للإيرادات والمصروفات بكتابيه المرسلين إلى مدير عام المصلحة في 20 من أبريل، 5 من مايو سنة 1957، ومضى المدعي يقول في صحيفة دعواه أنه على الرغم من وضوح مركزه القانوني وما يستلزم تحقيقه من تنفيذ التسوية على الأساس المتقدم، ورغم تعدد المكاتبات التي توضح بها حق المدعي فإن مراقبة المستخدمين بمصلحة السكك الحديدية ظلت تنحرف إما بامتناع في تعنت عن التنفيذ أو عرض الأمر عرضاً زائفاً أمام لجنة شئون الموظفين عندما قرر المدير العام إحالة هذا الموضوع إليها كما يتبين ذلك جلياً من الاطلاع على المذكرات التي عرضت على تلك اللجنة في 28 من أبريل، 21 من مايو سنة 1957 مما ترتب عليه التأجيل واستمرار التعليق حتى انتهى الأمر أخيراً بترقية المدعي من مايو سنة 1957 إلى الدرجة الثانية المخصصة لوظيفة مساعد أول مدير عام الإيرادات والمصروفات. وشغل درجة وظيفة وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية والتي ظلت شاغرة، وذلك بنقل أحد الموظفين إليها مع عدم تنفيذ ما أشار به السيد مفوض الدولة من استحقاق المدعي للترقية إلى هذه الدرجة والمخصصة للوظيفة التي قام فعلاً بأعبائها مدة تقرب من السنتين وعلى أن تتم من 7 من أغسطس سنة 1955 تاريخ ترقية محمد فرج المطعون في ترقيته للدرجة الثانية بالقرار رقم 167 المؤرخ 9 من أغسطس سنة 1955. وقد ترتب على هذا المسلك من جانب المصلحة واستمرار التعنت في عدم إجراء التسوية على الأساس القانوني السليم أن ألحق الضرر بالمدعي في حجب الانتفاع بعلاوته الدورية التي استحقت له في أول مايو سنة 1957 والتي نسخت بعلاوة الترقية التي جبت الانتفاع بتلك العلاوة الدورية لوقوعها في تاريخ سابق للترقية على خلاف استحقاقه القانوني الذي يبدأ من 7 من أغسطس سنة 1955 وهو التاريخ المحدد بالقرار المطعون فيه برقم 167 لسنة 1955 وقد تكشف للمدعي من البيان الذي أوضحته الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية، والذي ورد ذكره في الخطاب الموجه من السيد مفوض الدولة إلى السيد المدير العام برقم 1422 في 2 من أبريل سنة 1957، أن السيد/ محمد فرج قد رقي إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مراقب الإدارة العامة، وببحث حالته تبين أن المصلحة قد بررت ترقيته باعتباره الوحيد الشاغل للدرجة الثانية الإدارية بالإدارة العامة كما نص بذلك في المذكرة رقم 2 التي عرضت على مجلس إدارة المصلحة (مستند رقم 11) وصدر القرار الإداري رقم 174 في 7 من أكتوبر سنة 1956 بهذه الترقية من 30 من سبتمبر سنة 1956. ونظراً لأن تاريخ استحقاق المدعي للدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب المشتريات والميزانية بالإدارة العامة هو 7 من أغسطس سنة 1955 يتساوى مع تاريخ ترقية محمد فرج إلى تلك الدرجة بالقرار رقم 167 في 9 من أغسطس سنة 1955 وطبقاً لنص المادة 25 من قانون التوظف فيقتضي الأمر الأخذ بأقدمية الدرجة السابعة، وحيث إن المدعي يشغل الدرجة الثالثة من سنة 1950 وأن محمد فرج يشغلها منذ سنة 1952 لذلك فإن المدعي يكون أسبق من المطعون عليه في الأقدمية للترقية إلى الدرجة الأولى التي صدر بها القرار رقم 174 في 7 من أكتوبر سنة 1956. وتقول صحيفة الدعوى أنه إذا روعي بجانب عوامل الأقدمية، الكفاية فتنعدم المقارنة بين المدعي والسيد/ محمد فرج سواء من حيث المؤهل أو الوظائف الرئيسية ذات المسئوليات الجسيمة والتي من بينها (مساعد مدير عام الإيرادات والمصروفات) و (وكيلاً لمراقب عام المشتريات والميزانية) ثم (مديراً للإدارة والمحاسبة والإحصاء الميكانيكية) التي ركز الاختيار على المدعي لها على أساس روعي فيه أقدر الموظفين للنهوض بهذه الإدارة المنشأة وتنفيذ المشروع المتشعب والخاص بتطبيق النظام الآلي على جميع النواحي الحسابية والإحصائية للإيرادات والمصروفات. ورغم أن ترقية محمد فرج قد بنيت على أنه الوحيد الشاغل للدرجة الثانية بالإدارة العامة فإذا ما تذرعت المصلحة من أن الترقية إلى الدرجة الأولى هي نصيب الاختيار يرد عليه ما جاء بملف خدمة المدعي من الثناء والتقدير وإسناد الوظائف الهامة إليه مما يكفي للدلالة على أن الاختيار قد أسئ استعماله ولم يستهدف المصلحة العامة.
ردت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية على الدعوى بمذكرة في 17 من يوليه سنة 1957 بأن المدعي سبق أن قدم تظلماً إلى السيد مفوض الدولة وقد أبانت الهيئة ملاحظاتها على ذلك التظلم وأرسلت مرفقاً بكتابها صورة من تلك الملاحظات. وأضافت إلى ذلك أنه صدر القرار رقم 360 الصادر في 27 من مايو سنة 1957 بالصرف بماهية المدعي من ربط الدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة مساعد أول مراقب. وقدمت مذكرة للجنة شئون الموظفين العامة بالتوصية بترقية المدعي إلى الدرجة الثانية التي يصرف من ربطها فأوصت بجلسة 29 من مايو سنة 1957 على ترقية المدعي واعتمد المدير العام محضر اللجنة في نفس التاريخ ورفعت للسيد وزير المواصلات لاعتمادها إلا أن سيادته رأى عدم الموافقة على إجراء ترقيات بصفة عامة لتعارض بعضها والتنظيم الخاص بتقسيم الإدارات والمناطق على أن يعاد العرض فور صدور ميزانية السنة المالية 1957/ 1958 ومن أجل هذا فقد أعيد عرض الموضوع على لجنة شئون الموظفين فأوصت بإلغاء ترقيتها السابقة بجلسة 29 من مايو سنة 1957 وقالت الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية في دفاعها الموضوعي أولاً: إن حالة السيد محمد فرج المطعون عليه تتلخص فيما يلي: أنه حاصل على الشهادة الابتدائية سنة 1912 وألحق بالخدمة سنة 1914 واستمر يتدرج في مختلف الوظائف إلى أن رقي إلى الدرجة الرابعة الكتابية في 17 من مايو سنة 1948 بميزانية المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، وفي 29 من يونيه سنة 1952 نقل إلى الإدارة العامة بالتبادل مع آخر، وفي 26 من أغسطس سنة 1952 رقي بالأقدمية إلى الدرجة الثالثة المخصصة لوظيفة وكيل مراقب بميزانية الإدارة العامة، وفي 17 من نوفمبر سنة 1954 صدر القرار رقم (257) بندبه للقيام بأعمال وظيفة وكيل مراقب الميزانية والمشتريات المرتبة لها الدرجة الثانية، وفي 7 من أغسطس سنة 1955 وافق مجلس الإدارة على ترقيته بالأقدمية إلى الدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب الميزانية والمشتريات التي كان قائماً بعملها فعلاً. وفي 11 من سبتمبر سنة 1955 ندب للقيام بأعمال وظيفة مراقب الإدارة العامة المرتبة في الدرجة الأولى وذلك علاوة على أعماله، وفي 20 من سبتمبر سنة 1956 وافق المجلس الإدارة على ترقية سيادته ترقية قانونية بالأقدمية المطلقة إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مراقب الإدارة العامة القائم بأعمالها، ثانياً: أما عن حالة المدعي محمد جميل محمد علي فإنها تتلخص فيما يلي: أنه حصل عل دبلوم التجارة المتوسطة سنة 1927 وألحق بخدمة المصلحة في 20 من يونيه سنة 1927 وتدرج في مختلف الوظائف بها إلى أن رقي إلى الدرجة الرابعة بالإدارة العامة في 27 من أغسطس سنة 1947، ثم ندب للعمل كمساعد مراقب عام للإيرادات والمصروفات من 28 من ديسمبر سنة 1950 إلى أن سويت حالته بنقله نهائياً إليها في 4 من سبتمبر سنة 1950، وفي 13 من سبتمبر سنة 1950 رقي بالاختيار إلى الدرجة الثالثة بمراقبة الإيرادات والمصروفات، وفي 12 من مارس سنة 1953 ندب للعمل بالإدارة العامة للقيام بعمل وكيل مراقب عام المشتريات والميزانية وقام بعمل مراقب عام المشتريات مدة قيامه بالإجازة الاعتيادية وفترة غيابه، وفي 17 من أغسطس سنة 1954 صدر القرار رقم (156) بإلغاء ندبه فكانت مدة ندبه بالإدارة العامة من 28 من مارس سنة 1953 إلى 21 من أغسطس سنة 1954. وقالت مصلحة السكك الحديدية بعد إجراء هذه المقارنة من واقع ملف خدمة كل من المدعي والمطعون عليه، أن تسوية حالة محمد فرج بنقله من ميزانية مراقبة الإيرادات والمصروفات إلى ميزانية الإدارة العامة التي كان يعمل بها قد تمت في 29 من يونيه سنة 1952 أي قبل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة، وكان نقله على درجة رابعة إدارية بميزانية الإدارة العامة. وليس على درجة رابعة كتابية ولم يكن في ذلك الوقت درجات رابعة كتابية بميزانية الإدارة العامة وعلى هذا الأساس تدرج في الترقيات بالكادر الإداري وينحصر دفاع المصلحة في أن كل قسم من أقسام بميزانية الإدارة العامة، وليس على درجة رابعة كتابية ولم يكن في ذلك الوقت منفصلة عن أقدميات موظفي الأقسام الأخرى أي أن كل من (الإدارة العامة) و(مراقبة الإيرادات والمصروفات) يعتبر بذاته وحدة مستقلة إذا انتظم عدداً من الدرجات في تسلسل هرمي. وبجلسة 10 من يوليه سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الإداري - الهيئة الثالثة ب - "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، وبقبولها، وفي الموضوع برفضها وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها، في الدفع المقدم لها من السيد مفوض الدولة بعدم قبول الطعن في القرار رقم 167 لسنة 1955 لتقديمه بعد الميعاد وبعدم قبول الطعن في القرار رقم 164 لسنة 1956، لأنه مؤسس على إلغاء القرار الأول، أقامت المحكمة قضاءها، وبحق، على أنه لم يثبت من مطالعة الأوراق أن المدعي أعلن بالقرار الأول الصادر في 9 من سبتمبر سنة 1955 أو أنه علم به يقينياً لا ظنياً، ولا افتراضياً قد يقوم مقام الإعلان، وذلك في تاريخ معين يعول عليه في مبدأ سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء، ومن ثم فإن الميعاد، والحالة هذه، يظل مفتوحاً للمدعي. وإذ كان القرار الثاني للمطعون فيه أيضاً بالإلغاء، قد صدر في 7 من أكتوبر سنة 1956 وتم نشره إلا أن الميعاد يظل مفتوحاً أيضاً طالما أن مركز المدعي لم ينكشف بالنسبة للقرار الأول، فمنه يستمد المدعي سنده للطعن بالإلغاء في القرار الثاني. ومن القرار الأول يتحدد وضعه بالنسبة للدرجة الثانية التي تخطاه القرار الأول في الترقية إليها، وعندئذ فقط يتوفر سبب طعن المدعي فيما يتعلق بتخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى بالقرار الثاني المطعون فيه بالإلغاء. وبهذه المثابة فإنه لا يجوز الاحتجاج في مواجهة المدعي بعدم قبول الدعوى في شأن القرار الثاني رقم 174 لسنة 1956 تأسيساً على عدم انتظار المدعي فوات ميعاد الستين يوماً المقررة للبت في التظلم المقدم منه في 29 من مايو سنة 1957 ما دام المدعي قد أودع صحيفة الطعن بالإلغاء في 10 من يونيه سنة 1957 وذلك لانتفاء الحكمة التي اقتضاها المشرع فيما يختص بتنظيم التظلم وجعله وجوبياً بالنسبة للقرارات القابلة للسحب. لأن الغرض من ذلك هو تقليل الوارد من القضايا بقدر المستطاع وتحقيق العدالة الإدارية بطريق أيسر للناس بإنهاء تلك المنازعات في مراحلها الأولى إن رأت الإدارة أن المتظلم على حق في تظلمه، وإن رفضته أو لم تبت فيه خلال الميعاد المقرر فله أن يلجأ إلى طريق التقاضي. وفي خصوص هذا القرار، بوضعه سالف الذكر، فإن عدم استجابة جهة الإدارة إلى سحب قرار الترقية إلى الدرجة الأولى أمر مفروغ منه طالما أنها قد انتهت إلى رفض تظلم المدعي الخاص بالترقية إلى الدرجة الثانية، ومن أجل هذا تكون الدعوى مقبولة شكلاً ويتعين رفض الدفع المقدم من هيئة المفوضين بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد أما من حيث الموضوع، فقد أقامت المحكمة قضاءها برفض دعوى المدعي، على أن المركز القانوني للموظف المنتدب إلى وحدة إدارية ذات كيان مستقل بدرجاتها وموظفيها يكون منبت الصلة فيما يتعلق بالترقية على الدرجات والوظائف الخاصة بتلك الوحدة التي لا ينتمي إليها أصلاً ولا تتبعها درجته ووظيفته المنتدب منها، ومن ثم لا يكون هناك محل لإعمال نص المادة 22 في هذه الحالة طالما كان مجالها قيام الموظف بأعباء وظيفة درجتها أعلى من درجته ويمكن ترقيته إذا توافرت فيه شروط الترقية إليها، ومحلها الذي تقوم عليه أولاً وقبل أي اعتباراً آخر، أن يكون الموظف من عداد موظفي الجهة التي رقي في وظائفها وعلى درجاتها. وقالت محكمة القضاء الإداري أنه بالرجوع إلى ميزانية الهيئة العامة للسكك الحديدية للسنة المالية 55/ 1956 التي تمت خلالها الحركة المطعون بالإلغاء في قرارها يبين للمحكمة أن وظائف ودرجات المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات - والتي يتبعها المدعي - ذات كيان إداري مستقل، تنتظم عدداً كافياً من الدرجات المنسقة في ترتيب هرمي تصاعدي، وأنه وإن كانت قد وردت مع سائر وظائف الإدارة العامة التي يتبعها المطعون عليه - محمد فرج - ثمت فصل واحد إلا أن في إفرادها بالميزانية المذكورة بهذا الوضع المتميز بدرجات وظائفه المفرغة في الكادرات المختلفة بحسب نوعها، ما يؤكد اعتبارها وحدة إدارية مستقلة عن تلك الخاصة بالإدارة العامة، طالما لا يزال في عداد موظفي المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات ومنها الوظيفة والدرجة التي انصب عليها القرار المطعون فيه. وبهذا الوضع فإن الدعوى في هذا الشق منها تكون على غير سند صحيح من الواقع أو من التطبيق السليم للقانون حقيقة بالرفض. ولما كان الطعن في القرار الثاني رقم 174 لسنة 1956 الصادر بترقية محمد فرج إلى الدرجة الأولى استند في قيامه وتحقيق سببه على ما يرتبه القرار الأول المطعون فيه والصادر بترقية فرج إلى الدرجة الثانية من إرجاع أقدميته في الدرجة الثانية إلى التاريخ الذي حدده، ولكن المحكمة وقد كشفت عن صحة القرار الأول رقم (167) لسنة 1955 فقد انهار بالتالي الأساس الذي أقام عليه المدعي طعنه الثاني ويتعين من أجل ذلك رفضه أيضاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن ميزانية الدولة للسنة المالية (55/ 1956) التي صدر في ظلها القرار الأول المطعون فيه تدل على أن وظائف المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات التي يتبعها المدعي قد وردت هي ووظائف المراقبة العامة للميزانية والمشتريات تحت بند واحد في الفرع (1) من ميزانية السكك الحديدية. ووظائف الإدارة العامة تعتبر جميعها وحدة واحدة في الترقية، ولا ينتقص من هذه الوحدة ما ورد في داخل فرع الديوان العام من تقسيمات داخلية إذ لا ترقى هذه التقسيمات إلى مصاف الوحدات الإدارية المتميزة والمستقلة إدارياً ومالياً. وعلى هذا المقتضى وإذ كان الثابت أن المدعي هو الأسبق في أقدمية الدرجة الثالثة فضلاً عن كفاءته وامتيازه الذي تنطق به تقاريره السنوية فإن القرار رقم 167 لسنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية يكون قد صدر مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه. وينبني على هذا إلغاء القرار رقم 174 الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1956 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الأولى باعتبار أن ترقية المطعون عليه محمد فرج قد تمت إلى الدرجة الأولى بالنظر إلى أنه الوحيد من موظفي الدرجة الثانية بالمصلحة وقت صدور القرار المطعون فيه، وقد ثبت مما تقدم أحقية المدعي للدرجة الثانية التي كان قد رقي إليها المطعون عليه. ولهذه الأسباب طلب السيد رئيس هيئة المفوضين الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء للمدعي بطلباته مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المدعي من واقع خدمته أنه في 2 من نوفمبر سنة 1947 أصدر السيد المدير العام لمصلحة السكك الحديدية قراراً إدارياً بنقل المدعي، وقد كان يشغل الدرجة الرابعة الإدارية بوظيفة رئيس إدارة المستخدمين بإدارة الحركة والبضائع، إلى الدرجة الرابعة المخصصة لوظيفة مساعد مدير إدارة المستخدمين والميزانية بالإدارة العامة. وفي 4 من سبتمبر سنة 1950 صدر قرار بتسوية حالته وذلك بنقله بدرجته وماهيته الحاليتين لشغل الدرجة الرابعة الخالية بمراقبة الإيرادات والمصروفات والمخصصة لوظيفة مساعد مراقب وهي الوظيفة التي كان يقوم بأعمالها في ذلك الوقت. وفي 6 من سبتمبر سنة 1950 خلت بميزانية مراقبة الإيرادات والمصروفات درجة ثالثة (540/ 720) فأوصى السيد المدير العام للمصلحة بترقية المدعي إليها وقد ندب للقيام بأعمال وظيفة مساعد مراقب الإيرادات والمصروفات لأعمال المستخدمين منذ أول يناير سنة 1950 وهي الوظيفة المخصصة لها الدرجة الثالثة والتي كان يقوم بأعمالها إبراهيم الدسوقي. وجاء في مذكرة المدير العام أن المدعي حاصل على دبلوم التجارة المتوسطة سنة 27 والحق بخدمة المصلحة في 20 من يونيه سنة 1927 ويشغل الدرجة الرابعة (420/ 540) منذ 27 من أغسطس سنة 1947 ويتقاضى ماهية قدرها 420 ج في السنة من أول مايو سنة 1946 وقد اختير للترقية إلى هذه الدرجة في حدود نسبة الاختيار المقررة. وقد وافق مجلس إدارة السكك الحديدية على هذه الترقية في 13 من سبتمبر سنة 1950، وفي 15 من مارس سنة 1953 أصدر المدير العام أمراً إدارياً جاء فيه "بالإحالة إلى الأمر الإداري بتاريخ 10 من مارس سنة 1953 بشأن تتبع قسم المستخدمين الموجود الآن بمراقبة الإيرادات والمصروفات لمراقبة المستخدمين والعمال، وبمناسبة ندب السيد/ محمد علي إبراهيم وكيل الميزانية والمشتريات بالإدارة العامة للعمل مع السيد عضو لجنة دراسة التظلم الحكومية التابعة لوزارة المواصلات. قررنا ندب المدعي، وهو مساعد مدير عام الإيرادات والمصروفات (مستخدمين) وكيلاً لمراقب عام المشتريات والميزانية بالإدارة العامة" وفي 18 من مارس سنة 1953 وبمناسبة صدور قرار ندب المدعي من وظيفة مساعد مدير عام الإيرادات والمصروفات للعمل بوظيفة وكيل المراقب العام للميزانية والمشتريات بالإدارة العامة كتب السيد مدير عام الإيرادات والمصروفات إلى السيد مدير عام المصلحة يقول: "بالإحالة إلى الأمر الإداري المبلغ في 15 من مارس سنة 1953 بشأن ندب المدعي ليكون وكيلاً لمراقب عام الميزانية والمشتريات بالإدارة العامة أتشرف بالإفادة أني قد لمست في سيادته طوال مدة اشتغاله معي تفانياً في العمل وكفاءة ممتازة ومقدرة فائقة على تصريف الأعمال الموكولة إليه مما يجعله جديراً بأن ينال ما يستحقه من تقدير وتشجيع وما يتناسب مع امتيازه والجهود المشكورة التي بذلها في القيام بواجباته. ورغم تعدد الاختصاصات الموكولة إليه وتشعبها وما لها من الأهمية والمسئولية الخطيرة الأمر الذي يجعلني أتمسك بالاحتفاظ به باعتباره من أكبر معاوني إلا أنه بالنظر لما أبداه من رغبة ملحة، وحتى لا أقف في سبيل مستقبله فقد اضطررت للتفريط في خدماته بالمراقبة. وإني انتهز هذه الفرصة لأوصي مشدداً بأن ينال ما يستحقه من ترقية لطول مدة خدمته ولما لمسته فيه من جدارة وحسن استعداد لتولي المناصب الرئيسية. وقد أخطر سيادته للقيام بمهام وظيفته الجديدة اعتباراً من 28 من مارس سنة 1953". والثابت أن المدعي ظل قائماً بأعباء هذه الوظيفة على أحسن وجه وأكرم نهج إلى أن صدر القرار رقم 156 في 18 من أغسطس سنة 1954 وقد نص على "أنه اعتباراً من تاريخ هذا القرار يلغى ندب المدعي بالإدارة العامة، ويعود للعمل بالإدارة العامة للإيرادات والمصروفات" وفي 30 من سبتمبر سنة 1954 صدر أمر إداري بإسناد وظيفة مساعد مدير عام الإيرادات والمصروفات إلى المدعي بدلاً من وديع حنا الذي نقل إلى الإدارة العامة. وفي 26 من سبتمبر سنة 1954 تظلم المدعي من قرار إلغاء ندبه بعد قضاء سبعة عشر شهراً في وظيفة وكيل المراقب العام للميزانية والمشتريات بالإدارة العامة لأنه يترتب على إلغاء هذا الندب حجب ترقيته إلى الدرجة الثانية المقررة بالميزانية لتلك الوظيفة التي كان منتدباً إليها. وهو يتظلم من حرمانه من الحق الذي خولته إياه المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وقال المدعي في تظلمه أنه قد أدرج بميزانية السنة المالية 54/ 1955 درجتان ثانية بقسمي الحركة والوابورات مقابل حذف درجتين ثالثة من هذين القسمين. كما أنه كان يتخلف عن ملء الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة مراقب عام الميزانية والمشتريات بالإدارة العامة، درجة ثانية مخصصة للوظيفة التي قام فعلاً بأعبائها مدة تزيد على ما قررته المادة 22 للترقية إليها. ونظراً لأن الدرجات المتقدمة تتسع لإعطائه حقه في الترقية كما أن خطاب ديوان الموظفين رقم 181/ 9/ 6 فرع 2 بتاريخ 27 من يوليه سنة 1954 قد نص على توحيد الأقدمية فيما بين الموظفين الإداريين بالمصلحة. لذلك فإنه يرجو رفع ما قد يقع عليه من غبن عندما تجرى حركة الترقية إلى الدرجة الثانية الإدارية لأنه يستحقها بحكم أقدميته ووفقاً لما تقرره أحكام قانون التوظف في هذا الشأن. وقد رفع مدير الإيرادات والمصروفات هذا التظلم إلى سيادة مدير عام المصلحة بكتاب جاء فيه "وسيادته قد امتاز بكفاية ومقدرة فائقتين وقد تولى عدة وظائف رئيسية ذات أهمية ومسئولية سواء بالمراقبة أو بالإدارة العامة مما يؤهله للترقية التي يستحقها عن جدارة فضلاً عن مركز أقدميته بين زملائه بالمصلحة". وفي 3 من نوفمبر سنة 1954 صدر الأمر الإداري رقم 39 لسنة 1954 وبمقتضاه تقرر أن يعهد إلى المدعي الذي يشغل وظيفة مساعد مدير عام لإيرادات والمصروفات الإشراف على إدارة المستخدمين بجميع أقسامها علاوة على أعمال وظيفته الأصلية. وفي 13 من يناير سنة 1955 تقدم السيد المدير العام للمصلحة إلى مجلس إدارة السكك الحديدية بمذكرة رشح فيها السيد/ محمد جميل محمد علي (المدعي) مساعد المدير العام للإيرادات والمصروفات والمشرف على إدارة المحاسبة والأعضاء لإيفاده في بعثة علمية عملية في لندن لاستكمال دراسة وافية والإلمام بخصائص الماكينات الحديثة لاستبدال النظام القائم الآن بالمصلحة في جميع النواحي الحسابية والإحصائية بالنظام الآلي. وكذلك للوقوف على النظم المتبعة لاستيعاب الأعمال المتشعبة على وجه يحقق الأغراض التي تهدف لتنفيذ المشروع على أن تتحمل المصلحة مصاريف سفر سيادته وإقامته بلندن. وقد وافق المجلس على هذا الترشيح في 26 من مارس سنة 1955 وسافر إلى انجلترا وأتم مهمته على أحسن وجه. وجاء في التقرير المقدم عنه إلى السيد مدير عام المصلحة "إني انتهز هذه المناسبة لأشيد بكفاءة السيد/ محمد جميل في مختلف الأعمال التي عهد إليه بها حتى أنه يعتبر من أكفأ وأنشط موظفي هذه المصلحة. وقد ثبتت جدارته وكفاءته في العمل في مختلف العهود وملف خدمته زاخر بالشهادة والتقارير الطيبة وفضلاً عن ذلك فقد اختصته المصلحة بالاختيار من بين سائر موظفيها الإداريين للعمل مديراً لإدارة المحاسبة والإحصاء الميكانيكية عندما تقرر إنشاء تلك الإدارة، لتنفيذ مشروع تحويل النظام اليدوي إلى النظام الآلي لجميع أعمال المراجعة والأعمال الحسابية والإحصائية بالمصلحة، وقد أوفد سيادته في بعثة لانجلترا لدراسة النظم المتبعة بها في هذا الشأن واستيعاب الأعمال المتشعبة واستخلاص النظم التي يمكن تطبيقها في الإدارة الجديدة على وجه يحقق الأغراض التي تهدف لتنفيذ هذا المشروع. وقد بذل سيادته في تلك الإدارة الجديدة جهوداً مضنية ونشاطاً كبيراً حتى تمكن من السير بالعمل في هذا النظام الجديد خطوات موفقة، ما كان يمكن الوصول إليها لولا تفرغ سيادته في الدراسات المستفيضة والبحوث المستمرة والجهودات المضنية التي بذلها والتي تستغرق منه جميع أوقاته إلى ساعات متأخرة من الليل. ولقد جاءت تقاريره السنوية السرية في السنين الأخيرة (100%) على التوالي وثابت أنه بينما كان المدعي يؤدي مهمته العلمية الرسمية في انجلترا صدر القرار رقم (167) في 9 من أغسطس سنة 1955 وتقضي المادة الثانية منه بأنه اعتباراً من 7 من أغسطس سنة 1955 يرقى السيد/ محمد فرج الشاغل للدرجة الثالثة الإدارية ترقية قانونية إلى الدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب الميزانية والمشتريات والقائم بعملها فعلاً ومنحه علاوة الترقية القانونية وقدرها (156) جنيهاً في السنة لرفع ماهيته السنوية من (624 ج) إلى (780) وذلك اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1955.
ومن حيث إن النص الأول للمادة 22 من قانون نظام موظفي الدولة رقم 120 لسنة 1951 كان يجرى: "لا تمنح الدرجة المخصصة للوظيفة إلا لمن يقوم بعملها فعلاً. وإذا قام الموظف بأعباء وظيفة درجتها أعلى من درجته لمدة سنة على الأقل سواء بطريق الندب أو القيد على الدرجة أو برفعها جاز منحه الدرجة إذا توافرت فيه شروط الترقية إليها. ولا يجوز بغير مرسوم أن يقيد الموظف على درجة وظيفة من الوظائف التي يكون التعيين فيها بمرسوم". وفي ظل هذا النص صدر القرار المطعون فيه بالإلغاء. وقد قصد الشارع بالنص الأول ألا يرقى موظف على درجة وظيفة إذا كان لا يقوم بأعبائها، إذ التلازم واجب بين الدرجة والوظيفة ولكن لما كانت بعض الوظائف تزداد أعباؤها ومسئولياتها وقد يدعو ذلك إلى رفع درجة الوظيفة تمشياً مع قاعدة الأجر نظير العمل، كما أن بعض الموظفين يندبون أو يقيدون على وظائف أعلى من درجاتهم وليس من المصلحة بعد أن ثبتت صلاحيتهم للقيام بأعباء تلك الوظائف أن ينقلوا منها ليشغلها غيرهم، فمن أجل تلك الحكمة صدر القانون رقم 579 لسنة 1952 في 20 من نوفمبر سنة 1952 بتعديل الفقرة الأولى من المادة 22 السالفة الذكر. وقد ثبت مما تقدم أن الهيئة العامة للسكك الحديدية قد استعملت فعلاً الرخصة التي خولها الشارع إياها إذ كانت بالخيار بين ترقية موظف من موظفي الإدارة العامة إن وجد من يصلح لهذه الترقية وبين أن تنتدب موظفاً من المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات لتتبين صلاحيته لأعمال وظيفة وكيل مراقب الميزانية والمشتريات. فأصدرت قرار ندبها للمدعي في 15 من مارس سنة 1953 واستمر ندبه لا لمدة سنة واحدة فحسب بل لأكثر من سبعة عشر شهراً وإلى منتصف أغسطس سنة 1954 إذ صدر القرار رقم (156) بإنهاء ندبه وإعادته إلى وظيفة مساعد المدير العام للإيرادات والمصروفات وما لبث أن صدر الأمر الإداري من السيد المدير العام لمصلحة السكك الحديدية في 2 من أكتوبر سنة 1954 ومن مقتضاه أن يشرف المدعي بالإضافة إلى أعمال وظيفته، على أعمال إدارة النظام الآلي للإحصاء والمحاسبة الذي تقرر إنشاؤها وذلك علاوة على أعماله الأصلية بالمراقبة. ولا جدال في أن المدعي قد أثبت أهلية وجدارة لشغل الوظيفة التي ندب إليها بل كان يقوم عند الاقتضاء بأعمال الوظيفة التي هي أعلى منها والمخصصة لمراقب عام الميزانية والمشتريات على النحو الذي تقدم ذكره. ولا يستساغ القول بعد ذلك، بأن جهة الإدارة في حل من ترقية الموظف الذي تثبت صلاحيته لأعمال الوظيفة التي ندب إليها متى توافرت فيه الشرائط القانونية التي استلزمتها المادة 22 مؤدى هذا القول يضع الجهة الإدارية في موقف شاذ لأنها تكون قد أساءت استعمال سلطتها فرقت من لم يصلح أصلاً لشغل هذه الوظيفة بعد أن ثبتت صلاحية موظف آخر لها. وليس بصحيح أن الإدارة في هذا المجال، بالخيار بين إعمال قاعدة أصلية، وقاعدة استثنائية وإنما الصحيح أنها أمام قاعدتين أصليتين فلها أن ترقي مباشرة من عليه الدور في الترقية كما أن لها أن تندب غيره حتى إذا ما تبينت صلاحية الموظف المنتدب للوظيفة الأعلى عينته عليها، وقد اختارت هيئة السكك الحديدية طريق الندب فاختارت المدعي وندبته لمدة 17 شهراً وشهدت الأوراق جميعاً برضاء الإدارة عنه واعترافها بصلاحيته ثم ألغت ندبه لا لعدم صلاحيته وإنما لتميزه بأعباء جديدة أخرى فريدة في نوعها وفي مقدمتها الإشراف، بالإضافة إلى عمله الرئيسي في المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، على إدارة النظام الآلي بالمصلحة. وتأسيساً على ذلك يكون حق المدعي في الترقية إلى الدرجة الثانية الإدارية قد تعلق بها من الوقت الذي استوفى فيه الشروط المقررة في المادة 22 من القانون رقم 201 لسنة 1951 قبل تعديلها بالقرار بقانون رقم 73 لسنة 1957 الصادر في 4 من أبريل سنة 1957. وكان يتعين على جهة الإدارة أن لا تتخطاه في الترقية إلى الدرجة الثانية الإدارية المخصصة لوظيفة وكيل مراقب عام الميزانية والمشتريات موضوع القرار رقم 167 الصادر في 9 من سبتمبر سنة 1955. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب في تأويل نص المادة 22 وفي عدم جواز تطبيقها على حالة المدعي بمقولة أن وظائف المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات التي يتبعها المدعي ذات كيان إداري مستقل عن وظائف الإدارة العامة، وكان الحكم يشترط في الندب الذي يكسب الحق في الترقية بالتطبيق لنص المادة 22 أن يتم الندب داخل الوحدة المستقلة دون الندب الذي يتم في الوحدات الأخرى. هذا الحكم المطعون فيه إذ قال بذلك يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ويتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن القانون رقم 210 لسنة 1951 لم يشترط في الندب أن يكون ندباً محلياً بل جاء نص المادة 22 منه عاماً مطلقاً والمطلق يجرى على إطلاقه ما لم يوجد نص يقيده. لذلك كان اشتراط الحكم المطعون فيه وضع قيود على الندب مخالفاً للقانون والندب قد يجرى بين إدارات مستقل بعضها عن البعض الآخر وهذه هي الصورة المألوفة للندب ولكن ليس ما يمنع أن يكون الندب داخل الإدارة الواحدة. فالمقصود من المادة 22 هو الحصول على العناصر الصالحة للقيام بأعمال الوظيفة المنتدب إليها واختيار صلاحية تلك العناصر وانتقاؤها من مختلف الإدارات والأقسام دون التقيد بالقواعد الجارية. ولقد جاءت المادة 22 في الباب الخاص بالتعيينات وليست في باب الترقيات والحكمة في ذلك أن الموظف الذي يصلح لوظيفة أعلى بعد ندبه لها مدة سنة على الأقل لا يمكن أن يخضع لقواعد الترقيات العادية بل هو يعين في الوظيفة الأعلى وكفاءته وصلاحيته التي تثبت خلال السنة التي قام فيها بأعباء الوظيفة الأعلى، ولذلك لم يشترط القانون أكثر من شرطين لجواز التعيين في وظيفة أعلى بالتطبيق لنص المادة 22: (1) أن يقوم الموظف بعمل الوظيفة الأعلى لمدة سنة على الأقل حتى تتبين صلاحيته للقيام بأعبائها. (2) وألا يتضمن تعيينه في الوظيفة الأعلى طفرة في التسلسل الوظيفي أو إهداراً لشرط المدة المقرر قضاؤها في الدرجة الأدنى ومن ثم اشترط القانون أن يكون الموظف صالحاً للترقية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، قد أخطأ فيما ذهب إليه من أن ميزانية الهيئة العامة للسكك الحديدية للسنة المالية (1955/ 1956) قد جعلت وظائف درجات المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات ذات كيان إداري مستقل عن وظائف الإدارة العامة. وقد بان للمحكمة من الاطلاع على الميزانية المذكورة والتي صدر في ظلها القرار رقم 167 الصادر في 9 من أغسطس سنة 1955 - أن وظائف المراقبة العامة للإيرادات والمصروفات، التي يتبعها المدعي، قد وردت هي ووظائف المراقبة العامة للميزانية والمشتريات تحت بند واحد في الفصل الأول من ميزانية السكك الحديدية. ووظائف الإدارة العامة تعتبر جميعها وحدة واحدة في الترقية ولا ينتقص من هذه الوحدة ما ورد في داخل فرع الديوان العام من تقسيمات داخلية إذ لا ترقى هذه التقسيمات إلى مصاف الوحدات الإدارية المتميزة والمستقلة إدارياً ومالياً. ولا يحتمل مثل هذا التقسيم أكثر من كونه مجرد ترتيب وتنظيم للعمل روعي فيه تشكيل القوة التي تستطيع أن تنهض بالعبء في كل قسم على حدة، وعلى هذا المقتضى لا يستساغ أن تقتصر الوظائف الإدارية بالمراقبة العامة للإيرادات والمصروفات على أن تبدأ أعلاها بوظيفة من الدرجة الثانية ويحرم موظفوها من الترقية إلى الدرجة الأولى فما فوقها من الدرجات في أقسام الإدارة العامة المدرجة تحت البند واحد من الفرع واحد.
ومن حيث إن المدعي قد طلب الحكم بإلغاء القرار رقم (167) الصادر في 9 من أغسطس سنة 1955 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية الإدارية وبإلغاء القرار رقم (174) الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1956 فيما تضمنه من تخطيه أيضاً في الترقية إلى الدرجة الأولى. والثابت من الأوراق ومن كتاب الإدارة العامة للسكك الحديدية إلى السيد رئيس هيئة المفوضين في 12 من أكتوبر سنة 1957 أن المدعي قد رقي إلى الدرجة الثانية الإدارية بميزانية الإدارة المالية اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1957 وذلك طبقاً لقرار الوزارة رقم (79) الصادر في 7 من أكتوبر سنة 1957. ومن ثم تنحصر طلبات المدعي في إرجاع أقدميته في الدرجة الثانية إلى 9 من أغسطس سنة 1955 تاريخ صدور القرار رقم (167) المطعون فيه وهو ما تقضي له به هذه المحكمة بعد إذ أضحى طلب الإلغاء دون جدوى. وكذلك الحال في شأن طلب إلغاء القرار رقم (174) لسنة 1956 فقد أفاد السيد مراقب عام الإفراد بكتابه المؤرخ 23 من أبريل سنة 1960 إلى السيد رئيس هيئة المفوضين بأن المدعي قد رقي إلى الدرجة الأولى المخصصة لوظيفة المراقب العام اعتباراً من 7 من مارس سنة 1960 وذلك بالقرار الوزاري رقم (219) الصادر في 22 من مارس سنة 1960. ومن ثم يكون من حق المدعي إرجاع أقدميته كذلك في الدرجة الأولى إلى 7 من أكتوبر سنة 1956 تاريخ صدور القرار رقم (174) لسنة 1956 المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وباعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الثانية الإدارية راجعة إلى 9 من أغسطس سنة 1955، وفي الدرجة الأولى الإدارية راجعة إلى 7 من أكتوبر سنة 1956 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات.