الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 2 أبريل 2023

الطعن 136 لسنة 31 ق جلسة 25 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 180 ص 1145

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.

----------------

(180)
الطعن رقم 136 لسنة 31 القضائية

(أ) ملكية. "ملكية شائعة". "حق الشريك على الشيوع".
رفع الدعوى بطلب ريع حصة شائعة. اعتبار الدعوى منصبة على حصة في مجموع العقار الشائع أثناء قيام حالة الشيوع في حق كل من يثبت انتفاعه بهذه الحصة وبنسبة هذا الانتفاع.
(ب) دعوى. "سبب الدعوى" "تغييره".
تغيير سبب الدعوى الذي أقيمت عليه لا تملكه محكمة الموضوع. عليها أن تلتزمه وتقصر بحثها عليه.
(ج) ملكية. "ملكية شائعة". قسمة. "أثر القسمة على الثمار وعلى الملكية". "الأثر الرجعي للقسمة".
إجراء القسمة لا يجعل للتقاسم حقاً في الاستئثار بثمار الحصة التي خصصت له إلا من وقت حصول القسمة. الثمار الناتجة حال الشيوع من حق الشركاء جميعاً بنسبة حصة كل منهم. نص المادة 843 من القانون المدني على اعتبار المتقاسم مالكاً للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع حماية للتقاسم من تصرفات شركائه الصادرة قبل القسمة. قصر إعمال الأثر الرجعي للقسمة في هذا النطاق.

-----------------
1 - متى كان المطعون عليهم قد رفعوا الدعوى بطلب ريع ثلاثة أفدنة شائعة في اثني عشر فداناً، فإن مفاد ذلك أن مطالبتهم انصبت على ريع حصتهم في مجموع العقار الشائع وذلك أثناء قيام حالة الشيوع وفي حق كل من يثبت أنه كان منتفعاً بهذه الحصة وبنسبة هذا الانتفاع.
2 - لا تملك محكمة الموضوع تغيير السبب الذي أقيمت عليه الدعوى بل عليها أن تلتزمه وتقصر بحثها عليه.
3 - الثمار التي تنتج من المال الشائع أثناء قيام الشيوع من حق الشركاء جميعاً بنسبة حصة كل منهم وإجراء القسمة بعد ذلك لا يجعل للمتقاسم حقاً في الاستئثار بثمار الحصة التي خصصت له إلا من وقت حصول القسمة. ولا يقدح في ذلك ما قضت به المادة 843 من القانون المدني من اعتبار المتقاسم مالكاً للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع ذلك أن علة تقرير هذا الأثر الرجعي للقسمة هو حماية المتقاسم من الحقوق التي يرتبها غيره من الشركاء على المال الشائع أثناء قيام الشيوع بحيث يخلص لكل متقاسم نصيبه المفرز الذي خصص له في القسمة مطهراً من هذه الحقوق ويجب قصر إعمال الأثر الرجعي للقسمة في هذا النطاق واستبعاده في جميع الحالات التي لا يكون الأمر فيها متعلقاً بحماية المتقاسم من تصرفات شركائه الصادرة قبل القسمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا في 23 فبراير سنة 1954 الدعوى رقم 25 سنة 1954 كلي أسوان ضد الطاعن وآخرين وطلبوا فيها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 1146 جنيهاً وقالوا شرحاً لدعواهم إن الطاعن وسائر من اختصموهم كانوا قد نازعوا مورثهم المرحوم عثمان محمود في ملكية عشرة أفدنة فأقام هذا المورث ضدهم الدعوى رقم 60 لسنة 1926 كلي قنا وحكم له فيها بتثبيت ملكيته لهذا القدر وقد رفع الطاعن وآخر استئنافاً عن هذا الحكم قضى في 18 مارس سنة 1933 برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وذكر المطعون ضدهم أن مورثهم تمكن من استلام سبعة أفدنة من القدر المحكوم بملكيته له أما الثلاثة أفدنة الباقية فإنه لم يتمكن من وضع يده عليها بسبب شيوعها في اثني عشر فداناً بحوض الخبرة النوقانية رقم 9 قطعة 37 فاضطر المورث لرفع دعوى القسمة رقم 1108 سنة 1941 مدني كوم امبو على الطاعن وباقي الشركاء على الشيوع في هذه القطعة وطلب فرز الثلاثة الأفدنة الباقية وتسليمها إليه وقضي له بذلك في 21 مارس سنة 1951 وقام المطعون ضدهم بعد وفاة مورثهم بتنفيذ هذا الحكم وتسلموا هذا القدر بموجب محضر تسليم رسمي في 3 من إبريل سنة 1952 وأنهم إذ كانوا قد حرموا من الانتفاع بهذا القدر في المدة السابقة على هذا التاريخ فإن الطاعن وباقي الشركاء المختصمين يلتزمون جميعاً بالمبلغ المطالب به باعتباره ريع الثلاثة الأفدنة المذكورة منذ كانت في الشيوع وعن المدة من سنة 1926 تاريخ منازعتهم لمورث المطعون ضدهم في الملكية حتى 3 إبريل سنة 1952 تاريخ التسليم - وفي 16 يناير سنة 1955 قضت المحكمة الابتدائية بندب مكتب خبراء أسوان الزراعيين للانتقال إلى العين موضوع النزاع وبيان من الواضع اليد على الثلاثة أفدنة موضوع الدعوى من سنة 1926 إلى 3 إبريل سنة 1952 وسببه ومدته وتقدير ريعها في هذه المدة سنة فسنة وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن الطاعن كان يضع يده على 2 ف و8 ط من الثلاثة الأفدنة التي اختص بها المطعون ضدهم في حكم القسمة وأن الستة عشر قيراطاً الباقية كانت في وضع يد آخرين عينهم الخبير في تقريره وفي 15 يناير سنة 1956 قضت المحكمة المذكورة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدهم مبلغ 540 ج و290 م باعتبار أنه ريع الفدانين والثمانية قراريط التي كان يضع يده عليها من الثلاثة أفدنة التي اختص بها مورث المطعون ضدهم بموجب حكم القسمة وذلك عن المدة من 23 فبراير سنة 1939 حتى تاريخ تسليم هذا القدر في 3 إبريل سنة 1952. وبسقوط حق المطعون ضدهم في المطالبة بالريع عن المدة السابقة على 23 فبراير سنة 1939 بالتقادم لمضي أكثر من خمس عشرة سنة على استحقاق هذا الريع قبل رفع الدعوى، استأنف الطاعن ذلك الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافه برقم 329 سنة 31 ق. وطلب إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضدهم وقد أدخل هؤلاء في الاستئناف باقي الشركاء المشتاعين الذين كانوا قد اختصموهم أمام المحكمة الابتدائية. وطلبوا إلزام هؤلاء الشركاء متضامنين مع الطاعن بأن يدفعوا لهم المبلغ المقضي لهم به ابتدائياً. وبتاريخ 29 يناير سنة 1961 حكمت محكمة الاستئناف بعدم قبول طلب المطعون ضدهم قبل من أدخلوا في الاستئناف - وبتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 14 نوفمبر سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدهم طالبوا في صحيفة افتتاح دعواهم بريع ثلاثة أفدنة شائعة في الاثني عشر فداناً التي بينوا حدودها في تلك الصحيفة وذلك عن المدة من سنة 1926 حتى 3 من إبريل سنة 1952 لا بريع الثلاثة أفدنة التي خصصت لهم في حكم القسمة الصادر في سنة 1951 وعلى هذا الأساس وجهوا دعواهم إلى جميع الشركاء المشتاعين في الاثني عشر فداناً ومن بينهم الطاعن ولقد كان الفصل في هذه الدعوى يقتضي من المحكمة التحقق من واضعي اليد على الاثني عشر فداناً جميعها في المدة المذكورة ومقدار وضع يد كل منهم وبيان ما إذا كان وضع يده يجاوز ما يملك أم لا لكن محكمة أول درجة قد أخطأت في تحديد مأمورية الخبير وطلبت منه تقدير الريع عن الثلاثة أفدنة التي اختص بها مورث المطعون ضدهم في القسمة مخالفة بذلك طلبات رافعي الدعوى أنفسهم والأساس الذي بنوا عليه دعواهم وكان من نتيجة هذا الخطأ أن حقق الخبير وضع اليد بالنسبة للثلاثة أفدنة المخصصة للمطعون ضدهم بحكم القسمة دون الاثني عشر فداناً التي حددوها في صحيفة دعواهم. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه وكان هذا الحكم الأخير قد اعتمد تقرير الخبير فقد سرى الخطأ الذي في هذا التقرير إلى نتيجة الحكم المطعون فيه كما شابه الخطأ في تطبيق القانون إذ ألزم الطاعن بريع فدانين وثمانية قراريط من ضمن ما خصص للمطعون ضدهم في حكم القسمة عن مدة سابقة على ذلك الحكم مع أن حقهم في الاستغلال والريع إنما ينصرف قبل القسمة إلى حصة شائعة في العقار المشترك ولا حق لهم في المطالبة بريع القدر المفرز الذي خصص لهم في القسمة إلا من تاريخ حصولها ولقد تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بأن مورثه اشترى بعقود مسجلة أربعة أفدنة مفرزة في الاثني عشر فداناً من بائعين لم يجاوزوا في بيعهم له ما يملكون في هذه القطعة وأنه لما تدخل في دعوى الملكية التي رفعها مورث المطعون ضدهم طلب استبعاد الأربعة أفدنة المبيعة لمورثه من الشيوع وأن الحكم الصادر في تلك الدعوى وإن رفض إجابته لهذا الطلب إلا أنه لم يقض بإبطال عقود تمليك مورثه. الأمر الذي كان يقتضي عدم مساءلته عن ريع الجزء المفرز الذي كان يضع يده عليه من المال الشائع قبل القسمة. إلا في حدود ما يجاوز حصته في هذا المال. وقد أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وأحال إلى أسباب الحكم الابتدائي التي لم تتضمن أي رد عليه مما يشوب الحكم المطعون فيه بالقصور علاوة على خطئه في القانون على النحو السالف بيانه.
وحيث إن هذا النعي صحيح. ذلك أنه يبين من الصورة الرسمية المقدمة بملف الطعن لصحيفة الدعوى رقم 25 سنة 1954 كلي أسوان المرفوعة من المطعون ضدهم أنهم اختصموا فيها الطاعن وباقي الشركاء على الشيوع في الاثني عشر فداناً التي أوضحوا حدودها ومعالمها في تلك الصحيفة وذكر المطعون ضدهم أنهم يمتلكون ثلاثة أفدنة على المشاع في هذه الاثني عشر فداناً وأنهم إذ كانوا قد حرموا من الانتفاع بحصتهم هذه منذ حكم بملكية مورثهم لها في سنة 1926 حتى تسلموها في 3 من إبريل سنة 1952 فقد طلبوا إلزام الطاعن وباقي الشركاء المختصمين متضامنين بريع تلك الحصة في المدة المذكورة - كما يبين من الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في 16 من يناير سنة 1955 بتعيين الخبير أنه كلف هذا الخبير ببيان واضع اليد على الثلاثة أفدنة موضوع الدعوى من سنة 1926 إلى 3 من إبريل سنة 1952 وتقدير ريعها في هذه المدة، وقد فهم الخبير أن المقصود بالعين موضوع الدعوى هو الثلاثة الأفدنة التي خصصت للمطعون ضدهم في حكم القسمة فحقق وضع اليد عليها في المدة السابقة على القسمة وقدر ريعها وانتهى إلى أن الطاعن ومورثه من قبله كانا يضعان اليد على فدانين وثمانية قراريط من هذه الثلاثة الأفدنة. وقد أخذ الحكم الابتدائي بهذا التقرير وعلى أساسه قضى بإلزام الطاعن بما قدره الخبير ريعاً لذلك القدر ولما استأنف الطاعن هذا الحكم نبه محكمة الاستئناف إلى أن الحكم الابتدائي قد خالف طلبات المدعين والأساس الذي بنوا عليه دعواهم كما عاب على ذلك الحكم خطأه في القانون قائلاً إنه باعتباره شريكاً على الشيوع كان من حقه أن يضع يده على جزء مفرز من العقار الشائع يوازي حصته فيه. وأنه ما دام وضع يده لم يجاوز هذه الحصة فإنه لا يكون مسئولاً عن الريع المطالب به لكن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع وأيد الحكم الابتدائي لأسبابه مكتفياً بالقول بأن هذا الحكم قد ناقش في أسبابه مستندات المستأنف (الطاعن) واعتراضاته بالتفصيل وانتهى إلى عدم الأخذ بها لأسباب سائغة تأخذ بها المحكمة "أي محكمة الاستئناف" هذا في حين أن الحكم الابتدائي لم يتضمن أي رد على الدفاع السابق - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه علاوة على ما شابه من قصور في الرد على هذا الدفاع الجوهري فإنه بقضائه للمطعون ضدهم بريع الثلاثة الأفدنة التي اختصوا بها في القسمة يكون قد غير سبب الدعوى إذ المطعون ضدهم رافعوها إنما طلبوا فيها ريع ثلاثة أفدنة شائعة في الاثني عشر فداناً التي بينوها في صحيفة الدعوى مما مفاده أن مطالبتهم انصبت على ريع حصتهم في مجموع العقار الشائع وذلك أثناء قيام الشيوع. وفي حق كل من يثبت أنه كان منتفعاً بهذه الحصة وبنسبة هذا الانتفاع. ولما كانت محكمة الموضوع لا تملك تغيير السبب الذي أقيمت عليه الدعوى بل يجب عليها أن تلتزم هذا السبب وتقصر بحثها عليه فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون في هذا الخصوص. هذا إلى أنه لما كانت الثمار التي تنتج من المال الشائع أثناء قيام الشيوع من حق الشركاء جميعاً بنسبة حصة كل منهم فإن إجراء القسمة بعد ذلك لا يجعل للمتقاسم حقاً في الاستئثار بثمار الحصة التي خصصت له إلا من وقت حصول القسمة. ولا يقدح في ذلك المادة 843 من القانون المدني تقضي باعتبار المتقاسم مالكاً للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع. ذلك أن علة تقرير هذا الأثر الرجعي للقسمة هو حماية المتقاسم من الحقوق التي يرتبها غيره من الشركاء على المال الشائع أثناء قيام الشيوع بحيث يخلص لكل متقاسم نصيبه المفرز الذي خصص له في القسم مطهراً من هذه الحقوق ويجب قصر إعمال الأثر الرجعي للقسمة في هذا النطاق واستبعاده في جميع الحالات التي لا يكون الأمر فيها متعلقاً بحماية المتقاسم من تصرفات شركائه الصادرة قبل القسمة. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وجعل للمطعون ضدهم حقاً في الاستئثار بريع الثلاثة الأفدنة التي خصصت لهم في القسمة منذ تملكهم في الشيوع يكون قد خالف القانون في هذا الخصوص أيضاً ويتعين لكل ذلك نقضه.
وحيث إن هذه المحكمة ترى في سبيل تمهيد الطريق لمحكمة الموضوع بعد عودة القضية إليها أن تشير إلى أنه لما كان الحال في هذه الدعوى أن المطعون ضدهم يمتلكون ثلاثة أفدنة شائعة في اثني عشر فداناً وذلك منذ أن حكم انتهائياً في سنة 1933 لمورثهم بالملكية وأنهم لم يضعوا اليد على حصتهم هذه ولم يحصلوا على شيء من ثمارها طوال المدة السابقة على القسمة وذلك مع أحقيتهم في الاستيلاء على تلك الثمار طبقاً للمادة 826/ 1 من القانون المدني فإن لازم ذلك إن لم يكن هناك أجنبي عن الشركاء كان مغتصباً لهذا القدر إن واحداً أو أكثر من الشركاء في الاثني عشر فداناً كان يضع اليد على ما يجاوز حصته في هذه الأطيان الشائعة وبما يوازي هذه الثلاثة أفدنة ويكون هذا الشريك أو الشركاء هم الملزمون قبل المطعون ضدهم بريع ما كانوا يضعون اليد عليه زيادة على حصتهم كل بقدر نصيبه في هذه الزيادة. وذلك بطبيعة الحال بالنسبة لما لم يسقط الحق في المطالبة به من هذا الريع - إذ لا يجوز قانوناً للشريك في الشيوع أن يحصل على أكثر مما يعادل ما يخص حصته في مجموع ثمرات المال الشائع - هذا ويكون تقدير الريع المستحق للمطعون ضدهم بتقدير ريع مجموع الأطيان الشائعة أي الاثني عشر فداناً واعتبار ما يستحقه المطعون ضدهم في هذا الريع هو 3/ 12 أي الربع.

الطعن 402 لسنة 31 ق جلسة 24 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 179 ص 1141

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

---------------

(179)
الطعن رقم 402 لسنة 31 القضائية

عمل. "انتهاء عقد العمل". "مكافأة نهاية الخدمة". إثبات. قوة الأمر المقضي. حكم. حجية الحكم.
انتهاء علاقة العمل. تحقيقها بطريق اللزوم لمعرفة القانون الواجب التطبيق على واقعة الجنحة. حيازة الحكم الصادر فيها قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية.

--------------
متى كان يبين من الحكم الصادر في استئناف قضية الجنحة أن النزاع فيه كان يدور حول القانون الواجب التطبيق على واقعة الدعوى وهل هو القانون رقم 317 لسنة 1952 أم القانون رقم 91 لسنة 1959 وهو ما كان يتوقف عليه جواز الاستئناف أو عدم جوازه للخطأ في تطبيق القانون، وفي صدد الفصل في هذه المسألة عرضت المحكمة إلى القانون الواجب التطبيق على واقعة الجنحة - وهي الامتناع عن دفع المكافأة وإعطاء شهادة خلو طرف - وانتهت في قضائها إلى أنه هو القانون رقم 317 لسنة 1952 لا القانون رقم 91 لسنة 1959 - مستندة إلى أن العلاقة بين الطاعن والمطعون عليهما انتهت بالاستقالة في 4/ 8/ 1958 وفي ظل القانون رقم 317 لسنة 1952، وكان تعيين القانون الواجب التطبيق يتوقف على تحقيق واقعة انتهاء علاقة العمل - بين الطاعن والمطعون عليهما - وقد عرض لها الحكم وحققها بطريق اللزوم لمعرفة القانون الواجب التطبيق على الواقعة وتجريمها، فإن قضاءه في هذا الخصوص يحوز قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن صليب مينا توماس أقام الدعوى 256 سنة 1959 مدني كلي بني سويف ضد كل من أمين فرج الله سعد الله وكامل فرج الله سعد الله بطلب إلزامهما متضامنين بأن يدفعا له 477 جنيهاً مكافأة مدة الخدمة والمصروفات والأتعاب مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة، وقال شرحاً لدعواه إنه كان يعمل كاتباً بمطحن غلال للمدعى عليهما بناحية طرشوب منذ سنة 1921 وفي سنة 1933 أنشأ المدعى عليهما مطحناً آخر بناحية شربان وعهدا إليه بإدارته كما كان يدير أطيانهما المملوكة والمستأجرة مقابل أجر شهري قدره 13.5 جنيهاً، وأنه استمر يقوم بهذه الأعمال إلى آخر مايو سنة 1959 حيث فكر في الاستقالة ورفض المدعى عليهما إخلاء طرفه ودفع المكافأة المستحقة له، وإذ عرض النزاع على مكتب العمل ولم يتمكن من تسويته فقد انتهى إلى طلب الحكم له بها. ودفع المدعى عليهما بسقوط حق المدعي في المطالبة عملاً بالمادة 698 من القانون المدني. وبتاريخ 11/ 5/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفي أن المدعي كان يعمل لدى المدعى عليهما ونوع هذا العمل ومدته وقيمة الأجر الذي كان يتقاضاه. وبعد أن سمعت المحكمة أقوال الشهود عادت وبتاريخ 8/ 2/ 1961 فحكمت حضورياً بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي مبلغ 360 جنيهاً والمصاريف المناسبة و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المؤقت وبلا كفالة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المدعى عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم (أولاً) بوقف النفاذ المشمول به الحكم المستأنف. (ثانياً) بسقوط حق المستأنف عليه في المطالبة عملاً بالمادة 698 من القانون المدني ومن باب الاحتياط رفض الدعوى مع إلزام المستأنف عليه بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين وقيد هذا الاستئناف برقم 296 سنة 78 قضائية. وبتاريخ 23/ 10/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وسقوط حق المستأنف عليه في الدعوى المستأنف حكمها مع إعفائه من مصاريفها وإلزامه بالمصاريف الاستئنافية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهما رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بسقوط حق الطاعن في المطالبة بالمكافأة مستنداً في ذلك إلى أن الحكم الصادر بتاريخ 13/ 5/ 1961 من محكمة جنح بني سويف في قضية النيابة العامة رقم 453 سنة 1961 جنح مستأنفة "فصل بين طرفي الخصومة في ميعاد استقالة المستأنف عليه - الطاعن - من عمله في 4/ 8/ 1958" وأن لهذا الحكم قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية وإذ رفع الطاعن دعواه بالمكافأة في 6/ 12/ 1959 فإنها تكون قد رفعت بعد مضي أكثر من سنة على تاريخ انتهاء العقد وبعد سقوط الحق فيها عملاً بالمادة 698 من القانون المدني، وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون وتأويله، لأن الحكم الجنائي لا تكون له قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية إلا فيما يتعلق بوقوع الجريمة ووصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها والقاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً أو الوقائع المرتبطة بوجود الجريمة ارتباطاً لا يقبل التجزئة بحيث تعتبر ركناً من أركانها، وميعاد استقالة الطاعن لم يكن ضرورياً للفصل في وقوع الجريمة ولا في وصفها القانوني أو نسبتها إلى فاعلها، ومن جهة أخرى فإن الطاعن لم يكن مدعياً بالحق المدني في قضية الجنحة والمطعون عليه الثاني لم يكن متهماً فيها فهو لم يفصل بين طرفي الخصومة في شيء.
وحيث إن هذا النعي مردود (أولاً) بأنه بالرجوع إلى الحكم الصادر من محكمة بني سويف في قضية الجنحة يبين أن النزاع في الاستئناف كان يدور حول القانون الواجب التطبيق على واقعة الدعوى، وهل هو القانون رقم 317 لسنة 1952 أم القانون رقم 91 لسنة 1959 وهو ما كان يتوقف عليه جواز الاستئناف أو عدم جوازه للخطأ في تطبيق القانون، وفي صدد الفصل في جواز الاستئناف أو عدم جوازه عرضت المحكمة إلى القانون الواجب التطبيق على واقعة الجنحة - وهي الامتناع عن دفع المكافأة وإعطاء شهادة خلو طرف - وانتهت في قضائها إلى أنه هو القانون رقم 317 لسنة 1952 لا القانون رقم 91 لسنة 1959 مستندة إلى أن العلاقة بين الطاعن والمطعون عليهما انتهت بالاستقالة في 4/ 8/ 1958 وفي ظل القانون رقم 317 لسنة 1952 وذلك بقولها "إن الشاكي قدم استقالته في تاريخ 4/ 8/ 1958 أي في ظل القانون 317 لسنة 1952 وليس في الأوراق ما يدل على أنه ظل في عمله حتى يونيه 1959 وعلى ذلك فتكون محكمة أول درجة قد أخطأت في تطبيق القانون عندما عاقبت المتهم طبقاً لأحكام القانون 91 لسنة 1959 مما يتعين معه قبول الاستئناف شكلاً عملاً بالمادة 402/ 3 أ. ج" وإذ كان ذلك، وكان تعيين القانون الواجب التطبيق يتوقف على تحقيق واقعة انتهاء علاقة العمل - بين الطاعن والمطعون عليهما - وقد عرض لها الحكم وحققها بطريق اللزوم لمعرفة القانون الواجب التطبيق على الواقعة وتجريمها، فإن قضاءه في هذا الخصوص يحوز قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية، ومردود (ثانياً) بأن الحكم الجنائي حجة على الكافة ومنهم أطراف الخصومة في الدعوى المدنية. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 12 لسنة 33 ق جلسة 24 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 أحوال شخصية ق 178 ص 1136

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة؛ وبحضور السادة المستشارين: عبد المجيد يوسف الغايش، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات.

----------------

(178)
الطعن رقم 12 لسنة 33 ق "أحوال شخصية"

وقف. "شرط الواقف". "تفسيره". "النظر على الوقف".
وقف غير المسلم. النظر عليه. جواز تعيين وزارة الأوقاف متى كان من بين مصارفه جهة إسلامية.

---------------
متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتعيين وزارة الأوقاف ناظرة على الوقف على ما جاء في كتاب الوقف من أنه "في حالة عدم وجود من تتوافر فيه الشروط اللازمة لإقامته ناظراً يرجع الأمر إلى القاضي" وأن مصرف هذا الوقف على فقراء الأقباط وغيرهم من أي جهة وأي ملة كانت ودفن الذين يتوفون ببندر المنصورة مطلقاً" وأن تلك العبارات تؤكد أنها قصدت في برها أن يعم الفقراء من كل الأديان وأنه مما لا شك فيه أن المسلمين هم أصحاب دين وملة ويكون ما ذهبت إليه وزارة الأوقاف من أن الوقف انسحب إلى فقراء المسلمين قول ينطبق على شروط الواقفة وعلى أن المحكمة بما لها من ولاية شرعية وولاية تستمدها من كتاب الوقف ترى أن تعين وزارة الأوقاف ناظرة على الوقف ولا يقدح في هذا ولا يمنع من توليها شئون الوقف أن الواقفة قبطية وأن بعض مصرفه على الفقراء الأقباط ما دام للمسلمين نصيب في هذا الوقف إذ أن وزارة الأوقاف ملزمة بتنفيذ ما جاء بكتاب الواقفة من صرف غلة الوقف على المسيحيين والمسلمين على السواء في الحدود التي رسمتها الواقفة في كتاب وقفها" فإن ما أورده الحكم يدل على أن من بين مصارف الوقف جهة إسلامية قصدت الواقفة أن تشملها خيرات الوقف وليس ثمة ما يمنع من إقامة وزارة الأوقاف في النظر عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن حلمي بطرس إبراهيم تقدم إلى محكمة المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية بطلب إقامته في النظر على وقف الست منجدة إبراهيم يوسف وهبه المعين بالحجة الصادرة من محكمة المنصورة الشرعية بتاريخ 14/ 8/ 1898 لخلوه من النظر بوفاة ناظره السابق وهبة إبراهيم وهبة وقيد هذا الطلب برقم 13 سنة 1959 - كما تقدم إليها كل من نيافة الأنبا تيموتاوس مطران الدقهلية ونسيم إبراهيم جادو وعوض الله بانوب إبراهيم خليل الشهير بعوض بطلب إقامته في النظر عليه وقيدت طلباتهم برقم 14 و15 و18 سنة 1959 تصرفات, وقررت المحكمة ضم هذه المواد إلى المادة رقم 3 سنة 1953 ليصدر فيها حكم واحد - وأثناء نظرها قررت المحكمة إدخال وزارة الأوقاف التي طلبت إقامتها في النظر على الوقف إعمالاً للقانون رقم 347 سنة 1953 المعدل بالقانون رقم 547 سنة 1953 ودفع الأنبا تيموتاوس بعدم اختصاص المحكمة بدعوى إثبات النظر. وبتاريخ 9 ديسمبر سنة 1961 حكمت المحكمة حضورياً (1) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها (2) برفض طلب كل من حلمي بطرس إبراهيم ونسيم إبراهيم وعوض الله ياقوت والأنبا تيموتاوس وألزمتهم المصروفات (3) وبتعيين وزارة الأوقاف ناظرة على وقف منجدة إبراهيم لتدير شئونه طبق شرط الواقفة. واستأنف الأنبا تيموتاوس هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه وإقامته في النظر على الوقف وقيد هذا الاستئناف برقم 1 سنة 1962، كما استأنفه حلمي بطرس إبراهيم ونسيم إبراهيم خليل طالبين إلغاءه وتعيينهما في النظر وقيد هذا الاستئناف برقم 3 سنة 1962، وقررت المحكمة ضمهما. وبتاريخ 8/ 1/ 1963 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفض الدفع ورفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف بمصاريف استئنافه. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلبت المطعون عليها رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب الطاعن إقامته في النظر على الوقف لما جاء فيه وفي الحكم الابتدائي من أسباب مؤداها أن نيافته عين حارساً على الوقف بمقتضى الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة في إبريل سنة 1955 وقد قضى هذا الحكم بتحديد المأمورية التي وكل إليه القيام بها وهي استلام أعيان الوقف وإدارتها واستغلالها وإيداع صافي ريعها خزانة المحكمة مشفوعة بكشف حساب على ذمة المستحقين والدائنين لهذا الوقف وأن نيافته لم يقم بهذه الإدارة بنفسه لمكانته الدينية الجليلة ولأنه يكاد يقيم إقامة دائمة في حلوان فوكل أمر إدارة الوقف إلى غيره وأن الثابت من الأوراق المقدمة من وكيله أن كشف الحساب لم يقدم إلى المحكمة كما لم يودع في خزانتها أي مبلغ للمستحقين، وهذا الذي ذهب إليه الحكمان قصور وفساد في الاستدلال ومخالفة للثابت في الأوراق، إذ الثابت فيها أن الطاعن عين حارساً على الوقف بناء على طلب دائنيه من بعد أربعة حراس تداولوا الحراسة عليه فأكلوا غلة الوقف وقدر خامسهم لنفسه أتعاباً قدرها 400 ج وقد عارض فيها الطاعن وخفضتها المحكمة إلى 300 ج وأن الحراسة فرضت لصالح الدائنين ويتعين أن تسدد ديونهم من غلة الوقف وهذه الديون قدرها 12343 ج أصبحت بعد التسويات التي تمت بمساعي الطاعن 4000 ج أو أزيد قليلاً، كما أن الطاعن تسلم الوقف وبعض أطيانه مؤجرة بنسبة 17 ج للفدان فاستطاع أن يرفع الإيجار إلى 33 ج، أما مكانة الطاعن الدينية فلا تمنع من إقامته في النظر على هذا الوقف الخيري الذي مصرفه فقراء الأقباط وهو أعرف بهم من غيره وإقامته في حلوان ليست دائمة وهي لا تمنع من إدارة شئون الوقف المؤجرة أعيانه بموجب عقود امتدت طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي يبين أنه قضى برفض طلب الطاعن إقامته في النظر على الوقف استناداً إلى "أن نيافته عين حارساً على الوقف بمقتضى الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة في إبريل سنة 1955 وقد قضى هذا الحكم بتحديد المأمورية التي وكل إلى نيافته للقيام بها فيما تختص بهذا الوقف وهي استلام أعيانه وإدارتها واستغلالها استغلالاً حسناً وإيداع صافي ريعها خزانة محكمة المنصورة مشفوعة بكشف حساب على ذمة المستحقين والدائنين لهذا الوقف وبديهي أن نيافته لم يقم بنفسه بهذه الإدارة لمكانته الدينية ولأنه كما هو ثابت من الأوراق يكاد يقيم إقامة دائمة في حلوان فوكل أمر إدارة هذا الوقف إلى غيره وأن الثابت من المستندات المقدمة من وكيل نيافته أن كشف حساب واحد لم يقدم إلى المحكمة كما لم يودع خزانتها أي مبلغ لصالح المستحقين ويردد دفاعاً عن ذلك أن نيافته قد اتفق مع الدائنين وسدد لهم بعض مالهم من دين وهذا التصرف رغم ما فيه من مخالفة لصريح حكم إقامته حارساً فإنه كان مثار مطاعن المستحقين ملأت أوراق الدعوى" وأحال الحكم المطعون فيه إلى الحكم الابتدائي في أسبابه وأضاف إليها "أن المستأنفين لم يأتوا بأوجه دفاع جديدة تزيد على ما طرحوه أمام محكمة أول درجة" وهذا الذي أورده الحكمان فيه الرد الكافي على دفاع الطاعن ولا ينطوي على قصور ولا فساد في الاستدلال.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ حين فسر عبارة "فقراء الأقباط وغيرهم من أي جهة أو أي ملة" الواردة في كتاب الوقف بأنها تنصرف إلى الفقراء مطلقاً مسلمين وأقباط مع أن سياق كتاب الوقف يدل على أنه وقف خيري على الأقباط "وعبارة من أي ملة" إنما تنصرف إلى المسيحيين الأرثوذكس أو الكاثوليك أو البروستانت لا المسلمين لأن الإسلام دين وليس ملة يؤيد ذلك أن بعض أطيان الوقف موقوفة على فقراء الأقباط دون غيرهم وإذ رتب الحكم على ذلك أن الوقف على جهة إسلامية وأقام وزارة الأوقاف في النظر عليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف شرط الواقفة بتعيين القسيس الكبير بمدينة المنصورة ناظراً على الوقف وهو وصف ينطبق على الطاعن.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما جاء في كتاب الوقف من أنه "في حالة عدم وجود من تتوافر فيه الشروط اللازمة لإقامته ناظراً رجع الأمر إلى القاضي" وأنه "بالرجوع إلى كتاب الوقف نجد الواقفة تشترط في ختام ص 47 وفي مستهل ص 48 أن مصرف هذا الوقف على فقراء الأقباط وغيرهم المقيمين ببندر المنصورة والمترددين على بندر المنصورة المذكور من أي جهة وأي ملة كانت ودفن الذين يتوفون ببندر المنصورة مطلقاً" "وأن الواضح من هذه العبارات الثلاث "فقراء الأقباط وغيرهم" "والفقراء من أي جهة وأي ملة" "ودفن الفقراء مطلقاً" التي ترادفت أنها تؤكد أن الواقفة قصدت في برها أن يعم الفقراء من كل الأديان مما لا شك فيه أن المسلمين هم أصحاب دين وملة وبذلك يكون ما ذهبت إليه وزارة الأوقاف من أن الوقف انسحب إلى فقراء المسلمين قول ينطبق على شرط الواقفة" وأن "المحكمة بما لها من ولاية شرعية وولاية تستمدها من كتاب الوقف ترى أن تعيين وزارة الأوقاف ناظرة على وقف منجدة إبراهيم الخيري ولا يقدح في هذا ولا يمنع من توليها شئون الوقف أن الواقفة قبطية وأن بعض مصرفه على فقراء الأقباط ما دام للمسلمين نصيب في هذا الوقف إذ أن وزارة الأوقاف ملزمة بتنفيذ ما جاء بكتاب الواقفة من صرف غلة الوقف على المسيحيين والمسلمين على السواء في الحدود التي رسمتها الواقفة في كتاب وقفها" وهذا الذي أورده الحكم يدل على أن من بين مصارف الوقف جهة إسلامية قصدت الواقفة أن تشملها خيرات الوقف فليس ثمة ما يمنع من إقامة وزارة الأوقاف في النظر عليه.

الطعن 245 لسنة 36 ق جلسة 15 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 201 ص 1234

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(201)
الطعن رقم 245 لسنة 36 القضائية

(أ) أدوية. "الاستيلاء على الأدوية". استيلاء. تأميم.
الاستيلاء على المهمات الطبية لدى المستوردين ووكلاء الشركات والمؤسسات الأجنبية ومخازن الأدوية والمستودعات وفقاً للقانون 212 لسنة 1960. التزام كل من لديه أموال لتلك الجهات، وكل مدين لها بتقديم بيان بذلك إلى وزير التموين. الدائنون لا يلتزمون بتقديم هذا البيان وحقوقهم قائمة لم تنقض.
(ب) أدوية. "الاستيلاء على الأدوية". استيلاء. التزام. "أوصاف الالتزام". فوائد.
تأجيل الديون المستحقة على شركات الأدوية المستولى لديها خلال مدة معينة بمقتضى القانونين 269 و272 لسنة 1960 مؤداه. نشوء الالتزام منجزاً ولكنه تحول أثناء التنفيذ إلى التزام مؤجل قانوناً. الفوائد تظل سارية دون إيقاف طبقاً للاتفاق.
(ج) التزام. "انقضاء الالتزام". نقض. "سلطة محكمة النقض". أدوية. فوائد.
استحالة التنفيذ. قيامها على أسباب قانونية. خضوعها لرقابة محكمة النقض. القوانين 212 و269 و272 لسنة 1960 لا تعد قوة قاهرة يستحيل معها الوفاء بالالتزام.
(د) حوادث طارئة. "شرط الإرهاق". التزام. محكمة الموضوع.
الإرهاق في تنفيذ الالتزام الذي يهدد المدين بخسارة فادحة. شرط لتطبيق المادة 147/ 2 مدني. تقدير مدى الإرهاق. يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع.
(هـ) حكم. "تسبيب الحكم". استئناف. "الحكم في الاستئناف".
إلغاء محكمة الاستئناف للحكم الابتدائي. كفاية بيان أسباب الإلغاء وما قضت به. عدم التزامها بالرد على أسباب الحكم الأول.
(و) أدوية. "لجنة التعويض". استيلاء. قرار إداري. "حجيته" فوائد. اختصاص.
اللجنة المنصوص عليها في المادة 9 من القانون 212 لسنة 1960. اختصاصها. تقدير التعويض عما يتم الاستيلاء عليه من الأدوية. تجاوزها ذلك بالتقرير لعدم التزام المستولى لديه بسداد الفوائد التأخيرية لديونه. تزيد. لا يكتسب حجية.

---------------
1 - إنه وإن نص القانون رقم 212 لسنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، على أن لوزير التموين حق الاستيلاء الفوري على المهمات الطبية الموجودة لدى المستوردين ووكلاء الشركات والمؤسسات الأجنبية وفي مخازن الأدوية والمستودعات والفروع الخاصة بهؤلاء، وعلى أن يسلم وزير التموين ما يتم الاستيلاء عليه من هذه المواد إلى المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية، ولئن ألزم هذا القانون كل شخص توجد لديه أموال بأية صفة كانت للأفراد أو الهيئات التي يتم الاستيلاء على ما لديها أو يكون مديناً لأي منها، أن يقدم بياناً إلى وزير التموين خلال شهر من تاريخ العمل بالقانون المشار إليه، إلا أنه ليس في نصوص هذا القانون ما يمس التزامات المستولى لديهم قبل الغير، فلم يلزم هذا القانون دائني المستولى لديهم بتقديم بيان عن ديونهم، وبذلك ظلت حقوق هؤلاء الدائنين قائمة بدون انقضاء (1).
2 - القانونان 269 و272 لسنة 1960 يفصحان عن إرادة المشرع في التدخل بسبب ظروف اقتصادية خاصة، قرر إزاءها وقف المطالبة بالديون المستحقة على شركات الأدوية المستولى لديها خلال مدة معينة وهذه المدة إنما تعتبر أجلاً محدداً قانوناً يتوقف على حلوله نفاذ الالتزام، بمعنى أن الالتزام نشأ منجزاً، ولكنه تحول أثناء التنفيذ إلى التزام مؤجل بناء على تدخل المشرع، وقد أراد المشرع مجرد تأجيل الديون المستحقة بعد سريان القانون رقم 212 لسنة 1960 دون أن يتدخل في تعديل الاتفاق على الفوائد المعتبر شريعة المتعاقدين، ذلك أن عبارة القانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960 صريحة في تأجيل الوفاء بالدين فحسب لمدة أقصاها ستة شهور دون أن تشير إلى وقف الفوائد التي تظل سارية بحكم الاتفاق الذي لم يمسسه القانون.
3 - الاستحالة في تنفيذ الالتزام التي تقوم على أسباب قانونية تعتبر من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض، وإذ كان تأجيل سداد ما على شركات الأدوية من ديون طبقاً للقانونين 269، 272 لسنة 1960 مرجعه أن تحديد مركزها يتطلب بعض الوقت بسبب الاستيلاء لديها على المواد التي تقوم بالاتجار فيها من المستحضرات الطبية، فإن أثر هذا التأجيل يقتصر - أخذاً بالعلة التي أرادها المشرع وبالقدر الذي توخاه منها - على أصل الديون دون إيقاف سريان فوائدها، وإلا لكان في ذلك مغنم لهذه المنشآت، الأمر الذي لم يدر في خلد المشرع بل ويتعارض مع أهدافه، ومن ثم فإن التشريعات المشار إليها لا تعتبر قوة قاهرة يستحيل معها على الطاعن (المستولى لديه) القيام بالتزامه.
4 - تدخل القاضي لرد الالتزام إلى الحد المعقول - طبقاً للمادة 147/ 2 من القانون المدني - رخصة من القانون، يجب لاستعمالها، تحقق شروط معينة أهمها شرط الإرهاق المهدد بخسارة فادحة، وتقدير مدى الإرهاق الذي أصاب المدين من جراء الحادث الطارئ، هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، ومناط هذا الإرهاق الاعتبارات الموضوعية بالنسبة للصفقة ذاتها، لا الظروف المتعلقة بشخص المدين.
5 - بحسب محكمة الاستئناف أن تقرر في حكمها ما قضت به، وأسباب إلغائها للحكم الابتدائي دون أن تكون ملزمة بتتبع أسبابه والرد عليها، لأن في أسبابها الرد على حكم محكمة أول درجة.
6 - لما كانت لجنة التعويض قد تطرقت إلى القول بعدم التزام الطاعن (المستولى لديه) بسداد الفوائد التأخيرية لديونه عن الفترة من 17/ 7/ 1960 حتى تسلمه التعويضات، وكان هذا منها لا يعدو أن يكون استطراداً وتزيداً تجاوزت به اللجنة حدود اختصاصها الذي رسمته لها المادة التاسعة من القانون رقم 212 لسنة 1960 وهو تقدير التعويض عما يتم الاستيلاء عليه، فإن ما قررته اللجنة تزيداً في هذا الخصوص لا يكتسب حجية يصح التحدي بها في هذه الدعوى، ولا على محكمة الاستئناف إن هي لم تعرض له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على البنك المطعون ضده الدعوى رقم 15 سنة 1965 تجاري كلي القاهرة، وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1674 ج و136 م وفوائده القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد وقال في بيان دعواه إنه بتاريخ 15/ 7/ 1960 صدر القانون رقم 212 سنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، ونظراً لأن الطاعن كان يشتغل في تجارة الأدوية فقد قامت وزارة التموين - إعمالاً للمادة الرابعة من هذا القانون - بالاستيلاء على جميع الأدوية والكيماويات التي كانت في منشأته وفي مخازن البنوك وتلك الواردة لحسابه عن طريق اعتمادات مستندية وتم التحفظ على أمواله وتجميد حساباته لدى جميع البنوك، وإذ كان الطاعن مديناً للبنك المطعون ضده وقت صدور القانون المشار إليه في مبلغ 13447 ج و911 م بناء على عقد فتح اعتماد مبرم بينهما بتاريخ 19/ 8/ 1958 لاستيراد أدوية وكيماويات ومستلزمات طبية من الخارج، فقد استحال عليه سداد هذا المبلغ لسبب أجنبي خارج عن إرادته وهو صدور القانون سالف الذكر إلا أن البنك المطعون ضده لم يعترف بهذا السبب وأضاف في حسابه فوائد تأخيرية ابتداء من 17/ 7/ 1960 حتى السداد بلغت 1674 ج و136 م في حين أن الثابت أنه توقف عن السداد بسبب عدم استطاعته القيام به نتيجة تجميد أمواله الخاصة بتجارة الأدوية وهي حالة استحالة مؤقتة يترتب عليها وقف الالتزام حتى يصبح قابلاً للتنفيذ مما كان يتعين معه وقف احتساب الفوائد التأخيرية في الفترة بين صدور القانون في 17/ 7/ 1960 وبين تاريخ صدور قرار لجنة التعويضات بتقرير التعويض المستحق له وصرفه له، وإذ ضمنت هذه اللجنة قرارها الذي أصدرته وفقاً للمادة التاسعة من القانون رقم 212 لسنة 1960 القول بعدم أحقية البنوك الدائنة في احتساب الفوائد التأخيرية عن المدة سالفة الذكر وقد اقتضى البنك المطعون ضده منه رغم ذلك مبلغ 1674 ج و136 م كفوائد تأخيرية عن أصل الدين، فقد أقام دعواه بطلب المبلغ المشار إليه. وفي 8/ 4/ 1965 قضت محكمة أول درجة للطاعن بطلباته. استأنف البنك المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 347 سنة 82 ق. وبتاريخ 8/ 3/ 1966 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم لم يعتبر القانون رقم 212 لسنة 1960 الصادر في 17/ 7/ 1960 والقانونين رقمي 269 و272 سنة 1960 بتأجيل السداد قوة قاهرة مصدرها أمر الشارع بمنع الطاعن من مباشرته لنشاطه في تجارة الأدوية والسلع الكيماوية، وإذ يعد من بين هذا النشاط سداد الديون في فترة الاستيلاء والتحفظ، فإن القانون رقم 212 سنة 1960 وما تلاه من قوانين لتأجيل السداد يعتبر قوة قاهرة لحين فوات فترة التأجيل، ويتعين من أجل ذلك وقف سريان الفوائد في هذه الفترة، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بأحقية البنك المطعون ضده في اقتضاء الفوائد عن المدة المشار إليها، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن القانون رقم 212 لسنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية وإن نص على أن لوزير التموين حق الاستيلاء الفوري على المهمات الطبية الموجودة لدى المستوردين ووكلاء الشركات والمؤسسات الأجنبية وفي مخازن الأدوية والمستودعات والفروع الخاصة بهؤلاء وعلى أن يسلم وزير التموين ما يتم الاستيلاء عليه من هذه المواد إلى المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية، ولئن ألزم هذا القانون كل شخص توجد لديه أموال بأية صفة كانت للأفراد أو الهيئات التي يتم الاستيلاء على ما لديها أو يكون مديناً لأي منها أن يقدم بياناً إلى وزير التموين خلال شهر من تاريخ العمل بالقانون المشار إليه، إلا أنه ليس في نصوص هذا القانون ما يمس التزامات المستولى لديهم قبل الغير، فلم يلزم هذا القانون دائني المستولى لديهم بتقديم بيان عن ديونهم، وبذلك ظلت حقوق هؤلاء الدائنين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قائمة بدون انقضاء. وإذ يؤكد ذلك صدور القانون رقم 269 لسنة 1960 والنص في مادته الأولى على أن تؤجل لمدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقانون رقم 212 لسنة 1960 الديون التي يحل ميعاد استحقاقها خلال هذه المدة وذلك بالنسبة للمبالغ المدين بها المستوردون ووكلاء شركات الأدوية الأجنبية وأصحاب مخازن الأدوية التي تم الاستيلاء على ما لديهم من أشياء طبقاً لأحكام القانون رقم 212 لسنة 1960 المستحقة لأشخاص لا يباشرون نشاطاً يتعلق بتجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، وحظر هذا القانون اتخاذ أي إجراء تحفظي أو تنفيذي بسبب الديون المشار إليها قبل انقضاء هذه المهلة ثم صدر القانون رقم 272 لسنة 1960 بتأجيل الوفاء بتلك الديون لمدة ثلاثة أشهر أخرى تبدأ من 17 أكتوبر سنة 1960 وبتأجيل ما يستحق منها خلال ثلاثة أشهر تبدأ من 18/ 10/ 1960 لمدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ الاستحقاق، وكان هذان القانونان - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يفصحان عن إرادة المشرع في التدخل بسبب ظروف اقتصادية خاصة قرر إزاءها وقف المطالبة بالديون المستحقة على شركات الأدوية المستولى لديها خلال مدة معينة وهذه المدة إنما تعتبر أجلاً محدداً "قانوناً" يتوقف على حلوله نفاذ الالتزام، بمعنى أن الالتزام نشأ منجزاً ولكنه تحول أثناء التنفيذ إلى التزام مؤجل بناء على تدخل المشرع، وإذ أراد المشرع مجرد تأجيل الديون المستحقة بعد سريان القانون رقم 212 لسنة 1960 دون أن يتدخل في تعديل الاتفاق على الفوائد المعتبر شريعة المتعاقدين ذلك أن عبارة القانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960 السابق ذكرهما صريحة في تأجيل الوفاء بالدين فحسب لمدة أقصاها ستة شهور دون أن تشير إلى وقف الفوائد التي تظل سارية بحكم الاتفاق الذي لم يمسسه القانون، وقد قرر القانون رقم 212 لسنة 1960 الاستيلاء على المستحضرات الطبية لدى شركات القطاع الخاص التي يتجر في الأدوية ونظم أحكام هذا الاستيلاء تمشياً مع سياسة الدولة الاشتراكية حتى لا تتضخم أرباح تلك الشركات على حساب السواد الأعظم من أبناء الشعب بالتحكم في السوق ورفع الأسعار، وكانت الاستحالة في تنفيذ الالتزام التي تقوم على أسباب قانونية تعتبر من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض، وكان تأجيل سداد ما على هذه الشركات من ديون طبقاً للقانونين رقمي 269 و272 لسنة 1960 مرجعه أن تحديد مركزها يتطلب بعض الوقت بسبب الاستيلاء لديها على المواد التي تقوم بالاتجار فيها من المستحضرات الطبية مما مفاده أن يقتصر أثر هذا التأجيل - أخذاً بالعلة التي أرادها المشرع وبالقدر الذي توخاه منها - على أصل الديون دون إيقاف سريان فوائدها، وإلا لكان في ذلك مغنم لهذه المنشآت، الأمر الذي لم يدر في خلد المشرع بل ويتعارض مع أهدافه، فإن التشريعات المشار إليها لا تعتبر قوة قاهرة يستحيل معها على الطاعن القيام بالتزامه، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على هذا النظر، فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن القانون رقم 212 لسنة 1960 وما تلاه من قوانين بتأجيل السداد إن لم تكن قوة قاهرة فهي في القليل حادث فجائي مرهق للمدين يترتب على إعمال أثره وقف سريان الفوائد في الفترة بين صدور القانون وصرف التعويضات، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي بهذا السبب غير سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم انطباق نظرية الظروف الطارئة على قوله "إن التشريعات التي أصدرها المشرع والقوانين أرقام 212 و269 و272 سنة 1960 كان من نتائجها الاستيلاء على الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية الموجودة لدى المستأنف ضده وتعويضه تعويضاً عادلاً عن هذا الاستيلاء على أساس التكاليف الحقيقية مع نسبة ربح في حدود 6% وتأجيل الديون المطلوبة منه والتي يحل ميعاد استحقاقها بعد ستة أشهر على النحو الوارد في القانونين 269 و272 لسنة 1960 ولم تمس هذه التشريعات أمواله الأخرى ولم يحرمه من حقه في سداد ديونه التي يحل ميعاد استحقاقها إذا شاء إذ أن القانونين رقمي 269 و272 سنة 1960 قد أجلا الديون المستحقة على المشتغلين بتجارة الأدوية ومنعا اتخاذ أي إجراء تحفظي أو تنفيذي بسبب هذه الديون ولم يمنعا سدادها كما أن هذين القانونين لم ينصا على وقف سريان الفوائد عن تلك الديون خلال فترة التأجيل. لما كان ذلك وكان المستأنف ضده قد حصل على تعويض عادل مضاف إليه نسبة ربح في حدود 6% عن الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية المستولى عليها، فمن ثم ترى المحكمة أن لا يتأتى القول بأن التزامه بسداد الفوائد المستحقة للبنك المستأنف بموجب عقد فتح الاعتماد قد صار مرهقاً له بحيث يهدده بخسارة فادحة بعد صدور التشريعات سالفة البيان، إذ أنها لم تأت بنتائج تسبب له إرهاقاً أو خسارة فادحة بل حصل على تعويض عادل ونسبة ربح معقولة". ولما كان تدخل القاضي لرد الالتزام إلى الحد المعقول طبقاً للمادة 147/ 2 من القانون المدني رخصة من القانون يجب لاستعمالها تحقق شروط معينة أهمها شرط الإرهاق المهدد بخسارة فادحة، وكان تقدير مدى الإرهاق الذي أصاب المدين من جراء الحادث الطارئ هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، ومناط هذا الإرهاق الاعتبارات الموضوعية بالنسبة للصفقة ذاتها لا الظروف المتعلقة بشخص المدين، وإذ دلل الحكم المطعون فيه - وعلى ما سلف البيان - على انتفاء ذلك الشرط من ظروف الصفقة وملابساتها، وجعل المناط في تحديد الإرهاق بقيمة التكاليف والربح الذي قدرته اللجنة والفوائد التي يريد الطاعن إسقاطها، ولم يعتبر الاستيلاء على المهمات الطبية الموجودة لديه مقابل تعويض عادل ونسبة ربح محددة من شأنها أن تجعل تنفيذ التزامه بوفاء فوائد ديونه مرهقاً له إرهاقاً يهدده بخسارة فادحة، وكان ما قرره الحكم في هذا الشأن سائغاً ومما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم إذ قرر أن القانون رقم 212 سنة 1960 وما تلاه من قوانين لتأجيل السداد لم يكن من شأنها أن تؤثر على الطاعن وتجعله في حالة استحالة تمنعه من السداد لحين صرف التعويضات له لم يستند في ذلك إلى وقائع لها أصل في الأوراق مما يعيبه بالخطأ في الإسناد.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه فيما قرره عن أن التزام الطاعن بسداد فوائد ديونه لم يصبح مستحيلاً قد استند إلى القانون رقم 212 سنة 1960 الذي قضى بالاستيلاء على المستحضرات الطبية ومستلزماتها لدى المشتغلين بتجارة الدواء مقابل تعويض ونسبة من الربح، وكان هذا القانون وما تلاه من تشريعات على النحو السالف بيانه في الرد على السبب الأول لا يعد قوة قاهرة فينقضي بها التزام الطاعن بدفع الفوائد خلال فترة التأجيل، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند إلى القانون المشار إليه لا يكون معيباً بالخطأ في الإسناد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع والشق الأول من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور والتناقض في الأسباب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اتخذ من القرار الذي أصدرته لجنة التعويضات - بتقرير تعويض مجز له - سبباً لعدم استحالة تنفيذ التزامه بسداد الفوائد وعدم إرهاقه. ويرى الطاعن أن هذا القول من الحكم معناه أنه قبل تقرير التعويض وصرفه يكون وفاء الالتزام مستحيلاً أو بالأقل مرهقاً، وإذ قرر الحكم الابتدائي أن الفوائد لا تسري في الفترة بين الاستيلاء وسداد التعويض، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تناقضت أسبابه، ولم يواجه قضاء محكمة أول درجة بما يقتضيه مما يعيبه أيضاً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الاطلاع على أسباب الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بأحقية البنك المطعون ضده في اقتضاء الفوائد خلال فترة تأجيل الدين على أن القانون رقم 212 لسنة 1960 قد نص في مادته التاسعة على تعويض الطاعن عما استولى عليه منه على أساس التكاليف الحقيقية ونسبة من الربح في حدود 6%، وعلى أن لجنة التعويضات قدرت له تعويضاً عادلاً عن كافة البضائع المستولى عليها، وعلى أن هذا القانون وما تلاه من تشريعات لا يعتبر قوة قاهرة ينقضي بها التزام الطاعن بسداد الفوائد خلال فترة التأجيل وعلى أن الاستيلاء على المهمات الطبية الموجودة لديه طبقاً للقانون المشار إليه ليس من شأنه أن يجعل تنفيذ التزامه بالفوائد مستحيلاً أو مرهقاً، وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم على ما سلف بيانه في الرد على السببين الأول والثاني، وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم ليس فيه ما يمكن حمله على الاتجاه إلى القول بأنه قبل تقدير التعويض وصرفه يكون تنفيذ الالتزام بالفوائد مستحيلاً أو بالأقل مرهقاً. لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه بحسب محكمة الاستئناف أن تقرر في حكمها ما قضت به وأسباب إلغائها للحكم الابتدائي دون أن تكون ملزمة بتتبع أسبابه والرد عليها لأن في أسبابها الرد على حكم محكمة أول درجة لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالتناقض والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن لجنة التعويض وقد راعت أن من عناصر التعويض عدم التزام الطاعن بفوائد للبنك بسبب القوة القاهرة والحادث المفاجئ المرهق، فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يقضي بعدم استحقاق الفوائد غير أنه لم يلتزم بقرار اللجنة على الرغم من أنه قرار نهائي وصادر من جهة مختصة وحائز لحجية القرار الإداري المنفذ لأحكام القانون رقم 212 سنة 1960 وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت لجنة التعويض قد تطرقت إلى القول بعدم التزام الطاعن بسداد الفوائد التأخيرية لديونه عن الفترة من 17/ 7/ 1960 حتى تسلمه التعويضات، وكان هذا منها لا يعدو أن يكون استطراداً وتزيداً تجاوزت به اللجنة حدود اختصاصها الذي رسمته لها المادة التاسعة من القانون رقم 212 لسنة 1960 وهو تقدير التعويض عما يتم الاستيلاء عليه على أساس التكاليف الحقيقية وبمراعاة مدى الصلاحية وإمكانيات التوزيع وعلى ألا يتجاوز التعويض مقدار التكاليف شاملة نسبة من الربح حدها الأقصى 6%، فإن ما قررته اللجنة تزيداً في هذا الخصوص لا يكتسب حجية يصح التحدي بها في هذه الدعوى، ولا على محكمة الاستئناف إن هي لم تعرض له. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 30 ديسمبر 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 1363.
نقض 22 يونيه 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1339.

الطعن 58 لسنة 8 ق جلسة 2 / 11 / 1939 مج عمر المدنية ج 3 ق 1 ص 1

جلسة 2 نوفمبر سنة 1939

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك وأحمد مختار بك المستشارين.

-----------------

(1)
القضية رقم 58 سنة 8 القضائية

دعوى فرعية. 

خصم ثالث. تدخله. شرطه. وجود مصلحة من التدخل. مصلحة محققة أو محتملة. إبداء طلبات مرتبطة بطلبات الخصوم أو مستقلة عنها. صورة دعوى. قبطي من أم مسلمة. تركته. استصدار إشهاد من المجلس الملي بانحصار إرثه في أشقائه. توكيلهم شخصاً في قبض أمواله وأدائها إليهم. إدخال وزارة المالية في الدعوى باعتبارها مستحقة لماله شرعاً لكونه مرتدّاً. قبول دخولها خصماً ثالثاً. طلبها وقف الدعوى حتى يفصل في الدعوى الشرعية التي رفعتها بأنها صاحبة الحق في هذا المال. وقف الدعوى. صحيح. النزاع حول ميراث المتوفى وكونه مرتدّاً أو لا. من اختصاص القضاء الشرعي.
(المادة 295 مرافعات والمادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية)

-----------------
إن العبرة في تدخل غير المتداعيين في الخصومة المقامة بينهما أمام المحكمة هي، على حسب المادة 295 من قانون المرافعات، أن تكون هناك مصلحة من وراء هذا التدخل. وذلك يستوي فيه أن تكون المصلحة محققة أو محتملة، وأن يكون المقصود إبداء طلبات مرتبطة بطلبات الخصوم أو مستقلة عنها. وإذن فإذا توفى شخص عن نقود مودعة بمصرف وسندات مالية وبوليصة تأمين، ولم يعقب ذرّية، فاستصدر إخوته إعلاماً شرعياً من المجلس الملي المختص بالفصل في الأحوال الشخصية لطائفتهم بانحصار إرثه فيهم، ووكلوا عنهم محامياً في قبض ما خلفه المتوفى من مال ودفع حصة كل منهم إليه، فقبضه وأودعه في أحد المصارف، ثم صرف بعضه إليهم؛ وبعد ذلك قامت لدى المحامي أسباب حملته على الشك في صحة الوراثة فامتنع عن تسليم الباقي لموكليه، فرفعوا عليه دعوى بإلزامه بأن يسلمهم إياه، فكلف المصرف بإيداعه في خزانة المحكمة الأهلية؛ وفي أثناء نظر الدعوى بالتحضير أدخل المدّعى عليه وزارة المالية فيها بحجة أنها هي صاحبة الحق لأن المدّعين ليسوا ورثة المتوفى إذ اتضح أنه ولد من أم مسلمة فهو مسلم، وأنه لما كان قد عاش مسيحياً فإنه يعتبر مرتدّاً، وتكون تركته إذن من حق بيت المال، فطلب مندوب المالية وقف الفصل في الدعوى حتى يفصل في الدعوى الشرعية التي رفعتها الوزارة فعلاً باستحقاقها للتركة، فلا شك في أنه في هذه الصورة تكون للوزارة مصلحة تخوّل لها التدخل في الدعوى. والتدخل من جانبها ابتغاء الحيلولة دون تسليم التركة للمدّعين حتى ينتهي الفصل في النزاع الخاص بالوراثة لدى القضاء الشرعي لا يعتبر إقحاماً لنزاع أجنبي عن الدعوى، وإنما هو، لتعلقه بصفة المدّعين في الدعوى المرفوعة منهم وعدم استحقاقهم للتركة، مرتبط بها ارتباطاً لا انفصام له ولا محيص من الفصل فيه للتحقق من توافر أركان الدعوى. ولهذا يكون وقف الدعوى لما رأته المحكمة من أن إشهاد الوراثة غير كافٍ في إثبات النسب، ولأن النزاع في ميراث المتوفى وفي ردّته يجب أن يعرض على جهة القضاء الشرعي، إنما هو إعمال لحكم المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية التي تقضي بأن الاختصاص في مسائل الأحوال الشخصية لا يكون إلا للجهة المنوطة به قانوناً، وهذا يقتضي انتظار قضاء هذه الجهة لتسير المحكمة على مقتضاه.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه وغيره من أوراق الدعوى التي طرحت على محكمة الموضوع - في أن أمين فكري بك توفى في 29 من فبراير سنة 1928 ولم يعقب ذرّية، فاستخرج الطاعنون في 4 من إبريل سنة 1928 إعلاماً من مجلس ملي بني سويف بأنهم ورثته، ووكلوا المدّعى عليه الأوّل في الطعن (الأستاذ حزين سعد) بأن يسحب بناء على هذا الإعلام مبلغ 1100 جنيه قيمة بوليصة تأمين كان أمين فكري بك عقدها مع شركة جريشام لمصلحتهم، وكذا مبلغ 9366 جنيهاً و940 مليماً من بنك الكريدي ليونيه وسندين من سندات سكة حديد تركيا. وبتاريخ 11 من مايو سنة 1935 قدّم الإخوة الطاعنون طلباً لحضرة رئيس محكمة بني سويف الأهلية لتوقيع الحجز التحفظي على المبالغ والسندات المودعة باسم المدّعى عليه الأوّل في الطعن في بنك مصر بقدر ما يفي لسداد المبلغ آنف الذكر والسندين مع الفوائد، فصدر الأمر ونفذ في اليوم ذاته. وفي 16 من أكتوبر سنة 1935 أدخل المدّعى عليه الأوّل في الطعن المدعى عليهما الثانية والثالثة (الست زهية حنا مسيحة ووزارة المالية) خصمين في الدعوى بناء على أن الطاعنين ليسوا هم الورثة وحدهم، ولأن أمين فكري بك ولد من أم مسلمة. وفي 29 من فبراير سنة 1936 طلبت وزارة المالية قبولها خصماً ثالثاً في الدعوى، وطلبت أيضاً إيقاف الدعوى لحين الفصل من الجهة المختصة في أمر الوراثة. وفي 25 من مايو سنة 1936 قرّرت المحكمة قبول الوزارة خصماً في الدعوى، والانتقال إلى مطرانية بني سويف وبطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة للاطلاع على بعض الأوراق. وقد تم الانتقال وأعيدت القضية للمرافعة، فعدّل الطاعنون طلباتهم إلى مبلغ 7723 جنيهاً و184 مليماً، وأصر مندوب المالية على طلب الإيقاف حتى يفصل في الدعوى الشرعية التي كانت رفعت فعلاً من وزارة المالية بأنها صاحبة الحق في التركة لأن أمين فكري بك قد ولد من أم مسلمة واعتنق المسيحية فيما بعد فيعتبر مرتدّاً ويكون ما اكتسبه في حال ردّته من حق بيت المال. وفي 20 من يوليه سنة 1936 قضت محكمة بني سويف بوقف السير في الدعوى إلى أن يفصل نهائياً في الدعوى الشرعية المرفوعة من الخصم الثالث بشأن التركة لوجود نزاع في الوراثة.
استأنف الطاعنون هذا الحكم في 29 من يونيه و7 من يوليه سنة 1936 أمام محكمة استئناف مصر الأهلية، وقيدوا استئنافهم تحت رقم 877 سنة 54 قضائية وطلبوا الحكم بإلغاء الإيقاف وعدم قبول المدّعى عليهما الثانية والثالثة خصمين في الدعوى وإلزام المدّعى عليه الأوّل بالطلبات حسب التعديل. وفي 26 من إبريل سنة 1938 حكمت محكمة استئناف مصر بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب محاماة لكل من المستأنف عليه الأوّل والثالثة.
أعلن هذا الحكم للطاعنين في 17 مايو و4 يونيه سنة 1938 فطعن فيه وكيلهم بطريق النقض في 15 من يونيه سنة 1938 بتقرير أعلنه إلى المدّعى عليهم في 18 و20 و25 من ذلك الشهر، وأودع مذكرة بشرح الأسباب إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن محصل الوجه الأوّل والشطر الأوّل من الوجه الثالث من أوجه الطعن هو: (أوّلاً) أن الحكم المطعون فيه أخطأ في قبول وزارة المالية خصماً ثالثاً في الدعوى المرفوعة من الطاعنين لأن بيت المال الذي تمثله وزارة المالية ليس وارثاً، كما أن اختلاف بيت المال مع الورثة الشرعيين للمتوفى وهم الطاعنون ليس اختلافاً ممن له صفة الوراثة ينقل الاختصاص من المجلس الملي إلى المحاكم الشرعية. (ثانياً) لأن قبول الخصم الثالث يجب أن لا يترتب عليه خروج الخصومة عن نطاقها وتعطيل الفصل فيها، ويجب أن لا يثير الخصم بتدخله نزاعاً جديداً أجنبياً عن الخصومة الأصلية التي يتدخل فيها وإنما يقتصر دوره في النزاع على تأييد المدعي أو المدعى عليه. وفي الخصومة الحالية بعد قبول وزارة المالية خصماً ثالثاً فيها حصل أن ضرب صفح عن موضوع النزاع الأصلي وتحوّلت الدعوى من محاسبة موكل لوكيله إلى نزاع حول الميراث.
وحيث إنه عن الخطأ في قبول وزارة المالية خصماً ثالثاً فإن القاعدة القانونية في التدخل في خصومة قائمة الواردة في المادة 295 من قانون المرافعات هي أن لكل ذي مصلحة في النزاع المطروح أمام القضاء حق التدخل فيه، لا فرق في ذلك بين أن تكون المصلحة محققة أو محتملة وبين أن يكون الغرض من التدخل إبداء طلبات مستقلة عن طلبات الخصوم أو مرتبطة بها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ عرض لهذه المصلحة قال:
"إنه بفرض التسليم بأن بيت المال الذي حلت محله وزارة المالية ليس وارثاً بالمعنى القانوني فإنه يعتبر على الأقل مستحقاً لتركة المرحوم أمين فكري بك لأنها في نظره لا مستحق لها باعتبار أنه مات مرتداً. فبيت المال يتدخل بهذه الصفة في الدعوى الحالية، وله بناء على هذه المصلحة الظاهرة أن يتقدّم للمحكمة لتقبله خصماً ثالثاً فيها ليطالب بحقه المشار إليه". وفي هذا الذي قاله الحكم ما يبين بجلاء مصلحة الوزارة في التدخل في النزاع دفاعاً عن حق شرعي مستقل عن حقوق الخصوم ويسوغ قانوناً قبولها خصماً ثالثاً في الدعوى.
وحيث إنه ولو أن الوزارة طلبت إيقاف الدعوى إلا أنها ربطت هذا الطلب باستحقاقها للتركة دون سواها لأسباب شرعية جعلتها موضوع دعوى لدى القضاء الشرعي. وفي هذا ما يكفي لاعتبار تدخل الحكومة تدخلاً استقلالياً يجيزه القانون. أما مصيره أمام المحكمة الأهلية بعد ذلك فمعلق على ما تقضي به جهة القضاء الشرعي.
وحيث إن ما استند إليه الطاعنون من حكم سابق لمحكمة النقض قضى بأن بيت المال الذي حلت محله وزارة المالية وإن عدّ في المادة 584 من كتاب الأحوال الشخصية لقدري باشا مستحقاً للتركات التي لا مستحق لها إلا أنه ليس معتبراً في نظر علماء الشريعة الإسلامية وارثاً، ومن ثم لا يصلح خصماً في دعوى الوراثة (حكم 26 من مايو سنة 1932) - ما استند إليه الطاعنون من هذا القضاء لا يؤثر بحال ما على ما تذرّعت به الوزارة من مصلحة للتدخل في الدعوى الحالية ورأته محكمة الموضوع كافياً لقبولها خصماً ثالثاً فيها. لأن الوزارة في الحكم المستشهد به لم يكن لها من مطعن خاص في استحقاق الورثة للميراث بل كان النزاع دائراً حول كفاية الإعلام الشرعي وغيره من الأوراق أو عدم كفايتها لإثبات الوراثة. أما الأمر في الدعوى الحالية فهو طعن موجه للأساس ذاته الذي يستند إليه الطاعنون في المطالبة بالتركة وهو صفة الورثة وانحصار إرث المتوفى فيهم. فإذا صح هذا الطعن انهار هذا الأساس وفقد الطاعنون صفة الورثة وآلت التركة إلى غيرهم ممن يستحقها.
وحيث إنه عما ذكره الطاعنون بشأن ما يؤدّي إليه تدخل الخصم الثالث من توسيع نطاق الخصومة وتأخر الفصل فيها فإن الطاعنين كانوا يطالبون في دعواهم بإلزام وكيلهم المدّعى عليه الأوّل بأن يسلمهم باقي ما حصله من أموال تركة أمين فكري بك على اعتبار أنهم ورثته دون سواهم. فإذا ما قام لدى هذا الوكيل من الأسباب ما يحمله على الشك في صحة هذه الوراثة وانفراد الطاعنين بها وامتنع، خشية المسئولية الشخصية، عن التسليم، فعمد الطاعنون إلى المطالبة به قضاء، كان أوّل واجب على الطاعنين، وقد رفعوا أمرهم إلى القضاء، أن يقدّموا للمحكمة ما يثبت بطريقة قاطعة الأساس الذي يبنون عليه دعواهم. فإذا ما تقدّمت وزارة المالية في النزاع للحيلولة دون تسليم التركة للطاعنين حتى ينتهي الفصل في النزاع الخاص بالوراثة لدى القضاء الشرعي كان تدخلها هذا متعلقاً بصفة الطاعنين في دعواهم وعدم توافر الأساس الذي يخوّلهم حق الحصول على التركة ولم يكن قط إقحاماً لنزاع أجنبي عن الدعوى الأصلية بل هو مرتبط بها ارتباطاً لا انفصام له، والفصل فيه لا محيص عنه للتحقق من توافر أركان الدعوى.
وحيث إنه لا يمكن الاحتجاج بأن من شأن هذا التدخل تعطيل الفصل في الدعوى إذ هو خاص بصفة الطاعنين بأنهم وحدهم ورثة المتوفى تلك الصفة التي يتعين عليهم إثباتهم على أي حال لكي تقضي المحكمة لهم بطلباتهم على ما سبق بيانه. هذا فضلاً عن أن الثابت هو أن التدخل حصل في مبدأ النزاع وأثناء تحضير الدعوى.
وحيث إن الوجه الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه جاء مخالفاً لأحكام المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية التي تنص على أنه ليس للمحاكم المذكورة أن تنظر فيما يتعلق بالأحوال الشخصية ولا يجوز لها أيضاً أن تؤول الأحكام التي تصدر فيها من الجهة المختصة. ثم يقول الطاعنون إن الجهة المختصة بالفصل في صحة نسب المرحوم أمين فكري بك إلى والده كرلس إسحاق هي جهة الملة، والقضاء الصحيح فيها هو قضاء مجلس ملي بني سويف الذي تضمنه الإعلام الرقيم 4 من إبريل سنة 1928. وعلى هذا فقد كانت الدعوى التي عرضت على محكمة الموضوع بدرجتيها صالحة للحكم فيها ولم يكن هناك محل للإيقاف إذ ليس للقضاء الشرعي اختصاص الفصل في النزاع الذي طرحته عليه وزارة المالية. ذلك لأنه يجب التفرقة بين الميراث وتقسيمه، وهما من المسائل التي تختص بها المحاكم الشرعية إلا إذا اتفق الخصوم على الاحتكام فيها إلى قانون ملتهم، وبين الصفة التي يرث بها الشخص كانتسابه إلى المورّث بالبنوّة ونحوها. والصفة من المسائل التي يرجع فيها إلى قانون ملة المتوفى لاتصالها بالزوجية والبنوّة من زواج صحيح، وهذا مما يدخل في صميم الأحوال الشخصية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لما يتمسك به الطاعنون في هذا الوجه فقال "وحيث إنه بفرض التسليم بأن بيت المال الذي حلت محله وزارة المالية ليس وارثاً بالمعنى القانوني فإنه يعتبر على الأقل مستحقاً لتركة المرحوم أمين فكري بك لأنها في نظره لا مستحق لها باعتبار أنه مات مرتدّاً، فبيت المال يتدخل بهذه الصفة في الدعوى الحالية، وله بناءً على هذه المصلحة الظاهرة أن يتقدّم للمحكمة لتقبله خصماً ثالثاً فيها ليطالب بحقه المشار إليه. وإذن تكون محكمة أوّل درجة إذ قررت قبوله قد أصابت الصواب".
"وحيث إنه يتعين البحث فيما إذا كان قرار المجلس الملي ببني سويف الصادر في 4 إبريل سنة 1928 الذي يستند إليه المستأنفون كافياً لإثبات وارثة المستأنفين وحدهم للمرحوم أمين فكري بك مع وجود النزاع بشأن أحقية هؤلاء الأشخاص لتركته برفع الدعويين الشرعيتين المشار إليهما فعلاً من وزارة المالية وهانم أحمد رمضان اللتين لم يفصل فيهما بعد. وهذا البحث يجب مناقشته بلا دخل لرأي الأستاذ حزين سعد المستأنف عليه الأوّل وتصرفاته وإجراءاته في أوّل الأمر أو علاقته السابقة بالمستأنفين بصفته وكيلاً عنهم إذ أن كل ذلك لا قيمة له ولا يؤثر على الطريق القانوني الواجب اتباعه والجهة المختصة بالفصل في هذا النزاع".
"وحيث إن المحكمة ترى أن القرار السابق الذكر ليس ملزماً ولا كافياً لإثبات النسب والوراثة لاختلاف ملة الخصوم المتنازعين بما فيهم هانم أحمد رمضان المشار إليها. خصوصاً وأنه لم يكن إلا إعلاماً إدارياً، وأن المنازعين للمستأنفين كانوا بعيدين عن الإجراءات التي اتخذت عند إصداره، ولم يعلموا بها ولم يتدخلوا فيها حتى يمكن أن يقال إنه كان من الواجب عليهم أو في وسعهم التقدّم بهذا النزاع للمجلس المشار إليه ليفصل فيه أو ليتخلى عنه إن كان خارجاً عن اختصاصه. فلذلك ولأنه غير مسلم من الخصوم بأن المورّث مات مسيحياً قبطياً أرثوذكسياً، كما يقول المستأنفون، لما تبين لهؤلاء الخصوم من المكاتبات المدوّنة بمحضر انتقال محكمة أوّل درجة لبطريركية الأقباط الأرثوذكس بمصر نتيجة اطلاعها على الدفاتر الثابت بها تلك المكاتبات المتبادلة بين البطركخانة ومطرانية بني سويف، ولما هو ظاهر لهم من باقي المستندات المقدمة من أن من يدعي فرعون المشار إليه في هذه المكاتبات هو نفسه أمين فكري المورّث، يكون لا قيمة قانوناً لقرار المجلس الملي الصادر بتاريخ 4 إبريل سنة 1928 في إثبات النسب والوراثة بالنسبة لمن لم يكونوا طرفاً فيه".
"وحيث إنه لا محل للاستناد على المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية التي يريد المستأنفون أن يؤيدوا بها نظريتهم المبينة بصحيفة الاستئناف وبمذكراتهم من أن المحاكم الشرعية غير مختصة بالفصل في هذا النزاع، وأن المختص هي المجالس الملية القبطية الأرثوذكسية وحدها. لأنه وإن كانت دعوى إثبات النسب هي من دعاوى الأحوال الشخصية الخاصة فتدخل في اختصاص المجالس الملية للطوائف ولو ارتبطت بدعوى الإرث لأنه لا بدّ أن يتناول الأمر مسألة النسب الذي هو أساسها، إلا أن هذا الحكم مقيد باتحاد ملة الخصوم. أما إذا اختلفت هذه الملة - كما في النزاع الحالي - فإن المحاكم الشرعية، لعدم اختصاص أي طائفة بالحكم بين المتنازعين، هي المختصة دون غيرها بالفصل في ذلك لأنها هي محاكم الأحوال الشخصية العامة في مصر. وإذن فالطريق القانوني الواجب اتباعه هو الحصول على حكم شرعي في هذا الشأن".
وحيث إنه ظاهر جلياً من هذا الذي ردّ به الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعنين، ذلك الدفاع الذي اشتمل عليه وجه الطعن، أن محكمة الموضوع رأت أن إشهاد الوراثة الذي يستند إليه الطاعنون في دعواهم غير كافٍ لإثبات النسب؛ وأن النزاع الدائر حول حقهم في ميراث أمين فكري بك وكونه مرتدّاً أم لا يجب عرضه على جهة القضاء الشرعي المختصة وحدها بالفصل فيه. وهذه المحكمة تقرّ محكمة الموضوع على ما رأته في ذلك وأسسته على اعتبارات تبرره. وليس في هذا شيء مخالف للمادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية بل إن ما جاء بالحكم إنما هو تطبيق لأحكام تلك المادة من ترك الاختصاص في مسائل الأحوال الشخصية للجهة المنوطة به قانوناً وانتظار ما ستقضي به للسير على مقتضاه في النزاع المطروح.
وحيث إن مبنى الشطر الثاني من الوجه الثالث هو أن محكمة الموضوع استندت ضمن ما استندت إليه في الإيقاف إلى النزاع الذي رفعته هانم أحمد رمضان أمام المحكمة الشرعية لإثبات أحقيتها لتركة أمين فكري بك في حين أن هانم هذه لم تكن طرفاً في الخصومة الحالية حتى يمكن أن يتقرّر الإيقاف محافظة على مصلحتها. ويقول الطاعنون إن في هذا خطأ يعيب الحكم.
وحيث إنه بصرف النظر عما جاء بالحكم خاصاً بالدعوى الشرعية المرفوعة من هانم أحمد رمضان للمطالبة بتركة أمين فكري بك فإن في الحكم من الأسباب الأخرى ما يكفي لتبرير ما قضت به المحكمة من إيقاف الدعوى حتى يفصل في الدعوى الشرعية المرفوعة من وزارة المالية. ولذا فلا تأثير للخطأ الذي يشكو منه الطاعنون في وجه الطعن بفرض وجوده فعلاً في الحكم المطعون فيه.

الطعن 171 لسنة 30 ق جلسة 24 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 177 ص 1132

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

----------------

(177)
الطعن رقم 171 لسنة 30 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "الضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية". "تحديد رقم رأس المال المستثمر".
الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية. توزيع للربح لا تكليف عليه. شركة مساهمة. تخصيص مبلغ في الميزانية للوفاء بالضريبة. اعتباره ديناً في ذمتها من تاريخ التخصيص. عدم دخوله ضمن عناصر رأس المال الحقيقي المستثمر.

-------------
الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية هي توزيع للربح لا تكليف عليه وما تقتطعه شركات المساهمة من هذه الضريبة وتخصصه في ميزانيتها - من بعد مراجعة حساب الأرباح والخسائر - للوفاء بالتزام الضريبة يعتبر من تاريخ هذا التخصيص ديناً في ذمتها للخزانة العامة، ومن ثم فإن مخصصات الضريبة في الميزانية لا تدخل في نطاق رأس المال الحقيقي المستثمر ولا تعتبر من العناصر الجائز ضمها إليه وفقاً للفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 60 لسنة 1941 لفرض ضريبة على الأرباح الاستثنائية وينبني على ذلك أنه متى كان النزاع في الدعوى يدور حول ما خصصته الشركة في ميزانيتها للوفاء بدين الضريبة على أرباحها التجارية والصناعية في سنة 48/ 1949 بعد رده إلى سنة كاملة وطلبت إضافته إلى رأس مالها الحقيقي المستثمر في أول سنة 49/ 1950 على أساس أنه كان مستثمراً من أول مارس سنة 1949 (وهو اليوم التالي لتاريخ قفل الميزانية) إلى 24/ 9/ 1949 (وهو تاريخ دفعه) وجرى الحكم المطعون فيه على اعتباره جزءاً من رأس مال الشركة المستثمر في الفترة من أول مارس سنة 1949 إلى تاريخ دفع الضريبة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مصلحة الضرائب أقامت الدعوى رقم 638 سنة 1956 تجاري كلي الإسكندرية ضد شركة روبرت هيوز بطلب تعديل قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 29/ 9/ 1956 فيما قضى به من تحديد رأس مالها الحقيقي المستثمر في سنة 1949/ 1950 بمبلغ 70341 ج و225 م واعتباره 65605 ج و820 م مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالت شرحاً لدعواها إن مأمورية الضرائب المختصة حددت رأس مال الشركة الحقيقي المستثمر في سنة النزاع بمبلغ 65605 ج و820 م ورأت لجنة الطعن أن تضم إليه قيمة الضرائب التي سددتها الشركة بتاريخ 24/ 9/ 1949 عن سنة 48/ 1949 ومقدارها 8356 ج 600 م بعد ردها إلى سنة كاملة وتحديدها بمبلغ 4735 ج و405 م وذلك على أساس أن الشركة استثمرت هذا المبلغ في المدة من أول مارس سنة 1949 (وهو اليوم التالي لتاريخ قفل الميزانية) إلى 24/ 9/ 1949 (وهو تاريخ دفعه). وبتاريخ 27/ 11/ 1958 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما قضى به من تحديد رأس مال الشركة في سنة 49/ 1950 بمبلغ 70341 ج و225 م واعتبار رأس المال الحقيقي المستثمر في السنة المذكورة مبلغ 65605 ج و820 م مؤسسة قضاءها هذا على أن دين الضريبة ينشأ من اليوم التالي لانقضاء الأجل المحدد لتقديم الإقرار ومن هذا التاريخ تخرج قيمة الضريبة من رأس المال الحقيقي لتصبح ديناً في ذمة الشركة ولا عبرة بتاريخ الوفاء الفعلي به. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف إسكندرية طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 206 سنة 15 قضائية. وبتاريخ 29/ 2/ 1960 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتأييد قرار لجنة الطعن وتحديد رأس مال الشركة الحقيقي المستثمر في سنة 49/ 1950 بمبلغ 70341 ج و225 م مع إلزام مصلحة الضرائب المصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وأقامت قضاءها هذا على أن قيمة الضريبة المستحقة على الشركة في سنة 49/ 1950 لا تعتبر ديناً فعلياً على المنشأة إلا من تاريخ ربط الضريبة لا من تاريخ انتهاء السنة المالية، وبذلك يكون قرار لجنة الطعن - فيما قضى به من اعتبار مبلغ 4735 ج و305 م جزء من رأس مال الشركة المستثمر في الفترة من أول مارس سنة 1949 (وهو اليوم التالي لقفل ميزانيتها في سنة 48/ 1949) إلى 24/ 9/ 1949 (وهو الميعاد القانوني لدفع الضريبة) في محله. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الذي ضمنته تقرير الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث طلبت الطاعنة نقض الحكم المطعون فيه، ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً، وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أضاف دين الضريبة المستحق على الشركة في سنة 48/ 1949 إلى رأس مالها الحقيقي المستثمر في أول سنة 49/ 1950 استناداً إلى أن تاريخ استحقاقه لا يبدأ إلا بعد انقضاء المهلة الممنوحة للممول لتقديم إقراره وإجراء الربط عليه وهذا منه خطأ ومخالفة للقانون إذ أن الواقعة المنشئة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية هي تحقق الربح في نهاية السنة الضريبية للمنشأة طبقاً للمادتين 30 و38 من القانون رقم 14 لسنة 1939 ودين الضريبة ينشأ بمجرد توفر الواقعة المنشئة له ويستحيل أن يكون مبلغ الضريبة ديناً في ذمتها وجزءاً من رأس مالها الحقيقي المستثمر ولا يغير من طبيعة هذا الدين وجوب تصديق الجمعية العمومية على الميزانية أو تقديم الإقرار في ميعاد معين بعد انتهاء السنة المالية أو قبض الأرباح فعلاً وتوزيعها أو ميعاد سداده وطريقة تحصيله.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية هي توزيع للربح لا تكليف عليه وما تقتطعه شركات المساهمة من هذه الضريبة وتخصصه في ميزانيتها - من بعد مراجعة حساب الأرباح والخسائر - للوفاء بالتزام الضريبة يعتبر ديناً في ذمتها للخزانة العامة من تاريخ هذا التخصيص، ومن ثم فإن مخصصات الضريبة في الميزانية لا تدخل في نطاق رأس المال الحقيقي المستثمر ولا تعتبر من عناصره الجائز ضمها إليه وفقاً للفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 60 لسنة 1941 بفرض ضريبة على الأرباح الاستثنائية - وإذ كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى يدور حول مبلغ 8356 ج و600 م خصصته الشركة في ميزانيتها للوفاء بدين الضريبة على أرباحها التجارية والصناعية في سنة 48/ 1949 بعد رده إلى سنة كاملة وتحديده بمبلغ 4735 ج و305 م طلبت إضافته إلى رأس مالها الحقيقي المستثمر في أول سنة 49/ 1950 على أساس أنه - المبلغ المخصص - كان مستثمراً من أول مارس سنة 1949 (وهو اليوم التالي لتاريخ قفل الميزانية) إلى 24/ 9/ 1949 (وهو تاريخ دفعه) وجرى الحكم المطعون فيه على اعتباره "جزءاً من رأس مال الشركة المستثمر في الفترة من أول مارس سنة 1949 (وهو اليوم التالي لتاريخ قفل ميزانيتها في سنة 48/ 1949) حتى يوم 24/ 9/ 1949 (وهو الميعاد القانوني لدفع الضريبة)" - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

الطعن 87 لسنة 31 ق جلسة 23 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 176 ص 1126

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

------------------

(176)
الطعن رقم 87 لسنة 31 القضائية

(أ) عقد "عقود إدارية". "ماهيتها". أشخاص اعتبارية. "أشخاص القانون العام". قانون.
عقد توريد سلعة لازمة لتسيير مرفق عام. احتواؤه على شروط غير مألوفة في القانون الخاص. اعتباره عقداً إدارياً تحكمه أصول القانون العام دون أحكام القانون المدني.
(ب) عقد "عقود إدارية". شرط جزائي.
اختلاف طبيعة التأمين في العقد الإداري عن الشرط الجزائي في العقود المدنية. جواز الاتفاق على حق جهة الإدارة في مصادرة التأمين حال إخلال المتعاقد معها بالتزامه. حقها في المصادرة من تلقاء نفسها ودون توقف على ثبوت وقوع ضرر لها من جراء ذلك الإخلال.

----------------
1 - متى كان العقد قد أبرم بين المطعون عليه ووزارة الدفاع - وهي من أشخاص القانون العام - بشأن توريد سلعة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوى على شروط غير مألوفة في القانون الخاص فإنه يعتبر عقداً إدارياً تحكمه أصول القانون العام دون أحكام القانون المدني.
2 - التأمين - في العقد الإداري - يختلف في طبيعته عن الشرط الجزائي الذي ينص عليه في العقود المدنية، إذ التأمين مقصود به ضمان وفاء المتعهد بالتزامه طبقاً للعقد وفي المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام واطراد وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يحق للإدارة مصادرته من تلقاء نفسها ولا يتوقف استحقاق جهة الإدارة على إثبات وقوع ضرر لها من جراء إخلال المتعاقد بالتزامه كما لا تجوز المنازعة في استحقاقه له أو لجزء منه بحجة انتفاء الضرر فإذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار المطعون عليه مخالفاً شروط العقد الإداري المبرم بينه وبين وزارة الدفاع بتأخيره في توريد الأحذية المتفق عليها في الميعاد وكان العقد صريحاً في إقامة الحق للوزارة الطاعنة في مصادرة التأمين حال وقوع هذه المخالفة فإن الحكم إذ لم يقم الحق للطاعنة في مصادرة التأمين وقضى للمطعون عليه بقيمته تأسيساً على انتفاء الضرر يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون عليهم المرحوم كامل محمد - أقام الدعوى رقم 4620 سنة 1954 كلي القاهرة ضد وزارة الحربية يطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 9071 ج و750 م وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 20/ 5/ 1952 رست عليه مناقصة توريد 40302 زوجاً من الأحذية مقابل 31179 ج و520 م دفع منه عند تقديم عطائه مبلغ 629 ج و245 م من التأمين وفي 11 يونيه سنة 1952 أخطرته الطاعنة بقبول عطائه وطلبت منه أن يسدد في ظرف عشرة أيام مبلغ 2488 ج و707 م تكملة التأمين، وإذ كان له في ذمة الطاعنة مبلغ خمسة عشر ألف جنيه باقية من صفقات سابقة فقد سعى للتوصل لخصم باقي التأمين من هذا المبلغ واستمرت المراسلات بينهما في هذا الشأن ولكنها انتهت برفض الطاعنة لهذا الطلب. وفي 9/ 10/ 1952 أنذرته الطاعنة بوجوب تنفيذ التزامه في ظرف أسبوع على اعتبار أن أجل التوريد ينتهي في 11/ 10/ 1952، فورد لها 11850 زوجاً من الأحذية في أيام 14 و18 و20 و26 أكتوبر سنة 1952 واستمر في التوريد إلى أن جاوز نصف الكمية المطلوبة، إلا أن الطاعنة تأخرت في دفع قيمة ما ورد لها استناداً إلى أنها غيرت من طريقة التسليم بأن اشترطت (التحليل) ولم تكتف بالتسليم بالمناظرة وقد ترتب على ذلك تكدس الأحذية بمخازن المطعون عليه - الذي ما كان يستطيع تسليمها لمخازن الطاعنة لعدم توافر شروط الحفظ والتهوية بها وبلغ عدد المهيأ منها للتسليم 8188 زوجاً من الأحذية ثمنها 7621 ج و920 م وأضاف المطعون ضده أنه فوجئ بخطاب من الطاعنة مؤرخ 11/ 2/ 1953 ضمنته طلب إيقاف التوريد للتغيير في المواصفات، وفي 27/ 4/ 1954 أخطرته بفسخ العقد بالنسبة إلى 12800 زوج أحذية بيادة و4410 قماش أبيض و176 قماش بني و748 جلد أسود ومصادرة التأمين النسبي عنها لتقصيره بعدم التوريد في الميعاد وبخطاب في 17 يوليه سنة 1954 حددت الطاعنة التأمين الذي صادرته بمبلغ 1449 ج و830 م، وأنه لما كان التأخير في التسليم مرده امتناع الطاعنة عن خصم باقي التأمين مما كان مستحقاً له قبلها من صفقة سابقة وتغيير الطاعنة للمواصفات المتفق عليها - وهو ما لا يسأل عنه - فإنه يكون مستحقاً لباقي مبلغ التأمين الذي صادرته الطاعنة وقدره 1149 ج و830 م فضلاً عن مبلغ 7621 ج و920 م قيمة الأحذية التي طلبت الطاعنة وقف توريدها بعد إتمام صنعها، ومجموع المبلغين هو المطالب به بهذه الدعوى، دفعت الطاعنة بأن المطعون ضده هو الذي قصر في التوريد وأنه من حقها مصادرة التأمين طبقاً لشروط العقد، وبتاريخ 23/ 2/ 1953 حكمت المحكمة بندب خبير لتحقيق مدى تأخر المطعون عليه في التوريد وسببه وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 16/ 1/ 1960 بإلزام الطاعنة أن تدفع للمطعون عليه مبلغ 1449 ج و830 م وهو ما يمثل قيمة التأمين الذي كانت الطاعنة قد صادرته ورفضت ما عدا ذلك - استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 424 سنة 77 ق القاهرة طالبة إلغاءه، وبتاريخ 12/ 1/ 1961 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 11/ 2/ 1961 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون، وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره عدلت النيابة عن رأيها السابق وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه، خطأه في تطبيق القانون ذلك أنه استند في إلزامها برد ما صادرته من التأمين إلى أنه لم يلحقها ضرر من عدم توريد الأحذية - في حين أن مجرد عدم قيام المتعهد بالتزامه نحو مرفق الدفاع الوطني وهو من أهم المرافق العامة القومية يؤدي حتماً وعلى وجه اللزوم إلى الإضرار بحسن سير المرفق بانتظام واطراد مما يوجب الحكم بمصادرة التأمين وقد تضمنت أحكام البند 53 من لائحة المخازن والمشتريات والفقرتين 2 و3 من البند الحادي عشر من شروط المناقصة التي تحكم واقعة النزاع باعتبارها الأحكام الواجبة التطبيق دون أحكام القانون المدني ما يخول جهة الإدارة إلغاء العقد إذا عجز المتعهد عن توريد أكثر من رسالة في الميعاد المتفق عليه ويكون الإلغاء بكتاب موصى عليه دون حاجة إلى إخطار أو تنبيه أو إنذار أو حكم يصدر بذلك من القضاء وبمجرد إلغاء العقد يصادر التأمين المودع من المتعهد.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من أسباب الحكم الابتدائي التي أحال إليها الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الوزارة الطاعنة برد ما صادرته من تأمين على قوله "وحيث إنه في خصوص استرداد الجزء المصادر من التأمين فإن البادي من شروط التعاقد أن الطرفين اتفقا على أن تقصير المدعي في التوريد كله أو بعضه يستتبع إلغاء العقد ومصادرة التأمين وهذا الذي تراضى عليه الطرفان بخصوص التأمين هو من قبيل الاتفاق على الشرط الجزائي الذي يحدد به مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه أو قصر في التنفيذ، ومن المعلوم في هذا المقام أن القانون المدني يشترط لاستحقاق الشرط الجزائي وقوع الضرر إذ نص في الفقرة الأولى من المادة 244 أن التعويض الاتفاقي لا يكون مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه ضرر أي أنه افترض وقوع الضرر وألقى على عاتق المدين عبء إثبات أن الدائن لم يلحقه ضرر ولما كان المستفاد من كتاب سلاح الأسلحة والمهمات المؤرخ 30/ 1/ 1954 أن إلغاء العقد لم يترتب عليه أي ضرر للسلاح إذ الأحذية المتعاقد عليها قد ألغي استعمالها في الجيش فإن المدعى عليها - وهي الدائنة - تكون قد رفعت عن كاهل المدعي عبء الإثبات المنوط به قانوناً ومتى كان الضرر قد ثبت انتفاؤه على ما سبق بيانه فلا محل للتعويض الممثل في مصادرة جزء التأمين المشار إليه لأن التعويض خطأ وضرر وعلاقة تربط بينهما برباط السببية" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أنه يبين من العقد أساس الدعوى أنه مبرم بين وزارة الدفاع وبين المطعون عليه وقد تعهد الأخير بمقتضاه أن يورد عدداً من الأحذية والنعال المبينة به في بحر أربعة شهور تنتهي في 11/ 10/ 1952، وتم التعاقد بينه وبين الوزارة عن طريق مناقصة رست عليه احتوت ضمن ما احتوته من شروط على حق الوزارة في إلغاء العقد ( أ ) إذا ارتكب المتعهد أو من ينوب عنه أي شيء من قبيل الرشوة أو السلب أو أي محاولة من هذا القبيل لدى أي موظف أو عامل. (ب) إذا أشهر المتعهد إفلاسه. (جـ) إذا طبق حق الرفض في أكثر من رسالة واحدة أو إذا عجز المتعهد عن توريد أكثر من رسالة في المدة المحددة وأن الإلغاء يكون بموجب كتاب موصى عليه من الوزارة بدون حاجة إلى إخطار أو تنبيه أو إنذار أو التجاء إلى القضاء وأنه بمجرد إلغاء العقد لأي سبب من الأسباب يصادر التأمين وذلك بدون إخلال بحق الوزارة في استرداد أي تعويض نظير الأضرار التي تحدث من عجز المتعهد في تنفيذ العقد، ولما كان هذا العقد قد أبرم بين المطعون عليه ووزارة الدفاع - وهي من أشخاص القانون العام - بشأن توريد سلعة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوى على النحو المتقدم ذكره على شروط غير مألوفة في القانون الخاص فإنه يعتبر عقداً إدارياً تحكمه أصول القانون العام دون أحكام القانون المدني، لما كان ذلك، وكانت هذه الأصول تقضي بأن التأمين يختلف في طبيعته عن الشرط الجزائي الذي ينص عليه في العقود المدنية، إذ التأمين مقصود به ضمان وفاء المتعهد بالتزامه طبقاً للعقد وفي المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام واطراد، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يحق للإدارة مصادرته من تلقاء نفسها ولا يتوقف استحقاق جهة الإدارة له على إثبات وقوع ضرر لها من جراء إخلال المتعاقد بالتزامه، كما لا تجوز المنازعة في استحقاقها له أو لجزء منه بحجة انتفاء الضرر، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار المطعون عليه قد خالف شروط التعاقد بتأخيره في توريد الأحذية المتفق عليها في الميعاد وكان العقد صريحاً في إقامة الحق للطاعنة في مصادرة التأمين في حالة وقوع هذه المخالفة - وهي التأخير في التوريد - وإذا لم يقم الحكم المطعون فيه الحق للطاعنة في مصادرة التأمين وقضى للمطعون عليه بقيمته تأسيساً على انتفاء الضرر، فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي وبرفض دعوى المطعون عليه فيما يتعلق بالمبلغ المحكوم به.


(1) راجع نقض 30/ 4/ 1964 بمجموعة المكتب الفني س 15 ص 619 ونقض 21/ 11/ 1963 بمجموعة المكتب الفني ص 14 ص 1081.

الطعن 132 لسنة 31 ق جلسة 18 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 175 ص 1119

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

---------------

(175)
الطعن رقم 132 لسنة 31 القضائية

(أ) إجارة. "منازعات قانون إيجار الأماكن". حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام الجائز الطعن فيها".
المنازعات الإيجارية التي لا يجوز الطعن في الحكم الذي يصدر فيها طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 هي التي يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي. تناول المحكمة الابتدائية في حكمها بالإخلاء الفصل في منازعات تخرج عن نطاق هذا القانون وطبقت فيها أحكام القانون المدني: من ذلك الفصل فيمن له الصفة في المطالبة بالأجرة وحق المستأجر في حبسها. حكمها في ذلك يخضع للقواعد العامة من حيث جواز الطعن ولو عدت تلك المنازعات من المسائل الأولية التي يتوقف على الفصل فيها تطبيق القانون 121 لسنة 1947 أو عدم تطبيقه.
(ب) دفوع. "الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة".
الدفع بعدم قبول دعوى الإخلاء لرفعها من غير ذي صفة المؤسس على إنكار وجود العلاقة الإيجارية هو في حقيقته دفاع في موضوع الدعوى وارد على أصل الحق المطالب به.

---------------
1 - المقصود بالمنازعات التي تشير إليها المادة 15 من القانون 121 لسنة 1947 والتي يكون الحكم فيها غير قابل لأي طعن إنما هي المنازعات الإيجارية التي يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي. فإذا كانت الدعوى قد أقيمت بطلب إخلاء العين المؤجرة لعدم الوفاء بالأجرة وذلك استناداً إلى القانون 121 لسنة 1947 فدفع المستأجر الدعوى أمام المحكمة الابتدائية بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة على أساس أنه لا توجد علاقة إيجارية بينه وبين المدعي طالب الإخلاء وأن الأخير إنما هو مجرد دائن متنازل له عن الأجرة فقط وتنازل بدوره عنها إلى البنك مما يجعل الأخير صاحب الصفة في المطالبة بالأجرة كما تمسك المستأجر بأن له طبقاً لأحكام القانون المدني حق حبس الأجرة حتى تستوفى المبالغ التي أنفقها في إصلاح العين المؤجرة وانتهت المحكمة في قضائها بالإخلاء إلى أن التنازل الصادر لطالب الإخلاء غير مقصور على التنازل عن الأجرة بل هو تنازل عن الإيجار كله وأن التنازل الصادر إلى البنك كان مقصوراً على الأجرة وأن البنك في قبضه الأجرة من المدعى عليه يعتبر مجرد وكيل مفوض في ذلك لا تنتقل إليه حقوق أخرى يرتبها عقد الإيجار كما ردت المحكمة على دفاع المدعى عليه المتضمن حقه في الحبس طبقاً لأحكام القانون المدني ونفت أحقيته في إجراء الإصلاحات التي ادعى بإجرائها في العين المؤجرة فإن المحكمة الابتدائية تكون قد تناولت في حكمها القاضي بالإخلاء الفصل في منازعات تخرج عن نطاق القانون رقم 121 لسنة 1947 وطبقت فيها أحكام القانون المدني ومن ثم يخضع حكمها في هذا الخصوص للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 15 سالفة الذكر لأن تلك المنازعات وإن كانت تعتبر مسألة أولية يتوقف على الفصل فيها تطبيق ذلك القانون أو عدم تطبيقه إلا أنها لا تعتبر منازعة ناشئة عن تطبيق أحكام ذلك القانون بالمعنى الذي تتطلبه المادة الخامسة عشرة منه.
2 - الدفع بعدم قبول دعوى الإخلاء لرفعها من غير ذي صفة متى أقيم على إنكار وجود العلاقة الإيجارية يعتبر في حقيقته دفاعاً في موضوع الدعوى وارداً على أصل الحق المطالب به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 138 سنة 1960 كلي إيجارات القاهرة ضد الشركة الطاعنة طالباً الحكم بإلزامها بإخلاء دار سينما بيجال وقال في بيان دعواه إنه استأجر مبنى مسرح ماجستك "دار سينما بيجال حالياً" من مالكيه وأجره من باطنه إلى المطعون ضده الثاني الذي أجره بدوره للشركة الطاعنة ثم تنازل له المطعون ضده المذكور عن هذه الإجارة فقامت العلاقة الإيجارية بينه وبين الشركة الطاعنة بمقتضى ذلك التنازل وأن الشركة الطاعنة تأخرت في الوفاء بأجرة قدرها 1274 ج و54 م فنبه عليها بسدادها في 26/ 11/ 1959 و2/ 12/ 1959 بخطابين مسجلين مصحوبين بعلم وصول ولما لم تقم بالوفاء رفع عليها الدعوى بطلباته السابقة استناداً إلى أحكام القانون 121 سنة 1947 وأدخل فيها المطعون ضده الثاني ليكون الحكم بإلزام الطاعنة بالإخلاء في مواجهته وطلب احتياطياً الحكم بإخلاء المطعون ضده المذكور والشركة الطاعنة للعين المؤجرة. وقد أدخلت الشركة الطاعنة المطعون ضده الثالث باعتباره متنازلاً له من المطعون ضده الأول عن الأجرة ودفعت بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أنه لا علاقة إيجارية بينها وبين المطعون ضده الأول تخوله حق طلب الإخلاء إذ أنه مجرد دائن للمطعون ضده الثاني الذي تنازل له عن الأجرة لا عن عقد الإيجار كما أنه أي المطعون ضده الأول. قد تنازل بدوره عن حقه في الأجرة إلى المطعون ضده الثالث بما يجعل الأخير صاحب الصفة الوحيدة في مطالبتها بهذه الأجرة - وفي 16/ 10/ 1960 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها وبإخلاء الطاعنة للعين المؤجرة - واستأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئنافات رقم 1510 و1565 و1615 سنة 77 قضائية وطلبت في أولها وقف تنفيذ الحكم حتى يفصل في الموضوع ورفعت الاستئنافين الآخرين عن الموضوع أولهما بتكليف بالحضور والآخر بعريضة وطلبت فيهما إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وقالت في أسباب الاستئناف إن الحكم الابتدائي فصل في مسائل تخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 مما يجعله قابلاً للاستئناف وفي 20/ 1/ 1961 قضت محكمة استئناف القاهرة بعدم جواز الاستئنافات الثلاثة وألزمت الطاعنة بالمصروفات. وفي أول مارس سنة 1961 قررت الشركة الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 9/ 5/ 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت أمام المحكمة الابتدائية بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لانتفاء العلاقة الإيجارية بينها وبين المطعون ضده الأول واستندت في ذلك إلى أن عقد الإيجار مبرم بينها وبين المطعون ضده الثاني وأن الأخير حين تنازل للمطعون ضده الأول كان تنازله مقصوراً على الأجرة ولم يتنازل له عن عقد الإيجار وأن المطعون ضده الأول قد تنازل بدوره عن الأجرة إلى البنك المطعون ضده الثالث - كما دفعت بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم 373 سنة 1952 كلي القاهرة وتمسكت بحقها في حبس الأجرة حتى تستوفى ما أنفقته من مصاريف على صيانة العين المؤجرة وأن المحكمة الابتدائية فصلت في هذه المسائل كلها وانتهت إلى رفض الدفوع والقضاء بإلزام الشركة الطاعنة بالإخلاء وقد استأنفت الطاعنة هذا الحكم على أساس أنه وقد فصل في تلك المسائل الخارجة عن نطاق تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 فإنه يكون قابلاً للاستئناف طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 15 من ذلك القانون لكن محكمة الاستئناف قضت بعدم جواز الاستئناف مؤسسة قضاءها بذلك على أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة والدفع بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها هما دفعان شكليان يسري عليهما ما يسري على الأصل من حيث جواز الطعن وعدمه وأنه إذ كان الأصل غير قابل للطعن فيكون الفرع غير قابل للطعن كذلك وأن البحث فيما تمسكت به الطاعنة من قيام حقها في حبس الأجرة هو بحث في طلبات ثانوية أبديت في نزاع تختص المحكمة بالفصل فيه انتهائياً - وترى الطاعنة أن هذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه بعدم جواز الاستئناف خطأ في القانون ذلك أن الدفع الذي أبدته بعدم قبول الدعوى وهو يقوم على إنكار العلاقة الإيجارية بينها وبين المطعون ضده الأول طالب الإخلاء ليس دفعاً شكلياً بل هو دفع موضوعي كذلك الحال بالنسبة للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، وإذا كان القانون يجيز لدائرة الإيجارات الفصل في مثل هذه الدفوع فإنها تفصل فيها بوصفها محكمة عادية لا محكمة استثنائية وبالتالي يخضع فصلها في ذلك للقواعد العامة من حيث جواز الطعن وعدمه وأنه لما كان فصل المحكمة الابتدائية في الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وفصلها فيما تمسكت به الطاعنة من قيام حقها في حبس الأجرة قد اقتضى تطبيق أحكام القانون المدني فإن الحكم الابتدائي يكون قابلاً للاستئناف وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف. فإنه يكون مخالفاً للقانون - وتضيف الطاعنة أن الحكم المطعون فيه إذ تعرض في أسبابه لموضوع الاستئناف وقرر أن الحكم الابتدائي محمول على أسباب سائغة وذلك على الرغم من تقريره بأن الاستئناف غير جائز قد شابه التناقض لأنه متى كان الاستئناف غير جائز فإنه يمتنع على محكمة الاستئناف أن تنظر في موضوعه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أن المطعون ضده الأول وإن كان قد أقام دعواه بطلب الإخلاء استناداً للقانون رقم 121 سنة 1947 إلا أن الشركة الطاعنة دفعت أمام المحكمة الابتدائية بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على أساس أنه لا توجد علاقة إيجارية بينها وبين المطعون ضده الأول طالب الإخلاء وأن الأخير هو مجرد دائن متنازل له عن الأجرة فقط وقد تنازل بدوره عنها للبنك المطعون عليه الثالث بما يجعل هذا البنك صاحب الشأن في المطالبة بالأجرة وأنه لذلك لا يكون للمطعون ضده الأول صفة في طلب الإخلاء كما تمسكت الطاعنة بأن لها طبقاً لأحكام القانون المدني حق حبس الأجرة حتى تستوفى المبالغ التي أنفقتها في إصلاح العين المؤجرة وقد بحثت المحكمة الابتدائية التنازل الصادر من المطعون ضده الثاني إلى الأول والتنازل الصادر من الأخير إلى البنك المطعون ضده الثالث وانتهت إلى أن التنازل الأول غير مقصور على التنازل عن الأجرة بل هو تنازل عن الإيجار كله وأن التنازل الصادر إلى البنك كان مقصوراً على الأجرة وحدها وأن هذا البنك يعتبر في قبضه الأجرة من الطاعنة مجرد وكيل مفوض في هذا العمل ولم تنتقل إليه حقوق أخرى يرتبها عقد الإيجار ورد الحكم الابتدائي على ما تمسكت به الطاعنة من ثبوت حقها في حبس الأجرة طبقاً لأحكام القانون المدني رد على ذلك بقوله "وحيث إنه بالنسبة لما أبدته الشركة المدعى عليها من حقها في حبس الأجرة والمنازعة فيها وطلبها ضم الدعاوى التي أشارت إليها في مذكرتها فكل ذلك مردود بأنه وإن كان هناك خلاف بين طرفي الخصومة فيما يتعلق بما تخلف عن حريق يناير سنة 1952 وما إذا كانت المدعى عليها ملزمة أو غير ملزمة بدفع أجرة المدة التي تقول إنها لم تنتفع فيها بالعين المؤجرة فإنها قد قبلت باختيارها بعد ثبوت تلك المنازعة أن تؤدي الأجرة المتفق عليها بما يفيد أن المنازعة التي أرادت المدعى عليها إثارتها خارجة عن نطاق المنازعة الحالية ولم يكن لها تأثير على المدة التالية لفترة الخلاف ذلك لأن المدعي يطالبها بمتأخر أجرة استحقت عليها عن فترة معينة تالية لفترة الخلاف ولا يحق لها أن تتراجع عما التزمت بأدائه للمدعي خاصة وأنه لم يصدر بعد حكم لصالحها بأحقيتها لشيء مما تدعيه هذا فضلاً عن أن استمساكها بحقها في حبس الأجرة لا يكون إلا إذا تأخر المؤجر بعد إعذاره في القيام بتنفيذ الالتزامات المبينة بالمادة 567 مدني فيجوز للمستأجر في هذه الحالة أن يحصل على ترخيص من القضاء بإجراء ذلك بنفسه وفي استيفاء ما أنفقه خصماً من الأجرة كما يجوز له دون حاجة إلى ترخيص من القضاء أن يقوم بإجراء الترميمات المستعجلة أو البسيطة مما يلتزم به المؤجر سواء كان العيب موجوداً وقت بدء الانتفاع أو طرأ بعد ذلك إذا لم يقم المؤجر بعد إعذاره بتنفيذ هذا الالتزام في ميعاد مناسب - فمن ذلك يتضح ضرورة إعذار المؤجر أولاً أما قول المدعى عليها إن الأمر لم يكن خافياً على المدعي بتدخله في المطالبة أمام لجنة التعويضات ومن وجود المنازعات القضائية بينهما في هذا الشأن فلا يغني عن إعمال ما نصت عليه المادة 568 مدني من ضرورة الإعذار" ولما كان يبين مما تقدم أن المحكمة الابتدائية قد تناولت في حكهما القاضي بالإخلاء الفصل في منازعات تخرج عن نطاق القانون رقم 121 سنة 1947 وطبقت فيها أحكام القانون المدني فإن حكمها في هذا الخصوص يخضع للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه عملاً بالفقرة الأخيرة للمادة 15 من القانون المشار إليه لأن تلك المنازعات وإن كانت تعتبر مسألة أولية يتوقف على الفصل فيها تطبيق ذلك القانون أو عدم تطبيقه إلا أنها لا تعتبر منازعة ناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم 121 سنة 1947 بالمعنى الذي تتطلبه المادة الخامسة عشرة منه إذ المقصود بالمنازعات التي تشير إليها المادة المذكورة والتي يكون الحكم الصادر فيها غير قابل لأي طعن إنما هي المنازعات الإيجارية التي يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف قد أخطأ في تطبيق القانون، هذا وغير صحيح ما قرره ذلك الحكم من أن الدفع الذي أبدته الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة هو دفع متعلق بشكل الدعوى ذلك أن هذا الدفع وقد أقيم على إنكار وجود علاقة إيجارية بين الطاعنة وبين المطعون ضده طالب الإخلاء فإنه في حقيقته دفاع في موضوع الدعوى وارد على أصل الحق المطالب به.
وحيث إنه وقد قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف فيكون ما تضمنته أسبابه خاصاً باعتماد ما قررته محكمة الدرجة الأولى في شأن الدفع بعدم القبول ودفاع الطاعنة المتضمن حقها في حبس الأجرة، هذا الذي تضمنته أسباب الحكم المطعون فيه، يعتبر أسباباً زائدة لا تتصل بالمنطوق ولا يقوم هو عليها بل إنها تتعارض معه ومن ثم فإن هذه الأسباب تكون عديمة الأثر ولا تحوز قوة الأمر المقضي.

السبت، 1 أبريل 2023

الطعن 102 لسنة 31 ق جلسة 18 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 174 ص 1113

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.

-----------------

(174)
الطعن رقم 102 لسنة 31 القضائية

(أ) رسوم. "رسوم التسجيل والحفظ". "أوامر تقدير الرسوم التكميلية". تنفيذ. شهر عقاري.
الأوامر الصادرة من أمين الشهر العقاري بتقدير الرسوم التكميلية. عدم جواز التنفيذ بها إلا بعد صيرورتها نهائية بفوات ميعاد المعارضة دون رفعها من ذي الشأن أو بالفصل فيها إن كانت قد رفعت. وجوب اتباع القواعد التي وضعها الشارع لتنفيذ الأحكام في شأن تنفيذ تلك الأوامر بالطريق القضائي بعد وضع الصيغة التنفيذية عليها من المحكمة.
(ب) أوامر تقدير الرسوم. "المعارضة في أوامر التقدير". اختصاص. رسوم. تنفيذ عقاري. "الاعتراض على قائمة شروط البيع".
رفع الطعن إلى المحكمة المختصة. اختصاص هذه المحكمة دون غيرها بالفصل فيه وتقرير قبوله أو عدم جوازه. إقامة حائز العقار المنفذ عليه معارضة أمام المحكمة المختصة في أمر التقدير المنفذ به. عدم الفصل في هذه المعارضة عند نظر محكمة التنفيذ الاعتراض على قائمة شروط البيع. ليس لمحكمة التنفيذ في هذه الحالة أن تسبق المحكمة المختصة وتبحث في قبول المعارضة شكلاً وجوازها أم لا. وجوب وقف التنفيذ حتى يفصل في أمر هذه المعارضة من المحكمة المختصة.
(ج) رسوم. "أمر تقدير الرسوم التكميلية". شهر عقاري. نفاذ معجل.
أمر تقدير الرسوم التكميلية الصادر من الشهر العقاري. ليس مما ينص القانون على شموله بالنفاذ المعجل.

--------------
1 - مفاد نص المادة 9 من القانون رقم 92 لسنة 1944 بشأن رسوم التسجيل والحفظ بعد تعديلها بالقانون رقم 63 لسنة 1948 أن الأوامر الصادرة من أمين الشهر العقاري بتقدير الرسوم التكميلية لا يجوز التنفيذ بها إلا بعد صيرورتها نهائية بفوات ميعاد المعارضة دون رفع معارضة من ذي شأن أو بالفصل فيها إن كانت قد رفعت وإذ أجاز المشرع تنفيذ تلك الأوامر بالطريق القضائي بعد وضع الصيغة التنفيذية عليها من المحكمة فإن مقتضى ذلك أن يتبع في شأن تنفيذها بهذا الطريق نفس القواعد التي وضعها المشرع لتنفيذ الأحكام.
2 - القاعدة هي أن الطعن في الحكم متى رفع إلى المحكمة المختصة فإن هذه المحكمة دون غيرها هي التي تملك الفصل فيه وتقرير ما إذا كان مقبولاً وجائزاً أم لا فإذا كان الثابت أن المطعون ضده وهو ذو شأن باعتباره حائزاً للعقار المنفذ عليه قد رفع معارضة أمام المحكمة المختصة في أمر التقدير المنفذ به ولم يكن قد فصل فيها من هذه المحكمة فإنه لا يكون لمحكمة التنفيذ - عند نظر الاعتراض على قائمة شروط البيع - أن تسبق المحكمة المختصة وتبحث فيما إذا كانت تلك المعارضة في أمر التقدير مقبولة شكلاً وجائزة أم لا بل عليها أن توقف التنفيذ حتى يفصل في أمر هذه المعارضة من المحكمة المختصة لأن الأمر المنفذ به لا يكون نهائياً إلا بعد هذا الفصل.
3 - أمر تقدير الرسوم التكميلية الصادر من أمين الشهر العقاري ليس مما ينص القانون على شموله بالنفاذ المعجل حتى يصح التنفيذ به قبل صيرورته نهائياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدتين فيكتورين بتياس وعيشه الشهيرة بجميلة صموئيل كرادي كانتا قد باعتا إلى السيدة جراسيا الشهيرة بجريس سالدنجر وآخر العقار رقم 3 بشارع عاشور قسم محرم بك بالإسكندرية وذلك بموجب عقد بيع تم شهره في 20/ 10/ 1953 ثم باع المشتريان بدورهما هذا العقار إلى المطعون ضده بعقد أشهر في 29/ 5/ 1956 وقد استحقت على المحرر الأول رسوم تكميلية مقدرها 284 ج 900 م صدر بها ضد البائعين للمطعون ضده أمر تقدير من أمين مكتب الشهر العقاري بالإسكندرية بتاريخ 31/ 3/ 1958. ثم اتخذت مصلحة الشهر العقاري "الطاعنة" إجراءات لنزع ملكية البائعين المذكورين من هذا العقار وقامت بإعلان تنبيه نزع الملكية إليهما في 25/ 5/ 1959 وسجلت هذا التنبيه في أول يونيه سنة 1956 - كما أنذرت المطعون ضده بتاريخ 14/ 6/ 1959 بوصفه حائزاً للعقار وسجلت هذا الإنذار بتاريخ 28 من الشهر المذكور ثم أودعت في 19/ 12/ 1959 قائمة شروط البيع وبتاريخ 28 من يناير سنة 1960 قرر الحائز "المطعون ضده" في قلم الكتاب بالاعتراض على هذه القائمة وكان من بين أوجه اعتراضه أنه اشترى العقار المحجوز من مديني مصلحة الشهر العقاري بموجب عقد بيع تم شهره في 29 من مايو سنة 1956 وأنه أوفاهما بكامل الثمن وإذ أعلنته تلك المصلحة بأمر التقدير الصادر ضد مدينيها "البائعين له" فقد عارض في هذا الأمر أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية وحدد لنظر المعارضة جلسة 21/ 2/ 1960 ولما يفصل فيها وأنه لما كان لا يجوز التنفيذ بأمر التقدير قبل أن يصبح نهائياً فقد طلب الحكم بوقف إجراءات التنفيذ على العقار حتى يفصل نهائياً في هذه المعارضة - وقد نظرت محكمة الإسكندرية الابتدائية هذا الاعتراض في الدعوى رقم 226 سنة 1960 كلي الإسكندرية وقضت بتاريخ 26/ 4/ 1960 بقبول التقرير بالاعتراضات شكلاً وبرفضه موضوعاً والاستمرار في إجراءات التنفيذ فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 449 سنة 16 ق وبتاريخ 24/ 1/ 1961 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الاعتراض الثاني من تقرير الاعتراض وبوقف إجراءات التنفيذ حتى يصبح الأمر المنفذ به نهائياً بالفصل في المعارضة المرفوعة عنه من المطعون ضده وذلك لما ثبت للمحكمة من المستندات المقدمة لها من المطعون ضده من أن الأمر المنفذ به لما يصبح نهائياً لحصول المعارضة فيه وأن هذه المعارضة لم يفصل فيها بعد وفي 23 من فبراير سنة 1961 طعنت مصلحة الشهر العقاري في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 13/ 10/ 1964 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وطلبت فيها رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظره جلسة 14/ 11/ 1965 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بوقف إجراءات التنفيذ على العقار استناداً على ما قاله من أن الأمر المنفذ به لما يصبح نهائياً - قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن الأمر المذكور قد صدر لصالح المصلحة الطاعنة ضد البائعين للمطعون ضده بتقدير رسوم تكميلية استحقت عن عقد البيع الذي تم شهره بتاريخ 20/ 10/ 1953 والذي بموجبه انتقلت إليهما ملكية العقار المحجوز الذي باعاه بعد ذلك للمطعون ضده وأن هذا الأمر قد أعلن إليهما فلم يعارضا فيه وبذلك أصبح نهائياً بالنسبة لهما مما يجيز لمصلحة الشهر العقاري طبقاً لنص المادة 54 من القانون رقم 90 لسنة 1944 اتخاذ إجراءات التنفيذ به على العقار موضوع المحرر المستحق عليه الرسوم، أما عن المعارضة التي رفعها المطعون ضده في أمر التقدير فإنها لا تؤثر في نهائيته لأن رافعها لم يكن طرفاً في هذا الأمر وقد أخطأ الحكم في استناده في القضاء بوقف التنفيذ إلى المادة 660 من قانون المرافعات لأن هذه المادة خاصة بالشروع في التنفيذ على عقار بمقتضى حكم معجل النفاذ في حين أن الأمر المنفذ به صار نهائياً بعدم المعارضة فيه من الصادر ضده هذا الأمر في الميعاد القانوني.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 9 من القانون رقم 92 لسنة 1944 بشأن رسوم التسجيل والحفظ بعد تعديلها بالقانون رقم 63 لسنة 1948 تنص على أنه "تطبق في مواد الشهر العقاري الأحكام الواردة في قانون الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية والشرعية، فيما يتعلق بتقدير الرسوم وتحصيلها وردها والمنازعة فيها مع مراعاة ما يلي "إذا استحقت رسوم تكميلية قدرت بأمر يصدر من أمين مكتب الشهر المختص ويعلن هذا الأمر إلى ذوي الشأن بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول ويجوز المعارضة في أمر التقدير في خلال ثمانية أيام من تاريخ الإعلان وإلا أصبح نهائياً - ويكون تنفيذه بالطريق الإداري وفقاً لأحكام الأمر العالي الصادر في 25/ 3/ 1880 المعدل بالأمر العالي الصادر في 4/ 11/ 1885 كما يجوز تنفيذه بالطريق القضائي بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها مكتب الشهر العقاري الصادر منه أمر التقدير وتحصل المعارضة أمام المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها مأمورية الشهر المختصة ويكون حكمها في ذلك غير قابل للمعارضة أو الاستئناف" - ولما كان مفاد هذا النص أن الأوامر الصادرة من أمين الشهر بتقدير الرسوم التكميلية لا يجوز التنفيذ بها إلا بعد صيرورتها نهائية بفوات ميعاد المعارضة دون رفع معارضة من ذي شأن أو بالفصل فيها إن كانت قد رفعت - هذا إلى أن المشرع - إذ أجاز تنفيذ تلك الأوامر بالطريق القضائي بعد وضع الصيغة التنفيذية عليها من المحكمة فإن مقتضى ذلك أن يتبع في شأن تنفيذها بهذا الطريق نفس القواعد التي وضعها المشرع لتنفيذ الأحكام وإذ كانت المادة 465 من قانون المرافعات تقضي بأنه لا يجوز تنفيذ الأحكام جبراً ما دام الطعن فيها بالمعارضة أو الاستئناف جائزاً إلا إذا كان النفاذ المعجل منصوصاً عليه في القانون أو مأموراً به في الحكم - لما كان ذلك، وكانت القاعدة هي أن الطعن في الحكم متى رفع إلى المحكمة المختصة فإن هذه المحكمة دون غيرها هي التي تملك الفصل فيه وتقرير ما إذا كان مقبولاً وجائزاً أم لا - وكان الثابت على ما سبق بيانه - أن المطعون ضده وهو ذو شأن باعتباره حائزاً للعقار المنفذ عليه قد رفع معارضة أمام المحكمة المختصة في أمر التقدير المنفذ به - ولم يكن قد فصل فيها من هذه المحكمة وقت نظر الاعتراض أمام محكمة التنفيذ فإنه لا يكون لمحكمة التنفيذ أن تسبق المحكمة المختصة وتبحث فيما إذا كانت تلك المعارضة مقبولة شكلاً وجائزة أم لا بل إن عليها أن توقف التنفيذ حتى يفصل في أمر هذه المعارضة من المحكمة المختصة لأن الأمر المنفذ به لا يكون نهائياً إلا بعد هذا الفصل - كما أن الأمر ليس مما ينص القانون على شموله بالنفاذ المعجل حتى كان يصح التنفيذ به قبل صيرورته نهائياً - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى وقف إجراءات التنفيذ حتى يصبح الأمر المنفذ به نهائياً فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ولا يؤثر في صحته أن يكون قد استند خطأ إلى المادة 660 من قانون المرافعات التي لا تنطبق على واقعة الدعوى ما دام أن النتيجة التي انتهى إليها تتفق مع أحكام القانون الواجب التطبيق ذلك أنه متى كان منطوق الحكم موافقاً للتطبيق الصحيح للقانون فإنه لا يبطله ما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية غير صحيحة إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب من غير أن تنقض الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.