جلسة 25 من نوفمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.
----------------
(180)
الطعن رقم 136 لسنة 31 القضائية
(أ) ملكية. "ملكية شائعة". "حق الشريك على الشيوع".
رفع الدعوى بطلب ريع حصة شائعة. اعتبار الدعوى منصبة على حصة في مجموع العقار الشائع أثناء قيام حالة الشيوع في حق كل من يثبت انتفاعه بهذه الحصة وبنسبة هذا الانتفاع.
(ب) دعوى. "سبب الدعوى" "تغييره".
تغيير سبب الدعوى الذي أقيمت عليه لا تملكه محكمة الموضوع. عليها أن تلتزمه وتقصر بحثها عليه.
(ج) ملكية. "ملكية شائعة". قسمة. "أثر القسمة على الثمار وعلى الملكية". "الأثر الرجعي للقسمة".
إجراء القسمة لا يجعل للتقاسم حقاً في الاستئثار بثمار الحصة التي خصصت له إلا من وقت حصول القسمة. الثمار الناتجة حال الشيوع من حق الشركاء جميعاً بنسبة حصة كل منهم. نص المادة 843 من القانون المدني على اعتبار المتقاسم مالكاً للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع حماية للتقاسم من تصرفات شركائه الصادرة قبل القسمة. قصر إعمال الأثر الرجعي للقسمة في هذا النطاق.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا في 23 فبراير سنة 1954 الدعوى رقم 25 سنة 1954 كلي أسوان ضد الطاعن وآخرين وطلبوا فيها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 1146 جنيهاً وقالوا شرحاً لدعواهم إن الطاعن وسائر من اختصموهم كانوا قد نازعوا مورثهم المرحوم عثمان محمود في ملكية عشرة أفدنة فأقام هذا المورث ضدهم الدعوى رقم 60 لسنة 1926 كلي قنا وحكم له فيها بتثبيت ملكيته لهذا القدر وقد رفع الطاعن وآخر استئنافاً عن هذا الحكم قضى في 18 مارس سنة 1933 برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وذكر المطعون ضدهم أن مورثهم تمكن من استلام سبعة أفدنة من القدر المحكوم بملكيته له أما الثلاثة أفدنة الباقية فإنه لم يتمكن من وضع يده عليها بسبب شيوعها في اثني عشر فداناً بحوض الخبرة النوقانية رقم 9 قطعة 37 فاضطر المورث لرفع دعوى القسمة رقم 1108 سنة 1941 مدني كوم امبو على الطاعن وباقي الشركاء على الشيوع في هذه القطعة وطلب فرز الثلاثة الأفدنة الباقية وتسليمها إليه وقضي له بذلك في 21 مارس سنة 1951 وقام المطعون ضدهم بعد وفاة مورثهم بتنفيذ هذا الحكم وتسلموا هذا القدر بموجب محضر تسليم رسمي في 3 من إبريل سنة 1952 وأنهم إذ كانوا قد حرموا من الانتفاع بهذا القدر في المدة السابقة على هذا التاريخ فإن الطاعن وباقي الشركاء المختصمين يلتزمون جميعاً بالمبلغ المطالب به باعتباره ريع الثلاثة الأفدنة المذكورة منذ كانت في الشيوع وعن المدة من سنة 1926 تاريخ منازعتهم لمورث المطعون ضدهم في الملكية حتى 3 إبريل سنة 1952 تاريخ التسليم - وفي 16 يناير سنة 1955 قضت المحكمة الابتدائية بندب مكتب خبراء أسوان الزراعيين للانتقال إلى العين موضوع النزاع وبيان من الواضع اليد على الثلاثة أفدنة موضوع الدعوى من سنة 1926 إلى 3 إبريل سنة 1952 وسببه ومدته وتقدير ريعها في هذه المدة سنة فسنة وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن الطاعن كان يضع يده على 2 ف و8 ط من الثلاثة الأفدنة التي اختص بها المطعون ضدهم في حكم القسمة وأن الستة عشر قيراطاً الباقية كانت في وضع يد آخرين عينهم الخبير في تقريره وفي 15 يناير سنة 1956 قضت المحكمة المذكورة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدهم مبلغ 540 ج و290 م باعتبار أنه ريع الفدانين والثمانية قراريط التي كان يضع يده عليها من الثلاثة أفدنة التي اختص بها مورث المطعون ضدهم بموجب حكم القسمة وذلك عن المدة من 23 فبراير سنة 1939 حتى تاريخ تسليم هذا القدر في 3 إبريل سنة 1952. وبسقوط حق المطعون ضدهم في المطالبة بالريع عن المدة السابقة على 23 فبراير سنة 1939 بالتقادم لمضي أكثر من خمس عشرة سنة على استحقاق هذا الريع قبل رفع الدعوى، استأنف الطاعن ذلك الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافه برقم 329 سنة 31 ق. وطلب إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضدهم وقد أدخل هؤلاء في الاستئناف باقي الشركاء المشتاعين الذين كانوا قد اختصموهم أمام المحكمة الابتدائية. وطلبوا إلزام هؤلاء الشركاء متضامنين مع الطاعن بأن يدفعوا لهم المبلغ المقضي لهم به ابتدائياً. وبتاريخ 29 يناير سنة 1961 حكمت محكمة الاستئناف بعدم قبول طلب المطعون ضدهم قبل من أدخلوا في الاستئناف - وبتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 14 نوفمبر سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدهم طالبوا في صحيفة افتتاح دعواهم بريع ثلاثة أفدنة شائعة في الاثني عشر فداناً التي بينوا حدودها في تلك الصحيفة وذلك عن المدة من سنة 1926 حتى 3 من إبريل سنة 1952 لا بريع الثلاثة أفدنة التي خصصت لهم في حكم القسمة الصادر في سنة 1951 وعلى هذا الأساس وجهوا دعواهم إلى جميع الشركاء المشتاعين في الاثني عشر فداناً ومن بينهم الطاعن ولقد كان الفصل في هذه الدعوى يقتضي من المحكمة التحقق من واضعي اليد على الاثني عشر فداناً جميعها في المدة المذكورة ومقدار وضع يد كل منهم وبيان ما إذا كان وضع يده يجاوز ما يملك أم لا لكن محكمة أول درجة قد أخطأت في تحديد مأمورية الخبير وطلبت منه تقدير الريع عن الثلاثة أفدنة التي اختص بها مورث المطعون ضدهم في القسمة مخالفة بذلك طلبات رافعي الدعوى أنفسهم والأساس الذي بنوا عليه دعواهم وكان من نتيجة هذا الخطأ أن حقق الخبير وضع اليد بالنسبة للثلاثة أفدنة المخصصة للمطعون ضدهم بحكم القسمة دون الاثني عشر فداناً التي حددوها في صحيفة دعواهم. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه وكان هذا الحكم الأخير قد اعتمد تقرير الخبير فقد سرى الخطأ الذي في هذا التقرير إلى نتيجة الحكم المطعون فيه كما شابه الخطأ في تطبيق القانون إذ ألزم الطاعن بريع فدانين وثمانية قراريط من ضمن ما خصص للمطعون ضدهم في حكم القسمة عن مدة سابقة على ذلك الحكم مع أن حقهم في الاستغلال والريع إنما ينصرف قبل القسمة إلى حصة شائعة في العقار المشترك ولا حق لهم في المطالبة بريع القدر المفرز الذي خصص لهم في القسمة إلا من تاريخ حصولها ولقد تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بأن مورثه اشترى بعقود مسجلة أربعة أفدنة مفرزة في الاثني عشر فداناً من بائعين لم يجاوزوا في بيعهم له ما يملكون في هذه القطعة وأنه لما تدخل في دعوى الملكية التي رفعها مورث المطعون ضدهم طلب استبعاد الأربعة أفدنة المبيعة لمورثه من الشيوع وأن الحكم الصادر في تلك الدعوى وإن رفض إجابته لهذا الطلب إلا أنه لم يقض بإبطال عقود تمليك مورثه. الأمر الذي كان يقتضي عدم مساءلته عن ريع الجزء المفرز الذي كان يضع يده عليه من المال الشائع قبل القسمة. إلا في حدود ما يجاوز حصته في هذا المال. وقد أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وأحال إلى أسباب الحكم الابتدائي التي لم تتضمن أي رد عليه مما يشوب الحكم المطعون فيه بالقصور علاوة على خطئه في القانون على النحو السالف بيانه.
وحيث إن هذا النعي صحيح. ذلك أنه يبين من الصورة الرسمية المقدمة بملف الطعن لصحيفة الدعوى رقم 25 سنة 1954 كلي أسوان المرفوعة من المطعون ضدهم أنهم اختصموا فيها الطاعن وباقي الشركاء على الشيوع في الاثني عشر فداناً التي أوضحوا حدودها ومعالمها في تلك الصحيفة وذكر المطعون ضدهم أنهم يمتلكون ثلاثة أفدنة على المشاع في هذه الاثني عشر فداناً وأنهم إذ كانوا قد حرموا من الانتفاع بحصتهم هذه منذ حكم بملكية مورثهم لها في سنة 1926 حتى تسلموها في 3 من إبريل سنة 1952 فقد طلبوا إلزام الطاعن وباقي الشركاء المختصمين متضامنين بريع تلك الحصة في المدة المذكورة - كما يبين من الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في 16 من يناير سنة 1955 بتعيين الخبير أنه كلف هذا الخبير ببيان واضع اليد على الثلاثة أفدنة موضوع الدعوى من سنة 1926 إلى 3 من إبريل سنة 1952 وتقدير ريعها في هذه المدة، وقد فهم الخبير أن المقصود بالعين موضوع الدعوى هو الثلاثة الأفدنة التي خصصت للمطعون ضدهم في حكم القسمة فحقق وضع اليد عليها في المدة السابقة على القسمة وقدر ريعها وانتهى إلى أن الطاعن ومورثه من قبله كانا يضعان اليد على فدانين وثمانية قراريط من هذه الثلاثة الأفدنة. وقد أخذ الحكم الابتدائي بهذا التقرير وعلى أساسه قضى بإلزام الطاعن بما قدره الخبير ريعاً لذلك القدر ولما استأنف الطاعن هذا الحكم نبه محكمة الاستئناف إلى أن الحكم الابتدائي قد خالف طلبات المدعين والأساس الذي بنوا عليه دعواهم كما عاب على ذلك الحكم خطأه في القانون قائلاً إنه باعتباره شريكاً على الشيوع كان من حقه أن يضع يده على جزء مفرز من العقار الشائع يوازي حصته فيه. وأنه ما دام وضع يده لم يجاوز هذه الحصة فإنه لا يكون مسئولاً عن الريع المطالب به لكن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع وأيد الحكم الابتدائي لأسبابه مكتفياً بالقول بأن هذا الحكم قد ناقش في أسبابه مستندات المستأنف (الطاعن) واعتراضاته بالتفصيل وانتهى إلى عدم الأخذ بها لأسباب سائغة تأخذ بها المحكمة "أي محكمة الاستئناف" هذا في حين أن الحكم الابتدائي لم يتضمن أي رد على الدفاع السابق - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه علاوة على ما شابه من قصور في الرد على هذا الدفاع الجوهري فإنه بقضائه للمطعون ضدهم بريع الثلاثة الأفدنة التي اختصوا بها في القسمة يكون قد غير سبب الدعوى إذ المطعون ضدهم رافعوها إنما طلبوا فيها ريع ثلاثة أفدنة شائعة في الاثني عشر فداناً التي بينوها في صحيفة الدعوى مما مفاده أن مطالبتهم انصبت على ريع حصتهم في مجموع العقار الشائع وذلك أثناء قيام الشيوع. وفي حق كل من يثبت أنه كان منتفعاً بهذه الحصة وبنسبة هذا الانتفاع. ولما كانت محكمة الموضوع لا تملك تغيير السبب الذي أقيمت عليه الدعوى بل يجب عليها أن تلتزم هذا السبب وتقصر بحثها عليه فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون في هذا الخصوص. هذا إلى أنه لما كانت الثمار التي تنتج من المال الشائع أثناء قيام الشيوع من حق الشركاء جميعاً بنسبة حصة كل منهم فإن إجراء القسمة بعد ذلك لا يجعل للمتقاسم حقاً في الاستئثار بثمار الحصة التي خصصت له إلا من وقت حصول القسمة. ولا يقدح في ذلك المادة 843 من القانون المدني تقضي باعتبار المتقاسم مالكاً للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع. ذلك أن علة تقرير هذا الأثر الرجعي للقسمة هو حماية المتقاسم من الحقوق التي يرتبها غيره من الشركاء على المال الشائع أثناء قيام الشيوع بحيث يخلص لكل متقاسم نصيبه المفرز الذي خصص له في القسم مطهراً من هذه الحقوق ويجب قصر إعمال الأثر الرجعي للقسمة في هذا النطاق واستبعاده في جميع الحالات التي لا يكون الأمر فيها متعلقاً بحماية المتقاسم من تصرفات شركائه الصادرة قبل القسمة. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وجعل للمطعون ضدهم حقاً في الاستئثار بريع الثلاثة الأفدنة التي خصصت لهم في القسمة منذ تملكهم في الشيوع يكون قد خالف القانون في هذا الخصوص أيضاً ويتعين لكل ذلك نقضه.
وحيث إن هذه المحكمة ترى في سبيل تمهيد الطريق لمحكمة الموضوع بعد عودة القضية إليها أن تشير إلى أنه لما كان الحال في هذه الدعوى أن المطعون ضدهم يمتلكون ثلاثة أفدنة شائعة في اثني عشر فداناً وذلك منذ أن حكم انتهائياً في سنة 1933 لمورثهم بالملكية وأنهم لم يضعوا اليد على حصتهم هذه ولم يحصلوا على شيء من ثمارها طوال المدة السابقة على القسمة وذلك مع أحقيتهم في الاستيلاء على تلك الثمار طبقاً للمادة 826/ 1 من القانون المدني فإن لازم ذلك إن لم يكن هناك أجنبي عن الشركاء كان مغتصباً لهذا القدر إن واحداً أو أكثر من الشركاء في الاثني عشر فداناً كان يضع اليد على ما يجاوز حصته في هذه الأطيان الشائعة وبما يوازي هذه الثلاثة أفدنة ويكون هذا الشريك أو الشركاء هم الملزمون قبل المطعون ضدهم بريع ما كانوا يضعون اليد عليه زيادة على حصتهم كل بقدر نصيبه في هذه الزيادة. وذلك بطبيعة الحال بالنسبة لما لم يسقط الحق في المطالبة به من هذا الريع - إذ لا يجوز قانوناً للشريك في الشيوع أن يحصل على أكثر مما يعادل ما يخص حصته في مجموع ثمرات المال الشائع - هذا ويكون تقدير الريع المستحق للمطعون ضدهم بتقدير ريع مجموع الأطيان الشائعة أي الاثني عشر فداناً واعتبار ما يستحقه المطعون ضدهم في هذا الريع هو 3/ 12 أي الربع.