جلسة 27 أغسطس سنة 2006
برئاسة السيد المستشار/
ماهر البحيري - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد علي سيف الدين
ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي وإلهام نجيب نوار وسعيد مرعي عمرو
والدكتور عادل عمر شريف،
وحضور السيد المستشار/
نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين،
وحضور السيد/ ناصر إمام
محمد حسن - أمين السر.
--------------
قاعدة رقم (429)
القضية رقم 77 لسنة 27 قضائية "دستورية"
(1) دعوى دستورية
"المصلحة فيها - عنصراها".
إنه من المقرر أن شرط
المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة
الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، فلا تفصل في غير المسائل
الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي.
(2) دعوى دستورية
"توافر شرط المصلحة حتى الفصل فيها".
لا يكفي توافر شرط
المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية، وإنما يتعين أن تظل هذه المصلحة قائمة حتى
الفصل في الدعوى الدستورية، بحيث إذا زالت المصلحة بعد رفع الدعوى وقبل الفصل فيها
فلا سبيل إلى التطرق إلى موضوعها.
-------------
1 - إنه من المقرر أن شرط
المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة
الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، فلا تفصل في غير المسائل
الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، ويتحدد مفهوم هذا الشرط
باجتماع عنصرين:
أولهما: أن يقيم المدعي -
أو حكم الإحالة في الحدود التي اختصم فيها النص المطعون عليه - الدليل على أن
ضرراً واقعياً - اقتصادياً أو غيره قد لحق بالمدعي، سواء كان مهدداً بهذا الضرر أم
كان قد وقع فعلاً، ويتعين دوماً أن يكون الضرر المدعى به مباشراً، منفصلاً عن مجرد
مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تصوره
ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره.
ثانيهما: أن يكون هذا
الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه، وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً أو مجهلاً،
فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير
المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلَّ ذلك
على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور
جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد
الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.
2 - لا يكفي توافر شرط
المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية، وإنما يتعين أن تظل هذه المصلحة قائمة حتى
الفصل في الدعوى الدستورية، بحيث إذا زالت المصلحة بعد رفع الدعوى وقبل الفصل فيها
فلا سبيل إلى التطرق إلى موضوعها.
وحيث إنه اعتباراً من أول
أكتوبر سنة 2005 فإن قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بما حواه من أحكام جديدة خاصة
بالشيك سيما البيانات التي اشترطت المادة 473 منه توافرها في الورقة كي تعتبر
شيكاً، وكذلك العقوبات التي رصدها القانون لمن يصدر شيكاً ليس له مقابل قائم وقابل
للسحب، أضحى نافذاً. وبالتالي، فإنه يتعين على محكمة الموضوع إنزال حكمه على الواقعة
المتهم فيها المدعي إذا كانت هذه الأحكام الجديدة تعتبر قانوناً أصلح له. ومن ثم،
وبزوال العقبة القانونية المتمثلة في تأجيل العمل بأحكام الشيك في قانون التجارة
الجديد، لم يعد للمدعي مصلحة ترجى من الفصل في الدعوى الدستورية الماثلة، مما
يقتضي الحكم بعدم قبولها.
الإجراءات
بتاريخ الثاني من شهر
إبريل سنة 2005، أودع المدعي صحيفة الدعوى المعروضة قلم كتاب المحكمة الدستورية
العليا، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الأولى
من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999، والمادة الثانية من مواد إصداره، والمادة
(337) من قانون العقوبات.
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت
هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق،
والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة قدمت المدعي إلى
المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح أبو المطامير في الجنحة رقم 14167 لسنة 2004،
بوصف أنه بتاريخ 6 إبريل سنة 2004، أعطى البنك الذي يمثله المدعى عليه الثامن
شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وطلبت عقابه بالمادتين (366
و337) من قانون العقوبات. وبتاريخ 30 سبتمبر سنة 2004، قضت المحكمة غيابياً
بمعاقبته بالحبس سنة مع الشغل وكفالة ألف جنيه لوقف التنفيذ. وقد عارض المدعي في
هذا الحكم، وأثناء نظر المعارضة دفع بجلسة 27 يناير سنة 2005، بعدم دستورية المادتين
الأولى والثالثة من القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة، والمادتين
(336 و337) من قانون العقوبات. وقد قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وأجلت
الدعوى لجلسة 21 إبريل سنة 2005، وصرحت للطاعن بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام
الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة الأولى من
مواد إصدار قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 تنص على أن: "يلغى قانون التجارة
الصادر بالأمر العالي في 13 من نوفمبر سنة 1883، عدا الفصل الأول من الباب الثاني
منه والخاص بشركات الأشخاص، ويستعاض عنه بالقانون المرافق.
ويلغى نص المادة (337) من
قانون العقوبات اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000.
كما يلغى كل حكم يتعارض
مع أحكام القانون المرافق".
كما تنص المادة الثالثة
من مواد إصدار ذات القانون على أن:
"ينشر هذا القانون في
الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1999، عدا الأحكام الخاصة
بالشيك فيعمل بها اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000.
وتطبق على الشيك الصادر
قبل هذا التاريخ الأحكام القانونية المعمول بها في تاريخ إصداره، إذا كان ثابت
التاريخ أو تم إثبات تاريخه قبل أول أكتوبر 2001.
ويكون إثبات تاريخ الشيك
المشار إليه لدى أحد مكاتب التوثيق بمصلحة الشهر العقاري بلا رسوم، أو بقيده في
سجلات خاصة لدى أحد البنوك، أو بأية طريقة أخرى من الطرق المنصوص عليها في المادة
(15) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية".
وحيث إنه من المقرر أن
شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة
الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، فلا تفصل في غير المسائل
الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، ويتحدد مفهوم هذا الشرط
باجتماع عنصرين:
أولهما: أن يقيم المدعي -
أو حكم الإحالة في الحدود التي اختصم فيها النص المطعون عليه - الدليل على أن
ضرراً واقعياً - اقتصادياً أو غيره قد لحق بالمدعي، سواء كان مهدداً بهذا الضرر أم
كان قد وقع فعلاً، ويتعين دوماً أن يكون الضرر المدعي به مباشراً، منفصلاً عن مجرد
مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تصوره
ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره.
ثانيهما: أن يكون هذا
الضرر عائداً إلى النص المطعون فيه، وليس ضرراً متوهماً أو منتحلاً أو مجهلاً،
فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير
المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلَّ ذلك
على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور
جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد
الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة
قد جرى على أنه لا يكفي توافر شرط المصلحة عند رفع الدعوى الدستورية، وإنما يتعين
أن تظل هذه المصلحة قائمة حتى الفصل في الدعوى الدستورية، بحيث إذا زالت المصلحة
بعد رفع الدعوى وقبل الفصل فيها فلا سبيل إلى التطرق إلى موضوعها.
وحيث إن مؤدى طعن المدعي
- في واقع الأمر - أن المادتين الأولى والثالثة من مواد إصدار قانون التجارة رقم
17 لسنة 1999 فيما تضمنته من إرجاء لإلغاء نص المادة 337 من قانون العقوبات،
وإرجاء العمل بالأحكام الخاصة بالشيك حتى أول أكتوبر سنة 2000، واستمرار خضوع
الشيك لأحكام القانون المعمول به وقت إصداره متى كان ثابت التاريخ قبل أول أكتوبر
سنة 2001، فإنها تعطل قاعدة رجعية القانون الأصلح للمتهم والتي تعد تأصيلاً للمبدأ
الدستوري المنصوص عليه في المادتين 41 و66 من الدستور. ومن ثم فإن نطاق الدعوى -
وفقاً للمصلحة فيها وما ورد بصحيفة الدعوى - ينحصر فيما ورد بالفقرة الثانية من
المادة الأولى، وعجز الفقرة الأولى والفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد
الإصدار المشار إليها والمادة (337) من قانون العقوبات.
وحيث إن إرجاء العمل
بالأحكام المشار إليها في مواد إصدار قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 قد تعرض للتعديل
بموجب القوانين أرقام 168 لسنة 2000 و150 لسنة 2001، ثم صدر القانون رقم 158 لسنة
2003 الذي نص في مادته الأولى على أن:
"تستبدل عبارة "أول
أكتوبر سنة 2005" بعبارة "أول أكتوبر سنة 2003" الواردة بكل من نص
الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون
التجارة، ونص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من ذات القانون.
كما تستبدل عبارة
"المادتين (535 و536)" بعبارة "المادة (536)" الواردة في
الفقرة الثانية من المادة الثالثة المشار إليها، وعبارة "أول أكتوبر سنة
2006" بعبارة "أول أكتوبر سنة 2004" الواردة بنص الفقرة الثالثة من
المادة ذاتها".
وتنص المادة الثالثة من
ذات القانون على أن "ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم
التالي لتاريخ نشره".
وقد نشر هذا القانون في
الجريدة الرسمية في العدد رقم (27) في الثالث من يوليه سنة 2003.
ومفاد ما تقدم، وعلى ما
جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أنه اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2005 فإن قانون
التجارة رقم 17 لسنة 1999 بما حواه من أحكام جديدة خاصة بالشيك سيما البيانات التي
اشترطت المادة 473 منه توافرها في الورقة كي تعتبر شيكاً، وكذلك العقوبات التي رصدها
القانون لمن يصدر شيكاً ليس له مقابل قائم وقابل للسحب، أضحى نافذاً. وبالتالي،
فإنه يتعين على محكمة الموضوع إنزال حكمه على الواقعة المتهم فيها المدعي إذا كانت
هذه الأحكام الجديدة تعتبر قانوناً أصلح له. ومن ثم، وبزوال العقبة القانونية
المتمثلة في تأجيل العمل بأحكام الشيك في قانون التجارة الجديد، لم يعد للمدعي
مصلحة ترجى من الفصل في الدعوى الدستورية الماثلة، مما يقتضي الحكم بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول
الدعوى.
أصدرت المحكمة الدستورية
العليا بذات الجلسة أحكاماً مماثلة في القضايا الدستورية أرقام 23 لسنة 27 ق و142
لسنة 24 ق و63 لسنة 24 ق و52 لسنة 26 ق و43 لسنة 26 ق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق