جلسة 26 من يناير سنة 1961
برياسة السيد محمود عياد
نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، ومحمود
توفيق إسماعيل المستشارين.
--------------
(5)
الطعن رقم 163 لسنة 25
القضائية
(أ) بورصة. قطن. عقد
"تفسيره".
مثال لحكم مسخ نصاً في
عقد بيع أقطان تحت القطع وانحراف في تفسيره له عن المعنى الظاهر لعباراته، إذ فسره
على أنه يفيد وجوب إجراء المحاسبة على سعر إقفال بورصة العقود يوم 31/ 1/ 1952 ولو
كان سعر الإقفال في اليوم المذكور اسمياً لم تجر به معاملات في البورصة. مع أنه
ليس في العقد ما يفيد هذا المعنى الذي ذهب إليه الحكم. ما ورد بالنص من أن تكون
المحاسبة على قفل بورصة كونتراتات الإسكندرية الساعة الواحدة تماماً. صريح في
الدلالة على أن المقصود به تعيين الوقت الذي يعتمد لتحديد السعر من بين ساعات
العمل في اليوم الذي يقطع فيه هذا السعر.
(ب) بورصة. قطن. عقد
"تفسيره". حكم "عيوب التدليل". "المسخ - الخطأ في
الإسناد" "ما يعد كذلك".
مثال لحكم مسخ نصاً في
عقد بيع أقطان تحت القطع مسخاً ترتب عليه أنه أهدار إعمال حكمه بغير موجب كما شابه
خطأ في الإسناد...
تقرير الحكم عدم جواز
تمسك المشتري (الطاعنة) بما ورد في هذا النص من إعفائها من المسئولية في حالة ما
إذا لم يتسير لها قطع السعر في اليوم المتفق على قطعه فيه لعدم وجود مشتر بالأسعار
الاسمية المحددة - استناداً إلى القول بأن عدم مسئوليتها حسبما جاء في هذا النص
مشروط بإظهار البائع رغبته في قطع سعر قطنه وهو لم يظهرها وبتدخل الحكومة بتعيين
الأسعار أو تحديد تقلباتها وهي لم تتدخل.
المسخ:
تخويل العقد المشتري الحق
في قطع السعر نيابة عن البائع في اليوم الأخير من الأجل المحدد لهذا البائع لطلب
القطع فيه. يستوي أن يستعمل البائع حقه في القطع بنفسه أو يستعمله عنه المشتري بتفويض
سابق معطى له في العقد. إعفاء المشتري من المسئولية المقرر في النص يسري في
الحالتين. هذا الإعفاء إن هو إلا تطبيق للعرف التجاري السائد في شأن عقود بيع
الأقطان تحت القطع أقره المشرع بالقانون 131/ 1939 المعدل بالقانون 184/ 1959.
خطأ الإسناد:
ماثل في قول الحكم إنه لم
يثبت تدخل الحكومة لتحديد الأسعار قبل 31/ 1/ 1952 مع أن الثابت بنشرة البورصة
التي أشار إليها الحكم أن سعر فبراير 95.10 هو (حد أدنى بائع). هذه العبارة تفيد
بذاتها تحديد حد أدنى لا يجوز نزول الأسعار عنه وعدم وجود مشتر بهذا السعر. تدخل
الحكومة في البورصة وتحديدها للأسعار صدر به قرار وزير المالية رقم 7/ 1952 في 16/
1/ 1952. الحد الأدنى لاستحقاق فبراير متوسط التيلة 95.10 استمرار السعر عند هذا
الحد إلى ما بعد 31/ 1/ 1952. لم يلغ إلا بالقرار 16/ 1952 في 17/ 2/ 1952.
(ج) بورصة. قطن.
للمشتري في عقود بيع الأقطان
تحت القطع خيار التغطية مقابل حق البائع في قطع السعر في زمن آجل. إذا كانت
التغطية تجري في خصوص النزاع بعملية بيع يجريها المشتري في بورصة العقود في اليوم
الذي يطلب فيه البائع قطع سعر أقطانه وبما يوازي كمية هذه الأقطان. تعذر القيام
بها في حالة وصول الأسعار إلى الحد الأدنى المحدد لعدم وجود مشتر يقبل الشراء بهذه
الأسعار.
----------------
1 - إذا كان قد ورد في
عقد البيع تحت القطع المبرم بين الطرفين ما يأتي "تم هذا البيع بحسب الأسعار
الموضحة أعلاه قرين كل رتبة من رتب القطن وعلى حسب كونتراتات شهر فبراير سنة 1952
وللبائع الحق في قطع السعر ابتداءً من يوم التسلم لغاية يوم 31 من يناير سنة 1952
وعليه إخطار المشتري تلغرافياً عن اليوم الذي يرغب فيه قطع السعر شرطاً أن
التلغراف يصله الساعة التاسعة صباحاً على الأكثر في اليوم الذي يرغب فيه قطع السعر
والمحاسبة تكون على قفل بورصة كونتراتات الإسكندرية الساعة الواحدة تماماً بعد
الظهر... وإذا لم يطلب البائع قطع السعر أو النقل لغاية التاريخ المذكور (31 من
يناير سنة 1952) سيكون للمشتري الحق في قطع سعر القطن في اليوم المذكور 31 من
يناير سنة 1952 وإذا كان هذا اليوم يوم عطلة رسمية للبورصة فالمحاسبة تكون على أول
يوم تفتح فيه البورصة بعد العطلة الرسمية"، وكان الحكم المطعون فيه قد فسر نص
ها البند من العقد على أنه يفيد وجوب إجراء المحاسبة بينهما على سعر إقفال بورصة
العقود في يوم 31 من يناير سنة 1952 - وهو نهاية الأجل المضروب للبائع لطلب قطع
السعر فيه - ولو كان سعر الإقفال في اليوم المذكور سعراً اسمياً لم تجر به معاملات
في البورصة، فإنه يكون قد مسخ هذا النص وانحرف في تفسيره له عن المعنى الظاهر
لعباراته - ذلك أن ما أورد في هذا النص من أن تكون المحاسبة على قفل بورصة
كونتراتات الإسكندرية الساعة الواحدة تماماً صريح في الدلالة على أن المقصود به
تعيين الوقت الذي يعتمد لتحديد السعر من بين ساعات العمل في اليوم الذي يقطع فيه
هذا السعر وذلك حتى لا يثور خلاف على الوقت الذي جرت فيه عملية القطع لأن الأسعار
في البورصة عرضة للتقلبات من ساعة لأخرى ولا تستقر على حال في اليوم الواحد وليس
في النص المشار إليه ما يفيد المعنى الذي ذهب إليه الحكم من وجوب المحاسبة على سعر
31 من يناير سنة 1952 حتى لو استحال على المشتري قطع السعر في هذا اليوم بسبب عدم
وجود مشتر بالسعر الاسمي المحدد.
2 - إذا كان قد نص في عقد
البيع تحت القطع المبرم بين الطرفين على أنه "إذا رغب البائع قطع سعر قطنه أو
جزء منه وتصادف أن الحكومة عينت الأسعار أو حددت تقلباتها لأي سبب كان فالمشتري لا
يكون مسئولاً في تلك الحالة إذا لم يتيسر له قطع السعر لعدم وجود مشتر بالأسعار
المحددة وعلى ذلك تكون التعليمات المعطاة سارية المفعول من جلسة إلى أخرى حتى يتم
القطع بدون أي إلزام على المشتري، وعلى المشتري إعلان البائع بما يقطعه أولاً بأول
إلى أن يتيسر له تغطية الكمية المذكورة في بورصة الكونتراتات في أي وقت كان وعمل
الحساب النهائي بدون أية معارضة من البائع"، وكان الحكم المطعون فيه إذ قرر
بعدم جواز تمسك المشتري - الطاعنة - بما ورد في هذا النص من إعفائها من المسئولية
في حالة ما إذا لم يتيسر لها قطع السعر في اليوم المتفق على قطعه فيه لعدم وجود
مشتر بالأسعار الاسمية المحددة - استند إلى القول بأن عدم مسئوليتها حسبما جاء في
هذا النص مشروط بإظهار البائع رغبته في قطع سعر قطنه وهو لم يظهرها وبتدخل الحكومة
بتعيين الأسعار أو تحديد تقلباتها وهي لم تتدخل، فإنه يكون قد مسخ هذا النص مسخاً
ترتب عليه أنه أهدر إعمال حكمه بغير موجب كما شابه خطأ في الإسناد - ذلك أن العقد
خوّل المشتري - الطاعنة - الحق في قطع السعر نيابة عن البائع - المطعون ضده - في
اليوم الأخير من الأجل المحدد لهذا البائع لطلب القطع فيه إذا ما تخلف عن طلبه قبل
حلول هذا اليوم ويستوي أن يستعمل البائع حقه في القطع بنفسه أو يستعمله عنه
المشتري بتفويض سابق معطى له في العقد ومن ثم فإن إعفاء الطاعنة من المسئولية إذا
لم يتيسر لها قطع السعر لعدم وجود مشتر بالأسعار المحددة يسري في الحالتين، والنص
في العقد على هذا الإعفاء إن هو إلا تطبيق للعرف التجاري السائد في شأن عقود بيع
الأقطان تحت القطع ذلك العرف الذي أقره المشرع بالقانون رقم 131 لسنة 1939 الذي
عدل أخيراً بالقانون رقم 184 لسنة 1959 - أما عن الخطأ في الإسناد فماثل في قول
الحكم بأنه لم يثبت تدخل الحكومة لتحديد الأسعار قبل يوم 31 من يناير سنة 1952 ذلك
أنه ثابت بنشره البورصة المؤرخة 31 من يناير سنة 1952 التي كانت تحت نظر محكمة
الاستئناف وأشار إليها الحكم المطعون فيه أن سعر فبراير وهو 10 و95 ريالاً هو (حد
أدنى بائع) - وهذه العبارة تفيد بذاتها تحديد حد أدنى لا يجوز نزول الأسعار عنه
وعدم وجود مشتر بهذا السعر كما أن تدخل الحكومة في البورصة وتحديدها للأسعار صدر
به قرار وزير المالية رقم 7 لسنة 1952 في 16 من يناير سنة 1952 بتعيين حد أدنى
لأسعار عقود القطن ببورصة العقود وقد حدد هذا القرار الحد الأدنى لاستحقاق فبراير
متوسط التيلة بـ 10 و95 ريالاً واستمر السعر عند هذا الحد إلى ما بعد يوم 31 من
يناير سنة 1952 ولم يلغ الحد الأدنى إلا بالقرار الوزاري رقم 16 لسنة 1952 الصادر
في 17 من فبراير سنة 1952.
3
- العرف التجاري السائد في
شأن عقود بيع الأقطان تحت القطع الذي أقره المشرع بالقانون رقم 131 لسنة 39 الذي
عدل أخيراً بالقانون رقم 184 لسنة 1959 - مقتضاه أن يكون للمشتري في تلك العقود
خيار التغطية مقابل حق البائع في قطع السعر في زمن آجل وذلك تأميناً للمشتري من
مخاطر تقلبات الأسعار خلال الأجل الممنوح للبائع لقطع السعر فيه. فإذا كانت
التغطية تجرى في خصوص هذا النزاع بعملية بيع يجريها المشتري في بورصة العقود في
اليوم الذي يطلب فيه البائع قطع سعر أقطانه وبما يوازي كمية هذه الأقطان فإنه
يتعذر إجراؤها في حالة وصول الأسعار إلى الحد الأدنى المحدد وذلك لعدم وجود مشتر
يقبل الشراء بهذه الأسعار.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه
الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما
يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت
الدعوى رقم 1961 سنة 1952 مدني كلي الإسكندرية على المطعون عليه طالبة الحكم
بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 571 جنيهاً و756 مليماً والفوائد بواقع 7% سنوياً من
تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذكرت
الطاعنة في بيان هذه الدعوى أنه بموجب عقدي بيع تحت القطع محررين في 6 من سبتمبر
سنة 1951، 30 من ديسمبر سنة 1951 باع لها المطعون عليه 254 قنطار، 38 رطلاً من
القطن الأشموني الزهر محصول عام 51/ 1952 وقد تم قطع 50 قنطاراً من هذه الكمية
بناءً على طلبه بأسعار لا خلاف عليها أما باقي الكمية وقدره 204 قنطاراً، 38 رطلاً
فقد اتفق على تحديد سعره على أساس عقود شهر فبراير سنة 1952 وخول البائع حق قطع
السعر حتى يوم 31 من يناير سنة 1952 فإذا لم يطلب القطع حتى هذا التاريخ حق للشركة
المشترية (الطاعنة) قطع السعر في اليوم المذكور على أساس سعر إقفال الساعة الواحدة
بعد الظهر، ولما حل يوم 31 من يناير سنة 1952 وهو نهاية الأجل المضروب للمطعون
عليه لقطع سعر أقطانه ولم يكن قد أخطر الطاعنة بطلبه قطع السعر وأرادت الطاعنة
إعمالاً لنص العقد أن تقطع سعر الكمية الباقية من أقطانه في بورصة العقود في ذلك
اليوم استحال عليها إجراء عملية القطع بسبب تحديد الأسعار بمعرفة الحكومة ووصول
عقد فبراير إلى 10، 95 ريالاً وهو الحد الأدنى الذي كانت قد حددته الحكومة والذي
لم يجر به تعامل لعدم وجود مشتر بهذا السعر واضطرت الطاعنة أن ترجئ القطع إلى
الوقت الذي يحصل فيه تعامل بالبورصة وذلك إعمالاً منها لنص البند الثالث من العقد
واستمرت الحال على هذا الاضطراب وتحديد الأسعار بحد أدنى بائع حتى يوم 17 من
فبراير سنة 1952 حين أصدر وزارة المالية قراره رقم 17 بتحديد الاستحقاقات الجائز
التعامل عليها في بورصة العقود وبمنع إجراء أية عملية من عمليات البيع على
استحقاقات فبراير وإبريل للقطن المتوسط التيلة كما قررت لجنة بورصة مينا البصل
بمنشورها رقم 27 الصادر في 5 من مارس سنة 1952 تنفيذاً للقرار الوزاري سالف الذكر
مد كافة عمليات القطع من هذين الشهرين إلى شهر يونيه بدون غرامة أو خصم على أن
يحصل القطع في أول يوم يجرى فيه تعامل بالبورصة على أساس عقود هذا الشهر، وقد قامت
الطاعنة بإخطار المطعون عليه بأنها ستقطع أقطانه على عقود يونيه في أول يوم يجرى
فيه تعامل ببورصة العقود وقطعتها فعلاً في 24 من أبريل سنة 1952 بسعر إقفال الساعة
الواحدة في هذا اليوم وقدره 67 و67 ريالاً وأخطرته بذلك في 25 من الشهر المذكور
وعند تصفية حساباته على هذا الأساس بعد احتساب ما كان قد قبضه من مبالغ تبين
مديونيته للطاعنة بمبلغ 666 جنيهاً و996 مليماً ولما أصدرت لجنة بورصة مينا البصل
قرارها المؤرخ 14 من مايو سنة 1952 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء المؤرخ 17 من مارس
سنة 1952 بتحديد سعر 72 ريالاً لعقود يونيه وخصم المصاريف الفعلية بواقع ريالين عن
كل قنطار أعادت الطاعنة تصفية الحساب على أساس سعر 70 ريالاً للقنطار فتبين أن
جملة المستحق لها في ذمته هو مبلغ 571 جنيهاً و756 مليماً الذي رفعت به الدعوى
الابتدائية، وقد طلب المطعون عليه رفض هذه الدعوى وتمسك بوجوب إجراء المحاسبة على
أساس السعر الرسمي في يوم 31 من يناير سنة 1952 الذي ظهر في نشرة البورصة وقدره
95.10 ريالاً للقنطار قائلاً إن الطاعنة تلتزم بهذا السعر طبقاً لنص العقد وأنه لو
أجرى الحساب على أساس السعر المذكور لكان رصيده لدى الشركة دائناً بمبلغ 517
جنيهاً و960 مليماً وقد وجه دعوى فرعية إلى الشركة الطاعنة يطالبها فيها بهذا
المبلغ ثم عدل طلباته في مذكرته الختامية إلى طلب الحكم له في دعواه الفرعية بمبلغ
458 جنيهاً و500 مليم مع الفوائد والمصاريف - وقد أخذت المحكمة الابتدائية بوجهة
نظر الشركة الطاعنة وقضت بتاريخ 31 من مارس سنة 1954 حضورياَ - أولاً - في الدعوى
الأصلية بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعية مبلغ 571 جنيهاً و756 مليماً
والفوائد بواقع 7% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 10/ 8/ 1952 حتى تمام
الوفاء وإلزامه بالمصاريف ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة - ثانياً - في
الدعوى الفرعية برفضها وإلزام رافعها بمصاريفها. استأنف المطعون عليه هذا الحكم
بالاستئناف رقم 283 سنة 10 ق الإسكندرية متمسكاً بدفاعه السابق، وبتاريخ 13 من
فبراير سنة 1955 قضت محكمة استئناف الإسكندرية حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي
الموضوع بالنسبة للدعوى الأصلية المرفوعة من الشركة المستأنف عليها بإلغاء الحكم
المستأنف وبرفضها وإلزام رافعتها بالمصروفات عن الدرجتين وبالنسبة للدعوى الفرعية
المرفوعة من المستأنف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام شركة إسكندرية للأقطان
المستأنف عليها بأن تدفع للمستأنف مبلغ 458 جنيهاً و500 مليم والمصروفات ومبلغ ألف
قرش مقابل أتعاب المحاماة - وقد قررت الشركة الطاعنة بالطعن بالنقض في هذا الحكم
بتاريخ 10 من إبريل سنة 1955 وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة
برأيها انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه، وقد عرض الطعن على دائرة فحص
الطعون بجلسة 5 من أكتوبر سنة 1960 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة أول
ديسمبر سنة 1960 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السالف الذكر.
وحيث إنه مما تنعاه
الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أولاً مسخ عقدي البيع تحت القطع المبرمين بينها
وبين المطعون عليه وخرج في تفسيره لهما عن قصد المتعاقدين منهما وذلك من ناحيتين -
الأولى - أنه خالف في تفسيره للبند الثاني من العقدين المعنى الظاهر لعبارته، وذلك
فيما قرره من أن نص هذا البند يوجب إجراء المحاسبة بين الطرفين على أساس السعر
الرسمي لإقفال يوم 31 من يناير سنة 1952 وهو اليوم الذي اتفق على أن يكون نهاية
الميعاد المحدد لقطع السعر فيه ولو ثبت استحالة القطع بذلك السعر الرسمي لكونه
سعراً اسمياً لم تجر به معاملات في البورصة وتعذر بالتالي على الطاعنة إجراء علمية
تغطية في هذا اليوم وتقول الطاعنة إن نص البند المذكور لا يفيد المعنى الذي ذهب
إليه الحكم وأن ما نص فيه من أن تجرى المحاسبة على قفل بورصة العقود الساعة
الواحدة إنما قصد به تعيين الوقت الذي يعتمد من بين ساعات العمل في اليوم الذي يتم
القطع فيه في حالة إمكان حصوله - الثانية - إن الحكم قد خالف ظاهر مدلول البند
الثالث من العقدين وذلك فيما قرره من أنه لا يجوز للطاعنة التمسك بما يقضى به نص
هذا البند من عدم مسئوليتها في حالة ما إذا لم يتيسر لها قطع السعر في اليوم
المحدد لقطعه بسبب عدم وجود مشتر بالسعر المحدد من الحكومة ومن تخويل الطاعنة في
هذه الحالة الحق في إرجاء قطع السعر إلى أول يوم يجرى فيه تعامل بالبورصة وذلك
استناداً من الحكم إلى أن نص البند المذكور لا يعمل به إلا في حالة ما إذا طلب
البائع قطع سعر قطنه فإذا هو لم يطلب حتى نهاية الأجل المحدد للقطع وأرادت الطاعنة
أن تقطع على حسابه طبقاً لما يخوله لها نص البند الثاني من بنود العقد فإنها لا
تستفيد من نص البند الثالث وتلتزم بالسعر الرسمي في اليوم المتفق على أنه نهاية
الأجل المحدد للقطع حتى ولو عجزت عن القطع في هذا اليوم لعدم وجود مشتر بهذا السعر
الاسمي، وتقول الطاعنة إنه لا محل للتفرقة التي قال بها الحكم بين ما إذا كان قطع
السعر بناء على طلب المطعون عليه في الأجل المشروط لذلك في العقد وبين ما إذا كان
القطع بمعرفتها في نهاية الأجل لتخلف البائع عن طلبه لأنها في الحالة الأخيرة إنما
تستعمل حقه عند تراخيه في استعماله وقد خول لها في العقد استعمال هذا الحق عنه
ويؤكد هذا النظر أن البائع - على ما تفيد البرقية المرسلة منه إلى الطاعنة في 26
إبريل سنة 1952 - لم يتمسك بالسعر الرسمي في يوم أول يناير سنة 1952 وهو 10 و95
ريالاً وإنما طلب محاسبته على أساس 80 ريالاً بدعوى أنه السعر الذي حددته الحكومة
لتصفية ما لم يقطع من الأقطان. ثانياً - أن الحكم المطعون فيه قد شابه بطلان في
الإسناد ذلك أنه استند في عدم إعماله لحكم البند الثالث من العقد الذي يعفي
الطاعنة من مسئولية عدم القطع عند تحديد الأسعار بمعرفة الحكومة إلى أنه لم يثبت
أن الحكومة تدخلت في السعر قبل يوم 31 يناير سنة 1952 - حالة أن الثابت أن الطاعنة
تقدمت بحافظة مستنداتها المودعة بملف الدعوى الابتدائية الذي كان مضموماً
للاستئناف بعديد من نشرات البورصة تدل كلها على أن الأسعار الموضحة بها كانت
"حد أدنى بائع" مما يفيد تحديد الأسعار كما هو مفهوم هذه العبارة، هذا
فضلاً عما أشير إليه في هذه النشرات من النسب المئوية المسموح بها لنزول الأسعار
طبقاً لتعليمات الحكومة.
وحيث إنه ورد بالبند
الثاني من عقدي البيع تحت القطع المبرمين بين الطرفين ما يأتي "تم هذا البيع
بحسب الأسعار الموضحة أعلاه قرين كل رتبة من رتب القطن وعلى حسب كونتراتات شهر
فبراير سنة 1952 وللبائع الحق في قطع السعر ابتداءً من يوم التسليم لغاية يوم 31
يناير سنة 1952 وعليه إخطار المشتري تلغرافياً عن اليوم الذي يرغب فيه قطع السعر
شرطاً أن التلغراف يصله الساعة التاسعة صباحاً على الأكثر في اليوم الذي يرغب فيه
قطع السعر والمحاسبة تكون على قفل بورصة كونتراتات الإسكندرية الساعة الواحدة
تماماً بعد الظهر... وإذا لم يطلب البائع قطع السعر أو النقل لغاية التاريخ
المذكور (31 يناير سنة 1952) سيكون للمشتري الحق في قطع سعر القطن في اليوم
المذكور 31 يناير سنة 1952، وإذا كان هذا اليوم يوم عطلة رسمية للبورصة فالمحاسبة
تكون على أول يوم تفتح فيه البورصة بعد العطلة الرسمية" وورد في البند الثالث
ما يلي "إذا رغب البائع قطع سعر قطنه أو جزء منه وتصادف أن الحكومة عينت
الأسعار أو حددت تقلباتها لأي سبب كان فالمشتري لا يكون مسئولاً في تلك الحالة إذا
لم يتيسر له قطع السعر لعدم وجود مشتر بالأسعار المحددة وعلى ذلك تكون التعليمات
المعطاة سارية المفعول من جلسة إلى أخرى حتى يتم القطع بدون أي إلزام على المشتري،
وعلى المشتري إعلان البائع بما يقطعه أولاً بأول إلى أن يتيسر له تغطية الكمية
المذكورة في بورصة الكونتراتات في أي وقت كان وعمل الحساب النهائي بدون أية معارضة
من البائع" وقد قال الحكم المطعون فيه إذ عرض لتفسير نصوص هذين البندين قال
"وحيث إن عقدي البيع صريحان في أن البيع قد تم بين الطرفين فعلاً وكل ما هناك
أنهما اتفقا على تحديد الثمن مستقبلاً حسب رغبة البائع في قطع السعر ابتداءً من
يوم التسليم لغاية 31 يناير سنة 1952 وما دام أن البائع لم يستعمل حقه وانتظر حتى
تاريخ القطع المتفق عليه وجب حتماً قطع السعر في ذلك التاريخ وهو 31 يناير سنة
1952 أما قول الشركة بأنها لم تجد مشترياً في اليوم المذكور وأن التعامل في
البورصة قد أوقف بعد ذلك إلى أن صدر القرار الوزاري في 17 فبراير سنة 1952بالنقل
إلى شهر يونيه، فمردود بأن البيع قد تم فعلاً بصريح نص العقدين وأنهما اتفقا على أن
تكون المحاسبة على الثمن على قفل بورصة كونتراتات الإسكندرية في يوم 31 يناير سنة
1952 إن لم يبد البائع رغبته في قطع السعر قبل ذلك اليوم وقد ثبت من المستندات
المقدمة من الطرفين أن السعر الرسمي لبيع الأقطان في ذلك التاريخ هو 95.10 ريالاً
للقطن متوسط التيلة وهو سعر العقود في فبراير سنة 1952 كما ثبت ذلك من النشرة
المقدمة المؤرخة 31 يناير سنة 1952 - وحيث إنه لا يجدي المستأنف ضدها أن تتمسك
بالبند الثالث من عقدي البيع وبالقرار الوزاري رقم 17 لسنة 1952 إذ أن عدم مسئولية
الشركة حسبما جاء بالبند الثالث المشار إليه مشروط بإظهار البائع رغبته في قطع سعر
قطنه وبتدخل الحكومة بتعيين الأسعار أو تحديد تقلباتها وهو ما لم يحصل في النزاع
الحالي فلم يثبت أن البائع طلب قطع السعر قبل يوم 31 يناير سنة 1952 أو أن الحكومة
تدخلت في السعر قبل التاريخ المذكور، أما القرار الوزاري سالف الذكر فإنه صدر بعد
ذلك في 17 فبراير سنة 1952 وقد نص فيه على أن يعمل به من تاريخ نشره أي أنه ليس له
أثر رجعي على العمليات التي تمت قبل ذلك التاريخ".
وحيث إن الحكم المطعون
فيه إذ فسر نص البند الثاني من عقدي البيع المبرمين بين الطرفين على أنه يفيد وجوب
إجراء المحاسبة بينهما على سعر إقفال بورصة العقود في يوم 31 يناير سنة 1952 - وهو
نهاية الأجل المضروب للبائع لطلب قطع السعر فيه - ولو كان سعر الإقفال في اليوم
المذكور سعراً اسمياً لم تجر به معاملات في البورصة يكون قد مسخ هذا النص وانحرف
في تفسيره له عن المعنى الظاهر لعبارته ذلك أن ما ورد في هذا النص من أن تكون
المحاسبة على قفل بورصة كونتراتات الإسكندرية الساعة الواحدة تماماً صريح في
الدلالة على أن المقصود به تعيين الوقت الذي يعتمد لتحديد السعر من بين ساعات
العمل في اليوم الذي يقطع فيه هذا السعر وذلك حتى لا يثور خلاف على الوقت الذي جرت
فيه عملية القطع لأن الأسعار في البورصة عرضة للتقلبات من ساعة لأخرى ولا تستقر
على حال في اليوم الواحد وليس في النص المشار إليه ما يفيد المعنى الذي ذهب إليه
الحكم من وجوب إجراء المحاسبة على سعر 31 يناير سنة 1952 حتى لو استحال على
المشتري قطع السعر في هذا اليوم بسبب عدم وجود مشتر بالسعر الاسمي المحدد.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه إذ قرر بعدم جواز تمسك الطاعنة بما ورد في العقد في بنده الثالث من إعفائها من
المسئولية في حالة ما إذا لم يتيسر لها قطع السعر في اليوم المتفق على قطعه فيه
لعدم وجود مشتر بالأسعار الاسمية المحددة استناداً إلى القول بأن عدم مسئوليتها
حسبما جاء في هذا البند مشروط بإظهار البائع رغبته في قطع سعر قطنه وهو لم يظهرها
وبتدخل الحكومة بتعيين الأسعار أو تحديد تقلباتها وهي لم تتدخل، إذ قرر الحكم ذلك
فإنه يكون قد مسخ هذا النص مسخاً ترتب عليه أنه أهدر إعمال حكمه بغير موجب كما
شابه خطأ في الإسناد ذلك أن العقد خول المشتري - الطاعنة - الحق في قطع السعر
نيابة عن البائع - المطعون ضده - في اليوم الأخير من الأجل المحدد لهذا البائع
لطلب القطع فيه إذا ما تخلف عن طلبه قبل حلول هذا اليوم ويستوي أن يستعمل البائع
حقه في القطع بنفسه أو يستعمله عنه المشتري بتفويض سابق معطى له في العقد ومن ثم
فإن إعفاء الطاعنة من المسئولية إذا لم يتيسر لها قطع السعر لعدم وجود مشتر
بالأسعار المحددة وهو الإعفاء المقرر في البند الثالث من العقد يسري في الحالتين
والنص في العقد على هذا الإعفاء إن هو إلا تطبيق للعرف التجاري السائد في شأن عقود
بيع الأقطان تحت القطع ذلك العرف الذي أقره المشرع بالقانون رقم 131 لسنة 1939
الذي عدل أخيراً بالقانون رقم 184 لسنة 1959، ومقتضاه أن يكون للمشتري في تلك
العقود خيار التغطية مقابل حق البائع في قطع السعر في زمن آجل وذلك تأميناً
للمشتري من مخاطر تقلبات الأسعار خلال الأجل الممنوح للبائع لقطع السعر فيه ولما
كانت هذه التغطية تجري في خصوص هذا النزاع بعملية بيع يجريها المشتري في بورصة
العقود في اليوم الذي يطلب فيه البائع قطع سعر أقطانه وبما يوازي كمية هذه الأقطان
فإنه يتعذر إجراؤها في حالة وصول الأسعار إلى الحد الأدنى المحدد وذلك لعدم وجود
مشتر يقبل الشراء بهذه الأسعار - أما عن الخطأ في الإسناد فماثل في قول الحكم بأنه
لم يثبت تدخل الحكومة لتحديد الأسعار قبل يوم 31 من يناير سنة 1952 ذلك أنه ثابت
بنشرة البورصة المؤرخة 31 من يناير سنة 1952 التي كانت تحت نظر محكمة الاستئناف
وأشار إليها الحكم المطعون فيه أن سعر فبراير وهو 10 و95 ريالاً هو حد أدنى بائع
وهذه العبارة تفيد بذاتها تحديد حد أدنى لا يجوز نزول الأسعار عنه وعدم وجود مشتر
بهذا السعر كما أن تدخل الحكومة في البورصة وتحديدها للأسعار صدر به قرار وزير
المالية رقم 7 لسنة 1952 في 16 من يناير سنة 1952 بتعيين حد أدنى لأسعار عقود
القطن ببورصة العقود وقد حدد هذا القرار الحد الأدنى لاستحقاق فبراير متوسط التيلة
ب 10 و95 ريالاً واستمر السعر عند هذا الحد إلى ما بعد يوم 31 من يناير سنة 952
ولم يبلغ الحد الأدنى إلا بالقرار الوزاري رقم 16 لسنة 952 الصادر في 17 من فبراير
سنة 1952.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
نقض الحكم المطعون فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق