الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 أغسطس 2021

الطعن 1988 لسنة 34 ق جلسة 10/ 5/ 1965 مكتب فني 16 ج 2 ق 88 ص 441

جلسة 10 من مايو سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام.

--------------

(88)
الطعن رقم 1988 لسنة 34 القضائية

(أ، ب، جـ) اتفاق جنائي. جريمة. "أركانها". تزييف. تقليد. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون". شروع.
(أ) توافر جريمة الاتفاق الجنائي سواء أكانت الجريمة المقصودة من الاتفاق معينة أم غير معينة أو على الأعمال المجهزة والمسهلة لها سواء وقعت الجريمة المقصودة أو لم تقع.
(ب) عدم بلوغ المتهمين غايتهم من إتقان التزييف لا يجعل جناية التزييف مستحيلة ولا يهدر ما قام عليه الاتهام من اتحاد إرادتهم على ارتكاب تلك الجناية. كفاية ذلك لتوافر أركان جريمة الاتفاق الجنائي. سوء تنفيذ موضوع الاتفاق الجنائي أمر لاحق على قيام الجريمة وليس ركناً من أركانها.
(ج) تحضير الأدوات والسبائك اللازمة للتزييف واستعمالها بالفعل في إعداد العملة الزائفة التي لم تصل إلى درجة من الإتقان تكفل لها الرواج في المعاملة. اعتباره من أعمال الشروع المعاقب عليه قانوناً.

---------------
1 - لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة سواء أكانت معينة أم غير معينة أو على الأعمال المجهزة والمسهلة لارتكابها سواء وقعت الجريمة المقصودة من الاتفاق أو لم تقع، فإن الحكم المطعون فيه بتبرئته المطعون ضدهم في جريمة الاتفاق الجنائي بقالة أنها - بسبب أن التزييف كان مفضوحاً - جريمة مستحيلة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - عدم بلوغ المتهمين - وقت الضبط غايتهم من إتقان التزييف - لا يجعل جناية التزييف مستحيلة ولا يهدر ما قام عليه الاتهام من أن إرادة المطعون ضدهم قد اتحدت على ارتكاب تلك الجناية وهو ما يكفي لتوافر أركان جريمة الاتفاق الجنائي - أما سوء تنفيذ موضوع الاتفاق الجنائي وتعثره لأمر ما فهو لا حق على قيام الاتفاق الجنائي وليس ركناً من أركانه أو شرطاً لانعقاده.
3 - من المقرر أن تحضير الأدوات والسبائك اللازمة للتزييف واستعمالها بالفعل في إعداد العملة الزائفة التي لم تصل إلى درجة من الإتقان تكفل لها الرواج في المعاملة هي في نظر القانون من أعمال الشروع المعاقب عليه قانوناً. إذ أن الجاني بهذا يكون قد تعدى مرحلة التفكير والتحضير وانتقل إلى دور التنفيذ بحيث لو ترك وشأنه لتمت الجريمة في أعقاب ذلك مباشرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم في خلال ثلاثة شهور سابقة على يوم 20 يوليه سنة 1954 بدائرة محافظة السويس: (أولاً) اتفقوا فيما بينهم اتفاقاً جنائياً الغرض منه ارتكاب جنايات تقليد ضرب المسكوكات المتداولة قانوناً في بلاد الجمهورية العربية وهى القطع الفضية من ذات الخمسة قروش والقرشين وترويج هذه المسكوكات المقلدة والاشتغال بالتعامل بها واتحدت إرادتهم جميعاً على ذلك فأعدوا القوالب والآلات والمواد اللازمة لارتكاب جناية التقليد هذه واقترفوا الفعل المبين بالفقرات التالية (ثانياً) شرعوا في تقليد ضرب القطعتين الفضيتين من فئة الخمسة قروش والقرشين وهى من المسكوكات المتداولة قانوناً في بلاد الجمهورية العربية وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو عدم إمكانهم التقليد وضبطهم. وطلبت من غرفة الاتهام
إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 45، 46، 48، 202 من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات السويس قضت بتاريخ 3 نوفمبر سنة 1963 حضورياً للأول والرابع وغيابياً للباقين. عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين مما هو مسند إليهم ومصادرة الأدوات والمهمات المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه - أنه إذ برأ المطعون ضدهم من جريمتي الاتفاق الجنائي والشروع في تقليد عملة فضية متداولة قانوناً تأسيساً على أن رداءة التزييف وعدم انطلائه على الشخص العادي يجعل الجريمة موضوع الاتفاق الجنائي مستحيلة، وأنه لا يتصور وصف الفعل موضوع الجريمة الثانية بالشروع وذلك لتمام فعل التزييف - قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه من المقرر أنه يكفي لقيام جريمة الشروع في تقليد العملة إعداد الأدوات والسبائك اللازمة للتقليد واستعمالها بالفعل لهذا الغرض - وهو ما توافر في حق المطعون ضدهم - دون أن يغير من ذلك عدم تمكنهم من إتقان التقليد وأنه متى تقرر ذلك فإن جريمة الاتفاق الجنائي تصبح جريمة ممكنة وليست مستحيلة ويكون الحكم المطعون فيه بقضائه المار ذكره معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أشار إلى الأدلة التي قام عليها الاتهام الموجه إلى المطعون ضدهم في جريمتي الاتفاق الجنائي على تزييف العملة والشروع في تقليدها وهى مستفادة من أقوال رجال الشرطة الذين قاموا بالتحريات وبضبط الواقعة وأقوال المرشد واعتراف المطعون ضدهما الأول والثالث وضبط أدوات للتزييف عبارة عن قالبين من النحاس وقطعتين من السبائك وقرطاس به جبس بمنزل المطعون ضده الثالث، خلص إلى تبرئة المطعون ضدهم جميعاً بقوله "وحيث إنه ثبت من تقرير فحص النقود المضبوطة بمعمل وزارة التجارة والصناعة بالقاهرة أن النقود المزيفة المضبوطة تزييفها ردئ ويمكن للشخص العادي أن يكشف تزييفها - أما باقي الأدوات المضبطة فقد قال التقرير عنها إنها مما قد تستعمل في تزييف العملة" وحيث إنه متى ثبت ذلك وكان التزييف ظاهراً فلا يمكن القول بأن إرادة المتهمين - المطعون ضدهم - قد اتحدت على ارتكاب جناية لأن الجناية في مثل واقعة الدعوى تكون مستحيلة - وأما الشروع في تقليد ضرب القطعتين الفضيتين من فئة الخمسة قروش والقرشين الثابت من أوراق الدعوى أن تزييفها قد تم فعلاً فالقول بعد ذلك بأن الفعل يعتبر بدء في تنفيذ جريمة ينافي الواقع ولا يغض من ذلك أن يكون بعض الفقهاء قد دعى إلى الأخذ بهذا الرأي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة سواء أكانت معينة أم غير معينة أو على الأعمال المجهزة والمسهلة لارتكابها سواء وقعت الجريمة المقصودة من الاتفاق أو لم تقع، فإن الحكم المطعون فيه بتبرئته المطعون ضدهم من جريمة الاتفاق الجنائي بقالة أنها - بسبب أن التزييف كان مفضوحاً - جريمة مستحيلة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه وقد أورد الحكم أن عملة مزيفه قد ضبطت بالفعل وأنه ثبت من تقرير فحص الأدوات المضبوطة أنها مما يجوز استعمالها في تزييف العملة، فإن عدم بلوغ المطعون ضدهم - وقت الضبط - غايتهم من إتقان التزييف لا يجعل جناية التزييف - على ما قال به الحكم - مستحيلة, ولا يهدر بالتالي ما قام عليه الاتهام من أن إرادة المطعون ضدهم قد اتحدت على ارتكاب تلك الجناية وهو ما يكفي لتوافر أركان جريمة الاتفاق الجنائي أما سوء تنفيذ موضوع الاتفاق الجنائي وتعثره لأمر ما فهو لاحق على قيام الاتفاق الجنائي وليس ركناً من أركانه أو شرطاً لانعقاده. لما كان ذلك، وكان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من عدم انطباق وصف الشروع على واقعة تزييف القطعتين الفضيتين المضبوطتين هو أيضاً غير سديد، ذلك بأنه لما كان من المقرر أن تحضير الأدوات والسبائك اللازمة للتزييف واستعمالها بالفعل في إعداد العملة الزائفة التي لم تصل إلى درجة من الإتقان تكفل لها الرواج في المعاملة هي في نظر القانون من أعمال الشروع المعاقب عليه قانوناً إذ أن الجاني بهذا يكون قد تعدى مرحلة التفكير والتحضير وانتقل إلى دور التنفيذ بحيث لو ترك وشأنه لتمت الجريمة في أعقاب ذلك مباشرة، وكان الثابت من الحكم أنه فضلاً عن ضبط العملة التي يتقن تزييفها، قد ضبطت سبائك وأدوات تبين إمكان استعمالها في إعداد تلك العملة فدل ذلك على أن المطعون ضدهم قد جاوزوا مرحلة التحضير وكانوا - لو تركوا وشأنهم - بسبيل إتمام جريمتهم، فإن الحكم إذا جرد تلك الأفعال التي أسندها إليهم من وصف الشروع قولاً منه بأن الجريمة قد تمت بالفعل يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الخطأ في تطبيق القانون على النحو المار ذكره قد حجب المحكمة عن تمحيص واقعة الدعوى وأدلة الثبوت لتقول كلمتها فيها فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق