جلسة 12 من يناير سنة 1976
برئاسة السيد المستشار/
أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، حافظ رفقي، عبد
اللطيف المراغي؛ جميل الزيني.
-----------
(48)
الطعن رقم 580 لسنة 42
القضائية
(1)نقض
"الخصوم في الطعن". حكم.
اختصام أحد المطعون عليهم
أمام محكمة الاستئناف دون توجيه طلبات إليه. وقوفه من الخصومة موقفاً سلبياً وعدم
الحكم له أو عليه بشيء. أثره. عدم قبول الطعن بالنقض بالنسبة له.
(2) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم الجنائي أمام
المحاكم المدنية. شروطها. الحكم انتهائياً بإدانة المطعون ضده لارتكابه جريمة
تقليد العلامة التجارية استناداً إلى قيام التشابه بين العلامتين الأصلية والأخرى
المقلدة. قضاء المحكمة المدنية بإنكار التشابه ونفي ذات واقعة التقليد. خطأ.
-------------
1 - المناط في توجيه
الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل
الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته، وإذ كان المطعون ضده
الثاني قد اختصم أمام محكمة الاستئناف دون أن توجه إليه طلبات وكان موقفه في
الخصومة سلبياً ولم تصدر منه منازعة أو يثبت له دفاع ولم يحكم له أو عليه بشيء فإن
اختصامه في الطعن - بالنقض - يكون غير مقبول.
2 - مفاد نص المادتين 456
من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في الدعوى الجنائية
تكون له حجية ملزمة أمام المحكمة المدنية فيما نصل فيه فصلاً لازماً في وقوع الفعل
المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني للفعل
ونسبته إلى فاعله، فإن فصلت المحكمة الجنائية نهائياً في هذه المسائل امتنع على
المحاكم المدنية أن تعيد بحثها بل يتعين عليها أن تعتبرها وتلزمها في بحث الحقوق
المدنية المتصلة بها لكي لا يكون قضاؤها مخالفاً للحكم الجنائي السابق عليه. وإذ
كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة الأولى قد تمسكت بحجية الحكم -
الجنائي - الذي قدمت صورة رسمية منه مع شهادة تدل على نهائيته - بما فصل فيه من
ثبوت تهمة تقليد العلامة التجارية في حق المطعون ضده الأول، وكان يبين من ذلك
الحكم الجنائي السابق أنه قد أدان المطعون ضده الأول عن ذات واقعة التقليد الموقع
عنها الحجز التحفظي المتظلم منه في الدعوى الحالية تأسيساً على قيام التشابه بين
العلامتين الأصلية المسجلة والأخرى المقلدة وقد أصبح قضاؤه انتهائياً بفوات مواعيد
الطعن فيه، وكان الحكم المطعون فيه وهو لاحق للحكم الجنائي قد عاد إلى بحث مسألة
تقليد العلامة التجارية وهو بصدد نظر التظلم من أمر الحجز التحفظي وانتهى من بحثه
إلى اختلاف العلامتين وعدم التشابه بينهما وقضى بإلغاء أمر الحجز التحفظي وما
تلاه، وكان الحكم الجنائي الصادر من ذات الواقعة قد عرض لبحث التشابه بين
العلامتين باعتباره أمراً لازماً للفصل في ثبوت جريمة تقليد العلامة التجارية في
حق المطعون ضده الأول وبعد أن ساق الأدلة على قيامه أوقع عليه بينما انتهى الحكم
المطعون فيه إلى عكس ذلك فأنكر التشابه ونفى التقليد فلم يلتزم حجية الحكم الجنائي
الذي فصل فصلاً لازماً في وقوع ذات الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين
الجنائية والمدينة، فإنه بذلك يكون قد خالف القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة الأولى تقدمت
لقاضي الأمور الوقتية بمحكمة القاهرة الابتدائية بطلب الأمر بتوقيع الحجز التحفظي
على الآلات والأدوات والمواد التي استخدمتها المطعون ضده الأول في إنتاج المسحوق
المسمى "فيمكس" وقالت شرحاً للطلب إنها تملك بموجب اتفاق تم بينها وبين
الطاعنة الثانية حق إنتاج وبيع مسحوق النظافة المسمى "فيم" وقد سجلت
علامته التجارية بتاريخ 19/ 1/ 1944 تحت رقم 3791 وقد عمد المطعون ضده الأول إلى
تقليد علامته بعد أن أنتج مسحوقاً جديداً للنظافة سماء "فيمكس" وعرضه
للبيع في عبوات مماثلة في الشكل والحجم واللون والرسم لعبوات منظفها "فيم"
مما يعد تقليد العلامة تجارية ويكون جريمة غش تجاري يعاقب عليها بالمادة 33 من
القانون رقم 57 لسنة 1939 ويوفر لها الحق في طلب ضبط الأدوات المستعملة في العلامة
المقلدة والتحفظ عليها، وبتاريخ 12/ 2/ 1959 صدر الأمر رقم 22 لسنة 1969 من قاضي
الأمور الوقتية بإجابة الطاعنة إلى طلبها، وبعد تنفيذ الأمر بتوقيع الحجز التحفظي
تظلم منه المطعون ضده الأول بالتظلم رقم 136 سنة 1969 تجاري كلي القاهرة طالباً
فيه إلغاء أمر الحجز وما ترتب عليه واعتباره كأن لم يكن، وأثناء نظر التظلم تدخلت
الطاعنة الثانية - وهي المنتجة الأولى لمسحوق النظافة فيم - في الخصومة منضمة
للطاعنة الأولى وبتاريخ 27/ 5/ 1969 قبلت المحكمة تدخلها وقضت في الموضوع بتأييد
أمر الحجز المتظلم منه، استأنف المطعون ضده الأول الحكم بالاستئناف رقم 479 سنة 86
ق وبتاريخ 4/ 5/ 1971 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء أمر
الحجز واعتباره كأن لم يكن وإلغاء كافة ما ترتب عليه من آثار، طعنت الطاعنتان في
الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة
للمطعون ضده الثاني - وزير التموين - وبنقض الحكم بالنسبة للمطعون ضده الأول، وإذ
عرض الطعن على المحكمة بغرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع بعدم
قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني فإن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن
تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة
الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته وإذ كان المطعون ضده الثاني قد اختصم أمام
محكمة الاستئناف دون أن توجه إليه طلبات وكان موقفه في الخصومة سلبياً ولم تصدر
منه منازعة أو يثبت له دفاع ولم يحكم له أو عليه بشيء فإن اختصامه في الطعن يكون
غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة
للمطعون ضده الأول قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه
الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن تقليد المطعون
ضده الأول لعلامتها التجارية "فيم" ثابت لا ريب فيه بصدور الحكم عليه
نهائياً بالعقوبة في جريمة التقليد التي حوكم عنها في القضية رقم 2096 سنة 1969
جنح الوايلي والتي أصبح الحكم فيها حائزاً قوة الشيء المحكوم به بعد أن عرض الحكم
في أسبابه للعلامتين الأصلية والمقلدة وخلص إلى قيام التشابه بينهما تشابهاً من
شأنه أنه يخدع جمهور المستهلكين وهو فصل في الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية
والمدنية وفي الوصف القانوني لذلك الفعل وفي نسبته إلى فاعله مما كان يتحتم معه
على الحكم المطعون فيه أن يلتزم في قضائه حجية الحكم الجنائي غير أنه على العكس من
ذلك أهدر هده الحجية بقوله أنها قاصرة على الوقائع التي كانت مطروحة على المحكمة
الجنائية عن حادث وقع في 9/ 4/ 1969 في حين أن هذا التاريخ هو تاريخ إعلان صحيفة
الجنحة المباشرة، أما تاريخ ضبط الواقعة فهو تاريخ توقيع الحجز التحفظي كما هو
ثابت من ذات الحكم الجنائي وبذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى انتفاء
التقليد مخالفاً بذلك الحكم الجنائي الصادر عن ذات الواقعة قد جاء مشوباً بمخالفة
القانون فضلاً عن الخطأ في الإسناد.
وحيث إن هذا النعي سديد
ذلك أن المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن "يكون للحكم
الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو
بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد
فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى
فاعلها" كما نصت المادة 102 من قانون الإثبات على أن "لا يرتبط القاضي
المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها
ضرورياً" ومفاد ذلك أن الحكم الصادر في الدعوى الجنائية تكون له حجية ملزمة
أمام المحكمة المدنية فيما فصل فيه فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس
المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني للفعل ونسبته إلى
فاعله فإن فصلت المحكمة الجنائية نهائياً في هذه المسائل امتنع على المحاكم
المدنية أن تعيد بحثها بل يتعين عليها أن تعتبرها وتلزمها في بحث الحقوق المدنية
المتصلة بها لكي لا يكون قضاؤها مخالفاً للحكم الجنائي السابق عليه، وإذ كان
الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة الأولى قد تمسكت بحجية الحكم رقم
2096 سنة 1969 جنح الوايلي - الذي قدمت صورة رسمية منه مع شهادة تدل على نهائيته
بما فصل فيه من ثبوت تهمة تقليد العلامة التجارية للمنظف "فيم" في حق
المطعون ضده الأول وكان يبين من ذلك الحكم أنه أسس قضاءه بالإدانة على أن الثابت من
محضر الحجز التحفظي المقدم من الشركة المدعية بالحق المدني والذي شمل محتويات مصنع
المتهم أنه قد استعمل علامة "فيمكس" وأنه بمقارنة العلامة التي استعملها
المتهم مع العلامة الخاصة بالشركة وهي "فيم" المسجلة تبين أن كلاً
العلامتين تم كتابتها باللون الأبيض داخل شكل أسود متشابه كلاهما بالآخر وقد انحصر
هذا الشكل بين خطين في العلامتين المتوازيتين كل منهما أزرق اللون وعن هذا يتبين
أن هناك تشابهاً بين العلامتين وهذا التشابه من شأنه أن يخدع جمهور المستهلكين
وعلى ذلك فإن المتهم يكون قد تعمد تقليد علامة الشركة المدعية بالحق المدني واستعملها
ووضعها على منتجاته ومن ثم يتعين عقابه طبقاً للمادة 33 من القانون 57 سنة 1939
المعدل بالقانون 205 سنة 1956 والقانون 69 سنة 1959" ومن هذا يتضح أن الحكم
الجنائي السابق قد أدان المطعون ضده الأول عن ذات واقعة التقليد الموقع عنها الحجز
التحفظي المتظلم منه في الدعوى الحالية تأسيساً على قيام التشابه بين العلامتين
الأصلية المسجلة والأخرى المقلدة وقد أصبح قضاؤه انتهائياً بفوات مواعيد الطعن
فيه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وهو لاحق للحكم الجنائي قد عاد إلى بحث
مسألة تقليد العلامة التجارية وهو بصدد نظر التظلم من أمر الحجز التحفظي وانتهى من
بحثه إلى اختلاف العلامتين وعدم التشابه بينهما وقضى بإلغاء أمر الحجز التحفظي وما
تلاه تأسيساً على ما قرره من أن "الكلمتين مختلفتان في التركيب وفي المظهر
العام....... الأمر الذي ينتفي معه التقليد الذي يوجد اللبس لدى الشخص العادي
المستهلك ولا يقدح في ذلك أن يقال أن هناك حكماً جنائياً لإثبات التقليد إذ هو
قاصر على الوقائع التي كانت مطروحة أمامه في تاريخ الحادث الجنائي الذي فصل فيه في
26/ 2/ 1970 عن حادث 9/ 4/ 1969 في الجنحة 2096 سنة 1969 الوايلي" وهذا الذي
قرره الحكم المطعون فيه ينطوي على الخطأ في الإسناد ذلك أن التاريخ الذي أشار إليه
كتاريخ للحادث هو تاريخ إعلان صحيفة الجنحة المباشرة أما تاريخ الحادث فهو تاريخ
توقيع الحجز التحفظي الذي اتخذه الحكم الجنائي عماداً لقضائه وإذا كان ذلك وكان
الحكم الجنائي الصادر عن ذات الواقعة قد عرض لبحث التشابه بين العلامتين باعتباره
أمراً لازماً للفصل في ثبوت جريمة تقليد العلامة التجارية في حق المطعون ضده الأول
وبعد أن ساق الأدلة على قيامه أوقع العقوبة عليه بينما انتهى الحكم المطعون فيه
إلى عكس ذلك فأنكر التشابه ونفى التقليد فلم يلتزم حجية الحكم الجنائي الذي فصل
فصلاً لازماً في وقوع ذات الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية
والمدينة، فإنه بذلك يكون قد خالف القانون بما يوجب نقصه دون حاجة إلى بحث باقي
أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق