الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 19 مارس 2020

الطعن 430 لسنة 25 ق جلسة 28 / 1 / 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 15 ص 100

جلسة 28 من يناير سنة 1960
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.
-------------
(15)
الطعن رقم 430 سنة 25 القضائية

علامات تجارية "العبرة في أوجه التشابه".
العبرة بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن بالنظر إلى العلامة في مجموعها لا إلى كل عنصر من العناصر التي تتركب منها وما إذا كانت تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه علامة أخرى.

---------------
الغرض من العلامة التجارية - على ما يستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 57 سنة 1939 - هو أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل، ومن أجل ذلك وجب لتقدير ما إذا كانت للعلامة ذاتية خاصة متميزة عن غيرها النظر إليها في مجموعها لا إلي كل من العناصر التي تتركب منها - فالعبرة ليست باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه علامة أخرى - وإنما العبرة هي بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لتركيب هذه الصورة أو الرموز أو الصور مع بعضها وللشكل الذي تبرز به في علامة أو أخرى بصرف النظر عن العناصر التي تركبت منها وعما إذا كانت الواحدة منها تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى.


المحكمة
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن تقدم إلى إدارة العلامات التجارية في 2/ 4/ 1945 بالطلب رقم 1309 لتسجيل علامة تجارية عن منتجاته تشتمل على صورة بحار داخل إطار وفوقها رسم صقر باسط جناحيه، وقررت تلك الإدارة قبول العلامة والإشهار عنها بجريدة العلامات التجارية. وفي 26 يوليه سنة 1951 تقدم بطلب آخر للإدارة المذكورة برقم 23776 لتسجيل علامة أخرى لمنتجاته تشتمل على صورة نصفية لامرأة يعلوها رسم طائر باسط جناحيه - فقررت إدارة العلامات التجارية قبول تلك العلامة والإشهار عنها كذلك بجريدة العلامات التجارية. وتقدمت الشركة (المطعون عليها الأولى) إلى تلك الإدارة بمعارضة في تسجيل كل من هاتين العلامتين وأسست معارضتها على أنه سبق لها أن سجلت علامتها المكونة من رسم صقر مرسوم بشكل هندسي باسطا جناحيه واستعملته وأن هناك تطابقاً بينه وبين كل من هاتين العلامتين. وبتاريخ 2/ 10/ 1952 أصدرت إدارة العلامات التجارية قرارين قاضيين بقبول طلبي التسجيل المقدمين من الطاعن لما تبين لها من أن المعارضة المقدمة من الشركة في غير محلها، وذكرت في أسباب قرارها الخاص "بالعلامة الثانية" أن الطاعن قد أعلنها بحكم صادر من محكمة مصر الابتدائية - بهيئة استئنافية - في 17/ 5/ 1951 فصل في موضوع هذه العلامة وأنه قد ورد في أسباب هذه الحكم أن علامة شركة إيسترن وهي النسر الباسط جناحيه تخالف مخالفة تامة علامة الطاعن وهي عبارة عن صورة نصفية يعلوها رسم طائر مبسوط الجناحين - وأن المحكمة ترى عدم وجود تشابه بينهما من شأنه الخلط بينهما وأن الخلاف ظاهر للعين المجردة بمجرد النظر إلى العلامتين وأنه يجب أن ينظر إلى العلامة في مجموعها وفي مظهرها العام كوحدة مستقلة قائمة بذاتها إذا نظر إليها رجل الشارع استطاع أن يميزها بغير لبس وأن يتبين مصدرها بغير تضليل بمعنى أن تستقر في ذهنه صورة إجمالية مميزة للعلامة يتعرف بها على البضاعة التي يطلبها، ثم ذكرت إدارة العلامات أن الشركة المعارضة لم تقدم للإدارة من الأدلة والمستندات ما يفيد تعديل حكم المحكمة (المشار إليه)، كما ذكرت في أسباب قرارها الخاص بالعلامة الأولى - أنه وإن كان الحكم المشار إليه فيما سلف خاصاً بنزاع قام في شأن علامة أخرى إلا أنه يتضح أنه قام بشأن نفس الموضوع مع فارق هو استبدال رسم البحار برسم صورة نصفية لامرأة وهذا الاختلاف لا ينهض مبرراً لتغيير الرأي الذي ورد في أسباب الحكم المشار إليه، وبتاريخ 11 أكتوبر سنة 1952 أقامت المطعون عليها الأولى على الطاعن وباقي المطعون عليهم دعويين قيدتا بمحكمة القاهرة الابتدائية برقمي 1644، 1645 سنة 1952 تجاري كلي مصر بالطعن في هذين القرارين وبطلب إلغائهما وإلغاء تسجيل العلامتين "السالف ذكرهما" وبأن ينشر هذا الإلغاء طبقاً للأوضاع المقررة للنشر في القانون رقم 57 لسنة 1939 مع إلزام "المدعى عليه الأول" "الطاعن بالنقض" بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وبتاريخ 1/ 4/ 1954 حكم محكمة القاهرة الابتدائية في كل من هاتين الدعويين بالرفض وتأييد القرار المطعون فيه، فاستأنفت الشركة هذين الحكمين إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقمي 957 لسنة 71 ق، 958 لسنة 71 ق طالبة قبول كل من الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء كل من الحكمين الابتدائيين والحكم لها بطلباتها الابتدائية وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين لتقضي فيهما المحكمة بحكم واحد، وبتاريخ 8 من مارس سنة 1955 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكمين المستأنفين والحكم مجدداً بقبول الطعنين المقدمين من الشركة المستأنفة في القرارين الصادرين من إدارة العلامات التجارية بتاريخ 3 من أكتوبر سنة 1952 بشأن تسجيل العلامتين قم 11309، 23776 باسم "عبد الحميد مصطفى عيسوي" وبإلغاء القرارين سالفي الذكر وأمرت بشطب هذين التسجيلين وبإشهار هذا الشطب بجريدة العلامات التجارية وفقاً لأحكام القانون رقم 57 لسنة 1939 وألزمت المستأنف عليه الأول "الطاعن" بمصروفات الدرجتين عن الاستئنافين وبمبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وبتاريخ 11 من أغسطس سنة 1955 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم، وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية لتقضي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 25 من نوفمبر سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على الرأي المبدى بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظرها صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره.
وحيث إن مما ينعى به الطاعن في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي ذلك ذكر أنه بمطالعة أسباب - حكم محكمة الاستئناف يبين أن وجهة نظرها في قضائها تقوم على أساس خاطئ مبناه أن العلامة التجارية الخاصة بالشركة المطعون عليها وهي الصقر الباسط جناحيه ملك لها، لذلك كان لها حق الاستئثار بها ومنع الغير من استعمالها، فليس للطاعن يستعمل علامة له ذلك الصقر مبسوط الجناحين حتى لو أضاف إلى هذا الرسم رسوماً أخرى تغير من مظهره وتجعل الخلاف بين العلامتين بارزاً - وخطأ الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص مبنى على عدم اعتداده بالنظر الصحيح الذي يجب أن يتجه إلى العلامة في مجموعها لا أي جزء منها - وقد أشار الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 11/ 2/ 1954 في الطعن المرفوع من المطعون ضدها الأولى على الطاعن - والذي قضى برفض الطعن في حكم محكمة مصر الابتدائية الصادر بتاريخ 17/ 5/ 1951 إلى هذا الموضوع بالذات وأقر محكمة الموضوع على أن العلامة التجارية يجب أن ينظر إليها في مجموعها وفي مظهرها العام.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف قد أقامت قضاءها على نظر حاصله أن المطعون عليها بدعواها الحالية لا تدعي حقاً على الأجراء الأخرى التي أضافها الطاعن إلى الصقر الباسط جناحية سواء أكانت الأجزاء المضافة هي صورة امرأة أو بحار داخل إطار مستدير ولذلك فإنها (أي محكمة الاستئناف) لا تنظر إلا إلى استعمال الطاعن لرسم الصقر الفرعوني الباسط لجناحيه والموجود بأعلى هاتين الصورتين، وقد قامت الشركة المطعون عليها بتسجيل رسم الصقر المذكور في 26 من مايو سنة 1947، وفي تواريخ سابقة أيضاً ليكون علامة تجارية لها مميزة لمنتجاتها من الدخان واستعملتها في هذا الغرض فلا يحق للطاعن الاعتداء على حقها واستعمال رسم الصقر علامة له - ولا يغير من ذلك أن يكون قد وضع تحت رسم الصقر رسماً آخر لبحار أو لامرأة، إذا أن حقوق الأسبقية المترتبة على تسجيل العلامة تمنع من استعمال الغير لها سواء بذاتها أو بإضافة رسم آخر إليها، وعلى أساس هذا النظر لم تقر محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي على ما قرره من عدم قيام تشابه بين علامتي الطاعن وعلامة المطعون عليها، لأن هذا القول مبناه النظر إلى العلامة في مجموعها مع أن موضوع النزاع ينحصر فقط في جزء مما تحتوي عليه علامتي الطاعن وهو الصقر الباسط جناحيه، وهذا الذي أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليه مخالف للقانون، ذلك أن المطعون عليها قد أسست معارضتها في قرار إدارة التسجيل القاضي بقبول علامتي الطاعن والإشهار عنهما - على أن هناك تطابقاً بين هاتين العلامتين وعلامة المطعون عليها التي قامت بتسجيلها من قبل واستعملتها لتمييز منتجاتها - ولا يتأتى قيام هذا التطابق إلا إذا لم يكن في علامتي الطاعن ما يميزها عن علامة المطعون عليها بأن أولاهما تتضمن صورة امرأة داخل إطار يعلوها رسم طائر باسط جناحيه - وثانيتهما تتضمن صورة بحار داخل دائرة ويعلوها أيضاً رسم طائر باسط جناية - فإن التطابق يكون منعدماً إلا في الجزء الخاص برسم الطائر الباسط الجناحين - ولا يصح القول بأن حق المطعون عليها على هذا الرسم يحول بين الغير وبين اتخاذه ضمن العناصر التي تتكون منها علامته بحيث يمتنع عليه أن يضيفه إليها، ذلك لأن الغرض من العلامة - على ما يستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 57 سنة 1939 - هو أن تكون وسيلة لتمييز المنتجات والسلع، ويتحقق هذا الغرض بالمغايرة بين العلامات التي تستخدم في تمييز سلعة معينة بحيث يرتفع اللبس بينها ولا يقع جمهور المستهلكين في الخلط والتضليل، ومن أجل ذلك وجب لتقدير ما إذا كانت للعلامة ذاتية خاصة متميزة عن غيرها - النظر إليه في مجموعها لا إلى كل من العناصر التي تتركب منها - فالعبرة ليست باحتواء العلامة على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه علامة أخرى - وإنما العبرة هي بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لتركيب هذه الصور أو الرموز أو الصور مع بعضها وللشكل الذي تبرز به في علامة أو أخرى بصرف النظر عن العناصر التي تركبت منها وعما إذا كانت الواحدة منها تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد جانب هذا النظر فإنه يكون متعين النقض.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما سبق بيانه وللأسباب التي بني عليها الحكمان المستأنفان يتعين رفض الاستئنافين وتأييد هذين الحكمين. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق