الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 31 مارس 2020

الطعن 854 لسنة 46 ق جلسة 20 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 217 ص 960

جلسة 20 ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إسماعيل حفيظ، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد على بليغ.
-------------
(217)
الطعن رقم 854 لسنة 46 القضائية
 (1)إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير الدليل. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه.
(2) محكمة الجنايات. "نظرها الدعوى والحكم فيها". تصدى. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". تحقيق.
حق التصدي المقرر لمحكمة الجنايات. وفقا للمادة 11 إجراءات. انحصاره في تحريك الدعوى الجنائية. فحسب.
حرية الجهة التي تجرى التحقيق. في التصرف في الأوراق. حسبما يتراءى لها.
عدم التزام الهيئة التي تقضى في الدعوى بقرار التصدي وما ورد به من أسباب.
(3 و 4) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
 (3)وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم. موضوعي.
 (4)حق المحكمة في الأخذ بقول للشاهد دون قول آخر له في أي مرحلة من مراحل التحقيق. دون بيان العلة.
 (5)إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في الأخذ من أقوال الشاهد بما تطمئن إليه، وإطراح ما عداه.
 (6)إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير. ما دامت وقائع الدعوى تسوغه.
 (7)إثبات. "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير قيمة الاعتراف. موضوعي.
--------------
1 - إن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في إحدى مراحل التحقيق ولو خالفت ما شهد به أمامها دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها.
2 - إن حق التصدي المقرر لمحكمة الجنايات إنما هو استثناء من مبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة ولا يترتب على استعماله سوى تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق أو أمام المستشار المندوب لتحقيقها من بين أعضاء الدائرة التي تصدت لها ويكون بعدئذ للجهة التي تجرى التحقيق حرية التصرف في الأوراق حسبما يتراءى لها، فليس في القانون ما يلزم الهيئة التي تقضى في الدعوى بالتقيد بقرار التصدي وما ورد به من أسباب بل إنها تنظر الدعوى بكامل حريتها وتقضى فيها بما يطمئن إليه وجدانها دون أن تكون ملزمة بالرد على ما ورد بأسباب القرار المذكور لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بأن تورد من الأسباب إلا ما يكفى لإقامة قضاءها، وأنه لا ينال من سلامة الحكم التفاته عن الرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان.
3  و4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم متروك لمحكمة الموضوع ولا تثريب عليها إن هي أخذت بقول للشاهد دون قول آخر له في أي مرحلة من مراحل التحقيق دون أن تبين العلة.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تزن في أقوال الشهود لتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح منها ما لم تطمئن إليه في حق متهم آخر دون أن يعد هذا تناقضا يعيب حكمها ما دام يصح في شرعة العقل أن يكون الشاهد صادقا في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها ما دام الدليل موكولا إلى اقتناعها وحدها.
6 - الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
7 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته لحقيقة الواقع، كما لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه المادي أو المعنوي بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما بدائرة مركز أبو كبير محافظة الشرقية: ضربا...... عمدا الأول بفأس والثاني بعصا على رأسه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي وتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقا لمواد الاتهام، فقرر ذلك. وادعى..... والد المجنى عليه مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 250 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت في الدعوى حضوريا للأول وغيابيا للثاني عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات (أولا) بمعاقبة الطاعن (المتهم الأول) بالسجن مدة خمس سنوات وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني مبلغ 250 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. (ثانيا) ببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
من حيث أن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور والتناقض في التسبيب وانطوى على فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد. ذلك أنه استند في الإدانة إلى ما شهد به الشاهد....... في الجلسة من أنه رأى الطاعن يعتدى بالضرب على المجنى عليه على حين أن هذا الشاهد كان قد قرر بجلسة 4/ 12/ 1972 أن المتهم الثاني هو الذى اعتدى بالضرب على المجنى عليه المذكور مما حدا بالنيابة العامة إلى أن توجه إليه تهمة شهادة الزور بالجلسة وقررت المحكمة إحالة الأوراق إلى النيابة العامة لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم الثاني وأسست قرارها على ما استبان لها من أن هذا المتهم قد ساهم في إحداث إصابة المجنى عليه إلا أنها عادت وقضت ببراءته مما يناقض قرارها السابق دون أن تعرض له وتبين عدولها عنه. كما اعتمد الحكم على ما شهد به الشاهد...... في الجلسة من أن الطاعن وحده هو الذى اعتدى بالضرب على المجنى عليه وأنه لم ير المتهم الثاني بمكان الحادث مع أن هذا يخالف ما قرره هذا الشاهد أمام النيابة وبجلسة 4/ 12/ 1972. وعلى الرغم من أن الشهود قد أجمعوا على أن المتهم الثاني شارك في الاعتداء على المجنى عليه بأن ضربه بعصا في رأسه ولم ينف الطبيب الشرعي في تقريره احتمال حصول إصابة بالرأس من عصا أصابت المجنى عليه في نفس موضع إصابته التي أحدثها به الطاعن بالفأس، فإن المحكمة أطرحت أقوال هؤلاء الشهود بالنسبة للمتهم الثاني فقضت ببراءته في حين أنها أخذت بها دليلا على إدانة الطاعن مما يصم الحكم بالتناقض. هذا فضلا عن أن الحكم تساند أيضا إلى اعتراف الطاعن في التحقيقات مع أنه كان صادرا منه تحت تأثير إكراه أدبى هو رغبته في افتداء شقيق المتهم الثاني، ورغم أن الدفاع تمسك بذلك، فإن الحكم رد عليه ردا سائغ، كل ذلك مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات...... و....... و...... و........ و...... ومن اعتراف الطاعن في التحقيقات والتقارير الطبية الابتدائي والشرعيين وهى أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. وحصل الحكم مؤدى أقوال الشهود بأنهم أبصروا بالطاعن يوم الحادث يضرب المجنى عليه بفأس في رأسه ضربة واحدة فأحدث إصابته وأوضح الشاهدان الأول والثاني أن الاعتداء كان بخرس الفأس، ونسب الحكم إلى الطاعن اعترافه في تحقيق النيابة بأنه وحده المعتدى على المجنى عليه بأن ضربه بفأس في رأسه ضربة واحدة فأصابه بها. ونقل الحكم عن التقرير الطبي الابتدائي أن المجنى عليه وجد مصابا بجرح رضى بفروة الرأس فوق الجدارية اليمنى تسبب في كسر منخسف بعظام الجدارية والصدغية اليمنى وتهتك بأغشية المخ وبروز جوهر المخ ونزيف داخلي بالمخ وصدمة عصبية شديدة وأنه أجريت له عملية تربنة لإزالة العظام وتوفى المصاب متأثرا بجراحه. ونقل من التقرير الطبي الشرعي المؤرخ 6/ 12/ 1971، "يبين أن هذه الإصابات يمكن حصولها من ضربة واحدة بجسم صلب راض أحدث جرح فروة الرأس وما كان تحته من كسور بعظم الجمجمة وتهتك المخ وما صحب ذلك من نزيف داخل الجمجمة وقد حدثت وفاة المجنى عليه نتيجة الإصابات المشار إليها بالرأس وحدها... كما نقل عن التقرير الطبي الشرعي المؤرخ 25/ 12/ 1971. أنه من الممكن حدوث الإصابة الموضحة بالرأس من ضربه واحدة بجسم صلب راض أحدث الجرح الرضى بالفروة وكسور عظام الجمجمة وما صحب ذلك من تهتك بالأغشية السحائية وبروز المخ والرأي أنه من الممكن حدوث كل ذلك من الضرب بالجزء المقابل من الفأس (الخرزة) مثلا، إلا أنه من الوجهة الفنية لا يمكن نفى احتمال اشتراك ضربة أخرى من عصا صادفت نفس موضع ضربه بالفأس أو قريبا جدا منها بحيث اختلطت الإصابات الناشئة عن الضربتين بعضهما مع بعض دون تفرق وأحدثت الصورة النهائية التي ورد وصفها بالأورق الطبية ويفسر في هذه الحالة وجود جرح راضي بالفروة إن إحدى الإصابتين أحدثت الجرح الرضى بينما لم تحدث الأخرى جرحا بالفروة وإنما شاركت في أحداث الانسكاب الدموي الموصوف بها ولا يمكن فنيا ترجيح أي من الرأيين على الآخر. ثم أوردت المحكمة بأسبابها" إذا كان جاء في ذلك التقرير هذا الذى أسلف فإنه ناقش فيه مجرد احتمال أمر الاتهام على استصدار الرأي الطبي بشأنه دون أن تطمئن هذه المحكمة إلى هذا الاحتمال كحقيقة تناقش آراء ما رأت من أن الاتهام الثابت في حق (الطاعن) وحده الذى ثبت بيقين مما خصص من قبل أنه وحده الذى اعتدى على المجنى عليه بضربه له بالجزء الكل من الفأس وهو ما كان التقرير الطبي الشرعي المؤرخ 6/ 12/ 1971 قطع به وتطمئن إليه المحكمة كحقيقة لا كمجرد احتمال، فضلا عن أنه بالنسبة لانتفاء الاطمئنان إلى اتهام المتهم الثاني ... على نحو ما سلف فقد أكد الخفير النظامي ...... في شهادته أمام المحكمة بأن المتهم الأول (الطاعن) وحده هو الذى اعتدى على المجنى عليه بضربه "بخرزة" الفأس على رأسه وأنه لم ير المتهم الثاني بمكان الحادث. ولما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عول في إدانة الطاعن - من بين ما عول عليه - على أقوال الشاهد........ دون أن يسند هذه الأقوال إلى ما قرره الشاهد بمحضر الجلسة على خلاف ما ذهب إليه الطاعن في مذكرة أسباب طعنه، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في إحدى مراحل التحقيق ولو خالفت ما شهد به أمامها دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها. ولما كان الطاعن لا ينازع في صحة نسبة أقوال الشاهد المذكور - التي حصلها الحكم - إليه هي التحقيقات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ذلك. وكان الثابت أن هيئة محكمة الجنايات التي نظرت الدعوى ابتداء قبل الطاعن قد استعملت حقها في التصدي طبقا للمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية وأقامت الدعوى قبل متهم آخر مع الطاعن وأحالت الأوراق للنيابة العامة، ثم نظرت الدعوى برمتها هيئة أخرى أصدرت الحكم المطعون فيه، وكان من المقرر أن هذا الحق المقرر لمحكمة الجنايات إنما هو استثناء من مبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة ولا يترتب على استعماله سوى تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق أو أمام المستشار المندوب لتحقيقها من بين أعضاء الدائرة التي تصدت لها ويكون بعدئذ للجهة التي تجرى التحقيق حرية التصرف في الأوراق حسبما يتراءى لها، فليس في القانون ما يلزم الهيئة التي تقضى في الدعوى بالتقيد بقرار التصدي وما ورد به من أسباب بل إنها تنظر الدعوى بكامل حريتها وتقضى فيها بما يطمئن إليه وجدانها دون أن يكون ملزمة بالرد على ما ورد بأسباب القرار المذكور لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بأن تورد من الأسباب إلا ما يكفى لإقامة قضاءها، وأنه لا ينال من سلامة الحكم التفاته عن الرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند إليه - في قضائه إلى أن الشاهد.... قد أكد في شهادته أمام الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بأن الطاعن وحده هو الذى اعتدى بالضرب على المجنى عليه، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة 8/ 2/ 1975 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه صحة نسبة هذا القول إلى الشاهد المذكور، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم متروك لمحكمة الموضوع ولا تثريب عليها إن هي أخذت بقول للشاهد دون قول آخر له وذلك في أى مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون أن تبين العلة، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تأخذ بقول الشاهد بتحقيق النيابة أو في مرحلة سابقة من مراحل المحاكمة. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تزن في أقوال الشهود لتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح منها ما لم تطمئن إليه في حق متهم آخر دون أن يعد هذا تناقضا يعيب حكمها ما دام يصح في شرعة العقل أن يكون الشاهد صادقا في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها ما دام الدليل موكولا إلى اقتناعها وحدها، فإن قضاء الحكم المطعون فيه ببراءة المتهم الثاني عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت لعدم اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات في حقه لا يتناقض مع ما انتهى إليه الحكم من إدانة الطاعن وحده بهذه الجريمة أخذا بأقوال المذكورين والتي تأيدت لديها باعتراف الطاعن بتحقيق النيابة بأنه وحده الذى ضرب المجنى عليه وشهادة "......" بالجلسة وهي من الأدلة التي ساقها الحكم ووثق بها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قالة للتناقض في التسبيب يكون غير سديد. أما في خصوص ما أثاره الطاعن من أن الخبير لم ينف احتمال اشتراك ضربة أخرى من عصا أصابت المجنى عليه في نفس مكان ضربه الفأس المنسوبة للطاعن وأنه لم يجزم بترجيح أي من الروتين فمردود عليه بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه من أن الاعتراف المنسوب صدروه إليه كان وليد إكراه أدبى ورد عليه في قوله: "وأما ما أدعاه من أنه استهدف به (أي بالاعتراف) افتداء" "أخ صغير له هو المتهم الثاني ..... فإنه مفروض بأن ما كان ارتآه من" "الافتداء لا زال قائما ببقاء هذا الشقيق متهما في القضية يحاكم معه وما كان له إذا كان اعترافه بقصد الافتداء أن يعدل عنه أما وقد عدل وحاول" "جاهدا أن يلصق الاتهام بشقيقه المذكور فإن التبرير يسقط ولا يبقى" "إلا أنه قرر الحقيقة وقت اعترافه ثم لاذ بما يجافيها حتى ولو أضر" "بشقيقه الذى يدعى أنه كان أراد اقتدائه. يضاف إلى هذا إلى أنه وقد" "ركز على أنه هو الذى يعول أخوته الصغار. وأنه لهذا استهدف حماية "شقيقه المذكور لأن والده كان توفى وأنه هو وحده المسئول عنه فإنه" "وبمنطقه كان لا بد ينأى عن الاتهام منذ البداية ليبقى عائلا له ولأشقائه" "الصغار الآخرين ومسئولا عنهم وهو ما لم يفعل وأثر الاعتراف بالحقيقة" "أو كان لا بد يبقى نائيا للنهاية، وهو أيضا ما لم يفعله إذ استفاق" على مغبة اعترافه فارتضى إلصاق الاتهام بشقيقه رغبة في النجاة. "لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها. في الإثبات ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، كما لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه المادي أو المعنوي بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. ولما كانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن لما ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذى استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها ومن خلوه مما يشوبه وصدوره من الطاعن طواعية واختيارا فإن ما يثيره الطاعن من مجادلة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مما يستوجب رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق