الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 31 مارس 2020

الطعن 682 لسنة 46 ق جلسة 15 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ق 205 ص 905


جلسة 15 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار/ حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي إسكندر عزت، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي.
----------------
(205)
الطعن رقم 682 لسنة 46 القضائية

 (1)قتل عمد. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير الدليل.
قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه.
استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع. في حدود سلطته التقديرية.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل ". إثبات. "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها موضوعي.
عدم التزام المحكمة بإجابة الدفاع إلى طلب مناقشة إخصائي العيون أو تقديم تقرير استشاري. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها ما يدعو لاتخاذ هذا الإجراء.
 (3)إجراءات. "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق المتهم في الكلمة الأخيرة. عدم مطالبته بهذا الحق. اعتباره متنازلا عنه. أساس ذلك؟.
(4)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع. الدفع بتعذر الرؤية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتعذر الرؤية موضوعي. لا يستلزم ردا صريحا.
 (5)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". سلطتها في تقدير توافر الارتباط. ارتباط".
تقدير توافر الارتباط. موضوعي. طالما يتفق ووقائع الدعوى.

-------------
1 - لما كان قصد القتل أمر خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
2 - إن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقرير، وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني من وجود آثار التئام تام التكوين مستديرة الشكل على غرار ما يتخلف من مقذوفات الرش الناري منتشرة بمقدم فروة رأس المجنى عليه وبالجبهة والوجه وأعلى الصدر على الجانبين وأعلى وحشية العضد الأيسر وظهر الساعد الأيسر وقد تخلف لدى المجنى عليه من جراء إصابته بالعينين في الحادث عاهة مستديمة أدت إلى فقد إبصار العين اليسرى تماما ونهائيا وضعف شديد في قوة أبصار العين اليمنى فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض وهى غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب مناقشة إخصائي العيون أو تقديم تقرير استشاري ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء.
3 - إذا كانت المحكمة قد فاتها أن تعطى المتهم الكلمة الأخيرة أمامها فله أن يطالبها بذلك فإذا هو لم يفعل فإنه يعد متنازلا عن حقه في أن يكون آخر من يتكلم باعتبار أنه لم يكن عنده أو لم يبق لديه ما يقوله في ختام المحاكمة ومن ثم فلا يقبل منه الاعتراض على ذلك لدى محكمة النقض.
4 - إذا كانت المحكمة قد قطعت أن الحادث قد وقع قبل غروب الشمس وكانت الرؤية متيسرة وكان تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن شهود الإثبات قد رأوا الطاعن وهو يصوب بندقيه في اتجاه المجنى عليه وكان الدفع بتعذر الرؤية وتحديد الضارب من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردا صريحا من الحكم ما دام الرد مستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها فإن نعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
5 - الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه لا تتفق قانونا مع ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجرائم وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منهما فإن ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التى تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال القانون على وجهه الصحيح.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز رشيد محافظة البحيرة (أولا) شرع في قتل...... عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجنى عليه بالعلاج (ثانيا) أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن "بندقية خرطوش" (ثالثا) أحرز ذخائر مما تستعمل في الأسلحة دون أن يكون مرخصا له في حيازة السلاح أو إحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 1 - 4 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 الملحق به... فقرر ذلك. وادعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ ألفين من الجنيهات على سبيل التعويض ومحكمة جنايات دمنهور وقضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات (أولا) بمعاقبة المتهم عن التهمة الأولى بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات: (ثانيا) بمعاقبته عن التهمتين الثانية والثالثة بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه عشرة جنيهات: (ثالثا) بإلزامه أن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية......... مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المناسبة وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.. الخ

المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الشروع في القتل العمد وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرة بدون ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم المطعون فيه دلل على توافر نية القتل لدى الطاعن بما لا ينتجه ملتفتا عن دلالة تفاهة الإصابة وموقعها من جسم المجنى عليه وما قرره الأخير من عدم وجود عداء بينه وبين الطاعن غير تلك المشادة التي أجمع الشهود على بساطتها وهى كلها أمور تؤكد أن الطاعن كان يصوب سلاحه إلى أعلا بقصد الإرهاب خشية الاعتداء عليه ولم يكن يقصد قتلا وأن أحدا من الشهود لم يقل أن الطاعن صوب سلاحه إلى المجنى عليه كما أغفل الحكم ذكر الوقت الذى وقع فيه الحادث حتى يبين ما إذا كانت الرؤية محكمة من عدمه هذا فضلا عن أن المحكمة التفتت عن طلب مناقشة أخصائي العيون لمصلحة الطب الشرعي والتصريح له بتقديم تقرير استشاري للدلالة على وجود حالة مرضية بعيني المجنى عليه قبل إطلاق النار عليه والحال أن النيابة عقبت عليه فكانت بذلك آخر من تكلم في الدعوى على خلاف المقرر من أن المتهم هو آخر من يتكلم - وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر جريمة الشروع في القتل التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجنى عليه وشهود الإثبات ومن التقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك وكان قصد القتل أمر خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ ما كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية تدليلا سائغا واضحا في إثبات توافرها لدى الطاعن في قوله "وحيث أنه عن نية القتل فقد توافرت في حق المتهم مما ثبت على لسان الشهود من وقوع تماسك بينه وبين المجنى عليه أثار حفيظته على الأخير فانتوى معه قتله وانصرف على اثره إلى منزله وعاد حاملا بندقية وهى سلاح قاتل بطبيعته وأطلق عليه في مقتل بعد التصويب عليه رغم محاولة شهود الحادث أن يثنوه عن الإطلاق ووقوف بعضهم حائلا بينه وبين المجنى عليه فتفادى هؤلاء إصرارا منه على الوصول إلى ما انتواه من إزهاق روح المجنى عليه انتقاما لما بدر منه في حقه وأثار حفيظته ولا ينال من توافر هذا القصد لديه إطلاقه العيارين التاليين في الهواء إذ الثابت من أقوال المجنى عليه والشهود أن المذكور سقط على الأرض أثر إصابته وهو ما جعل المتهم يعتقد أنه حقق ما استهدفه من إطلاقه العيار الأول وهو مصرع المجنى عليه وحدا به إلى إطلاق العيارين في الهواء رغبة في الفرار بنفسه والحيلولة بين الموجودين بمكان الحادث وبين القبض عليه ودون اعتداد بما أثاره الدفاع عنه من أن تصويبه السلاح كان إلى أعلا عن الإطلاق وبهدف الإرهاب إزاء ما أجمع عليه الشهود الذين اطمأنت المحكمة إلى أقوالهم من أن من أن المتهم صوب بندقيته تماما إلى المجنى عليه وفى مواجهته ثم أطلق عليه النار وقد تأيد ذلك بما ورد بالتقرير الطبي الشرعي من أن الضارب كان أساسا لحظة الإطلاق على يسار وفى مواجهة المجنى عليه" "فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ولا محل له - أما عن تعيب الحكم بالخطأ في الإسناد فلا أصل له في الأوراق إذ يبين من الاطلاع على المفردات أن شهود الحادث قد أجمعوا على أن الطاعن صوب بندقيته إلى المجنى عليه فأصابه ومن ثم يتعين الالتفات عما أثاره الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقرير. وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واستندت إلى رأيه الفني من وجود آثار التئام تام التكوين مستديرة الشكل على غرار ما يتخلف من مقذوفات الرش الناري منتشرة بمقدم فروة رأس المجنى عليه وبالجبهة والوجه وأعلى الصدر على الجانبين وأعلى وحشية العضد الأيسر وظهر الساعد الأيسر وقد تخلف لدى المجنى عليه من جراء إصابته بالعينين في الحادث عاهة مستديمة أدت إلى فقد إبصار العين اليسرى تماما ونهائيا وضعف شديد في قوة إبصار العين اليمنى فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك أمام محكمة النقض وهى غير ملزمة بإجابة الدفاع إلى طلب مناقشة أخصائي العيون أو تقديم تقرير استشاري ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء ومن ثم يتعين الالتفات عما أثاره الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان على المتهم إذا كانت المحكمة قد فاتها أن تعطيه الكلمة الأخيرة أمامها أن يطالبها بذلك فإذا هو لم يفعل فإنه يعد متنازلا عن حقه في أن يكون آخر من يتكلم باعتبار أنه لم يكن عنده أو لم يبق لديه ما يقوله في ختام المحاكمة ومن ثم فلا يقبل منه الاعتراض على ذلك لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد قطعت بأن الحادث قد وقع قبل غروب الشمس وكانت لرؤية متيسرة وكان تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن شهود الإثبات قد رأوا الطاعن وهو يصوب بندقيته في اتجاه المجنى عليه، وكان الدفع بتعذر الرؤية وتحديد الضارب من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردا صريحا من الحكم ما دام الرد مستفاد ضمنا من القضاء بالإدانة، استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها فإن نعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد لما كان ما تقدم جميعه فإن منعى الطاعن لا يكون له محل إذ هو لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويتعين رفض الطعن موضوعا، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه لا تتفق قانونا مع ما انتهى إليه من عدم الارتباط بين الجرائم وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منهما فإن ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التى تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال القانون على وجهه الصحيح - ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي الشروع في القتل وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرة بدون ترخيص اللتين دانه بهما رغم ما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم على نحو ما سلف من أن الجريمتين قد انتظمتهما خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهى العقوبة المقررة للجريمة الأولى، لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيها نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء عقوبتي الحبس والغرامة المقضي بهما عن الجريمتين الثانية والثالثة المسندتين إلى الطاعن عملا بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق