الدعوى رقم 22 لسنة 38 ق "دستورية" جلسة 3 / 11 / 2018
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من نوفمبر سنة 2018م،
الموافق الخامس والعشرون من صفر سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر
شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق
عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيدة المستشار / شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 22 لسنة 38 قضائية
"دستورية"، بعد أن أحالت محكمة جنايات الجيزة بحكمها الصادر بجلسة
11/2/2016، ملف الدعوى رقم 4304 لسنة 2014 جنايات مركز العياط المقيدة برقم 848
لسنة 2014 كلى جنوب الجيزة.
المقامة من
النيابة العامة
ضــــــد
1- أيمن جمال عبدالسلام جمعــة
2- عبدالسلام جمعة عبدالســـلام
3- شريف عبدالسلام جمعة عبدالسلام
4- عاشور سيد سيد عبدالجــواد
الإجراءات
بتاريخ الأول
من مارس سنة 2016، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 4304
لسنة 2014 جنايات مركز العياط، والمقيدة برقم 848 لسنة 2014 كلى جنوب الجيزة، بعد
أن قضت محكمة جنايات الجيزة بجلسة 11/2/2016، بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى
المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (395) من
قانون الإجراءات الجنائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــــة
بعد الاطلاع
على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصـــل – على ما
يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد أحالت كلاًّ
من: 1- أيمن جمال عبدالسلام جمعـة 2- عبدالسلام جمعة عبدالسلام 3- شريف
عبدالسلام جمعة عبدالسلام 4- عاشور سيد سيد عبدالجواد، إلى محكمة الجنايات،
متهمة إياهم بأنهم بتاريخ 8/4/2014، بدائرة مركز شرطة العياط، محافظة الجيزة: (1)
سرقوا السيارة المبينة وصفًا بالأوراق بطريق الإكراه الواقع على المجنى عليه
......، بأن استوقفوه حال قيادته للسيارة آنفة البيان بالطريق العام مشهرين في
وجهه أسلحة نارية "بنادق آلية" فبثوا الرعب في نفسه، وتمكنوا بتلك
الوسيلة القسريـــــة من شل مقاومته، والاستيلاء على السيارة آنفة البيان على
النحو المبين بالأوراق. (2) حازوا وأحرزوا أسلحة نارية مششخنة
"بنادق آلية" مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها. وطلبت معاقبة
المتهمين بالمواد (315/أولاً، ثالثًا) من قانون العقوبات، والمواد (1/2، 26/3) من
القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة
1978، 101 لسنة 1980، 165 لسنة 1981، والمرســوم بقانون رقم 6 لسنة
2012، والبند (ب) من القسم الثانى من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول
والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 2017.
وإذ لم يمثل المتهمون بجلسة المحاكمة
على الرغم من إعلانهم قانونًا بها، فقد قضت محكمة الجنايات بجلسة 10/11/2015،
غيابيًّا، بمعاقبتهم بالسجن المؤبد، وتغريم كل منهم مبلغ عشرين ألف جنيه،
وإلزامهـم بالمصاريف الجنائية. وإذ حضر المحكوم عليهم بإرادتهم، إلى جهة التنفيذ،
بعد صدور القضاء آنف البيان، حدد رئيس محكمة استئناف القاهرة جلسة 6/2/2016،
لإعادة نظر الدعوى، وبتلك الجلسة تخلف المحكوم عليهم عن الحضور، فقررت المحكمة حجز
الدعوى للحكم بجلسة 11/2/2016، وبها أصدرت حكمها بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى
المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (395) من
قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة
(395) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، المضافة
بالقانون رقم 74 لسنة 2007، قبل استبدالها بالقانون رقم 11 لسنة 2017، تنص على أن:
"فإذا تخلف المحكوم عليه في غيبته عن
حضور الجلسة المحددة لإعادة نظر دعواه، اعتبر الحكم ضده قائمًا، فإذا حضر مرة أخرى
قبل سقوط العقوبة بمضى المدة تأمر النيابة بالقبض عليه ويحدد رئيس محكمة الاستئناف
أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويُعرض محبوسًا بهـــذه الجلسة، وللمحكمة أن
تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطيًّا حتى الانتهاء من نظر الدعوى".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى
الدستورية - وهى شرط لقبولها - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة
القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا
للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. وأنه يستوى في شأن
توافر المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، أن تكون الدعوى قد اتصلت
بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها
التى تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها. متى
كان ذلك، وكان المتهمون في الدعوى الموضوعية، بعد إدانتهم
غيابيًّا حضروا من تلقاء أنفسهم لإعادة إجراءات محاكمتهم، وحدد رئيس محكمة
الاستئناف جلسة لإعادة نظر الدعوى الموضوعية، فتخلفوا عن حضورها، وإذ رتب المشرع،
وفقًا لحكم النص المحال، على واقعة تخلف المحكوم عليه في غيبته عن حضور الجلسة
المحددة لإعادة نظر دعواه، اعتبار الحكم الغيابى الصادر ضده قائمًا، ومن ثم صار
المركز القانونى للمتهمين في الدعوى الموضوعية محكومًا بذلك النص، ويتحدد نطاق
الدعوى المعروضة في عبارة "فإذا تخلف المحكوم عليه في غيبته عن حضور الجلسة
المحددة لإعادة نظر دعواه، اعتبر الحكم ضده قائمًا،....". ولا ينال من توافر
المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى المعروضة استبدال نص آخر بالنص المحال، وذلك
بمقتضى نص المادة (1) من القانون رقم 11 لسنة 2017 بشأن تعديل بعض أحكام قوانين:
الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950، وقانون حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض الصـادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وقانون تنظيم قوائم
الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر
بالقانون رقم 94 لسنة 2015، المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد 17 (تابع) بتاريخ
27/4/2017، والمعمول به من اليوم التالي لنشره في شأن النص المستبدل، ذلك أن
المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن إلغاء المشرع قاعدة قانونية بذاتها،
لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها،
وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه يتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية
المباشرة؛ ذلك أن الأصل في القاعدة القانونية، هو سريانها على الوقائع التي تتم في
ظلها وحتى إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة، وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن
القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من
تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين. وإذ كان المركز
القانوني للمحكوم عليهم غيابيًّا في الدعوى الموضوعية، قد نشأ، واكتمل، وانقضى
أثرًا، بتخلفهم عن حضور جلسة إعادة محاكمتهم في السادس من شهر فبراير عام 2016،
فإنه يظل محكومًا بالنص المحال قبل استبداله، حال كون النص المحال بعد استبداله لا
يُعد في الإطار الذي تطرحه الدعوى الموضوعية أصلح للمتهم.
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين
من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور
القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً - وعلى ما جـرى عليه قضاء
هذه المحكمة - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا
الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام
الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما
يخالفها من تشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. ومن ثم فإن هذه المحكمة تباشر
رقابتها على النص المحال، محددًا نطاقًا على النحو المتقدم بيانه، -والذى عُمِلَ
بمقتضاه إلى أن تم استبداله بالقانون رقم 11 لسنة 2017 السالف الإشارة إليه -،
وذلك من خلال أحكام الدستور القائم الصادر في 18 يناير سنة 2014.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص
المحال أنه ألزم القاضي باعتبار الحكم الغيابي الصادر في جناية ضد متهم تخلف عن
حضور جلسة إعادة محاكمته مازال قائمًا، مما يمثل قيدًا على سلطة القاضي في تقدير
أدلة الاتهام والموازنة بينها وبين أدلة النفي، ومن ثم تقييده في القضاء ببراءة
المتهم إذا رأى القاضي في وقائع الدعوى موجبًا لذلك القضاء، على الرغم من جواز
القضاء ببراءة المتهم الغائب عن إجراءات محاكمته للمرة الأولى، بما يخالف أحكام
المواد (94، 184، 186) من الدستور.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة
الدستورية العليا أن الأصل في النصوص التشريعية هو ارتباطها عقلاً بأهدافها،
باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصودًا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك
الأهداف؛ ومن ثم يتعين دائمًا استظهار ما إذا كان النص التشريعي يلتزم إطارًا
منطقيًّا للدائرة التي يعمل فيها، كافلاً من خلالها تناغم الأغراض التي يستهدفها،
أم متهافتًا مع مقاصــده أو مجاوزًا لها، ومناهضًا - بالتالي - لمبدأ خضوع الدولة
للقانون. كما أن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن خضوع الدولة للقانون، محدد
على ضوء مفهوم ديمقراطي، مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التي يعتبر التسليم بها
في الدول الديمقراطية مفترضًا أوليًّا لقيام الدولة القانونية، وضمانة أساسية لصون
حقوق الإنسان وكرامته وشخصيته المتكاملة، ويندرج تحتها طائفة من الحقوق وثيقة
الصلة بالحرية الشخصية التي كفلها الدستور.
متى كان ذلك، وكانت إضافة النص المحال
إلى المادة (395) من قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم 74 لسنة 2007، قد توسل
المشرع بمقتضاه سد الذرائع التي قد يلجأ إليها المحكوم عليه في غيبته لإطالة أمد
محاكمته جنائيًّا، والحيلولة دون تنفيذ الحكم بإدانته، وذلك بتخلفه عن حضور جلسة
إعادة المحاكمة، خاصة من يتقدم طوعًا للتنفيذ، فيحال للجلسة مفرجًا عنه، ويتخلف
مرة أخرى ويصبح - بالتالي - تنفيذ الحكم الغيابي رهنًا بإرادة المحكوم عليه، مما
حدا بالمشرع - نفاذًا للالتزام الدستوري بالعمل على سرعة الفصل في القضايا، المنصوص
عليه في المادة (97) من دستور 2014، المقابلة للمادة (68) من دستور 1971 - إلى
إضافة نص الفقرة المحالة، والذى لم يحظر إعادة إجراءات محاكمة من اعتبر الحكم الغيابي
الصادر ضده قائمًا، مع التزام الحكم الذى يصدر في هذه المحاكمة بعدم تشديد العقوبة
المقضي بها في الحكم الغيابي، عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة (395) من قانون
الإجراءات الجنائية، كما لم يفوت النص المحال، على المحكوم عليه في غيبته، درجة من
درجات التقاضي، ومن ثم يكون النعي عليه بمخالفة مبدأ سيادة القانون، والتفاته عن
قيم الدولة القانونية لا أساس له.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة
الدستورية العليا أن الأصل في سلطة المشرع في تنظيمه لحق التقاضي - وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التي يجريها بين البدائل
المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق
الأغراض التي يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا، وليس من قيد على
مباشرة المشرع لهذه السلطة إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض في شأن مباشرتها ضوابط
محددة تعتبر تخومًا لها ينبغي التزامها، وفى إطار قيامه بهذا التنظيم لا يتقيد
المشرع باتباع أشكال جامــــدة لا يريم عنها، تفرغ قوالبها في صورة صماء لا تبديل
فيها، بل يجوز له أن يغاير فيما بينها، وأن يقدر لكل حالة ما يناسبها، على ضوء
مفاهيم متطورة تقتضيها الأوضاع التي يباشر الحق في التقاضي في نطاقها، وبما لا يصل
إلى إهداره، ليظل هذا التنظيم مرنًا، فلا يكون إفراطًا يطلق الخصومة القضائية من
عقالها انحرافًا بها عن أهدافها، ولا تفريطًا مجافيًا لمتطلباتها، بل بين هذين
الأمرين قوامًا، التزامًا بمقاصدها، باعتبارها شكلاً للحماية القضائية للحق في صورتها
الأكثر اعتدالاً.
متى كان ذلك، وكان المشرع بالنص
المحال، قد تغيا من اعتبار الحكم الغيابي قائمًا، إذا تخلف المحكوم عليه في غيبته
عن حضور الجلسة المحددة لإعادة نظر دعواه، إعمال آثار الحكم الغيابي الذى صدر في خصومة
قضائية انعقدت بإجراءات صحيحة، وتخلف المحكوم عليه عن حضورها، وإبداء دفاعه فيها،
ومن ثم لا يكون النص المحال قد أفرط في إطلاق الخصومة القضائية من عقالها وإنما
التزم الضوابط التي لا تتعدى أهدافها، من حيث ضمان سرعة الفصل في القضايا، وكفالة
تنفيذ الأحكام الصادرة فيها، وترتيب الآثار الناشئة عنها، بلوغًا للغاية منها، ومن
ثم يضحى النعي على النص المحال بمخالفته حكم المادة (94) من الدستور خليقًا
بالالتفات عنه.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية
العليا قد جرى على أن استقلال السلطة القضائية يقوم في مضمونه على أن تفصل السلطة
القضائية فيما يعرض عليها من دعاوى في موضوعية كاملة، وعلى ضوء الوقائع المطروحة
عليها، ووفقًا للقواعد القانونية المعمول بها، ودون ما قيود تفرضها عليها أي جهة،
أو تدخل من جانبها في شئون العدالة بما يؤثر في متطلباتها، لتكون لقضاتها الكلمة
النهائية في كل مسألة من طبيعة قضائية، ولتصدر أحكامها وفقًا لقواعد إجرائية تكون
منصفة في ذاتها، وبما يكفل الحماية الكاملة لحقوق المتقاضين.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان سقوط
الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات مشروطًا بحضور المحكوم عليه في غيبته أمام
المحكمة لإعادة نظر الدعوى، فإذا أعلن بالجلسة ولم يحضرها، فإن ما قرره النص
المحال من اعتبار الحكم الغيابي الصادر في الدعوى قائمًا، لا يسقط، يكون موافقًا
لاعتبارات العدالة التي حرص الدستور على صونها، واعتبرها بمقتضى نص المادة (4) منه
أساسًا لبناء المجتمع، وصون وحدته الوطنية، وغير مناقض لحق التقاضي الذى كفله
الدستور في المادة (97) منه، كما لا يمس استقلال القضاة والسلطة القضائية، الذى
أكد عليه الدستور في المادتين (184، 186) منه، ذلك أن الدعوى لا تدخل في هذه
الحالة إلى حوزة محكمة الموضوع دخولاً مطابقًا للأوضاع القانونية، ويمتنع عليها -
من ثم - أن تجيل بصرها في موضوعها، أو أن تقضى فيه، ولا يكون لها بعد أن اتصلت
بالدعوى اتصالاً منقوصًا، إلا أن تقرر فيها أمرا مقضيًّا، قوامه اعتبار الحكم الغيابي
قائمًا، وإلا انحل قضاؤها بغير ما تقدم، مساسًا بحكم قطعي زالت ولايتها عن نظر
الدعوى التي صدر فيها، ومن ثم يضحى احتجاج حكم الإحالة على النص المحال بقالة
العدوان على استقلال القضاء، والتدخل في شئون العدالة بتقييد حرية القاضي في تكوين
عقيدته القضائية، منبئًا عن تفسير معيب، واستخلاص غير سديد، لمؤدى النص المحال،
أورثه النعي على النص المذكور نعيًا لا سند له، بما يوجب لما تقدم جميعه الحكم
برفضه.
وحيث إن النص المحال لا يخالف أحكام
الدستور من أي وجه آخر، فإنه يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة
برفض الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق