جلسة 8 من أكتوبر سنة 2007
برئاسة السيد المستشار / مصطفى كامل نائب
رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / هاني حنا ، يحيى محمود ، فتحي
شعبان ومحمد هلالي نواب رئيس المحكمة .
-----------------------
(112)
الطعن 3832 لسنة 69 ق
(1) حكم "بيانات
التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم لواقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده
أدلة سائغة على ثوبتها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلا
ًخاصا ًلصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافيا ًفي تفهم الواقعة
بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) إثبات " شهود
" . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى
" " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغا ً.
لمحكمة الموضوع أن
تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من
الأوراق .
لمحكمة الموضوع تحصيل
أقوال الشاهد واستخلاص مراميها . حد ذلك؟
ورود الشهادة على
الحقيقة المراد إثباتها بأكملها بجميع تفاصيلها على وجه دقيق. غير لازم . كفاية أن
يكون من شأنها أن تؤدي الى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة .
الجدل الموضوعي في
تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) إثبات " شهود
" . طفل . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "
.
جواز سماع الشهود الذين
لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين . للقاضي الأخذ بأقوالهم على سبيل الاستدلال
إذا آنس فيها الصدق .
النعي على الحكم أخذه بأقوال المجني عليه بحجة عدم استطاعته التمييز لصغر سنه . غير مقبول . حد ذلك ؟
(4) إثبات " شهود "
. محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال
الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها
" .
حق المحكمة في الأخذ
برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن هذه الأقوال قد صدرت منه حقيقة وتمثل الواقع في
الدعوى .
الجدل الموضوعي . غير
جائز أمام محكمة النقض .
(5) إثبات " شهود
" . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما
لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم التزام المحكمة
بسرد روايات الشاهد إذا تعددت . حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه و تطرح ما عداه في
أي مرحلة من مراحل الدعوى دون بيان العلة أو موضع الدليل بأوراق الدعوى . ما دام
له أصله الثابت فيها .
تناقض أقوال الشهود أو
تضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة منها استخلاصاً سائغاً
.
(6) إثبات " شهود
" . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في إيراد
أقوال شاهد الى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت أقوالهما متفقة
مع ما استند إليه الحكم منها .
(7) استدلالات . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيب . تسبيب
غير معيب " .
للمحكمة التعويل على
تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . الجدل الموضوعي في تقدير
الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
اطمئنان المحكمة الى
صحة التحريات وجديتها . كفايته لاطراح الدفع بعدم جدية التحريات .
(8) هتك عرض . إثبات
" بوجه عام " . جريمة " أركانها " .
الركن المادي في جريمة
هتك العرض . مناط تحققه ؟
نزع الطاعن بنطال
المجني عليه عنوة والكشف عن عورته والاحتكاك به . كفايته لتوافر جريمة هتك العرض .
ولو لم يتخلف عنه آثار .
مثال .
(9) دفاع " الإخلال
بحق الدفاع . ما لا يوفره ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل
". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
عدم التزام المحكمة
بالرد على الدفاع الموضوعي اكتفاءً بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها
بالإدانة .
بحسب الحكم كيما يتم
تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع
الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم .
التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في
تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(10) دفوع "
الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره "
.
الدفع بعدم تواجد
الطاعن بمسرح الجريمة . موضوعي . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها
الحكم .
(11) إثبات "
شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
لمحكمة الموضوع
التعويل على أقوال شهود الإثبات والإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق
فيما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها. مفاده ؟
(12) أهلية . دعوى
مدنية . نقض " المصلحة في الطعن " " ما لا يجوز الطعن فيه من
الأحكام " . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية
" . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
النعي على الحكم عدم
قضائه بعدم قبول الدعوى المدنية . غير جائز . علة وأساس ذلك ؟
إقامة الدعوى المدنية
على المتهم القاصر أو المحجور عليه أمام المحكمة الجنائية دون إدخال الوصي أو
القيم عليه . جائز . علة ذلك ؟
_________________
1- لما
كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: " أنه في
يوم... استدرج المتهم المجني عليه الذى لم يبلغ من العمر سبع سنوات إلى منزله وحسر
عنه بنطاله عنوة وحك قضيبه في دبره " وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها
إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما قرره المجني عليه ومما ثبت من
التقرير الطبي لمستشفى .... لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين تلك
الواقعة بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد
على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء
استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت
بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة
، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً
في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في
الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في
هذا الشأن يكون لا محل له .
2- من المقرر أن
من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على
بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما
يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل
والمنطق ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل
تطمئن إليه مادام أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح في الأوراق وأن تحصل أقوال الشاهد
وتفهم سياقها وتستشف مراميها مادامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن مضمونها ولا
يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع
تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه
النتيجة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى
رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه
لأقوال الشهود وتحريات الشرطة المؤيدة بالتقرير الطبي لمستشفى .... ، فإن ما يثيره
الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال لا يعدو أن
يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة
التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح مما لا تجوز إثارته أمام محكمة
النقض .
3- لما كان القانون
قد أجاز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنه بغير حلف يمين على سبيل
الاستدلال ، ولم يحرم الشارع على القاضي الأخذ بتلك الأقوال التي يدلي بها على
سبيل الاستدلال إذا أنس فيها الصدق ، فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي حسب
اقتناعه ، فإنه لا يقبل من الطاعن النعي على الحكم أخذه بأقوال المجني عليه بحجة
عدم استطاعته التمييز لصغر سنه مادامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ما أدلى به وركنت
إلى أقواله على اعتبار أنه يدرك ما يقول ويعيه، ومادام أن الطاعن لم يطلب من
المحكمة تحقيق مدى توافر التمييز لديه بل اقتصر على تعييب الحكم بدعوى أنه ما كان
يصح الاعتماد على تلك الأقوال ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً
.
4- من المقرر
أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن
تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى ، وكان الحكم قد أفصح
عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلت به والدة المجني عليه والشاهدة الأخرى ، فإن ما يثيره
الطاعن حول استدلال الحكم بهذه الأقوال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل
إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان من
المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها
بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولها في ذلك أن
تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون بيان العلة في ذلك
ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل في أوراق الدعوى مادام له أصله الثابت فيها، و
كان التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم
مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه -
كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
6- من المقرر
أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ،
مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن
ما نقله الحكم عن أقوال الشاهدتين الأولى والثانية له أصله الثابت في الأوراق ولم
يخرج الحكم عن مدلول شهادتهما، فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله .
7- من المقرر أن
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها علـى ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة
معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله على
تحريات الشرطة على الرغم من عدم جزمها بالواقعة وأنها كانت مجرد ترديد لأقوال
الشهود ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج
عن رقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد اطرح الدفع بعدم جدية
التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات وجديتها ، وهو ما يعد
كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الصدد ، ويكون منعاه في هذا الشأن ولا محل
له.
8- من المقرر أن
الفعل المادي في جريمة هتك العرض يتحقق بأي فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه
ويستطيل على جسمه ويخدش عاطفة الحياء عنده ، ومن ثم فإن نزع الطاعن بنطال المجني عليه
عنوة والكشف عن عورته والاحتكاك بـه تتوافر بهذا الفعل جريمة هتك العرض دون أن
يؤثر في قيامها عدم تخلف آثار ما قارفه المتهم وأثبت الحكم وقوعه منه، ومن
ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ما ورد بتقرير الطب الشرعي من خلو جسم المجني عليه
من الإصابات أو ما يشير إلى الإيلاج لواطاً أو أي إصابات ظاهرية أو موضعيـة تفيد
ذلك لا يكون سديداً.
9- من المقرر أن
محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفـاع موضوعي للمتهـم اكتفاءً بأدلة الثبوت
التي عولت عليها في قضائها بالإدانة، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم
قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة
المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد
التفاته عنها أنه اطرحها .لما كان ذلك ، فإن ما يثيره الطاعــن في شأن استحالة
تكميمه للمجني عليه لوجـود إعاقة في يده ، وكذا استحالة بقاء آثار السحجات التي
أثبتها التقرير الطبي المبدئي حول فتحة شرج المجني عليه لمدة خمسة أيام وبكذب
أقوال المجني عليه لا يعدو جميعه أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة
محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام
محكمة النقض .
10- لما كان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن
بعدم تواجده على مسرح الجريمة ، مردوداً بما هو مقرر بأن نفى التهمة من أوجه
الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ، مادام كان الرد عليها مستفاداً من أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم والتي من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما رتبه عليها من إدانة،
ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
11- من المقرر
أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة شهود النفي ،
مادامت لا تثق فيما شهدوا به ، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها
دلالة على أنها لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، فإن ما ينعاه الطاعن في
هذا الشأن يكون غير سديد.
12- لما كان منعى الطاعن على الحكم لعدم قضائه بعدم
قبول الدعوى المدنية مردوداً بأنه فضلاً عن عدم جوازه لأن ما قضى به الحكم المطعون
فيه غير منه للخصومة في هذه الدعوى فمصلحته فيه منعدمة إذ إن الحكم لم يفصل في
الدعوى المدنية بل تخلى عنها بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها
عملاً بنص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية . هذا بالإضافة إلى أنه من
المتفق عليه أنه يجوز رفع الدعوى المدنية على المتهم القاصر أو المحجور عليه أمام
المحكمة الجنائية بلا حاجة إلى إدخال الوصي أو القيم عليه ، لأن إيجاب دخول الوصي
أو القيم في الدعوى المدنية المطروحة أمام المحكمة الجنائية يخلق شيئاً من التعارض
بين إجراءات الدعويين العمومية والمدنية ، إذ مادام المتهم مفروضاً فيه أنه قادر
على الدفاع عن نفسه في الدعوى العمومية ، فالواجب أن يكون أقدر على الدفاع أمام
المحكمة عينها في الدعوى المدنية التي هي فرع منها .
_______________________
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعن في قضيـة الجناية بأنه هتك عرض... والذى لم
يبلغ من العمر سبع سنوات كاملة بأن أمسك به عنوة وخلع عنه ملابسه وحك قضيبه في
دبره . وأحالته إلى محكمة جنايات... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على
سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً عملاً بالمادة 269 من قانون العقوبات وإعمال المادة 17من ذات القانون
بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة
المدنية المختصة .
فطعن
المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
_____________________
المحكمة
وحيث
إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
هتك عرض صبى لم يبلغ سنه سبع سنين كاملة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في
الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه لم يحط بوقائع
الدعوى وبأدلتها واعتنق صورة للواقعة مفادها أن الفعل الذى ارتكبه الطاعن كان مجرد
احتكاك خارجي بدبر المجني عليه برغم أن شهود الواقعة قرروا أنها كانت بالإيلاج
لواطاً، وهو ما يناقض أيضاً ما انتهى إليه تقرير الطب الشرعي من خلو جسم المجني
عليه من الإصابات أو ما يشير إلى الإيلاج لواطاً أو أية إصابات ظاهرية أو موضعية
تفيد ذلك ، وعول الحكم على أقوال شهود الإثبات على الرغم من أن شهادتهم سماعيـة
منقولة عن المجني عليه غير المميز وبرغم تعدد روايته ورواية الشاهدة الأولى ،
وأحال في بيان أقوال الشاهدة الثانية إلى مضمون ما شهدت به الشاهدة الأولى على
الرغم من اختلافهما في شأن مشاهدة الطاعن في القرية يوم الحادث ، كما عول على
تحريات الشرطة برغم أنها جاءت احتمالية غير قاطعة في نتيجتها ، ورد الحكم على
الدفع بعدم جديتها بما لا يكفي ، كما لم يدلل على توافر الركن المادي لجريمة هتك
العرض ، وأغفل الحكم الرد على دفاعه القائم على استحالة تكميم الطاعن للمجني عليه
لوجود إعاقة في يده ، وباستحالة بقاء آثار السحجات التي أشار إليها التقرير الطبي المبدئي
لمدة خمسة أيام ، كما أغفل دفاعه بعدم تواجده بمكان الحادث واطرح أقوال شهود النفي
المؤيدة لذلك ، وأخيراً فقد أخطأ الحكم
بقبول الادعاء المدني من المجني عليه ضده على الرغم من أنه ناقص الأهلية لعدم
بلوغه سن الرشد ، كل ذلك
مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه .
وحيث
إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: " أنه في
يوم... استدرج المتهم المجني عليه الذى لم يبلغ من العمر سبع سنوات إلى منزله وحسر
عنه بنطاله عنوة وحك قضيبه في دبره " وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها
إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما قرره المجني عليه ومما ثبت من
التقرير الطبي لمستشفى ..... لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين تلك
الواقعة بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد
على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء
استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت
بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة
، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة
المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً
في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في
الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في
هذا الشأن يكون ولا محل له. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن
تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام
استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، كما أن لمحكمة
الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه مادام أن لهذا
الدليل مأخذه الصحيح في الأوراق وأن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف
مراميها مادامت فيما تحصله لا تحرف الشهادة عن مضمونها ولا يشترط في شهادة الشاهد أن
تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل
يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه النتيجة باستنتاج سائغ تجريه
محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى
المطروحة أمامها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه لأقوال الشهود وتحريات الشرطة
المؤيدة بالتقرير الطبي لمستشفى .... ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما
استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة
الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي
الموضوع بالدليل الصحيح مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان
القانون قد أجاز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بغير حلف يمين على
سبيل الاستدلال ، ولم يحرم الشارع على القاضي الأخذ بتلك الأقوال التي يدلي بها
على سبيل الاستدلال إذا أنس فيها الصـدق ، فهي عنصر من عناصر الإثبات يقدره القاضي
حسب اقتناعه ، فإنه لا يقبل من الطاعن النعي على الحكم أخذه بأقوال المجني عليه
بحجة عدم استطاعته التمييز لصغر سنه مادامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ما أدلى به
وركنت إلى أقواله على اعتبار أنه يدرك ما يقول ويعيه ، ومادام أن الطاعن لم يطلب
من المحكمة تحقيق مدى توافر التمييز لديه بل اقتصر على تعييب الحكم بدعوى أنه ما
كان يصح الاعتماد على تلك الأقوال ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون
مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من
الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت
تمثل الواقع في الدعوى ، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة ما أدلت به والدة
المجني عليه والشاهدة الأخرى ، فإن ما يثيره الطاعن حول استدلال الحكم بهذه
الأقوال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما
كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا
تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما
عداه ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة دون
بيان العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل في أوراق الدعوى مادام له
أصله الثابت فيها، وكان التناقض في أقوال الشهود أو تضاربهم في أقوالهم - بفرض
حصوله - لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً
سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم يضحى منعى الطاعن في
هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في
إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ، ما
استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله الحكم عن أقوال
الشاهدتين الأولى والثانية له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول
شهادتهما، فإن نعي الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها علـى ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها
قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويله
على تحريات الشرطة على الرغم من عدم جزمها بالواقعة وأنها كانت مجرد ترديد لأقوال
الشهود ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج
عن رقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد اطرح الدفع بعدم جدية
التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات وجديتها ، وهو ما يعد
كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الصدد ، ويكون منعاه في هذا الشأن ولا محل
له . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الفعل المادي في جريمة هتك العرض يتحقق بأي
فعل مخل بالحياء العرضي للمجنى عليه ويستطيل على جسمه ويخدش عاطفة الحياء عنده ،
ومن ثم فإن نزع الطاعن بنطال المجني عليه عنوة والكشف عن عورته والاحتكاك به
تتوافر بهذا الفعل جريمة هتك العرض دون أن يؤثر في قيامها عدم تخلف آثار ما
قارفه المتهم وأثبت الحكم وقوعه منه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن ما ورد
بتقرير الطب الشرعي من خلو جسم المجني عليه من الإصابات أو ما يشير إلى الإيلاج
لواطاً أو أي إصابات ظاهرية أو موضعيـة تفيد ذلك لا يكون سديداً. لما كان ذلك ،
وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفـاع موضوعي للمتهم اكتفاءً بأدلة
الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله
ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع
الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية مـن جزئيات دفاعه ،
لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها . لما كان ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن
استحالة تكميمه للمجني عليه لوجود إعاقة في يده ، وكذا استحالة بقاء آثار السحجات
التي أثبتها التقرير الطبي المبدئي حول فتحة شرج المجني عليه لمدة خمسة أيام وبكذب
أقوال المجني عليه لا يعدو جميعه أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة
محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام
محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعن
بعدم تواجده على مسرح الجريمة ، مردوداً بما هو مقرر بأن نفي التهمة من أوجه
الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ، مادام كان الرد عليها مستفاداً من أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم والتي من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما رتبه عليها من
إدانة، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وأن تعرض عن قالة
شهود النفي ، مادامت لا تثق فيما شهدوا به ، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي
أوردتها دلالة على أنها لا تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، فإن ما ينعاه
الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك ، وكان منعى الطاعن على الحكم
لعدم قضائه بعدم قبول الدعوى المدنية مردوداً بأنه فضلاً عن عدم جوازه لأن ما قضى
به الحكم المطعون فيه غير منه للخصومة في هذه الدعوى فمصلحته فيه منعدمة إذ إن
الحكم لم يفصل في الدعوى المدنية بل تخلى عنها بإحالتها إلى المحكمة المدنية
المختصة للفصل فيها عملاً بنص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية . هذا
بالإضافة إلى أنه من المتفق عليه أنه يجوز رفع الدعوى المدنية على المتهم القاصر
أو المحجوز عليه أمام المحكمة الجنائية بلا حاجة إلى إدخال الوصي أو القيم عليه ،
لأن إيجاب دخول الوصي أو القيم في الدعوى المدنية المطروحة أمام المحكمة الجنائية
يخلق شيئاً من التعارض بين إجراءات الدعويين العمومية والمدنية، إذ مادام المتهم
مفروضاً فيه أنه قادر على الدفاع عن نفسه في الدعوى العمومية، فالواجب أن يكون
أقدر على الدفاع أمام المحكمة عينها في الدعوى المدنية التي هي فرع منها . لما كان
ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
_______________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق