الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 28 مايو 2022

الطعن 45994 لسنة 85 ق جلسة 31 / 7 / 2017 مكتب فني 68 ق 55 ص 468

جلسة 31 من يوليو سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد التواب أبو طالب ، محمد العكازي ، عبد الله فتحي وعلاء البغدادي نواب رئيس المحكمة .
--------------

(55)

الطعن رقم 45994 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .

(2) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكل أجزائه . لا ينال من سلامته .

(3) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام المحكمة . يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟

تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي .

لمحكمة الموضوع تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير والأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه . مصادرتها في ذلك . غير مقبولة .

المجادلة بشأن اطمئنان المحكمة لتقرير المعمل الكيماوي واستنادها للرأي الفني به . غير جائزة أمام محكمة النقض .

(4) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .

اختلاف الشهود في بعض التفصيلات . لا يعيب الحكم . عدم إيراده لها . مفاده : اطراحها .

(5) مواد مخدرة . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . تلبس . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". قانون " تفسيره " " تطبيقه " . مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " .

اندماج قوات حرس الحدود وخفر السواحل معاً لحماية الحدود البرية والبحرية لمصر ضد الجرائم ومرتكبيها . مناط بسط الحماية : منح الضباط وضباط الصف بتلك الجهات صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح . أساس ذلك ؟

تمتع القائد بصفة الضبطية القضائية ومباشرته مهامه من خلال القوات التي يقودها . أثره : انسحاب تلك الصفة إلى تلك القوات . أساس ذلك ؟

انتهاء الحكم لصحة استيقاف جندي بقوات حرس الحدود لسيارة الطاعن حال عبور المجرى الملاحي لقناة السويس وتفتيشه لها وعثور على مخدر بصندوقها تحت بصر وإشراف من يتمتع بالضبطية القضائية . صحيح . النعي بشأنه . غير مقبول .

مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش .

 (6) مواد مخدرة . قصد جنائي .

اعتبار الجاني حائزاً للمخدر . كفاية أن يكون سلطانه مبسوط عليها ولو لم يكن محرزاً لها . تحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن . غير لازم .

        القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر . تحققه : بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة . استظهاره . من ظروف الدعوى وملابساتها . ما دام يتضح من مدونات الحكم توافره فعليًا .

(7) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الأدلة في المواد الجنائية . إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟

(8) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " .

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي .

للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم جدية التحريات .

(9) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الدفع بإنكار الاتهام وانتفاء الصلة بالمضبوطات . نفي للتهمة . موضوعي . لا يستلزم ردًا صريحًا من المحكمة . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بَيَّنَ واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلةً استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعمل الكيماوي ، وهي أدلةٌ سائغةٌ تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال شاهدي الإثبات - الأول والرابع – التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله .

2- لما كان البين من الحكم أنه أورد مضمون تقرير الخبير الذي عول عليه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى .

3- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن أيًا من الطاعن أو المدافع عنه لم يذكر شيئًا عما تضمنه تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي ، وكان من المقرر أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض ، نظرًا لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها ، هذا فضلًا عن أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا الشأن سائر الأدلة ، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير. وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير المعمل الكيماوي واستندت إلى الرأي الفني به من أن المادة المضبوطة مع الطاعن هي لنبات الحشيش المخدر الجاف ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويمٍ .

4- لما كان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقةً مع ما استند إليه الحكم منها ، وأن اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يعيبه ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحه لها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل .

5- لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وعدم تمتع من قام بهما بصفة الضبط القضائي في قوله " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس فمردود بأن المقرر عملًا بالمادة العشرين من القانون رقم 25 لسنة 1966 أن لأعضاء الضبط القضائي العسكري - كل في دائرة اختصاصه- تفتيش الداخلين أو الخارجين عسكريين كانوا أم مدنيين من مناطق الأعمال العسكرية، هو أجراءٌ جائزٌ قانونًا بمعرفة ضباط المخابرات الحربية وحرس الحدود وضباط الصف، ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توفير قيود الضبط والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل أنه يكفي أن يكون الشخص داخلًا أو خارجًا من مناطق الأعمال العسكرية حتى يثبت حق تفتيشه . ولما كان ذلك ، وكان الثابت في الدعوى أن المتهم كان يقود السيارة رقم .... نقل قادمًا من المناطق العسكرية بسيناء لعبور المجرى الملاحي لقناة السويس أي خارجًا من إحدى المناطق العسكرية ومن ثم يحق لأحد مأموري الضبط القضائي العسكري المختص تفتيشه، ولا يشترط في ذلك توافر إحدى الحالات التي يجيز القبض والتفتيش وفقًا للقواعد المنصوص عليها بقانون الإجراءات الجنائية ومنها توافر إحدى حالات التلبس ، ومن ثم فإن قيام الشاهد الأول بتفتيشه السيارة قيادة المتهم حال خروجها من منطقة سيناء العسكرية متجهًا إلى جهة الغرب للمجرى الملاحي وذلك تحت بصر وإشراف شاهد الإثبات الثالث ، يكون قد تم وفق صحيح القانون ويجوز الاستدلال بالدليل الذي يسفر عن ذلك التفتيش في إدانة المتهم ، لأن ضبط المخدر بالسيارة قيادة المتهم قد ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ، الأمر الذي يضحى معه هذا الدفع في غير محله خليقًا بالرفض ، وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش الحاصلين لإجرائه من جندي مجند ليس له صفة الضبطية القضائية فمردود بأنه المقرر أنه يشترط لصحة التفتيش الذي يجريه البوليس أن يكون من أجراه من مأموري الضبطية القضائية إلا أن ذلك لا يمنع مأمور الضبطية القضائية من الاستعانة في عمله عند التفتيش بأعوانه الذين تحت إدارته ولو كانوا من غير مأموري الضبطية القضائية ، وإذا عثر أحد هؤلاء على شيء مما يبحث عنه وضبطه كان هذا صحيحًا ما دام قد حصل تحت إشراف من له حق التفتيش قانونًا ، كما أن القانون رقم 114 لسنة 1953 قد جرى في مادته الأولى على أن تكون للضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد ، وكان قد صدر من بعد قرار وزير الحربية رقم 421 لسنة 1971 بإنشاء قيادة قوات حرس الحدود والسواحل وجاءت المادة الثالثة منه وقد نصت على أن تنتقل الواجبات والمهام والاختصاصات المخولة لكل من مدير إدارة الحدود ومدير إدارة السواحل بمقتضى القوانين والتعليمات السابق إصدارها في هذا الشأن إلى قائد قوات حرس الحدود والسواحل ، كما جرى نص المادة السادسة من القرار سالف البيان على أن تستمر المعاملة الخاصة بأفراد الحدود والسواحل كما هي حاليًا، وصدر من بعد القرار رقم 204 لسنة 1973 بتعديل التسمية إلى قوات حرس الحدود . لما كان ذلك ، وكان مؤدى نص المادتين الثالثة والسادسة من القرار رقم 421 لسنة 1971 المار ذكرهما هو اندماج قوات حرس الحدود وخفر السواحل معًا ومنح هؤلاء صفة الضبطية القضائية العامة تمكينًا لهذه القوات – قوات حرس الحدود – من أداء المهام الموكولة إليها في هذا الشأن ، وقد أدى ذلك إلى نقل الواجبات والمهام والاختصاصات المخولة لكل من مدير إدارة حرس الحدود أو مدير إدارة حرس السواحل - وبمقتضى القوانين والتعليمات السابق إصدارها - إلى قائد قوات حرس الحدود والسواحل ومن بعد قوات حرس الحدود ، ومن بين هذه الاختصاصات تمتعه بصفة الضبطية القضائية العامة في نطاق ما جرى به نص تلك المادة ، وهو منح صفة الضبطية القضائية لفئتين من هذه القوات هما الضباط وضباط الصف أما الجنود فلم يضف عليهم هذا القانون صفة الضبطية القضائية . ولما كان ذلك ، وكان الثابت في أوراق الدعوى أن شاهد الإثبات الأول وهو جندي مجند بقوات حرس الحدود قد قام باستيقاف السيارة قيادة المتهم حال خروجها عن المنطقة العسكرية لعبورها المجرى الملاحي لقناة السويس وذلك بنقطة تفتيش حرس الحدود بمعدية .... دائرة قسم .... وقيامه بتفتيشها وعثوره على المخدر المضبوط بصندوق السيارة تحت بصر وبصيرة وإشراف الشاهد الثالث العريف متطوع بقوات حرس الحدود الذي له صفة الضبطية القضائية بحسبان أنه من ضباط صف قوات حرس الحدود، ومن ثم فإن ما قام به الشاهد الأول من إجراءات التفتيش قد تمت وفق صحيح القانون طالما كانت تحت إشراف وبصر الشاهد الثالث وتكون إجراءات القبض والتفتيش قد تمت وفقًا للقانون ويجوز للمحكمة التعويل في إدانة المتهم على الدليل المستمد منهما وهو ضبط المخدر بحيازة المتهم، الأمر الذي يضحى معه الدفع قد جانب الصواب ويتعين على المحكمة رفضه " . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يماري في أنه كان يعبر بسيارته نقطة الحدود .... التابعة لقوات حرس الحدود بـــ .... ، فإن ما أورده الحكم المطعون فيه كافي وسائغٌ في إطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 114 لسنة 1953 قد جرى في مادته الأولى على أن " يكون للضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد". كما جرى نص المادة السادسة من القرار السالف البيان على أن " تستمر المعاملة الخاصة بأفراد الحدود والسواحل كما هي حاليًا "، وصدر من بعد القرار رقم 204 لسنة 1973 بتعديل التسمية إلى " قوات حرس الحدود ". لما كان ذلك ، وكان مؤدى نص المادتين الثالثة والسادسة من القرار رقم 421 لسنة 1971 المار ذكرهما هو اندماج قوات حرس الحدود وخفر السواحل معًا وانصهارهما في بوتقة واحدة قوامها وحدة المهام الموكولة إليهما باعتبار أن العمل الأساسي لهما هو حماية الحدود البرية والبحرية لجمهورية مصر العربية ضد الجرائم ومرتكبيها ، وكان مناط بسط هذه الحماية للحدود البرية والبحرية هو منح هؤلاء صفة الضبطية القضائية العامة، تمكينًا لهذه القوات – قوات حرس الحدود – من أداء المهام الموكولة إليها في هذا الشأن ، وقد أدى ذلك إلى نقل الواجبات والمهام والاختصاصات المخولة لكل من مدير إدارة الحدود ومدير إدارة السواحل بمقتضى القوانين والتعليمات السابق إصدارها إلى قائد قوات الحرس الحدود والسواحل ، ومن بعد – قوات حراس الحدود – ومن بين هذه الاختصاصات - وعلى ما جرى به نص المادة الأولى من القانون رقم 114 لسنة 1953 – تمتعه بصفة الضبطية القضائية في نطاق ما جرى نطاق تلك المادة . وإذ كان ذلك ، وكان من المستقر أن القائد لا يباشر مهامه إلا من خلال القوات التي يقودها ، فإن هذه الصفة تنسحب – وبلا جدال – على تلك القوات ، ومن ثم فإنها تتمتع – أيضًا – بصفة الضبطية القضائية داخل ذلك النطاق ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء صفة الضبط القضائي عمن قام به على سند من القول أن شاهد الإثبات الأول وهو جندي مجند بقوات حرس الحدود وقام باستيقاف السيارة قيادة الطاعن حال خروجها من المنطقة العسكرية لعبور المجرى الملاحي لقناة السويس بمعدية سرابيوم دائرة قسم .... ، وقام بتفتيشها وعثر على المخدر المضبوط بصندوق السيارة تحت بصر وإشراف الشاهد الثالث العريف المتطوع بقوات حرس الحدود الذي يتمتع بالضبطية القضائية ، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ، ويكون من ثم نعي الطاعن في هذا الشأن غير مقبولٍ .

6- من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزًا لمادة مخدرة أن يكون محرزًا للمادة المضبوطة ، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطًا عليها ، ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصًا غيره ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالًا عن هذا الركن ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته أو نقله يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من الجواهر المخدرة ، ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ، ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره فعليًا . ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها وبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بوجود المخدر بالسيارة التي كان يقودها كافيًا في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغًا في العقل والمنطق ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن علمه بما كان يحمله بسيارته من مخدر لا يكون سديدًا .

7- لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراقٌ رسميةٌ ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولًا .

8- لما كان الحكم قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات، ورد عليه في قوله " وحيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات وبطلانها فمردود بأن المحكمة قد اطمأنت إلى التحريات التي أجريت بالفعل بمعرفة الملازم أول .... معاون مباحث قسم .... وتصدق من أجراها لأنها تحريات جدية وواضحة وتطابق ماديات الدعوى وظروفها وملابساتها وكيفية حدوث الواقعة وكيفية ارتكابها ولا سيما أنها جاءت متفقة مع أقوال باقي شهود الإثبات ، الأمر الذي يكون ما أثاره الدفاع في هذا الصدد غير صحيح تلتفت عنه المحكمة " . ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينةً معززةً لما ساقته من أدلةٍ أساسيةٍ ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلةٍ أساسيةٍ في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدلٍ موضوعيٍّ في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض .

9- لما كان ما يثيره الطاعن في إطراح الحكم لإنكاره الاتهام وانتفاء صلته بالمضبوطات مردودًا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وإذ كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيسًا على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه نقل جوهرًا مخدرًا " قمم وأزهار نبات القنب الحشيش " في غير الأحوال المصرح بها قانونًا .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملًا بالمواد 1، 2، 38/1، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 ، والبند رقم " 56 " من القسم الثاني من الجدول رقم " 1 " الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقراري وزير الصحة رقمي 46 لسنة 1997 ، 269 لسنة 2002 بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وغرامة خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجردًا من القصود .

فَطَعَنَ المَحْكُومُ عَلَيهِ فِي هذا الحُكْمِ بِطَرِيق النَـقْض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حَيْثُ إِنَّ الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر المخدر " نبات الحشيش الجاف " بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ؛ ذلك بأنه لم يورد مؤدى أقوال الشاهدين الأول والرابع في بيانٍ مفصلٍ ، ولم يورد مؤدى تقرير المعمل الكيماوي وما إذا كان النبات المخدر المضبوط يحتوي على المادة الفعالة من عدمه ، وأحال في بيان شهادة الشاهدين الثاني والثالث إلى ما شهد به الشاهد الأول رغم اختلاف شهادتهم وتناقض أقوالهم بين ما ورد بمحضر الضبط وما ثبت بتحقيقات النيابة ، ورد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وعدم تمتع من أجراه بصفة الضبط القضائي بما لا يصلح ردًا ، ورد على دفاعه بانتفاء سيطرته على مكان المخدر بالسيارة وانتفاء علمه بوجود المخدر بالسيارة - بدلالة المستندات التي قدمها وأغفلها الحكم وبطلان التحريات وعدم جديتها - بما لا يصلح ردًا ، كما أطرح الحكم إنكار الطاعن للاتهام المسند إليه وانتفاء صلته بالمضبوطات دون أن يبرر سبب إطراحه له ؛ بما يعيبه ويستوجب نقضه .

وَمِنْ حَيْثُ إِنَّ الحكم المطعون فيه بَيَّنَ واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلةً استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعمل الكيماوي ، وهي أدلةٌ سائغةٌ تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال شاهدي الإثبات - الأول والرابع – التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم أنه أورد مضمون تقرير الخبير الذي عول عليه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن أيًا من الطاعن أو المدافع عنه لم يذكر شيئًا عما تضمنه تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي ، وكان من المقرر أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض ، نظرًا لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها ، هذا فضلًا عن أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا الشأن سائر الأدلة ، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير. وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير المعمل الكيماوي واستندت إلى الرأي الفني به من أن المادة المضبوطة مع الطاعن هي لنبات الحشيش المخدر الجاف ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويمٍ . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقةً مع ما استند إليه الحكم منها ، وأن اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يعيبه ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحه لها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وعدم تمتع من قام بهما بصفة الضبط القضائي في قوله " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس فمردود بأن المقرر عملًا بالمادة العشرين من القانون رقم 25 لسنة 1966 أن لأعضاء الضبط القضائي العسكري - كل في دائرة اختصاصه- تفتيش الداخلين أو الخارجين عسكريين كانوا أم مدنيين من مناطق الأعمال العسكرية، هو أجراءٌ جائزٌ قانونًا بمعرفة ضباط المخابرات الحربية وحرس الحدود وضباط الصف ، ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توفير قيود الضبط والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل أنه يكفي أن يكون الشخص داخلًا أو خارجًا من مناطق الأعمال العسكرية حتى يثبت حق تفتيشه . ولما كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن المتهم كان يقود السيارة رقم .... نقل قادمًا من المناطق العسكرية بسيناء لعبور المجرى الملاحي لقناة السويس أي خارجًا من إحدى المناطق العسكرية ومن ثم يحق لأحد مأموري الضبط القضائي العسكري المختص تفتيشه، ولا يشترط في ذلك توافر إحدى الحالات التي يجيز القبض والتفتيش وفقًا للقواعد المنصوص عليها بقانون الإجراءات الجنائية ومنها توافر إحدى حالات التلبس ، ومن ثم فإن قيام الشاهد الأول بتفتيشه السيارة قيادة المتهم حال خروجها من منطقة سيناء العسكرية متجهًا إلى جهة الغرب للمجرى الملاحي وذلك تحت بصر وإشراف شاهد الإثبات الثالث ، يكون قد تم وفق صحيح القانون ويجوز الاستدلال بالدليل الذي يسفر عن ذلك التفتيش في إدانة المتهم ، لأن ضبط المخدر بالسيارة قيادة المتهم قد ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ، الأمر الذي يضحى معه هذا الدفع في غير محله خليقًا بالرفض ، وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش الحاصلين لإجرائه من جندي مجند ليس له صفة الضبطية القضائية فمردود بأنه المقرر أنه يشترط لصحة التفتيش الذي يجريه البوليس أن يكون من أجراه من مأموري الضبطية القضائية إلا أن ذلك لا يمنع مأمور الضبطية القضائية من الاستعانة في عمله عند التفتيش بأعوانه الذين تحت إدارته ولو كانوا من غير مأموري الضبطية القضائية ، وإذا عثر أحد هؤلاء على شيء مما يبحث عنه وضبطه كان هذا صحيحًا ما دام قد حصل تحت إشراف من له حق التفتيش قانونًا ، كما أن القانون رقم 114 لسنة 1953 قد جرى في مادته الأولى على أن تكون للضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد ، وكان قد صدر من بعد قرار وزير الحربية رقم 421 لسنة 1971 بإنشاء قيادة قوات حرس الحدود والسواحل وجاءت المادة الثالثة منه وقد نصت على أن تنتقل الواجبات والمهام والاختصاصات المخولة لكل من مدير إدارة الحدود ومدير إدارة السواحل بمقتضى القوانين والتعليمات السابق إصدارها في هذا الشأن إلى قائد قوات حرس الحدود والسواحل ، كما جرى نص المادة السادسة من القرار سالف البيان على أن تستمر المعاملة الخاصة بأفراد الحدود والسواحل كما هي حاليًا، وصدر من بعد القرار رقم 204 لسنة 1973 بتعديل التسمية إلى قوات حرس الحدود . لما كان ذلك ، وكان مؤدى نص المادتين الثالثة والسادسة من القرار رقم 421 لسنة 1971 المار ذكرهما هو اندماج قوات حرس الحدود وخفر السواحل معًا ومنح هؤلاء صفة الضبطية القضائية العامة تمكينًا لهذه القوات – قوات حرس الحدود – من أداء المهام الموكولة إليها في هذا الشأن ، وقد أدى ذلك إلى نقل الواجبات والمهام والاختصاصات المخولة لكل من مدير إدارة حرس الحدود أو مدير إدارة حرس السواحل - وبمقتضى القوانين والتعليمات السابق إصدارها - إلى قائد قوات حرس الحدود والسواحل ومن بعد قوات حرس الحدود ، ومن بين هذه الاختصاصات تمتعه بصفة الضبطية القضائية العامة في نطاق ما جرى به نص تلك المادة ، وهو منح صفة الضبطية القضائية لفئتين من هذه القوات هما الضباط وضباط الصف أما الجنود فلم يضف عليهم هذا القانون صفة الضبطية القضائية . ولما كان ذلك ، وكان الثابت في أوراق الدعوى أن شاهد الإثبات الأول وهو جندي مجند بقوات حرس الحدود قد قام باستيقاف السيارة قيادة المتهم حال خروجها عن المنطقة العسكرية لعبورها المجرى الملاحي لقناة السويس وذلك بنقطة تفتيش حرس الحدود بمعدية .... دائرة قسم .... وقيامه بتفتيشها وعثوره على المخدر المضبوط بصندوق السيارة تحت بصر وبصيرة وإشراف الشاهد الثالث العريف متطوع بقوات حرس الحدود الذي له صفة الضبطية القضائية بحسبان أنه من ضباط صف قوات حرس الحدود، ومن ثم فإن ما قام به الشاهد الأول من إجراءات التفتيش قد تمت وفق صحيح القانون طالما كانت تحت إشراف وبصر الشاهد الثالث وتكون إجراءات القبض والتفتيش قد تمت وفقًا للقانون ويجوز للمحكمة التعويل في إدانة المتهم على الدليل المستمد منهما وهو ضبط المخدر بحيازة المتهم، الأمر الذي يضحى معه الدفع قد جانب الصواب ويتعين على المحكمة رفضه " . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا يماري في أنه كان يعبر بسيارته نقطة الحدود .... التابعة لقوات حرس الحدود بــ.... ، فإن ما أورده الحكم المطعون فيه كافي وسائغٌ في إطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 114 لسنة 1953 قد جرى في مادته الأولى على أن " يكون للضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد". كما جرى نص المادة السادسة من القرار السالف البيان على أن " تستمر المعاملة الخاصة بأفراد الحدود والسواحل كما هي حاليًا "، وصدر من بعد القرار رقم 204 لسنة 1973 بتعديل التسمية إلى " قوات حرس الحدود ". لما كان ذلك ، وكان مؤدى نص المادتين الثالثة والسادسة من القرار رقم 421 لسنة 1971 المار ذكرهما هو اندماج قوات حرس الحدود وخفر السواحل معًا وانصهارهما في بوتقة واحدة قوامها وحدة المهام الموكولة إليهما باعتبار أن العمل الأساسي لهما هو حماية الحدود البرية والبحرية لجمهورية مصر العربية ضد الجرائم ومرتكبيها ، وكان مناط بسط هذه الحماية للحدود البرية والبحرية هو منح هؤلاء صفة الضبطية القضائية العامة ، تمكينًا لهذه القوات – قوات حرس الحدود – من أداء المهام الموكولة إليها في هذا الشأن ، وقد أدى ذلك إلى نقل الواجبات والمهام والاختصاصات المخولة لكل من مدير إدارة الحدود ومدير إدارة السواحل بمقتضى القوانين والتعليمات السابق إصدارها إلى قائد قوات الحرس الحدود والسواحل ، ومن بعد – قوات حراس الحدود – ومن بين هذه الاختصاصات - وعلى ما جرى به نص المادة الأولى من القانون رقم 114 لسنة 1953 – تمتعه بصفة الضبطية القضائية في نطاق ما جرى نطاق تلك المادة . وإذ كان ذلك ، وكان من المستقر أن القائد لا يباشر مهامه إلا من خلال القوات التي يقودها ، فإن هذه الصفة تنسحب – وبلا جدال – على تلك القوات ، ومن ثم فإنها تتمتع – أيضًا – بصفة الضبطية القضائية داخل ذلك النطاق ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء صفة الضبط القضائي عمن قام به على سند من القول أن شاهد الإثبات الأول وهو جندي مجند بقوات حرس الحدود وقام باستيقاف السيارة قيادة الطاعن حال خروجها من المنطقة العسكرية لعبور المجرى الملاحي لقناة السويس بمعدية سرابيوم دائرة قسم .... ، وقام بتفتيشها وعثر على المخدر المضبوط بصندوق السيارة تحت بصر وإشراف الشاهد الثالث العريف المتطوع بقوات حرس الحدود الذي يتمتع بالضبطية القضائية ، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ، ويكون من ثم نعي الطاعن في هذا الشأن غير مقبولٍ . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزًا لمادة مخدرة أن يكون محرزًا للمادة المضبوطة ، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطًا عليها ، ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصًا غيره ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالًا عن هذا الركن ، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته أو نقله يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من الجواهر المخدرة ، ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ، ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره فعليًا . ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها وبرر به اقتناعه بعلم الطاعن بوجود المخدر بالسيارة التي كان يقودها كافيًا في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغًا في العقل والمنطق ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن علمه بما كان يحمله بسيارته من مخدر لا يكون سديدًا . لما كان ذلك ، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراقٌ رسميةٌ ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات، ورد عليه في قوله " وحيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات وبطلانها فمردود بأن المحكمة قد اطمأنت إلى التحريات التي أجريت بالفعل بمعرفة الملازم أول .... معاون مباحث قسم .... وتصدق من أجراها لأنها تحريات جدية وواضحة وتطابق ماديات الدعوى وظروفها وملابساتها وكيفية حدوث الواقعة وكيفية ارتكابها ولا سيما أنها جاءت متفقة مع أقوال باقي شهود الإثبات ، الأمر الذي يكون ما أثاره الدفاع في هذا الصدد غير صحيح تلتفت عنه المحكمة " . ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينةً معززةً لما ساقته من أدلةٍ أساسيةٍ ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلةٍ أساسيةٍ في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدلٍ موضوعيٍّ في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في إطراح الحكم لإنكاره الاتهام وانتفاء صلته بالمضبوطات مردودًا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وإذ كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيسًا على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المذكرة الإيضاحية للقانون 20 لسنة 1997 تفويض السيد رئيس الجمهورية في التصديق على الاتفاقيات الخاصة بالتسليح

المذكرة الإيضاحية
لمشروع قرار رئيس جمهورية مصر العربية
بمشروع قانون بمد التفويض المنصوص عليها بالقانون
رقم 29 لسنة 1972

صدر القانون 29 لسنة 1972 متضمنا في مادته الأولى تفويض السيد رئيس الجمهورية في التصديق على الاتفاقيات الخاصة بالتسليح وفى إصدار قرارات لها قوة القانون فيما يتعلق باعتمادات التسليح والاعتمادات الأخرى اللازمة للقوات المسلحة وذلك لمدة تنتهى في نهاية السنة المالية 1973 ثم تجدد العمل به سنة فأخرى كان أخرها بالقانون رقم 37 لسنة 1994 والذى نص على استمرار العمل به لمدة تنتهى في نهاية السنة المالية 96/ 1997
ونظرا لأن مبررات صدور هذا القانون لازالت قائمة فانه من المقترح استمرار العمل بأحكام القانون رقم 29 لسنة 1972 والمعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1981 لمدة ثلاث سنوات أخرى تنتهى في نهاية السنة المالية 99/ 2000.
ويتشرف القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى بعرض مشروع القرار بمشروع القانون المرافق على السيد رئيس الجمهورية، برجاء التفضل - لدى الموافقة - بتوقيعه تمهيدا لإحالته إلى مجلس الشعب.
مع وافر التحية والاحترام،

مشير/ حسين طنطاوي
القائد العام للقوات المسلحة
ووزير الدفاع والإنتاج الحربى

المذكرة الإيضاحية لقانون التحكيم التجاري الدولي 27 لسنة 1994

المذكرة الإيضاحية
لمشروع قانون التحكيم التجاري الدولي

1 - وقع في مطلع الثمانينات تغير جوهري في السياسة الاقتصادية في مصر حين عزمت على الخروج من العزلة التي فرضتها عليها الظروف السياسية والاجتماعية القائمة آنئذ إلى انفتاح مبارك يهدف إلى اجتذاب رؤوس الأموال العربية والأجنبية للنهوض أو المشاركة في مشروعات التنمية في البلاد، وافتتحت مصر هذه السياسة الجديدة بإصدار قوانين الاستثمار متضمنة المميزات والحوافز وعناصر الثقة ما يهيئ مناخا اقتصاديا آمنا مربحا لرؤوس الأموال الوافدة على البلاد لتعمل وتثمر وتفيد وتستفيد.
2 - وتبين من اللحظة الأولى أن قانون الاستثمار وحده لا يحقق الهدف إلا اذا صاحبته تشريعات أخرى تكمله وتؤكد ما يطرحه من ميزات، فكانت القوانين وتعديلات القوانين الخاصة بالرقابة على النقد وسعر الصرف وسرية المعاملات المصرفية وغيرها. وظل موضوع فض المنازعات التي تنشأ بين المستثمر وشريكه أو عميله في الاستثمار دون تنظيم رغم ما لهذا الأمر من اعتبار خاص في نظر المستثمر الأجنبي الذى يهمه ويطمئنه أن يجد عند قيام النزاع للفصل فيه قضاء يسير على القواعد والأصول التي استقرت في المعاملات التجارية الدولية. ولما كان التحكيم هو الأسلوب السائد في هذه المعاملات التجارية الدولية فقد أولته الحكومة اهتماما خاصا، لاسيما بعد ما تبين من قصور في قواعد التحكيم المذكورة في قانون المرافعات المدنية والتجارية التي وضعت خصيصا للتحكيم الداخلي دون أن تأخذ في الاعتبار طبيعة المنازعات التجارية الدولية ومتطلبات فضها. مما يدفع وزارة العدل إلى تشكيل لجنة فنية لوضع مشروع قانون للتحكيم في المعاملات الدولية، وكانت حصيلة عمل هذه اللجنة بعد جملة مشاورات واستطلاعات للرأي المشروع المرافق قائما على الأسس الآتية:
3 - أولا: السير في ركب الاتجاهات الدولية الحديثة بشأن التحكيم التجاري. وكانت مراعاة هذا الأمر سهلة ميسرة أمام اللجنة الفنية، إذ سبق في عام 1985 أن أعدت لجنة قانون التجارة الدولية التابعة للأمم المتحدة (الأنسترال) قانونا نموذجيا للتحكيم التجاري الدولي ودعت الدول إلى نقله إلى تشريعاتها الوطنية، وأوصت أن يكون النقل - موضوعا وشكلا - مطابقا للأصل بقدر المستطاع ليتحقق التوحيد التشريعي العالمي في هذا الجانب من التجارة الدولية وهو - كما هو معلوم - هدف للأمم المتحدة. ولبى عدد من الدول هذا النداء، فنقل عدد محدود منها القانون النموذجي بكليته لفظا ومعنى واستعان البعض الآخر بأحكامه في تعديل تشريعاتها حتى صار هذا النموذجي عالميا يؤيده رجال الفقه ويأنس إليه رجال الأعمال وسارت اللجنة الفنية في هذا الركب فنقلت إلى المشروع المصري الجوهري من الأحكام الموضوعية في القانون النموذجي، والتزمت بتقسيم أبوابه وتوزيع نصوصه، ولكنها اضطرت إلى إدخال بعض تعديلات طفيفة على صياغته لتناسب التقاليد التشريعية الوطنية، مع الحرص على الإبقاء على طابع الصياغة العالمية التي يركن إليها المستثمر الأجنبي ومستشاره القانوني.
4 - ثانيا: قصر تطبيق أحكام المشروع على التحكيم في المعاملات التجارية - الدولية، الأمر الذى يترك أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية بشأن التحكيم قائمة لا تمس، وان كان تطبيقها سوف يقتصر بعد إصدار المشروع على التحكيم في المعاملات الداخلية وحدها، ولهذا كان لازما أن يرسم المشروع بدقة ووضوح الحدود بين النوعين من التحكيم، الداخلي والدولي، لكيلا يختلطا.
5 - وجدير بالذكر أن دولية التحكيم التي يتناولها المشروع لا تتعارض مع الدولية المنصوص عليها في اتفاقية نيويورك لعام 1958 بشأن الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها المنضمة إليها مصر في 9 مارس سنة 1959 (نشرت بملحق الوقائع المصرية - العدد 35 في 5 مايو سنة 1959) وذلك لأن للدولية في نظر هذه الاتفاقية معنى خاصا هو "الأجنبية" أي صدور حكم التحكيم في دولة غير التي يطلب فيها تنفيذ الحكم، بينما "للدولية" في المشروع المرافق معنى آخر حددته المادة الثالثة ويمكن في نطاقه أن يصدر حكم التحكيم في مصر ويعتبر مع ذلك "دوليا" اذا تحققت احدى حالات الدولية المذكورة في النص فتسرى عليه عندئذ أحكام المشروع دون أحكام الاتفاقية. واذا تحققت في حكم التحكيم دولية الاتفاقية دولية المشروع، بأن كان الحكم صادرا خارج مصر في أعقاب تحكيم يعتبر دوليا في حكم المادة الثالثة من المشروع. فالأرجحية تكون عندئذ للاتفاقية، وذلك عملا بما جاء في صدر المادة الأولى من المشروع التي تقضى عند تطبيقه "بمراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية".
6 - ثالثا: احترام إرادة طرفي التحكيم بإفساح الحرية لهما لتنظيمه بالكيفية التي تناسبها. هذه الحرية هى عماد نظام التحكيم، اذا فقدها فقد هويته، وكلما زاد مقدار الحرية التي يهيئها التشريع لطرفي التحكيم كلما زادت ثقتهما فيه وزاد اطمئنانهما إلى الحكم الذى ينتهى إليه. ويقوم المشروع على هذا المبدأ الأصولي، إذ ترك للطرفين حرية الاتفاق على كيفية تعيين المحكمين وتسميتهم واختيار القواعد التي تسرى على الإجراءات وتلك التي تطبق على موضوع النزاع، وتعيين مكان التحكيم واللغة التي تستعمل فيه ووضع المشروع لكل هذه الحريات قواعد احتياطية لتطبق عندما لا يوجد الاتفاق.
7 - رابعا: استقلال محكمة التحكيم، وهو بدوره من المبادئ الأصولية التي تقوم عليها الأنظمة المتقدمة في التحكيم. ويتمثل هذا الاستقلال في النظر إليها بوصفها قضاء اتفاقيا يختاره الطرفان خصيصا للفصل في النزاع القائم بينهما فينبغي ألا يكون عليه من سلطان إلا لما يتفق عليه الطرفان. ومن مظاهر هذا الاستقلال في المشروع اختصاص محكمة التحكيم بنظر طلبات رد أعضائها، واختصاصها بالفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها، وتحريم الطعن في أحكامها بالطرق المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية.
بيد أن هذا الاستقلال، وان كان مطلوبا في ذاته، ينبغي ألا يصل إلى حد القطعية بين القضائيين، فهناك أمور لا غنى لمحكمة التحكيم عن الاستعانة في شأنها بقضاء الدولة، كالأمر باتخاذ التدابير المؤقتة والتحفظية، والحكم على من يتخلف من الشهود عن الحضور أو يمتنع عن أداء الشهادة. وهناك حاجة إلى وجود جهة قضائية يرجع اليها كلما وقع أمر يترتب عليه إعاقة سير إجراءات التحكيم لتزيل العقبة وتعيد إلى الإجراءات انسيابها. وهناك أيضا أمور لا مناص فيها من تقرير الرقابة لقضاء الدولة على محكمة التحكيم، كنظر الطعن في حكم التحكيم بالبطلان، وإصدار الأمر بتنفيذ هذا الحكم.
8 - خامسا: السرعة في إنهاء الإجراءات لإصدار حكم التحكيم. وهذه السرعة من سمات نظام التحكيم التي جعلته مفضلا عند التجار ورجال الأعمال، ومن واجب الشارع المحافظة عليها بازالة العقبات الشكلية، واقتضاب مواعيد الإجراءات، والاقتصاد في إجازة الطعن في قرارات محكمة التحكيم. وفى المشروع مواضع عديدة يتخلى فيها هذا الاعتبار حيث يجيز لمحكمة التحكيم الاستمرار في الإجراءات رغم الطعن في قرار لها، وحيث يختار للإجراءات مواعيد معقولة لا مغرقة في الطول ولا مسرفة في القصر. ولعل الموضع الفذ الذى يبدو فيه حرص المشروع على الالتزام بالسرعة هو المادة (45) التي تضع لإصدار حكم التحكيم حدا زمنيا أعلى يجوز للطرفين بعد انقضائه طلب إنهاء الإجراءات والإذن لهما برفع النزاع الى قضاء الدولة صاحب الولاية الأصلية.
9 - هذا ويشتمل المشروع على سبعة أبواب تضم ثمان وخمسين مادة. ويتعلق الباب الأول بقواعد عامة تتناول موضوعات متفرقة يأتى في مقدمتها تحديد نطاق تطبيق أحكام المشروع، الذى عينته المادة الأولى بعد أن رجحت أحكام الاتفاقيات المعمول بها في مصر بسريان تلك الأحكام على كل تحكيم تجارى دولي يجرى في مصر سواء كان أحد طرفيه من أشخاص القانون العام أو أشخاص القانون الخاص، فحسم المشروع بذلك الشكوك التي دارت حول مدى خضوع بعض أنواع العقود التي يكون أحد أطرافها من أشخاص القانون العام للتحكيم، فنص على خضوع جميع المنازعات الناشئة عن هذه العقود لأحكام هذا المشروع أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع.
وحتى يفيد أطراف عقود المعاملات التجارية من الأحكام الحديثة التي تضمنها هذا المشروع ولو لم تكن العقود المبرمة بينهم منطبقا عليها وصف "الدولية" فقد نص المشروع في الفقرة الثانية من المادة الأولى على حقهم في الاتفاق على إخضاع معاملاتهم لأحكامه.
وحرصا من المشروع على انطباق أحكامه على كل أنواع عقود المعاملات الدولية المتعلقة بالاستمارة أيا كان تصنيفها وفقا لأحكام القانون الداخلي، نصت المادة الثانية منه على أن يكون التحكيم "تجاريا" اذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع تجارى، عقدية كانت أو غير عقدية، وأوردت على سبيل المثال عددا من تلك العلاقات القانونية التي تعتبر من قبيل الأعمال. التجارية في نطاق تطبيق هذا القانون، وغنى عن البيان أن تعريف "التجارية" في هذا المشروع يجاوز الحدود التي رسمها قانون التجارة للأعمال التجارية في المعاملات التجارية الداخلية.
وفى تحديدها لمعنى التحكيم الدولي بينت المادة (3) من المشروع الحالات التي يعد فيها التحكيم "دوليا" وفقا لأحكامه، آخذه في هذا الخصوص بوجهة النظر التي اعتمدها القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي.
وتيسيرا على أطراف التحكيم عقدت المادة (9) من المشروع الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة بنظر المسائل التي يحيلها القانون إلى قضاء الدولة وجعل من هذه المحكمة "سلطة تعيين" تستكمل تشكيل محكمة التحكيم عندما يمتنع أحد الطرفين عن الإسهام في الأمر بموجب اتفاق التحكيم أو نص في القانون.
10 - وفى الباب الثاني يتناول المشروع التحكيم فيعرفه، ويجيز إبرامه قبل قيام النزاع وبعد قيامه، ويشترط وقوعه بالكتابة، ويبين المعنى المقصود من الكتابة، ولعل أهم ما جاء في هذا الباب هو المادة (12) التي تؤكد مبدأ الاعتراف باتفاق التحكيم بما يعنيه من نزول طرفيه عن حقهما في الالتجاء الى القضاء العادي وفى الخضوع لولايته بشأن منازعهما، فتلزم محاكم الدولة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى بشرط أن يدفع المدعى عليه بهذا الدفع قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعوى.
11 - وفى الباب الثالث يتكلم المشروع عن تنظيم محكمة التحكيم، كيف تشكل وكيف تتم تسمية المحكمين، والشروط التي يجب توافرها في المحكم وإجراءات رده وترك المشروع لإرادة الطرفين في كل هذه الأمور مجالا رحبا للاتفاق ولكنه أقام محكمة الاستئناف السابق ذكرها لتكون سلطة لملء الفراغات التي تنشأ عن عدم وجود الاتفاق أو عدم تنفيذه. وأهم ما ورد في هذا الباب هو التأكيد على قاعدتين من ركائز نظام التحكيم.
الأولى: منح محكمة التحكيم سلطة الفصل في الدفوع الخاصة بعدم اختصاصها وهو ما يعرف في فقه التحكيم باسم "اختصاص الاختصاص" (المادة 22).
الثانية: استقلال شرط التحكيم الذى يكون جزءا من عقد عن شروط هذا العقد الأخرى بحيث لا يصيبه ما قد يصيب العقد من احتمالات الفسخ أو أسباب البطلان (المادة 23).
12 - وتأتى بعد ذلك إجراءات التحكيم ويفتتحها الباب الرابع بقاعدة أساسية هي حرية الطرفين في اختيار قواعد الإجراءات شريطة مراعاة أصول التقاضي، وفى مقدمتها المساواة بين الطرفين، وتهيئة فرصة كاملة ومتكافئة لكل منهما لعرض قضيته. ثم ترد قواعد التنظيم الاحتياطي الذى وضعه المشروع لمواجهة الفرض الذى لا يتفق فيه الطرفان على قواعد الإجراءات، ولوحظ في هذا التنظيم ترك قدر كبير من الحرية لمحكمة التحكيم لاختيار أنسب قواعد الإجراءات للدعوى.
13 - وتبلغ الإجراءات نهايتها بإصدار حكم التحكيم ويتناول الباب الخامس الحكم مبتدئا ببيان القانون الذى يطبق على موضوع النزاع ويقضى بأنه قانون الإدارة، يختاره الطرفان بمطلق الحرية، فاذا لم يتفقا كان لمحكمة التحكيم اختياره مراعية ملاءمته للدعوى (المادة 39)، هذا الحل هو الذى يؤيده الفقه الحديث. ومن هذا الفقه ما يأخذ به على درجتين، تختار محكمة التحكيم أولا القانون الأنسب للدعوى، ولكنها لا تطبق قواعده الموضوعية وإنما قاعدة التنازع فيه، ثم تقود هذه القاعدة المحكمة إلى القانون الواجب التطبيق على الموضوع. وأخذ القانون النموذجي بهذا التدرج، واستحسن المشروع الاختيار المباشر، فأجاز لمحكمة التحكيم أن تطبق مباشرة القواعد الموضوعية في القانون الذى ترى أنه الأنسب للدعوى.
ويلى ذلك بيان كيفية إصدار حكم التحكيم وإعلانه وإيداعه وتفسيره وتكملته وتصحيح ما قد يقع فيه من أخطاء مادية. وجاء في هذا الباب عدد من القواعد الأساسية، نذكر منها:
1 - إجازة الاتفاق على أن يكون لمحكمة التحكيم الفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة دون التقيد بأحكام أي قانون (المادة 35/ فقرة ثانية).
2 - إجازة إصدار حكم تحكيم "بشروط متفق عليها" (المادة 41) ويقع هذا اذا اتفق الطرفان خلال إجراءات التحكيم على تسوية النزاع القائم بينهما وطلبا من محكمة التحكيم انهاء الاجراءات بحكم تثبت فيه شروط التسوية.
3 - اجازة الاتفاق على اعفاء محكمة التحكيم من تسبيب الحكم، وكذلك اعفائها من ذكر الأسباب اذا كان القانون الواجب التطبيق على اجراءات التحكيم لا يشترط ذكرها. (المادة 43/ فقرة ثانية).
4 - تحريم نشر حكم التحكيم الا بموافقة الطرفين (المادة 44/ فقرة ثانية). وهو تأكيد لمبدأ سرية التحكيم التي كثيرا ما يعلق عليها الطرفان أهمية خاصة حفاظا على العلاقات التجارية بينهما.
5 - اجازة طلب استصدار حكم تحكيم اضافى في طلبات قدمت خلال الاجراءات وأغفلها حكم التحكيم، وفقا للشروط المبينة بالمادة (51)، وغنى عن البيان أنه تسرى على حكم التحكيم الاضافى ذات الأحكام التي تسرى على حكم التحكيم الأصلى.
14 - وتنتهى مراحل التحكيم بصدور الحكم، وتبدأ بعد ذلك مرحلة ما بعد الحكم وفيها يبرز موضوعان تناولهما البابان السادس والسابع على التعاقب:
الموضوع الأول: خاص بابطال حكم التحكيم، لأن هذا الحكم، وان كان لا يقبل الطعن فيه بالطرق المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية فانه يخضع للطعن فيه بالبطلان في حالات عددتها المادة 53 على سبيل الحصر، ولوحظ في تعيينها المطابقة بينها وبين حالات البطلان المنصوص عليها في المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك السابق ذكرها تحقيقا لوحدة التشريع.
ونص المشروع في المادة (54) على أن رفع دعوى بطلان حكم التحكيم، يكون خلال التسعين يوما التالية لتاريخ صدور الحكم. وذلك حتى لا تظل أحكام التحكيم مهددة بالطعن فيها لمدة غير محدودة.
الموضوع الثانى: خاص بتنفيذ حكم التحكيم، وفيه تتقرر حجية الحكم في مصر (المادة 55) وحق من كسب الدعوى في طلب تنفيذه بعد انقضاء ميعاد التسعين يوما المقررة لاقامة دعوى البطلان. ومع ذلك اذا أقيمت هذه الدعوى خلال الميعاد عاد الى من صدر حكم التحكيم لصالحه حقه الأصلى في طلب تنفيذ الحكم مباشرة لكيلا يظل سلبيا بعد أن هاجمه خصمه باقامة دعوى البطلان. ولما كان من الأرجح أن يطلب المدعى في هذه الدعوى وقف تنفيذ الحكم، الأمر الذى قد يطيل الاجراءات، فقد استصوبت المادة 56 الفصل في كل من طلب وقف التنفيذ ودعوى البطلان على وجه الاستعجال.
15 - تناولت المادتين 57، 58 اجراءات طلب تنفيذ حكم التحكيم، الأولى ببيان الجهة المختصة بالفصل في هذا الطلب والمستندات الواجب تقديمها، والثانية ببيان شروط منح الأمر بالتنفيذ وعدم جواز الطعن فيه الا اذا صدر برفض التنفيذ فيكون عندئذ قابلا للطعن خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره.
ويتشرف وزير العدل بعرض مشروع القانون المرافق على مجلس الوزراء، رجاء الموافقة عليه واستصدار القرار الجمهورى باحالته الى مجلس الشعب.

وزير العدل
المستشار/ فاروق سيف النصر

الطعن 819 لسنة 25 ق جلسة 19 / 12 / 1955 مكتب فني 6 ج 4 ق 441 ص 1491

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسين المستشارين.

-------------

(441)
القضية رقم 819 سنة 25 القضائية

وصف التهمة. دفاع. تجمهر. 

رفع الدعوى على المتهمين بتهمة الاشتراك في تجمهر مكون من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم التعدي مع علمهم بالغرض المقصود منه. استبعاد المحكمة تهمة التجمهر وإدانة المتهمين بجريمة ضرب أحدث عاهة. واقعة الضرب المذكورة لم ترد في قرار الإحالة. عدم تنبيه الدفاع إلى هذا التغيير. إخلال بحق الدفاع.

-------------
إذا كانت الدعوى الجنائية قد رفعت على المتهمين بأنهما اشتركا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم التعدي مع علمهم بالغرض المقصود منه، فاستبعدت المحكمة تهمة التجمهر لعدم ثبوت أركانها القانونية ودانت المتهمين بتهمة الضرب الذى خلف عاهة بالمجنى عليهما وكانت واقعة الضرب التي دين المتهمان بها لم توجه إليهما بالذات ولم تدر عليها المرافعة أثناء المحاكمة، فإن الحكم إذ قضى بإدانتهما فيها يكون باطلا، ولا يصح القول بأنهما كانا متهمين بالتجمهر وأن الضرب الواقع على المجنى عليهما قد وقع أثناء التجمهر، ما دامت هذه الواقعة بذاتها لم تكن موجهة إليهما وذلك لاختلاف الواقعتين ولإسناد واقعة جديدة للمتهمين لم يرد لها ذكر في قرار الاتهام وكان يتعين تنبيه الدفاع إلى هذا التغيير.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: 1 - أحمد محمد أبو الخير و2 - عبد الحميد السيد الحصى (الطاعنين) و3 - السيد عثمان الحصى و4 - العريان السيد صالح و5 - الدسوقي السيد صالح (توفى) و6 - محمد عبد الجليل أبو الخير و7 - عبد ربه أحمد أبو النجا و8 - الموافى صالح أبو النجا (توفى) و9 - محمد جاد عطية شروش و10 - عبد الجليل عبد الجليل أبو الخير و11 - أحمد على أبو النجا (توفى) و12 - عبد الحليم محمود فزاع و13 - رزق صالح النجار و14 - الشحات صالح النجار و15 - عبد الفتاح حسن عجيز و16 - محمود أحمد عثمان و17 - محمد أحمد عثمان و18 - عبد السلام شحتو حسن و19 - الدسوقي أحمد هلالي. بأنهم أولا - المتهمون من الأول إلى الخامس عشر اشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص يحملون عصيا وكوريكات وكان الغرض من التجمهر ارتكاب جرائم الاعتداء بالضرب على أفراد الفريق الثاني من المتهمين وقد استعملوا القوة والعنف والآلات التي كانوا يحملونها في هذا الاعتداء وذلك بأن اجتمعوا معا وجمعوا آخرين مجهولين معهم بقيادة المتهمين الأول والثاني والثالث المدبرين لهذا التجمهر حتى وصلوا إلى محل وجود الفريق الثاني واعتدوا عليهم تنفيذا للغرض المقصود من التجمهر مع علمهم جميعا به ونتج عن ذلك الجرائم الآتية: 1 - ضرب عبد ربه إسماعيل عمدا ضربا لم يقصد منه قتلا ولكنه أصيب بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أفضت إلى موته وهى الجناية المنطبقة على المادة 236/ 1 من قانون العقوبات و2 - ضرب الجوهري إسماعيل مسعود عمدا فأصيب بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي نشأ عنها عاهات مستديمة يستحيل برؤها وهى فقد جزء من عظام الجمجمة الواقي للمخ مما يجعله أكثر تعرضا بالتأثر بالصدمات الخفيفة ومما يعرض للمضاعفات الخطرة في المستقبل ومما يقلل من كفاءته على العمل بحوالي 25% كما تخلفت به أيضا إعاقة في إتمام إطباق الأصبع السبابة اليسرى مما يفقد المصاب من كفاءته على العمل بما يقدر بحوالي 3% كما تخلف به أيضا ضيق بمجرى الهواء بالأنف مما يؤثر على قوة الصوت ويقلل من كفاءته وقدرته على الكسب بحوالي 10%، وهى الجناية المنطبقة على المادة 240/ 1 من قانون العقوبات. و3 - ضرب مصطفى عبد الخالق أيوب عمد فأصيب بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهى فقد جزئين من عظام الجمجمة لا ينتظر ملئ فراغهما مستقبلا بنسيج عظمى مما يعرض المخ للتغييرات الجوية والمؤثرات الخارجية والإصابات البسيطة كما يعرضه أيضا للمضاعفات الخطيرة ومما ينقص من قوة احتمال المصاب للعمل وهى الجناية المنطبقة على المادة 240/ 1 من قانون العقوبات. و4 - ضرب محمود أحمد عثمان ويس السيد يس عمدا فأصيبا بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاج كل منهما مدة لا تزيد على العشرين يوما، وهى الجنحة المنطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات. وثانيا - المتهمان السادس عشر والسابع عشر ضربا عبد ربه أحمد أبو النجا عمدا فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوما. وثالثا - المتهمان السادس عشر والثامن عشر ضربا محمد عبد الجليل أبو الخير عمدا فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوما. ورابعا - المتهم التاسع عشر ضرب أحمد محمد أبو الخير فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الكشف الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوما. وطلبت النيابة من قاضي الإحالة إحالة المتهمين المذكورين إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتهم بالمواد 236/ 1 و240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات و2 و3 و4 من القانون رقم 10 لسنة 1912 الخاص بالتجمهر، فقرر بذلك في 10 من أبريل سنة 1945. وادعى بحق مدنى ورثة عبد الله السنباطي وهم زوجته مبروكة جمعه عوض وأولاده البالغون عبد الله والمتولي ومحمود السيد ومسعود وهانم وطلبوا الحكم لهم قبل المتهمين الخمسة عشر الأول بالتضامن بمبلغ ألفى جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف وأتعاب المحاماة.
ومحكمة جنايات المنصورة سمعت الدعوى وقضت حضوريا بعد الاطلاع على المادة 384 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهمين السابع و الثالث عشر والرابع عشر والسادس عشر والسابع عشر وعلى المادتين 32/ 2 و240/ 1 عقوبات والمواد 1 و17 و304/ 1 و381 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهمين الأول والثاني وعلى المواد 15 و17 و304/ 1 و381 من قانون الإجراءات بالنسبة للمتهمين الثالث والرابع والسادس والسابع والتاسع والعاشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وعلى المادتين 15 و17 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهمين من السادس عشر إلى الخير غيابيا بالنسبة للمتهمين السابع والثالث عشر والرابع عشر والسادس عشر والسابع عشر وحضوريا بالنسبة للباقين: أولا - بالنسبة لأحمد محمد أبو الخير وعبد الحميد السيد الحصى بمعاقبة كل منهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن جنايات العاهات المستديمة التي وقعت على كل من الجوهري إبراهيم مسعود ومصطفى عبد الخالق أيوب. وثانيا - ببراءتهما من الضرب المفضي إلى الموت ورفض الدعوى المدنية قبلهما وإلزام رافعيها بمصروفاتها. وثالثا - باعتبار باقي التهم المسندة إليهما جنحا وانقضاء الدعوى الجنائية فيها بمضي المدة. وبالنسبة للسيد عثمان الحصى والعريان السيد صالح ومحمود عبد الجليل أبو الخير وعبد ربه أحمد أبو النجار ومحمد جاد عطيه شرويش وعبد الجليل عبد الجليل أبو الخير وعبد الحليم محمود فزاع ورزق صالح النجار والشحات صالح النجار وعبد الفتاح حسن عيد. أولا - ببراءتهم من جنايات الضرب المفضي إلى الموت والعاهات المستديمة ورفض الدعوى المدنية قبلهم مع إلزام رافعيها بمصروفاتها. وثانيا - انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة لباقي التهم بمضي المدة وبالنسبة لمحمود أحمد عثمان ومحمد أحمد عثمان وعبد السلام شحتو حسن والدسوقي أحمد هلال انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه شابه البطلان والإخلال بحق الدفاع إذ دانهما بتهمة ضرب لم تكن موجهة إليهما أصلا، في حين أنه قضى ببراءتهما من تهمة التجمهر الواردة في أمر الإحالة، وذلك من غير تنبيه الدفاع إلى هذا التغيير كما تقضى المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن التهمة الموجهة إلى الطاعنين هي أنهما وآخرين اشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص يحملون عصيا وآلات أخرى، وكان الغرض منه الاعتداء بالضرب على الفريق الثاني من المتهمين مع علمهم بالغرض منه، وقد وقعت جرائم ضرب أحدث عاهة بأفراد الفريق الثاني وتنفيذا للغرض من التجمهر ومن بينهم الجوهري إبراهيم مسعود ومصطفى عبد الخالق أيوب وأن المحكمة استبعدت تهمة التجمهر لعدم ثبوت أركانها القانونية ودانت الطاعنين بتهمة الضرب الذى خلف عاهة بالمجنى عليهما المذكورين، دون تنبيه الدفاع إلى هذا التعديل - لما كان ذلك، وكانت الدعوى الجنائية قد رفعت على الطاعنين بأنهما اشتركا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم التعدي مع علمهم بالغرض المقصود منه، وكانت واقعة الضرب التي دين الطاعنان بها لم توجه إليهما بالذات، ولم تدر عليها المرافعة أثناء المحاكمة، فإن الحكم إذ قضى بإدانتهما فيها يكون باطلا، ولا يصح القول بأنهما كان متهمين بالتجمهر وأن الضرب الواقع على المجنى عليهما قد وقع أثناء التجمهر، ما دامت هذه الواقعة بذاتها لم تكن موجهة إليهما، وذلك لاختلاف الواقعتين ولإسناد واقعة جديدة إلى الطاعنين لم يرد لها ذكر في قرار الاتهام وكان يتعين تنبيه الدفاع إلى هذا التغيير لإبداء دفاعه في شأنه، ومن ثم يكون هذا الوجه مقبولا بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، ويتعين نقض الحكم.

الطعن 2064 لسنة 24 ق جلسة 10/ 1/ 1955 مكتب فني 6 ج 2 ق 130 ص 393

جلسة 10 من يناير 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأستاذة: مصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود إسماعيل، ومصطفى كامل المستشارين.

--------------

(130)
القضية رقم 2064 سنة 24 القضائية

)أ) ارتباط. حكم. تسبيبه.

طلب ضم. قضايا لم يفصل فيها بعد بحجة ارتباطها بالقضية المطروحة على المحكمة. الفصل فيه. موضوعي. رفضه. بيان العلة. غير لازم.
)ب) مواد مخدرة.

زراعة نبات الحشيش والخشخاش في ظل القانون رقم 21 لسنة 1928. إحراز النبات في أطوار نموه التالية لتاريخ العمل بالقانون رقم 351 لسنة 1952. استخراج مادة الأفيون منه بعد نضجه. تطبيق المادة 33 من القانون الأخير على الواقعة. صحيح.
)ج) إثبات.

الأخذ بقول للشاهد في التحقيق الابتدائي يخالف قولاً أخر له بالجلسة. جائز.
)د) إثبات.

اعتراف متهم على نفسه بارتكاب الحادث، إطراحه. جائز.

-------------
1ـ إن رفض طلب ضم قضايا لم يفصل فيها بعد بحجة ارتباطها بالقضية المطروحة هو من سلطة محكمة الموضوع لأن تقدير الارتباط بين الجرائم الموجب لنظرها معاً هو من المسائل الموضوعية التي يفصل فيها قاضى الموضوع دون أن يكون ملزم ببيان علة رفض الطلب.
2ـ إذا كان الحكم قد أثبت أن المتهم الذي زرع نبات الحشيش ونبات الخشخاش في ظل القانون 21 لسنة 1928، أحرز هذا النبات في أطوار نموه التالية لتاريخ العمل بالقانون الجديد رقم 351 لسنة 1952 وأنتج واستخرج وفعل من نبات الخشخاش بعد نضجه مادة الأفيون وأن التحليل دل على أن هذا النبات وجد مجرحاً وعثر بجوار الجروح على آثار مادة داكنة تبين أنها أفيون، فإن الحكم إذ طبق المادة 33 من القانون رقم 351 لسنة 1952 على صورة هذه الواقعة لا يكون قد أخطأ في شيء.
3ـ للمحكمة أن تأخذ بقول للشاهد فى التحقيق الابتدائي وإن خالف قولا آخر له بالجلسة.
4ـ للمحكمة أن تطرح اعتراف متهم على نفسه بارتكاب الجريمة ما دامت لم تصدقه فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1ـ حسين محمد جاد الله (الطاعن) و2ـ شاكر حسين محمد، بأنهما أولاً: زرعا نبات "الحشيش بقصد إنتاجه وبيعه دون الترخيص بذلك من وزارة الصحة العمومية. وثانياً زرعا نبات الخشخاش بقصد إنتاجه وبيعه دون الترخيص بذلك من وزارة الصحة العمومية. وثالثاً: أنتجا واستخرجا جواهر مخدرة (أفيوناً) وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهمين على محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 1 و2 و25 و28 و29 و30 و33/ ب ـ و ـ د و35م ق 351 لسنة 1952 والجدولين 1 و5 الملحقين به. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً ـ عملاً بمواد الاتهام ـ بالنسبة إلى المتهم الأول (الطاعن) بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المضبوطة. وببراءة المتهم الثاني مما أسند إليه وأعفتهما من المصاريف الجنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن حاصل الوجه الأول، هو الإخلال بحق الطاعن في الدفاع ذلك بأنه طلب بلسان محاميه ضم القضيتين رقم 680 ورقم 681 سنة 1953 جنايات مركز أسيوط المقيدتين ضد الطاعن وولده ولم يفصل فيهما بعد واستند في ذلك إلى أن الزراعة موضوع هاتين القضيتين هي والزراعة موضوع الدعوى الحالية في حوض واحد، ولكن المحكمة رفضت هذا الطلب دون أن تبين لذلك سبباً، كما دفع الطاعن بأنه في نفس اليوم الذي ضبطت فيه الزراعة موضوع هذه القضية، ضبطت زراعات أخرى عملت عنها اثنتان وعشرون قضية، وأن النباتات في هذه الزراعات جميعاً وضعت في سيارة واحدة فاختلط بعضها ببعض، وطلب الدفاع من المحكمة تحقيق هذه الواقعة ولكنها لم تستجب إليه.
وحيث إن هذا الوجه مردود، بأن رفض طلب ضم قضايا لم يفصل فيها بعد بحجة ارتباطها بالقضية المطروحة هو من سلطة محكمة الموضوع لأن تقدير الارتباط بين الجرائم الموجب لنظرها معاً هو من المسائل الموضوعية التي يفصل فيها قاضى الموضوع دون أن يكون ملزماً ببيان عله رفض الطلب هذا إلى أن رفض طلب الضم لا يؤثر على ما يدعيه الطاعن من وحدة الواقعة أو الارتباط بينها وبين جرائم أخرى. ما دام يستطيع أن يتمسك لدى المحكمة التي تطرح عليها الجرائم الأخرى بجميع ما يبديه من دفوع. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على ما يدعيه الطاعن من اختلاط النبات المضبوط بعضه ببعض بأن الثابت من التحقيقات أن الضابط الذي تولى ضبطه عنى عناية تامة بتحريزه عقب ضبطه مباشرة. وعرضه وكيل النيابة المحقق على المتهم الثاني ـ وهو ابن الطاعن ـ قبل إرساله للتحليل فأقر بأنه هو الذي ضبط في حديقة منزل والده الطاعن. وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب تحقيق ما يدعيه حتى ينعى على المحكمة أنها لم تجبه إلى ذلك فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو الخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن الطاعن دفع بأن الزراعة زرعت في ظل القانون القديم رقم 21 لسنة 1928 مما كان يتعين معه تطبيق هذا القانون ومعاقبة الطاعن على مقتضاه هذا إلى أن ترك الزراعة دون تقليع يعتبر عملاً سلبياً مجرداً من قصد الحيازة، فضلاً عن أن ركن الحيازة لا يتوفر إلا بوجود الشيء في حوزة صاحبه وحده دون غيره. وهو ما لم يتحقق في الدعوى الحالية لأن الحديقة التي وجدت فيها زراعة الحشيش والخشخاش يمكن أن يصل إليها أشخاص آخرون غير مالكيها. هذا إلى أن الحكم حين طبق المادة 33 دون المادة 34 من القانون الجديد رقم 351 لسنة 1952 استند إلى ما أثبته وكيل النيابة في المعاينة من أن الجزء المزروع هو حشيش وخشخاش مساحته قيراط وأن رئيس مكتب المخدرات. قرر بأن القيراط ينتج من ثلاثة إلى أربعة أرطال من الأفيون وثمن الأقة منه 200 جنيه. ولم يذكر الحكم شيئاً عن قيمة الحشيش ولا مساحة كل من زراعتي الحشيش والخشخاش على حدة مع أن العبرة هي بالقيمة كما أن هذه المعاينة لا تقطع بأن الطاعن أنتج الأفيون بقصد الإتجار ولم تذكر النيابة في وصف التهمة أن الإحراز بقصد البيع أو الإتجار يضاف إلى ذلك أن الحكم تناقص حين ذكر أن القانون يعاقب على الإحراز بغض النظر عن تاريخ الزراعة. وفى الوقت نفسه دان الطاعن بالجرائم الثلاث التي رفعت بها الدعوى. وكان يتعين معاقبته فقط عن الإحراز بقصد التعاطي متى توافرت في حقه أركان هذه الجريمة.
وحيث أنه لا جدوى مما يثيره الطاعن في هذا الوجه من أنه زرع نبات الحشيش ونبات الخشخاش في ظل القانون رقم 21 لسنة 1928 ما دام الحكم قد أثبت عليه بأدلة سائغة مقبولة أنه أحرز هذا النبات في أطوار نموه التالية لتاريخ العمل بالقانون الجديد رقم 351 لسنة 1952. كما أثبت عليه أنه أنتج واستخرج وفعل من نبات الخشخاش بعد نضجه مادة الأفيون، وأن التحليل دل على أن هذا النبات وجد مجرحاً وعثر بجوار الجروح على آثار مادة داكنة تبين أنها أفيون. لما كان ذلك، فان الحكم إذ طبق على صورة هذه الواقعة المادة 33 من القانون المذكور لا يكون قد أخطأ أو تناقض في شيء. على أن الحكم استطرد إلى نفى قصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي عند الطاعن فقال في ذلك "إن المتهم الأول...(الطاعن) يزرع مساحة كبيرة قدرها وكيل النيابة بقيراط وهذه الزراعة للحشيش والخشخاش. وليست قاصرة على نوع واحد منها وقد قرر رئيس مكتب مكافحة المخدرات أن قيراط الخشخاش ينتج منه ثلاثة أو أربعة أرطال من الأفيون وأن الأقة من الأفيون تساوى مائتي جنيه. فإذا كان ذلك وكان من يزرع مثل هذه الزراعات عرضة لأن توقع عليه أشد العقوبات وأقساها فإن المحكمة تعتقد اعتقاداً جازماً أن إحراز هذا الزرع الممنوع على تنوعه إنما كان بقصد استخراج المواد المخدرة الناتجة منه بوفرة وبيعها بحثاً وراء الأرباح الضخمة لا بقصد التعاطي... " وما قاله الحكم من ذلك من شأنه أن يؤدى إلى النتيجة التي خلص إليها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل أيضاً.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو أن أقوال رئيس مكتب المخدرات وعمدة البلدة التي اعتمد عليها الحكم في إدانة الطاعن لا تؤدى إلى ثبوت أنه هو الزارع لأن ابنه اعترف بأنه هو الذي زرع النبات هذا إلى أن العبرة في ذلك بما شهد به العمدة في الجلسة. من أن الحديقة مملوكة للطاعن وأخواته وأن الزارع هو ابن الطاعن.
وحيث إنه لما كان الحكم. قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تصلح في العقل والمنطق لأن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان للمحكمة أن تأخذ بقول الشاهد في التحقيق الابتدائي وإن خالف قولاً آخر له بالجلسة، وأن تطرح اعتراف متهم على نفسه بارتكاب الجريمة ما دامت لم تصدقه فيه. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون إلا جدلاً في موضوع الدعوى ومبلغ كفاية الأدلة فيها مما لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.