الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 أبريل 2021

دستورية حظر وقف القضاة لتنفيذ العقوبة المقضي بها في جرائم طبع المصحف الشريف والأحاديث النبوية

الدعوى رقم 64 لسنة 41 ق "دستورية" جلسة 6 / 3 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من مارس سنة 2021م، الموافق الثاني والعشرين من رجب سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عمــــاد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 64 لسنة 41 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة جنايات القاهرة - الدائرة التاسعة - بحكمها الصادر بجلسة 9/1/2019، ملف الدعوى رقم 4041 لسنة 2017 جنايات الدرب الأحمر، المقيدة برقم 3264 لسنة 2017 كلى جنوب القاهرة.


المقامة من

النيابة العامة

ضــد

كريم حسين محمد صالح


الإجـراءات
بتاريخ الحادي عشر من سبتمبر سنة 2019، ورد إلى قلم كتاب هذه المحكمة، ملف الدعوى رقم 4041 لسنة 2017 جنايات الدرب الأحمر، المقيدة برقم 3264 لسنة 2017 كلى جنوب القاهرة، بعد أن قضت محكمة جنايات القاهرة – الدائرة التاسعة - بجلسة 9/1/2019، بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا؛ للفصل في دستورية الفقرة الخامسة من المادة الثانية من القانون رقم 102 لسنة 1985 بشأن تنظيم طبع المصحف الشريف والأحاديث النبوية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد أسندت إلى كريم حسين محمد صالح، في الدعوى رقم 4041 لسنة 2017 جنايات الدرب الأحمر، المقيدة برقم 3264 لسنة 2017 كلى جنوب القاهرة، قيامه بتداول مطبوعات "المصحف الشريف" بدون ترخيص من الجهة المختصة "مجمع البحوث الإسلامية"، وقدمته للمحاكمة الجنائية، بطلب عقابه بالفقرة الأولى من المادة (1)، و الفقرتين الأولى والخامسة من المادة (2) من القانون رقم 102 لسنة 1985 بشأن تنظيم طبع المصحف الشريف والأحاديث النبوية. وذلك على سند من أن قسم مباحث المصنفات الفنية، قام بضبط عدد يقارب ثلاثة آلاف نسخة من المصحف الشريف، لدى المكتبة المملوكة للمتهم ، مطبوعة على أوراق ملونة، بالمخالفة لقرار مجمع البحوث الإسلامية الصادر بتاريخ 31/12/2015 ، بحظر تلوين النص القرآني ذاته، واقتصار التلوين على أرقام الآيات، والأجزاء، والهامش فقط. وأفاد تقرير مجمع البحوث الإسلامية بأن نسخ المصاحف المضبوطة غير مرخص بتداولها لانتهاء مدة التصاريح المدونة عليها، ولا يجوز الطباعة بموجبها. وبجلسة 11/1/2018، قضت المحكمة غيابيًّا، بمعاقبة المتهم بالسجن مدة خمس سنوات، وتغريمه عشرة آلاف جنيه. وإثر تقدم المتهم للمحاكمة، أعيدت إجراءات نظر الدعوى، وإذ تراءى للمحكمة شبهة عدم دستورية الفقرة الخامسة من المادة الثانية من القانون رقم 102 لسنة 1985 المشار إليه، فيما نصت عليه من عدم جواز الحكم بوقف تنفيذ أى من العقوبات الواردة في تلك المادة، فقد أحالت أوراق الدعوى إلى هذه المحكمة، للفصل في دستورية ذلك النص.

وحيث إن نصى الفقرتين الأولى والخامسة من المادة (2) من القانون رقم 102 لسنة 1985 بشأن تنظيم طبع المصحف الشريف والأحاديث النبوية، يجريان على النحو الآتي :

- الفقرة الأولى: يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه، كل من قام بطبع أو نشر أو توزيع أو عرض أو تداول المطبوعـــــات أو تداول التسجيلات المشار إليها في المادة السابقة بدون ترخيص أو بالمخالفة لشروطه ولو تم الطبع أو التسجيل في الخارج.

- الفقرة الخامسة: ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ أي من هذه العقوبات.

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، لخلو حكم الإحالة من النصوص الدستورية المدعى مخالفتها، فإنه مردود: بأن من المقرر – في قضـاء هذه المحكمـة - أن ما نصت عليه المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، من أن القرار الصادر من محكمة الموضوع بإحالة مسألة دستورية بذاتها إلى هذه المحكمة للفصل في مطابقة النصوص القانونية التي تثيرها للدستور، أو خروجها عليه، وكذلك صحيفة الدعوى التي يرفعها إليها خصم للفصل في بطلان النصوص المطعون عليها أو صحتها، يتعين أن يتضمنا " بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته، والنص الدستوري المدعى بمخالفته، وأوجه المخالفة "، إنما يتغيا ألا يكون هذا القرار، أو تلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسائل الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها؛ ضمانًـا لتحديدها تحديدًا كافيًا يبلور مضمونهـا ونطاقهــــا، فلا تثير – بماهيتهــــا أو مداها - خفاء يحول دون إعداد ذوى الشأن جميعًا - ومن بينهم الحكومة - لدفاعهم بأوجهه المختلفة خلال المواعيد التي حددتها المادة (37) من قانون المحكمة الدستورية العليا، بل يكون بيانها لازمًا لمباشرة هيئة المفوضين – بعد انقضاء هذه المواعيد – لمهامها في شأن تحضير جوانبها، ثم إبدائها رأيًا محايدًا يكشف عن حكم الدستور والقانون بشأنها. ولما كان التجهيل بالمسائل الدستورية يفترض أن يكون بيانها قد غمض فعلاً بما يحول عقلاً دون تجليتها، فإذا كان إعمال النظر في شأنها – ومن خلال الربط المنطقي للوقائع المؤدية إليها- يفصح عن حقيقتها، وما قصد إليه حكم الإحالة أو الطاعن– حقًا من إثارتها، فإن القول بمخالفة نص المادة (30) المشار إليها، يكون لغوًا. لما كان ذلك، وكان حكم الإحالة قد أبان بجلاء موضع المخالفة للدستور – حسب ما ارتآه- مشيرًا إلى أن النص المحال من شأنه أن يقيد سلطة المحكمة في تفريد العقوبة، بما يُعد تدخلاً في أعمال اختص بها الدستور السلطة القضائية دون غيرها، ويمس استقلالها، فإنه يكون قد كشف عن موضع العوار الدستوري، ويضحى واضح الدلالة في بيان النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها، وهى نصوص المواد (92، 94، 96، 184، 186) من الدستور القائـم، وأوجـه المخالفة، كما ارتأتها محكمة الموضوع، ويبرأ – من ثم - من قالة التجهيل بنصوص الدستور المدعى مخالفتها، الأمر الذى يكون معه هذا الدفع في غير محله، خليقًا برفضه.

وحيث إن المصلحة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان الثابت بأوراق الدعوى الموضوعية أن الاتهام المسند للمتهم في الدعوى الجنائية، ارتكابه جريمة تداول المصحف الشريف دون ترخيص من الجهة المختصة "مجمع البحوث الإسلامية"، وكان النص المحال قد شرع لهذه الجريمة عقوبتي السجن والغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه، وحظر على المحكمة التي تنظر الدعوى الجنائية عن هذه الجريمة، وكذلك سائر الجرائم المؤثمة بنص تلك المادة، عند قضائها بالإدانة، إعمال الرخصة المخولة لها بموجب نصى المادتين (55، 56) من قانون العقوبات، المتعلقة بأحكام وقف تنفيذ العقوبة، ومن ثم فإن نطاق الدعوى المعروضة والمصلحة فيها يتحددان، بما تضمنه نص الفقرة الخامسة من المادة (2) من القانون رقم 102 لسنة 1985 المشار إليه، من حظر وقف تنفيذ أي من العقوبات المقررة لصور الجريمة الواردة في الفقرة الأولى من هذه المادة، لما للقضاء في دستورية هذا النص – في حدود نطاقه المتقدم - من أثر ينعكس على سلطة محكمة الموضوع – إذا انتهت إلى إدانة المتهم - في وقف تنفيذ العقوبة التي تقضى بها في الدعوى الجنائية.

وحيث إن حكم الإحالة ينعى على الفقرة الخامسة من المادة (2) من القانون المشار إليه، فيما نصت عليه من أنه "لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ أي من هذه العقوبات"، الانتقاص من صلاحيات المحكمة في تفريد العقوبة، وهو ما يمثل افتئاتًا على استقلالها وحريتها في تقدير العقوبة، مما يوقع هذا النص في حومة مخالفة أحكام المواد (92، 94، 96، 184، 186) من الدستور.

وحيث إنه من المقرر أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، غدا أصلاً ثابتًا كضمان ضد التحكم، فلا يؤثم القاضي أفعالاً ينتقيها، ولا يقرر عقوباتها وفق اختياره، إشباعًا لنزوة أو انفلاتًا عن الحق والعدل. وصار التأثيم بالتالي عائدًا إلى المشرع، إذ يقرر للجرائم التي يحدثها، عقوباتها التي تناسبها. ويفسر هذا المبدأ؛ بأن القيم الجوهرية التي يصدر القانون الجنائي لحمايتها، لا يمكن بلورتها إلا من خلال السلطة التشريعية التي انتخبها المواطنون لتمثيلهم، وأن تعبيرها عن إرادتهم يقتضيها أن تكون بيدها سلطة التقرير في شأن تحديد الأفعال التي يجوز تأثيمها وعقوباتها، لضمان مشروعيتها.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن العدالة - في غاياتها – لا تنفصل علاقاتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفًا إلا إذا كان كافلاً لأهدافها، فإذا ما زاغ المشرع ببصره عنها، وأهدر القيم الأصيلة التي تحتضنها، كان منهيًّا للتوافق في مجال تنفيذه، ومسقطًا كل قيمة لوجوده، ومستوجبًا تغييره أو إلغاءه، ذلك أن العدالة الجنائية في جوهر ملامحها، هي التي يتعين ضمانها من خلال قواعد محددة تحديدًا دقيقًا، ومنصفًا، يتقرر على ضوئها ما إذا كان المتهم مدانًا أو بريئًا. وذلك منظورًا إليه في ضوء الموازنة بين مصلحة الجماعة في استقرار أمنها، ومصلحة المتهم في ألا تفرض عليه عقوبة، تبلغ في شدتها حدًّا، تفتقر معه إلى الصلة العضوية بجسامة فعله وظروف ارتكابه للجريمة، بحيث يظل التجريم مرتبطًا بالأغراض النهائية للقوانين العقابية.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا تجوز معاملة المتهمين بوصفهم نمطًا ثابتًا، أو النظر إليهم باعتبار أن صورة واحدة تجمعهم لتصبهم في قالبها، بما مؤداه: أن الأصل في العقوبة هو تفريدها لا تعميمها، وتقرير استثناء من هذا الأصل- أيًّا كانت الأغراض التي يتوخاها – مؤداه: أن المذنبين جميعهم تتوافق ظروفهم، وأن عقوبتهم يجب أن تكون واحدة لا تغاير فيها، وهو ما يعنى إيقاع جزاء في غير ضرورة بما يفقد العقوبة تناسبها مع وزن الجريمة وملابساتها، وبما يقيد الحرية الشخصية دون مقتض، ذلك أن مشروعية العقوبة من زاوية دستورية، مناطها أن يباشر كل قاضٍ سلطته في مجال التدرج بها وتجزئتها، تقديرًا لها، في الحدود المقررة قانونًا، فذلك وحده الطريق إلى معقوليتها وإنسانيتها جبرًا لآثار الجريمة من منظور موضوعي يتعلق بها وبمرتكبها. وأن حرمان من يباشرون تلك الوظيفة من سلطتهم في مجال تفريد العقوبة بما يوائم بين الصيغة التي أفرغت فيها ومتطلبات تطبيقها في كل حالة بذاتها؛ مؤداه بالضرورة أن تفقد النصوص العقابية اتصالها بواقعها، فلا تنبض بالحياة، ولا يكون إنفاذها إلا عملاً مجردًا يعزلها عن بيئتها، دالاً على قسوتها أو مجاوزتها حد الاعتدال، جامدًا فجًّا منافيًا لقيم الحق والعدل.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر- كذلك- على أن العقوبة التخييرية، أو استبدال عقوبة أخف أو تدبير احترازي بعقوبة أصلية أشد، عند توافر عذر قانوني جوازي مخفف للعقوبة، أو إجازة استعمال الرأفة في مواد الجنايات بالنزول بعقوبتها درجة واحدة أو درجتين إذا اقتضت أحوال الجريمة ذلك التبديل، عملاً بنص المادة (17) من قانون العقوبات، أو إيقـاف تنفيذ عقوبتي الغرامة أو الحبس الذي لا تزيد مدته على سنة إذا رأت المحكمة من الظروف الشخصية للمحكوم عليه أو الظروف العينية التي لابست الجريمــة ما يبعث على الاعتقـاد بعدم العودة إلى مخالفة القانون على ما جرى به نص المادة (55) من قانون العقوبات، إنما هي أدوات تشريعية يتسـاند القاضي إليها- بحسب ظروف كل دعوى- لتطبيق مبدأ تفريد العقوبة.

وحيث إن العقوبات التي رصدها المشرع بمقتضى المادة الثانية من القانون رقم 102 لسنة 1985 بشأن تنظيم طبع المصحف الشريف والأحاديث النبوية، لكل من قام بطبع أو نشر أو توزيع أو عرض أو تداول المصحف الشريف والأحاديث النبوية، بدون ترخيص بذلك من مجمع البحوث الإسلامية، هي عقوبتا السجن والغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه ، وهى عقوبات تتناسب مع خطورة وفداحة الإثم المجرم، على نحو ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المار بيانه، إذ إنه حال إعداد مشروع هذا القانون، رُصِدَت عقوبتا الحبس، والغرامة التي لا تجاوز ثلاثة ألاف جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين، لكل من قام بطبع أو نشر أو توزيع أو عرض للتداول المصحف الشريف أو الأحاديث النبوية بدون ترخيص بذلك من مجمع البحوث الإسلامية. إلا أن اللجنة المشتركة من لجنتي الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف والشئون الدستورية، والتشريعية بمجلس الشعب، ارتأت تعديل النص المقترح، بتشديد العقوبة، لتكون السجن وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه. واستندت في ذلك، إلى ضرورة تشديد عقوبة الخروج على شروط ترخيص طبع وتداول المصحف الشريف والأحاديث النبوية، حتى يتحقق الردع لكل من يخالف هذه الشروط . وكان رائد اللجنة في هذا التشديد، أنه إذا كانت جريمة التزوير في أوراق رسمية مقررًا لها عقوبة الجناية، فمن باب أولى، يجب أن يكون فعل التحريف في المصحف الشريف، وهو كلام الله، وفى أحاديث الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) جناية يعاقب عليها بالسجن. وللعلة ذاتها، أضافت اللجنة إلى عجز الفقرة الأولى من تلك المادة عبارة "ولو تم الطبع في الخارج"، حتى لا تكون هناك وسيلة للإفلات من العقاب، مع النص على مضاعفة العقوبة في حالة العود، وعدم جواز وقف تنفيذ العقوبة، ومصادرة المطبوعات وتسليمها للأزهر الشريف، للتصرف فيها، وفقًا للقواعد التي يحددها شيخ الأزهر.

وحيث إن تشديد العقاب على النحو السالف ذكره، لا يمنع المحكمة من إنزال عقوبة السجن بالقدر الذي يتناسب مع جرم كل متهم، في الحدود الواردة بنص المادة (16) من قانون العقوبات، التي تتراوح من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة، وتقدير عقوبة الغرامة، بين حدين، يبلغ أدناهما ثلاثة آلاف جنيه، ويبلغ أقصاهما عشرة آلاف جنيه. وفضلاً عن ذلك فإن عقوبتي السجن والغرامة المشار إليهما، وإن كانتا من العقوبات غير التخييرية، فإن المشرع لم يسلب سلطة المحكمة في استعمال الرأفة مع المتهم إذا اقتضت أحوال الجريمة ذلك، إعمالاً لنص المادة (17) من قانون العقوبات، التي تخولها النزول بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.

وحيث إن الأصل في النصوص القانونية هو ارتباطها عقلًا بأهدافها، باعتبارها وسائل صاغها المشرع لتحقيقها. فمن ثم يتعين لاتفاق التنظيم التشريعي مع الدستور، أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع في موضوع محدد، وفاءً لمصلحة عامة لها اعتبارها، وبين الوسائل التي انتهجها طريقًا لبلوغها، فلا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع هذا الموضوع عن أهدافها، بل يتعين أن تكون مدخلاً لها.

ولما كان وقف تنفيذ العقوبات، الذى يُعد أحد الأدوات التشريعية التي يتساند إليها القاضي- بحسب ظروف كل دعوى - لتطبيق مبدأ تفريد العقوبة، يجد مجاله الطبيعي في مواد الجنايات والجنح التي يحكم فيها بالغرامة أو بالحبس مدة لا تزيد على سنة، إذا رأت المحكمة من الظـروف الشخصية للمحكوم عليه أو الظروف العينية التي لابست الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بعدم العودة إلى مخالفة القانون، على ما جرى به نص المادة (55) من قانون العقوبات، ومن ثم فلا ينسحب نظام وقف التنفيذ إلى الجرائم التي يحكم فيها بعقوبة السجن، طبقًا للقواعد العامة.

وحيث إن الأصل في وقف تنفيذ العقوبة أنه أحد أدوات تفريدها، التي يملكها القاضي في العقوبات قصيرة المدة، إلا أن حرمانه منها مشروط بأن يكون في أحوال استثنائية محددة، يقدرها المشرع لعلة مبررة اقتضتها مصلحة عامة جوهرية، ويخضع في تقديره لها، لرقابة المحكمة الدستورية العليا، سبرًا لمبرراته، وتقييمًا لمسوغاته، بحيث لا يطلقه المشرع دون ضابط، أو يقرره دون مقتض، بل بوصفه الوسيلة التي لا غنى عنها لبلوغ الأهداف والغايات التي رصدها، وسعى إلى تحقيقها من تأثيم الفعـل وتحديد العقوبة المناسبة له، منظورًا في كل ذلك، إلى أن مشروعية حظر استخدام هذه الوسيلة من الوجهة الدستورية، رهن بتناسب ذلك مع تلك الغايات والأهداف، وارتباطه بها ارتباطًا منطقيًا وعقليًا، ليكون مدخلًا لها، وكافلًا تحقيقها.

وحيث إن القرآن الكريم هو تنزيل رب العالمين على قلب رسوله الكريم، فهو كلام الله العظيم، المتعبد بتلاوته، وهو خالد خلود الذات الإلهية، إذ إنه صفة فيها، لا تنفصم عنها. لذلك توعد الله سبحانه وتعالى كل من يجترىء على جلال كلام ذاته الإلهية، بزيادة أو نقصان أو تعديل أو تبديل، بالوعيد الشديد، إذ يقول جل في علاه " فَوَيۡلٌ لِّلَّذِينَ يَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَٰبَ بِأَيۡدِيهِمۡ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِيَشۡتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيۡلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَوَيۡلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكۡسِبُونَ " (سورة البقرة: الآية 79). ولقداسة هذا الكلام، وحتى لا يتدخل أى إنسان في كلام الله، وهو من ذاته العلية، أورد الله حظرًا ووعيدًا شديدًا، حتى على رسوله الكريم أن يحرف في كلامه العظيم، إذ قال عن رسوله الكريم " وَلَو تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ * لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ * فَمَا مِنكُم مِّنۡ أَحَدٍ عَنۡهُ حَٰجِزِينَ * " (سورة الحاقة: الآيات 44 – 47 ).

وحيث كان ما تقدم، وكان رائد المشرع في حظر الحكم بوقف تنفيذ أي من العقوبات المقررة للجريمة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة (2) من القانون رقم 102 لسنة 1985، آنف الذكر، الحفاظ على كتاب الله، لقدسيته الكبيرة، عماد الدين الإسلامي – دين الدولة - والمصدر الأساسي لمبادئ الشريعة الإسلامية، والذي تستقى منه تشريعات الدولة، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بكيانها. وكان المشرع في سبيل تحقيق تلك المصلحة الحاجية، قد وسد لمجمع البحوث الإسلامية - وهو أحد مؤسسات الأزهر الشريف التليدة - القيام بمهمة الترخيص بطباعة المصحف الشريف، وكذا الترخيص بعدد ما يطرح منه للتداول خلال فترة زمنية يحددها، بعد مراجعته لكافة السور والآيات القرآنية التي اشتمل عليها، وذلك حفاظًا عليه، ورقابة على صحة وسلامة ما يطرح منه للتداول، لتعهد الله عز وجل بحفظه. " إنّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " . وعلى ذلك، فإن الترخيص الصادر من مجمع البحوث الإسلامية بتداول نسخ المصحف الشريف على النحو المتقدم، بمثابة شهادة لصحة وسلامة ما ورد فيه، ويلتزم كل من يطرح للتداول نسخًا منه، أن يتيقن ابتداءً من صدور هذا الترخيص، وإلا تعرض للعقوبة المرصودة بالنص التشريعي المحال، ويكون الجرم أعظم إذا كان تاجرًا، ولذا أورد النص التشريعي المحال حدودًا دنيا وقصوى للعقوبة المرصودة لكل من يرتكب هذه الجريمة، تاركًا للمحكمة أن توقع من بينها ما يناســب كل حالة، ذلك أن الاستهانة في الحصول على الترخيـص اللازم لطبع ونشر وتوزيع وتداول المصحـف الشريـف، أو التيقن من صـدور هذا الترخيص، أمر جلل، يتعين مؤاخذة فاعله على نحو يردعه، ويحول دون مجاراة غيره في ارتكاب الإثم ذاته، تقديرًا بأن من يتعمد هذا الفعل، على جسامته، لتعلقه بآيات المولى عز وجل، إنما يستهين بثوابت الدين الإسلامي، التي يُعد الذود عنها، ورعايتها، وكفالتها، مصلحة عامة جوهرية لها اعتبارها، والتعدي عليها يمثل جرمًا يجب أن يواجه بالردع الكافي، وهو أمر لا يتحقـق من خلال نظام وقف التنفيذ، الذي يعمد إلى الاكتفاء بالتهديد بتنفيذ العقوبـة الموقوفـة، إذا ما عاد الجاني إلى الإجـرام مرة أخرى. وكان تحقيـق الغايات والأهـداف المتقدمة، هو الدافع لإيراد قيد حظر وقف تنفيذ العقوبة المقضي بها، باعتباره الوسيلة التي سعى المشرع بتقريرها إلى بلوغها. وقد ابتنى هذا الاستثناء على مبررات موضوعية تسوغـه من الوجهة الدستوريــة، لتناسـبه مع تلك الأغراض المشروعة، بما يكفل تحقيقها، ويرتبط بها برابطة عقلية ومنطقية، الأمر الذى يكون معـه النص المحـال - في النطاق المحدد سلفًا - إذ منع المحكمة الجنائية من إعمال سلطتها في وقف تنفيذ العقوبة الواردة فيـه، مع بقاء سلطتها في استعمال باقي أدوات التفريد العقابي الأخـرى، على نحــو ما سلف بيانه، يكون قد قام على استثناء مبرر، تدعمه مصلحة جوهرية مشروعة تسوغه، وواقعًا في دائرة السلطة التقديرية للمشرع، التي التزم في شأنهـا الضوابـط الدستورية، فـلا يكـون - تبعًا لذلك - قد أخل بمبدأ الفصـل بين السلطات، ولا باستقلال السلطة القضائية، أو تَضَمَن تدخلًا في شئون العدالة أو القضاء، الذى حظره الدستور، الأمر الذى يبرأ به هذا النص من مظنة مخالفة نصوص المواد (92 94، 96، 184، 186) من الدستور.
وحيث إن النص المحال لا يخالف أي حكم آخر في الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى.

الأحد، 18 أبريل 2021

خضوع كافة العاملين ببنوك القطاع العام بما فيهم مديري وأعضاء الإدارات القانونية للأحكام التي تخضع لها كافة البنوك الأخرى

الدعوى رقم 3 لسنة 41 ق "دستورية" جلسة 6 / 3 /2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من مارس سنة 2021م، الموافق الثانى والعشرين من رجب سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 41 قضائية "دستورية".

المقامة من

رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري

ضـــد

1- رئيس الجمهوريــة

2- رئيس مجلس الوزراء

3- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًا)

4- وزيـر العـــدل

5- مساعد وزير العدل لشئون الإدارات القانونية

6- رئيس لجنة شئون مديري وأعضاء الإدارات القانونية برئاسة مجلس الوزراء

7- محافظ البنك المركزي

8- نقــــــيب المحاميـن

9- محمد عبد المنعم ديـــــاب


الإجراءات
بتاريخ العشرين من يناير سنة 2019، أودع البنك المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية، فيما تضمنته المادة الأولى من مواد إصداره، من سريان أحكامه على البنوك العامة ، وإسقاط قرارات وزير العدل ومحافظ البنك المركزي المنفذة له على البنوك العامة.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.

وقدم البنك المدعى مذكرة، صمم فيها على طلباته. كما قدم المدعى عليه التاسع مذكرة، دفع فيها بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى، والحكم أصليًّا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا برفضها. وقدم أشرف غانم غانم عامر، المحامي بالبنك المدعى، صحيفة تدخل انضمامي للمدعى عليه التاسع في طلباته.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن وقائع الدعوى تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق- في أن المدعى عليه التاسع كان قد أقام الدعوى رقم 205 لسنة 70 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري، طالبًا الحكم بوقف اختبارات الترقية لمحامي القطاع القانوني لدى البنك - المدعى الدعوى الدستورية - أيًّا كان اسمها ونوعها، وعدم الاعتداد بنتائجها، لمخالفتها أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية، ووضع الهياكل الوظيفية بأسمائها ومددها، وقواعد الترقيات فيها، وتسوية حالته الوظيفية باحتسابها من تاريخ قيده بنقابة المحامين، وفقًا لأحكام ذلك القانون. وبجلسة 25/2/2018، قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية، فقيدت لديها برقم 3104 لسنة 2018 عمال كلى، وأثناء نظر الدعوى، قدم البنك المدعى مذكرة، ضمنها دفعًا بعدم دستورية سريان أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973المشار إليه، على البنوك العامة، ومنها البنك المدعى، لمخالفته نص المادة (13) من الدستور، التي تلزم الدولة بإقامة علاقات عمـــــل متوازنة. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامـة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.

وحيث إن المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئـات العامة والوحدات التابعة لها تنص على أنه " تسرى أحكام القانون المرافق على مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها".

وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدعى عليه التاسع، بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى، على سند من أن حقيقة طلبات البنك المدعى استثناء البنوك العامة من تطبيق أحكام القانون المطعـون عليه، وهو ما ينحسر عنه اختصاص المحكمة بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، فإنه مردود، بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن البحث في الاختصاص سابق بطبيعته على الخوض في شكل الدعوى أو موضوعها، وتواجهه المحكمة من تلقاء ذاتها. وأن مقتضى ما نصت عليه المادة (192) من الدستور، أن إرادة الدستور قد انعقدت على إيـلاء المحكمة الدستورية العليا، وحدها - دون غيرها – ولاية الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون، وقد صدر القانون رقم 48 لسنة 1979 المنظم لأوضاعها، مبينًا اختصاصاتها، محددًا ما يدخل في ولايتها حصرًا، مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها الاختصاص المنفرد بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، مانعًا أي جهة مزاحمتها فيه، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفية إعمالها، وذلك كله على النحو المنصوص عليه في المواد (25، 27، 29) من قانون هذه المحكمة، وهى قاطعة في دلالتها على أن اختصاص المحكمة في مجال الرقابة على الدستورية منحصر في النصوص التشريعية أيًّا كان موضوعها، أو نطاق تطبيقها، أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها، ذلك أن هذه النصوص هي التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، وما يميزها كقواعد قانونية هو أن تطبيقاتها مترامية، ودوائر المخاطبين بها غير متناهية، والآثار المترتبة على إبطالها - إذا أهدرتها هذه المحكمة لمخالفتها الدستور- بعيدة في مداها، وتدق دائمًا ضوابط الرقابة على مشروعيتها الدستورية، وتقارنها محاذير واضحة، فكان لزامًا بالتالي أن يؤول أمر هذه الرقابة إلى محكمة واحدة بيدها وحدها زمام إعمالها، كي تصوغ بنفسها معاييرها ومناهجها، وتوازن من خلالها بين المصالح المثارة على اختلافها، وتتولى دون غيرها بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور بما يكفل تكاملها وتجانسها، ويحول دون تفرق وجهات النظر من حولها، وتباين مناحي الاجتهاد فيها. متى كان ذلك، وكانت طلبات البنك المدعى في دعواه المعروضة، الحكم بعدم دستورية نص المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه، فيما تضمنته من سريان أحكامه على البنوك العامة. وكان مبتغاه من الطعن على تلك المادة، القضاء بعدم دستورية خضوع المحامين العاملين بالإدارات القانونية ببنوك القطاع العام إلى النظام الوارد بأحكام ذلك القانون، على سند من اختلاف المركز القانوني لهذه الفئة من المحامين، عن المركز القانوني للفئات الأخرى من المحامين التي عينها النص المطعون عليه. إذ كان ذلك، وكان النص المشار إليه يخاطب مديري وأعضاء الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والإدارات التابعة لها، وهى فئات غير محددة من المحامين، يجمعها أنهم أصحاب مركز قانوني يتسع لجميع أفرادها دون تمييز. الأمر الذى يكشف عن أن موضوع الدعوى المعروضة يتعلق بقاعدة قانونية، عامة ومجردة، مما يدخل في نطاق ولاية المحكمة الدستورية العليا، بمقتضى نصى المادة (192) من الدستور، والمادة (25) من قانونها، في شأن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، الأمر الذى يضحى معه الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى قائمًا على غير أساس، جديرًا بالالتفات عنه.

وحيث إنه عن الطلب المقدم من أشرف غانم غانم بقبول تدخله انضماميًّا للمدعى عليه التاسع في الدعوى المعروضة. فمن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه يشترط لقبول التدخل الانضمامي - طبقًا لما تقضى به المادة (126) من قانون المرافعات - أن يكون لطالب التدخل مصلحة شخصية ومباشرة في الانضمـام لأحد الخصوم في الدعوى الدستورية. ومناط تحقق هذه المصلحة، أن يؤثر الحكم في الدعوى الدستورية التي يطلب التدخل فيها على طلباته في الدعوى الموضوعية المثار فيها الدفع، فإذا لم يكن لهذا التدخل من أثر على مصلحته الشخصية في الدعوى الأخيرة، أو لم يكن طرفًا فيها، فقد دل ذلك على انتفاء مصلحته في هذا التدخل. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن طالب التدخل في الدعوى الدستورية، لم يكن طرفًا أصيلاً أو متدخلاً في الدعوى الموضوعية، فمن ثم لا تكون له صفة الخصم التي تسوغ اعتباره من ذوى الشأن في الدعوى الدستورية، ولا تكون له تبعًا لذلك مصلحة فيها. الأمر الذى تقضى معه المحكمة بعدم قبول تدخله.

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة والمدعى عليه التاسع بعدم قبول الدعوى، لابتناء الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع على كامل أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه، دون تحديد نصوص بعينها فيه، ولا النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها، وأوجه تلك المخالفة، ومن ثم فإن تصريح المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية لم يسبقه تقديرها لجدية الدفع، بعد إجالة بصرها في أوجه المخالفة التي نعتها بها المدعى، فإن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن كل شكلية جوهرية فرضها المشرع لمصلحة عامة حتى ينتظم التداعي وفقًا لحكمها لا يجوز فصلها عن دواعيها، وإلا كان القـول بهـا إغراقًا في التقيد بضوابطها، وانحرافًا عن مقاصدها، وأن التجهيل بالنصوص التشريعية، والدستورية المدعى مخالفتها، وأوجه تلك المخالفة، يفترض أن يكون بيانها قد غمض فعلاً بما يحول عقلاً دون تجليتها، فإذا كان إعمال النظر في شأنها، ومن خلال الربط المنطقي بينها والطلبات في الدعوى الموضوعية يفصح عن تحديدها، وما قصد إليه الطاعن، فإن قالة التجهيل بها تكون غير قائمة على أساس. ومن المقرر أيضًا أن تقدير محكمة الموضوع جدية المطاعن الدستورية المثارة أمامها، ليس لازمًا أن يكون صريحًا، بل حسبها في ذلك أن يكون قرارها في هذا الشأن ضمنيًا. لما كان ذلك، وكان البنك المدعى قد دفع، في مذكرة قدمها لمحكمة الموضوع، بعدم دستورية سريان أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه على المحامين بالإدارات القانونية بالبنوك العامة، لمخالفته نص المادة (13) من الدستور، التي تلزم الدولة بإقامة علاقات عمل متوازنة بين العامل وصاحب العمل. وعلى ذلك فإن التصريح الصادر من محكمة الموضوع برفع الدعوى الدستورية قد تعلق بهذا النطاق وحده، ممثلاً في المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه. ومن ثم فإن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى للتجهيل أمام محكمة الموضوع بالنص التشريعي، والنص الدستوري المدعى بمخالفته، وأوجه تلك المخالفة، يكون فاقدًا لسنده.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع. ومن ثم يتحدد مفهوم هذا الشرط بأن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، وأن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، فإذا كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، أو كان من غير المخاطبين بهذا النص، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، إذ إن إبطال النص التشريعي في هذه الحالة لن يحقق للمدعى أية فائدة يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.

حيث كان ذلك، وكان قانون البنك المركزي، والجهاز المصرفي والنقد، الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، ينص في الفقرة الأولى من المادة (89) على أن " مع عدم الإخلال بأحكام المادة (43) من هذا القانون، تخضع بنوك القطاع العام لذات الأحكام التي تخضع لها كافة البنوك الأخرى، فيما عدا ما يرد به نص خاص في هذا الباب".

ونصت الفقرة الثانية منها على أن " وفى جميع الأحوال لا تخضع هذه البنوك لأحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983".

وقد تم استبدال نص آخر بنص تلك المادة بموجب القانون رقم 93 لسنة 2005 - المنشور في الجريدة الرسمية في العدد 24 مكرر في 21 يونيه سنة 2005 - ليصبح على النحو الآتي:" مع عدم الإخلال بأحكام المادة (43) من هذا القانون، تخضع بنوك القطاع العام لذات الأحكام التي تخضع لها كافة البنوك الأخـــــرى، فيما عدا ما يرد به نص خاص في هذا الباب. وفى جميـع الأحـوال لا تخضع تلك البنوك والعاملون فيها لأحكام القوانين واللوائح المعمول بها في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام".

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة في ذاتهــــا، ذلك أن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعـى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعها. وكان من المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في النصوص التشريعية ألا تحمل على غير مقاصدها، وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها أو يعتبر تشويهًا لها، سواء بفصلها عن موضوعها، أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها، تقديرًا بأن المعاني التي تدل عليها هذه النصوص، والتي ينبغي الوقوف عندها، هي تلك التي تعتبر كاشفة عن حقيقة محتواها، مفصحة عما قصد المشرع منها، مبينة حقيقة وجهته وغايته من إيرادها، ملقية الضوء على ما عناه بها.

وحيث كان ما تقدم، وكان مؤدى نص المادة (89) من قانون البنك المركزي الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، أن المشرع أفصح عن إرادته في خضوع بنوك القطاع العام للأحكام ذاتها التي تخضع لها كافة البنوك الأخرى، فيما لم يرد به نص في هذا القانون، وأكد المشرع في الفقرة الثانية من تلك المادة على أنه " وفى جميع الأحوال لا تخضع هذه البنوك لأحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 ". بما مؤداه أن كافة العاملين – بما فيهم مديري وأعضاء الإدارات القانونية – ببنوك القطاع العام، صاروا خاضعين لأحكام ذلك القانون، ويسري عليهم كافة الأحكام التي يخضع لها العاملون في البنوك الأخرى. وهو ما أكد عليه، وأفصح عنه المشرع عند إحلاله نص آخر لنص المادة (89)، بموجب القانون رقم 93 لسنة 2005، مبقيًا على أحكام فقرتها الأولى، ناصًا في عجز تلك المادة على أن " وفي جميع الأحوال لا تخضع تلك البنوك – بنوك القطاع العام – والعاملون فيها لأحكام القوانين واللوائح المعمول بها في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام ". مما مؤداه أن العاملين ببنوك القطاع العام تسري عليهم الأحكام التي تخضع لها كافة البنوك الأخرى، ولا يخضعون لأحكام القوانين واللوائح المعمول بها في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، بما في ذلك أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية. ومن ثم فإن الضرر المدعى به في الدعوى المعروضة ليس مرده إلى نص المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه، وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ للنص واجب الإعمال على النـزاع الموضوعي، وأن الفصل في دستورية النص المطعون فيه لا يرتب انعكاسًا على الطلبات في ذلك النزاع، وقضاء محكمة الموضوع فيه، وتغدو المصلحة في الطعن عليه منتفية، بما لازمه القضاء بعدم قبول الدعوى.

وحيث إنه عن طلب إسقاط قرارات وزير العدل ومحافظ البنك المركزي المنفذة التي تسرى على المحامين ببنوك القطاع العام، إعمالاً لأحكام النص المطعون فيه، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن طلب السقوط لا يعتبر طلبًا جديدًا منبت الصلة بما دُفع به أمام محكمة الموضوع، وإنما هو من قبيل التقديرات القانونية التي تملكها المحكمة الدستورية العليا فيما لو قضت بعدم دستورية نص معين، ورتبت السقوط للمواد الأخرى المرتبطة به ارتباطًا لا يقبل التجزئة، وهو أمر تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها حتى ولو لم يطلبه الخصوم. متى كان ذلك، وكانت المحكمة ـد انتهت فيما تقـدم إلى عـدم قبول الدعوى، فإن طلب السقوط يكون قد ورد على غير محل.


فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت البنك المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

دستورية عدول العامل عن الاستقالة خلال أسبوع من تاريخ إخطار رب العمل له بقبولها

الدعوى رقم 64 لسنة 36 ق "دستورية" جلسة 6 / 3 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من مارس سنة 2021م، الموافق الثاني والعشرين من رجب سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 64 لسنة 36 قضائية "دستورية".


المقامة من

رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة الفرعونية للأدوية (فاروفارما)

ضــــد

1- رئيس الجمهوريـــة

2- رئيس مجلس الــوزراء

3- رئيس مجلس النـواب

4- وزيـر العـدل

5- هشام محمد محمود شمـخ

الإجـراءات

بتاريخ الثلاثين من أبريل سنة 2014، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (119) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الأخير كان من العاملين بالشركة المدعية، بوظيفة سائق، وبتاريخ 19/10/2009، تقدم باستقالته من العمل، وإزاء عدم التزامه، واختلاسه بعض البضائع المملوكة للشركة، تم قبول استقالته، إلا أنه عدل عن الاستقالة في اليوم السابع لتاريخ تقديمها، استنادًا لنص المادة (119) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، الأمر الذى لم تعول عليه الشركة، وقامت بتعيين آخر بدلاً منه، فأقام الدعوى رقم 3266 لسنة 2009 مدنى كلى عمال، أمام محكمــة الإسكندريـة الابتدائية، ضد الشركة، طالبًا الحكم، بإلزامها بأن تؤدى له، أولاً: تعويضًا عن فصله التعسفي، ثانيًا: أجره عن الفترة من 1/9 حتى 20/10/2009، ثالثًا: المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يحصل عليها، والمقدر بـ (46) يومًا، رابعًا: بأحقيته في قيمة الحافز عن شهر أغسطس عام 2009. وبجلسة 24/6/2011، قضت المحكمة بإلزام الشركة بأن تؤدى له مبلغ (8000) جنيه، تعويضًا عن الإنهاء التعسفي لعقد العمل، ومبلغ (1287) جنيهًا، مقابل أجره خلال الفترة من 1/9 حتى 20/10/2009، شاملاً الأجر الإضافي. وبجلسة 31/10/2012، قضت المحكمة بأحقية المدعى في المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية التي لم يحصل عليها، بواقع مبلغ 1196 جنيهًا، وقيمة الحافز عن شهر أغسطس 2009 بواقع مبلغ 154 جنيهًا. وإذ لم ترتض الشركة هذين الحكمين، فاستأنفتهما أمام محكمة استئناف الإسكندرية، التي ضمت الاستئنافين، ليصدر فيهما حكم واحد، وأثناء نظرهما قدمت الشركة مذكرة، ضمنتها دفعًا بعدم دستورية المادة (119) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للشركة المدعية برفع دعواها الدستورية، أقامت الدعوى المعروضة

وحيث إن المادة (119) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، تنص على أن " لا يعتد باستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة، وللعامل المستقيل أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة، وفى هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن".

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة تُعد شرطًا لقبول الدعوى الدستورية، ومناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية، لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة أمام قاضى الموضوع - فإذا لم يكن له بها من صلة، كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة. بما مؤداه أنه لا يكفى لقبولها أن يكون النص التشريعي المطعون عليه مخالفًا في ذاته للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص، بتطبيقه على المدعى، قد أخل بأحد الحقوق التى كفلها الدستور، على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا. متى كان ذلك، وكان مبنى الفصل التعسفي الذى يطالب المدعى عليه الأخير بالتعويض عنه، المردد أمام محكمة الموضوع، هو امتناع الشركة المدعية عن إعادته إلى عمله بعد عدوله عن الاستقالة خلال المهلة التى حددها نص المادة (119) المطعون عليه، الحاكم للمسألة المطروحة على محكمة الموضوع، وتتضرر منه الشركة، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للشركة المدعية تكون متوافرة في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها فيما نصت عليه تلك المادة من أنه " وللعامل المستقيل أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة، وفى هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن"، لما للقضاء في دستوريته من أثر مباشر وانعكاس أكيد على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها.

وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون عليه - في النطاق المحدد سلفًا- مخالفته لنصوص المواد (13، 32، 34، 40) من الدستور الصادر عام 1971 – المقابلة لنصوص المـواد (13، 33، 35، 53) من الدستور القائم - على سند من أن المدعى عليه الأخير كان يعمل لديها في وظيفة سائق، وقدم طواعية استقالته، وبالتالي يكون قد أنهى علاقة العمل بإرادته، وإعمالاً لنص المادة (91) من القانون المدني، فإن الاستقالة تمثل تعبيرًا عن إرادته، وتنتج أثرها في إنهاء علاقة العمل من وقت قبولها، إلا أن محكمة الموضوع استندت إلى الخلل التشريعي الوارد بالنص المطعون فيه، الذى أجاز للعامل العدول عن الاستقالة كتابة خلال أسبوع مـــــن تاريخ إخطاره من رب العمل بقبول استقالته، وهو ما يخرج عن القواعد العامة، ويتضمن تمييزًا للعامل على حساب رب العمل، وينال من ملكيته الخاصة.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق – ومن بينها حق العمل – أنها سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التي يجريها بين البدائل المختلفة التي تتصل بالموضوع محل التنظيم، لاختيار أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التي يتوخاها، وأكفلها للوفاء بأكثر المصالح وزنًا، وليس ثمة قيد على مباشرة المشرع لسلطته هذه، إلا أن يكون الدستور قد فرض في شأن ممارستها ضوابط محددة تعتبر تخومًا لها ينبغي التزامها.

وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهـــم لأى سبب، إلا أن ذلك لا يعنى - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنصى المادتين (4، 53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبهما هو ذلك الذى يكون تحكميًّا. وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه - بما انطوى عليه من تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها فإن التمييز يكون تحكميًّا وغير مستند بالتالي إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.

وحيث إنه يتعين لاتفاق التنظيم الذى يسنه المشرع مع أحكام الدستور أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع في موضوع محدد وفاء بمصلحة عامة لها اعتبارهـا، والوسائل التي اتخذهـا طريقًا لبلوغها، فلا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها هذا الموضوع عن أهدافها، بل يتعين أن تُعد مدخلاً إليها.


وحيث إن المشرع قد تناول بالنص المطعون فيه تنظيم الاستقالة باعتبارها سبيل العامل لإنهاء علاقة العمل من جانبه، ولذلك كان إنتاجها لآثارها في إنهاء تلك العلاقة رهنًا بكونها صادرة عن إرادة حرة طليقة من كل ما يشوبها من عيوب، ومن أجل ذلك جعل المشرع إنتاج الاستقالة لأثرها في حق العامل من تاريخ إخطار صاحب العمل له بقبولها، وليس من تاريخ تقديمها، كما منح العامل مدة أسبوع للعدول عنها، وهى مهلة قصد بها المشرع منح العامل فرصة للتروي في شأن الاستقالة، وأنها ليست وليدة اندفاع منه لم يقدر عواقبه، وأن ممارسته لحقه فيها قد تم في إطار الدائرة التي رسمها المشرع لها، بعيدًا عن كل مظاهر التأثير على إرادته وحريته في اختيار الإنهاء الإرادي لعلاقة العمل من جانبه، بما يوفـر الحماية للعامل، لكونه الطرف الضعيف في علاقة العمل، ولذلك كان اعتبار الاستقالة كأن لم تكن هو الأثر القانوني الذى يتواكب مع عدول العامل عن الاستقالة خلال تلك المهلة، وليبقى حقه في هذا الشأن مقيدًا دومًا بالقيد العام الذى تقرره القواعد العامة، بألا يكون استعماله له داخلاً في نطاق الاستعمال غير المشروع للحق، الذى حظره المشرع بمقتضى نص المادة (5) من القانون المدني، بما يسهم في بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفي علاقة العمل، على النحو الذى أوجبته المادتان (13، 27) من الدستور، ليضحى هذا التنظيم هو الوسيلة التي تتناسب مع تلك الأغراض والأهداف المشروعة التي قصد المشرع بلوغها من إقراره، والكافلة لتحقيقها، وترتبط بها برابطـة منطقية، باعتبارهـا مدخلاً لها، ولا يتضمن – من ثم – تمييزًا بين طرفي علاقة العمل، ســواء في ذلك العامـل أو صاحب العمل، بما لا مخالفة فيه لمبدأ المساواة الذى كفلته كـــل من المادتين (4، 53) من الدستور.

وحيث إنه ولئن كان الدستور – في المادتين (33 و35) منه - قد كفل حق الملكية الخاصة، وأحاطه بسياج من الضمانات التي تصون هذه الملكية، وتدرأ كل عدوان عليها، فإنه في ذلك كله لم يخرج عن تأكيده على الدور الاجتماعي لحق الملكية، حيث يجوز تحميلها ببعض القيود التي تقتضيها أو تفرضها ضرورة اجتماعية، ما دامت لم تبلغ هذه القيود مبلغًا يصيب حق الملكية في جوهره أو يُعدم جل خصائصه.

وحيث إن التنظيم التشريعي الذى أورده المشرع بالنص المطعون فيه - وهو نص مستحدث لم يكن له مثيل في قانون العمل الملغى الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981، ولا بأي قانون آخر ينظم علاقة العاملين المدنيين بالدولة أو القطاع العام بالجهات التي يعملون بها - قد راعى التوازن في علاقات العمل، باعتبارها قائمة بين طرفين - العامل وصاحب العمل- تربطهما علاقة تحكمها أسس معينة، وذلك وفاءً من المشرع بالتزامه الدستوري المقرر بنصي المادتين (13، 27) من الدستور، بتحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة في علاقة العمل، بما يحفظ حقوق العمال. وفى هذا الإطار، خول النص المطعون فيه العامل حق العدول عن الاستقالة خلال أسبوع من تاريخ إخطار رب العمل له بقبولها، فإن تم العدول عنها خلال هذا الأجل، اعتبرت الاستقالة كأن لم تكن، للاعتبارات السالف بيانها، ولا يضير ذلك صاحب العمـل، لكون هذا العدول يتم خلال مدة زمنية قصيرة، بما يضمن استمرار العمل في المنشأة على النحو المعتاد، دون مساس بملكية صاحب العمل، باعتبار أن رأس ماله أحد وسائل إدارة ونجاح منشأته، وتعود إليه ثمارها. ومـن ثـم فإن قالة مخالفة النص المطعــون فيه لأحكام نصى المادتين (33، 35) من الدستور، تكون فاقدة لسندها.

وحيث إن النص المطعون فيه، لا يتصادم وأى نص آخر من نصوص الدستور، ومن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

قانون الضريبة على القيمة المضافة لا يعتبر اصلح للمتهمين بجرائم قانون الضريبة العامة على المبيعات

الدعوى رقم 109 لسنة 18 ق "دستورية" جلسة 6 / 3 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من مارس سنة 2021م، الموافق الثاني والعشرين من رجب سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 109 لسنة 18 قضائية "دستورية".

المقامة من

أمجد وهيب إسكندر

ضــــــد

1– رئيس الجمهوريــة

2- رئيس مجلس الـوزراء

3- وزير الماليــة، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات

4- وزيـــر العــــــدل

5- النائـــب العــام

الإجــراءات

بتاريخ الثامن من أكتوبر سنة 1996، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (44 بند 10 و46) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانـون رقم 11 لسنة 1991.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة قدمت المدعى، بصفته المدير المالي لإحدى شركات السياحة، إلى المحاكمة الجنائية في الدعوى رقم 1940 لسنة 1994 جنح الغردقة، طالبة عقابه بالمواد(16، 41/1، 43، 44/1) من قانون الضريبة العامة على المبيعـات الصـادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، بوصف أنه في غضون عام 1993، بدائرة قسم الغردقة، تأخر عن تقديم إقرار ضريبة المبيعات وأداء الضريبة في المدة المحددة، على النحو المبين بالأوراق. تدوولت الدعوى بالجلسات، وبجلسة 24/7/1996، دفع المدعى بعدم دستورية المادتين (44، 46) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، لمخالفتهما المواد (2، 4، 34، 38، 40، 41، 66، 67، 68، 69، 165) من دستور 1971. وبالجلسة ذاتها، قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 16/10/1996، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.

وحيث إن المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أنه " يُعد تهربًـا من الضريبة يعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة ما يأتي:

1 - عدم التقدم للمصلحة للتسجيل في المواعيد المحددة..................

10- انقضاء ثلاثين يومًا على انتهاء المواعيد المحددة لسداد الضريبة دون الإقرار عنها وسدادها".

وتنص المادة (46) من ذلك القانون على أنه " في حالة وقوع أى فعل من أفعال التهرب من الضريبة من أحد الأشخاص المعنوية يكون المسئول عنه الشريك المسئول أو المديـر أو عضو مجلس الإدارة المنتدب أو رئيس مجلس الإدارة ممن يتولون الإدارة الفعلية بحسب الأحوال".

وحيث إن أحد أوجه النعي التي ساقها المدعى طعنًا على نص المادة (44) السالف بيانه إخلاله بالعدالة الضريبية في شأن العقوبات المقررة على ارتكاب جريمة التهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات. ولما كان النص المشار إليه لم يتضمن تلك العقوبات، وإنما أحال في شأنها إلى المادة (43) السابقة عليه. إذ كان ذلك، وكانت المادة (43) من ذلك القانون – قبل تعديلها بالقانون رقم 91 لسنة 1996 – ليست محلاً للدفع بعدم الدستورية، أو موضعًا لتصريح محكمة الموضوع بالطعن عليها، الأمر الذى يغدو معه نعى المدعى على العقوبات الجنائية البحتة، وتلك التي تجمع بين الجزاء والتعويض، المنصوص عليها في مادة العقوبات المشار إليها، بمثابة دعوى دستورية مباشرة طعنًا على ذلك النص، أقيمت بغير الطريق الذى حدده المشرع في البند (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، متعينًا القضاء بعدم قبولها في حدود أوجه النص الفائت بيانه.


وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن حسمت المسألة الدستورية المثارة بالنسبة للمادة (46) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وذلك بحكمهـا الصادر بجلسة 3/2/2018، برفض الدعوى رقم 61 لسنة 21 قضائية "دستورية"، المقامة طعنًا على دستوريته، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددهــا رقم 6 مكرر (ب) بتاريخ 12/2/2018. ومن ثم فقد أصبح قضاؤها المشار إليه ملزمًا للكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، وتكون له حجية مطلقة بالنسبة لهم، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، لا يقبل تأويلاً ولا تعقيبًا من أى جهة كانت، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها على هذه المحكمة من جديد لمراجعتها، وذلك نزولاً على مقتضى نص المادة (195) من الدستور القائم، ونصى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، الأمر الذى يكون معه القضاء بعدم قبول الدعوى، بالنسبة لنص المادة (46) السالف البيان، متعينًا.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يقيد تدخلها في هذه الخصومة، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي.

وحيث إن رحى النزاع الموضوعي تدور حول ما نسبته النيابة العامة إلى المدعى، من تأخر المنشأة التي يعمل مديرًا ماليًّا لها، عن تقديم إقرار الضريبة العامة على المبيعات وسدادها، والتي استحقت عن شهري يوليو وأغسطس سنة 1993، وذلك لمدة جاوزت ثلاثين يومًا تالية لانتهاء المواعيد المقررة قانونًا. بما يعتبر معه انقضاء تلك المدة إحدى صور التهرب من الضريبة. ومن ثم، فإن الفصل في دستورية صدر نص المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، في مجال سريانه على البند رقم (10) من المادة ذاتها، الذى قصر المدعى مناعيه الدستورية عليه، يرتب انعكاسًا أكيدًا ومباشرًا على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتتوافر للمدعى مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن على ذلك النص، في حدود هذا النطاق وحده، دون غيره من بنود تلك المادة، وعلى الأخص بندها رقم (1)، الذى وإن ورد في قيد النيابة العامة للاتهام المسند للمدعى، إلا أن وصفها قد خلا من تطبيق له على وقائع الدعوى الموضوعية، كما لم تمتد إليه مناعي المدعى في الدعوى الدستورية.

ولا ينال من توافر المصلحة في النطاق الذى تحددت به الدعوى المعروضة صدور القانون رقم 91 لسنة 1996 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، مستبدلاً بنص البند (10) من المادة (44) السالف بيانها، النص الآتي: " انقضاء ستين يومًا على انتهاء المواعيد المحددة لسداد الضريبة دون الإقرار عنها وسدادها"، بالنظر إلى أن المهلة المقررة بالنص الأخير، مضافًا إليها مدة شهرين تاليين لانتهاء شهر المحاسبة، وفقًا لنص المادة الأولى من قرار وزير المالية رقم 190 لسنة 1991 – المنشور في الوقائع المصرية بالعدد 140 (تابع) بتاريخ 20 يونيو 1991 - ليس في إعمالها تغيير للمركز القانوني للمدعى في الدعوى الموضوعية، في شأن اتهامه بالتهرب من سداد الضريبة المستحقة خلال شهر يوليو سنة 1993، إذ يظل المدعى – وإن طُبق عليه النص المستبدل – مواجهًا بتهمة التهرب الضريبي عن الشهر الفائت ذكره، طالما أن أداء الضريبة تم في التاسع من شهر ديسمبر سنة 1993.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء النص الجنائي المطعون فيه، متى كان أصلح للمتهم، لا يحول دون النظر والفصل في دستوريته من ِقبَلِ من طُبّقَ عليهم ذلك النص خلال فترة نفاذه، وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، وبالتالي توافرت لهم مصلحة شخصية في الطعن عليه. متى كان ذلك، وكانت المادة الثانية من مواد إصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 2016 نصت على أنه " يلغى قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991...... ". ونص ذلك القانون في المادة (67) منه على عقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجـاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين لمرتكب الاتهام المسند إلى المدعى في الدعوى الموضوعية، المنصوص عليه، بحصر أحكامه، بمقتضى نص المادة (68 بند 7) من قانون الضريبة على القيمة المضافة، بما لازمه عدم اعتبار ذلك القانون، قانونًا أصلح للمدعى، بعدما شدد عقوبة الفعل المسند إليه.

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه إهدار مبدأ أصل البراءة، والمساس باستقلال القضاء، بالمخالفة لنصوص المواد (4، 38، 65، 67، 68، 69، 86، 165، 166) من دستور 1971.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حمايتها للدستور، إنما ينصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعى، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذي صدر النص المطعون عليه في ظل العمل بأحكامه، ما دام هذا النص قد عُمِل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استُبدل نص آخر به خلال مدة سريان ذلك الدستور. متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه، قد استُبدل نص آخر به منذ تاريخ العمل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، ومن ثم يتعين الاحتكام في شأن دستورية النص المطعون فيه، إلى دستور سنة 1971، الذى صدر النص المشار إليه وتم العمل بأحكامه إلى أن تم استبداله، خلال مدة سريان ذلك الدستور.

وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجب أن يقتصر العقاب الجنائي على أوجه السلوك التي تضر بمصلحة اجتماعية ذات شأن لا يجوز التسامح مع من يعتدى عليها، ذلك أن القانون الجنائي، وإن اتفق مع غيره من القوانين في سعيها لتنظيم علائق الأفراد فيما بين بعضهم البعض، وعلى صعيد صلاتهم بمجتمعهم، إلا أن هذا القانون يفارقها في اتخاذه الجزاء الجنائي أداة لحملهم على إتيان الأفعال التي يأمرهم بها، أو التخلي عن تلك التى ينهاهم عن مقارفتها، وهو بذلك يتغيا أن يحدد من منظور اجتماعي ما لا يجوز التسامح فيه من مظاهر سلوكهم، بما مؤداه أن الجزاء على أفعالهم لا يكون مخالفًا للدستور، إلا إذا كان مجاوزًا حدود الضرورة التي اقتضتها ظروف الجماعة في مرحلة من مراحل تطورها، فإذا كان مبررًا من وجهة اجتماعية، انتفت عنه شبهة المخالفة الدستورية.

وحيث إن النطاق الحقيقي لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات إنما يتحدد على ضوء عدة ضمانات، يأتي على رأسها وجوب صياغة النصوص العقابية بطريقة واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض، فلا تكون هذه النصوص شباكًا أو شراكًا يلقيها المشرع متصيدًا باتساعها أو بخفائها من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها، وهى ضمانات غايتها أن يكون المخاطبون بالنصوص العقابية على بينة من حقيقتها، فلا يكون سلوكهم مجافيًا لها، بل اتساقًا معها ونزولاً عليها.

وحيث إن افتراض البراءة - على ما جرى به قضاء هـــذه المحكمة - يُعد أصلاً ثابتًا يتعلق بالتهمة الجنائية، وينسحب إلى الدعوى الجنائية في جميع مراحلها وعلى امتداد إجراءاتها، وقد غدا حتمًا عدم جواز نقض البراءة بغير الأدلة الجازمة التي تخلص إليها المحكمة، وتتكون من مجموعها عقيدتها حتى تتمكن من دحض أصل البراءة المفترض في الإنسان، على ضوء الأدلة المطروحة أمامها، التي تثبت كل ركن من أركان الجريمة، وكل واقعة ضرورية لقيامها، بما في ذلك القصد الجنائي بنوعيه إذا كان متطلبًا فيها، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة.


وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور عهد إلى كل من السلطتين التشريعية والقضائية بمهام قصرها عليهما، فلا تتداخل هاتان الولايتان أو تتماسان، بل يتعين دومًا مراعاة الحدود التي فصل بها الدستور بينهما، فلا تباشر السلطة التشريعية غير اختصاصاتها التي بينتها المادة (86) من دستور 1971، ومن بينها سلطة إقرار التشريعات، ولا تتولى السلطة القضائية - من خلال محاكمها على اختلاف أنواعها ودرجاتها – إلا ولاية الفصل في المنازعات والخصومات التي أثبتتها لها المادة (165) من ذلك الدستور. كما استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن التجريم ليس عملاً قضائيًّا، وإنما هو عمل تشريعي أصيل، يتولاه المشرع، طبقًا لنص المادة (86) من دستور 1971، فيحدد ملاءمته، ونطاقه، ملتزمًا الضوابط الدستورية السالف ذكرها، ويبين – على نحو جلى، لا غموض فيه – النموذج القانوني، الذى يلتبس الفعل المادي، والركن المعنوي لهذا النموذج، وكافة شرائط هذا النموذج ومتطلباته، ثم يحدد العقوبة المقررة لذلك النموذج، وذلك كله إعمالاً لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، المنصوص عليه في المادة (66) من ذلك الدستور، التي تقضى بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون.

وحيث إن الضريبة – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها إسهامًا من جهتهم في أعبائها وتكاليفها العامة، وأن اتخاذ العدالة الاجتماعية مضمونًا وإطارًا للنظام الضريبي في البلاد إنما يقتضى بالضرورة أن يقابل حق الدولة في اقتضاء الضريبة لتنمية مواردها، ولإجراء ما يتصل بها من آثار عرضية، بحق الملتزمين أصلاً بها، والمسئولين عنها، في تحصيلها منهم، وفق أسس موضوعية يكون إنصافها نائيًا لتحيفها، وحيدتها ضمانًا لاعتدالها.

وحيث إنه عن النعي بخروج النص المطعون فيه على مبدأ أصل البراءة، فإنه مردود؛ بأن ذلك النص لم يتخذ من تحقق الركن المادي للجريمة التي انتظمها البند رقم (10) منه، قرينة قانونية غير قابلة لإثبات عكسها، تقوم بها – وحدها – مسئولية جنائية مفترضة لمن يخالف الالتزام الوارد فيه، أو يهدر أصل براءة المخالف، بحسبان ذلك النص قد أقام فعل التهرب على انقضاء المدة التي حددها ذلك القانون، دون تقديم الإقرار وسداد الضريبة المستحقة، ولم يحل بين محكمة الموضوع – في ضوء التزامها المنصوص عليه في المادة (304) من قانون الإجراءات الجنائية – وبين التحقق بصورة يقينية من وقوع ركني جريمة التهرب الضريبي، ولم يصادر حق المتهم بالجرم المذكور في أن يدفع نسبته إليه بكافة أوجه الدفاع التي تواجه أدلة الاتهام التي ساقتها ضده النيابة العامة، سواء ما يتعلق منها بعناصر الركن المادي للجريمة، أو ما يتصل منها بالقصد الجنائي، الأمر الذى يكون معه النص المطعون فيه قد التزم حدود الشرعية الدستورية للنص الجنائي، وانضبط بقواعدها المقررة في شأن عدم افتراض المسئولية الجنائية بقرينة تحكمية تزحزح أصل البراءة.

وحيث إنه عن النعي بإخلال النص المطعون فيه باستقلال القضاء، فإنه مردود؛ بأن السلطة التشريعية - التي تختص وحدها بالتجريم - هي التي حددت نموذج الجريمة التي انتظمها ذلك النص، ملتزمة بالضوابط الدستورية للنص الجنائي من حيث صياغته بصــورة جلية ومحددة، لا لبس فيها ولا غموض، وجاءت عبارة هذا النص متضمنة الركن المادي للجريمة، وقوامه انقضاء ثلاثين يومًا على انتهاء المواعيد المحددة لسداد الضريبة - التي أبانتها الفقرة الأولى من المادة (16) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وقرار وزير المالية رقم 190 لسنة 1991 السالف بيانه - دون الإقرار عنها وسدادها. كما أوجب النص توافر قصد عمدى يقارن الركن المادي، جوهره: العلم بعناصر هذا الركن، وإرادة تحقيق النتيجة المترتبة عليه، ممثلة في الإفلات من سداد الضريبة المستحقة على النشاط الخاضع لها. وفي المقابل، لم يتضمن النص المطعون فيه إلزام بالقضاء في الدعوى الجنائية المقامة عن الفعل الذي انتظمه ذلك النص على وجه محدد، إذ يناط بقاضي الموضوع وحده التحقق من توافر ركني الجريمة، فيحكم بالبراءة إن تخلف أحدهما، وبالإدانة متى تحقق كلاهما، ويستقل بتحديد العقوبة بين حديها الأدنى والأقصى، دون أن يتسلط المشرع عليه – بحال – في تطبيقه لنموذج نص التجريم أو نص العقاب. ومن ثم، فإن قالة إهدار النص المطعون فيه لمبدأ استقلال القضاء، تكون فاقدة لسندها.

وحيث إن النص المطعون فيه، ترتيبًا على ما تقدم، لا يكون قد خالف أي من المواد (38، 65، 67، 69، 86، 165، 166) من دستور 1971، أو أي من أحكامه الأخرى، مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.

فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة

الدائرة المحدودة التي يحتكم فيها المصريين غير المسلمين لغير شرائعهم الدينية

الدعوى رقم 60 لسنة 31 ق "دستورية" جلسة 6 / 3 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من مارس سنة 2021م، الموافق الثاني والعشرين من رجب سنة 1442 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 60 لسنة 31 قضائية "دستورية".

المقامة من

1- عايدة ميخائيل جرجس

2- فخــــــــــرى لطيف مرقــــس

ضد

1- رئيس جمهورية مصر العربية

2- رئيس مجلس الـــــــوزراء

3- رئيس مجلـــس الشعــب (النواب حاليًا)

4- فضيلة الإمـام الأكبر شيخ الأزهـــر الشــريف

5- قداسة بابا الإسكندرية بطريرك الأقباط الأرثوذكس

6- عزيـــزة عيـــاد كاراس

7- نيفين إدوار خير الله


الإجراءات

بتاريخ الثامن من مارس سنة 2009، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم، أولاً: بعدم دستورية الفقرة السادسة – وصحتها الخامسة - من المادة (20) من القانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985. ثانيًا: بعدم دستورية المادة (127) من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة عام 1938، وبسقوط هاتين المادتين.

وقدم كل من هيئة قضايا الدولة، والمدعى عليه الخامس مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى الثاني كان متزوجًا من المدعى عليها الأخيرة، ورزق منها على فراش الزوجية بالصغيرة "ماريا". وصدر حكم لصالحه في الدعـــوى رقم 7 لسنة 2006 ملى أسرة (ثان) طنطا، بجلسة 27/2/2007، بتطليقها منه للفرقــــة، لسفرها خــــــــارج البــــلاد بتاريخ 12/2/2005، تاركة رعايــــة ابنتهما لوالدتها " المدعى عليها السادسة ". ونظرًا لكونها مريضة، لا تقـــوى على رعاية الصغيرة، فقد أقامت المدعية الأولى " والدة المدعى الثاني"، الدعوى رقم 225 لسنة 2007 ملى، أمام محكمة أسرة (ثان) طنطا، طالبة الحكم بضم الصغيرة لحضانتها، باعتبارها التالية في ترتيب الحاضنات بعد المدعى عليها السادسة. كما أقام المدعى الثاني الدعوى رقم 227 لسنة 2007 ملى، أمام المحكمة ذاتها، ضد المدعى عليها الأخيرة " طليقته "، بطلب إسقاط حضانة أمها " المدعى عليها السادسة " للصغيرة " ماريا "، وضمها لحضانة أمه " المدعية الأولى"، التي تدخلت في تلك الدعوى انضماميًّا له في طلباته. وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، قضت بجلسة 25/9/2007، في الدعويين وموضوع التدخل، بإسقاط حضانة المدعى عليها السادسـة للصغيرة، وتسليمها للمدعيين. لــــم يصادف هذا القضاء قبول المدعى عليهما السادسة والأخيرة، فطعنا عليه بالاستئنافين رقمي 3797 و3798 لسنة 57 قضائية " أسرة "، أمام محكمة استئناف طنطا. وتم ضم الاستئنافين، وحال نظرهما بجلسة 7/2/2009، دفع المدعيان – في الدعوى المعروضة – بعدم دستورية نص المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985، فيما ورد بــــــه مــــــن ترتيب الحاضنات، ونص المادة (127) مــــــن لائحــــة الأقبــــــاط الأرثوذكس، الصادرة عام 1938، ونص المادة الثانية من تعديلها الصادر بتاريخ 2/6/2008، فيمـــــا تضمنه مـــــن إلغــــــــــاء المادة (72) من تلك اللائحـــــة. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعيين بإقامة الدعوى الدستورية، فأقاما الدعوى المعروضة.

وحيث إن نص الفقرة الخامسة من المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية المعدل بالقانون رقــــم 100 لسنة 1985 يجرى على أنه "ويثبت الحق في الحضانة للأم ثم للمحارم من النساء، مقدمًا فيه من يدلى بالأم على من يدلى بالأب، ومعتبرًا فيه الأقرب من الجهتين على الترتيب التالى:

الأم، فأم الأم وإن علت، فأم الأب وإن علت، فالأخوات الشقيقات، فالأخوات لأم، فالأخوات لأب، فبنت الأخت الشقيقة، فبنت الأخت لأم، فالخالات بالترتيب المتقدم في الأخوات، فبنت الأخت لأب فبنت الأخ بالترتيب المذكور، فالعمات بالترتيب المذكور، فخالات الأم بالترتيب المذكور، فخالات الأب بالترتيب المذكور، فعمات الأم بالترتيب المذكور، فعمات الأب بالترتيب المذكور".

وتنص المادة (127) من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، التى أقرها المجلس الملى العام بجلسته المنعقدة في 9/5/1938، المعمول بها اعتبارًا من 8/7/1938 على أن " الأم أحق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية وبعدها، وبعد الأم تكون الحضانة للجدة لأم ثم للجدة لأب ثم لأخوات الصغير، وتقدم الأخت الشقيقة ثم الأخت لأم ثم الأخت لأب ثم لبنات الأخوات، وبتقديم بنت الأخ لأبوين ثم لأم ثم لأب ثم لبنات الأخ كذلك ثم لخالات الصغير، وتقدم الخالة لأبوين ثم الخالة لأم ثم لأب ثم لعمات الصغير كذلك ثم لبنات الخالات والأخوال ثم لبنات العمات والأعمام ثم لخالة الأم ثم لخالة الأب ثم لعمة الأم ولعمة الأب بهذا الترتيب."

وحيث إن المجالس الملية هى التى كان لها اختصاص الفصل في مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، وكان تطبيقها لشرائعهم الدينية مقارنًا لاختصاصها بالفصل في نزاعاتهم المتصلة بأحوالهم الشخصية، فلا يكون قانونها الموضوعى إلا قانونًا دينيًّا. وظل هذا الاختصاص ثابتًا لهذه المجالس إلى أن صدر القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغـــــاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية، فقد قضى هذا القانون في مادته الأولى بأن تلغى المحاكم الشرعية والملية ابتداء من 1/1/1956، على أن تحال الدعاوى التى كانت منظورة أمامها حتى 31/12/1955، إلى المحاكم الوطنية لاستمرار نظرها وفقًا لأحكام قانون المرافعات. ولئن وحد هذا القانون بذلك جهة القضاء التى عهد إليها بالفصل في مسائل الأحوال الشخصية للمصريين جميعهم، فحصرها – وأيًّا كانت دياناتهم – في جهة القضاء الوطنى، إلا أن القواعد الموضوعية التى ينبغى تطبيقها على منازعاتهم في شئون أحوالهم الشخصية، لا تزال غير موحدة رغم تشتتها وبعثرتها بين مظان وجودها وغموض بعضها أحيانًا. ذلك أن الفقرة الأولى من المادة (6) من هذا القانون تقضى بأن تصدر الأحكام في منازعات الأحوال الشخصية التى كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقًا لما هو مقرر بنص المادة (280) من لائحة ترتيبها. وتنص فقرتها الثانية على أنه فيما يتعلق بالمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين، الذين تتحد طائفتهم وملتهم، وتكون لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون، فإن الفصل فيها يتم – في نطاق النظام العام - طبقًّا لشريعتهم. وهو ما تأكد بنص المادة (3) من دستور سنة 2014، من أن " شرائع المصريين المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية ....".

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع وقد أحال في شأن الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين إلى شرائعهم، مستلزمًا تطبيقها، دون غيرها، في كل ما يتصل بها؛ فإنه يكون قد ارتقى بالقواعد التى تتضمنها هذه الشرائع إلى مرتبة القواعد القانونية من حيث عموميتها وتجريدها، وتمتعها بخاصية الإلزام، لينضبط بها المخاطبون بأحكامها، ويندرج تحتها في نطاق الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، لائحتهم التى أقرها المجلس الملى العام في 9 مايو سنة 1938، وعُمل بها اعتبارًا من 8 يوليه سنة 1938، إذ تعتبر القواعد التى احتوتها هذه اللائحة – على ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى في مسائل الأحوال الشخصية، التى حلت محل الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 – شريعتهم التى تنظم أصلاً مسائل أحوالهم الشخصية، بما مؤداه خضوعها للرقابة الدستورية التى تتولاها هذه المحكمة.

وحيث إن تحديد ما يدخل في نطاق مسائل الأحوال الشخصية – في مجال التمييز بينها وبين الأحوال العينية – وإن ظل أمرًا مختلفًا عليه، إلا أن عقد الزواج والطلاق وآثارهما يندرجان تحتها، لتدخل حضانة صغار المطلق من زوجته في نطاق هذه المسائل، فتحكمها قواعدها.

وحيث إن ما تقدم مؤداه: أنه فيما عدا الدائرة المحدودة التى وحد المشرع في نطاقها القواعد الموضوعية في مسائل الأحوال الشخصية للمصريين جميعهم – كتلك التى تتعلق بمواريثهم ووصاياهــــم وأهليتهم – فإن المصريين غيــــر المسلمين لا يحتكمون لغير شرائعهم الدينية بالشروط التى حددها القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه، بل إن المادة (7) من هذا القانون تنص على أن تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى، لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة (6) من هذا القانون، ما لم يكن التغيير إلى الإسلام.


وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يتوافر ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها.

وإذ كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن المدعى الثانى والمدعى عليها الأخيرة متحدا الطائفة والملة، فإن أحكام لائحة الأقباط الأرثوذكس، دون غيرها، هى الواجبة التطبيق على النزاع الموضوعى، ولا يكون ثمة مصلحة شخصية ومباشرة للمدعيين في الطعن على نص الفقرة الخامسة من المادة (20) من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية، المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985. إذ كان ذلك، وكان نص المادة (127) من لائحة الأقباط الأرثوذكس، في نطــــاق ترتيبهــــا للحاضنات، وتقديمها الجدة لأم على الجدة لأب، هو الذى يحول بين المدعيين وتحقيق مبتغاهما من الدعوى الموضوعية، الأمر الذى يوفر لهما مصلحة شخصية مباشرة في الطعن عليها، ويتحدد به نطاق هذه الدعوى، دون سائر ما تضمنه ذلك النص من أحكام أخرى.

وحيث إن المدعيين ينعيان على النص المطعون فيه مخالفة أحكام المواد (9، 11، 40) من دستور 1971، المقابلة لنصوص المواد (10، 11، 53) من الدستور القائم، لانطوائه على تمييز غير مبرر للجدة لأم عن الجدة لأب، حال أن الجدة لأب هى الأقرب للمحضون من أم الأم، فضلاً عن أن في ذلك حرمانًا لرب الأسرة من رعاية أسرته، وانتقاصًا من حقه الطبيعى في تربية أولاده ورعايتهم، مما يهدد الطابع الأصيل للأسرة المصرية.

وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هـذه الرقابـة إنما تستهدف أصلاً - على ما جرى عليه قضاء هـذه المحكمة - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون نصوصه تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المناعى التى وجهها المدعيان للنص المطعون عليه – في النطاق السالف تحديده – تندرج تحت المناعى الموضوعية، التى تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعى معين لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعى، ومن ثم، فإن المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه – الذى مازال ساريًا ومعمولاً بأحكامه - من خلال أحكام دستور سنة 2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.

وحيث إن الحق في تكوين الأسرة لا ينفصل بالضرورة عن الحق في صونها، بما يكفل تنشئة أطفالها وتقويمهم وتحمل مسئولياتهم صحيًا وتعليمًا وتربويًّا. وكان دستور سنة 1971 قد نص في المواد (9، 10، 12)، المقابلة للمادتين (10، 11) من دستور سنة 2014، على أن الأسرة أساس المجتمع، وأن قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وأن الطابع الأصيل للأسرة المصرية – وما تتمثل فيه من قيم وتقاليد – هو ما ينبغى الحفاظ عليه، وتوكيده وتنميته في العلائق داخل مجتمعها، وأن الأمومة والطفولة قاعدة لبنيان الأسرة، ورعايتها ضرورة تقدمها. وكان الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق – ومن ذلك من له حق حضانة الصغير - أنها سلطة تقديرية، جوهرها المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة لاختيار ما يقرر أنه أنسب لمصلحة الجماعة وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها، محققًا لما يهدف إليه ذلك التنظيم لتحقيق المصالح المشروعة التى توخاها، بما ليس فيه تضييق على الناس أو يرهقهم.

وحيث إنه إذا كان الأصل في كل تنظيم تشريعى، أن يكون منطويًا على تقسيم أو تمييز من خلال الأعباء التى يلقيها على البعض أو عن طريق المزايا أو الحقوق التى يكفلها لفئة دون غيرهـا. إلا أن مناط دستورية هذا التنظيم ألا تنفصل نصوصه عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التى توخى تحقيقها بالوسائل التى لجأ إليها منطقيًّا، وليس واهنًا أو واهمًا أو منتحلاً، بما يخل بالأسس التى يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًّا.

وحيث إن الصغير تثبت عليه منذ مولده ثلاث ولايات، أولاها: ولاية التربية، وثانيها: الولاية على النفس، وثالثها: الولاية على ماله. وتثبت الولايتان الأخيرتان – كأصل عام – للعصبة من الرجال. أما ولاية التربية، وهى الحضانة، فغايتها – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه في الفترة الأولى من حياته التى لا يستغنى فيها عن النساء ممن لهن الحق في تربيته شرعًا. والأصل فيها هو مصلحة الصغير، ودفع المضرة عنه، وهى تتحقق بأن تضمه الحاضنة إلى جناحها باعتبارها أحفظ عليه وأحرص على توجيهه، وأقدر على صيانته؛ ولأن انتزاعه منها – وهى أشفق عليه وأوفر صبرًا – مضرة به إبان هذه الفترة الدقيقة التى لا يستقل فيها بأموره. وعلى ذلك، فإن مدار الحضانة على نفع المحضون، وأن رعايته مقدمة على أية مصلحة لغيره حتى عند من يقولون بأن الحضانة لا تتمخض عن حق للصغير، وإنما يتداخل فيها حق من ترعاه، ويعهد إليها بأمره.

وحيث إن الشريعة الإسلامية خلت من نص قطعى يقرر حكمًا فاصلاً في شأن ترتيب الحاضنات – بعد الأم – فيما بينهن، ومن ثم يكون باب الاجتهاد في هذا النطاق – عن طريق الأدلة الشرعية النقلية والعقلية – مفتوحًا، فلا يصد اجتهادٌ اجتهادًا أو يكتسب عصمة من دونه، ولا يقابل اجتهاد على صعيد المسائل التى تنظم الأسرة بغيره إلا على ضوء أوضاعها وأعرافها، بما لا يناقض شريعة الله ومنهاجه. وقد جاء في الأثر أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وجدة ابنه "عاصم" – أم أمه – تنازعا على حضانته، بين يدى الخليفة أبى بكر الصديق رضى الله عنه، فأعطاه إياها، وقال للفاروق: "ريحها ومسها ومسحها وريقها خير له من الشهد عندك". ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ذلك. أما الفقهاء أصحاب المذاهب فقد اتفقوا على أن أم الأم – التى تدلى إليها مباشرة – تلى الأم في ترتيب الحاضنات. وقد استقى المشـرع من ذلك من لـه حق حضانة الصغير بعد أمه، بما نص عليه في الفقرة الخامسة من المادة (20) من القانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية، فجعلها لأم الأم وإن علت، ومن بعدها لأم الأب وإن علت.

وحيث إن تحديد قواعد الأهلية للحضانة وترتيب الحاضنات، لا تُعد في الديانة المسيحية من أصول العقيدة التى وردت بشأنها – في مجال الأحوال الشخصية – نصوص قاطعة – كواحدية الزوجة وحظر الطلاق إلا لعلة الزنا – فتعتبر بالتالى شأنًا اجتماعيًا خالصًا، فرُئِىَ أن تحديدها على نحو موحد يشمل كل أبناء الوطن الواحد، أقرب إلى واقع ظروف المجتمع، وأدنى إلى تحقيق المساواة بين أفراده في مجال الحقوق التى يتمتعون بها بما يكفل الحماية التى يقررها الدستور والقانون للمواطنين جميعًا بلا تمييز بينهم. ولذا، فقد جاء نص المادة (127) من لائحة الأقباط الأرثوذكس متبعًا النهج ذاته في شأن من يكون لها حضانة الصغير بعد أمه، مقدمًا الجدة لأم على الجدة لأب، لكون ترتيب الحاضنات على هذا النحو هو الأوثق اتصالاً بمصلحة الصغير، وفى الوقت ذاته ينأى عن التمييز في مجال ضبطها بين المصريين تبعًا لديانتهم، تقديرًا بأن الأصل هو تساويهم جميعًا في الحقوق التى يتمتعون بها، وكذلك على صعيد واجباتهم. فالأسرة المسيحية هى ذاتها الأسرة المسلمة، فيما خلا الأصول الكلية لعقيدة كل منهما، تجمعهما القيم والتقاليد عينها، وإلى مجتمعهم يفيئون تقيدًا بالأسس التى يقوم عليها في مقوماتها وخصائصها، وتعبيرًا عن انصهارهم في إطار أمتهم، ونأيهم عن الفواصل التى تفرقهم أو الدعوة إليها، فقد صار أمرًا محتومًا ألا يمايز المشرع بينهم في مجال ولاية التربية " الحضانة "، التى تتحد مراكزهم بشأنها سواء في موجباتها أو حد انتهائها، وإلا كان هذا التمييز منفلتًا عن الحدود المنطقية التى ينبغى أن يترسمها. يؤيد ذلك أن الدستور، قد أورد الأحكام التى تكفل رعاية الأسرة المصرية، في المواد (9، 10، 12) من دستور 1971، المقابلة للمادتين (9، 11) من دستور 2014، وقد دل بها على أن الحق في تكوين الأسرة – أيًّا كان معتقدها الدينى – لا ينفصل عن الحق في وجوب صونها على امتداد مراحل بقائها، وإقامة الأمومة والطفولة على أسس قويمة تكفل رعايتها وتنمية ملكاتها.

وحيث كان ما تقدم، وكان ترتيب الحاضنات على النحو الوارد بالنص المطعون فيه، بتقديم الجدة لأم على الجدة لأب، هو الأوثق اتصالاً بمصلحة الصغيـر، التى ارتأى ولى الأمر أنها خيرً له وأصلح لشئونه، باعتبار أن ما يصون استقراره النفسى، ويحول دون إيذائـه، ويكفـــل تقويمه، من المقاصد الشرعية التى لا يجوز المجادلة فيها، ذلك أن مدار الحضانة نفع المحضون، ورعايته مقدمة على مصلحة غيره. ومن ثم، فإن قالة إخلال ذلك النص بمبدأ المساواة بين الجدة لأب والجدة لأم يكون مفتقدًا لسنده. فضلاً عن أن أحكام ذلك النص لا يترتب عليها حرمان رب الأسرة من رعاية أسرته، أو ينال من الطابع الأصيل للأسرة المصرية: ذلك أن انفصام عرى الزوجية يجب ألا يستطيل أثره – قدر الإمكان – إلى الأبناء، بحرمانهم ممن هى أجدر على الاهتمام بهم ورعايتهم والقيام على شئونهم في الفترة الأولى من حياتهم التى لا يستغنون فيها عن النساء، ممن لهن الحق في التربية شرعًا، لكون مصلحة الصغار مقدمة على أى مصلحة لغيرهم، ومن ثم، فإن نعت النص المطعون فيه بمخالفة نصوص المواد (9، 10، 40) من دستور سنة 1971، المقابلة لأحكام المواد (10، 11، 53) من الدستور القائم، يفتقد لسنده.

وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أى نصوص أخرى في الدستور، الأمر الذى يتعين معه القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفاة، وألزمــت المدعيين المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

قرار رئيس الجمهورية 152 لسنة 2021 بتعيين بعض السادة معاونا للنيابة العامة

نشر بالجريدة الرسمية - العدد 14 مكرر (أ) - في 12 أبريل سنة 2021

رئيـس الجمهـورية
بعد الاطلاع علي الدستور ؛
وعلي القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية وتعديلاته ؛
وعلي موافقة مجلس القضاء الأعلى بجلسته المنعقدة في 2020/7/28 ؛
وعلي ما عرضه وزير العدل ؛
قـــــــرر :


مادة رقم 1

يُعين معاونًا للنيابة العامة كل من السادة :
1 - محمد مجدي محمد سيد أحمد محمد .
2 - معتز بدوي جمجوم عمر بدوي جمجوم .
3 - عماد عماد محمد جلال الدين علي محمد هلال .
4 - عمرو محمد عبد الرؤوف محمد غانم .
5 - يحيي أحمد عبد الله درويش .
6 - حاتم الطائي شهير أحمد دكروري .
7 - أحمد عماد الشبراوي إبراهيم عوض الله .
8 - هشام رفعت صلاح أمين عبد الحميد .
9 - محمود زايد عبد الله مصطفي .
10 - طارق صفوت أحمد عبد المجيد .
11 - أحمد ناصر رياض عفيفي دسوقي .
12 - حسين منصور إبراهيم إسماعيل القط .
13 - محمود حمدي سيد عبد المطلب .
14 - أحمد عبد الغني عبد الرحمن سيد .
15 - كمال أحمد توفيق محمد الهلباوي .
16 - أحمد محمد عبد الجواد حسن .
17 - علي محمد علي عبد الرحمن المحلاوي .
18 - إسلام إسماعيل محمد إسماعيل .
19 - أحمد عصام محمد سالم الشوربجي .
20 - محمد أحمد عبد الغني حسين الديب .
21 - علي محيي الدين إمام محمد غنام .
22 - أحمد سامح أبو الفتوح سيد أحمد .
23 - شريف محمد نجيب عبد الرحيم أحمد إبراهيم .
24 - أحمد مجدي محمد عبد المنعم أحمد .
25 - أحمد مصطفي إبراهيم فرج حسين .
26 - عمرو عماد علي أحمد هاشم .
27 - محمد جمال ناصر محمد عفيفي .
28 - أحمد أشرف محمد علي محمد حسين .
29 - محمد عبد الناصر محمد أحمد .
30 - أحمد عيد صدقي هارون .
31 - إسلام محمد محمد سليمان جاد .
32 - أحمد إبراهيم محمد محمد عوض .
33 - عبد الله أحمد عبد الرحمن عبد الجواد .
34 - أحمد حاتم سعد حسن .
35 - محمد عبد الوهاب عبد الرحيم الشيخ .
36 - محمد سامي عبد العزيز عبد الحي .
37 - فؤاد فيكتور فؤاد متياس .
38 - عاصم أحمد محمد أحمد عبد الرحمن .
39 - عمر جمال حافظ داود غزالي .
40 - نور الدين درويش مصطفي أغا .
41 - أحمد عصام فكري إسماعيل .

مادة رقم 2

يُنشر هذا القرار في الجريدة الرسمية ، وعلي وزير العدل تنفيذه .
صدر برئاسة الجمهورية في 30 شعبان سنة 1442هـ
( الموافق 12 أبريل سنة 2021م ) .