جلسة 29 من نوفمبر سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى كمال سليم وعضوية السادة المستشارين/ سليم عبد الله سليم؛ محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا وجمال خفاجي.
-----------------
(349)
الطعن رقم 319 لسنة 38 القضائية
إيجار. بطلان. نظام عام:
حظر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة. م 16 من ق 52 لسنة 1969. مؤداه. بطلان العقود اللاحقة للعقد الأول بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام. لا محل لأعمال نص المادة 563 مدني بإجراء المفاضلة بينها.. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 8/ 1941 استأجر...... وشركاؤه من وزارة الأوقاف محلات النزاع لاستعمالها مقهى، وإزاء تخلف المستأجرين عن سداد الأجرة التي بلغت 2691 جنيها و250 مليم حتى ديسمبر 1971 فقد أمر محافظ القاهرة - القائم على شئون الأوقاف وقتئذ - بتوقيع الحجز الإداري على المنقولات المادية والمقومات المعنوية للمقهى استيفاء لدين الأجرة وتم الحجز في 15/ 12/ 1971 وتحدد للبيع يوم 25/ 12/ 1971 ورسا المزاد على الطاعن فأقام المطعون ضدهما الثالثة والرابعة الدعوى 22 سنة 1975 تنفيذ الموسكي على الطاعن وهيئة الأوقاف (المطعون ضدها الأخيرة) بطلب الحكم ببطلان إجراءات الحجز والبيع بمقولة انتفاء سلطة المحافظ في الأمر بالحجز فضلاً عن أن تلك الإجراءات اتخذت ضد المستأجرين الأصلين مع أن مورثهما المرحوم ...... كان قد استأجر المقهى من باطن هؤلاء المستأجرين بعقد ثابت التاريخ في 28/ 12/ 1961 وصارت العلاقة مباشرة بينه وبين وزارة الأوقاف، وإنما استمرا في استغلال المقهى بعد وفاة مورثهما - وقدما إيصالات سداد الأجرة عن المدة من أول يناير حتى آخر أكتوبر 1972 صادرة من هيئة الأوقاف باسم المستأجر الأصلي وشركائه، وقدم المطعون ضده الأول عقداً مؤرخا 1/ 5/ 1974 يتضمن استئجاره من الهيئة المذكورة محلاً مقتطعاً من المقهى - كما أقام الطاعن الدعوى 21 سنة 1975 تنفيذ الموسكي على المطعون ضدهم بطلب تسليم محلات النزاع بمشتملاتها وملحقاتها المبينة بمحضر البيع المؤرخ 25/ 12/ 1971 استناداً إلى رسو مزادها عليه بإجراءات صحيحة، وانضمت هيئة الأوقاف للطاعن في طلباته وقد قرر قاضي التنفيذ ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد - وبتاريخ 19/ 3/ 1977 قضى في الدعوى 22 سنة 1975 برفضها وفى الدعوى 21 سنة 1975 بإلزام المطعون ضده الأخير - في مواجهة باقي المطعون ضدهم - بتسليم الطاعن المحلات المبيعة ومشتملاتها وملحقاتها المبينة بمحضر البيع المؤرخ 25/ 12/ 1971، استأنف المطعون ضدهم - عدا الأخير - هذا الحكم بالاستئناف 1637 سنة 94 قضائية القاهرة طالبين الحكم إلغاء المستأنف والقضاء لهم بطلباتهم وبرفض دعوى الطاعن. وبتاريخ 27/ 12/ 1977 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف في الدعوى 22 سنة 1975 (ثانياً) في الدعوى 21 سنة 1975 بتعديل الحكم إلى تسليم المنقولات المحجوز عليها والمبينة بمحضر الحجز الإداري المؤرخ 15/ 12/ 1971 وبرفض الدعوى بالنسبة لطلب تسليم المحلات التي يتكون منها المقهى. طعن الطاعن في هذا الشق الثاني من الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن - بالوجه الأول من السبب الثالث - على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ بنى قضاءه برفض طلب تسليمه الأعيان التي رسا مزاد حق إيجارها عليه على سند من أحكام المادة 573 من القانون المدني في شأن المفاضلة بين المستأجرين بمقولة تزاحم حق الطاعن في الإيجار الذي نشأ في 25/ 12/ 1971 مع الإيجار الصادر بعد ذلك إلى المطعون ضده الأول بموجب العقد المؤرخ 1/ 5/ 1974 والإيجار الذى قال الحكم بصدوره إلى المستأجرين السابقين في أول يناير 1972 حالة أن هذين العقدين الأخيرين لا يعتد بهما ولا يصلحان سنداً للمفاضلة لبطلانهما بطلاناً مطلقاً لعدم مشروعية محل الالتزام بنص الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 سنة 1969 التي تحظر على المالك إبرام أكثر من عقد إيجار للمبنى أو الوحدة به وهو نص آمر يتعلق بالنظام العام ومخالفته تشكل جريمة معاقب عليها بالمادة 44 من هذا القانون، وعلى ذلك فلا يعتد إلا بعقد الإيجار الصادر في 1/ 8/ 1941 للمستأجرين الأصلين والذى انتقل صحيحاً نافذاً إلى الطاعن برسو المزاد عليه في 25/ 12/ 1971، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض طلب الطاعن تسليمه أعيان النزاع على قوله "إنه وإن كان الحجز على المتجر وبيعه ينقل حق الإيجار إلى المشترى إلا أنه إذا أجر المؤجر ذات العين مرة أخرى إلى شخص آخر أو إلى المستأجر الأول نفسه فإنه تكون هناك إيجارتان من نفس المؤجر وعن ذات العين، وفي حالة تعدد المستأجرين لعين واحدة فإنه وإن كانت المادة 16 من القانون 52 سنة 1969 تحظر على المالك إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه ونصت المادة 44 منه على عقوبة معينة جزاء الإخلال بهذا الواجب إلا أنه من الناحية المدنية تكفلت المادة 573 من القانون المدني ببيان حكم تعدد الإيجارات فنصت على أنه إذا تعدد المستأجرون لعين واحدة فضل من سبق منهم إلى وضع يده عليها بدون غش ولما كان الثابت بالأوراق أن المستأنف الأول (المطعون ضده الأول) استأجر من هيئة الأوقاف بعقد مؤرخ 1/ 5/ 1974 محلاً مقتطعا من المقهى وأن المستأنفين سددوا الأجرة عن المدة من 1/ 1/ 1972 حتى آخر أكتوبر سنة 1972 بما يفيد أن جهة الأوقاف عادت فأجرت العين محل التداعي إلى مستأجريها السابقين والذين حل المستأنفون محلهم فإنه تكون ثمة إيجارات متعددة لهذه العين وللمفاضلة بين المستأجرين يتعين التعويل على الأسبق منهم في وضع اليد....... والثابت أن المستأنفين هم واضعوا اليد على المقهى ......" وهذا الذى استند إليه الحكم لا يتفق وصحيح القانون، ذلك أن مناط المفاضلة بين العقود أن تكون كلها صحيحة، ومن المقرر بنص المادة 135 من القانون المدني أنه إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً"، هذا ولا يجوز أن يتعارض محل الالتزام مع نص ناه في القانون لأن مخالفة النهى المقرر بنص في القانون تندرج تحت مخالفة النظام العام أو الآداب بحسب الأحوال، ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 سنة 1969 تنص على أنه "يحظر على المالك القيام بإبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه"، ولئن كانت لم تنص صراحة على البطلان بلفظه جزاء مخالفتها إلا أن مقتضى الحظر الصريح الوارد فيها وتجريم مخالفته - بحكم المادة 44 من هذا القانون - يترتب هذا الجزاء وهو بطلان العقود اللاحقة للعقد الأول وإن لم يصرح به، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى القول بأن هيئة الأوقاف أبرمت عقد إيجار مؤرخ 1/ 5/ 1974 للمطعون ضده الأول عن جزء اقتطع من أعيان النزاع، واستخلص الحكم من إيصالات سداد الأجرة عن المدة من 1/ 1/ 1972 حتى أخر أكتوبر 1972 قيام عقد إيجار جديد للمطعون ضدهم اعتباراً من هذا التاريخ ثم انتهى إلى إعمال نص المادة 573 من القانون المدني في شأن المفاضلة بين المستأجرين عند تعددهم دون مراعاة حكم الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 سنة 1969 ومؤداها بطلان هذين العقدين بطلاناً مطلقاً لتعارض محل الالتزام مع نص قانوني آمر متعلق بالنظام العام بما يترتب عليه من امتناع إجراء المفاضلة بينهما وبين العقد المؤرخ 1/ 8/ 1941 السابق صدوره للمستأجرين الأصليين والذى انتقل صحيحاً ونافذاً للطاعن في تاريخ سابق برسو مزاد المقهى عليه في 25/ 12/ 1971 بمقوماتها المادية والمعنوية لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم هذا النظر يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين القضاء بتأييد الحكم المستأنف في الدعوى 21 سنة 1975 تنفيذ الموسكي الصادر بتسليم الطاعن المحلات المبيعة ومشتملاتها وملحقاتها المبينة بمحضر البيع المؤرخ 25/ 12/ 1971.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق