جلسة 26 من ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / حمدي ياسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خالد ، مهاد خليفة ، عرفة محمد والسيد جابر نواب رئيس المحكمة .
----------------
(104)
الطعن رقم 15505 لسنة 91 القضائية
(1) إزعاج . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الإزعاج وفق نص المادة ٧٦ من القانون ١٠ لسنة ٢٠٠٣ . عدم اقتصاره على السب والقذف الواردين بالمادة ٣٠٨ مكرراً من قانون العقوبات . اتساعه لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه أياً كان نوع أجهزة الاتصالات أو الوسيلة المستخدمة .
إثبات الحكم تعمد الطاعن بث مقاطع على أحد مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن خدشاً لشرف المجني عليه وطعناً في عرضه واتجاه إرادته إلى إزعاجه . النعي عليه بعدم استظهار أركان جريمة الإزعاج . غير مقبول .
(2) إزعاج . صحافة .
حرية الصحفي . جزء من حرية الفرد العادي . لا يجوز تجاوزها إلا بتشريع خاص .
حرية الإعراب عن الفكر . لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا في حدود احترام حريات الغير . علة ذلك ؟
أحكام المادتين ۷۰ و ٧٦ بند 2 من القانون 10 لسنة ٢٠٠٣ . لا تمس حرية الصحفي ولا تتجاوز ممارسة الفرد لحرية التعبير عن فكره في الحدود التي تضمن عدم المساس بحريات غيره .
(3) إزعاج . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون " . سب وقذف . ارتباط .
القضاء بعدم قبول دعوى السب لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون . لا ينسحب أثره على دعوى تعمد الإزعاج بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات المرتبطة بها ذات العقوبة الأشد . النعي في هذا الشأن . غير مقبول . علة وأساس ذلك ؟
----------------------
1- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة ٧٦ من القانون ١٠ لسنة ۲۰۰۳ بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف لأن المشرع قد عالجها بالمادة ٣٠٨ مكرراً من قانون العقوبات ، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه ، أياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه والرائد .... وتقرير الفحص الفني للإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من تعمد الطاعن إزعاج المجني عليه بإساءة استعماله لأجهزة الاتصال المملوكة له عن طريق بث مقطع على موقع اليوتيوب على شبكة المعلومات الدولية من خلال رابط على موقع التواصل الاجتماعي - فيس بوك - تضمن عبارات وألفاظ تعد خدشاً للمجني عليه في شرفه واعتباره وطعناً في عرضه والتي لو صدقت لأوجبت احتقاره لدى أهل وطنه ، والذي توافر باستخدامه ركن العلانية وقصد من توجيهها خدش اعتبار المجني عليه ، وهذه العبارات الشائنة بذاتها تزعج أي إنسان ويضيق بها صدر أي شخص ، وإذ تعمد الطاعن إتيان ذلك الفعل واتجهت إرادته إلى إزعاج المجني عليه مما أرسله من تلك العبارات الجارحة ، الأمر الذي يتحقق به أركان الجريمة موضوع الدعوى ، ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا المنحى غير مقبول .
2- من المقرر أن حرية الصحفي هي جزء من حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص ، كما أن حرية الإعراب عن الفكر شأنها شأن ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا في حدود احترام كل منهم لحريات غيره حتى لا يكون من وراء استعمال هذه الحريات الاعتداء على حريات الغير ، ولما كانت أحكام المادتين ۷۰ ، ٧٦ بند ۲ من القانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات التي دين الطاعن بموجبها لا تمس حرية الصحفي ولا تتجاوز ممارسة الفرد لحرية التعبير عن فكره في الحدود التي تضمن عدم المساس بحريات غيره ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون في محله .
3- لما كانت دعوى قيام الارتباط أياً ما كان وصفه بين جريمة تعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وهي ذات العقوبة الأشد ، وبين جريمة السب ذات العقوبة الأخف لا توجب البتة الحكم بعدم قبول الدعوى الجنائية عن الجريمة الأولى تبعاً للحكم بعدم قبول الدعوى الجنائية عن الجريمة الثانية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون ، ولا تقتضي بداهة انسحاب أثر عدم القبول في الجريمة الأخيرة على الأولى ، لما هو مقرر من أن مناط الارتباط في حكم المادة ۳۲ من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب ، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياً ، فلا محل لإعمال حكم المادة ٣٢ من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم أو سقوطها أو انقضائها أو عدم قبول الدعوى عنها - كما هو الشأن في خصوص واقعة الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا محل للقول بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لجريمة إزعاج المجني عليه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات موضوع التهمة الثانية ، لأن مجال البحث في الارتباط إنما يكون عند قيام المسئولية عن الجرائم المرتبطة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- سب المجني عليه / .... بطريق العلانية بأن نشر مقطع مصور على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي ( يوتيوب ) المسماة ( .... ) والمتاح للكافة الاطلاع على محتواها موجهاً إليه عبارات تتضمن خدشاً لاعتباره وذلك على النحو المبين بتقرير الفحص الفني المرفق وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
2- تعمد إزعاج المجني عليه سالف الذكر بإساءته لاستخدام أجهزة الاتصالات وذلك بارتكابه الجريمة محل الاتهام السابق على النحو المبين بالأوراق .
3- أدار واستخدم حساباً خاصاً قناة ( .... ) على شبكة معلوماتية موقع ( يوتيوب ) هادفاً لارتكابه الجريمتين محل الوصفين السابقين وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنح .... الاقتصادية ، وطلبت عقابه بالمواد ١٦٦ مكرراً ، ۱۷۱/3 ، ٣٠٦ من قانون العقوبات ، والمادتين ۷۰ ، ٧٦ بند ۲ من القانون رقم ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ بشأن تنظيم الاتصالات ، والمادة ٢٧ من القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات .
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل بالنسبة للاتهام الثالث ، ببراءة المتهم مما أُسند إليه من اتهام ، وبالنسبة لباقي الاتهامات بتغريمه مبلغ وقدره عشرين ألف جنيه مع إلزامه بأن يؤدي تعويض مدني مؤقت للمدعي بالحق المدني مبلغ وقدره خمسة آلاف جنيه وإلزامه بالمصاريف الجنائية والمدنية وخمسين جنيهاً أتعاب محاماة .
واستأنف المحكوم عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم .... لسنة .... جنح مستأنف .... الاقتصادية .
وقضت محكمة .... الاقتصادية - بهيئة استئنافية - حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع : أولاً : بالنسبة للتهمة الأولى بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون ، ثانياً : بالنسبة للتهمة الثانية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصاريف الجنائية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وألزمه بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يستظهر توافر أركان تلك الجريمة في حقه ، هذا إلى أن ما وقع منه هو فعل مباح يخرج عن دائرة التأثيم لصدوره منه بوصفه صحفياً ، ثم إن الحكم قضى بعدم قبول الدعوى الجنائية عن جريمة السب لرفعها بغير الطريق القانوني مما كان لازمه القضاء بعدم قبول الدعوى عن جريمة الإزعاج لقيام الارتباط بين الجريمتين ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة ٧٦ من القانون ١٠ لسنة ۲۰۰۳ بإصدار قانون تنظيم الاتصالات لا يقتصر على السب والقذف لأن المشرع قد عالجها بالمادة ٣٠٨ مكرراً من قانون العقوبات ، بل يتسع إلى كل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المجني عليه ، أياً كان نوع أجهزة الاتصالات المستعملة أو الوسيلة المستخدمة ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه والرائد .... وتقرير الفحص الفني للإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من تعمد الطاعن إزعاج المجني عليه بإساءة استعماله لأجهزة الاتصال المملوكة له عن طريق بث مقطع على موقع اليوتيوب على شبكة المعلومات الدولية من خلال رابط على موقع التواصل الاجتماعي - فيس بوك - تضمن عبارات وألفاظ تعد خدشاً للمجني عليه في شرفه واعتباره وطعناً في عرضه والتي لو صدقت لأوجبت احتقاره لدى أهل وطنه ، والذي توافر باستخدامه ركن العلانية وقصد من توجيهها خدش اعتبار المجني عليه ، وهذه العبارات الشائنة بذاتها تزعج أي إنسان ويضيق بها صدر أي شخص ، وإذ تعمد الطاعن إتيان ذلك الفعل واتجهت إرادته إلى إزعاج المجني عليه مما أرسله من تلك العبارات الجارحة ، الأمر الذي يتحقق به أركان الجريمة موضوع الدعوى ، ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا المنحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن حرية الصحفي هي جزء من حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص ، كما أن حرية الإعراب عن الفكر شأنها شأن ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا في حدود احترام كل منهم لحريات غيره حتى لا يكون من وراء استعمال هذه الحريات الاعتداء على حريات الغير ، ولما كانت أحكام المادتين ۷۰ ، ٧٦ بند ۲ من القانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات التي دين الطاعن بموجبها لا تمس حرية الصحفي ولا تتجاوز ممارسة الفرد لحرية التعبير عن فكره في الحدود التي تضمن عدم المساس بحريات غيره ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون في محله . لما كان ذلك ، وكانت دعوى قيام الارتباط أياً ما كان وصفه بين جريمة تعمد إزعاج المجني عليه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وهي ذات العقوبة الأشد ، وبين جريمة السب ذات العقوبة الأخف لا توجب البتة الحكم بعدم قبول الدعوى الجنائية عن الجريمة الأولى تبعاً للحكم بعدم قبول الدعوى الجنائية عن الجريمة الثانية لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون ، ولا تقتضي بداهة انسحاب أثر عدم القبول في الجريمة الأخيرة على الأولى ، لما هو مقرر من أن مناط الارتباط في حكم المادة ۳۲ من قانون العقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر على إحداها حكم من الأحكام المعفية من المسئولية أو العقاب ، لأن تماسك الجريمة المرتبطة وانضمامها بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة المقرر لها أشد العقاب لا يفقدها كيانها ولا يحول دون تصدي المحكمة لها والتدليل على نسبتها للمتهم ثبوتاً ونفياً ، فلا محل لإعمال حكم المادة ٣٢ من قانون العقوبات عند القضاء بالبراءة في إحدى التهم أو سقوطها أو انقضائها أو عدم قبول الدعوى عنها – كما هو الشأن في خصوص واقعة الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا محل للقول بعدم قبول الدعوى الجنائية بالنسبة لجريمة إزعاج المجني عليه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات موضوع التهمة الثانية ، لأن مجال البحث في الارتباط إنما يكون عند قيام المسئولية عن الجرائم المرتبطة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق