الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 21 يناير 2023

القضية 150 لسنة 22 ق جلسة 14 / 12 / 2003 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 14 ص 113

جلسة 14 ديسمبر سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي ومحمد علي سيف الدين وأنور رشاد العاصي ود. حنفي علي جبالي ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف.

وحضور السيد المستشار/ رجب عبد الحكيم سليم - رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (14)
القضية رقم 150 لسنة 22 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها".
مناط المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط قبول الدعوى الدستورية - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.
(2) ملكية خاصة "حمايتها - وظيفة اجتماعية".
صون الدستور للملكية الخاصة، مؤداه ألا ينتقص المشرع من أصلها، أو يحد من مباشرة الحقوق المتفرعة عنها، في غير حاجة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، على أن يبقى ما يفرضه المشرع من قيود في هذه الحالة، بمنأى عن تقويض بنيان الملكية أو تعطيل الانتفاع بها، فلا يُقبل أن تطغى الوظيفة الاجتماعية للملكية على كونها حقاً ذاتياً يستأثر به صاحبه ويتفرد بالتصرف فيه.
(3) مبدأ المساواة "ملكية خاصة".
الدساتير المصرية المتعاقبة، كفلت للمواطنين تساويهم أمام القانون، وبوجه خاص فيما يتعلق بأعبائهم وتكاليفهم العامة، ضماناً لصيانة حقوقهم وحرياتهم في مواجهة شتى صور التمييز.

---------------
1 - حيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط قبول الدعوى الدستورية - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. وإذ كان المدعي يتوخى بدعواه الموضوعية التحلل من شرط الالتزام بإقامة دار عرض سينمائي بديلة عن تلك التي صدر الترخيص بهدمها، المنصوص عليه بالمادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 1979 المذكور سلفاً، وبالتالي فإن الفصل في دستورية هذا النص يكون لازماً للبت في الطلب الموضوعي المرتبط به، ومن ثم تتوافر له مصلحة شخصية مباشرة في الطعن على النص المذكور.
2 - حيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الدستور كفل حماية الملكية الخاصة لكل فرد - وطنياً كان أم أجنبياً - فلم يجز المساس بها إلا استثناءً، باعتبارها في الأغلب الأعم من الحالات ثمرة جهد صاحبها، بذل في سبيلها الوقت والعرق والمال، وحرص على إنمائها وصونها، آملاً أن يتفيأ ثمارها، متطلعاً أن تكون ردءاً له وذويه في يومه وغده، ولذا كان خليقاً به أن يفئ إلى الدستور يلتمس موئلاً من نقضها أو انتقاصها.
وحيث إنه - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن صون الدستور للملكية الخاصة، مؤداه ألا ينتقص المشرع من أصلها، أو يحد من مباشرة الحقوق المتفرعة عنها، في غير حاجة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، على أن يبقى ما يفرضه المشرع من قيود في هذه الحالة، بمنأى عن تقويض بنيان الملكية أو تعطيل الانتفاع بها، فلا يُقبل أن تطغى الوظيفة الاجتماعية للملكية على كونها حقاً ذاتياً يستأثر به صاحبه ويتفرد بالتصرف فيه. لما كان ما تقدم، وكان تدخل المشرع بتنظيم أوضاع أموال معينة على نحو يودي ببعض أجزائها أو ينتقص من قيمتها الاقتصادية، حتى مع استمرارها بأيدي أصحابها، إنما يعد هدراً لها، أياً كانت المصالح التي يحتج بحمايتها، ذلك أن مشروعية المصلحة حدها قواعد الدستور، فلا يتصور قيام مصلحة على خلافها.
3 - وحيث إنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الدساتير المصرية المتعاقبة، كفلت للمواطنين تساويهم أمام القانون، وبوجه خاص فيما يتعلق بأعبائهم وتكاليفهم العامة، ضماناً لصيانة حقوقهم وحرياتهم في مواجهة شتى صور التمييز. لما كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه قد انطوى على تقييد لبعض ملاك العقارات في مباشرة حق التصرف في ملكيتهم الخاصة أو استغلالها بالأسلوب الذي يرومونه، فألزمهم بإقامة دور عرض سينمائية في مبانيهم الجديدة، بديلة عن تلك التي كانت قائمة وصرح بهدمها، أو فرض عليهم بيع أراضيهم الفضاء مثقلة بهذا الالتزام، وفي الحالين مايز بينهم وبين سواهم من ملاك العقارات الذين يمارسون سلطاتهم مطلقة في ملكياتهم، يباشرون عليها حقوق التصرف والاستعمال والاستغلال، دون قيد أو شرط، وبذلك يكون النص المطعون فيه أقام تمييزاً تحكمياً بين المواطنين، وناقض مبدأ المساواة المقرر بالمادة 40 من الدستور.


الإجراءات

بتاريخ الثامن والعشرين من شهر أغسطس سنة 2000، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 1979 بالترخيص بإنشاء دور عرض سينمائي في المباني الجديدة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن الإدارة الهندسية بمحافظة الإسكندرية أصدرت - بناء على طلب المدعي - القرار رقم 82 لسنة 1998 بهدم العقار المملوك له المكون من دور أرضي وجزء بالدور الأول العلوي يشتمل على دار عرض سينمائي ومسرحي، واشترطت إقامة دار عرض جديدة بدلاً منها، تطبيقاً لأحكام القانون رقم 67 لسنة 1979 بالترخيص بإنشاء دور عرض سينمائي في المباني الجديدة. فأقام الدعوى رقم 2987 لسنة 52 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، طالباً الحكم بإلغاء القرار المذكور فيما تضمنه من اشتراط إقامة دار عرض سينمائي بديلة عن المصرح بهدمها، وأثناء نظر دعواه، دفع بعدم دستورية نص المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 1979 آنف البيان، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت له بإقامة دعواه الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 1979 بالترخيص بإنشاء دور عرض سينمائي في المباني الجديدة تنص على أنه: - "مع عدم الإخلال بأحكام الباب الثاني من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، يصرح لملاك دور العرض السينمائي بإحلال مبان جديدة بدلاً من الدور الحالية، بشرط إعادة إنشاء دور العرض التي كانت عليها من قبل".
وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط قبول الدعوى الدستورية - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. وإذ كان المدعي يتوخى بدعواه الموضوعية التحلل من شرط الالتزام بإقامة دار عرض سينمائي بديلة عن تلك التي صدر الترخيص بهدمها، المنصوص عليه بالمادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 1979 المذكور سلفاً، وبالتالي فإن الفصل في دستورية هذا النص يكون لازماً للبت في الطلب الموضوعي المرتبط به، ومن ثم تتوافر له مصلحة شخصية مباشرة في الطعن على النص المذكور.
وحيث إن المدعي ينعى على النص الطعين - في النطاق المحدد سلفاً - فرضه قيوداً على الملكية الخاصة تبدت في تقييد سلطته في مباشرة حق الاستغلال وحق التصرف فيما يملكه، وإهداره مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين وتساويهم أمام القانون بالمخالفة للمواد 8 و32 و40 من الدستور.
وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الدستور كفل حماية الملكية الخاصة لكل فرد - وطنياً كان أم أجنبياً - فلم يجز المساس بها إلا استثناءً، باعتبارها في الأغلب الأعم من الحالات ثمرة جهد صاحبها، بذل في سبيلها الوقت والعرق والمال، وحرص على إنمائها وصونها، آملاً أن يتفيأ ثمارها، متطلعاً أن تكون ردءاً له وذويه في يومه وغده، ولذا كان خليقاً به أن يفيء إلى الدستور يلتمس موئلاً من نقضها أو انتقاصها.
وحيث إنه - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن صون الدستور للملكية الخاصة، مؤداه ألا ينتقص المشرع من أصلها، أو يحد من مباشرة الحقوق المتفرعة عنها، في غير حاجة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، على أن يبقى ما يفرضه المشرع من قيود في هذه الحالة، بمنأى عن تقويض بنيان الملكية أو تعطيل الانتفاع بها، فلا يُقبل أن تطغى الوظيفة الاجتماعية للملكية على كونها حقاً ذاتياً يستأثر به صاحبه ويتفرد بالتصرف فيه. لما كان ما تقدم، وكان تدخل المشرع بتنظيم أوضاع أموال معينة على نحو يودي ببعض أجزائها أو ينتقص من قيمتها الاقتصادية، حتى مع استمرارها بأيدي أصحابها، إنما يعد هدراً لها، أياً كانت المصالح التي يحتج بحمايتها، ذلك أن مشروعية المصلحة حدها قواعد الدستور، فلا يتصور قيام مصلحة على خلافها.
وحيث إن الفنون على تعدد ألوانها - كانت دوماً - محل تقدير الأمم، تعبد أمامها السبل دعماً لذيوعها، وكان الفن السينمائي من أوسع الفنون في الوقت الراهن انتشاراً وتأثيراً، بين الأفراد كافة على اختلاف توجهاتهم الفكرية، يؤدي رسالات متنوعة سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو ترفيهية، بحسبه رافداً من روافد التعبير والإبداع الفني الذي كفل الدستور حمايته بنص مادته التاسعة والأربعين. هذا فضلاً عن الدور الاقتصادي الفعال لصناعة السينما الوطنية باعتبارها أحد مصادر الدخل القومي. لما كان ذلك، وكانت دور العرض هي سبيل تقديم الفن السينمائي وانتشاره، فقد كان لدى المشرع خيارات عدة يتلمس بها الحفاظ على تلك الدور حماية لهذا الفن، ويصون في الوقت ذاته للملكية الخاصة حرمتها ويحفظ حقوقها، بيد أنه اكتفى بأن فرض بالنص المطعون فيه قيداً على الملكية الخاصة لأصحاب المباني التي تقع بها دور عرض سينمائي، وحصلوا على تصريح بإزالتها وإقامة مبان جديدة بدلاً من الحالية، فعطل - دون تعويض - حقوقهم في استعمال ملكيتهم على النحو الذي يرونه أكثر ملائمة لهم، وغلّ يدهم - بلا مقابل - عن التصرف فيما يملكونه وتوجيهه الوجهة التي يقدّرون أنها في صالحهم، مقوضاً بذلك دعائم تلك الملكية ومنتقصاً من ركائزها، وبذلك انطوى النص الطعين على مخالفة صريحة للمادتين 32 و34 من الدستور.
وحيث إنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الدساتير المصرية المتعاقبة، كفلت للمواطنين تساويهم أمام القانون، وبوجه خاص فيما يتعلق بأعبائهم وتكاليفهم العامة، ضماناً لصيانة حقوقهم وحرياتهم في مواجهة شتى صور التمييز. لما كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه قد انطوى على تقييد لبعض ملاك العقارات في مباشرة حق التصرف في ملكيتهم الخاصة أو استغلالها بالأسلوب الذي يرومونه، فألزمهم بإقامة دور عرض سينمائية في مبانيهم الجديدة، بديلة عن تلك التي كانت قائمة وصرح بهدمها، أو فرض عليهم بيع أراضيهم الفضاء مثقلة بهذا الالتزام، وفى الحالين مايز بينهم وبين سواهم من ملاك العقارات الذين يمارسون سلطاتهم مطلقة في ملكياتهم، يباشرون عليها حقوق التصرف والاستعمال والاستغلال، دون قيد أو شرط، وبذلك يكون النص المطعون فيه أقام تمييزاً تحكمياً بين المواطنين، وناقض مبدأ المساواة المقرر بالمادة 40 من الدستور.
وحيث إنه لما تقدم، يكون النص المطعون فيه قد خالف أحكام المواد 32 و34 و40 من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 1979 بالترخيص بإنشاء دور عرض سينمائي في المباني الجديدة، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق