الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 18 يوليو 2022

الطعن 29983 لسنة 86 ق جلسة 16 / 10 / 2017 مكتب فني 68 ق 79 ص 798

جلسة 16 من أكتوبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / نبيه زهران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد سيد سليمان ، هشام الشافعي ، عباس عبد السلام وإبراهيم فؤاد نواب رئيس المحكمة .
--------------

(79)

الطعن رقم 29983 لسنة 86 القضائية

(1) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .

اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها أو بالميعاد المحدد بالمادة 34 من القانون 57 لسنة 1959 . علة وأثر ذلك ؟

(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الغيبوبة الناشئة عن فقدان الشعور " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . قتل عمد . شروع . هتك عرض . إعدام . محكمة النقض " سلطتها " . اقتران .

المادة 62 عقوبات . مفادها ؟

تحدث الحكم الصادر بإعدام الطاعن لإدانته بجريمة القتل العمد المقترن بجريمة الشروع في هتك عرض المجني عليه عن احتسائه لمشروب كحولي دون بيانه مبلغ تأثيره في شعوره وإدراكه . قصور يبطله ويوجب نقضه والإعادة ولو لم يُشِر بأسباب طعنه أو النيابة العامة بمذكرتها لذلك . علة وأساس ذلك ؟

(3) حكم " بيانات حكم الإدانة " " ما يعيبه في نطاق التدليل " . شروع . قتل عمد . هتك عرض .

حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .

صحة الحكم بالإدانة بجريمة الشروع في جناية . شرطه ؟

إيراد الحكم تحسس الطاعن أجزاء من جسد المجني عليه لحمله على ممارسة البغاء وتدليله على توافر ركن القوة في عبارة مجملة ومجهلة . غير كافي للعقاب على جريمة الشروع في هتك عرضه . علة ذلك ؟

مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في جريمة قتل عمد مقترن بجريمة شروع في هتك العرض بالقوة .

(4) إثبات " أوراق رسمية " " خبرة " . هتك عرض . شروع . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . طفل .

سن المجني عليه . ركن جوهري هام في جريمتي هتك العرض والشروع فيه المنصوص عليهما بالمادتين 268 و 269 عقوبات . إثباته : بوثيقة رسمية . عدم وجودها . تقديره بواسطة خبير . إغفال الحكم استظهاره . قصور. علة ذلك ؟

(5) هتك عرض . شروع . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

إضافة المحكمة عنصر القوة لجريمة الشروع في هتك العرض . تغيير في وصف التهمة . المحكمة لا تملك إجراؤه إلا أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى . تعديله دون لفت نظر الدفاع لذلك . قصور . يوجب نقضه .

مثال .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد على ما جرى به قضاء محكمة النقض لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكـــم من عيوب يستوى في ذلــك أن يكون عرض النيابة العامة للقضية في الميعاد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.

2- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في مدوناته أن المحكوم عليه قد احتسى مشروباً كحولياً قبل أن يراود المجني عليه عن نفسه بمكان الحادث ثم قام بغمر رأسه في مياه النيل حتى فاضت روحه إلى بارئها عقب رفضه الاستجابة لطلبه الشاذ بممارسة الجنس معه وذلك خشية إبلاغ الطفل المجني عليه لأهليته بما بدر تجاهه من المحكوم بإعدامه بعد تهديده إياه بذلك ، وجاء بمحضر جمع الاستدلالات المؤرخ .... والمحرر بمعرفة النقيب .... معاون الضبط بقسم شرطة .... أن المحكوم بإعدامه تفوح من فمه رائحة شبه كحولية وهو في حالة سكر غير بين . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية ــــ على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات ــــ هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها ، فالقانون يجري عليه في هذه الحالة حكم المدرك التام الإدراك مما ينبئ عليه توافر القصد الجنائي لديه ، إلا أنه لما كانت بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم ، فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبـــارات وافتراضات قانونيـــة ، بل يجب في هذه الجرائم - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات - التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث في مدوناته عن احتساء المحكوم عليه لمشروب كحولي دون أن يبين مبلغ تأثيره في شعوره وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص ، وأوقع عليه عقوبة القتل العمد المقترن بجناية الشروع في هتك عرض المجني عليه .... ، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه ، ولا يقدح في ذلك أن يكون المحكوم عليه لم يشر بأسباب طعنه إلى ذلك السبب وأن مذكرة النيابة العامة لم تشر إلى ما اعتراه الحكم من بطلان ، ذلك بأن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه " مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 " ، ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة يقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية ، وأن تقضى بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام ، ذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المار بيانه ، وكان البطلان الذي انطوى عليه الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39 وكانت المادة 46 من القانون ذاته قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع قيد بطلان من هذا القبيل ، فإنه يتعين نقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه والإعادة .

3- لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني للواقعة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن على قوله : " إن واقعة الدعوى حاصلها أن المجني عليه .... طفل لم يبلغ الثانية عشرة من عمره يقطن بمنطقة يقع بها متجر مملوك للمتهم وأشقائه فاعتاد مصاحبة المتهم .... في ترحاله لإحضار بضاعة للمحل نظير بضعة جنيهات وآنس في المذكور والده وظن أنه سينال منه الرعاية ـــ وفي مساء يوم .... وهو يلعب مع أقرانه بالطريق صاحبه فيما اعتاد عليه من إحضار بعض طلبات المحل من بضاعة فأضمر الشر للمجنى عليه وعزم على ممارسة الرذيلة معه فأحضر طعاماً وشراباً ( علبتي بيرة ) وسار به إلى كورنيش النيل واتجها سوياً إلى الشاطئ في منطقة تكثر بها الصخور وجلسا سوياً تناول المجني عليه الطعام بينما تناول المتهم الشراب وأراد الأول تذوق المشروب الذي بيد المتهم فأعطاه إياه وإذ به شعر بدوار فطلب منه أن يستلقى على ظهره ، وإذ هو على هذه الحالة فقام المتهم بتحسس المذكور أجزاء من جسده من أعلى إلى أسفل ليحمله على البقاء وممارسة الرذيلة ولكن الصغير استشعر ذلك فنهر المتهم وهدده أنه سيفضى إلى أهله ما بدر منه إلا أن المتهم حاول بالحيلة تارة ثم بالإكراه أخرى ووقف المجني عليه منه موقف الرافض وحينئذ لم يجد المتهم وسيلة من الخلاص منه فانتوى قتله وأمسك بيده بالقوة مستغلاً صغر سنه وقلة حيلته وضآلة جسده وأغرقه في الماء وظل عاكفاً على الإمساك برأس المجني عليه يغمرها في المياه وأعرض عن مناشدته إياه وتوسلاته واستمر في أفعاله حتى فاضت روح المجني عليه إلى بارئها وأدرك وفاته وتركه في المياه يقذف به حيث شاء ثم غادر المكان مستخدماً من أحد المساجد مكاناً لقضاء ما بقى من ليلته ، وعند سؤال أهل المجني عليه له عن تغيب طفلهم اختلق واقعة يضللهم بها وهي أن مجهولين اختطفوه وإذ بلغ الأمر إلى رجال الشرطة ، ودلت تحرياتهم عن أنه وراء مقتل المجني عليه .... وأقر بذلك بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لصحة الحكم بالإدانة في جريمة الشروع في جناية أن يتضمن الحكم أركان الجريمة المنسوبة إلى المتهم والدليل على توافرها في حقه ، فإذا كان الحكم قد أدان المحكوم عليه بجريمة الشروع في هتك عرض المجني عليه بالقوة والتي تقدمت جريمة قتله وأعمل ظرف الاقتران في حقه بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 324 عقوبات وأوقع عقوبتها المغلظة عليه - على النحو الوارد آنفاً - دون أن يأتي بما يفيد توافر البدء في تنفيذ جريمة الشروع في هتك عرض المجني عليه بالقوة على النحو المتطلب قانوناً ، وكان من المقرر أنه لا تكفي الأعمال غير الجلية لتكوين الشروع في جريمة وخصوصاً في مسألة دقيقة مثل الشروع في هتك عرض المجني عليه بالقوة وما ذكرته محكمة الموضوع من أن المحكوم عليه قد تحسس أجزاء من جسد المجني عليه من أعلى وأسفل ليحمله على البغاء وممارسة اللواط لا يكفي للمعاقبة على الشروع في الجريمة المؤثمة بالمادة 268 عقوبات ، كما أن ما أورده الحكم المطعون فيه تبياناً لركن القوة الواجب توافره لقيام الجريمة قد وقف عند حد القول بأن المتهم حاول بالحيلة تارة وبالإكراه تارة أخرى رغم كونها عبارة مجملة مجهلة .

4- لما كان من المقرر أن تحديد سن المجني عليه في جريمتي هتك العرض المنصوص عليهما في المادتين 268 ، 269 من قانون العقوبات والشروع فيها ركناً هاماً في الجريمة لما يترتب عليه من أثر في توقيع العقوبة ، والأصل في إثبات السن لا يعتد فيه إلا بوثيقة رسمية ، أما إذا ثبت عدم وجودها فتقدر السن بواسطة خبير ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يكشف عن سنده في تقدير سن المجني عليه وأطلق القول بأن سنه لم يبلغ الثانية عشرة من عمره ، ولم يعن البتة باستظهار سن المجني عليه وقت وقوع الجريمة من واقع وثيقة رسمية أو الاستعانة بخبير عند عدم وجودها مع أنه ركن جوهري في الجريمة موضوع المحاكمة .

5- لما كانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على المحكوم عليه بوصف أنه قتل المجني عليه .... بأن قام بالإمساك برأسه بقوة وغمرها في مياه النيل حتى فارق الحياة قاصداً من ذلك قتله فأودى بحياته ، وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان شرع في هتك عرض المجني عليه سالف البيان بأن قام بتحسس أجزاء جسده بطريقة جنسية قاصداً من ذلك بلوغ مقصده بالتعدي عليه جنسياً إلا أنه أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مقاومة المجني عليه له وذلك على النحو المبين بالتحقيقات ، وأخفي جثة المجني عليه دون إخبار جهات الاقتضاء ، ثم انتهى الحكم المطعون فيه بإدانة المحكوم عليه بإضافة عنصر جديد هو القوة في جريمة الشروع في هتك عرض المجني عليه . لما كان ذلك ، وكان التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة التي رفعت بها الدعـــوى الجنائية ليس مــجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى المحكوم عليه مما تــمـــلك المحكمة إجراءه في حكمها ، وإنما هو تعديل في التهمة نفسها ــــ بإضافة عنصر جديد هو القوة ، وهو ما لا تملك المحكمة إجراءه إلا أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى وبشرط مراعاة ما توجبه المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية من تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً إن طلب ذلك لتحضير دفاعه بناء على التعديل الجديد ، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن مرافعة الدفاع دارت حول الوصف الذي رفعت به الدعوى الجنائية بداءة دون أن تعدل المحكمة التهمة في مواجهة المحكوم عليه أو تلفت نظر محاميه إلى التعديل كي يعد دفاعه على أساسه . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمـت النيابة العامة الطاعن بأنه :

- قتل المجني عليه .... عمداً بأن قام بالإمساك برأسه بقوة وغمرها في مياه النيل حتى فارق الحياة قاصداً مــن ذلك قتله فأودى بحياته .

وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى وهي أنه في ذات الزمان والمكان .

- شرع في هتك عرض المجني عليه سالف البيان بأن قام بتحسس أجزاء جسده بطريقة جنسية قاصداً من ذلك بلوغ مقصده بالتعدي عليه جنسياً إلا أنه أوقف أثر تلك الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مقاومة المجني عليه له وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

- أخفي جثة المجني عليه بدون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وادعى والدي المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .

والمحكمة المذكورة قررت بجلسة .... استطلاع رأي فضيلة مفتي الجمهورية في شأن ما نسب إلى المتهم شرعاً وحددت جلسة .... للنطق بالحكم .

وبالجلسة المحددة سلفاً قضت عملاً بالمواد 45 ، 46 ، 234 ، 268 من قانون العقوبات حضورياً وبإجماع الآراء بمعاقبته بالإعدام شنقاً لما أسند إليه وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة .

فطعن المحكـوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في .... إلخ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

عرض النيابة العامة للقضية :-

من حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعا الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد على ما جرى به قضاء محكمة النقض لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى في ذلــك أن يكون عرض النيابة العامة للقضية في الميعاد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في مدوناته أن المحكوم عليه قد احتسى مشروباً كحولياً قبل أن يراود المجني عليه عن نفسه بمكان الحادث ثم قام بغمر رأسه في مياه النيل حتى فاضت روحه إلى بارئها عقب رفضه الاستجابة لطلبه الشاذ بممارسة الجنس معه وذلك خشية إبلاغ الطفل المجني عليه لأهليته بما بدر تجاهه من المحكوم بإعدامه بعد تهديده إياه بذلك ، وجاء بمحضر جمع الاستدلالات المؤرخ .... والمحرر بمعرفة النقيب .... معاون الضبط بقسم شرطة .... أن المحكوم بإعدامه تفوح من فمه رائحة شبه كحولية وهو في حالة سكر غير بين . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية ــــ على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات ــــ هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بما مفهومه أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة وعن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها ، فالقانون يجرى عليه في هذه الحالة حكم المدرك التام الإدراك مما ينبئ عليه توافر القصد الجنائي لديه ، إلا أنه لما كانت بعض الجرائم يتطلب القانون فيها ثبوت قصد جنائي خاص لدى المتهم فإنه لا يتصور اكتفاء الشارع في ثبوت هذا القصد باعتبـــارات وافتراضات قانونيـــة ، بل يجب في هــــذه الجرائـــم ــــ وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تفسير المادة 62 من قانون العقوبات ـــــ التحقق من قيام القصد الجنائي الخاص من الأدلة المستمدة من حقيقة الواقع . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث في مدوناته عن احتساء المحكوم عليه لمشروب كحولي دون أن يبين مبلغ تأثيره في شعوره وإدراكه بالرغم من اتصال هذا الأمر بتوافر القصد الخاص ، وأوقع عليه عقوبـة القتل العمد المقترن بجناية الشروع في هتك عرض المجني عليه .... ، فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يبطله ويوجب نقضه ، ولا يقدح في ذلك أن يكون المحكوم عليه لم يشر بأسباب طعنه إلى ذلك السبب وأن مذكرة النيابة العامة لم تشر إلى ما اعتراه الحكم من بطلان ، ذلك بأن المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه " مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 " ، ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة يقتضيها إعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية ، وأن تقضى بنقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان ولو من تلقاء نفسها غير مقيدة في ذلك بحدود أوجه الطعن أو مبنى الرأي الذي تعرض به النيابة العامة تلك الأحكام ، ذلك هو المستفاد من الجمع بين الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المار بيانه ، وكان البطلان الذي انطوى عليه الحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 35 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39 ، وكانت المادة 46 من القانون ذاته قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع قيد بطلان من هذا القبيل ، فإنه يتعين نقض الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه والإعادة . لما كان ذلك ، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلـــة التي استخلصت منها المحكمـــة الإدانـــة حتى يتضح وجـــه استدلالها بها وسلامـــة مأخذهــا تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني للواقعة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن على قوله : " إن واقعة الدعوى حاصلها أن المجني عليه .... طفل لم يبلغ الثانية عشرة من عمره يقطن بمنطقة يقع بها متجر مملوك للمتهم وأشقائه فاعتاد مصاحبة المتهم .... في ترحاله لإحضار بضاعة للمحل نظير بضعة جنيهات وآنس في المذكور والده وظن أنه سينال منه الرعاية ـــ وفي مساء يوم .... وهو يلعب مع أقرانه بالطريق صاحبه فيما اعتاد عليه من إحضار بعض طلبات المحل من بضاعة فأضمر الشر للمجنى عليه وعزم على ممارسة الرذيلة معه فأحضر طعاماً وشراباً (علبتي بيرة) وسار به إلى كورنيش النيل واتجها سوياً إلى الشاطئ في منطقة تكثر بها الصخور وجلسا سوياً تناول المجني عليه الطعام بينما تناول المتهم الشراب وأراد الأول تذوق المشروب الذي بيد المتهم فأعطاه إياه وإذ به شعر بدوار فطلب منه أن يستلقى على ظهره ـــ وإذ هو على هذه الحالة فقام المتهم بتحسس المذكور أجزاء من جسده من أعلى إلى أسفل ليحمله على البقاء وممارسة الرذيلة ولكن الصغير استشعر ذلك فنهر المتهم وهدده أنه سيفضى إلى أهله ما بدر منه إلا أن المتهم حاول بالحيلة تارة ثم بالإكراه أخرى ووقف المجني عليه منه موقف الرافض وحينئذ لم يجد المتهم وسيلة من الخلاص منه فانتوى قتله وأمسك بيده بالقوة مستغلاً صغر سنه وقلة حيلته وضآلة جسده وأغرقه في الماء وظل عاكفاً على الإمساك برأس المجني عليه يغمرها في المياه وأعرض عن مناشدته إياه وتوسلاته واستمر في أفعاله حتى فاضت روح المجني عليه إلى بارئها وأدرك وفاته وتركه في المياه يقذف به حيث شاء ثم غادر المكان مستخدماً من أحد المساجد مكاناً لقضاء ما بقي من ليلته ، وعند سؤال أهل المجني عليه له عن تغيب طفلهم اختلق واقعة يضللهم بها وهي أن مجهولين اختطفوه وإذ بلغ الأمر إلى رجال الشرطة ، ودلت تحرياتهم عن أنه وراء مقتل المجني عليه .... وأقر بذلك بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لصحة الحكم بالإدانة في جريمة الشروع في جناية أن يتضمن الحكم أركان الجريمة المنسوبة إلى المتهم والدليل على توافرها في حقه ، فإذا كان الحكم قد أدان المحكوم عليه بجريمة الشروع في هتك عرض المجني عليه بالقوة والتي تقدمت جريمـــة قتله وأعمل ظرف الاقتران في حقه بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 324 عقوبات وأوقع عقوبتها المغلظة عليه ــــ على النحو الوارد آنفاً ـــــ دون أن يأتي بما يفيد توافر البدء في تنفيذ جريمة الشروع في هتك عرض المجني عليه بالقوة على النحو المتطلب قانوناً ، وكان من المقرر أنه لا تكفي الأعمال غير الجلية لتكوين الشروع في جريمة وخصوصاً في مسألة دقيقة مثل الشروع في هتك عرض المجني عليه بالقوة وما ذكرته محكمة الموضوع من أن المحكوم عليه قد تحسس أجزاء من جسد المجني عليه من أعلى وأسفل ليحمله على البغاء وممارسة اللواط لا يكفي للمعاقبة على الشروع في الجريمة المؤثمة بالمادة 268 عقوبات ، كما أن ما أورده الحكم المطعون فيه تبياناً لركن القوة الواجب توافره لقيام الجريمة قد وقف عند حد القول بأن المتهم حاول بالحيلة تارة وبالإكراه تارة أخرى رغم كونها عبارة مجملة مجهلة . لما كان ذلك ، وكان تحديد سن المجني عليه في جريمتي هتك العرض المنصوص عليهما في المادتين 268 ، 269 من قانون العقوبات والشروع فيها ركناً هاماً في الجريمة لما يترتب عليه من أثر في توقيع العقوبة ، والأصل في إثبات السن لا يعتد فيه إلا بوثيقة رسمية ، أما إذا ثبت عدم وجودها فتقدر السن بواسطة خبير وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يكشف عن سنده في تقدير سن المجني عليه وأطلق القول بأن سنه لم يبلغ الثانية عشرة من عمره ، ولم يعن البتة باستظهار سن المجني عليه وقت وقوع الجريمة من واقع وثيقة رسمية أو الاستعانة بخبير عند عدم وجودها مع أنه ركن جوهري في الجريمة موضوع المحاكمة . لما كان ذلك ، وكانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على المحكوم عليه بوصف أنه قتل المجني عليه .... بأن قام بالإمساك برأسه بقوة وغمرها في مياه النيل حتى فارق الحياة قاصداً من ذلك قتله فأودى بحياته ، وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان شرع في هتك عرض المجني عليه سالف البيان بأن قام بتحسس أجزاء جسده بطريقة جنسية قاصداً من ذلك بلوغ مقصده بالتعدي عليه جنسياً إلا أنه أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مقاومة المجني عليه له وذلك على النحو المبين بالتحقيقات ، وأخفي جثة المجني عليه دون إخبار جهات الاقتضاء ، ثم انتهى الحكم المطعون فيه بإدانة المحكوم عليه بإضافة عنصر جديد هو القوة في جريمة الشروع في هتك عرض المجني عليه . لما كان ذلك ، وكان التغيير الذي أجرته المحكمة في التهمة التي رفعت بها الدعـــوى الجنائية ليس مــجرد تغيير في وصف الأفــــعـــال المسندة إلى المحكوم عليه مما تــمـــلك المحكمة إجراءه في حكمها ، وإنما هو تعديل في التهمة نفسها ــــ بإضافة عنصر جديد هو القوة ، وهو ما لا تملك المحكمة إجراءه إلا أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى وبشرط مراعاة ما توجبه المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية من تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً إن طلب ذلك لتحضير دفاعه بناء على التعديل الجديد ، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن مرافعة الدفاع دارت حول الوصف الذي رفعت به الدعوى الجنائية بداءة دون أن تعدل المحكمة التهمة في مواجهة المحكوم عليه أو تلفت نظر محاميه إلى التعديل كي يعد دفاعه على أساسه . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق