الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 18 يوليو 2022

الطعن 49358 لسنة 85 ق جلسة 17 / 10 / 2017 مكتب فني 68 ق 80 ص 809

جلسة 17 من أكتوبر سنة 2017

برئاسة السيد القاضي / فتحي جودة عبد المقصود نائب رئيس المحكــمة وعضوية السادة القضاة / محمد متولي عامر وعصام محمد أحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة وعمر يس سالم ومحمود يحيى صديق .
------------

(80)

الطعن رقم 49358 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . هتك عرض .

تحدث الحكم على استقلال عن الركن المادي والمعنوي لجريمة هتك العرض بعد بيانه واقعة الدعوى وإيراده ما يكفي لإثبات توافرهما . غير لازم .

(2) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

إحالة الحكم في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .

عدم اتفاق أقوال شاهد الإثبات مع أقوال المجني عليها . لا يقدح في سلامة الحكم .

للمحكمة أن تأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر . متى رأت أنها قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى .

منازعة الطاعن في القوة التدليلية للشهادة السماعية . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير مقبول أمام محكمة النقض .

(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليها وشهود الإثبات . مفاده : اطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.

النعي على الحكم بالتناقض بين أقوال المجني عليها وشاهد الإثبات الأول . غير مقبول . ما دام لم يبين أوجه التناقض .

(4) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . تزوير " الادعاء بالتزوير " . محضر الجلسة .

الأصل في الإجراءات الصحة وأنها روعيت . الادعاء بما يخالف ما أثبت منها بمحضر الجلسة أو بالحكم . غير جائز إلا بالطعن بالتزوير وتقديم شواهده .

إثبات الحكم الاطلاع على شهادة ميلاد المجني عليها . مفاده ؟

نعي الطاعن على الحكم تعويله في تقدير سن المجني عليها على صورة ضوئية من قيد ميلادها وهو ما خلت منه أوراق الدعوى . غير مقبول . ما دام لم يقدم شهادة أخرى تحدد التاريخ أو ينازع في التاريخ المثبت بالصورة الضوئية .

(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

النعي على الحكم بوجود نقص بتحقيقات النيابة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟

العبرة في الأحكام بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمامها .

(6) قضاة " صلاحيتهم " .

الانتقام والرغبة في الإدانة . مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي . تقدير الإدانة . متروك لتقديره حسبما يطمئن إليه .

(7) إثبات " قرائن " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

تعويل الحكم على اتهامات سابقة للطاعن قيد التحقيق كقرينة تعزز الأدلة التي اعتمد عليها في قضائه . لا يعيبه . ما دام أنه لم يتخذ من تلك القضايا دليلًا أساسيًا على ثبوت التهمة قبله .

(8) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".

للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ما دامت قد عرضت على بساط البحث .

(9) هتك عرض . إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

نعي الطاعن على الحكم إيراده أنه جذب المجني عليها من ذراعها بما لا أساس له بالأوراق . لا أثر له فيما انتهت إليه المحكمة من تحقق جريمة هتك العرض بمعانقته لها رغماً عنها وتقبيلها .

(10) نقض " المصلحة في الطعن " .

لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم نزوله بالعقوبة عن الحد المقرر للجريمة المسندة إليه . علة ذلك ؟

(11) ظروف مخففة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " .

معاقبة الطاعن بالسجن المشدد سبع سنوات عن جريمة هتك العرض . مفاده : أن المحكمة انتهت لمعاملته بالمادة 17 عقوبات وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها . النعي بشأنه . غير مقبول . علة ذلك ؟

(12) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بنفي التهمة ". إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الدفع بعدم معقولية الواقعة وتلفيق التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟

الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

(13) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير جائز .

(14) إثبات " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

للمحكمة التعويل على أقوال شهود الإثبات والإعراض عن أقوال شهود النفي . نعي الطاعن في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى . لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

(15) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

مثال .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة هتك العرض التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وكان ما أورده الحكم كافيًا لإثبات توافر هذه الجريمة بأركانها بما فيها ركناها المادي والمعنوي ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنها على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى أتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة ومن بينها أقوال المجني عليها - خلافًا لما يذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه - ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى .

2- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن - عدم اتفاق أقوال شاهد الإثبات الأول مع أقوال المجني عليها في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل تلك الأقوال بما لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته ، كما وأنه من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من أخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها ، وقد خلا حكمها من التناقض الذي يبطله ، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية للشهادة السماعية على النحو الذي ذهب إليه في تقرير أسباب طعنه لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض .

3- لما كان اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليها وشهود الإثبات يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، هذا فضلًا عن أن الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين أقوال المجني عليها وأقوال والدها شاهد الإثبات الأول بل ساق قوله مرسلًا مجهلًا ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولًا .

4- من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة وأنها روعيت ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء بمحضر الجلسة أو بالحكم إلا بالطعن بالتزوير وتقديم شواهده ، وكان مفاد ما أثبت بالحكم المطعون فيه من الاطلاع على شهادة ميلاد المجني عليها وجودها عند الاطلاع عليها ، وكان الطاعن لم يتخذ الإجراءات المقررة في هذا الشأن ولم يقدم شهادة رسمية أخرى تحدد تاريخ ميلاد المجني عليها على نحو يناقض ما أثبته الحكم ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد ، هذا فضلًا أن الطاعن لم ينازع في صحة تاريخ ميلاد المجني عليها المثبت بقيد ميلادها المثبت في الصورة الضوئية ، فإن منعاه على الحكم في هذا الصدد يكون غير صائب .

5- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة لعدم إثبات ما يفيد استلامها صورة قيد ميلاد المجني عليها ، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمـام محكمة النقض ، إذ لا يعدو أن يكون تعييبًا للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببًا للطعن في الحكم ، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون له محل .

6- لما كانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن يبنى عليه وجه الطعن .

7- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أساسية على ما أسند إلى الطاعن من اتهامات سابقة مازالت قيد التحقيق ، وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدًا وتعزيزًا للأدلة التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من القضايا التي سبق اتهام الطاعن فيها دليلًا أساسيًا على ثبوت التهمة قبله .

8- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث - وهو الحال في الدعوى الماثلة - ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .

9- من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ في الإسناد فيما خرج عن سياق استدلاله وجوهر تسبيبه ، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن عانق المجني عليها رغمًا عنها وقبلها ، فإن ما أورده الحكم في مساق بيانه لواقعة الدعوى بشأن أنه قام بإمساكها من ذراعيها قبل قيامه بمعانقتها وتقبيلها عنوة - بفرض أنه ليس له مأخذ من الأوراق - ليس له أثر فيما خلصت إليه المحكمة من عقيدة أن الطاعن هتك عرض المجني عليها عندما عانقها وقبلها كرهًا ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد يكون غير سديد .

10- من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن ، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولًا ، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من خطأ الحكم في تطبيق القانون لنزوله بالعقوبة عن الحد المقرر للجريمة المسندة إليه على فرض صحة ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .

11- من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون بيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم إذ عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات ، فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذه بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات - وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها - ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن علي الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله .

12- لما كان الدفع بعدم معقولية الواقعة واستحالة تصورها أو تلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان النعي على الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد على دفاع الطاعن المؤيد بشهادات موثقة وبرقيات تلغرافية - بأنه مشهود له بحسن السمعة - مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .

13- لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له.

14- من المقرر أن من حق المحكمة التعويل على أقوال شهود الإثبات والإعراض عن أقوال شهود النفي ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

15- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا مبينًا به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجًا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيرادًا له وردًا عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن الدفوع التي لم ترد عليها المحكمة بل جاء قوله مرسلًا مجهلًا ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمـت النيابة العامة الطاعن بأنه :

- هتك عرض الطفلة / .... والتي لم تبلغ من العمر ستة عشر سنة ميلادية بالقوة ، بأن جذبها من ذراعيها ودفعها إلى الحائط وعانقها عنوة وقبلها في فمها حال كونه من المتولين ملاحظتها - معلمها - على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .

والمحكمة المـذكورة قضت حضوريًا عملًا بالمادتين 267/2 ، 268 من قانون العقوبات المعدل ، والمادة 116 مكررًا من القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بشأن الطفل ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه - بمذكرات أسبابه - أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض صبية لم تبلغ من العمر ثماني عشرة سنة ميلادية بالقوة حال كونه من المتولين ملاحظتها - معلمها - قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ، ذلك بأن خلا من بيان الواقعة وأدلتها بيانًا تتحقق به أركان الجريمة ، ولم يورد مضمون شهادة المجني عليها وأحال في بيانها إلى ما أورده من أقوال شهادة شاهد الإثبات الأول (والدها) رغم أن شهادته سماعية ، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال المجني عليها رغم تناقض أقوالها مع بعضها البعض ومع أقوال والدها شاهد الإثبات الأول ، وعول في تقدير سن المجني عليها على صورة ضوئية من قيد ميلادها وهو ما خلت منه أوراق الدعوى ، كما أن النيابة العامة لم تثبت أنها استلمت ما يفيد سن المجني عليها ، وتولدت في نفس قضاة المحكمة حالة من الانتقام والرغبة في إدانة الطاعن فعولت في قضائها بإدانته على صورة من قضية أخرى مازالت قيد التحقيقات ، وأشاح الحكم بوجهه عن دفع الطاعن بعدم جدية التحريات لكونها لا تصلح دليلًا للإدانة ، وأورد الحكم في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن جذب المجني عليها من ذراعها وهو ما لا سند له في الأوراق ، كما قضى الحكم بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات دون إعمال المادة 17 من قانون العقوبات في حين أن العقوبة المنصوص عليها بالمادة 268 من قانون العقوبة مع اجتماع الظرفين المشددين هي السجن المؤبد ، وضرب صفحًا عن دفاع الطاعن بعدم معقولية الواقعة واستحالة تصورها وكيدية الاتهام وتلفيقه بدلالة مستندات الطاعن الرسمية التي تثبت حسن سير وسلوك الطاعن والتي التفت عنها الحكم ولم يعن بتحقيقها ، وأغفل أقوال شهود النفي التي تنفي الاتهام عنه ، واطــرح إنكاره الاتهام ، وأخيرًا التفت عن باقي أوجه دفوعه ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة هتك العرض التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وكان ما أورده الحكم كافيًا لإثبات توافر هذه الجريمة بأركانها بما فيها ركناها المادي والمعنوي ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنها على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى أتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة ومن بينها أقوال المجني عليها - خلافًا لما يذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه - ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن - عدم اتفاق أقوال شاهد الإثبات الأول مع أقوال المجني عليها في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل تلك الأقوال بما لا تناقض فيه ، ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته ، كما وأنه من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من أخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها ، وقد خلا حكمها من التناقض الذي يبطله ، ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية للشهادة السماعية على النحو الذي ذهب إليه في تقرير أسباب طعنه لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليها وشهود الإثبات يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، هذا فضلًا عن أن الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين أقوال المجني عليها وأقوال والدها شاهد الإثبات الأول بل ساق قوله مرسلًا مجهلًا ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة وأنها روعيت ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت منها سواء بمحضر الجلسة أو بالحكم إلا بالطعن بالتزوير وتقديم شواهده ، وكان مفاد ما أثبت بالحكم المطعون فيه من الاطلاع على شهادة ميلاد المجني عليها وجودها عند الاطلاع عليها ، وكان الطاعن لم يتخذ الإجراءات المقررة في هذا الشأن ولم يقدم شهادة رسمية أخرى تحدد تاريخ ميلاد المجني عليها على نحو يناقض ما أثبته الحكم ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد ، هذا فضلًا أن الطاعن لم ينازع في صحة تاريخ ميلاد المجني عليها المثبت بقيد ميلادها المثبت في الصورة الضوئية ، فإن منعاه على الحكم في هذا الصدد يكون غير صائب . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة لعدم إثبات ما يفيد استلامها صورة قيد ميلاد المجني عليها ، ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمـام محكمة النقض ، إذ لا يعدو أن يكون تعييبًا للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببًا للطعن في الحكم ، إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليه كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصح أن يبنى عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أساسية على ما أسند إلى الطاعن من اتهامات سابقة مازالت قيد التحقيق ، وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييدًا وتعزيزًا للأدلة التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من القضايا التي سبق اتهام الطاعن فيها دليلًا أساسيًا على ثبوت التهمة قبله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث - وهو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ في الإسناد فيما خرج عن سياق استدلاله وجوهر تسبيبه ، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن عانق المجني عليها رغمًا عنها وقبلها ، فإن ما أورده الحكم في مساق بيانه لواقعة الدعوى بشأن أنه قام بإمساكها من ذراعيها قبل قيامه بمعانقتها وتقبيلها عنوة - بفرض أنه ليس له مأخذ من الأوراق - ليس له أثر فيما خلصت إليه المحكمة من عقيدة أن الطاعن هتك عرض المجني عليها عندما عانقها وقبلها كرهًا ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن ، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولًا ، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من خطأ الحكم في تطبيق القانون لنزوله بالعقوبة عن الحد المقرر للجريمة المسندة إليه على فرض صحة ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون بيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم إذ عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات ، فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذه بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات - وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها - ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن علي الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم معقولية الواقعة واستحالة تصورها أو تلفيق الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى . لما كان ذلك ، وكان النعي على الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد على دفاع الطاعن المؤيد بشهادات موثقة وبرقيات تلغرافية - بأنه مشهود له بحسن السمعة - مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق المحكمة التعويل على أقوال شهود الإثبات والإعراض عن أقوال شهود النفي ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا مبينًا به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجًا مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيرادًا له وردًا عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن الدفوع التي لم ترد عليها المحكمة بل جاء قوله مرسلًا مجهلًا ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق