جلسة 26 من إبريل سنة 1949
برياسة حضرة أحمد فهمي
إبراهيم بك وحضور حضرات: أحمد حسني بك وحسن الهضيبي بك وفهيم عوض بك والسعيد رمضان
بك المستشارين.
--------------
(884)
القضية رقم 1657 سنة 18
القضائية
أ - حصانة برلمانية.
رفع الدعوى على المتهم
قبل انتخابه عضواً في البرلمان. عدم علم المحكمة بانتخابه بعد ذلك. إذْن البرلمان
في استمرار السير في الإجراءات. الإجراءات التي تمت ضد المتهم بعد انتخابه وقبل
الإذن. صحيحة.
ب - تزوير.
إثبات الحكم أن المتهم لا
بد ضالع في التزوير. وقوع التغيير بيد شخص آخر. هذا لا يؤثر في مسؤوليته. لا يجب
للعقاب أن يكون التزوير قد وقع بيد المتهم ذاته.
--------------
1 - متى كانت الدعوى
العمومية قد رفعت صحيحة على المتهم قبل أن ينتخب عضواً في البرلمان، وكانت المحكمة
تجهل أن المتهم انتخب بعد ذلك، فإن إذْن البرلمان في استمرار السير في الإجراءات
بعد أن تنبهت المحكمة يمنع من القول ببطلان الإجراءات التي تمت ضد المتهم إثر
انتخابه، ولا يصح تشبيه هذه الحالة من جميع الوجوه بحالة الإجراءات التي تبدأ ضد
عضو في البرلمان بغير إذْن المجلس، إذ أن حكم كل حالة من الحالتين لا يتفق تماماً
مع حكم الأخرى سواء من جهة طبيعته أو من جهة علته.
2 - متى كان الحكم قد
أثبت بالأدلة التي أوردها أن المتهم لا بد ضالع في التغيير الذي وقع في الورقة،
فإن وقوع التغيير بيد شخص آخر ليس من شأنه أن يؤثر في مسؤوليته، إذ لا يجب لمعاقبة
المتهم على التزوير أن يكون تغيير الحقيقة في الورقة قد وقع بيده هو.
المحكمة
وحيث إن أوجه الطعن تتحصل
في القول: (أولاً) بأن بطلاناً شاب إجراءات المحاكمة لأن بلاغاً تقدم من المجني
عليه ضد الطاعن في 15 من يناير سنة 1942 أعقبه تحقيق البوليس في 21 من يوليه سنة
1942 واستمر إلى أن بدأ تحقيق النيابة في 14 من يناير سنة 1943 سئل فيه الطاعن
لأول مرَّة في 4 من مارس سنة 1943 ثم قيدت الدعوى ضده بالوصف المعطى للواقعة وقدمت
للجلسة في 9 من مايو سنة 1943 وتداولت القضية بالجلسات أمام محكمة أول درجة
ابتداءً من 6 سبتمبر سنة 1943 إلى أن صدر فيها حكم غيابي بالإدانة في 26 من فبراير
سنة 1945 فعارض الطاعن في هذا الحكم وفصل في معارضته في 11 من مارس سنة 1946
بالرفض وتأييد الحكم المعارض فيه مع وقف تنفيذ العقوبة، فاستأنف وأثناء سير
الإجراءات أمام محكمة ثاني درجة تنبهت المحكمة الاستئنافية إلى أنه عضو في مجلس
النواب، فأوقفت الإجراءات إلى أن تطلب النيابة العمومية إذْن مجلس النواب بالسير
فيها، فلما أذن استؤنفت إلى أن صدر الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف. ولما
كان الطاعن قد انتخب عضواً بمجلس النواب في أواخر سنة 1944 وبدأ دور انعقاد المجلس
في 18 من يناير سنة 1945 أي قبل صدور الحكم الابتدائي، وكان على مقتضى المادة 110
من الدستور لا يجوز أثناء دور الانعقاد اتخاذ إجراءات جنائية نحو أي عضو من أعضاء
البرلمان إلا بإذْن المجلس التابع هو له فيجب القول ببطلان الحكم الابتدائي. ولا
يغير من ذلك عدم تمسك الطاعن بالحصانة البرلمانية لأن الدفع بها من النظام العام
يسوغ إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض. وإذن فإنه كان يجب أن تصدر المحكمة
الاستئنافية حكمها ببطلان الحكم الابتدائي بدلاً من إيقاف الإجراءات. ولا يغير من
ذلك أيضاً أن الحكم المطعون فيه قد صدر بعد إذْن المجلس باتخاذ الإجراءات لأنه قد
بني على الحكم الابتدائي الباطل. (وثانياً) بأن المحكمة الاستئنافية لم تحقق دفاع
الطاعن تحقيقاً دقيقاً ولم تبين من بالذات وقع منه تزوير المحرر - أهو الطاعن أو
شخص غيره؟ ولم تعن بإجابة المدافع عنه إلى ما طلبه من تعيين خبير لتحقيق إن كان
التغيير الذي وقع كان بخطه أم لم يكن ولم ترد على هذا الطلب بما يبرر عدم إجابته.
وحيث إنه عن الحصانة
البرلمانية فالثابت من الاطلاع على أوراق الدعوى التي أمرت هذه المحكمة بضمها في
سبيل تحقيق أوجه الطعن أن التحقيقات الأولية ورفع الدعوى كانا سابقين على انتخاب
الطاعن عضواً بمجلس النواب ثم صدر الحكم عليه غيابياً بالإدانة أثناء دور
الانعقاد، فلما عارض فيه لم يتمسك بالحصانة البرلمانية وترافع محاميه في الدعوى,
فلما حكم بالتأييد استأنف وطلب إلى المحكمة الاستئنافية سماع شهود قال أحدهم عرضاً
بأنه أي الطاعن عضو في مجلس النواب فأمرت بوقف السير في إجراءات المحاكمة إلى أن
تحصل النيابة على إذْن من مجلس النواب بالسير فيها، فلما صدر ذلك الإذن استؤنفت
الإجراءات حتى صدر الحكم المطعون فيه دون أن يتمسك أحد ببطلان.
وحيث إنه متى كانت الدعوى
العمومية قد رفعت صحيحة على المتهم قبل أن ينتخب عضواً في البرلمان، وكانت المحكمة
تجهل أن المتهم انتخب بعد ذلك، فإن إذْن البرلمان في استمرار السير في الإجراءات
بعد أن تنبهت المحكمة يحول دون القول ببطلان الإجراءات التي تمت ضد المتهم بعد
انتخابه، ولا يصح تشبيه هذه الحالة من جميع الوجوه بحالة الإجراءات التي تبدأ ضد
عضو في البرلمان بغير إذْن المجلس، إذ أن حكم كل حالة من الحالتين لا يتفق تماماً
مع حكم الأخرى سواء في طبيعته أو في علته. ومتى كان الأمر كذلك فإن الحكم لا يكون
قد وقع في خطأ بهذا الصدد.
وحيث إنه عن باقي ما جاء
في الطعن فإن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعن بالتزوير واستعمال المحرر المزور
قد بيَّن الواقعة بما يتوافر فيه جميع العناصر القانونية لهاتين الجريمتين، وذكر
الأدلة التي استخلصت المحكمة منها وقوع هذه الواقعة منه. وتعرض لدفاعه ففنده
للاعتبارات التي أوردها وهذا يكفي لتبرير قضائه بالإدانة. أما ما يقوله الطاعن
ويرمي من ورائه إلى أنه لم يباشر ارتكاب فعل التزوير بيده فمردود بما أثبته الحكم
من أنه ولا بد ضالع في التغيير الذي وقع في الورقة، فإذا كان فعل التغيير قد وقع
بيد شخص آخر فإن ذلك ليس من شأنه أن يؤثر في مسؤوليته، لأنه لا يجب لمعاقبة المتهم
على التزوير أن يكون تغيير الحقيقة في الورقة قد وقع بيده هو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق