جلسة 11 من يناير سنة 1960
برياسة السيد محمود
إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي،
ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.
------------------
(4)
الطعن رقم 1349 لسنة 29
القضائية
(أ) أجانب. (1)
إيواء الأجنبي. التزام
المؤوي بالتبليغ عن ذلك. طبيعته. استقلاله عن التزام الأجنبي بالإخطار. حكمة
الشارع من ازدواج التبليغ. ماهيتها ومظاهرها.
)ب) قانون.
تفسيره. متى لا يلجأ
إليه؟ عند صراحة النص.
-------------
1 - يبين من نص المادتين
الرابعة والسابعة من المرسوم بقانون 74 لسنة 1952 - في شأن جوازات السفر إقامة
الأجانب - المعدل بالقانون 274/ 55 أن الالتزام المنصوص عليه في المادة السابعة
مستقل عن الالتزام المنصوص عليه في المادة الرابعة ولا تنافي بينهما، فلا يؤثر
أحدهما في الآخر من جهة وجوبه على صاحبه عند وجود سببه، فالإخطار المنصوص عليه في
المادة السابعة من المرسوم بقانون المذكور واجب على كل من وجه الشارع إليهم الخطاب
في المادة المذكورة، وكذلك الحال بالنسبة إلى حكم المادة الرابعة، وكل ذلك تحقيقاً
للحكمة التي توخاها الشارع من ازدواج التبليغ، وهي إحكام الرقابة على الأجنبي بعد
دخوله الأراضي المصرية وأثناء إقامته بها تبعاً لما تقتضيه مصلحة الأمن العام،
وهذه الرقابة لا تتوافر إلا بقيام المؤوي بما فرضه عليه القانون من التزام
بالتبليغ ارتأى الشارع لأهميته جعل العقوبة على مخالفته أشد وطأة من العقوبة التي
توقع على الأجنبي إذا هو لم يقم بالالتزام المفروض عليه في المادة الرابعة.
2 - لا محل للاجتهاد عند
صراحة نص القانون الواجب تطبيقه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضده بأنه آوى أجنبياً دون أن يبلغ مقر البوليس عن اسمه وعنوانه في الميعاد
القانوني. وطلبت عقابه بالمواد 7 و9 و24 و25 من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952
المعدل بالقانون رقم 274 لسنة 1955، ومحكمة أول درجة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً
بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات بتغريم المتهم خمسين
جنيهاً وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة. فاستأنف المتهم هذا الحكم، ومحكمة ثاني درجة قضت
حضورياً بقبوله شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه بلا
مصاريف جنائية. فقررت النيابة الطعن في الحكم بطريق النقض ...... إلخ.
المحكمة
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون
فيه أنه أخطأ في تأويل المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 إذ قضى ببراءة المطعون ضده
من تهمة إيوائه أجنبياً دون أن يبلغ البوليس في الميعاد القانوني عن اسمه وعنوانه،
وذلك استناداً إلى أن هذا الأجنبي كان قد أبلغ البوليس عن حضوره، وأن في هذا ما
يسقط الالتزام بالتبليغ عن عاتق المؤوي، لأن واجب التبليغ واجب كفائي يسقط عن أي
من الطرفين إذا قام به الطرف الآخر كما هو مستفاد من نصوص القانون وحكمة النص
والتشريع المقارن - ولما كان هذا الذي قاله الحكم يخالف صريح نص المادة السابعة من
المرسوم بقانون سالف الذكر، فإنه يكون معيباً بالخطأ في القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده قال "وحيث إن محمد عواد سليم الفلسطيني قد قام
بإبلاغ البوليس في الميعاد القانوني عن دخوله أراضي الجمهورية المصرية وعن الشخص
الذي يأويه عملاً بأحكام القانون 74 لسنة 1952، ومن ثم لا ترى المحكمة ما يوجب على
المتهم (المطعون ضده) بعد ذلك القيام بإبلاغ البوليس عن ذلك. وليس في نصوص ذلك
القانون ما يفيد أن الإبلاغ واجب على الجانبين معاً، بل إن المستفاد من نصوص
القانون وحكمة التشريع فيه ومن المعمول به في التشريع المقارن أنه واجب كفائي يسقط
عن أي من الطرفين بمجرد قيام الطرف الآخر بالإبلاغ في الميعاد القانوني، وترى لذلك
إلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه" ولما كان المرسوم بقانون
74 لسنة 1952 المعدل بالقانون 274 لسنة 1955 قد أوجب على كل من الأجنبي والمؤوي
تكاليف معينة لا يعتبر قيام أحدهما بما فرض عليه منها إعفاء للآخر مما هو ملزم به،
إذ أوجب على الأجنبي في المادة الرابعة منه أن يتقدم بنفسه خلال ثلاثة أيام من وقت
دخوله الأراضي المصرية إلى مقر البوليس في الجهة التي يكون فيها وأن يحرر إقراراً
عن حالته الشخصية وعن الغرض من مجيئه ومدة الإقامة المرخص بها وغير ذلك من
البيانات التي يتضمنها النموذج المعد لهذا الغرض، ورتب على مخالفة ذلك عقوبة نص
عليها في المادة 24/ 3 منه، وهي الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وغرامة لا
تتجاوز خمسين جنيهاً أو إحداهما، كما أوجبت المادة السابعة من المرسوم بقانون
المذكور على المؤوي للأجنبي أن يخطر مقر البوليس الواقع في دائرة مسكنه عن حلول
الأجنبي لديه أو مغادرته له في ميعاد ثمان وأربعين ساعة من وقت حلوله أو مغادرته،
وقضى نص المادة 24/ 1 من ذات المرسوم بقانون بعقاب من يخالف ذلك بالحبس مدة لا تقل
عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تزيد على مائتي جنيه أو إحداهما.
لما كان ذلك, وكان يبين من إيراد نص هاتين المادتين أن الالتزام المنصوص عليه في
المادة السابعة مستقل عن الالتزام المنصوص عليه في المادة الرابعة ولا تنافي
بينهما فلا يؤثر أحدهما في الآخر من جهة وجوبه على صاحبه عند وجود سببه، فالإخطار
المنصوص عليه في المادة السابعة من المرسوم بقانون 74 لسنة 1952 واجب على من وجه
الشارع إليهم الخطاب في المادة المذكورة، وكذلك الحال بالنسبة إلى حكم المادة
الرابعة، وكل ذلك تحقيقاً للحكمة التي توخاها الشارع من ازدواج التبليغ وهي إحكام
الرقابة على الأجنبي بعد دخوله الأراضي المصرية وأثناء إقامته بها تبعاً لما
تقتضيه مصلحة الأمن العام، وهذه الرقابة لا تتوافر إلا بقيام المؤوي بما فرضه عليه
القانون من التزام بالتبليغ ارتأى الشارع لأهميته جعل العقوبة على مخالفته أشد
وطأة من العقوبة التي توقع على الأجنبي إذا هو لم يقم بالالتزام المفروض عليه في
المادة الرابعة. لما كان كل ما تقدم، وكان ما قاله الحكم من أن التشريعات المقارنة
تؤيد ما ذهب إليه، هو قول لا يعتد به، إذ لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون
الواجب تطبيقه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.
(1)قررت محكمة النقض - بجلسة 4/ 1/ 1960 - المبدأ ذاته في الطعن 1326/
29 القضائية والطعن 1351 لسنة 29 القضائية - جلسة 11/ 1/ 1960.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق