الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 13 يوليو 2021

الطعن 17 لسنة 42 ق جلسة 26 / 11 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 أحوال شخصية ق 281 ص 1499

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي، وسعد أحمد الشاذلي، والدكتور أحمد رفعت خفاجي، وحسن مهران حسن.

---------------

(281)
الطعن رقم 17 لسنة 42 ق "أحوال شخصية"

 (1)محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه".
لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى. عدم التزامها بتعقب كل حجة والرد عليها استقلالاً.
( 2، 3، 4 ) أحوال شخصية "الطلاق للضرر".
(2) القضاء برفض دعوى التطليق للضرر لعجز الزوجة عن إثباته. م 6 ق 25 لسنة 1929. دعواها الجديدة بالتطليق لذات السبب. وجوب استنادها إلى وقائع مغايرة.
 (3)مهمة الحكمين في دعوى التطليق للضرر. بيانها. الإساءة من الزوجة دون الزوج لا تؤدي للتفريق بينهما. اتفاق الحكمين على رأى معين. وجوب تنفيذ القاضي لما قرراه ولو كان حكمهما مخالفاً لمذهبه.
 (4)خلو تقرير الحكمين من نسبة إساءة ما إلى الزوج. تقريرهما بأنهما فشلا في إقناع الزوجة بالعدول عن طلب الطلاق واجتماع رأيهما على أن الإساءة من جانبها. عدم اعتباره مجهلاً للحال. رفض الدعوى بالتطليق في هذه الحالة. لا خطأ.

---------------
1 - لقاضي الدعوى السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع منها مبيناً الحقيقة التي اقتنع بها ومقيماً قضاءه على أسباب تكفي لحمله، وليس بلازم بعد ذلك أن تتعقب محكمة الموضوع كل حجة وترد عليها استقلالاً، وبذلك فلا تثريب على الحكم إذا هو لم يشر إلى محضر الشكوى الإدارية المشار إليه بسبب النعي طالما كان معروضاً على المحكمة وداخلاً ضمن نطاق تقديرها للدليل.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أنه إذا ادعت الزوجة على زوجها إضراره بها وأقامت دعوى بتطليقها منه ورفضت دعواها لعجزها عن إثبات الضرر، فإن من حقها أن ترفع دعوى جديدة تطلب فيها التطليق لذات السبب وهو الضرر على أن تستند في ذلك إلى وقائع مغايرة لتلك التي رفعت الدعوى الأولى على أساسها. وإذ كان البين من الأوراق أن سند الطاعنة في طلب التطليق في الدعوى الأولى كان قائماً على أساس اعتداء المطعون عليه الذي أصابها بتليف في إحدى رئتيها ورفض طلبها المبنى على هذا السبب، فإنه لا يجوز لها التذرع بذات الواقعة طلباً للتطليق في الدعوى المعروضة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
3 - النص في المادة الثامنة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 بأن "على الحكمين أن يتعرفا أسباب الشقاق بين الزوجين ويبذلا جهدهما في الإصلاح فإن أمكن على طريقة معينة قرراها" وفى المادة التاسعة بأنه "إذا عجز الحكمان عن الإصلاح وكانت الإساءة من الزوج أو منها أو جهل الحال قررا التفريق بطلقة بائنة" وفى المادة الحادية عشرة بأنه" على الحكمين أن يرفعا إلى القاضي ما يقررانه وعلى القاضي أن يحكم بمقتضاه" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة  (1)  - على أن المشرع خول الحكمين أن يتعرفا أسباب الشقاق بين الزوجين ويبذلا جهدهما في الإصلاح فإن أمكن على طريقة معينة قرراها، وإذا عجزا عن الإصلاح وكانت الإساءة من الزوج أو من الزوجين معاً أو جهل الحال بأن غم عليهما سوياً الوقوف على أي من الزوجين كانت منه الإساءة قرراً التفريق بينهما بطلقة بائنة، أما إذا كانت الإساءة من الزوجة دون الزوج فلا يكون هناك تفريق تجنباً - طبقاً لما جاء بالمذكرة الإيضاحية - لأسباب إغراء الزوجة المشاكسة على فصم عري الزوجية بلا مبرر. وهذه الأحكام - فيما عدا كون الإساءة من الزوجة - مستمدة من فقه المالكية ومن المنصوص عليه فيه أنه إذا اتفق الحكمان على رأي رفعاه إلى القاضي الذي عليه أن ينفذ ما قرراه دون معارضة أو مناقضة ولو كان حكمهما مخالفاً لمذهبه.
4 - متى كان ما قرره الحكم يتفق ومنطق تقرير الحكمين الذي لم ينسبا فيه إساءة ما إلى الزوج المطعون عليه في ذات الوقت الذي قررا فيه فشلهما في إقناع الطاعنة في الاستجابة لطلبهما العدول عن إصرارها على فك عروة الزوجية رعاية لأبنائهما، وبهذه المثابة فلا يكون ما خلص إليه الحكمان مجهلاً للحال لأن رأيهما قد اجتمع على التعرف على المسيء من الزوجين وأنه من الطاعنة دون المطعون عليه، وكانت الإساءة من الزوجة وحدها لا تبرر التفريق، فإن قضاء الحكم برفض الدعوى لا مخالفة فيه للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت ضد المطعون عليه الدعوى رقم 104 لسنة 1967 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالبة الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر، وقالت بياناً لها - إنها زوجة للمطعون عليه بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 30/ 7/ 1953، وسبق أن أقامت عليه الدعوى رقم 464 لسنة 1963 أمام ذات المحكمة طالبة الحكم بتطليقها منه تأسيساً على أنه يسيء معاملتها ويعتدي عليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، وقضى برفض دعواها وتأيد هذا الحكم استئنافياً، غير أن الخلاف استمر قائماً يتمثل في الاعتداء عليها بالضرب والسب والقذف الذي يمس شرفها فضلاً عن حرمانها وأولادها منه من ضروريات الحياة بقصد الإضرار بها والانتقام منها، وإذ استمرت الفرقة بينهما منذ سنة 1962 نتيجة للكراهية الشديدة فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 5/ 12/ 1967 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة أن زوجها المطعون عليه أضر بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت بتاريخ 14/ 1/ 1969 ببعث حكمين عدلين من أهل الخصمين إن أمكن فاختارت الطاعنة شقيقها الأستاذ..... حكماً عنها واختار المطعون عليه شقيقه الأستاذ...... حكماً من قبله وكلفتهما المحكمة بتعرف أسباب الشقاق بين الزوجين وبذل جهدهما في الإصلاح على أن يرفعا للمحكمة ما يقررانه للحكم بمقتضاه، وإزاء اختلاف الحكمين في الرأي فقد حكمت في 2/ 6/ 1970 ببعث حكمين من مكتب الاستشارات الأسرية التابع لجمعية تدعيم الأسرة هما السيدان....... و....... لأداء المهمة المشار إليها، وبعد أن قدم الحكمان الأخيران تقريرهما حكمت في 29/ 6/ 1971 بتطليق الطاعنة من المطعون عليه طلقة بائنة. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 78 سنة 88 ق "أحوال شخصية" القاهرة. وبتاريخ 20/ 6/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه برفض الدعوى على ثبوت أن الإساءة من جانبها في حين أن الأوراق زاخرة بأن المطعون عليه رغم أنه من رجال التعليم لا يتورع عن سبها وتهديدها على النحو الثابت بمحضر الشكوى رقم...... إداري مصر الجديدة، والذي يبين منه أن المطعون عليه اقتحم عليها منزلها أثناء نظر الدعوى وحاول إجبارها على التنازل عن قضية الطلاق المرددة بينهما، بالإضافة إلى أن المحكمة استبعدت من الأوراق الأدلة الثابتة على قيام المطعون عليه بضرب الطاعنة مما سبب إصابتها بجرح ملتئم في الرئة، وإذ أغفل الحكم الإشارة إلى محضر الشكوى الإدارية سالفة البيان فإنه علاوة على خطئه في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق يكون قد عاره قصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن البين من تقريرات الحكم المطعون فيه أنه أورد في صدد ما نسبته الطاعنة من إساءات لزوجها قوله "..... وإذ رجعنا إلى الأسباب التي تتذرع بها المستأنف ضدها (الطاعنة) بغية الانفصال نرى أن ما نسبته إلى زوجها أولاً: من أنه يوجه إليها الإهانات والسباب والألفاظ النابية أي أنه يعتدي عليها بالقول لم تستطع إثبات شيء منه وقد انفسخ أمامها المجال أمام جهات القضاء المتعددة عندما خاصمته لهذا السبب منذ سنة 1963 في القضية 464 سنة 1963 التي أشرنا إليها من قبل وفى الدعوى المستأنف حكمها ومن ثم فإنه لا مجال لمعاودة التحدي بهذا السبب، وبما نسبته إليه (ثانياً) من أنه مقترفي الإنفاق بشكل لا تحتمله فذلك ما لا تسانده الأوراق فقد عاشت حياتها الزوجية منذ سنة 1953 حتى أبت طاعته في مسكنه الذي اختاره سنة 1963 وأنجبت منه أولادها الأربعة وليس في الأوراق ما يشير إلى أنها عانت خلال تلك الفترة من شح زوجها أو إمساكه عن الإنفاق على الأسرة، وما ادعته من استصدار أحكام بالنفقة والتنفيذ بها والإشكالات في تنفيذها لا يؤيد ما ذهبت إليه في خصوص سبب التقتير الذي تدعيه سبباً للفرقة فإن الثابت من الأوراق أنها هي التي لجأت إلى مخاصمته في نفقتها منذ سنة 1963 بعد بدء النزاع الذي تسببت هي فيه وقبل أن تخاصمه في شأن التطليق وقد استصدر عليها المستأنف (المطعون عليه) حكماً بطاعته في القضية 1445 سنة 1962 كلي أحوال شخصية السيدة ولم يبادر إلى استعمال حقه في استصدار حكم بنشوزها ليحرمها من النفقة المحكوم لها بها إلا في سنة 1970 حيث استصدر حكماً من محكمة السيدة للأحوال الشخصية رقم 252 سنة 1970 قضى بنشوزها اعتباراً من 3/ 8/ 1970 والمتصفح لأوراق الطرفين يستبين أن المستأنف ضدها كانت تحصل على ما قضى لها به قبل المستأنف وليس في مقاضاتها له بذلك دليل على التقتير أو البخل وإنما هي خصومات جرت في ساحة القضاء نال كل منهما حقه فيها ولم يتوقف الزوج عن الإنفاق بغير حق حتى يكون ذلك مدعاة لطلب التطليق عليه، أما ما نسبته إليه (ثالثاً) من إصابته بالضعف الجنسي....... فإن الثابت أن المستأنف قد عاشر زوجته المستأنف ضدها خلال الفترة من سنة 1953 إلى أواخر سنة 1962 وأنجبت منه أولادها الأربعة وكانت الحياة الزوجية تسير بينهما سيراً عادياً حسبما جاء بتقرير الحكمين ولم تشك الزوجة خلالها هذا الذي تدعيه هنا من ضعف جنسي بزوجها وحتى بعد افتراقهما واحتدام الخصومة بينهما فإنها لم تصرح بذلك في دعوى التطليق الأولى رقم 464 سنة 1963 التي تقرر رفضها ولا في بداية الدعوى المستأنف حكمها ولو كان ذلك صحيحاً لما أهدرت ادعاءه - ولم يثبت أنهما تلاقيا منذ افترقا سنة 1962 في عشرة واحدة ومن ثم فإن هذا الإدعاء يحمل في طياته دليل بطلانه -" وهى أسباب موضوعية سائغة لا مخالفة فيها للثابت بالأوراق، لما كان ذلك، وكان لقاضى الدعوى السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع منها مبيناً الحقيقة التي اقتنع بها ومقيماً قضاءه على أسباب تكفي لحمله، وليس بلازم بعد ذلك أن تتعقب محكمة الموضوع كل حجة وترد عليها استقلالاً، وبذلك فلا تثريب على الحكم إذا هو لم يشر إلى محضر الشكوى الإدارية المشار إليه بسبب النعي طالما كان معروضاً على المحكمة وداخلا ضمن نطاق تقديرها الموضوعي للدليل، ويكون النعي بمخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب على غير أساس. لما كان ما تقدم، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أنه إذا ادعت الزوجة على زوجها إضراره بها وأقامت دعوى بتطليقها منه ورفضت دعواها لعجزها عن إثبات الضرر، فإن من حقها أن ترفع دعوى جديدة تطلب فيها التطليق لذات السبب وهو الضرر على أن تستند في ذلك إلى وقائع مغايرة لتلك التي رفعت الدعوى الأولى على أساسها، وإذ كان البين من الأوراق أن سند الطاعنة في طلب التطليق في دعواها الأولى كان قائماً على أساس اعتداء المطعون عليه الذي أصابها بتليف في إحدى رئتيها ورفض طلبها المبنى على هذا السبب، فإنه لا يجوز لها التذرع بذات الواقعة طلباً للتطليق في الدعوى المعروضة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والرابع مخالفة القانون، وفى بيان ذلك تقول الطاعنة أن الحكم المطعون فيه استخلص من تقرير الحكمين أنهما لم ينسبا أية إساءة إلى الطاعنة من المطعون عليه بدليل إصراره على استئناف الحياة الزوجية وإشادته بزوجته وتنحيته باللائمة على من أذكى الخلاف بينهما، وأن الطاعنة هي التي تسعى جاهدة لحل عقد الزواج متعللة بأسباب غير صحيحة، في حين أن الحكمين لم يصرحا بأن الزوجة هي المسيئة وكل ما قرراه أنها لا تريد استمرار الحياة الزوجية مع ذلك الزوج للأسباب التي ذكرتها وإذ لم يفصح الحكمان عما إذا كانت الإساءة من الزوج أو حتى الزوجة فإن ذلك يكون من قبيل تجهيل الحال الذي يوجب التفريق بطلقة بائنة وفق المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الثامنة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 بأن "على الحكمين أن يتعرفا أسباب الشقاق بين الزوجين ويبذلا جهدهما في الإصلاح فإن أمكن على طريقة معينة قرراها". وفى المادة التاسعة بأنه "إذا عجز الحكمان عن الإصلاح وكانت الإساءة من الزوج أو منهما أو جهل الحال قررا التفريق بطلقة بائنة". وفى المادة الحادية عشرة بأنه على الحكمين أن يرفعا إلى القاضي ما يقررانه وعلى القاضي أن يحكم بمقتضاه" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع خول الحكمين أن يتعرفا أسباب الشقاق بين الزوجين ويبذلا جهدهما في الإصلاح فإن أمكن على طريقة معينة قرراها وإذا عجزا عن الإصلاح وكانت الإساءة من الزوج أو من الزوجين معاً أو جهل الحال بأن غم عليهما سوياً الوقوف على أي من الزوجين كانت منه الإساءة قررا التفريق بينهما بطلقة بائنة، أما إذا كانت الإساءة من الزوجة دون الزوج فلا يكون هناك تفريق تجنباً - طبقاً لما جاء بالمذكرة الإيضاحية - لأسباب إغراء الزوجة المشاكسة على فصم عرى الزوجية بلا مبرر. وهذه الأحكام - فيما من عدا كون الإساءة من الزوجة - مستمدة من فقه المالكية ومن المنصوص عليه فيه أنه إذا اتفق الحكمان على رأي رفعاه إلى القاضي الذي عليه أن ينفذ ما قرراه دون معارضة أو مناقضة ولو كان حكمهما مخالفاً لمذهبه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن نقل عن الحكمين ما انتهيا إليه من رأى خلاصته أنه "بينما يرغب الزوج في عودة الحياة الزوجية بل ويلح في ذلك فإن الزوجة تصر إصراراً كاملاً على الانفصال للأسباب التي أوضحتها، وقد بذل المكتب جهداً كبيراًَ متواصلاً لإقناع الزوجة بعودة الحياة الزوجية إلى مجراها الطبيعي حفاظاً على الأولاد ورعايتهم إلا أن ذلك كله لم يكن مقنعاً للزوجة" علق على ذلك بقوله "... ومن حيث إنه مما تقدم يستبين في وضوح أن الزوجة (المستأنف ضدها) وقد أصرت على الانفصال من زوجها المستأنف دون أن تقدم دليل على أنه أساء عشرتها بل الأدلة واضحة على أنها هي التي تسعى جاهدة لحل عقد الزواج متعللة بأسباب غير صحيحة وفيها من الإساءة إلى العشرة الزوجية التي أظلتها حقبة من الزمن أثبتت فيها أولاداً أربعة قد تجاوز أكثرهم سن التمييز بل أن الكبرى منهم على أبواب التعليم العالي كما حملت مرافعاتها إساءة الزوج وهو في مثل مركزه المرموق يقوم في نطاق ما عهدت إليه به الدولة من عمل في حقل التربية والتعليم بما تشهد له الأوراق المودعة بالملف بتفوقه وصلاحيته. وإذ كانت الزوجة لم ترضخ لإلحاح زوجها وللحكمين الأخيرين لتعود إلى بيت الزوجية حفاظاً على الأبناء ورعاية لهم، وإذ كان الحكمان قد حاولا إقناعها بذلك فأصرت على طلب الفرقة بما يشير إلى أن الحكمين لا يريان التفريق بين الزوجين بل بذلا الجهد في إعادة الحياة الزوجية ومؤدى ذلك أنهما لا ينسبان إلى الزوج إساءة ما، ويريان أن الزوجة هي التي أساءت إلى العشرة الزوجية وذلك بعد عجزهما عن التوفيق والإصلاح بين الزوجين". وكان الذي قرره الحكم يتفق ومنطق تقرير الحكمين الذي لم ينسبا فيه إساءة ما إلى الزوج المطعون عليه في ذات الوقت الذي قررا فيه فشلهما في إقناع الطاعنة في الاستجابة لطلبهما العدول عن إصرارها على فك عروة الزوجية رعاية لأبنائهما، وبهذه المثابة فلا يكون ما خلص إليه الحكمان مجهلاً للحال لأن رأيهما قد اجتمع على التعرف على المسيء من الزوجين وأنه الطاعنة دون المطعون عليه، لما كان ما تقدم وكانت الإساءة من الزوجة وحدها لا تبرر التفريق فإن قضاء الحكم برفض الدعوى لا مخالفة فيه للقانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) نقض 20/ 2/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 ص 379.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق