الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 16 يوليو 2021

الطعن 10067 لسنة 46 ق جلسة 29 / 10 / 2006 إدارية عليا مكتب فني 52 ق 2 ص 13

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد البراي محمد شكري نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السعيد عبده جاهين، ومحمد الشيخ علي، ود. سمير عبد الملاك منصور، وأحمد منصور علي منصور نواب رئيس مجلس الدولة وبحضور السيد الأستاذ/ أسامة راشد مفوض الدولة.
-------------
هيئة الشرطة - شئون الضباط - إنهاء الخدمة - سلطة جهة الإدارة في مد خدمة الضابط بعد ترقيته إلى رتبة اللواء.
المُشرع كفل للضابط حق الوصول إلى أعلى المراتب في قانون هيئة الشُرطة حتى نهاية خدمته التي يبلُغ أجلها طبقاً للمادتين (19)، (71) من القانون المذكور بترقية الضابط إلى رتبة اللواء، إذ يكون الضابط قد حقق كل ما كفله له القانون من حقوق، ويكون القول الفصل في مد الخدمة بعد انتهاء أجلها لما تقرره الإدارة من اختيار بعض العناصر التي تراها مُناسبة لتحقيق السياسة الأمنية التي تتولى الوزارة مسئولية تحقيقها والتي يكون الوزير مسئولاً فيها مسئولية كاملة أمام الأجهزة الشعبية والسياسية، الأمر الذي يتعين معه الاعتراف لوزير الداخلية بسُلطة تقديرية مُطلقة يترخص فيها عند اصطفائه لبعض العناصر المُختارة من بين من تقرر إنهاء خدمتهم طبقاً للقانون ممن هم أقدر في عقيدته على تحقيق التناغم الأمني المطلوب، وهو يستقي ذلك من عناصر شتى قد تجبن عيون الأوراق عن الإيماء إليها - مقتضى ذلك: لا يجوز الاستناد إلى ملف خدمة الضابط من عناصر الكفاية والأقدمية لإجبار الإدارة على مد خدمة الضابط استناداً إلى ملف خدمته، رغم عدم قدرته على التعاون معها وتحقيق سياستها، ومن ثم وجب على القاضي الإداري أن يترك للإدارة بعد أن كفلت القوانين للضابط بلوغه أرقى المراتب والدرجات أن تختار من بين الضباط الذين تقرر إنهاء خدمتهم طبقاً للقانون من تراه صالحاً للاستمرار في خدمتها المُدة أو المُدد التي أجاز لها القانون الاستعانة بهم لتحقيق أهدافها بغير رقابة عليها في ذلك ما لم يثبت من الأوراق أن الإدارة قد تعسفت في استعمال سُلطتها – واستهدفت غاية أخرى غير الصالح العام - تطبيق.
------------
الوقائع
في يوم الاثنين الموافق 7/8/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن قلم كُتاب المحكمة الإدارية العُليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 10067 لسنة 46ق. عُليا في الحُكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( الدائرة التاسعة) في الدعوى رقم 8624 لسنة 52ق. بجلسة 19/6/2000 والذي قضى بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 1017 لسنة 1998 فيما تضمنه من ترقية المُدعي إلى رُتبة اللواء وإحالته للمعاش اعتباراً من 1/8/1998 مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المُبين بالأسباب وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .

وطلب الطاعن للأسباب المُبينة بأسباب الطعن الحُكم بإلغاء الحُكم المطعون فيه والقضاء مُجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات .

وقد تم إعلان الطعن على الوجه المُقرر قانوناً .

وجرى تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأى فيه الحُكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات .

وقد نظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن على النحو المُبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 19/4/2006 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العُليا الدائرة السابعة موضوع. وقد نظرت المحكمة الطعن على النحو المُبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 1/10/2006 قررت حجز الطعن لإصدار الحُكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المُشتملة على أسبابه عند النُطق به .
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
من حيثُ إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية .
ومن حيثُ إن واقعات النزاع في الطعن الماثل تخلُص – حسبما يبين من الاطلاع على الأوراق – في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 8624 لسنة 52ق أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 5/8/1998 طالباً الحُكم بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 1017 لسنة 1998 فيما تضمنه من إحالته للمعاش واعتباره كأن لم يكُن مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها أحقيته في رُتبة اللواء العامل بكُل مزاياها المادية والمعنوية مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وقال – شرحاً لدعواه . أنه بتاريخ 26/7/1998 فوجئ بصدور قرار وزير الداخلية رقم 1017 لسنة 1998 مُتضمناً ترقيته إلى رُتبة اللواء مع إحالته إلى المعاش اعتباراً من 1/8/1998، ونعى على هذا القرار أنه صدر على خلاف أحكام القانون مشوباً بعيب إساءة استعمال السُلطة ومُخالف للقانون وأنه كان طوال مُدة خدمته مثالاً للانضباط وتقلُد العديد من المناصب التي أظهرت لفاءته بل كان عضواً بلجان تقييما لضُباط لاختيارهم للترقية والاستمرار في الخدمة أو إحالتهُم للمعاش وأنه يفوق العديد من زملائه ممن تمت ترقيتهم لرُتبة لواء عامل ولم تشُب سيرته وسمعته شائبة طوال مراحل خدمته، مما كان من الواجب معه ترقيته إلى رُتبة اللواء دون إحالة إلى المعاش واختتم عريضة دعواه بطلباته آنفة الذكر .

وقد نظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى المُشار إليها، وبجلسة 19/6/2000 أصدرت حكمها المطعون فيه وقضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 1017 لسنة 1998 فيما تضمنه من ترقية المُدعي إلى رُتبة اللواء وإحالته للمعاش اعتباراً من 1/8/1998 مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المُبين بالأسباب وشيدت حُكمها على أنه ولئن كان الثابت من الأوراق أن المُدعي قد وقعت عليه ستة جزاءات خلال الأعوام من 1973 إلى 1990 تراوحت بين الإنذار والخصم من الأجر إلا أن الثابت من جهة الإدارة قامت بترقية بعض زملاء المُدعي لرُتبة لواء عامل ممن سبق توقيع عدة جزاءات تأديبية عليهم كاللواء محمد عبد المنعم حسن قنديل والذي وقع عليه سبعة عشر جزاء ما بين الإنذار والخصم من الأجر الأمر الذي لا تكون معه جهة الإدارة قد جعلت من سبق توقيع الجزاء على الضابط سبباً في تخطيه في الترقية. وأنه لما كان قد ثبت تقلده العديد من المراكز القيادية وأن تقارير كفايته جميعها بمرتبة مُمتاز عدا عامي 72 ، 1973 فكانا بتقدير جيد وحصل على علاوة تشجيعية والعديد من الفرق التدريبية بينما أحد زملائه الذين تمت ترقيتهم إلى رُتبة لواء عامل قد أبعد عن العمل بمباحث التموين لضعف إنتاجه وضبط أثناء خروجه من جُمرك بورسعيد وهو يحاول تهريب بعض البضائع بالسيارة التي كان يستقلها وتبين أن السيارة كانت مسروقة وأحيل إلى الاحتياط للصالح العام في 19/12/1989 وحوكم تأديبياً بالوقف عن العمل لمُدة شهر في الوقت الذي لم تقدم جهة الإدارة ما يشوب سيرة المُدعي الوظيفي أو ينال من جدارته وكفاءته الأمر الذي يكشف عن سوء تقدير جهة الإدارة وإساءة استعمال السُلطة المخولة لها وانحرافها عن الصالح العام بحسبان أن المُدعي إن لم يكُن يفوق زميله المذكور في الكفاءة والجدارة والصلاحية والأهلية للترقية لرُتبة لواء عامل فإنه لا يقل عنه في كل ذلك وعليه قضت بوصم القرار بعدم المشروعية ومن ثم حُكمها سالف البيان.

ومن حيثُ إن مبنى الطعن الماثل أن الحُكم المطعون فيه قد صدر على خلاف أحكام القانون استناداً إلى أن المُشرع قد خول – بموجب أحكام قانون هيئة الشُرطة- جهة الإدارة سُلطة تقديرية واسعة في الترقية بالاختيار إلى رُتبة اللواء وذلك نُظراً لطبيعة الوظائف القيادية بوزارة الداخلية من رُتبة لواء وما يعلوها لتأثيرها المُباشر على الأمن العام .

وأن جهة الإدارة عند إصدارها للقرار محل الطعن قد أعملت سُلطتها التقديرية المخولة لها قانوناً في مجال اختيار من يشغلون المُناصب الرئيسية المُقررة لرُتبة لواء باعتبار أن هذا الاختيار متروك لتقديرها المُطلق من كل قيد وأن قرارها الطعن كان لذلك مبرءاً من كل عيب وصدر مُتفقاً وأحكام القانون ومن ثم وجوب الحُكم بإلغاء الحُكم المطعون فيه ورفض الدعوى .

ومن حيثُ إن المُشرع قد نظم في القانون رقم 109/1971 بإصدار قانون الشُرطة الأحكام المُنظمة لإنهاء خدمة ضابط أو الاستمرار فيها على سُنن مُنضبطة تتفق مع المحكمة من إنشاء الشُرطة كهيئة قومية نظامية تقوم على تنظيم مرفق الأمن بالبلاد فنص في المادة 19 من القانون المذكور على أن " تكون الترقية إلى رُتبة لواء بالاختيار المُطلق ومن ثم ××× الاختيار أحيل إلى المعاش مع ترقيته إلى رُتبة لواء إلا إذا رأى المجلس الأعلى للشُرطة لأسباب هامة عدم ترقيته نص في المادة 71 من القانون المُشار إليه على أن " تنتهي خدمة الضابط لأحد الأسباب الآتية :

1- بلوغ السن المُقررة لترك الخدمة وهي ستون سنة ميلادية .

2- إذا أمضى في رُتبة لواء سنتين من تاريخ الترقية إليها ويجوز مد خدمته ثلاث سنوات ثم لمُدة سنتين آخريين بقرار من الوزير بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشُرطة... وتنتهي خدمته بانقضاء هذه المُدة حتى إذا رقي خلالها إلى درجة مالية أعلى .

3- عدم اللياقة للخدمة صحياً ..... "

ومن حيثُ إنه يُبين من مُقارنة النصين السابقين أن ترقية الضابط إلى رُتبة لواء تُعد بذاتها سبباً من أسباب انتهاء بالشُرطة ما لم تر السُلطة المُختصة مد خدمته بالعمل لديها بعد ترقيته إلى رُتبة لواء ومن ثم فإن حقيقة طلب الطاعن في الدعوى الصادر فيها الحُكم المطعون فيبه لا يقوم على طلب إلغاء قرار تخطيه في الترقية إلى رُتبة لواء عامل أو الطعن على قرار إحالته للمعاش وإنما هو طعن على القرار السلبي بالامتناع عن مد خدمته بعد انتهائها بقوة القانون للعمل بذات الرُتبة التي رقي إليها الطاعن فعلاً .

ومن حيثُ إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه ولئن كان الأصل في الترقية إلى الوظائف يقوم على قاعدة أصولية قوامها عدم تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير هو الأكفأ إلا أن هذه القاعدة قد أرسيت لحماية العامل خلال حياته الوظيفية بقصد إقامته الموازنة بين حق العامل في العمل وهو حق دستوري تكفله القوانين وحق جهة الإدارة في اختيار موظفيها ووضعهم في المكان المُناسب بحسبانها هي المسئولة عن تصريف أمور الدولة وتسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام وإذ كان المُشرع قد اعترف في هذه الموازنة للجهات الإدارية ومن بينها وزارة الداخلية بسُلطة تقديرية أوجب في اختيار موظفيها ممن ترى فيهم الصلاحية لشغل تلك الوظائف تحت رقابة القضاء على نحو يُحقق الصالح العام إذا ما خلا قرارها من إساءة استعمال السُلطة فإن هذه الموازنة تسقُط نهائياً بانتهاء خدمة الضابط الذي كفل له المُشرع حق الوصول إلى أعلى المراتب في قانون هيئة الشُرطة حتى نهاية خدمته التي يبلُغ أجلها طبقاً للمادتين 19 ، 71 من القانون المذكور بترقية الضابط إلى رتبة اللواء إذ يكون الضابط قد حقق كل ما كفله له القانون من حقوق ويكون القول الفصل في مد الخدمة بعد انتهاء أجلها لما تقرره الإدارة من اختيار بعض العناصر التي تراها مُناسبة لتحقيق السياسة الأمنية التي تتولى الوزارة مسئولية تحقيقها والتي يكون الوزير مسئولاً فيها مسئولية كاملة أمام الأجهزة الشعبية والسياسية الأمر الذي يتعين معه الاعتراف لوزير الداخلية بسُلطة تقديرية مُطلقة يترخص فيها عند اصطفائه لبعض العناصر المُختارة من بين من تقرر إنهاء خدمتهم طبقاً للقانون ممن هم أقدر في عقيدته على تحقيق التناغم الأمني المطلوب وهو يستقي ذلك عناصر شتى قد تجبن عيون الأوراق عن الإيماء إليها ومن ثم فلا يجوز الاستناد إلى ملف خدمة الضابط من عناصر الكفاية والأقدمية لإجبار الإدارة على مد خدمة الضابط استناداً إلى ملف خدمته رغم عدم قدرته على التعاون معها وتحقيق سياستها ومن ثم وجب على القاضي الإداري أن يترك للإدارة بعد أن كفلت القوانين للضابط بلوغه أرقى المراتب والدرجات أن تختار من بين الضباط الذين تقرر إنهاء خدمتهم طبقاً للقانون من تراه صالحاً للاستمرار في خدمتها المُدة أو المُدد التي أجاز لها القانون الاستعانة بهم لتحقيق أهدافها بغير رقابة عليها في ذلك ما لم يثبت من الأوراق أن الإدارة قد تعسفت في استعمال سُلطتها – واستهدفت غاية أخرى غير الصالح العام .

ومن حيثُ إنه وبناء على ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن المجلس الأعلى للشُرطة قد قرر بجلسته المعقودة بتاريخ 22/7/1998 ترقية المطعون ضده إلى رُتبة لواء مع إحالته إلى المعاش عملاً بأحكام المادة 19 من القانون رقم 109 لسنة 1971 لعدم توافر مقومات وقدرات الصلاحية لديه لشغل الوظائف القيادية وذلك على ضوء المُناقشات التي جرت في المجلس بشأن كل حالة على حده للوقوف على مدى صلاحيتهم للترقية لرُتبة لواء مع البقاء في الخدمة في ضوء ماضيهم وحاضرهم وقدراتهم على شغل الوظائف القيادية وعلى أثر ذلك صدر القرار رقم 1017 لسنة 1998 المطعون فيه بترقيته من ثم ترقيتهم إلى رُتبة اللواء مع الإحالة للمعاش وقد أشتمل هذا القرار اسم المطعون ضده .

ومن حيثُ إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية الطاعنة قد أسندت وظائفها القيادية في رُتبة لواء عامل إلى من تطمئن إليهم من ذوي الكفاءات والقُدرات التي لا تتوافر بالطبع في جميع من هُم في رُتبة عميد ممن حل عليهم الدور للترقية لرُتبة لواء ولا يقلل هذا الاختيار من شأن من رقوا إلى رُتبة لواء وأحيلوا إلى المعاش أو يشين تاريخهم الوظيفي .

ومن حيثُ إنه بذلك تكون جهة الإدارة قد أعملت سُلطتها التقديرية المُطلقة لها في مجال اختيار القيادات في رُتبة اللواء العامل ومن رأت ترقيتهم إلى رُتبة اللواء مع الإحالة إلى المعاش بالقرار رقم 1017 لسنة 1998 المطعون فيه دون إساءة لاستعمال السُلطة وبذلك تكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من ترقية المطعون ضده إلى رُتبة اللواء مع إحالته للمعاش قد صدر سليماً ومُتفقاً وأحكام القانون . وإذ قضى الحُكم المطعون فيه بغير ذلك فإنه يكون قد خالف القانون جديراً بالإلغاء وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات طبقاً لحُكم المادة 184 مُرافعات .
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحُكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات .
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم الموافق من ربيع الآخر سنة 1426 ه ، الموافق 29/10/2006بالهيئة المبينة بصدره

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق