جلسة 9 من مايو سنة 1966
برياسة السيد المستشار/
توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى
رضوان، ومحمد محمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمد أبو الفضل حفني.
-----------
(103)
الطعن رقم 398 لسنة 36
القضائية
(أ) نقض. "الطعن
بالنقض". "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
الأحكام الصادرة قبل
الفصل في الموضوع. عدم جواز الطعن فيها بطريق النقض، إلا إذا إنبنى عليها منع
السير في الدعوى. مثال.
(ب وج) اختصاص. نظام عام.
بطلان.
(ب) الاختصاص في المسائل
الجنائية. تحدده بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة، أو الذي يقيم فيه المتهم، أو الذي
يقبض عليه فيه. هذه الأماكن قسائم متساوية لا تفاضل بينها.
(ج) تعلق القواعد
المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها بالنظام العام.
--------------
1 - نصت المادة 31 من
القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أنه
لا يجوز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع إلا إذا إنبنى
عليها منع السير في الدعوى. ولما كان الحكم الصادر من محكمة السويس المستأنفة بعدم
الاختصاص المكاني بنظر الدعوى بالنسبة إلى المطعون ضده لوقوع جريمة إنتاج المواد
الكحولية في الإسكندرية التي يقيم بها سينقل الدعوى إلى محكمة الإسكندرية المختصة،
فإن الحكم المطعون فيه لا ينبني عليه منع السير في الخصومة. ومن ثم يكون الطعن فيه
بطريق النقض غير جائز.
2 - نصت المادة 217 من
قانون الإجراءات الجنائية على أنه يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة
أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه. وهذه الأماكن قسائم متساوية في
القانون لا تفاضل بينها.
3 - القواعد المتعلقة
بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام. والاختصاص المكاني كذلك -
بالنظر إلى أن الشارع في تقريره لها سواء تعلقت بنوع المسألة المطروحة أو بشخص
المتهم أو بمكان الجريمة، قد أقام تقريره على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير
العدالة، وقانون الإجراءات الجنائية إذ أشار في المادة 332 منه إلى حالات البطلان
المتعلقة بالنظام العام لم يبينها بيان حصر وتحديد، بل ضرب لها الأمثال. وما جاء
في الأعمال التحضيرية قولاً باعتبار البطلان المتعلق بعدم مراعاة قواعد الاختصاص
المكاني من أحوال البطلان النسبي لا يحاج به ولا يقوم مقام مراد الشارع فيما استنه
على جهة الوجوب.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضده بأنه في يوم 11 يونيه سنة 1962 بدائرة قسم السويس: تهرب من دفع رسوم
الإنتاج على الكحول المبين بالمحضر. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و5 و7 و18 و20 و21
من القانون رقم 363 لسنة 1956. ومحكمة جنح السويس الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 25
يناير سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسة جنيهات وغلق محله مدة خمسة
عشر يوماً وإلزامه بأداء الرسوم المستحقة. عارض، وقضى في معارضته بتاريخ 5 ديسمبر
سنة 1964 بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف
المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة السويس الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت
حضورياً بتاريخ 27 مارس سنة 1965 - بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء
الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى بلا مصاريف. فطعنت
النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة
تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون بمقولة إن المحكمة قضت في الدعوى من
تلقاء نفسها بعدم اختصاصها المكاني تأسيساً على أن الجريمة وقعت في الإسكندرية من
مقيم فيها، لا في السويس مع أن هذا النوع من الاختصاص لا تعلق له بالنظام العام،
فما كان للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها بغير دفع يبديه المتهم الذي سقط حقه في
الدفاع طبقاً للمادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية لحصول الإجراء في حضور محام
له وبغير اعتراض منه في إبانه وبفرض وجوب القضاء به من تلقاء نفس المحكمة فإن وحدة
الجريمة المنسوبة إلى المتهمين في الدعوى، وأحدهما يقيم في السويس، وكشف الجريمة
فيها كان يبرر اختصاص محكمة السويس بنظر الدعوى الأمر المستفاد من نص المادة 182
من قانون الإجراءات الجنائية في مفهومهاً المخالف. ومن ثم فإن محكمة السويس الكلية
إذ قضت بعدم اختصاصها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون مما يعيب حكمها بما يوجب
نقضه.
وحيث إن النيابة العامة
كانت قد أقامت الدعوى الجنائية على المطعون ضده المقيم بالإسكندرية وآخر مقيم
بالسويس بأنهما أنتجا مشروباً كحولياً لم يدفعا عنه رسم الإنتاج المقرر. ومحكمة
أول درجة قضت ببراءة المتهم الآخر الذي ضبط لديه المشروب في السويس تأسيساً على أن
المطعون ضده هو منتجه وبائعه باعترافه ودانت هذا الأخير وحده وقضت ببراءة المتهم
الآخر الذي صار حكم البراءة نهائياً بالنسبة إليه بعدم الطعن فيه بالاستئناف
والمحكمة الاستئنافية قضت بناء على استئناف المطعون ضده الذي انفرد بالخصومة بعدم
اختصاصها مكاناً بالنسبة إليه. لما كان ذلك، وكانت المادة 31 من القانون رقم 57
لسنة 1959 في شأن وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نصت على أنه لا يجوز الطعن
بطريق النقض في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع إلا إذا انبنى عليها منع
السير في الدعوى، وكان الحكم الصادر من محكمة السويس المستأنفة بعدم الاختصاص
المكاني بنظر الدعوى بالنسبة إلى المطعون ضده لوقوع جريمة إنتاج المواد الكحولية
في الإسكندرية التي يقيم بها سينقل الدعوى إلى محكمة الإسكندرية المختصة، فإن
الحكم المطعون فيه لا ينبني عليه منع السير في الخصومة، ولا تملك محكمة الإسكندرية
قانوناً الحكم بعدم اختصاصها مكاناً بنظر الدعوى ذلك بأن المادة 217 من قانون
الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة
أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه , وكانت هذه الأماكن قسائم متساوية
في القانون لا تفاضل بينها، وكانت المحكمة الاستئنافية قد أصابت صحيح القانون فيما
قضت به من عدم اختصاصها مكاناً في شأن المتهم الذي انعقدت الخصومة الجنائية
لمحاكمته، لأن القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام
العام. والاختصاص المكاني كذلك. بالنظر إلى أن الشارع في تقريره لها سواء تعلقت
بنوع المسألة المطروحة، أو بشخص المتهم، أو بمكان الجريمة، قد أقام تقريره على
اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة، وكان قانون الإجراءات الجنائية إذ أشار في
المادة 332 منه إلى حالات البطلان المتعلقة بالنظام العام لم يبينها بيان حصر
وتحديد، بل ضرب لها الأمثال، وكان ما جاء في الأعمال التحضيرية قولاً باعتبار
البطلان المتعلق بعدم مراعاة قواعد الاختصاص المكاني من أصول البطلان النسبي لا
يحاج به ولا يقوم مقام مراد الشارع فيما استنه على جهة الوجوب، ومتى زالت وحدة
الجريمة بانحسار الخصومة عن المتهم الآخر المقيم في السويس، وانحصرت في المطعون
ضده وحده، فقد زال الموجب الذي كان يجيز لها الاختصاص بنظر الدعوى على وجه الانفراد
أو الاشتراك، وبالتالي فلا محل للاستشهاد بنص المادة 182 من قانون الإجراءات
الجنائية في مفهومه المخالف. لما كان ما تقدم، فإن قضاء محكمة السويس بعدم
اختصاصها بنظر الدعوى يكون صحيحاً، ولا يمنع من السير في الدعوى، ومن ثم فإن الطعن
المقدم من النيابة العامة يكون غير جائز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق