القضية رقم 4 لسنة 22 ق "دستورية "جلسة 2 / 6 / 2013
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثانى من شهر يونيو سنة 2013م،
الموافق الثالث والعشرين من رجب سنة 1434 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيرى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: دكتور/ حنفى على جبالى ومحمد عبد العزيز
الشناوى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو والدكتور/ عادل عمر
شريف نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد /محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 22
قضائية "دستورية ".
المقامة من
السيدة / روضة فايز عفارة
ضد
1 – السيد رئيس مجلس الوزراء
2- السيد/ حسين محمود حسين عودة
3 – السيد/ عبد النبى محمد السيد الديب
"الإجراءات"
بتاريخ الخامس من يناير سنة
2000، أودعت المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا،
طالبة في ختامها الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (9 و10) من القانون رقم 114 لسنة
1946 بتنظيم الشهر العقاري .
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة بدفاعها، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى .
كما قدم المدعى عليه الثاني
ثلاث مذكرات بدفاعه، طلب في ختامها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت
هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق،
والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل – على
ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعية أقامت ضد المدعى عليهما الثاني
والثالث الدعوى رقم 414 لسنة 1996 أمام محكمة بندر الزقازيق الجزئية بطلب الحكم
بوقف الأعمال الجديدة التي شرع فيها المدعى عليه الثالث على الأرض المملوكة لها
بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ 3/5/1975 المبرم بينها وبين المالك الأصلي للأرض
والذى قضى بصحته ونفاذه في 26/3/1978 بالحكم الصادر من محكمة الزقازيق الابتدائية
في القضية رقم 45 لسنة 1977، ثم أضافت المدعية طلباً جديداً برد حيازة الأرض محل
النزاع إليها على سند من القول بأن المالك الأصلي للأرض قام ببيع ذات الأرض للمدعى
عليه الثاني بعد بيعها لها ووضع يدها عليها، وقام المشترى بإشهار عقد البيع برقم
579 لسنة 1977 قبل قيام المدعية بتسجيل عقدها سالف الذكر المحكوم بصحته ونفاذه.
وبجلسة 25/11/1999 دفعت المدعية بعدم دستورية المادتين (9 و10) من القانون رقم 114
لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعية
بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقامت الدعوى الماثلة .
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت مسألة دستورية نص
المادة (9) من القانون رقم 114 لسنة 1946 المشار إليه، بحكمها الصادر بجلسة
6/12/1997 في القضية رقم 59 لسنة 17 قضائية "دستورية " القاضي برفض
الدعوى ، وقد نُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (51) الصادر في 18/12/1997،
وكان مقتضى نص المادتين (48 و 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر
بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية
مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة ؛ باعتباره قولاً فصلاً
في المسألة التي قضى فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه
عليها من جديد لمراجعته، ومن ثم تكون هذه الدعوى في هذا الشق غير مقبولة .
وحيث إن المادة (10) من القانون رقم 114 لسنة 1946 المشار إليه – بعد
إضافة الفقرة الأخيرة منها بالقانون رقم 25 لسنة 1976 – تنص على أن "جميع
التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية يجب
كذلك تسجيلها ويترتب على عدم التسجيل أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير.
ويسرى هذا الحكم على القسمة ولو كان محلها أموالاً موروثة .
ويجوز للشريك الذى حصل على حكم نهائي بالقسمة أو بصحة التعاقد على
القسمة أن يطلب قصر التسجيل على حصته ما لم يترتب على هذا الشهر إنهاء حالة
الشيوع، كما يجوز له أن يطلب قصر التسجيل على نصيبه في قسم أو ناحية معينة ، وعلى
المكتب الذى تم فيه التسجيل أن يخطر مكاتب الشهر التي تقع بدائرتها باقي العقارات
موضوع القسمة للتأشير بذلك".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية ،
مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك
بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثراً في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها
والمطروحة على محكمة الموضوع لما كان ذلك، وكانت المدعية تهدف من دعواها الموضوعية
السالفة البيان إلى القضاء برد حيازة الأرض محل النزاع إليها تأسيساً على أن
المالك الأصلي للأرض قام ببيعها للمدعى عليه الثاني بعد بيعه تلك الأرض لها، فقام
المدعى عليه الثاني بإشهار عقد البيع قبل قيام المدعية بتسجيل عقدها سالف الذكر،
وكان نص الفقرة الأولى من المادة (10) من القانون رقم 114 لسنة 1946 المشار إليه
يحول دون القضاء للمدعية بطلباتها في الدعوى الموضوعية ، ومن ثم فإن مصلحتها
الشخصية المباشرة تكون متحققة في الطعن على هذا النص في النطاق المشار إليه،
بحسبان أن الفصل في دستوريته سيكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية .
وحيث إن المدعية تنعى على
النص المطعون فيه – محدداً نطاقه على النحو المتقدم – مخالفته أحكام المادة
الثانية من دستور سنة 1971؛ بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980، لتناقضها مع مبادئ
الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ما تضمنته المادة الثانية من
دستور سنة 1971، بعد تعديلها في 22 مايو سنة 1980، يدل على أن الدستور، واعتباراً
من تاريخ العمل بهذا التعديل، قد ألزم السلطة التشريعية فيما تقره من النصوص
التشريعية بعد العمل به أن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية ، بعد أن
اعتبرها الدستور أصلاً يتعين أن ترد إليه هذه النصوص أو تستمد منه لضمان توافقها
مع مقتضاه، ودون ما إخلال بالضوابط الأخرى التي فرضها الدستور على السلطة التشريعية
وقيدها بمراعاتها والنزول عليها في ممارستها لاختصاصاتها الدستورية ، وكان من
المقرر كذلك أن كل مصدر ترد إليه النصوص التشريعية أو تكون نابعة منه، يتعين
بالضرورة أن يكون سابقاً في وجوده على هذه النصوص ذاتها، فإن مرجعية مبادئ الشريعة
الإسلامية التي أقامها الدستور معياراً للقياس في مجال الشرعية الدستورية تفترض
لزوماً أن تكون النصوص التشريعية المدعى إخلالها بتلك المبادئ، وتراقبها هذه
المحكمة ، صادرة بعد نفاذ الدستور، بحيث إذا انطوى نص منها صدر بعد نفاذه على حكم
يناقض مبادئ الشريعة الإسلامية فإنه يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية ، أما
النصوص الصادرة قبل نفاذه فتظل بمنأى عن الخضوع لأحكامه.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه وهو نص الفقرة
الأولى من المادة (10) من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري لم
يلحقه أي تعديل منذ صدوره سنة 1946، وكان القيد المقرر بالدستور والمتضمن إلزام
المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات
السابقة عليه، ومنها النص المطعون فيه؛ فإن النعي عليه بمخالفة النص الدستوري من
هذا الوجه – أياً كان وجه الرأي في تعارضه مع تلك المبادئ – يكون غير سديد، الأمر
الذى يتعين معه الحكم برفض الدعوى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ،
وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب
المحاماة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق