جلسة 23 مايو سنة 1984
برياسة السيد المستشار/ أحمد صبري أسعد. نائب رئيس المحكمة، وعضوية
السادة المستشارين/ محمد إبراهيم خليل، وعبد المنصف هاشم، ومحمد عبد الحميد سند
ومحمد جمال الدين شلقاني.
--------------
(270)
الطعن 803 لسنة 50 ق
(3 - 1) مسئولية "مسئولية
تقصيرية".
(1) القذف . ماهيته . م 302 عقوبات . جواز الطعن في أعمال الموظفين
العموميين والأشخاص ذوي الصفة النيابية العامة أو المكلفين بخدمة عامة . شرطه.
(2) حسن نية موجه الطعن في أعمال الموظف العام . المقصود به . انتفاء قصد
التشهير والتجريح لدوافع شخصية . استقلال محكمة الموضوع باستظهار ذلك القصد.
(3) أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة التي يتعين ألا يتعداها
الطعن . مجالها . جواز القذف المتعلق بالحياة الخاصة . شرطه. وجود صلة وثيقة بين
أعمال الوظيفة العامة وشئون الحياة الخاصة وبقدر هذه الصلة . استقلال محكمة
الموضوع بتقدير هذه الصلة على أن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله.
----------
1 - النص في المادة 302 من قانون العقوبات على أن " يعد قاذفاً كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك القانون أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه . ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم هذه المادة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة و بشرط إثبات حقيقة كل فعل أسند إليه . ولا يقبل من القاذف إقامته الدليل لإثبات ما قذف به إلا في الحالة المبينة في الفقرة السابقة " يدل على أن المشرع - في سبيل تحقيق مصلحة عامة وحماية للمجتمع من عبث الخارجين على القانون - أباح الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو الأشخاص ذوي الصفة النيابية العامة أو المكلفين بخدمة عامة متى تعلقت وقائع القذف بأعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة ، وتوافر حسن النية لدى من طعن في هذه الأعمال وبشرط إثبات صحة الوقائع المذكورة ، فإذا كان القذف طعناً في أعمال موظف عام أو من في حكمه وكان حاصلاً بسلامة نية و غير متعد لأعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة ، يقبل ممن طعن إقامته الدليل لإثبات ما قذف به بكافة طرق الإثبات .
2 - المقصود بحسن نية موجه الطعن في أعمال الموظف العام - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الطعن صادراً منه عن اعتقاد بصحة وقائع القذف ولخدمة المصلحة العامة لا عن قصد التشهير والتجريح بسبب ضغائن أو دوافع شخصية ، واستظهار هذا القصد من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة
3 - أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة التي يتعين ألا يتعداها الطعن ، مجالها الأعمال التي تدخل في نطاق هذه الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة دون الأعمال المتعلقة بالحياة الخاصة للموظف العام ومن في حكمه ، والتمييز بين أعمال الوظيفة العامة و ما في حكمها و شئون الحياة الخاصة ليس ميسوراً دائماً فقد تكون الصلة بينهما وثيقة ، فيباح في هذه الحالة القذف المتعلق بالحياة الخاصة في القدر الذى تكون له فيه صلة بأعمال الوظيفة العامة وما في حكها ، ومحكمة الموضوع تستقل بتقدير هذه الصلة على أن تقيم قضاءها على ما يكفى لحمله .
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1786 سنة 1978 مدني المنصورة الابتدائية ضد
المطعون عليهم بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 5000 جنيه، وقال
بيانا للدعوى أن المذكورين أسندوا إليه في الشكوى رقم 3879 سنة 1977 – إداري دكرنس
أنه – وهو قاض – يحترف التجارة ويستغل وظيفته في الاستيلاء على مواد التموين
والإسمنت دون وجه حق وأنه استغل نفوذه في حفظ التحقيق الذي أجرى بشأن هذا الأمر
وارتكب تزويرا لصالح زوجته، وهذه الوقائع تكون جرائم القذف والسب والبلاغ الكاذب
وتسيء إليه، ولو صحت لأوجبت مساءلته جنائيا، وإذ أصيب من جراء ذلك بضرر يقدر
التعويض عنه بالمبلغ المطالب به، فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان، وبتاريخ
9/1/1979 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليهم متضامنين بأن يدفعوا إلى الطاعن مبلغ
1000 جنيه،
استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة
بالاستئناف رقم 146 سنة 31ق مدني كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 149 سنة 31ق
مدني، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد،
حكمت بتاريخ 9/2/1980 في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وفي
الاستئناف الثاني برفضه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة
العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه الدائرة
في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم
المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن
الحكم أباح للمطعون عليهم إقامة الدليل لإثبات القذف رغم أنه لم يحصل بسلامة نية
وتعدي أعمال وظيفته، ولم يكن لدى المذكورين الدليل على صحة ما أسندوه إليه من
وقائع، وإذ أطرح الحكم المطعون فيه، ما ساقه الطاعن للتدليل على سوء قصد المطعون
عليهم وتعدي وقائع القذف أعمال وظيفته، وأقام قضاءه على أن هؤلاء الأخيرين
بإسنادهم هذه الوقائع له، قد استعملوا حقا منحه إياهم القانون ولم يتعسفوا في
استعماله بعد ثبوت وقوع مخالفات في مصنع كل من زوجة الطاعن وزوجة شقيقه، فإن الحكم
يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث أن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 302 من قانون
العقوبات على أن "يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة أحدى الطرق المبينة
بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه
بالعقوبات المقررة لذلك القانون أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه. ومع ذلك فالطعن في
أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم هذه
المادة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة
العامة وبشرط إثبات حقيقة كل فعل اسند إليه. ولا يقبل من القاذف إقامة الدليل
لإثبات ما قذف به إلا في الحالة المبينة في الفقرة السابقة. "يدل على أن
المشرع - في سبيل تحقيق مصلحة عامة وحماية للمجتمع من عبث الخارجين على القانون -
أباح الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو الأشخاص ذوي الصفة النيابية العامة أو
المكلفين بخدمة عامة متى تعلقت وقائع القذف بأعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة
العامة، وتوافر حسن النية لدى من طعن في هذه الأعمال وبشرط إثبات صحة الوقائع
المذكورة، فإذا كان القذف طعنا في أعمال موظف عام أو من في حكمه وكان حاصلا بسلامة
نية وغير متعد لأعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة، يقبل ممن طعن إقامة
الدليل لإثبات ما قذف به بكافة طرق الإثبات. ولما كان المقصود بحسن نية موجه الطعن
- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الطعن صادرا منه عن اعتقاد بصحة
وقائع القذف ولخدمة المصلحة العامة لا عن قصد التشهير والتجريح بسبب ضغائن أو
دوافع شخصية، وكان استظهار هذا القصد من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع
طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة، لما كان ذلك وكانت أعمال الوظيفة أو النيابة
أو الخدمة العامة التي يتعين ألا يتعداها الطعن، مجالها الأعمال التي تدخل في نطاق
هذه الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة دون الأعمال المتعلقة بالحياة الخاصة
للموظف العام ومن في حكمه، والتمييز بين أعمال الوظيفة العامة وما في حكمها وشئون
الحياة الخاصة ليس ميسورا دائما فقد تكون الصلة بينهما وثيقة، فيباح في هذه الحالة
القذف المتعلق بالحياة الخاصة في القدر الذي تكون له فيه صلة بأعمال الوظيفة
العامة وما في حكمها، ومحكمة الموضوع تستقل بتقدير هذه الصلة على أن تقيم قضاءها
على ما يكفي لحمله، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر
وأقام قضاءه على ما خلصت إليه محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في
الدعوى وتقدير الأدلة فيها من أن تقديم المطعون عليهم شكوى في حق الطاعن إلى جهات
الاختصاص لم يكن بقصد الكيد والنكابة والإساءة إليه بعد أن ثبت مما ورد بالشكويين
رقمي 86، 87 سنة 1978 إداري أمن الدولة أن مصنعا خاصا بزوجة شقيق الطاعن قد استولى
على كمية من الإسمنت في حين أنه لا يستحق إلا ربعها وأن مصنعا آخر - قرر أحد عماله
أن الطاعن هو مالكه وتبين أنه باسم زوجته - استولى أيضا على كمية من الإسمنت تجاوز
ما يمكن الترخيص بصرفه له مما حدا بالمحقق إلى اعتبارها مخالفة للأمر العسكري رقم
7 لسنة 1973، وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه وله أصله الثابت
بالأوراق ويواجه دفاع الطاعن، فلا على محكمة الموضوع في هذه الحالة أن لم تتبع كل
حجة للخصوم وترد عليها استقلالا، طالما أن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت
دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها ومن ثم يكون هذا النعي برمته في غير
محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق