في 6 من يناير سنة 1894 صدر قرار وزير الداخلية بشأن الكتبة العموميين
(العرضحالجية) متضمنا الشروط التي يصدر بها الترخيص في الاشتغال بحرفة كاتب عمومي،
ولم يتضمن هذا القرار تحديدا واضح المعالم للأعمال التي يزاولها صاحب هذه الحرفة
فهي بصفة عامة حرفة كتابة العرائض والشكاوى والطلبات للغير لقاء أجر.
وليس من شك في أن تطورا هائلا قد طرأ على معاملات الناس وأوجه نشاطهم
المختلفة خلال الحقبة الطويلة التي مضت على صدور ذلك القرار.
ولقد اتسعت تبعا لذلك آفاق العمل أمام الكتبة العموميين فامتدت إلى مجالات كثيرة لعل أهمها جميعا أعمال الشهر العقاري والتوثيق الذي أتاح لها صدور أول قوانين للتسجيل في سنة 1923. فكثر
عدد المشتغلين بهذا النوع من العمل حتى بلغ زهاء ألف وخمسمائة.
وعلى الرغم من أن الاشتغال بمهنة الوكالة في أعمال الشهر العقاري والتوثيق تحتاج إلى خبرة وفهم صحيح لأصولها ممن يتصدى لمزاولتها فإنها
بقيت حتى الآن دون تنظيم وبعيدة عن إشراف ورقابة الجهات القائمة على أعمال الشهر والتوثيق
مما أتاح الفرصة لكل راغب أن يقتحم مجالها ما دام يحمل ترخيصا في الاشتغال بحرفة
كاتب عمومي الأمر الذي ترتب عليه أن احترفت القيام بهذا العمل فئة غير قليلة لا
تصلح له أساءت إلى الفئة الصالحة التي تؤدي عملها على الوجه السوي وغررت في كثير
من الأحوال بالسذج من ذوي الشأن سيما وإذا أخذ في الاعتبار قلة نسبة المتعلمين من
سكان الريف مما يجعل الكثيرين منهم غير قادرين على أن يباشروا بأنفسهم ما يعرض لهم
في شئونهم من أعمال تتصل بالشهر أو
التوثيق فيستعينون على قضائها بأولئك الذين احترفوا مزاولتها. ومن ثم بات من
المتعين تنظيم مهنة الوكالة في أعمال الشهر العقاري والتوثيق
على نحو يصد عن بابها من لم ييسر لها، ويرفع من مستوى من يزاولونها.
وتحقيقا لكل ذلك أعد مشروع القانون المرافق وأهم أحكامه ما يأتي:
(أولا) أورد المشروع في المادة الأولى منه حكما عاما حدد فيه من يجوز
توكيلهم في مباشرة إجراءات الشهري العقاري والتوثيق
فحصرهم في طوائف ثلاث هم المحامون، والأزواج والأصهار وذوو القربى لغاية الدرجة
الثالثة، ومن يرخص لهم بالاشتغال بمهنة الوكالة في أعمال الشهر العقاري والتوثيق،
ورسم النص نطاق هذه الوكالة كما استلزم أن يكون التوكيل موثقا أو مصدقا على التوقيعات فيه واشترط لإلغائه أن يكون بناء على
قرار رسمي أو مصدق على التوقيعات فيه أو بناء على إنذار على يد محضر وذلك توفيرا
للاطمئنان إلى سلامة الإجراءات التي تباشر بشأن الملكية العقارية
بما يدعو إلى استقرارها.
وغني عن البيان أنه فيما عدا حكم المادة الأولى فإن بقية مواد المشروع
تخاطب بأحكامها أولئك الذين يلزم لمباشرتهم الوكالة في أعمال الشهر العقاري والتوثيق
الحصول على ترخيص دون غيرهم ممن يجوز لهم وفقا لحكم المادة الأولى مباشرة هذه
الأعمال بالوكالة عن غيرهم.
(ثانيا) تضمن المشروع في المادة الثالثة منه الشروط الواجب توافرها
فيمن يرخص له بالاشتغال بمهنة الوكالة في أعمال الشهر العقاري والتوثيق وهي:
أن يكون حسن السمعة، محمود السيرة, ألا يكون ملتحقا بوظيفة في الحكومة
أو في وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات أو المؤسسات العامة أو شركات القطاع العام
أو مشغلا بأي عمل تحظر القوانين واللوائح الجمع بينه وبين الاشتغال بمهنة أخرى وأن
يجتاز بنجاح امتحانا وفقا للشروط والأوضاع التي بينتها اللائحة التنفيذية، وبديهي
أن موضوع الامتحان سيتناول كل ما له من صلة بأعمال الشهر والتوثيق مثل قانون الشهر وقانون
التوثيق وقانون الرسوم وتعليمات مصلحة الشهر العقاري والتوثيق.
(ثالثا) كفل المشروع الرقابة على المشتغلين بهذا العمل وذلك بتحديد
حالات الإنذار والوقف عن العمل وإلغاء الترخيص إلى جانب النص على عقاب من يزاول
المهنة دون ترخيص أو يمتنع عن رد الترخيص عند وقفه أو إلغاء ترخيصه أو عدم تجديده
وإلى جانب هذه الجزاءات وضع المشروع الضمانات اللازمة للتظلم منها وتحقيقا للمرونة
ترك المشروع للائحة التنفيذية تنظيم إجراءات التأديب وشروط وأوضاع التظلم من
الجزاءات التي نص عليها (المواد 6، 7، 8، 9).
ويتشرف وزير العدل بعرض المشروع على مجلس الوزراء رجاء الموافقة عليه
واستصدار القرار الجمهوري بإحالته إلى مجلس الأمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق